الموضوع: مجاهدة النفس
عرض مشاركة واحدة
قديم 18-06-07, 08:30 AM   #2
عبد السلام بن إبراهيم الحصين
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: 08-02-2007
المشاركات: 867
عبد السلام بن إبراهيم الحصين is on a distinguished road
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
جهاد النفس هو طريق خلاصها من كل رذيلة ومعصية، وإنما نقع في المعاصي حين نغفل عن جهادها، أو تغلبنا على مطالبها وهواها..

لكن منذا يطيق أن يكون دائمًا منتصرًا على نفسه وهواه وشيطانه؟؟!!! إن كان أحد كذلك فإنما هو من عصمه الله تعالى، فلم يقع في ذنب قط، حتى الأنبياء والرسل يمكن أن يقع منهم الذنب، لكن يتوبون منها، وإنما تقع منهم صغائر الذنوب دون كبائرها، وهذه عقيدة أهل السنة والجماعة، ويدل عليها دلائل كثيرة، وإنما يقع الذنب عند ضعف المجاهدة، قال تعالى: {ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما}، وقال: {فعصى آدم ربه فغوى، ثم اجتباه ربه فتاب عليه وهدى}

ولكن الناس في مجاهدة النفس مراتب متفاوتة، فمنهم من يكون قوي الإرادة ماضي العزيمة، شديد المراقبة لله، فلا يضعف عن مجاهدة نفسه ومكابدتها حتى تسلم قيادها له، وتطاوعه في العمل.
ومنهم من يكون دون ذلك، فيتقلب بين الطاعة والمعصية، وبين العجز والقوة، وبين المضي إلى الله والتوقف.

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كلمة جامعة عظيمة، هي منهج قويم يسير عليه المؤمن في سفره في هذه الدنيا، وهو ما رواه البخاري ومسلم: ((القصد القصد تبلغوا)). وقال: ((إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ، فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا، وَاسْتَعِينُوا بِالْغَدْوَةِ وَالرَّوْحَةِ وَشَيْءٍ مِنْ الدُّلْجَةِ))

فالغلو في مجاهدة النفس ربما قطعها، وأوقعها في المعاصي مطلقًا، وإهمال المجاهدة ربما أوقعها في العجز والكسل، والتوسط هو الاستمرار على المجاهدة، حتى وإن ضعفت النفس في بعض الأحوال أو انقطعت، فإنها تعاود الكرة مرة بعد أخرى.
وفي كلام ابن القيم الذي قرأتيه ما يدل على ذلك، فأرجو أن تراجعيه بفهم، فلعل الله أن يفتح عليك ما يكون فيه صلاحك وفلاحك إن شاء الله.

والأمور التي تعين على مواصلة الطريق، ومجاهدة النفس كثيرة جدًا، فلعلي أعرض لها في وقت آخر..

وإنما أردت هنا أن أبين أن الموضوع لا يجوز اختزاله بهذه الصورة، بل هو طريق طويل، لا ينتهي حتى تخرج الروح من الحلقوم، والمؤمن فيه بيد جزر ومد.

ولكن من غير الجائز أن يكون ذلك عذرا في إهمال الأعمال وعدم إكمالها، بل الواجب أن ننظر في معوقات العمل، وسبب الرغبة عنه، ولماذا العجز عن مواصلة الطريق فيه، فهناك معوقات كثيرة، وضعف المجاهدة أحدها، ولكنه ليس السبب الوحيد.
والله أعلم.
عبد السلام بن إبراهيم الحصين غير متواجد حالياً