نفع الله بك الأمة
|
قال:
أى بنى! والله ماأعلم أحدًا اليوم على ماكنت عليه , لقد هلك الناس ,وبدلوا, وتركوا أكثر ماكانوا عليه إلا رجل بالموصل , وهو فلان , فهو على ماكنت عليه فالحق به.......
.قال :
فلما مات وغُيِّبَ لحقت بصاحب الموصل , فقلت له : يافلان إن فلانا أوصانى عند موته أن ألحق بك , وأخبرنى انك على أمره.
قال :
فقال لى: أقم عندى, فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه, فلم يلبث أن مات ,
فلما حضرته الوفاة قلت له : يا فلان ! إن فلانا أوصى بى إليك , وأمرنى باللحوق بك , وقد حضرك من الله عز وجل ماترى ,فالى من توصى بى وماتأمرنى ؟
قال :
أى بنى ! والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه إلا رجلا بنصيبين, وهو فلان , فالحق به.
فلما مات وغُيِّبَ , لحقت بصاحب نصيبين فجئتُه, فأخبرته بخبرى , وما أمرنى به صاحبى ,
قال :
فأقم عندى, فاأمت عنده , فوجدته على أمر صاحبه , فأقمت مع خير رجل , فوالله مالبث أن نزل به الموت ,
فلما حُضر , قلت له : يا فلان ! إن فلانا كان أوصى بى إلى فلان ,ثم أوصى بى فلان إليك , فالى من توصى بى وماتأمرنى ؟
قال :
أى بنى ! والله ما نعلم أحدًا بقى على أمرنا آمرك أن تأتيه, إلا رجلاً بعمورية, فإنه بمثل ما نحن عليه , فإن أحببت فأته
قال :
فإنه على أمرنا .
قال :
فلما مات وغُيِّب , لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبرى ,
فقال : أقم عندى , فأقمت مع رجل على هدى أصحابه وأمرهم .
قال :
قال: واكتسبت حتى كانت لى بقرات وغنيمة ,قال : ثم نزل به أمر الله , فلما حُضر ,
قلت له :
يافلان ! إنى كنت مع فلان ,فأوصى بى فلان إلى فلان , وأوصى بى فلان إلى فلان ,ثم أوصى بى فلان إليك , فإلى من توصى وماتأمرنى ؟
قال : أى بنى ! ماأعلم أصبح على ماكنا عليه أحد من الناس آمرك ان تاتيه , ولكنه قد اظلك زمان نبىّ ,هو مبعوث بدين ابراهيم , يخرج بارض العرب , مهاجرًا إلى أرض بين حرَّتين(1) ,بينهما نخل ,به علامات لاتخفى ,يأكل الهدية ,ولا يأكل الصدقة ,بين كتفيه خاتم النبوة , فإن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل ,
قال :
ثم مات وغُيِّب ,فمكثت بعمورية ماشاء الله أن أمكث , ثم مر بى نفر من كَلب تجارًا ,
فقلت لهم : تحملونى إلى أرض العرب وأعطيكم بقراتى هذه وغنيمتى هذه ؟ قالوا : نعم , فاعطيتموها
(*), وحملونى , حتى إذا قدموا بى وادى القرى ظلمونى ,فباعونى من رجل من اليهود عبدًا ,
فكنت عنده , ورأيت النخل , ورجوت أن تكون البلد الذى وصف لى صاحبى, ولم يحق لى فى
نفسى ,فبينما أنا عنده , قدم عليه ابن عم له من المدينة من بنى قريظة , فإبتاعنى منه, واحتملنى
إلى المدينة , فوالله ماهو إلا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبى , فأقمت بها .
وبعث الله رسوله ,فأقام بمكة ماأقام ,لاأسمع بذكر, مع ماأنا فيه من شغل الرق ,ثم هاجر إلى المدينة ,
فوالله إنى لفى رأس عَذق (2) لسيدى أعمل فيه بعض العمل ,وسيدى جالس إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه
فقال :فلان !قاتل الله بنى قيلة , والله إنهم الآن لمجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون إنه نبى ,
قال :
فلما سمعتها أخذتنى العرواء(3) حتى ظننت إنى سأسقط على سيدى .
قال :
ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك :ماذا تقول ماذا تقول ؟
قال :
فغضب سيدى فلكمنى لكمة شديدة , ثم قال : مالك ولهذا ؟! أقبل على عملك,
قال :
قلت :لا شىء إنما أردت أن استثبت عما قال.
وقد كان عندى شىء قد جمعته , فلما أمسيت أخذته , ثم ذهبت به إلى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وهو بقباء ,فدخلت عليه فقلت له:
إنى قد بلغنى أنك رجل صالح , ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة ,وهذا شىء كان عندى للصدقة , فرأيتكم أحق به من غيركم , فقربته إليه و فقال رسول الله- صلى الله عليه وسلم- لأصحابه :كلوا ,وأمسك يده فلم يأكل
قال :
فقلت فى نفسى :هذه واحدة , ثم انصرفت عنه ,
فجمعت شيئا , وتحول رسول الله-صلى الله عليه وسلم- إلى المدينه ثم جئت به فقلت :
إنى رأيتك لاتأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها ,
قال :
فأكل رسول الله-صلى الله عليه وسلم- منها و وأمر أصحابه فأكلوا معه ,
قال :
فقلت فى نفسى : هاتان اثنتان .
ثم جئت رسول الله-صلى الله عليه وسلم-وهو ببقيع الغرقد
قال:
وقد تبع جنازة من أصحابه ,عليه شملتان له , وهو جالس فى أصحابه فسلَّمت عليه ,
ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذى وصف لى صاحبى , فلما رأنى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-استدرته ,عرف إنى أستثبت فى شىء وُصِفَ لى ,
قال :
فألقى رداءه عن ظهره, فنظرت إلى الخاتم , فعرفته , فانكببت عليه أقبله وأبكى ,
فقال لى رسول الله-صلى الله عليه وسلم- : تحول , فتحولت , فقصصت عليه حديثى –كما حدثتك يا ابن عباس -
قال :
فأعجب رسول الله-صلى الله عليه وسلم- أن يسمع ذلك أصحابه .
ثم شغل سلمان الرق حتى فاته مع رسول الله –صلى الله عليه وسلم- بدر وأُحد ,
قال :
ثم قال لى رسول الله –صلى الله عليه وسلم- :كاتب يا سلمان !
فكاتبت صاحبى على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير(4) بأربعين أوقية ,
فقال رسول الله-صلى الله عليه وسلم- :" أعينو أخاكم " . فأعانونى بالنخل ,
الرجل بثلاثين ودية (5), والرجل بعشرين , والرجل بخمسة عشرة , والرجل بعشر , - يعنى الرجل بقدر ماعنده –حتى اجتمعت لى ثلاثمائة ودية
فقال لى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- :"اذهب ياسلمان ففقِر(6)لها ,فاذا فرغت فأتنى أكون أنا أضعها بيدى",
ففقرت لها ,وأعاننى أصحابى ,حتى إذا فرغت منها جئته , فأخبرته ,
فخرج رسول الله-صلى الله عليه وسلم-معى إليها ,نقرب له الودى , ويضعه رسول الله-صلى الله عليه وسلم- بيده ,
فوالذى نفس سلمان بيده ماماتت منها ودية واحدة ,
فأديت النخل , وبقى علىَّ المال ,
فأتى رسول الله-صلى الله عليه وسلم-بمثل بيضة من ذهب من بعض المغازى ,
فقال :"مافعل الفارسىّ المُكاتب ؟"
قال :
فدعيت له
فقال : خذ هذه فأد بها ماعليك ياسلمان !
فقلت :
وأين تقع هذه يارسول الله مما على ؟
قال : خذها فان الله –عزوجل- سيؤدى بها عنك .
قال :
فاخذتها فوزنت لهم منها – والذى نفس سلمان بيده - أربعين أوقية ,
فأوفيتهم حقهم ,
وعُتقت ,
فشهدت مع رسول الله-صلى الله عليه وسلم- الخندق ثم لم يفتنى معه مشهد .
يُتْبعُ قريبا بإذن الله تعالى...
_____________________________________
الحاشية:
(1) الحرة :أرض ذات حجارة سود نخرة , كأنها أحرقت بالنار .
(*) الظاهر أنه تصحيف.....ولعل الصواب أن تكون الكلمة هى"فاعطيتهموها " كما ورد فى الجامع الصحيح ماليس فى الصحيحين ج11 ص83-للشيخ مقبل.
(2) العدق –بفتح العين-: النخلة بحملها ,
والعد ق –بالكسر-: الكباسة, وهو من التمر كالعنقود من العنب .
(3) يريد : الرعدة , والعرواء : "برد الحمى أول مسها ".
(4) الفقير :هى حفرة تحفر للفسيلة اذا حولت لتغرس فيها
(5) واحدة الودى: وهو صغار الفسيل , والفسيلة: هى النخلة الصغيرة تقطع من الام او تقلع منالارض فتغرس, وهو ايضا جزء من النبات يفصل عنه ويغرس.
(6) فَقِرلها : اى احفر لها موضعا تُغرس فيه , واسم تلك الحفرة : فقرة وفقير ,"النهاية".
(7)اخرجه أحمد فى"المسند" وابن سعد فى" الطبقات" , والهيثمى فى"المجمع"(9/332-336) , ومما قاله :"رواه احمد كله والطبرانى فى" الكبير"بنحوه باسنيد . واسناد الرواية الاولى عند احمد والطبرانى رجالهما رجال" الصحيح" غيرمحمد بن اسحاق وقد صرح بالسماع ...." قال شيخنا حفظه الله :وروى قطعة منه الحاكم (2/16) من هذا الوجه وقال :"صحيح على شرط مسلم " , ووافقه الذهبى بهذا . كذا قالا .
|