عرض مشاركة واحدة
قديم 11-03-08, 12:28 PM   #5
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الركن الرابع
الذي لا بد منه حتى يكون العبد محققاً للإيمان بأسماء الله الحسنى : هو أن يدعو ربه بها


والدعاء هنا يشمل النوعين : دعاء العبادة - ودعاء المسألة


1-دعاء العبادة يقتضي أن يتعبد العبد لربه بمقتضى هذه الأسماء فتؤثر معرفة هذه الأسماء في عبوديتنا الظاهرة والباطنة.


هناك أسماء لله عز وجل أيها الأحبة يحب من عباده أن يتصفوا بموجبها فهو تعالى عفو يحب العفو وأهله , جواد يحب الجود وأهله, جميل يحب الجمال , رحيم يحب من عباده الرحماء , وتر يحب الوتر, رفيق يحب الرفق, حكيم كريم ماجد محسن ودود صبور شكور, يُطاع فيشكر ويُعصى فيغفر , ولا أحد أحب إليه الثناء من الله تعالى, والله محسن يُحب المحسنين, طيب يحب كل طيب, عليم يحب العلماء من عباده , كريم يحب الكرماء, قوي والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف, بر يحب الأبرار, عدل يحب أهل العدل, حيي ستير يحب أهل الحياء والستر, عفو غفور يحب من يعفو عباده ويغفر لهم ويتجاوز عن زلاتهم وأخطائهم و إساءاتهم, وهو صادق يحب الصادقين, ولمحبته تعالى لمقتضيات أسمائه جل جلاله أمر عباده بموجبها ومقتضاها فأمرهم بالعدل والإحسان والبر والعفو والجود والصبر والمغفرة والرحمة والصدق والعلم والشكر والحلم والأناة والتثبت وما إلى ذلك ’ وهذا كله يرجع إلى الأسماء التي يليق بالعبد أن يعمل بمقتضاها أو كما يعبر بعضهم أن يتعبد الله عز وجل بها, فالكبر مثلاً؛ الله من أسمائه المتكبر فلا يليق بالعبد أن يقول أريد أن أحقق هذه الصفة لأن الله عفو يحب العافين عن الناس وكريم يحب الكرماء فهو المتكبر يحب المتكبرين!


لا , الكبر لا يصلح إلا للخالق جل جلاله , وهكذا ما كان من الصفات التي لا تليق بالمخلوق أن يتصف بها


والمقصود أيها الأحبة أن أكمل الناس عبودية لله عز وجل هو المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر مما يصلح لمثلهم أن يتصفوا به, فلا تحجبه عبودية اسم من هذه الأسماء عن عبودية اسم آخر, كمن يحجبه مثلاً التعبد لله باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم,, أو التعبد بأسماء التودد والبر واللطف والاحسان عن أسماء العدل والجبروت والعظمة ونحو ذلك


هذا بالنسبة للتعبد بأسمائه تعالى.


2-والنوع الثاني مما يتصل بالتعبد بها أيضاً وهو السؤال .


فيسأل العبد ربه والله يحب الداعين والسائلين (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)) فيسأل ربه تعالى بهذه الأسماء الحسنى في كل مقام بما يناسبه ويليق به, فالله تبارك وتعالى يحب من عبده أن يفعل ذلك ,


فيقول الداعي: اللهم اغفرلي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم


كما جاء في الأدعية التي ذكرها الله تعالى في كتابه (( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم))


(( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب))


وسليمان عليه السلام (( قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب))


والخليل وإسماعيل عليهما السلام كان من دعائهما (( وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم))


وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور.


ولما سألته عائشة رضي الله عنها عما تدعو به في ليلة القدر علمها أن تقول : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني


فلا يقول اللهم إنك أنت القوي العزيز الجبار فاغفر لي!


وإنما يقول يا غفور اغفر لي ويا رحيم ارحمني ويا رزاق ارزقني ويا جبار اجبرني... وهكذا في كل مقام بحسبه.


وإذا تأملت الثناء والدعاء على الله في القرآن: وجدت أن الثناء غالباً يأتي مضافاً لأسماء الله الحسنى الظاهرة دون الضمائر , نقول الحمد هذا ثناء , إضافة المحامد إلى الله عز وجل, وتكريره ثانياً هو الثناء, وذكره ثالثاً هو التمجيد


كما قال ابن تيمية رحمه الله


الحمد لله , أضافه إلى اسمه تبارك وتعالى الظاهر هنا , يعني ما أضافه إلى الضمير ما قال الحمد له , قال الحمد لله رب العالمين


الرحمن الرحيم أضاف الحمد بأسمائه الظاهرة


وسر ذلك - والله أعلم - كما يقول الحافظ ابن القيم: بأن تعليق الثناء بأسمائه الحسنى لما تضمنته معانيها من صفات الكمال ونعوت الجلال فيأتي بالإسم الظاهر ولا يأتي بالضمير- لماذا؟ لأن الإسم الظاهر له دلالات لا يؤديها الضمير, لو تقول الحمد له فإن الضمير هنا لا يدل على صفة , لكن حينما تقول الحمد لله ( الله تعالى) هذا الاسم الكريم متضمن لصفة الإلهية وصفة الإلهية تتضمن كثيراً من الصفات


فإنه لا يكون إلهاً إلا من كان رباً, إلا من كان قادراً حكيماً عليماً مدبراً لهذا الكون يفعل ما يشاء, لا راد لحكمه ولا معقب لقضاءه ’ هذا هو الإله, ولهذا تقول الحمد لله الحمد لربي الحمد لخالقنا الحمد للكريم الحمد للعزيز الجبار المتكبر


فأنت تضيف الحمد أو الثناء للأسماء الظاهرة من أسماء الله الحسنى ولا تضيفه إلى الضمائر وذلك لأن هذه الأسماء تدل على أوصاف الكمال التي استحق الرب جل جلاله الحمد من أجلها ..


وأما الدعاء فإنه يأتي غالباً متعلقاً باسم الرب تبارك وتعالى


لماذا؟


أكثر دعاء الأنبياء كما قال الشاطبي وقال ذلك أيضاً الحافظ ابن القيم يأتي مع اسم الرب إذا تأملت ((ربنا ظلمنا أنفسنا)) (( ربنا فاغفر لنا ذنوبنا)) (( رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم ))


وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين : رب اغفر لي رب اغفر لي , وسر ذلك والله أعلم أن العطاء والتدبير والمنع والتصريف كل ذلك من معاني الربوبية, فإذا قال العبد رب اغفر لي فإنما يصدر من الرب تعالى من غفرٍ أو رزق أو إحياءٍ أو إماتة أو غير ذلك كل هذا من معاني ربوبيته


فإذا دعا العبد قال رب ارزقني, رب انصرني, رب اغفر لي وهكذا والله تعالى أعلم , فنحن نثني على الله تعالى بإلهيته المتضمنة بإثبات جميع ما يجب له من الصفات العُلى والأسماء الحسنى, ونسأله تعالى بربوبيته , وعلى كل حال انظر وتأمل ما في القرآن ((سبحان الله ))


((سبحان ربك رب العزة عما يصفون)) ((سبح لله ما في السماوات والأرض)) ((تبارك الله رب العالمين)) وما شابه ذلك.


هذه أربعة أركان لا بد منها للعبد حتى يؤمن بأسماء الله تبارك وتعالى وقد ذكر الحافظ ابن القيم في نونيته معتقد أهل السنة والجماعة في هذا الباب, قال:


واشهد عليهم أنهم قد أثبتوا **** الأسماء والأوصاف للديان


وكذلك الأحكام أحكام الصـ **** ـفات وهذه الأركان للإيمان


قالوا عليمٌ وذو علم ويعلم **** غاية الإسرار والإعلان


إلى أن قال :


والوصف معنىً قائم بالذات **** والأسماء أعلام له بمزان


أسمائه دلت على أوصافه **** مشتقة منها اشتقاق معاني


وصفاته دلت على أسمائه **** والفعل مرتبط به الأمران


والحكم نسبتها إلى متعلقات **** تقتضي آثارها ببيان



هذه أمور أربعة..



توقيع سمية ممتاز
,,



التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 05-04-08 الساعة 02:21 AM
سمية ممتاز غير متواجد حالياً