عرض مشاركة واحدة
قديم 02-04-16, 01:35 AM   #7
مليكة محمد
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 11-01-2015
الدولة: Maroc
المشاركات: 37
مليكة محمد is on a distinguished road
افتراضي

الطريق الى قبول الأعمال (6) احوال النفس ومحاسبتها

السلام عليكم
لاحظت أن طول المقالة قد يدفع البعض للتعجل فى القراءة أو المرور الكريم فقط ..ولبحثنا الدائم الحثيث للاستفادة الحقه فسوف تكون المقالات صغيرة وعلى أزمنة متقاربة قدر الإمكان ..

ونعود الى صلاح الأعمال والقلوب ومنه الى باب أحوال النفس ومحاسبتها
فالنفس هي الصلة بين القلب والرب
والناس على ذلك قسمين
الأول : قسم ظفرت به نفسه فملكته وأهلكته.وصار طوعا لها وتحت أوامرها.فخسر وهلك {فَأَمّا مَن طَغَىَ} {وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدّنْيَا} {فَإِنّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَىَ}النازعات37-39

الثاني : قسم ظفروا بنفوسهم فقهروها فصارت طوعا لهم منقادة لأوامرهم .فأفلحوا ونجحوا
{وَأَمّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبّهِ وَنَهَى النّفْسَ عَنِ الْهَوَىَ}{فَإِنّ الْجَنّةَ هِيَ الْمَأْوَىَ} النازعات (40-41)
فالنفس تدعوا الى الطغيان وإيثار الحياة الدنيا والرب يدعوا عبده الى خوفه ونهى النفس عن الهوى
والقلب يميل الى الاتجاهين ..وهنا موضع المحنة والابتلاء
والنفس واحدة فى ذاتها ...ولكن لها ثلاث صفات وهى على الترتيب:
1-النفس المطمئنة : هي النفس التي أطمأنت بذكر الله{الّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنّ الْقُلُوبُ}(28) الرعد وسكنت وأنابت إليه واشتاقت إلى لقائه والاطمئنان مصدرة الإيمان ثم الإحساس فالإيمان بالله وصفاته وأسمائه وكل خبر أخبر به عن نفسه وأخبر به عنه رسوله ..ثم اطمئنانه لما بعد الموت والبرزخ وأحوال يوم القيامة ..ثم يطمئن إلى قدر الله تعالى فلا يسخط ولا يشكو .. {مَآ أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ وَاللّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (التغابن 11)
والإحساس هو الطمأنينه إلى أمر الله امتثالا وإخلاصا ونصحا فلا يقدم على أمر إرادة ولا هوى ..ولا يطيع شهوة تعارض أمرة ..ويطمئن من قلق المعصية إلى سكون التوبة وحلاوتها .
فإذا انتقل من الشك الى اليقين ومن الجهل الى العلم ومن الغفلة الى الذكر ومن الخيانة الى التوبة ومن الرياء الى الإخلاص ومن الكذب الى الصدق ومن الغرور الى التواضع هنا تكون نفسه مطمئنة .
وأصل ذلك كله اليقظة التى تكشف عن قلبه سنة الغفلة ..وهى التى تجعل الإنسان يستقبل عمرة مستدركا ما فات محييا ما أمات مستقبلا ما تقدم له من العثرات ..ويلاحظ نعمة ربه عليه ويرى أنه عاجز عن حصرها أو أداء حقها ..
ثم يري عيوب نفسه وآفات عمله والتقاعد عن كثير من العبادات والواجبات فتنكسر نفسه وتخشع جوارحه ..ويرى عز وقته فيبخل به فيما لا يقربه الى ربه ..ويجد فى حفظه الربح والسعادة ..
هذه هى آثار اليقظة وهى أول منازل النفس المطمئنة التى ينشأ منها سفرها الى الله والدار الآخرة .والتى وعدها الحق فى محكم التنزيل: {يَأَيّتُهَا النّفْسُ الْمُطْمَئِنّةُ} {ارْجِعِي إِلَىَ رَبّكِ رَاضِيَةً مّرْضِيّةً}{فَادْخُلِي فِي عِبَادِي}{وَادْخُلِي جَنّتِي} (27-30)الفجر

2- النفس اللوامة :هى النفس التى لا تثبت على حال واحدة فهي كثيرة التقلب والتلون فهي تذكر وتغفل وتحب وتكره وتطيع وتتقى وتفرح وتحزن
وقالت طائفة هى نفس المؤمن كما قال الحسن البصري لاترى المؤمن إلا يلوم نفسه دائما يقول ما أردت هذا لم فعلت هذا أو نحو هذا الكلام
وقالت طائفة هى النفس التى تلوم نفسها يوم القيامة على أساءتها أو تقصيرها فى الإحسان ..وقال إبن القيم ( وهذا كله حق )
واللوم نوعان
أ‌-اللوامة الملومة: وهى النفس الجاهلة الظالمة التى رضيت بأعمالها ولم تلم نفسها ولم تحتمل فى الله ملام اللوم فهي التى يلومها الله والملائكة .
ب‌-اللوامة غير الملومة: وهى من أشرف النفوس وهى التى تلوم صاحبها على تقصيره فى طاعة الله رغم بذل جهده فى ذلك ..ولا تأخذها فى الله لومة لائم واحتملت ملام اللوم فى مرضاته ..فتخلصت من لوم الله
3- النفس الأمارة بالسوء:
وهى النفس المذمومة فهي تأمر صاحبها بكل سوء وما تخلص احد من شرها إلا بتوفيق الله {وَمَآ أُبَرّىءُ نَفْسِيَ إِنّ النّفْسَ لأمّارَةٌ بِالسّوَءِ إِلاّ مَا رَحِمَ رَبّيَ إِنّ رَبّي غَفُورٌ رّحِيمٌ}(53) يوسف
وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمنا خطبة الحاجة 0 إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفرة ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ) رواه ابو داود وصححه الألباني

فالشر كامن فى النفس وهو يوجب سيئات الأعمال فإذا خلى الله بين العبد ونفسه هلك بين شرها وما تقتضيه من سيئات الأعمال وإن وفقه الله وأعانه نجا من كل ذلك كله ..
والخلاصة أن النفس واحده تكون أمارة ثم لوامة ثم مطمئنة وهى غاية صلاحها وكمالها ..

والنفس المطمئنة قرينها الملك يليها ويسددها ويقذف فيها الحق ويرغبها فيه ويزجرها عن الباطل ويزهدها فيه .ويدفعها للتوكل والتوبة والإنابة والإقبال على الله وقصر الأمل والاستعداد للموت وما بعده.وأصعب شيء عليها هو تخليص الأعمال من الشيطان ومن الإمارة لأنهما لن يدعا له عملا واحدا يصل الى الله ..كما قال عبد الله بن عمر رضي الله عنه ( لو أعلم أن الله قبل منى سجدة واحدة لم يكن غائب أحب الى من الموت)

والنفس الأمارة بالسوء فالشيطان قرينها فهو يعدها ويمنيها ويقذف فيها الباطل ويأمرها بالسوء ويزينه لها ويطيل لها فى الأمل .ويريها الباطل فى صورة تقبلها وتستحسنها فإذا جاءها الجهاد بينت له... أنه قتل للنفس ..وتيتم لأولاده وتوزيع لأمواله .وتنكح زوجاته
وتريه حقيقة الزكاة والصدقة فى صورة مفارقة المال ونقصه وخلو اليد منه .واحتياجه الى الناس ومساواته للفقير .نعوذ بالله من النفس الأمارة بالسوء ...

نسأل الله العظيم أن يعيذنا من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا وينصرنا على هوى نفوسنا ويجعل حبه مرادنا... وطاعته غايتنا ..وعبادته سبيلنا ..ولا يجعل لشياطين الإنس والجن علينا سبيلا
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم




كتبه فضيلة الشيخ نشأت حسن رحمه الله و أسكنه فسيح جناته

يتبع إن شاء الله



توقيع مليكة محمد
اللهم إرحم أبتي الشيخ نشأت وأسكنه فسيح جناتك و بدله خيرا مما ترك ..القلب يحزن والعين تدمع وإني لفراقكم يا أبتي لمحزونة و مكروبة ..وإنا لله وإنا إليه راجعون
مليكة محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس