عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-08, 01:00 AM   #2
مفكرة إسلامية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

وقبل أن أدخل في تفصيل هذا أقول: إن الوسائل التي توقع في بدع القبور هي التي نهى عنها النبي -صلى الله عليه وسلم- أشد النهي، وهي رفع القبور، الرفع الذي يلفت النظر؛ بحيث تشرئب إليه نفس الرائي؛ فيعظم في قلبه هذا القبر، وكذلك البناء عليها سواء كان البناء على شكل جُدُر، أو على شكل قباب، أو بناء المساجد عليها.

كل ذلك مما نهى عنه النبي -صلى الله عليه وسلم- نهياً صريحاً؛ بل هو من الأمور التي أوصى بها النبي -صلى الله عليه وسلم- بالتحذير منها في مرض موته؛ فقال: ( لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد ) فاتخاذ القبور مساجد على نوعين:

بأن يدفن الميت في القبر، أو يبنى عليه مسجد، أو تعمل القربات والعبادات عند القبور؛ حتى ولو لم يكن عليه مسجد ولا بناية.

إذن أقول: إن الوسائل التي تعمل عند القبور هي التي أغرت كثيرا من الجهلة بالوقوع في التوسل البدعي والشركي من اتخاذ القبور مزارات على غير الوجه المشروع، من بناء القباب والأبنية والمشاهد عليها، أو دفن الموتى في المساجد، أو نحو ذلك من الوسائل التي تغري الناس بالوقوع في البدع.

إذن هذه الأمور أي: المغريات -وهي كثيرة جدا- أوقعت الناس في التقرب إلى الله عند القبور بمعنى: أن المتقرب هذا لا يقصد عبادة الأموات، ولا يدعوهم من دون الله لكن يظن أن في العبادات عند المقابر مزية؛ فتجده يقرأ القرآن عند المقبرة زعماً منه أن هذا أعظم لأجره، أو يهدي ثواب القرآن إلى الأموات، وهذا أقرب من البدعة، بعضهم يقول: أنا أصلي لله لكن أصلي في المقبرة؛ لأن الذين في المقبرة من موتى المسلمين الذين نرجو أن يشفعوا لنا إلى آخره! فيصلي لله لكن يعني يتقصَّد البقعة؛ زعما منه أن هذا فيه زيادة بركة، أو أحيانا يعمل قربات أخرى عند القبر زعماً منه أن هذا يضاعف الحسنات؛ فيتصدق عند القبورو يضع لها الأوقاف للناس الذين يعملون البدع.

هذا كله مما هو من التوسل، أو التقرب البدعي الذي أدى- في كثير من الأحيان- إلى الوقوع في الشركيات.

إذن التقرب إلى الله -عز وجل- عند القبور فيما لم يشرعه الله هذا بدعة، وقصد التبرك بها كذلك، إهداء الثواب عندها، البناء عليها كما قلت تجصيصها، وإسراجها، اتخاذها مساجد، شد الرحال إليها . معنى شد الرحال: أن يتقصد الإنسان أن يسافر من أجل زيارة قبر، أو زيارة مقابر، وهذا غير مشروع؛ المشروع أنه إذا مر بالمقبرة يسلم على أهلها، إذا مر بالقبر -وهو قبر مسلم- يسلم على صاحبه، أما أن يشد الرحال لذلك فالراجح أن هذا لا يجوز؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عند شد الرحال إلا للمساجد الثلاثة.

وكل ما ثبت النهي عنه وجب اجتنابه، وإن كان دون الشرك فهو من هذا النوع الذي ينافي كمال التوحيد.

وعلى أي حال: كل ما لم يكن له أصل في الشرع من الأقوال أو الأفعال أو التوجهات القلبية أو القولية أو غيرها عند المقابر سواء قبر فردي أو مقابر جماعية فإنه يدخل في هذا النوع.

النوع الثالث: وأرجو أن يكون قليلا في المسلمين- إن شاء الله- وفيمن يدعون الإسلام، أرجو أن يكون نادرا لكن مع ذلك هو خطير، وربما يقع فيه البعض، وهو شركي ينافي التوحيد يعني: يوقع في الخروج من الملة، وهو صرف العبادة لأصحاب القبور، للموتى ،لفرد أو لمجموعهم كدعائهم من دون الله، أو الاستعانة بهم بعد موتهم؛ لأنهم لا يقدرون على جلب نفع أو دفع ضر، أو الاستغاثة بهم، أو عمل عبادة محضة مثل: الطواف، ومثل: النذر أو الذبح تقرباً إليهم؛ فكل ذلك يدخل فيما ينافي التوحيد، بل يوقع في الشرك.

هذه الصور وإن كانت قليلة إلا أنها موجودة، وهي من أخطر ما يقع فيه المسلمون، ويجب على كل مسلم يرى مثل هذه المظاهر أن يحذر من يقعون فيها؛ فالدين النصيحة، ولا يجوز لأحد يرى بعض المسلمين الجهلة يعمل هذه الأشياء إلا ويجب عليه أن ينقذه من النار، وأن ينصح له، ويبين له خطورة هذا الأمر؛ لأن الكثيرين ممن يقعون من الجهلة لو بُيِّنَ لهم وجه الحق وأُوردت لهم الأدلة بأسلوب لين وبأسلوب ناصح؛ نجد أنهم -إن شاء الله- سيخضعون للحق.

الخلاصة: أن هذا النوع الشركي- وإن كان قليلاً- إلا أنه ربما يكون من أعظم أسباب ما وقعت فيه الأمة من هذه العقوبات والأدواء والأمراض والفرقة؛ لأنه لما وجه فريق من المسلمين عبادتهم لغير الله وإن كان على جهل أدى ذلك إلى ضعفهم وهوانهم وذلهم، وأدى عدم الإنكار على مثل هؤلاء الذين يقعون في مثل هذه المصائب أدى إلى مثل هذه العواقب الوخيمة؛ ولذلك أرجو أن يتواصى المسلمون على التحذير من هذه الأنواع سواء كان منها البدعي أو الشركي.

( الثالث عشر والأخير في هذا الباب: الوسائل لها حكم المقاصد، وكل ذريعة إلى الشرك في عبادة الله أو الابتداع في الدين يجب سدها؛ فإن كل محدثة في الدين بدعة، وكل بدعة ضلالة.)

على أي حال سبق أن تكلمنا عن هذا النوع، وبينا أن الأصل في الدين: أنه شرع من الله -عز وجل- سواء مما ورد في كتاب الله، أو ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الدين كله عقيدة وأحكام وسلوك وتعامل؛ فعلى هذا كل مَن شرع في الدين ما لم ياذن به الله؛ فقد ابتدع وكل بدعة، كل محدثة أي: أحدثها الناس وتدينوا بها وتقربوا بها إلى الله وهي ليست من القربات؛ فهي مما يجب رده، لكن هناك أمر وهو أن بعض الناس يقع في أمور تؤدي إلى البدعة، أو تؤدي إلى الشرك وهو لا يشعر، فعلى هذا فجميع الأمور التي تكون وسيلة إلى الوقوع في البدعة أو وسيلة إلى الوقوع في الشرك فلا بد من سدها.

على سبيل المثال: الاحتفالات السنوية/ بعض الناس يحتفل مثلا بميلاد ابنه، أو بمناسبة دنيوية عامة؛ فيجعل الاحتفال بها التزاماً فإذا التزم ذلك صار ذريعة إلى البدعة. ما معنى ذريعة للبدعة؟ بمعنى أنه فيما بعد يتقرر عنده أن هذا المعتاد يجب ألا يترك، ويأتي أجيال من الناس يعتقدون أن تركه خطأ؛ فمن هنا تعبَّدوا به من حيث لا يشعرون، وأعظم البدع- سواء كانت بدعاً حولية أو غيرها- بدأت من هذا الجانب من التساهل في بدايتها، قد لا يقصد الناس بداية الالتزام بها التعبد، لكن حينما يلتزمونها ويلزمون أنفسهم يكون ذلك على سبيل التعبد.

أضرب لهذا مثالاً أيضاًًَ: كثير من المسلمين الآن بدءوا يحتفون برأس السنة الهجرية، وصار بعضهم يهنئ بعضا وكأنهم في عيد؛ حتى أصبح بعضهم يطلق عليها صفة العيد بل لقب العيد؛ إذن بعض الناس الآن اتخذ ذريعة للبدعة، وبعضهم وقع في البدعة.

أما الذي اتخذ ذريعة للبدعة فذلك الذي أصبح يهنئ ويحتفي مع أن أمر الهجرة مهم لكن أصبح يحتفي ويلتزم أنه في ذلك التاريخ يهنئ من حوله بهذه المناسبة، الآخر الذي تقرب إلى الله بالدعوة إلى ذلك ،ويعتبر هذا من الأمور اللازمة، ثم بعد ذلك تأتي أجيال لا تستطيع أن تتخلص من هذا الأمر فتتعبد به، والدليل على هذا أنه الآن نظراً لظهور هذه الشائعة بين المسلمين. كثير من الناس إذا أنكرت عليه اعتبر هذا نوعا من الموقف الغريب لماذا؟ لأنهم استمرءوا هذا الأصل فصار ذريعة إلى البدعة؛ بل وصل بعدَهم إلى الابتداع.

أيضا التعبد أحيانا بمناسبات: لم تشرع أذكر على سبيل المثال أنه شاعت عند الناس قبل العام الماضي فكرة أنه مادام آخر السنة أو أول السنة التي تلي يوم الاثنين فقالوا: نشجع ونحرض على صيامه، وجاءتني رسالة من هذا يقول: اختم عامك بصوم.

طيب: هذا أراد خيرا لكنه وقع في بدعة بمعنى أنه ما عرف قاعدة الشرع حينما دعا إلى صوم يوم يُقصد به التعبد على أساس أنه ذكرى لنهاية السنة وبداية أخرى، فهذه بدعة لو التزمها الناس لكانت بدعة.

وهكذا تساهل الناس في الأمور يجعلها تصل إلى البدع وهم لا يشعرون، وتأتي أجيال تجهل الغرض الطيب أو المقصد الحسن عند من بدءوا هذه الأمور فتتعبد؛ ولذلك أغلب البدع الحولية وغيرها جاءت من هذا التساهل.

وهنا أعود وأقول: التذكير بأمر هو أنه لا يجوز للمسلمين أن يعيدوا ويتعبدوا بتعييد غير العيدين: عيد الفطر وعيد الأضحى، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- صرح بذلك، بل إن الأنصار لما استأذنوا النبي -صلى الله عليه وسلم- في أن يأذن لهم بأعياد كانوا يحتفلون بها، بل بأيام بعضهم لا يسميها أعيادا ،أيام يحتفلون بها يفرحون ويفرفشون فيها مع أطفالهم لما استأذنوا أن يأذن لهم النبي -صلى الله عليه وسلم- بها لم يأذن، وقصرهم على العيدين وهذا توجيه للأمة كلها؛ فلا يجوز أن يعيد المسلمون بغير العيدين؛ ولذلك فإن الذين التزموا أعيادا، أو التزموا مناسباتٍ على سبيل الدوام صارت عندهم أشبه بالعقيدة؛ بحيث من تركها أو أنكرها يكون هو المخطئ، وهذا قلب للمفاهيم؛ ولو عكسوا لكان هو الصحيح.

نسأل الله للجميع التوفيق والسداد، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

الآن ننتقل إلى ما عند الإخوان من الأسئلة.

السلام عليكم شيخ ناصر وجزاكم الله خيرا، ولعلي أبدأ بالاتصالات. قبل ذلك أستأذنكم في عرض السؤالين.

السؤال الأول: ما هي الأركان الثلاثة التي تقوم عليها العبادة؟

السؤال الآخر: ما حكم تقسيم الدين إلى حقيقة يتميز بها الخاصة وشريعة تلزم العامة دون الخاصة، وفصل السياسة عن الدين؟






وردتني إجابات كثيرة كالمعتاد أعرض الإجابات الأولى يا شيخ في الورود، ثم بعد ذلك أعرض الأسماء نعم.

علياء من الإمارات تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أقسام العبادة: الحب والخوف والرجاء.

الطالب من السعودية يقول: أيضا عبادة الله بالحب والخوف والرجاء جميعا.

فقية السعدية من المغرب يقول: العبادة تقوم على عبادة الله وحده، واتباع أمره واتباع رسوله -صلى الله عليه وسلم- والاعتقاد الجازم بأن الله هو الحكم، وأن نرضى بحكمه فلا شريك له في حكمه الشرعي والقدري، والله أعلم.

هطول من الإمارات تقول: السؤال الأول: أركان العبادة ثلاثة وهي: المحبة والرجاء والخوف، أما السؤال الثاني فتقول: يا شيخ هناك من الفلاسفة وغلاة العُباد من قسم الدين إلى حقيقة وهي صلة بالله على ما يتذوقه الفرد ولا يدركها إلا فئة نادرة من الناس، والقسم الآخر هو الشريعة وهي خاصة لعوام الناس، وأن الأنبياء رعاة العوام وجميع هذه التقسيمات لا تجوز وهي منافية لقطعيات النصوص، وهي ضلال مبين إجمالا، ولا يجوز فصل الدين عن الحياة والسياسة والاقتصاد.

أختم بجواب الأخ ابن إسلام من الكويت يقول: أركان العبادة: كمال الحب والخوف والرجاء، ويجب أن تكون مجتمعة ولا تفرد بينها.

الثاني يقول: تقسيم الدين إلى حقيقة وشريعة. وفصل السياسة عن الدين باطل وهو إما كفر إذا اعتقد جواز ذلك، وأنه يأتي بأحكام أفضل مما جاء به الشرع؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [ المائدة: 44 ]. وإن كان لا يعتقد ذلك لكنه متبع للهوى فهو ضلال.






نعم على العموم الإجابات جيدة في الجملة وبعضها فصَّل وبعضها أجمل، وفي كل خير لكن أُحب أن ألاحظ على أحد الأجوبة- وهو جيد- لكنه حين عبر بأن أركان العبادة: كمال الحب والخوف والرجاء فلعل في هذا نوع من التساهل في التعبير؛ لأنه لا يلزم كمال الحب، كمال الخوف والرجاء يعني: إذا وجد الحب لله -عز وجل- ثم الخوف والرجاء ولو لم يكن فيه كمال؛ لأن الكمال قد لا يرد إلا عند قلة من العُباد الصالحين، لكن إذا وجد القدر الشرعي الكافي من الخوف والرجاء؛ فهذا يتحقق فيه أركان العبادة إن شاء الله؛ لأن الكمال لا يكون إلا لندرة من الخلق نعم.

يا شيخ أبدأ بالأسئلة الأخت منال من مصر تقول: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تقول: يا شيخ هل يجوز تسمية شخص لنفسه سبيل الله وهو قد يكون عرضة لأن يقال له: أخطأت يا سبيل الله، وأختلفُ معك يا سبيل الله فهل هذا يليق جزاكم الله كل خير؟

يظهر لي أنه غير لائق هذا الاسم أولا: غير لائق لأنه من الشهرة ولفت النظر ما يجعله محل تندر، والمسلم ينبغي أن يبتعد دائما عما يؤدي إلى شهرة تكون محل نقد من الناس أو سخرية، والأمر الثاني: أن سبيل الله يقصد به أحيانا أمور لا ينبغي التسمي بها؛ لأن سبيل الله صراطه ودينه فلا يسوغ أن أحدا يسمي نفسه دين الله هذا غير لائق في الحقيقة، وربما يكون فيه سوء أدب مع ما يجب لله عز وجل نعم.

أحسن الله إليكم. الأخت إيمان من مصر أيضا يا شيخ تقول: السلام عليكم هل إذا دعا الإنسان الله تعالى بعمل من الأعمال الصالحة التي عملها واستجاب الله دعوته هل هذا يذهب أجر هذا العمل؟

الظاهر -والله أعلم- أنه- إن شاء الله- لا يذهب؛ لأن صدر الله واسع، بل ربما يزيد أجره خاصة إذا دعا عند ضرورة، إذا دعا المسلم ربه -عز وجل -في عمل بأن ينفعه بعمل صالح له؛ فأرجو أن يكون ذلك حسب النية، فإذا كان لا يزال مرتبطا بالله -عز وجل- ، ويحتسب أجره- أولا وآخرا- على الله فالراجح وما تقتضيه عموم النصوص وسعة رحمة الله- عز وجل - وصدره على خلقه أنه - إن شاء الله - يبقى له الفضل، وإن سأل الله بنفع آجل. نعم.

أعود إلى الإنترنت مرة أخرى عبد الله المرابط يا شيخ من المغرب يقول: فضيلة الشيخ أثابكم الله: في مجتمعاتنا نرى كثيرا من أفراده يخلطون بين لفظ التوسل ولفظ الاستغاثة؛ فأرجو من فضيلتكم أن تبينوا لنا الفرق، وجزاكم الله خيرا؟

التوسل والاستغاثة بينهما عموم وخصوص، فالتوسل قد يشمل الاستغاثة لكن الاستغاثة فيها خصوصية، فالتوسل هو التقرب بمعناه العام يعني: كل تقرب يسمى توسلا؛ وعلى هذا فإن عبادة الله عز وجل توسل، دعاءه توسل، دعاءه بالعمل الصالح توسل، دعاءه ..... إلى آخره. فهذا يعني أن التوسل هو التقرب بمعناه الواسع، بينما الاستغاثة هي نوع من الطلب هي نوع من التوسل؛ وعلى هذا فإن الاستغاثة بالله توسل مشروع، والاستغاثة بغير الله توسل ممنوع فيما لا يقدر عليه إلا الله نعم.

عندي مداخلة ذكرت أن الطواف على القبر شرك،إذا قصد به العبادة، ليس كل الطواف على القبر يعتبر عبادة يعني يكون وسيلة للشرك.

نعم الطواف على القبور أولا: الطواف بحد ذاته عبادة محضة، هذا الأصل.

الأمر الثاني: أن طواف الناس عند القبور لا يخلو من إحدى حالين: الغالب أن يقصدوا به التعبد فهذا شرك، من طاف بغير الكعبة تعبداً فهذا شرك، والنوع الثاني: قد يكون من باب مسايرة الناس، والطائف لا يدري- يحدث من بعض الزوار مثلا، أو بعض الذين وفدوا على هذه الأماكن والمشاهد وهم لا يدرون خاصة السُّواح الذين لا يعرفون أسباب الطواف بهذه القبور فيدورون مع الناس وهم لا يدرون لماذا يدورون- فهذا ارتكب بدعة، وارتكب ذنبا عظيما لكن لا يقال: بأنه أشرك؛ لأنه أصلا لا يدري من هذه العبادة ولم يتقصد العبادة.

السؤال الثاني: ذكرت أن بعض الصالحين يحفر القبر ثم يجلس في القبر ويحاسب نفسه كأنك يعني ترى أن هذا الأمر سائغ، وهذا للحق ما عليه دليل، بل يمكن يدخل في البدعة؛ لأن هذا ما ورد لا دليل من الكتاب ولا السنة لأنه قد يكون تكلفا من بعض الصالحين.

هو في الحقيقة هذه ليس هناك دليل قاطع فيها إلا فعل السلف؛ لأنها من الأمور التي لا تحدث على سبيل التعبد هذا مسلك شخصي لا نقول: إنا نأمر به ولا نستطيع أن ننكر على فاعله؛ لأنه لا يفعله على سبيل التعبد هذا نوع من أنواع ترويض النفس لكن لو فعله على سبيل التعبد فهو بدعة نعم، ومع ذلك تبقى المسألة خلافية يعني: ملاحظة الأخ وجيهة .

السؤال الأول: ما صحة بركة الوالدين في البيت؟.

السؤال الثاني: ظهرت وسائل للحصول على ما نريد مثل: علم الـ( N.l.p) البرمجة اللغوية العصبية لكنها ليست على سبيل التعبد أي: مجرد وسيلة قال بعض العلماء: إن لا بركة فيها، أو أنها لها آثار عكسية على الشخص، فما قولكم في ذلك يا شيخ؟ م.











السؤال الأول: إذا دعا مسلم الله سبحانه وتعالى بأن يحقق له شيئا ما وكانت له معصية سابقة ولكنه تاب منها والحمد لله لكن لم يتلف هذه المعصية مثل أشرطة الغناء. هو تاب منها لكن الأشرطة ما زالت موجودة عنده وقام بإتلافها هذه الأشرطة الآن لكي يتوسل بهذا العمل في دعائه، فهل هذا يعتبر من التوسل إلى الله بالعمل الصالح؟

السؤال الثاني: هل نحن مطالبون بذكر جميع الأدلة التي تذكرها يا شيخ أثناء الشرح أم يكفي أن نكتب دليلا أو دليلين؟

السؤال الأول: الحب والخوف والرجاء على قوله من أصول العبادة أن الله تعالى يعبد بالحب والخوف والرجاء جميعا، وعبادته ببعضها دون بعض ضلال. قال بعض العلماء: "من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبده بالخوف وحده فهو حروري، ومن عبده بالرجاء وحده فهو مرجئ". أحسنت.

السؤال الثاني: تقسيم الدين إلى حقيقة يتميز بها الخاصة وشريعة تلزم العامة دون الخاصة .وفصل السياسة أو غيرها عن الدين باطل، بل كل ما خالف الشريعة من حقيقة أو سياسة أو غيرها فهو إما كفر وإما ضلال بحسب درجته. نعم أحسنت.

بالنسبة للسؤال يا شيخ: أنتم تقولون أنها ما يجوز زيارة القبور للنساء وبما أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: ( إن أهل النار النساء ) فلم لا يكون جائزا؛ فلم لا يزُن لكي يتعظن- بما أن معاصيهن بصراحة كثيرة- ؟ وشكرا.

أحسن الله إليك يا شيخ. لو تكرمت ما معنى قول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [ المائدة: 35 ] هذا السؤال الأول- الله يحفظك- يا شيخ.

السؤال الثاني: هل كان الصحابة -رضوان الله عليهم- يتوسلون بالنبي -صلى الله عليه وسلم- عند نزول الشدائد بهم في حياته؟

السؤال الثالث: كثير من المسلمين يتوسلون بجاه النبي -صلى الله عليه وسلم- مستدلين بحديث الضرير الذي أخرجه أحمد في مسنده، فكيف يتم الرد عليهم؟ وجزاكم الله خيرا يا شيخ.






هل يجوز للمسلم أن يؤدي طاعة معينة كصوم يوم في سبيل الله؛ كي يتوسل لله به في دعائه؛ حتى يكون أقرب لاستجابة الدعاء؟

السؤال الثاني: وما السبيل للتخلص من غلبة الخوف على الرجاء عند العبد في عبادته لله تعالى؛ بحيث أن يكون هذا الخوف ربما يؤدي به إلى نوع من الضغط النفسي أو الاكتئاب أو الحزن أو ما إلى ذلك؟

أحسن الله إليكم يا شيخ ناصر. نأخذ سؤالا من الاستديو. أحسن الله إليك السفر لزيارة القبور ممنوعة وزيارة المسجد النبوي مشروعة فربما يقول قائل: النازل في المسجد النبوي سيزور رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهل يعتبر هذا من شد الرحال؟

لا. هو لا شك أن كل مسلم يتمنى أنه لو زار المدينة لسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم-، بل يعزم على ذلك وهذا مشروع؛ لأنه إذا زار المدينة يجب عليه الوفاء لحق النبي -صلى الله عليه وسلم- وحق غيره من الصحابة وأصحاب المقابر من الأموات في البقيع وغيرهم أن يسلم فأنا أقول: إن هذا أمر- كون الإنسان ينويه ابتداء-

لا حرج، لكن لا ينشئ السفر، ومعلوم أن إنشاء السفر لمسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- مشروع؛ فعلى هذا تداخل المشروع مع المشروع ، النبي -صلى الله عليه وسلم- له حق زيارة فإذا وصلت إلى المدينة فيجب عليك بل يشرع لك أن تسلم على النبي -صلى الله عليه وسلم- وصاحبيه، وتسلم على جميع أصحاب القبور في المدينة وهكذا نعم.

أحسن الله إليكم يا شيخ. أعود إلى الإخوة على الإنترنت. أخونا مراد من المغرب يقول: هل البركة في ماء زمزم تكون في نفس المكان، أم حتى إذا نقل من مكة؟

الظاهر -والله أعلم- أن البركة في ماء زمزم باقية حتى لو نقل؛ لأنه ما في أي دليل يخصص ، والأمور هذه موقوفة على الدليل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- حينما ذكر ذلك ذكره وهو مشرع، والله -عز وجل- يعلم أنه ستأتي عند الخلق وسائل لنقل ماء زمزم متوفرة كما هي الآن في الطائرات وغيرها، بل حتى في القديم كان الناس - وإن كان في حدود ضيقة- ينقلون ماء زمزم إلى غير مكانه؛ فالظاهر -والله أعلم- أن البركة باقية في ماء زمزم؛ حتى في غير مكة هذا الظاهر، لكن ربما اجتماع فضل الزمان وفضل المكان والذي هو مكة مع فضل الماء ربما يزيد البركة تأثيراً، والله أعلم.

أحسن الله إليكم يا شيخ. أختنا أم عمر اتصلت تسأل يا شيخ عن صحة بركة الوالدين في البيت.

على أي حال هذا وارد؛ لأن المقصود بصحة بركة الوالدين يعني: الانتفاع ببرهما، وأيضا ما عندهما من تجارب ومن حنو وما عند الوالدين من جمع شمل الأسرة هذا كله أمور فيها بركة نظرا لأن البركة أحيانا يقصد بها مجرد وجود النفع، فالبركة من هذا الوجه موجودة، أن يكون في وجود الوالدين في البيت نفع للجميع هذا لا شك فيه حتى أيضا نفع ديني بمعنى احتساب من حولهما ببرهما وخدمتهما هذا فيه زيادة عمل صالح، وهذا من البركة نعم.

طيب يا شيخ تسأل أيضا عن البرمجة اللغوية يا شيخ.

والله البرمجة العصبية لا تزال طارئة علينا، وتحتاج إلى تحرير أنا قراءتي فيها قليلة لكن مما قرأته أجد أن البرمجة العصبية تختلف فيها الحقيقة بالدجل، تختلط فيها التجارب بالأمور الوهمية والغيبيات، ويختلط فيها أيضا التجربة والانتفاع بالوسواس والأوهام، لا تزال البرمجة العصبية فيها نواحٍ فيها غموض وفيها نظر، وتحتاج إلى أن يتخلص منها البرمجة.

لذلك نجد أن كثيرا من الذين عندهم توهمات ووساوس وعندهم أيضا شيء من التساهل في الدجل والتخرصات: يدخلون من خلال البرمجة العصبية ولا يعني ذلك أن نتهم كل من عمل هذا العمل، أنا أعرف من الصالحين والأتقياء من استفادوا وأفادوا من هذه البرمجة، لكن مع ذلك هي- كعلم الآن-: الذين يلجونها ليسوا كلهم على نهج سليم، وليس كل ممارساتها سليمة، ولا حتى كل قواعدها التي قعدها لها أصحابها وأغلبها من الذين مقاييسهم تختلف عن مقاييس المسلمين ليست كلها سليمة، وفي الجملة أرى أنها تحتاج إلى تحرير، والله أعلم.

أحسن الله إليكم يا شيخ ناصر. أختنا أم باسل يا شيخ تقول: لو أن المصر على المعصية تاب منها لكنه لم يتلف آثارها يا شيخ سماع الأغاني تقول: ثم أتلفت الأشرطة تقربا إلى الله عز وجل أو توسلا إليه في الدعاء، فهل يصح منه هذا؟

طبعا هذا السؤال تسلسل على شكل تدريجي فمجرد التوبة من المعصية والإقلاع عن الأغاني هذا خير عظيم، وكان ينبغي أن يصحبه إتلاف أو التخلص من هذه الأشرطة، وتبديلها بأشرطة أخرى لكن لما لم يكن هذا ذنب تستغفر الله وتتوب إليه، وفي إتلافها احتسابا لله -إن شاء الله- مما يتقرب به، ويعتبر من التوسل المشروع، أن تتقرب إلى الله بإتلافها لمادة المعاصي ووسائلها نعم.

طيب يا شيخ تسأل تقول: هل يعني تلزم بحفظ جميع الأدلة؟

لم يلزم أبدا، وليس من العادة أني أطالب بجميع الأدلة وهو حتى يكون أيضا هذا من أساسيات الفهم . لا أبداً . الدليل البين الواضح يكفي.

طيب أحسن الله إليكم يا شيخ. الأخت أم شروق يا شيخ تقول: ورد في حديث: أن النساء هم أكثر أهل النار، فلماذا لا يجوز لهم زيارة القبور؟

على أي حال مثل هذه الأمور توقيفية يعني: ليست بالعواطف ولا بمقاييس الناس ولا هذا يعني حكم من لدن الحكيم الخبير سبحانه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- مشرع عن الله، والنبي -صلى الله عليه وسلم- نهى عن زيارة النساء للقبور وفي هذا مصالح لهن في الدين والدنيا؛ لأن المرأة عاطفية وغالبا ما تجهش بالبكاء، وتتجاوز الحد؛ فتأثم وتضر غيرها وتضر الميت؛ لأن الميت-إن صح أنه له شعور أثناء الزيارة- فإن هذا يضره ويؤذيه، والأمر الآخر: أن المرأة أحيانا تخرج عن طورها بالبكاء إلى أمور غير محمودة تضرها في عقيدتها وفي دينها؛ فلذلك الرسول -صلى الله عليه وسلم- حجبها عن زيارة القبور إشفاقا عليها وعلى دينها وعلى ذمتها، ولذلك أدلة ( فالمرأة التي كانت تولول وتصيح على ميتها عند القبر ، الرسول -صلى الله عليه وسلم- منعها وأمرها بالصبر عنفت النبي -صلى الله عليه وسلم- وقالت: إليك عني بمعنى أنك لم تشعر بما أنا فيه من مصاب ) ما علمت أنه النبي -صلى الله عليه وسلم- نهرته وهذا مما لا يليق ولو تعمدت لكان هذا كفر لكنها ما كانت تدري أنه النبي -صلى الله عليه وسلم-،( ثم لما علمت أنه النبي -صلى الله عليه وسلم- وهدأت من غضبها جاءت تعتذر، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- بين لها أن هذا خط) وشرَّع للأمة، فعلى هذا إذا كانت هذه امرأة من الصحابيات وقعت في أمر أوقعها في حرج مع النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي إثم عظيم فهذا دليل على أن المرأة يعني لعاطفيتها وحنوها وهذا جانب تمدح فيه من وجه؛ فإشفاقا عليها وإنصافا لها وعدلا في حقها أن تحجب عن زيارة القبور، أما أيضا ما أخبر به النبي -صلى الله عليه وسلم- من أن (أكثر أهل النار من النساء) فهذا خبر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يناقش فيه غيره؛ بل يجب التسليم به، وأن النبي -صلى الله عليه وسلم- علل ذلك ببعض العلل، من ذلك أنه ذكر أن النساء (يكفرن العشير)، وأيضا ذكر يعني أشياء كثيرة ومن ضمنها أن النساء أكثر انجرافا أمام الشهوات والشبهات، وأكثر وقوعا في بعض المنهيات مثل الغيبة والنميمة واللجوء إلى السحرة والدجالين.

فعلى هذا المهم أن هذا حكم الله ليس لنا فيه خيار، ولا يجوز لنا أن نسأل سؤالَ المعترض لكن سؤال المستكشف الذي يريد أن يزداد من الخير والإيمان فلا حرج في ذلك نعم.

أحسن الله إليكم يا شيخ. أخونا مسلم من مصر يا شيخ يقول: بعد وفاة الرسول -صلى الله عليه وسلم- توسل الناس إلى الله -عز وجل- بدعاء العباس -رضي الله عنه- عم الرسول -صلى الله عليه وسلم- وذلك عند الدعاء لنزول المطر، فهل مثل هذا يجوز الآن؟

نعم في الحقيقة هذا من الأدلة الواضحة الذي ينبغي أن يُقلَبَ عليهم ككثير من أدلتهم، الكثير من أدلة أهل البدع . الصحيح أنه يقلب عليهم بمعنى أن تكون دلالته ضد ما يقولون، واستدلالهم بالحديث لا يخلو من جهل وتلبيس وأيضا تكلف، أو أحد هذه الأمور أيضا، أحيانا قد لا يوجد عند المستدل بهذا الحديث شيء من ذلك قد لا يكون يجهل لكنه التبس عليه الأمر، وقد يكون أيضا قلَّد غيره، أو متأول فالمهم أن حديث الأعمى، ونقف عليه -أرجو أن يأذن لي المشاهدون- ونقف على هذا بعض الوقفة؛ لأنها استكمال للدرس وكان من المفروض أني آتي بهذا الدليل لكن خشيت أن لا يتسع الوقت؛ لأنه ينبغي استيفاء الحديث عنه؛ فلتأذنوا لي بدقائق.

حديث الأعمى أو حديث العباس حديث مجمل ومفصل، واستدل به الكثير من الذين يتذرعون به للبدع، استدلوا به على وجه لا يستقيم ويختلف عن القصة الحقيقية التي حدثت فيها هذه الواقعة، ويختلف عن فهم السلف لها بل عن سياقها لمَّا تأتي وافية، فنبدأ باستشفاع النبي -صلى الله عليه وسلم- بالعباس؛ لأن كثيرا من أهل البدع يظنون أن هذا دليل على التبرك البدعي والتوسل البدعي بالأشخاص بذوات الأشخاص، والصورة التي وقعت فيها قصة الاستشفاع بالعباس صورة بينة تدل على أن المقصود به قطعا هو التوسل بدعاء العباس، وهذا مشروع إلى اليوم وإلى قيام الساعة، والواقعة هي( أن الناس في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا أصابهم جدب، أو شيء أتوا إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- يتوسلون به يقولون: يا رسول الله ادعُ الله لنا فيدعو، ومعروفة قصة الرجل الذي دخل المسجد والنبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب فطلب منه وتوسل به أن يدعو فالنبي -صلى الله عليه وسلم- دعا الله-عز وجل- أن يغيث المسلمين فأغاثهم، ثم بعدها بإسبوع استمر المطر؛ حتى خشوا من الغرق فجاء ذاك الرجل نفسه ودخل على النبي -صلى الله عليه وسلم- فتوسل به أن يدعو الله فكان أن دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- ربه بأن يرفع عن المسلمين فرفع).

هذه الصورة الشرعية التي حدثت للعباس، وهو أن الصحابة -رضي الله عنهم- لما أصابهم الجدب في عهد عمر قالوا: ( كنا نستشفع بنبيك يعني: يدعون الله -عز وجل- بذلك، أو يخاطبون ربهم ثم قالوا: والآن نستشفع بعم نبيك ) كيف كان الاستشفاع بعم النبي -صلى الله عليه وسلم-؟ أن وضعوه أمامهم فصار يدعو ويؤمنون بعده لم يتمسحوا بثيابه ولا بجسمه و لم يحصل هذا . الذي حصل أن التوسل بالعباس هو أن جعلوه أمامهم يدعو وهم يؤمنون بعده؛ فأغاثهم الله عز وجل، وحدث هذا من معاوية -رضي الله عنه- عندما استشفع بالأسود، وحدث من كثير من الصحابة، ولا يزال يحدث في تاريخ الأمة قديما وحديثا أن الناس يقدمون الصالحين منهم يدعون، والناس يؤمنون، فهذا من أسباب الإجابة بإذن الله، فهل هذه الصورة فيها بدعة؟ لا والله هي المشروع، ويجب أن نبقى على هذا المشروع، لكن أنى لهم أن يستدلوا بذلك على البدعة التي يعملونها وهو التمسح بالذوات والتبرك بالذوات ونحو ذلك هذا لم يحدث من الصحابة في هذا الدليل.

كذلك الدليل الآخر حينما استشفع الأعمى بالنبي -صلى الله عليه وسلم- بأن يرد عليه بصره القصة في سياقها وردت -بمعناها- ( أن الأعمى جاء طلب من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يشفع له عند الله، ويتوسل به عند الله أن يعيد له بصره، النبي -صلى الله عليه وسلم- نصحه بأن يصبر أو كذا لكنه آثر بأن يرد إليه بصره، فالنبي -صلى الله عليه وسلم- أمره بأن يتوضأ ويصلي ثم يدعو الله عز وجل أن يستجيب دعاء النبي -صلى الله عليه وسلم- فيه). النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا له مع أنه بإمكانه أن يتبرك حتى بذات النبي -صلى الله عليه وسلم- لكن نظراً لأن هذا تشريع للأمة؛ لأن هذه خصوصيات للنبي -صلى الله عليه وسلم- فكان وجه الاستشفاع بالنبي -صلى الله عليه وسلم- من الأعمى أن النبي -صلى الله عليه وسلم- دعا له، وأنه دعا الله بأن يستجيب دعاء نبيه فيه؛ فهذا الوجه مشروع، فأي دليل على ما يعمله أهل البدع من التمسح بالذوات والتبرك بالأشخاص والدعاء دعاء الغير دعاء غير الله بمعنى الاستشفاع؟، وأحيانا يكون من باب الشرك.

فإذن الدليل بل الأدلة كلها التي في هذا السياق هي أدلة عليهم وليست أدلة لهم؛ لأن سياقها ينبغي أن يكون بكمال القصة وبفعل الصحابة وتفسيرهم؛ لأنهم هم الذين طبقوا تلكم الأحكام، وهم الذين حدثت على أيديهم تلك الأحداث؛ فينبغي أن نفهمها بعمل الصحابة وبفهمهم -رضي الله عنهم-، ثم بعمل السلف وبفهمهم فلم يكن أحد من السلف الصالح في القرون الفاضلة يستخدم التوسل إلا بهذه الطريقة -التوسل بالأشخاص- إلا بهذا الأسلوب الاستشفاع بهم- إلا بهذا الأسلوب- بأن يطلبوا من الصالحين الدعاء، وهم يؤمنون على دعائهم، أو يطلبون منهم الدعاء حتى لو ما أمنوا.

صور الاستشفاع كثيرة لكن أبرزها هي الاستشفاع من أجل استنزال الغيث، أو دفع المضرات والمصائب العظمى عن الأمة عندما تكون المضرات والمصائب بأن يتقدم رجل صالح، ثم يدعو الله -عز وجل- ويؤمِّن المسلمون من ورائه على دعائه. هذه الصورة مشروعة، بل من أعظم القربات إلى الله عز وجل نعم.

أحسن الله إليكم يا شيخ. أخونا سمير من السعودية أيضا كوسوبي من السودان يا شيخ يسألان عن قوله تعالى: ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [ المائدة: 35 ] ما تفسيرها؟

نعم ﴿ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ﴾ [ المائدة: 35 ] يعني: تقربوا إليه- عز وجل - بما تتوسلون به، الوسيلة هي: عبادته ودعاؤه والتقرب إليه بكل عمل صالح؛ فعلى هذا فالوسيلة التي يتقرب بها إلى الله هي على الأنواع التي ذكرتها في أول الحديث، فإذن النص على تمامه، ومفهومه واضح، وتطبيقه في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- وفي عهد الصحابة والتابعين واضح، وهو أن نبتغي إلى الله الوسيلة بعبادته والتقرب إليه بالإخلاص، التقرب إليه بأنواع القربات، وهذا هو عين المشروع بل هو العبادة التي يجب أن نتقرب بها إلى الله عز وجل نعم.

طيب يا شيخ أم سلمة من السعودية يا شيخ تقول: هل يجوز لمسلم أداء طاعة كصوم يوم في سبيل الله للتوسل به إلى الله عز وجل؟

نعم إذا كان الصيام يوافق الأيام المشروعة كأن لا تفرد الجمعة بصوم، ولا تصوم العيد مثلا فإذا صامت صامت في الأيام التي يشرع فيها الصوم؛ فلا مانع من قصد هذا وبقصد التقرب إلى الله عز وجل يعني: أن الإنسان إذا شعر في قلبه بضعف التقرب إلى الله عز وجل، ضعف قلب، ضعف إيمان وأراد أن يقوي قلبه بالصيام، وأن يكون أثناء الصيام أيضا يدعو الله -عز وجل- بما يشاء يتقصد هذا لا حرج؛ لأن الصيام عبادة، وأيضا من مواطن إجابة الدعاء الصيام، أو من الزمن الفاضل لإجابة الدعاء الصيام خاصة الصائم عند فطره فإن له دعوة مستجابة، فهذا القصد بهذا الحد مشروع، بل هو مما يتقرب به إلى الله نعم.

طيب يا شيخ أخونا عبد الله الإدريسي من المغرب يقول: السلام عليكم ورحمة الله شيخنا -بارك الله فيكم- بعضهم يزعم أنه بمجرد لمسه لعضو مريض، أو نفثه عليه يشفى بإذن الله، وقد يكون هذا الشخص من الصالحين، أو من عامة المسلمين فما حكم الشرع في ذلك؟

نعم هذه من الأمور الخطيرة في الحقيقة؛ لأنها مما يبتلى به بعض الرقاة وإن كانوا من الصالحين والمتدينين، أو الذين يعرفون بالحرص على التزام السنة إلا أنهم أحيانا تأتيهم غفلات، والشيطان يضع للإنسان مصائد، ومن أعظم المصائد التي يصطاد بها الشيطان الرقاة أو بعض الصالحين هي مثل هذه الأساليب بأن يتوهم أنه إذا لمس شخصا استفاد وأنه شفي، إذا كان اللمس مبنياً على بركة القرآن أعني بذلك إذا كان مثلا الراقي ينفث في يديه، ثم يمسح جسده أو جسد غيره تبركا بالقرآن الذي نُفِثَ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- ثبت عنه أنه يورد ويدعو ويقرأ شيئا من القرآن وينفث ثم يمسح بجسمه، يمسح جسمه بيديه هذا مشروع مع النفس ومع الغير بهذه الصورة هذا مشروع، لكن إذا كان يعتقد أنه بمجرد اللمس تحصل فائدة فنعم قد تحصل الفائدة لكنه ابتلاء، فالإنسان قد يستفيد الشفاء، وهذا قد يستفيد لأنه يشفى على يديه ناس لكنه قد يخسر عقيدته وشيئا من دينه؛ فليتق الله فإنه بمجرد هذه الأساليب: اللمس أو النظرة أو الإشارة ويجد أن فيها تغييرا لحال المريض دون سبب شرعي وهو القرآن أو الدعاء المشروع فهذا نوع من عادة الجن والشياطين بالإنسان ؛ لذلك أو يتبع ذلك استعمال حركات تزيد عن العدد المشروع أنا قلت وهذا أمر يجب التنبه له أنه عندما يعمل الإنسان مع قراءة القرآن عملا مشروعا كالنفث في اليدين ومسح المريض، أو لمس المريض برفق من أجل إدخال الطمأنينة على نفسه لا اعتقاد أن اللمسة تنفعه يعني: بعض الناس يكون عنده من رقة الطبع والتلطف مع المريض؛ بحيث يربت على كتفه أو يلمس شيئا من جسمه إذا كان لمس جسم مشروع من باب تطمينه وإدخال السرور عليه، لا من باب أن هذه اللمسة هي بحد ذاتها التي تنفعه؛ فينبغي يا إخوان أن نتنبه لما يعمله كثير من الرقاة، وأنصح إخواني الرقاة -وما أكثرهم- أن يتنبهوا للتفريق بين الحركات المشروعة وبين الحركات غير المشروعة، وليلعلموا أنه يكثر الابتلاء بالحركات غير المشروعة؛ بحيث يستفيد منها المريض، يستفيد منها ذا الحاجة لكنه يكون ذلك على سبيل دينه وعقيدته، ويكون من الابتلاء والفتنة؛ لأن الله- عز وجل- وَكَلَه إلى ما اعتقد، ومجرد وجود الاستفادة لا تعني مشروعية العمل، بل الابتلاء والفتنة أقرب؛ فيجب التنبه لهذا، والحذر من الأساليب التي تزيد عن المشروع نعم.

أحسن الله إليكم شيخ ناصر، ولعلكم تختمون -حفظكم الله-.

على أي حال بهذ القدر نكتفي، ونسأل الله للجميع التوفيق والسداد، كما نسأله- تعالى- الإخلاص في القول والعمل، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى، وأن يهدي ضالهم، ويرشدهم إلى طريق الصواب، وصلِ الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



توقيع مفكرة إسلامية
نرجو من الجميع الإطلاع عليها , والالتزام بها -بارك الله فيكن-
وَأَرْجُوهُ رَجَاءً لا يَخِيْبُ ~
مفكرة إسلامية غير متواجد حالياً