عرض مشاركة واحدة
قديم 20-08-12, 03:11 PM   #25
أم عبد الرحمن مصطفى
مسئولة فريق العمل الفني
افتراضي

الوسواس

-- (87)
إن أول ما ينبغي معرفته عن الوسواس أنه كلما اشتدت المقاومة كلما اشتد الوسواس!!
وإن أحسن العلاج بعد حسن الاستعانة بالله هو عبقرية التجاهل!

قال النبي صلى الله عليه وسلم:"يأتي الشيطان أحدكم فيقول : من خلق كذا ، من خلق كذا ، حتى يقول : من خلق ربك ؟ فإذا بلغه فليستعذ بالله ولينته" رواه البخاري

فلم يقل النبي صلى الله عليه وسلم فليقاومه أو فليجادله أو فليقارعه بالحجة بل قال فلينته والانتهاء هو قمة التجاهل

وهذا يجعل من المهم بمكان التفريق بين ..

-- (88)
فرق بين الوسواس والشبهة
فالوسواس يعرف صاحبه جيدا أنه يرفضه وأنه خطأ وأن هذا الذي يلقى في نفسه يضيق به صدره
وغالبا لديه إجابة
ولكن كثرة تردد الوسواس في صدره لا تجعل إجابته شافية له.

أما الشبهة فهو لا يعرف إجابتها ويحتاج للسؤال عنها.


-- (89)
الوسواس أنواع
فأشهر نوع هو وسواس الطهارة

ومنه ما هو معروف السبب والذي يكون علاجه تعلم أحكام الطهارة، ومعرفة أن اليقين لا ينتقض بالشك
وهو نوع خفيف جدا وعلاجه يسير بمجرد تعلم الحكم الشرعي مع قليل من التجاهل له

ومنه ما ليس له سبب ولا يعالج بمجرد التعلم
مثل تكرار غسل الأيدي بصورة مرضية أو الشعور بالحاجة لتكرار فعل معين دون سبب مقنع

قد يحتاج الأمر لزيارة طبيب نفسي على أن يكون عالما بالشرع غير أنني لا أحبذ التسرع في ذلك، وربما كانت الاستشارت الودية أقرب وأفضل، وإنما ذلك لعلة قد لا ينتبه إليها البعض ولو كان من المتخصصين، حيث أن العرف العام في بلاد العرب أن الذهاب للطبيب النفسي "مشكلة" وقد يتسبب هذا الشعور لدى البعض في زيادة الوسواس لشعوره بتفاقم المشكلة، مع اتفاق الجميع أن أكثر ما يحتاج إليه الموسوس هو "فن التجاهل"

وهناك نوعان من المعالجين:
من يهتم بالعلاج المعرفي وهو نوع حوار مسلسل بطريقة معينة هدفه الإقناع
ومن يهتم بالعلاج الدوائي


-- 90
نوعية الطعام قد تكون سببا في نقصان بعض العناصر المهمة التي يؤدي نقصانها إلى اضطراب معين في الفكر يؤدي إلى الوسواس

وهناك بعض الأمراض العضوية والنفسية المرتبطة بقضية الوسواس أيضا

فمن المهم أن ينصح صاحب الوسواس بالمحافظة على الأطعمة المفيدة والرياضة كلما أمكن.


-- 91
الإيحاء قد يساعد الموسوس على الشفاء بإذن الله!

فكثيرا ما يعالج الموسوس نفسه بنوع طعام معين يظن أنه يحدث له التوازن المطلوب فيذهب عنه الوسواس!



-- 92
الحزن يزيد الوسواس، والتفاؤل والأمل يقلل منه أو يطرده تماما

وهذا العلاج نجده واضحا جدا في طريقة النبي صلى الله عليه وسلم حينما شكا إليه أصحابه
إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به .

قال : " وقد وجدتموه ؟ "

قالوا : نعم .

قال " ذاك صريح الإيمان " رواه مسلم

وفي الحديث الآخر:"سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسوسة .

قال : " تلك محض الإيمان " .رواه مسلم

فانظر كيف قال النبي صلى الله عليه وسلم لهم: وقد وجدتموه؟؟ كأنه شيء منتظر وعلامة صحة
ما هو تأثير هذه الكلمة على صاحب الوسواس؟؟
يذهب عنه الحزن
يشعر بالراحة : هو يسير في الطريق الصحيح
ثم البشرى أنها محض الإيمان وصريح الإيمان كم تبث في القلب من الانشراح والسعادة؟؟


-- 93
إن فن التجاهل ينفع جدا إذا تعلم المرء كيف يوجه فكره لشيء آخر أشد بريقا وجذبا له
فلابد من تعليم الموسوس كيف يصرف أفكاره إلى أمور أخرى كذكرى بهيجة لديه مثلا

إذا لم يكن في استطاعته أن يصرف فكره فــــــ


-- 94
يحرص على عدم الجلوس وحده أوقاتا طويلة

فيحاول دائما أن يتواجد مع أفراد عائلته أو أصدقائه ويحاورهم ويتحدث معهم في أمور مهمة ومفيدة.


-- 95
من أنجح الطرق في علاج الوسواس الشهير للرياء هو المراغمة والشعور بالتحدي والحرب

ذلك أن المرء إذا عمل طاعة يهاجمه الوسواس يقول "أنت مراء"
فليكن أبلغ رد عليه أن يطيل في طاعته ويزيد عما عزم عليه.
وليستحضر أنها مراغمة للشيطان وحزنا له فيكف شيطانه عن الوسوسة لأن الهدف كان صرفه عن العمل فإذا وجد منه الزيادة خنس بإذن الله تعالى.

وسئل الشيخ الشنقيطي عن رجل لا يدري أيعمل العمل لله أو لغيره.
فقد بدأ بالصمت لحظة وكأنه صمت تعجب
ثم قال
"لا حول ولا قوة إلا بالله، كيف لا يدري؟؟
فهو نوع من تلبيس إبليس عليك يلبس ويشكك على الإنسان هل نيته لله أو لغيره
"

قلتُ: يعضد التعجب ويستنكر ....وهذه الجزئية تعضد وتثبت أن ما يحدث للسائل هو (وسواس) فقط وليس شيئا آخر .

ثم قال:" إذا وجدت في نفسك هذا التشكيك فغظ الشيطان قل ما هي مشكلة من الآن أن أرجو وجه الله ولو كنت لم أقصد وجه الله فأستغفر الله....." اهــ بتصرف شريط رقم 2 من شرح عمدة الأحكام.

وأسلوب الشيخ وكلماته تبث القوة والشعور بالحرب والمراغمة وهذا الشعور من أقوى الأسلحة في هذه الحرب.


-- 96
إن تعلم نبذة عن آلية الوسواس مهمة
لكن التفلسف في ذلك مضر!

دخل فيلسوف أمريكي لبيته فوجده يغرق وابنه ذو الثماني سنوات يحاول منع الماء من التدفق، فبدأ يتأمل في الموقف ويتأمل ويفكر، حتى صاح به الغلام: ليس هذا وقت الفلسفة يا أبي! اخلع قميصك وعاونني على منع تدفق الماء!

فهكذا الوسواس
لو استرسل في محاولة فهم من أين يأتي وأين هو ذاهب وسأرد عليه بكذا وعلام يدل هذا الوسواس؟ ربما يدل على أنني سيء .............الخ!
فهو يفعل تماما مثل هذا الفيلسوف الذي ترك الماء يغرق البيت وجلس يفكر ويتأمل!!
وهكذا يزداد الوسواس

في حين أن معرفة شيء عن الخواطر وطرق التعامل معها وفقه الفروق التي تناولها ابن القيم في آخر كتاب الروح فإن هذا ينفعه بإذن الله.

يتبع بنذة يسيرة عن حديث النفس.



توقيع أم عبد الرحمن مصطفى
دخول متقطع ... دعواتكن لي
مدونتي ... صدقتي الجارية بعد مماتي


أم عبد الرحمن مصطفى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس