عرض مشاركة واحدة
قديم 11-01-08, 01:10 AM   #2
مفكرة إسلامية
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

إذاً الإسلام والإيمان نصان شرعيان بينهما عموم بمعنى أنهما كلهما يشملان الدين وبينهما خصوص بمعنى إذا اجتمعا في سياق واحد فكل واحد منهما يختص بمعنى ويقترن مع اللفظ الآخر بمعاني .

والدليل على هذا: هل تصح أركان الإيمان من المسلم بلا أركان الإسلام ؟ هل تصح أركان الإسلام من المسلم بلا أركان الإيمان ؟ إذاً هما يلتقيان من وجوه ويختلفان من بعض وجوه فإذا انفردت كل لفظة وحدها شملت اللفظة الأخرى وإذا اجتمعت مع أختها كما قلت .

إذاً الإسلام والإيمان اسمان شرعيان بينهما عموم وخصوص من وجه.

إذاً بقي مسمى الأشخاص المسلم والمؤمن هذه تسمى الأسماء والأحكام وهي تابعة للإيمان، يعني ما نطبقه على الناس:"مؤمن- مسلم- كافر- فاسق- فاجر- ظالم- منافق" هذه تسمى الأسماء والأحكام هذه داخلة في مسميات الإسلام والإيمان، لكن- مع ذلك - كل مصطلح له معناه،لكن يهمنا ما بين مسلم ومؤمن من وجوه الافتراق والاختلاف، فمثلاً كل مؤمن لابد أن يكون مسلماً لماذا ؟ لأنه لا يتصور أن أحداً يدعي الإيمان ثم لا يعمل بمقتضى الإسلام . لا يصح شرعاً أن نصف أحداً بأنه مؤمن ما لم يلتزم شرائع الإسلام لكن العكس غيرذلك ، وهو أنه ليس كل مسلم مؤمناً لماذا؟ لأن الإسلام الأمر الظاهر الذي نراه وكذا الإيمان أمر قلبي ، فقد يكون الإنسان يدعي الإسلام وفيما بينه وبين ربه لا يؤمن بحقائق الدين كالمنافق الخالص .

أيضاً المنافق الخالص يظهر الإسلام خوفاً على نفسه، لكن يكون في قلبه غيره ، معترف لله - عزّ وجلّ – غير معترف بأركان الإيمان أو ببعضها، فهذا- ظاهراً- نسميه مسلماً، لكن لا نستطيع أن نجزم له بالإيمان إذاً من توفر عنده وصف الإيمان فلابد أن يكون مسلماً، لكن من توفر عنده وصف الإسلام فقد لا يكون مؤمناً عند الله - عزّ وجلّ – .

هذا فيما يتعلق بحقيقة الأمر ونحن ليس لنا إلا الظاهر .

(أهل القبلة) معناه الذين يدعون الإسلام كلهم مسلمون حتى من ارتكب معاصي وفجوراً وفواحش -نسأل الله العافية- أو حتى من ارتكب بدعاً- ما دامت أعماله هذه لا تخرجه من الملة- فلا يزال له مسمى الإسلام فهو من أهل القبلة بمعنى النبي – صلى الله عليه وسلم – ذكر المسلم هو( من صلى إلى قبلتنا ومن أكل ذبيحتن) فله حقوق المسلم وإن احتاج إلى شئ من التأديب أو التعزير أو الهجر أو الرد هذه أمور أخرى هذه أمور من مقتضيات التناصح بين المسلمين وإقامة حدود الله وشرعه لا تعني إخراج الأفراد من الملة .

إذاً من شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله فهو مسلم لكن لا نستيطع أن نجزم أنه مؤمن لأن أمر الإيمان بينه وبين ربه، لكن إن تحققت له حقيقة الإيمان عند الله فلابد أن يكون مسلماً ويسمى( أهل القبلة) يعني جميعهم مسلمين .

إذاً ليس كل مسلم في الظاهر يكون مؤمناً في الباطن ؛لأن الباطن لا يعلمه إلا الله - عزّ وجلّ – وقد يدعي الإسلام وهو منافق .

( خامساً : مرتكب الكبيرة التي دون الكفر والشرك لا يخرج من الإيمان فهو في الدنيا مؤمن ناقص الإيمان وفى الآخرة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه، والموحدون كلهم مصيرهم إلى الجنة وإن عُذب منهم بالنار من عُذب ولا يُخلد أحد منهم فيها قط ).

نعم هذه الحقيقة قاعدة تتضمنت عدة مسائل عظيمة في الدين وهذه من المسائل العملية التي يحتاجها المسلمون- دائماً-ً في حياتهم، في تعاملهم مع الآخرين ولا سيما في هذا الوقت الذي كثر فيه الخوض والالتباس، كثرت فيه الشبهات والتشكيك والمسلمات، مما أدى إلى كثير من الفتن بين المسلمين أنفسهم وبينهم وبين المخالفين لهم، وهي مسألة مرتكب الكبيرة، هذه مسألة متفرعة عن مسائل الإيمان وستتعلق بما يسمى بالأحكام والأسماء، داخلة في مسائل الإيمان وأعني بذلك : أن من يرتكب معصيةً- ضرب مثلاً بالكبيرة لأن الكبائر هي أعظم المعاصي أليس كذلك ؟ وما دونها من باب أولى- أن يكون حكم صاحبه حكم الإسلام والإيمان، لكن نتكلم عن مرتكب الكبيرة ؛لأنه ارتكب أعظم معصية ما دام لم يصل إلى الردة والشرك .

مرتكب الكبيرة يعني:المسلم الذي يقع في معصية في الكبيرة، كآكل الربا أو الغيبة أو النميمة أو الكذب وغيرها من الكبائر، هذا المسلم يسمى مرتكب الكبيرة .

ارتكبها يعني استهان بالدين وركب المعصية و عملها، عمل الكبيرة التي دون الكفر والشرك، الكفر هنا يعني الكفر المخرج من الملة .

والكبيرة لا تخرج من الملة ولا تقع في الشرك الأكبر أو الكفر الأكبر فإن صاحبها يبقى مسلماًَ ويبقى مؤمناً لا يخرج من مسمى الإيمان والنبى - صلى الله عليه وسلم – أثبت ذلك في حديث ذكر أن المسلم يبقى على مسمى الإيمان وإن زنا وإن سرق، وكان عنده أبو ذر - رضي الله عنه – فكأنه استغرب مثل هذا الحكم فقال: يا رسول الله وإن زنا وإن سرق ؟ قال ( وإن زنا وإن سرق ) يعني كررها مما يدل على أنه فعلاً يبقى على مسمى الإيمان والإسلام وإن ارتكب كبيرة .

قد يشكل على هذا أحاديث أخرى مثل قول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ) هذا نفي للإيمان وهذا إثبات للإيمان .

فلابد من الجمع بين النصوص لأنها صحيحة كلها والجمع النصوص يعني بأن هذا الذي ارتكب الكبيرة بقي على أصل إيمانه لأنه ارتكبها ولم ينقض نواقض الدين الأخرى وفى الحديث الآخر نفي عنه الإيمان أي نفي عنه مقتضى الإيمان، لا أصل الإيمان وهذا مثل الصلاة، الصلاة فيها جزء مجزئ وفيه جزء يؤجر عليه فالنبى - صلى الله عليه وسلم – نفى أن تقبل الصلاة من الإنسان مثلاً يسهو في الصلاة ليس له منها شيء لا يعني ذلك أنه لم يؤدي الفرض لكن يعني ذلك أنه لا تقبل عنه القبول الذي يكون له فيها أجر ومثله الإيمان، الإيمان ينفى عن بعض من يفعلون الكبائر يعني حقيقة الإيمان مقتضى الإيمان أقصد مقتضى العمل بالإيمان لأن الإيمان لابد له من ثمرة فهذا لم تتحقق عنده ثمرة الإيمان في هذه الجزئية، ثم يكون –ربما- نفي الإيمان في أمر محدد لا في عموم الدين، ونفي الإيمان في أمر محدد تلك اللحظة لا يعني نفي الإيمان مطلق

أيضاً من توجيه ذلك أن النبي – صلى الله عليه وسلم – نفى الإيمان عن فاعل هذه الكبيرة يعني حين يفعلها يعني اختل إيمانه في هذه الجزئية لا في الدين كله ولم يخرج عن مقتضى التصديق إنما ترك العمل أخل بالعمل فعلى هذا فإن مرتكب الكبيرة التي دون الكفر والشرك لا يخرج من الإيمان ولا من الإسلام فهو في الدنيا مؤمن لكنه ناقص الإيمان، وظَّفَ إيمانه بقدر يعني أفعاله التي اقتضت أو بالوضع الذي اقتضى النقص .

وفى الآخرة يعني المؤمن صاحب المعصية صاحب الكبيرة في الدنيا نقول إنه مؤمن ناقص الإيمان إن تاب قبل موته تاب الله عليه إذا توفرت فيه شروط التوبة، لكن إذا مات -لا قدر الله- وهو ممارس للمعصية، يعني: مات وهو على كبيرته فإن مصيره في الآخرة فيه تفصيل .

هو أولاً قبل أن يُحكم على العباد بجنة أو نار تحت مشيئة الله إن شاء غفر له فيدخل الجنة ورحمته - سبحانه وتعالى – سبقت عذابه ونرجوا المؤمنين الذين وقعوا في الكبائر أن يغفر الله لهم ، لكن أيضاً قد لا يغفر الله له بمعنى أنه يستحق النار، فيعذب بالنار بقدر كبيرته ولابد أن يخرج منها بعدة أسباب شرعية منها: الشفاعة - شفاعة النبي – صلى الله عليه وسلم – لأهل الكبائر من أمته -وشفاعات الأنبياء لأهل الكبائر من أممهم -وشفاعة الملائكة- وشفاعة المؤمنين الصالحين- وشفاعة القرآن شفاعات كثيرة، ثم أيضاً برحمة الله - عزّ وجلّ – .

حينما تنتهي الشفاعات، الله - عزّ وجلّ – يتولى- رحمة بعباده- بإخراج من يشاء من النار .

ففي الآخرة تحت مشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه. والموحدون كلهم مصيرهم إلى الجنة ومن عذب منهم بالنار فلا يخلد أحد منهم فيها قط، من كان عنده أدنى ذرة من إيمان فلن يخلد في النار .

( سادساً : لا يزيد القطع من معوِّل من أهل القبلة بالجنة أو النار إلا من ثبت النص في حقه ) .

هذه أيضاً قاعدة متفرعة من مسألة الإيمان ويغلط فيها كثيرٌ من الناس قديماً وحديثاً يغلطون فيها لأنها تحتاج إلى تفصيل وتفهم خطأ .

فأولاً: يعني نحن نرجو لكل مسلم مؤمن أن يكون من أهل الجنة وهذا هو الأصل وغير المسلم الأصل أنه من أهل النار هذا هو الأصل، لكن مع ذلك لا نستطيع أن نجزم يعني أقصد عموم المؤمنين هم من أهل الجنة ، عموم الكافرين هم من أهل النار .

لكن ومع ذلك الإنسان المعين بعينه فلان بن فلان لا نستطيع أن نجزم له بأنه من أهل الجنة وإن كان ظاهر الصلاح ولا بأنه من أهل النار وإن كان ظاهره الفساد .

لماذا ؟ لأننا لا ندري ما يختم له ولذلك قال السلف: مقتضى القواعد في الشرع- السلف لم يأتوا من عندهم بشيء اخترعوه لأن أمور الدين توقيفيه - قالوا: بأننا لا ندري عن مصير الإنسان ، لا نجزم لأحد بعينه إلا ما جاء النص بأنه من أهل الجنة أو جاء النص بأنه من أهل النار .

بقية الخلق الذين يموتون لا نستطيع أن نجزم لأحد منهم بأنه من أهل الجنة وإن كان صالحاً مسلماً تقياً ورعاً ولا أنه من أهل النار لماذا ؟ لأننا لا ندري على أي حال سبق عليه الكتاب. في هناك دليل واضح يبين هذه القاعدة وهو أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ذكر في الحديث الصحيح ( إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يظهر للناس حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يظهر للناس حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيكون من أهل الجنة) .

ما هو الذراع ؟ ربما يكون الذراع في حساب الزمن لحظات - والله أعلم- هذا نص مجمل مبهم لكنه يدل على قصر المدة الزمنية التي يكون فيها تحول الشخص لحظة الموت عند الوفاة من حال إلى حال .

- وعلى هذا- هذا أمر قلبي الإنسان قد يكون- فيما يظهر لنا- على حال أهل الكفر وعلى حال أهل النار لكن ربما يجدد الله له توبة لم يستطع أن يفصح عنها ويبينها أو لم يتمكن ويموت على هذه التوبة، أليس هذا وراداً؟ وما يدرينا أحوال العباد عند الله - عزّ وجلّ – والعكس كذلك قد يكون إنسان- فيما يظهر لنا -أنه من أخلص العباد، لكن ربما يحول الله حاله . والله - عزّ وجلّ – هو مقلب القلوب ولذلك قال النبي – صلى الله عليه وسلم – ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) .

وهكذا ينبغي على المؤمن- دائماً- أن يلجأ إلى الله - عزّ وجلّ – أن يثبته على الإيمان والإسلام إلى آخر لحظة .

فالمهم: ينبغي أن نعتقد ونجزم أن مصائر العباد غيبيه فمن هنا هذا الشخص الذي ظهر صلاحه ربما آخر لحظة سبق عليه الكتاب فوقع في أمر قد يكون من أهل النار ونحن لا ندري ومات على هذه الحال دون أن ندري، أليس هذا محتملاً ؟ محتمل ما دام محتملاً- والأمر لله من قبل ومن بعد، ومصائر العباد بيد الله- إذاً لا نتألى على الله لكن نحسن الظن بالله ونحسن الظن بالمسلمين ونرجوا للمحسنين ونخاف على المسيئين، نرجوا للمحسنين ولا نجزم، ولذلك من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس إنهم يجزمون لبعض المعينين بأنهم من أهل الجنة، يجزمون لهم بالشهادة حتى وإن قتل في معركة مشروعة لا تستيطع أن تجزم له بالشهادة لكن ترجو وتقول نرجوا له الشهادة حتى في عهد النبي – صلى الله عليه وسلم – شهد الصحابة لأحد المقاتلين بأنه كذا وكذا من أهل الجنة ... النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( لا إنه من أهل النار ) يعني انقلبت الأمور انقلاباً تاماً عما يتصورون لأنه أبلى بلاءً حسناً وجاهد جهاداً عظيماً وفتك بالعدو فتكاً يدل -على ظاهره- على أنه -إن شاء الله- مأجور أعظم الأجر وأنه من أعظم الشهداء ومع ذلك فوجئوا بأن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: ( إنه من أهل النار ) لأنه غلًّ تعلق قلبه بدنيا فإذاً المصائر بيد الله ولا يجوز القطع لمعين ،القطع الذي تقسم عليه ؛ لأن مصائر العباد بيد الله لكن مع ذلك نثق بوعد الله نحسن الظن نرجوا للمحسنين ونخاف على المسيئن .

( سابعاً : الكفر الوارد في الألفاظ الشرعية قسمان :

أكبر مخرج من الملة . وأصغر غير مخرج من الملة ويسمى أحياناً بالكفر العملي .

ثامناً : التكفير من الأحكام الشرعية التي مردها إلى الكتاب والسنة فلا يجوز تكفير مسلم بقول أو فعل ما لم يدل دليل شرعي على ذلك ولا يلزم من إطلاق حكم الكفر على قول أو فعل ثبوت موجبه في حق معين إلا إذا تحققت الشروط وانتفت الموانع، والتكفير من أخطر الأحكام فيجب التثبت والحذر من تكفير المسلم ).




أولاً فيما يتعلق بأصل الكفر، الكفر حكم إلهي حكم من الله - عزّ وجلّ – ليس إلى العباد، هذا أولاً.

الأمر الثاني : أن الكفر نوعان : النوع الأول: الكفر الخالص، هذا ليس لنا فيه خيار ولا يجوز أن نخوض فيه من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، هذا كفره متقرر في الكتاب والسنة ليس للعباد فيه خيار، ولا يجوز أن يخوض الناس في مفردات هذه الأمور، بل الخوض بدعة وإثم عظيم في الدين؛ لأن هذا حكم الله الذي لا يتبدل ولا يتغير وليس لنا فيه اجتهاد .

النوع الثاني وهو الذي فيه الخطورة وهو الذي يخوض فيه الناس بشكل أدى إلى كثيرمن الأهواء والبدع قديماً وحديثاً وهو الكفر الذي دونه كفر، الكفر الأصغر أو تكفير المسلم، فهذا هو الذي يكون فيه الخطورة، مع أننا نعلم أن في الشك في تكفير من كفرهم الله - عزّ وجلّ – من الكفار الخلص أيضاً إثماًعظيماً وربما يكون ردة أو كفر- ومع ذلك- قلًّ من المسلمين من يقع في ذلك إلا في الآونة الآخيرة عندما كثرت الشبهات ومع ذلك نعتبر هذا لا يزال من البدهيات عند عامة المسلمين .

إذاً :الأمر الذي يحتاج إلى التقعيد هو النوع الثاني من الكفر وهو ما يقع فيه المسلم من الكفريات، الكفر الذي يقع فيه المسلم طبعاً أيضاً نوعان : كفر مخرج وكفر لا يخرج، وهو الأكثر وهذا يحتاج إلى أن أسرد القواعد بسرعة اغتناماً للوقت -ويعني أرجو أن تعذروني في التفصيل لأن التفصيل أحياناً في مثل هذه المسائل يؤدي إلى الغموض أكثر، فعلى هذا فإني سأقتصر على التقعيد مع أمثلة خفيفة جداً- .

أولاً : الكفر: هو حكم الله - عزّ وجلّ – في العباد، إذاً نعي ذلك جيداً وعلى هذا فإن أي قول فيه بلا دليل بين من الله ، بدون برهان من الله - عزّ وجلّ – فهو قول خطير على صاحبه .

الأمر الثاني : أن التكفير ورد فيه الوعيد . كيف ورد فيه الوعيد؟ النبي – صلى الله عليه وسلم – قال:

( إذا قال الرجل لأخيه: يا كافر فقد باء بها أحدهما ) يعني بذلك أن ولوج واقتحام الإنسان الناس بالتكفير خطر عليهم هم أنفسهم . بعض الناس يظن هذا واجباً عليه إنه ينظر في الخلق ماذا عملوا وفى الناس ماذا ارتكبوا من الأقوال والاعتقادات الكفرية فيحكم عليهم ويظن أن هذا واجبه، يعني هذا ليس لك شأن فيه . واجبك أن تتورع . والله - عزّ وجلّ – يقول: ﴿ وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً ﴾[الاسراء:36].

ثم أيضاً النبي – صلى الله عليه وسلم – كما قلت حذر وجعل الكفرحكماً إلهياً إذا وقع على مَنْ تكفره وقع عليك وكيف تجزم بأنه وقع على من تكفره والأمر خطير .

ثم يتبع هذا قاعدة أخرى وهي: أن تكفير الناس بأفعالهم من اختصاص الراسخين في العلم لأنه خطير من قضايا الدين الكبرى ولأنه حكم على العباد أشبه بالحكم القضائي الذي لا يكون إلا من قاض تتوافر فيه شروط القضاء بل هو أشد من ذلك ؛لأنه حكم بحكم الله على العباد وهذا لا يمكن أن يتأتي إلا لعالم راسخ في العلم مستوعب لشروط التكفير وضوابطه وموانعه ويكون أيضاً ممن عنده القدرة على التثبت وعنده القدرة على إقامة الحجة على الأفراد والجماعات والهيئات التي يكفرها الناس وأنى يتهيأ هذا إلا لعبرة وبعض الناس يظن تكفير الناس في ذمته فيجازف ويبدأ يحكم على الخلق .

إذاًَ : يتبع هذه القواعد قاعدة أخرى مهمة جداً وهي: أن أغلب ما وصفه النبي – صلى الله عليه وسلم – من أعمال المسلمين بالكفر هو الكفر الذي لا يخرج من الملة، بل أقول يندر أن يكون مما وصفه النبي – صلى الله عليه وسلم – من أعمال الكفر التي تقع من المسلمين يندر أن يكون من الكفر المخرج .

هذه مسألة مهمة النبي - صلى الله عليه وسلم – وصف أشياء كثيرة بأنها كفر أقوال وأفعال ومواقف لكنها كلها إلا النادر والنادر لا حكم له، كلها من الكفر الذي لا يخرج من الملة، خذ على سبيل المثال الطعن في الأنساب سماه النبي – صلى الله عليه وسلم – كفراً .

النياحة على الميت سماها كفراً، قتال المسلم سماه كفراً . النبي – صلى الله عليه وسلم – قال ( سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) فهل الكفر مخرج من الملة، إتيان الكاهن كفر سماه كفراً أشياء كثيرة من الأعمال سماها كفراً بل مثل إيمانه – أحياناً- لا يؤمن من يفعل كذا ( لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه ) ( من تشبه بغيرنا فليس منا ) ( من تشبه بقوم فهو منهم ) ( من غشنا فليس منا ) .

نصوص عظيمة كلها لو أخذنا بظاهرها- كما يأخذ بعض المتعجلين المتهورين- لأخرجنا الكثير من المسلمين من الملة - نسأل الله العافية- بل لا يكاد المسلم هذا الذي يكفر نفسه هو وقع في مكفرات لو أنه حاسب نفسه. إذاً كثير من الكفر هو كبائر وليس كفراً مخرجاً من الملة، ثم أيضاً من أجل أن نأخذ بهذه القواعد بتسلسل أيضاً، يعني التكفير له شروط ويقابلها الموانع هذه الشروط حقيقة لو وعاها كثير من الذين وقعوا في غوائل التكفير - نسأل الله العافية- لأحجموا ولما اقتحموا هذا الباب الخطير- عليهم هم أنفسهم قبل الناس- ولذلك الذين اقتحموا هذا الباب الخطير باب التكفير بغير فقه ولا علم ومتى تورعوا أوقعوا أنفسهم- قبل غيرهم- في حرج شديد في الدين . كثير منهم يستبيح قتل نفسه، كيف ؟ لأنه حينما كفَّر الآخر بنى على هذا أحكاماً في تعامله مع الآخر أراد أن يتخلص من هذه الأحكام بأن يقتل نفسه لئلا يقع في غوائل التعامل وما يحدث من خصومة إذاً أعود وأقول شروط التكفير مهمة جداً وهي شروط ثوابت، عليها عمل السلف الصالح لابد من حكمها في المعين .

إذاً: ندخل في شروط التكفير لابد من مقدمة وهي: أن ما يعمله الإنسان المسلمون - أفراداً أو جماعات- من الكفريات لا يجوز تكفير معين بها إلا بعد هذه الشروط أعني أن كثيراً من المسلمين خاصة في العصورالحديثة - أفراداً أو جماعات أو هيئات أو تيارات أو أحزاباً أو فرقاً أو دولاً- يقعون في مكفرات بعضها في ظاهرها مخرج . بعضها من نواقض الإسلام ، حينما يقع هؤلاء الناس أفراداً أو جماعات أو... إلى آخره يقعون في الكفر. هل يعني ذلك حتى الذين وقعوا في ردة مثل المظاهرة مثل الولاء الذي هو نوع من الردة إلخ .

إذا وقع مسلم أو جماعة أو فرقة في هذه المكفرات هل نكفره بعينه بمجرد أن يقع في مكفر؟ بل أغلب من وقعوا في المكفرات قديماً وحديثاً لا يكفرون بأعيانهم، والسلف الصالح- طيلة التاريخ إلى يومنا هذا- واجهوا مما وقع فيه المسلمون - من أنواع الردة أو الكفر أقصد الأنواع التي ظاهرها الردة والكفر- أشياء عظيمة كثيرة جداً ومع ذلك يندر من السلف تكفير الأعيان، فالتاريخ أمامكم ، تاريخ السلف موجود إذاً ليس كل من وقع في مكفر يكفر بعينه حتى تطبق عليه الشروط.

هذه الشروط بإيجاز :

أولاً : ألا يكون من وقع في هذا المكفر مكرهاً، والإكراه وارد

ثانياً: ألا يكون جاهلاً ، والجهل يصرف عن المسلم الكفر

ثالثاً: ألا يكون متأولاً، والتأول بأن الدليل معه يظن أن هذا حلال، وأنه جائز ، التأول السائغ طبعاً .

رابعاً: أن يأمن وجود الالتباس .

الأمر الأخير : أن نعلم أن هذه الكفريات شعب حتى نواقض الإسلام سواء منها: عشرة ،عشرين ، مائة، ألف، خمس. نواقض الإسلام - نفسها – تتشعب، منها ما لا يخرج من الملة، بل منها ما هو صغائر الذنوب وهو يدخل في مفهوم هذه الناقض .

على سبيل المثال المظاهرة، مظاهر المشركين ضد المسلمين منها ما هو من صغائر الذنوب ومنها ما هو من كبائر الذنوب ومنها ما هو كفر دون كفر ومنها ما هو كفر مخرج من الملة .

ولو وقع مسلم أو جماعة أو دولة في هذا النوع من الكفر المخرج فلابد من تطبيق الشروط عليه وأحوال الإكراه اليوم والجهل والتأول كثيرة في الأمة .

فإذاً: أعود وأقول يجب على المسلم أن يتقي الله - عزّ وجلّ – في أمر دينه وأمر المسلمين و أن يحذر ويتورع عن أن يقع في تكفير مسلم لأن ذلك يعود إليه بالضرر، نعوذ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطن .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، هناك علماء يطلقون لفظ الإيمان المطلق و مطلق الإيمان وعندي عدة استفسارات عن المصطلحين هذين ، السؤال الأول : هل بين الإيمان المطلق مطلق الإيمان درجات ؟ يعني أقصد هل الإنسان إذا أطلق عليه يملك الإيمان المطلق وشخص آخر عنده مطلق الإيمان هل بينهما درجات ؟ السؤال الثاني: نلاحظ من تجربة عملية أن الارتقاء في درجات الإيمان ليست من السهولة بمكان يعني تجربة شخصية وتجربة كثير من الزملاء الذين فيهم خير والتزام يعني من عبادات وصيام ومحافظة على الصلوات نلاحظ أن الارتقاء في سلم الإيمان يعني أمر ليس من السهولة بمكان وممكن ندلل على هذا في الآية التي في سورة الحجرات ﴿ قَالَتِ الْأَعْرَابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا ﴾ فإن هذه نزلت في حق الصحابة فهل يمكن الاستدلال بهذه الآية على التجربة العملية هذه ؟

سألتم عن التبرك وعن المقصود بالبركة والأمثلة ثم سألتم عن التبرك البدعي

تقول البركة هي كثرة الخير وزيادته وبركة الزمان كليلة القدر وعلى المكان بالمساجد الثلاثة والأشياء بماء زمزم والأعمال كل عمل صالح خالص النية لله - عزّ وجلّ –

على كل حال إجابات جيدة في الحقيقة متقنة وتدل على الجدية والاهتمام ، نسأل الله للجميع التوفيق والسداد وأن يفقهنا جميعاً في الدين ويجعل عملنا خالصاً لوجهه الكريم .

ورد في أحد الأمثلة عند إحدى الأخوات التي أجابت أنها جعلت دعوة أهل القبور من الأمثلة البدعية نعم إذا كانت الدعوة تتضمن دعوة الله - عزّ وجلّ – عند القبور فهذا بدعي، أما دعوة أهل القبور من دون الله فهي شركي، فأرجو التنبه لذلك .

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته يقول النبي – صلى الله عليه وسلم – ( الإيمان بضع وسبعون شعبة أعلاها لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبة من الإيمان ) فمعلوم أن هذه الشعب منها ما تركه ينقض الإيمان وينقص منها فما هي الأعمال التي تفسد لصاحبها الإيمان، هل هي أعمال القلوب وحدها تكفي أم أن هناك أعمال من أعمال الجوارح ما يشترط توافره لإثبات الحكم غير الشهادتين والإقرار باللسان بحقائق الدين ظاهرا وإن لم يأتِ الإنسان بما يوافقها من أعمال الجوارح ؟ وهل المراد حفظ المتون التي ندرسها أم المراد فهم المادة التي ندرسها فقط ؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بالنسبة لحديث أهل الشقاوة ميسر لعمل الشقاوة و أهل الطاعة ميسر لعمل الطاعة. السؤال الثاني: باب الشكوك في الإيمان والاعتقاد هل يدخل في مسألة النفاق أو أنه يكون منافقاً ؟

مسألة الشكوك في الإيمان هذه لابد أن يفصل فيها الشكوك التي تستقر في القلب هذه مرض يجب علاجه لكن لا يعني أن الإنسان خرج من الإيمان، والشكوك ابتلاء من الله - عزّ وجلّ – فالشك العارض هذا دليل قوة الإيمان إذا اندفع بما عند الإنسان من إيمان أقصد أن الخواطر التي ترد، الشبهات العارضة التي بمجرد ما ترد إلى الإنسان إنه ينكرها يعني ينكرها قلبه، يجد النفور منها، يجد أن الإيمان قوي يدفعها. فهذا شكوك عارضة ما تضر لكن أعود إلى ما قلته: الشك الذي يستقر يكون على شكل خواطر مستمرة أو أحياناً بوادر وسواس فهذا في الحقيقة أمر يحتاج إلى علاج ومع ذلك يعني بالأسباب الشرعية : كثرة التفقه في الدين، حضور مجالس الذكر ، كثرة تلاوة القرآن، الأوراد، مجالسة الصالحين- ومع ذلك - إذا الأمر استمر يمكن الإنسان يأخذ علاج نفسي .

أعود وأقول: ليطمئن السائل مهما بلغت الشكوك لأنها لا تعني أن الإنسان يخرج من الإيمان أبداً بل يبقى- إن شاء الله- متفائلاً وربما يؤجر على مثل هذ الدفاع الذي يدافع به عن نفسه وعن يقينه وعن إيمانه.

أول السؤال كأنه غامض .

في الحقيقة مثل هذه الألفاظ الإيمان المطلق ومطلق الإيمان من الألفاظ الفلسفية التي ما وراءها طائل وما ورد بها الشرع ولا أريد أن أشغل الأخوة المستمعين والمشاهدين بها لأنها بين عموم وخصوص، فبعضها يتعلق بالعمل وبعضها يتعلق بالعمل والتصديق فالإيمان المطلق أو مطلق الإيمان كله له لوازم كله يلزم منه العمل وعلى هذا فإن العمل لا ينفك عن الإيمان وأظن الأخ أيض أجاب من خلال السؤال بما يدل على أنه فهم قضية التداخل بين الإيمان المطلق ومطلق الإيمان وبين أيضاً لوازم ذلك من الأعمال .

فعلى هذا فإن الارتقاء كما ذكر في درجات الإيمان يقول: إنه ليس سهلاً . هو في الحقيقة سهل من جانب وصعب من جانب آخر، هو سهل من حيث أنه يتناسب مع ما فطر الله عليه الإنسان ويتناسب مع التركيبة النفسية والعقلية والقلبية لبني آدم بمعني أن الإنسان إذا صدق وصدق قلبه لارتقاب الأعمال وجد ذلك سهلاً لكن مع ذلك نظراًَ إلى أن القلب والعقل والنفس يعتريها الأهواء والشبهات والعوارض والموانع والقواطع وما أكثرها من وساوس الشيطان وجلساء السوء والبيئة والواقع الذي يدفع الإنسان إلى ما يضعف مايضعف إيمانه، نعم هذه أمور تحتاج إلى جهاد. فعلاً الارتقاء في درجات الإيمان ليس سهلاً .

أيضاً أحب أن أذكر السائل بحكمة أقرها السلف وهي ليست حديث هي حكمة من الحسن البصري ، يقول : الإيمان ما وقر في القلب وصدقه العمل. فهو مجرد دعوة إن ظهر العمل مصدقاً للدعوة فإن الدعوة تكون صحيحة وإلا تبقى مجرد دعوة أريد أيضاًَ أن أنبه على دعوى كثير من الناس أنه إذا قيل له: لما تفعل ولما لا تفعل؟ إذا أُمر بمعروف أو نُهي عن منكر ضرب صدره بيده وقال: التقوى هاهنا. هذه في الحقيقة مقولة خطيرة ، دعوى أن التقوى هاهنا تحتاج إلى تطبيق، الله - عزّ وجلّ – يحاسبك على العمل فماذا عملت تجاه هذه الدعوى، وإلا ستبقى مجرد خدعة إما أن يخدع الإنسان نفسه أو يخدعه الشيطان ويخدع الآخرين، نسال الله العافية .

تقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته متى يكون الإسلام والإيمان بمعنى واحد ومتى يكونان مختلفان؟

يكون الإسلام والإيمان بمعنى واحد إذا وجدا في لفظ واحد إذا جئنا بإطلاق الإسلام فإنه يعني الإيمان والإسلام في وقت واحد وكذلك الإيمان إذا جاءت وحدها فإنها تعني الإسلام والإيمان في وقت واحد أما إذا اقترنت اللفظتان في سياق واحد فكل واحدة لها معنى مع وجود المعنى المشترك كما ذكرت في أول الدرس.

الذي كان يسأل: عن شعب الإيمان

نعم منها خاصة ترك الصلاة الإعراض عن الدين بالكلية ينقض بالكلية، أيضاً الأعمال التي فيها شرك يعني نواقض الإسلام العملية هي أعمال تخرج من الملة وعلى هذا فإن الإسلام لابد أن يكون له حقيقة كما أن الإيمان لابد له أن يكون له حقيقة الإسلام والإيمان لابد أن تكون لهما حقيقة وقد تنقض هذه الحقيقة بعض الأعمال وعلى هذا فإن الذين يزعمون أنه يتحقق الإيمان الكامل أو الإيمان بمفصل عن الأعمال هم الذي قالوا إنه ليس هناك من الأعمال ما يخرج من الملة .

وهذا في الحقيقة مناقضة لقطعيات النصوص فإن الأعمال الشركية إذا توافرت فيها الشروط على الشخص بأن وقع في شرك خالص فإنها تخرج . وهي عمل بل حتى الأقوال الشركية تخرج من الملة .

وكذلك أحوال القلوب فالقلوب- وهي بين العبد وبين ربه مثل النفاق الخالص- يخرج من الملة .

نعم أعود وأقول لأن المسألة تثار عند كثير من الناس وهناك من يزعم أنه ليس هناك عمل يخرج من الملة فهذه مقالة خطيرة بل كل الأعمال الشركية وأعمال الردة وما يناقض الإسلام بل حتى أفعال الترك التي ليست مجرد فعل الشركيات والكفريات . الترك الذي هو الإعراض عن الدين بالكلية مخرج من الملة، ترك الصلاة بالكلية مخرج من الملة وهكذا .

أيضاً الترك على سبيل الجحود ببعض الأعمال التي ربما لا تكون من أركان الإسلام لكن من باب حجود أن تكون من الحق الذي ثبت في قطعيات النصوص فهذا أيضاً يخرج نعم .

تقول ما حكم قول الحمد لله الذي بنعمته يهتدي الهادون وبعدله ضل الضالون، لأن هناك من قال لنا بأن هذا لا يجوز ولا يليق لأن الله هدى الإنسان النجدين وإنما يعذبهم على اختيارهم الشر عدلاً ولهذا شواهد كثيرة لعلها تكون في القدرية ؟

لا حرج فهذا حق يعني الله - عزّ وجلّ – برحمته وإحسانه يعني فيه قصد الترادف فلا حرج، أنا أظن هذا الدعاء لا عيب فيه فيما يظهر لي .

تقول ما حكم ما تقول به معلمات القرآن من تعليم الصغيرات القرآن وتحفيظهن السورة بعمل بعض الحركات مثلا : ﴿والسماء وما بناه ﴾ تقوم بالإشارة إلى أعلى ﴿والأرض وما طحاه ﴾تشيرإلى أسفل وهكذا... وهل في هذا احترام وتعظيم للقرآن حيث أصبح يتلى وكأنه نشيد مصاحباً للحركات البدائية ؟

نعم الحقيقة هذا فيه تفصيل وفيه نظر أيضاً في الجملة . أولاً: في هذا الأسلوب نوع تحفظ شرعاً لكن ومع ذلك فإن كانت هذه الحركات بدون قصد من المعلمة يعني تعودت بعض المعلمات وكذلك بعض المعلمين إنه يستعمل الحركات كوسيلة إيضاحية دون أن يشعر لأنه يطبق أمر غيبي هذا الأمر- إن شاء الله- أرجو ألا يكون فيه حرج ، لكن إذا كان هذا منهج يعني أسلوب يلتزم في تعليم القرآن فأظن فيه خطورة لأن كثير من الأمور التي ورد ذكرها في القرآن أمور غيبيه.

فعلى هذا إذا ما تعلق بالأمور الغيبية فعلى الأقل أرى أنه مشتبه والأولى الابتعاد عنه ، إذا ما تعلقت الإشارة بأمر غيبي مثل الإشارة إلى أسماء الله - عزّ وجلّ – وصفاته بالإشارات المادية التي لم يفعلها النبي - صلى الله عليه وسلم – فهذا خطير في الدين ويجب تجنبه وكذلك أمور الغيب الأخرى أحوال القبر والبعث والحساب والجنة والنار لا يجوز تمثيلها بحركات أو بمسائل مادية ولا بصور.

ومن هنا أنبه إلى ما يقع فيه كثير من الذين يستخدمون بعض وسائل الوعظ في التخويف من النار والوعيد بالجنة أو تقييم بعض المعاصي باستعمال صور، تصور الجنة على هيئة معينة والنار على هيئة معينة أو عذاب القبر أو نعيم القبر، أنا أرى أن هذا أمر لا يجوز بل يجب سده لأنه باب فتنة يمثل غيبيات على أمور محسوسة تنطبع في أذهان الأجيال فيقعون في أخطاء فادحة في الاعتقادات، وهذا ما وقعت فيه الأمم السابقة مثلوا الملائكة بنساء جميلات فتفهمت أجيال منهم أن الملائكة إناثاً، هذا جاء على سبيل مجرد وسيلة إيضاح في البداية والله أعلم .

كذلك مثلوا كثير من الغيبيات عندهم بأمثلة وصور فربطوا هذا بتقديس الغيبيبات، فإذا الأمر خطير وأرى أن نبتعد عن مثل هذه الوسائل وخاصة في تعليم القرآن إلا ما يأتي من غير قصد في غير تمثيل الغيبيات، وأرجو أن يكون عفواً .

هل نطلق الإيمان على شخص معين ؟

يعني يقال هذا كامل الإيمان ؟

نعم الكمال النسبي الذي عليه المخلوق يقال: إنه مثلاً بعض العباد كامل الإيمان الكمال النسبي الذي يتصف به البشر فلا حرج في ذلك إن شاء الله .

لكن لا يكون على سبيل التزكية المطلقة إنما على سبيل التفاؤل وعلى سبيل المدح والثناء والترغيب، فيقال: فلان - ما شاء الله - كامل الإيمان وعلى شرط ألا نقصد به الكمال الذي عند الله - عزّ وجلّ – إنما فيما يظهر لنا، أرجو ألا يكون في ذلك حرج .

هل يحكم على الإنسان الكافر الخالص الكفر أنه خالد في النار بعد موته ؟ وكذلك تارك الصلاة ممن يعتقد وجوبها ولكن تركها عمداً من غير عذر شرعي هل يعتبر هذا الفعل كفراً يخرج من الإيمان ؟

أما الكافر المعين فلا يجوز أن نجزم بمصيره. الحكم العام لابد منه من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله يدخل النار مقتضى حديث النبي - صلى الله عليه وسلم – الصريح الصحيح ، قطعيات النصوص هذا حكم عام ويدخل فيه الأفراد، لكن أولاً: يجب أن نفهم أننا لسنا متعبدين بالحكم على الأعيان إذا ماتوا -حتى الكافر- يعني لسنا متعبدين بأننا ننتبع فلان بن فلان الذي مات على الكفر الخالص ننتبعه ونظهر اتجاهه واعتقاد معين إلا الحكم العام، الحكم العام هذا ليس لنا هو إلى الله - عزّ وجلّ – فإذاً: المعين في الحقيقة أرى أن المسلم يجب أن يتورع من الجزم بحاله حتى ولو كان كافراً خالصاً. لماذا ؟

لأنه يشمله الحديث لأنه قد يكون أسلم في آخر لحظة ولم يتبين لنا حال إسلامه أليس هذا وارداً ؟ إذا كان وارداً، لماذا نتأله على الله ونحكم بمسائل غيبية؟ وهذا لا يدخل في معارضة حكم الله القاطع في الخلود بالنار لمن لم يكن مسلماً، لا ما يتعارض؛ لأننا نحكم عليه الحكم العام، أما الحكم المعين فإننا لا ندري عن مصيره الذي الله - عزّ وجلّ – توفاه عليه.

يقول السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ذكرتم عدم جواز الحكم على الناس بالتأله بدخول الجنة أو بدخول النار لأن ذلك حكم الله وحده وأيضاً لا يجوز تكفير مسلم أياًَ كان بدون دليل من الله فما هي كفارة من وقع في هذا الخطأ ؟

من تاب إلى الله - عزّ وجلّ – جعل التوبة تجبُّ ما قبلها بل التائب بصدق يبدل الله سيئاته حسنات فيتوب إلى الله - عزّ وجلّ – توبة صادقة وإذا كان حكماً على معينين أحياء يستطيع أن يستحلهم فيجب أن يستحلهم وإلا فيدعو لهم ولو أمكن ممن ابتلي بحكم العام على الخلق أن يصدر بياناً في ذلك وسائل البيان الآن نُفُرَة، يصدر بياناً بذلك فيقول: أرجو كل من وقع في حقه مني شيء أن يعفوا عني ويسامحني.

فالحمد لله اليوم وسائل البراءة من هذه المواقف الشنيعة متوفرة فليبذل جهده ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها ومن لم يستطع أن يصل إليه يكفيه أن يتوب بينه وبين ربه والله يتولى ما بينه وبين عباده .

يقول هل المقصود عندما نقول: أن نجزم لأحد أنه من أهل النار هل هذا وهو حي أو حتى بعد موته , فلو مات النصراني أو اليهودي فلا نقول أنه من أهل النار ؟

من لم يكن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول ومات على ذلك فهو من أهل النار جزماً هذا حكم عام، أما المعين فما قلته قبل قليل هو الجواب. المعين لا لأننا نشك أن الكافر من أهل النار لكن لا نحكم عليه بعينه باسمه لأننا لا ندري على أي حال مات .

فالاستثناء ليس لأنه كافر إنما الاستثناء لأننا لا ندري عن مصيره الذي لا يعلمه إلا الله وحده، فأرجو أن يكون بهذا لا ينسحب على الحكم العام .

طبعاً الحي قبل أن يموت لا يتأتي أننا نجزم له بالنار لماذا ؟ لأنه قد يتوب توبة ويعلنها هذا أصلا لا تتوجه إليه الأحكام إلا على حاله تتوجه على حاله التي هو عليها يقال: إن بقي على حاله إن بقي على ما هو عليه فهو من أهل النار استثناء، لكن هل تدري ؟ ربما يتوب كم الذين الآن يدخلون الدين يدخلون أفواجاً ولله الحمد على مستوى العالم كله أفواجاً يعدون أحياناً في اليوم الواحد بآلاف في بعض الظروف والمناسبات خاصة عند الحوادث وعند المناسبات الإسلامية التي يكون فيها لفت نظر للإسلام .

فإذاً: هؤلاء كانوا على الشرك والكفر ثم تابوا ، فالأحياء لا يتأتي الحكم إلا على حالهم التي عليها ومصائرهم في الآخرة كذلك، كيف تستطيع أن تحكم بحكم على شخص وهو لم يمت ؟



توقيع مفكرة إسلامية
نرجو من الجميع الإطلاع عليها , والالتزام بها -بارك الله فيكن-
وَأَرْجُوهُ رَجَاءً لا يَخِيْبُ ~
مفكرة إسلامية غير متواجد حالياً