الموضوع: رحلة ( حج قلب❤)
عرض مشاركة واحدة
قديم 14-08-14, 03:11 PM   #21
مُزن
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 18-09-2011
المشاركات: 143
مُزن is on a distinguished road
افتراضي


📩رحلة ( حج قلب❤)
1⃣9⃣ آية (15)

{ مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ الله فِي الدنيا والآخرة فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السمآء ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ } .
السبب: الحبل، يُخرجون به الماء من البئر.
الغيظ: نوع من الغضب مصحوب ومشُوب بحزن وأَسَىً وحَسْرة حينما ترى واقعاً يحدث أمام عينيك ولا يرضيك، وفي الوقت نفسه لا تستطيع أن تفعل شيئاً تمنع به مَا لا يُرضيك.

لهذه الآية العظيمة عدة تفسيرات كلها تداوي جرحاً في القلب وتحييه تأملها وتدبرها و اسقها جذور فؤدك لتنتعش وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها.

أولا: {مَن كَانَ يَظُنُّ أَن لَّن يَنصُرَهُ الله..} يظن أي: يمرُّ بخاطره مجرد مرور أن الله لن ينصر محمداً،أو دينه أو جنده أو يتوهم ذلك- ولا يتوهم ذلك إلا الكفار ومن شاكلهم من المنافقين - لأنهم يأملون ذلك في معركة الإيمان والكفر- مَنْ ظَنَّ هذا الظنَّ فعليه أنْ ينتهيَ عنه؛ لأنه أمر بعيد، لن يحدث ولن يكون.
وقد ظَنَّ الكفار هذا الظن حين رَأَوْا بوادر نصر الإيمان وعلامات فوزه، فاغتاظوا لذلك، ولم يجدوا شيئاً يريح خاطرهم إلا هذا الظن.
لذلك؛ يردُّ الله غيظهم عليهم، فيقول لهم: ستظلون بغيظكم؛ لأن النصر للإيمان ولجنوده مستمر، فليس أمامك إلا أنْ تجعل حبلاً في السماء وتربط عنقك به، تشنق نفسك حتى تقع، كمَنْ يشنق نفسه في سَقْف البيت فإنْ كان هذا الكيد لنفسك يُنجيك من الغيظ فافعل: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السمآء ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ مَا يَغِيظُ} [الحج: 15].
لكن هل يستطيع أحد أنْ يربط حبلاً في السماء؟ إذن: علَّق المسألة على محال، وكأنه يقول لهم: حتى إنْ أردتم شَنْق أنفسكم فلن تستطيعوا، وسوف تظلُّون هكذا بغيظكم.
لذلك خاطبهم الحق سبحانه في آية أخرى فقال: {قُلْ مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ..} [آل عمران: 119].
{فلينظر هل يذهبن كيده ما يغيظ } فلينظر هل يشفي ذلك ما يجد في صدره من الغيظ.

ثانياً: يا أيها المعادي للرسول محمد صلى الله عليه وسلم، الساعي في إطفاء دينه، الذي يظن بجهله، أن سعيه سيفيده شيئا، اعلم أنك مهما فعلت من الأسباب، وسعيت في كيد الرسول،والكيد لدينه ولأوليائه فإن ذلك لا يذهب غيظك، ولا يشفي كمدك، فليس لك قدرة في ذلك، ولكن سنشير عليك برأي، تتمكن به من شفاء غيظك، ومن قطع النصر عن الرسول وعن أوليائه -إن كان ممكنا- ائت الأمر مع بابه، وارتق إليه بأسبابه، اعمد إلى حبل من ليف أو غيره، ثم علقه في السماء، ثم اصعد به حتى تصل إلى الأبواب التي ينزل منها النصر، فسدها وأغلقها واقطعها، فبهذه الحال تشفي غيظك، فهذا هو الرأي: والمكيدة، وأما ما سوى هذه الحال فلا يخطر ببالك أنك تشفي بها غيظك، ولو ساعدك من ساعدك من الخلق.

الثالث : أن الآية فى قوم من المسلمين استبطأوا نصر الله - تعالى - لاستعجالهم وشدة غيظهم وحنقهم على المشركين ، فنزلت الآية لبيان أن كل شىء عند الله بمقدار .
ويكون المعنى : من كان من الناس يظن أن لن ينصره الله ، واستبطأ حدوث ذلك ، فليمت غيظاً . لأن للنصر على المشركين وقتاً لا يقع إلا فيه بإذن الله ومشيئته .

رابعاً: النصر هنا بمعنى الرزق . .
من كان يحسب أن لن يرزق الله محمدا صلى الله عليه وسلم وأمته في الدنيا، فيوسع عليهم من فضله فيها، ويرزقهم في الآخرة من سَني عطاياه وكرامته، استبطاء منه فعل الله ذلك به وبهم، فليمدد بحبل إلى سماء فوقه.
أو من كان من الناس يظن أن لن يرزقه الله فى الدنيا والآخرة فليختنق ، وليقتل نفسه ، إذ لا خير فى حياة ليس فيها رزق الله وعونه ، أو فليختنق ، فإن اختناقه لن يغير شيئاً مما قضاه الله - تعالى -
لأن الارزاق بيد الله - تعالى - لا تنال إلا بمشيئته ، فمن ظن أن الله - تعالى - غير رازقه ، ولم يصبر ولم يستسلم فليختنق ، فإن ذلك لا يقلب القسمة ولا يرده مرزوقاً .
والغرض : الحث على الرضا بما قسمه الله - تعالى - لا كمن يعبده على حرف . . .

خامساً: من أصابه آفات في بدنه، أو ماله، أو عرضه
وهو عندما ينزل به الضر يكون على غير اتصال بالله فيبلغ فيها الضيق بالنفس أقصاه , واليأس منتهاه
فإن كان يظن أن لن ينصره الله في الدنيا والآخرة بإن يكشف ضره ويفرج همه ويعلي درجته فليمدد بحبل إلى السماء يتعلق به أو يختنق . ثم ليقطع الحبل فيسقط أو ليقطع النفس فيختنق . . ثم لينظر هل ينقذه تدبيره ذاك مما يغيظه !

وهذه الآية الكريمة، فيها من الوعد والبشارة بنصر الله لدينه ولرسوله وعباده المؤمنين ما لا يخفى، ومن تأييس الكافرين، الذين يريدون أن يطفئوا نور الله بأفواههم، والله متم نوره، ولو كره الكافرون،
فنقول لكل من جاهد لنصرة هذا الدين بسلاحه أو لسانه أو قلمه ابشر فوعد الله حق لينصرن دينه وأوليائه والعاقبة للمتقين .
ونقول لكل من يسعى لحرب هذا الدين و حرب أوليائه سواء بسلاحه أو لسانه أو قلمه {مُوتُواْ بِغَيْظِكُمْ..}إن النصر قادم والعاقبة للمتقين .

لمن استبطأ نصر الله - تعالى - واستعجله نقول لكل أجل كتاب لا تستقدمون ساعة ولا تستأخرون وإن كنتم ترون تأخره فإن ذلك لحكمة يعلمها مدبر الأمور وأحكم الحاكمين.

ونقول لمن ضاق عليه رزقه { فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه } { إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين} {سيجعل الله بعد عسرا يسرا}{ ومن يتق الله يجعل له مخرجا* ويرزقه من حيث لا يحتسب}

وللذي ييأس في الضر من عون الله فيفقد كل نافذة مضيئة , وكل نسمة رخية , وكل رجاء في الفرج , ويستبد به الضيق , ويثقل على صدره الكرب , فيزيد هذا كله من وقع الكرب والبلاء عليه.
نقول ألا إنه لا سبيل إلى احتمال البلاء إلا بالرجاء في نصر الله . ولا سبيل إلى الفرج إلا بالتوجه إلى الله . ولا سبيل إلى الاستعلاء على الضر , والكفاح للخلاص إلا بالاستعانة بالله . وكل حركة يائسة لا ثمرة لها ولا نتيجة إلا زيادة الكرب , ومضاعفة الشعور به , والعجز عن دفعه بغير عون الله . . فليستبق المكروب تلك النافذة المضيئة التي تنسم عليه من روح الله . . وليمدد بكل سبب إلى السماء من يقين و حسن ظن ودعاء وصدقة واستغفار ورضاً وتسليم ...ولتبشر بالفرج بعد الكرب والسعة بعد الضيق والفرح بعد الحزن ....

اللهم إنا نسألك إيمانا يباشر قلوبنا ويقينا صادقا حتى نعلم أنه لن يصيبنا إلا ما كتبت لنا يا ذا الجلال والإكرام

سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبحَمْدِكَ, أشْهَدُ أنّ لا إلهَ إلّا أنْتَ, أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إليْكَ
مُزن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس