عرض مشاركة واحدة
قديم 16-04-14, 11:59 PM   #2
سهام محمد
طالبة دورة أزاهير رَسم الحرف
 
تاريخ التسجيل: 19-05-2012
المشاركات: 62
سهام محمد is on a distinguished road
افتراضي الدرس الثاني || تجديد وتجويد الصلاة

~ الدرس الثاني ~

بسم الله الرحمن الرحيم


ست خطوات مهمة نجعلها بمثابة التعريف للصلاة :
1- الصلاة عبادة تقربنا إلى الله.
2 - الصلاة وردت في الكتاب و السنة.
3- استعملتها الشريعة على وجه الخصوص يعني حددت الوقت و عدد الركعات, فهي ليست كالدعاء نجتهد فيه بل محددة.
4 - أمر الله بها في القرآن.
5- بينها النبي صلى الله عليه وسلم.
6 - أمرنا بالإفتاء عندما قال :" صلوا كما رأيتموني أصلي".

تجديد : تعني كل ما نجهل, ومنها معاودة النظر في الآيات والأحاديث الواردة, وهي تقع علي كل أداء متكرر.
[ التجديد لن يكون على صفة الصلاة فصفة الصلاة ثابتة لا محل للاجتهاد فيها فهي توقفية. فنحن لن نغير الصلاة, أو هيأتها, أو مواعيدها إنما المقصود بالتجديد : هو معاودة النظر في الآيات و الأحاديث الواردة فيها, وفي أركانها, وفي معانيها, وفي أسرارها, وهي تعد من أهم التغذية العلمية, وهذه التغذية العلمية تنعكس على الصلاة فيحدث عندنا ارتقاء في أداءها ]


تناولنا بالأمس أهمية الصلاة, وقد عززنا قضية علاقة موضوع الصلاة بموضوع المواسم, وبينا أنها صلة بين العبد وربه وأنها من أعمال اليوم والليلة, وهي من صور الإستعانة قال تعالى :" واستعينوا بالصبر والصلاة ".
والصلاة أول مايحاسب عليه العبد يوم القيامة.

اليوم سنتحدث عن هذه النقاط, وهي سبب في اختيار موضوع الصلاة, والإستعداد من أجل موسم رمضان
قول النبي صلى الله عليه وسلم :" بدأ الإسلام غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء "
تجدينها تجاهد لتحقيق الصلاة كما كان يصليها الرسول صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي"

يقول الإمام أحمد : وقد بلغت الصلاة مابلغت من كثرة المستخفين بها, الذين جعلوا أمرها من أخف مايكون واستخفوا بأدائها."
المقولة الشهيرة موجودة في كتاب الصلاة :" احكموا الصلاة واتقوا الله فيها, وتعانوا عليها, وتناصحوا فيها بتعليم بعضكم بعضا, والتذكير لبعضكم من الغفلة والنسيان ,فإن الله عزوجل قد أمركم أن تعاونوا على البر والتقوى والصلاة أفضل البر ".
وجاء في الحديث الذي حسنه الألباني رحمه الله :" أول ما تفقدون من دينكم الأمانة وآخر ما تفقدون منه الصلاة."
إذا فقدت الصلاة هذا آخر ما فقد من دينكم: معنى هذا الكلام أي بعد فقْدِ الصلاة ليس هناك أمر تفقدينه ! وكأنك فقدت الدين كله لأنها آخر ورقة.
يقول النبي صلى الله عليه وسلم عن هذا الصنف :" وليُصلين أقوام لا أخلاق لهم وفي لفظ " لادين لهم".
إذا كان هذا الموضوع بهذه الخطورة في جميع الأيام خصوصا ففي الموسم الذي نقبل عليه تكون له خطورة أكبر.
إن دخلت على هذا الموسم بنفس الأداء, ونفس الصلاة, ونفس القلب لاشك أن هذا تفريط وتضييع.!!!!
كلام الإمام أحمد ليس أقل من كلام الصحابي الجليل أنس رضي الله عنه الذي صاحب النبي عليه الصلاة والسلام وعاش أزمنة بعده.
تحدثنا عنها في الفصل الأول من دورة الصلاة.
النقطة التي بعدها من خطورة موضوع الصلاة عدم التغذية العلمية لموضوعها , فكل عبادة لا تعتني بسقيها تذبل إلى أن تموت.
حتى الحجاب الذي تضعينه على رأسك إذا لم تعتني بتغذيته! حتى لو كنت من البلوغ ملتزمة ولم تستمعي للغناء يجب أن تعتني بالتغذية العلمية لمعرفة دلائل تحريم الغناء في الكتاب والسنة, بل هناك من الجهال من يدعي أن تحريم الغناء لم يرد إلا في السنة ولم يرد في القرآن! يا أخوات الآيات القرآنية ليست محصورة على فهم معين, فهناك من الآيات ما دل من تفسيرها على حرمانية الغناء, بل إن أدلة تحريمه في الكتاب والسنة وفي هدي سلف الأمة.
لا تأتمنين على القلب أن يتقلب إذا لم تعتني بالتغذية لكل عبادة , والشاهد هنا الصلاة نفس المشكلة تتعرضين لها ياطالبة العلم على رغم أنك قد تكونين معلمة وربما معلمة شرعية, أو طالبة شرعية على رغم هذا تحتاجين لهذه التغذية العلمية.
العوارض والنقص والزلل لايتعرض له فقط العوام, وستعلمين كيف أن الصلاة تتعرض معك لهجمات داخلية وخارجية, نعم تعذرين لأنك بشر غير معصومة, لكن لن تعذري لاهمالك التغذية والتصحيح.
أتمنى أن تراجعي رسالة الصلاة للإمام أحمد حيث قال :" احكموا الصلاة واتقوا الله فيها وتعانوا عليها وتناصحوا فيها بتعليم بعضكم بعضا والتذكير لبعضكم من الغفلة والنسيان ,فإن الله عزوجل قد أمركم أن تعاونوا على البر والتقوى والصلاة أفضل البر ".
نقول صلينا! أيُّ صلاة صليناها؟
العبرة أن نفتح الموضوع ونتكلم بكل وضوح عن هذا الركن وعن هذا الدعاء , حتى تنشرح صدورنا نسأل الله أن يبلغنا لصلاة تبلغنا رضاه.
أريد أن تفهموا هذه النقطة بقلوبكم لا تكتبوها فقط فانعدام التغذية كأنك قطعت الماء عن الصلاة, فالصلاة لن تموت إذا لم تقطيعه عنها الماء تماما, فأنت عندك بعض قطرات الماء , منها ما درسته في الصغر كأنك تسقين نخلة بقطرة ماء يعني قد تذكرين آية أو حديث واحد.
والله لو نجلس لدراسة أحاديث فضل الصلاة, القلب ينقبض خوفا من التقصير في هذه الشعيرة , لا تقدمي لصلاتك قطرات من الماء وتصلين على هذه التغذية الضعيفة بل افتحي الماء وتعلمي , تنوّري .
الشريعة قدمت لمنا الأحاديث, حتى الحديث الواحد تعلمه ومعاودة قرائته يحرك القلب , الآية الواحدة معاودة النظر فيها تفتح أبوابا جديدة ودليل ذلك قال تعالى :" ويزيد الله الذين اهتدوا هدى". وبعد هذا هم مهتدين ويزيدهم هدى.
الآية أعطتنا سلسلة بدون نهاية إذا اهتديت فإذا انتقلت للحلقة الثانية في الهداية تهتدين كلَّما اهتديت فهنالك هداية أخرى, يزيدك الله إلى أن تبلغي المنزلة التي كتبها الله لكِ.
عدم التغذية العلمية أو الإكتفاء بالمعلومات الهشة من قراءة المطويات وأركان الصلاة وفقط - هذا يسبب المخالفة والتخلف وعدم الارتقاء في أداء الصلاة.
الشاهد أن عدم التغذية يؤدي بك إلى تخلف فوري من السهل أن تركعي, وتسجدي, وتسبحي كل هذا باللسان سهل! أي بالجسد فقط لكن تعجزين على أن تحضري القلب, إنها المعاناة الخفية التي يعاني منها الكثير.
الصلاة موضوع مهم نحتاج أن نستكثر منه, أنت في حالة صراع يشرد قلبك وتجلبينه ويشرد, وتجلبينه لماذا هذا الصراع, يصعب حضور القلب عليك في الصلاة لأبواب أهمها افتقادك للتغذية العلمية.
الصلاة لا ترتقي مائة بالمائة فجأة ولكن تبدأ تتحسن مرة بعد الأخرى إلى أن تحصلي على اللذة وحضور القلب.
- أختصر لكم الكثير حتى نتدارك الوقت المخصص للدورة قبل رمضان بإذن الله-.
النقطة التي تليها :
ضعف الأداء ينشأ بسبب تكرار الصلاة, والتكرار واجب لست مخيرة ,و يجب أن تصلي الفجر, والظهر, العصر, المغرب, العشاء سواء أعجبني أو لم يعجبني مشغولة أو فارغة , مسافرة أو مقيمة على كل الأحوال إلا في حدود الأعذار – الحيض والنفاس - التي حددها الشرع تسقط الصلاة عن المرأة فيها خاصة دون الرجل.
هذا الأداء الضعيف بسبب الكثرة والتكرار- ركزوا النظر بين كلمة تكرار وبين كلمة معاودة -.
لفت نظري في رسالة الماجستير في الفقه هذه الزاوية الرائعة أنه يوجد فرق بين " لفظة تكرار ولفظة معاودة ".
التكرار : لما تقولين كرري بعد الأذان " الله أكبر" تقولين " الله أكبر" , وهكذا " أشهد أن لا إله إلا الله...".
الصلوات من باب التكرار أم من باب المعاودة؟
لدينا إشكال في المصطلحات, هناك اختلاف بين علماء المصطلح, لكن إذا سلمنا أن لفظة التكرار معناها أنك تكررين نفس الشيء مرة ثانية بدون تجديد, بدون حركة قلبية جديدة, وبدون أن تحدثي تذبل إلى أن تموت.
نفس الطريقة نكررها وعند البعض نفس الآيات يكررونها وفي نفس الوقت, وبالتالي يحدث لديها نفس التكرار لاتوجد ثمرة.
بخلاف المعاودة, عاودي أمر لا يشترط أن يكون نفسه تماما, وبالتالي حين أتصل بالله عزوجل بوقوف ودعاء وتلاوة جديدة, ثم يحين موعد الظهيرة بيني وبين الله تعالى يكون الإتصال أقوى من الإتصال الأول في التلاوة والدعاء , وكذلك تجدين هذه النقطة موجودة في السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له قراءة مختلفة في كل فرض لاشك حتى يتبين لك أن كل صلاة مختلفة ليست مكررة أو مجرد صلاة وفقط أي سورة أي صلاة أي وقوف أي لباس...
هناك فرق بين إبراء الذمة أي أن تؤديها أداء وفقط وستحشرين وتحاسبين عليها, لأن أول شيء يكون في يوم حساب الأعمال " الصلاة " كل صلاة تصلينها تذهب في كتاب الأعمال في الرقم الـأول, الله عزوجل سيرى الدعوة سيرى الصدقة, وكل الأعمال الصالحة بعد أن يطلع على الصلاة أولا والدليل حديث النبي صلى الله عليه وسلم :" أول مايحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة ".
وليس عندك دليل على أنها قبلت, وأنت تؤدينها بهذه الصورة كيف سيكون الحال؟ أنا لا أتحدث عن حكم هذه الصلاة من الناحية الشرعية, بل أتحدث عن هذه المشكلة ماسببها في هذه الزاوية "ضعف الأداء نتيجة التكرار؛ لأنك فقط تكررين ولست تعاودينها بشكل بنيان يكمل بعضه, أي أن تكون كل صلاة أقوى من الأخرى ,وكل صلاة أقرب فيها من الله أكثر , وكل صلاة أجود من الأخرى.

~ مسألة التكرار والمعاودة مهمة جدا ~


هذه المسألة كلنا نعاني منها حتى الصحابة, لو كنت صحابية في عصر النبي صلى الله عليه وسلم ما تجاوزتها, فكيف الحال بنا ونحن في ضعف في هذا الزمان؟!
الشيطان يتربص بنا المواقف, وأحرص ما يكون على الإنسان في موقف الصلاة, وخصوصا عند قراءة القرآن لهذا نبّه الله عزوجل فــ قال :" فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم".
إذا أردنا أن نأكل ماذا نقول؟ بسم الله, لكن إذا أردنا أن نقرأ القرآن لا نقول بسم الله كبداية بل نتعوذ بالله من الشيطان الرجيم أولا لماذا؟
لأن الشيطان حريص عليك عند تلاوة القرآن.
لماذا حرص الشيطان على هذا الموقف؟
لأن أقوى ما تتقربين به إلى الله كلامه عزوجل, فأنت تتقربين إلى الله بالصلاة , والصلاة نسميها جامعة العبوديات؛ فلا يوجد عبودية لا تمارسينها في الصلاة , كل شي موجود فيها السجود, الركوع, الخضوع لله تعالى, التكبير, الذكر, والدعاء, والتلاوة...؛ ولأن فيها منوعات من العبوديات فالشيطان يستفزه إذا استعذت بالله.
لهذا قال الله عزوجل عند تلاوة القرآن :" فاستعذ" أي أن الشيطان سيحضر وسيحرص عليك ويبدأ بالمناوشات والخيوط التي ذكرناها في- دورة الشيطان - الصلاة فيها تلاوة وكل شي , ولأن الشيطان عدوك فإذا كنت قبل قليل تقرئين كلام الله وأنت جالسة وهو حريص عليكِ, فالآن تقرئين كلام الله وأنت واقفة تصلين فالأمر يكون مزدوجا.
فلا تتعجبي في حرصه على إضعاف خشوع المصلين وحرصه على الوسوسة, - كثير من الناس يوسوس لهم في الصلاة والوضوء-.
انظري في موسم رمضان يجعل الناس يتهافتون على النوافل ويضيعون الفرائض, انظري إلى الخلل الذي يحدث !!
يقلب الموازين لأنه لا يستطيع أن ينهانا عن الصلاة فيأتي من ناحية النوافل حتى يضرب الفرائض عند الفرية.
وعند أذان المغرب للصائم دعاء مستجاب فكثيرا ما يضيع هذا الوقت البارك من حرص الشيطان.

~ النقطة الأخيرة مزاحمة الهموم والهوى ~


الهموم تجر وهذه من أنفس الفوائد التي سنتناولها في هذه الدورة , وهي كيف تحضرين قلبك في الصلاة؟ حينما تغلقين الهموم والدفاتر المفتوحة.
أريد أن أفعل كذا, أريد أن أذهب إلى جارتي, أريد أن أنظم كذا ...! إذا لم تغلقي هذه المسائل ولم تحرصي على إنهائها قبل موعد الصلاة لن تنتهي وسيكون القلب مهموم وخارج الصلاة. لماذا؟
بسبب الملفات المفتوحة التي لم تغلقيها أو حتى لم تعطيها علامة انتظار أنها تحت الانتظار.

أيضا الهوى يصرف القلب " التعلقات " قلبي معلق بعد قليل سأخرج بعد قليل ستأتي فلانة...!

مزاحمة الهموم الهوى!
تحبين هذا وتريدين هذا , هذه الأمور تزاحم القلب, وإذا ازدحم القلب لا يدري بماذا يبدأ , ولا يستشعر ألفاظ الفاتحة, ولن يستشعر الركوع, ولا لفظة الركوع , القلب لن يتذكر الدعاء, حتى الدعاء تكون بخيلة على نفسها تقول :" اللهم اهدني اللهم اغفر لي " وفقط لا تنظم الأدعية والحاجات الدنيوية والأخروية, قال تعالى :" ومن الناس من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار " لا نستغني عن فضل الله في الدنيا والآخرة.
كل هذا بسبب ماذا؟ بسبب مزاحمة الهموم والهوى.
هذه هي الخطورات التي جعلت من - دورة الصلاة - في نظري من أنفع الدورات التي نشحذ بها إيمامننا للاستعداد لرمضان.
ولا يمنع هذا بالإهتمام بالبنود الأخرى؛ لأن الاستعداد للموسم يكون شاملا للخير, ولكن اجعلي لموضوع الصلاة اهتمامًا خاصًا , بندًا خاصًا وجلسةً خاصةً, ويكون تحت النظر ويأخذ من الأهمية الأولية.
إذا جمعت الموضوعات التي طرحناها في أهمية موضوع الصلاة, بالإضافة إلى الموضوعات التي طرحت في خطورة موضوع الصلاة تتحصل لديك فائدة , وهي سر اختيار هذه العبودية للاستعداد بها لهذا الموسم المبارك.
ماذا نقصد بتجديد وتجويد الصلاة؟ هل تظنين أننا سنغير صفة الصلاة مثلا أو هيأتها أو مواعيدها؟
التجديد لن يكون على صفة الصلاة ,فصفة الصلاة ثابتة لا محل للإجتهاد فيها , فالعبادة توقيفية وليس من التجديد الذي يطرأ على مواعيدها قال تعالى[color="rgb(153, 50, 204)"] :" إن الصلاه كانت على المؤمنين كتابا موقوتا"[/color] .
إنما المقصود بتجديد الصلاة هي معاودة النظر في الآيات والأحاديث الواردة في أركانها, في معانيها, في أسرارها, وهي تعتبر من أهم مواد التغذية العلمية, ففي حال وجود هذه التغذية العلمية سيسبب لك ارتقاء في أدائها, فسبب الارتقاء في الأداء هو وجود التغذية العلمية, فأنت تقرئين عن فضل الصلاة في وقتها, وتقرئين عن أهميتها, وأثرها, وضرورة الصلاة, وتقرئين عن صلاة المقربين, وعن صلاة المتخلفين عمن قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم :" ارجع صلي فإنك لم تصلي" هذه التغذية العلمية تنعكس على الصلاة فتسبب لك ارتقاءً في الأداء.

~ ضعف التغذية يسبب التخلف ~

ياطالبة العلم ثقي أنك إذا أقبلتِ على الموضوع بجدية , وباهتمام وحرص واستعنت بالله عزوجل, ومسكت الأدوات المقدمة في هذه الدورة ثقي أن صلاتك ستكون كأنك أول مرة تصلينها.
قال تعالى :" ويزيد الذين اهتدوا هدى " يقول العلماء : " بعد كل هداية هداية وبعد كل توفيق توفيق. اليوم الذي تقولين فيه أنك وصلت هو أول يوم الخذلان لكِ, الإنسان مأمور بالتعلم إلى أن يلقى الله تعالى يوم القيامة, لا يوجد شيء اسمه لقد اهتديت, ولقد قرأت وتعلمت , بل إن اليوم الذي تظنين فيه أنك تعلمت وقرأت واهتدت اعلمي أنه يكون بداية الإنتكاس.
إذن محل التجديد في المادة العلمية, والمقصود ليس فقط أننا نكتب معلومات على الدفاتر وشروحات لأحاديث جديدة, إنما المقصود نتغذى, وننهل, ونشرب من الوحيين بما يؤثر على أدائنا فيكون سبب في صلاح عبوديتنا.
والمقصود بكلمة تجويد : الأفعال الموجودة في الصلاة ليس فيها تغيير كصفة الركوع , وصفة السجود قراءة الفاتحة ...الخ , هذا ليس فيه تغيير, وبالتغذية العلمية سنصل إلى مرحلة التجويد؛ أي تأتين بهذا الركن أو هذا العمل على صورة أجود مما كنت عليه.
إذن التجديد : سيكون في كل ما تجهلين.

~ عنوان هذه الدورة تجديد وتجويد الصلاة ~

معنى لفظة التجديد هي : الواقعة على كل أداءٍ أثّر فيه التكرار مما أدى إلى جموده حتى صار بلا فاعلية.
والتجويد على الأداء السابق مثلا حتى في لفظة " الله أكبر " ربما اجتهدَت وقالتها بشكل ممدود وهذا خطأ " آآآالله أكبر" ! , لأن في اللغة العربية يعتبر كأنك تسألين هل الله أكبر !!؟ وهذا اجتهاد خاطئ, ومعنى وجود همزتين بعضهم يقولها ليس من باب الضعف ولكن من باب أنهم يزيدون في الإجتهاد وتسرع في الأداء هي من المخالفات ومنشأها التغذية الخاطئة التي سميناها في الجزء الأول من المحاضرة " التنقيط " تنقطين بالماء ولكنه لايروي الظمأ!
وإنما المقصد أن نشرب ونستقي من النصوص الواردة في الكتاب السنة بفهم سلف الأمة؛ حتى وإن لم تكن معلومات جديدة ولكنها تؤثر في الشعور بالصلاة.
- النقطة الأخيرة : وهي مهمة جدًا أننا وضعنا قواعد ومباديء ارتكزت عليها الدورة كلها , طالما أنت تحضرين الدورة سوف أحيلك عليها, بمعنى أسألك دوما هل تذكرت القاعدة ياطالبة العلم؟
ليس في هذه الدورة فقط بل في كل الدورات التي تحضرينا وما تدرسين خذيها قاعدة جانبية.
<< قــــاعدة هامة >> " ضبط الأصول والقواعد أهم من الدخول في العلم ".
مثال من قرأت سورة الليل :" والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى إن سعيكم لشتى.."
إذا لم يكن عندها قاعدة ومبدأ في التعامل مع القرآن والتفسير, أو ليست متابعة لتفسير محدد لن تعرف أن الآيات فيها متضادات وتضرب لها الأضداد.
الليل ضد النهار.
الذكر ضد الأنثي.
هذه متضادات.
إن سعيكم لشتى : أي أن أعمالكم وقروباتكم التي تقدمونها لله تعالى أيضا متضادة؛ فمنهم شقي وسعيد.
إذا تأملت الفرق بين الليل والنهار ستفهمين الفرق بين المساعي.
من أين تحصلين على هذه الفائدة؟ من خلال معرفة وتأمل الأصول والقواعد, والأسس, ومباديء بني عليها الفهم.
هذه نقطة مفصلية, هذه نقطة عقائدية, هنا تطبيق نحتاج فيه إلى الفقه, وهكذا نفس الآية تستفيدين منها والكثير في العالم لا يستفيد منها.
خذيها قاعدة إذا دخلت بدون أدوات لن تستفيدي ,هي مباديء بني عليها الفهم إذا لم يكن عندك قلم, وورقة, ودفتر لن تستفيدي ,نفس المثال هنا جعلنا للدورة قواعد فقد تم تدريس الدورة من قبل السنة الماضية.
القاعدة الأولى وقد تناولنا الحديث عنها كثيرًا بل لا تكادين تدخلين موضوعًا إلا وهذه القاعدة تلزمك وهي " قاعدة التلازم".
يقول الشيخ ابن تيمية :" فالشيء يلزمه لوازم جمة عند الخبير به وذي العرفان , فبقدر ذاك الخبر يحصى من لوازمه وهذا واضح التبيان, وكذاك يعرف جملة الشرع الذي يحتاجه الإنسان كل زمان علما بتفصيل وعلما مجملا تفصيله أيضا بوحي ثان , وكلاهما وحيان قد ضمنا لنا أعلى العلوم بغاية التبيان."
نضرب مثال على كلمة " فالشيء" وهي : الصلاة, فالصلاة ليست وقوف واحد, وتلاوة واحدة, وليست الصلاة معاني محصورة في الذهن من أقوال وأفعال وهذه الأمور الجامدة , بل هذه الصلاة تتعدى على الحياة هي موقف نقف فيها بين يدي الله عز وجل نقول :" إياك نعبد وإياك نستعين " أي وحدك لا شريك لك ثم بعد الصلاة أنت ملزمة بهذا التعهد, أنت ملزمة في بقية حياتك بعبادة الله وحمده على الخير والشر, أيضا تقولين " اهدنا الصراط المستقيم," لا تدعين الله بالهداية وأنت مجانبة لأسباب الهداية كيف تقولين :" اهدينا الصراط المستقيم" وأنت تنامين ولا تطلبين العلم ولا تقرئين في المصحف , ثم بعد هذا تقولين " [color="rgb(153, 50, 204)"]اهدنا الصراط المستقيم " !!![/color]! نعم الله قادر ومقتدر لكن الله جعل لكل شيء سببا.
مثلا مريم عليها السلام ولدت عسيى عليه السلام دون رجل, ولكن في ولادتها قيل لها " [color="rgb(153, 50, 204)"]وهزي إليك بجذع النخلة [/color]" هذه فيها فائدة تحثنا على أن نأخذ بالأسباب.
يارب أنت قدير جعلتني أحمل بدون رجل أعطيني الرطب دون حركة وبدون تصرف " لا"! لهذا العلماء يعلقون على الآية " وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا" أن من فوائد دراسة هذه الآية أنها تحثنا على الأخذ بالأسباب, وشيخ الإسلام بن تيمية يقول :" من ترك الأسباب خالف الشريعة" إذن أنت مطالبة بالأخذ بالأسباب مع التعلق بالمسبب الذي هو " الله " عزوجل.
فالتوكل شقين :
1- صدق الاعتماد على الله.
2- بذل الأسباب الحقيقية.
التوكل هو : بذل الأسباب مع التعلق بالله, تدخل في الصلاة نحن وقفت أمام الله وكبرت, وتقولين بكل سهولة " اهدنا الصراط المستقيم " والله عز وجل يرى أنك تطلبين الهداية, وماذا بعد السلام خرجت من الصلاة؟! لا يوجد علامات طلب للهداية.!!
أسباب الهداية تأخذينها من مجالس العلم, عقد التسبيح على الأصابع, أو بر الوالدين , والإحسان للزوج, ومن تربية الأبناء, أي عمل صالح, إن لم يكن هناك بذل للأسباب فهذا مخالف للوازم الصلاة, أما اكتفائك بأداء الصلاة فقط لا, فالصلاة تجدد معك المعاني, تربيك, تغذيك, تعطيك.
يقول الشيخ بن تيميه :" فالشيء يلزمه لوازم جمّة عند الخبير به وذي العرفان" لكن من يفهم هذه الأمور فقط " عند الخبير به " فقط إذا تأملت, إذا حمدت الله في الصلاة لاينفع بعد الصلاة أن أخل بركنية الحمد وأكون جازعة, ساخطة, قانطة, متشائمة.!!!
فالشيء يلزمه لوازم جمّة عند الخبير به وذي العرفان : أي ذوي العرفان.
يقول : " فبقدر ذاك الخبر يحصي" أي: بقدر ما عندك من الأخبار والعلوم - التي سميناه التغذيية العلمية - ما الذي يحصل من لوازمه؟ كلما زاد عندك العلم يحدث لديك من زيادة في نسبة العلم.
لا أن تصلي وبعد الصلاة منشغلين في دنيا وهمومها, لاينفع أن أقول " اهدنا الصراط المستقيم" وأنا تاركة للأسباب.
ثم قال:" من عرف الكتاب حقيقة عرف الوجود جميعه ببيان", فتح عليك بمعرفة كتاب الله عز وجل ليس من قرأ بل من عرف.
يقول علما بتفصيل : هناك علوم تحتاجين فيها إلى تفصيل , وما أُجمل في القرآن تجدين السنة فسرته.
ثم قال :" كلاهما وحيان " نعم ثبت بالدليل القطعي المسلّم له من جميع الأمة أن السنة وحي ثاني, أن النبي صلى الله عليه وسلم لا ينطق عن الهوى.
وقد ضمن لنا أعلى العلوم هذا ردًّا على من يفرحون بعلوم الغرب, فالعلم الحقيقي قال الله, قال محمد رسول صلى الله عليه وسلم.
مثال على قاعدة التلازم :
لا إله : إذا أقررت أنه لا إله فيجب أن تكمليها , أي يجب أن تثبتي إلا الله.
لاحول ولا قوة لفظ مخالف يجب أن تثبتي بإلا بالله.
إذا أقررت أنه لا إله إلا الله : يلزمك أن تقرين أن محمدا رسول الله وإلا مانفعتك؛ لأن الله هو الذي أرسل محمدًا صلى الله عليه وسلم.
وإذا أقررت الإيمان فهو متلازم مع الإسلام وليس على العكس.
مثال آخر:" إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر " فإذا وجدت الفحشاء والمنكر في بلاد المسلمين فيجب أن نتهم الصلاة ونتهم أداءها.
تقرير الربوبية يلزم تقرير الألوهية, وتقرير الأسماء والصفات.
قاعدة الولاء والبراء , والأمثلة كثيرة.


~ معرفة مراد الشرع ~

القاعدة الثانية : اعتبار حال المتكلم وقد نسميها اسم ثاني "معرفة مراد الشارع " هذا أفضل.
إذا قال الله تعالى :" وأقيموا الصلاة "
الألف واللام هنا يسميها العلماء النحويين" الــ" العهدية.
والمقصد من العهدية أي الصلاة المعهودة " وأقيموا الصلاة " أي صلاة؟ أي الصلاة المعهودة , ليست أي صلاة بل هي صلاة واحدة معروفة ومعهودة ذكرها وبينها النبي عليه الصلاة والسلام, لما ذكر الصلاة وعلمها للصحابة ونبّه على المخالفات؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" صلوا كما رأيتموني أصلي".
فصارت هي الصلاة النموذجية فحين يقول الله تعالى :" وأقيموا الصلاة " المقصود صلاة النبي صلى الله عليه وسلم التي تعلمتموها منه ليست أي صلاة , هذه الفائدة من " الألف واللام " فقط , هذا دلالة على عظم هذا القرآن وأنه وحي من عند الله للنبي صلى الله عليه وسلم.
الآن معنا ست خطوات مهمة متسلسلة كأنها بمثابة التعريف للصلاة :
1- عبادة تقربنا إلى الله.
2- وردت في الكتاب والسنة.
3- استعملتها الشريعة على وجه مخصوص-حددت الوقت, الركعات, القراءات, وليست كحال بقية العبادات.
4- أمرنا الله بها في القرآن.
5- بينها النبي صلى الله عليه وسلم.
6- أمرنا بالإقتداء به عندما قال عليه الصلاة والسلام :" صلوا كما رأيتمونى أصلي".
لم ترد فقط من باب الترغيب إنما هي أمر أمرنا به الله , وبينها الرسول قولا وعملا وحالا.

القاعدة الثانية اسميناها قاعدة " معرفة مراد الشرع " لما قال الله عز وجل :" وأقيموا الصلاة", وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "صلوا كما رأيتموني أصلي ", لابد أن تعتبري حال المتكلم أي صلاة يقصدها هل صلاة البلد الفلاني ,هل هي صلاة المذهب الفلاني..؟
أي صلاة أمرنا بها في القرآن؟
هي صلاة النبي صلى الله عليه وسلم حتى نسلم من كل هذا, بل حتى نخرج من الضلالات, والبدع, والمخالفات التي توجد في الصلاة.
الآن في زماننا لاحول ولاقوة إلا بالله لما تقول سمع الله لمن حمده, تقول أن النبي يرفع يديه في كل أحواله.
الآن أنت في الصلاة وهي عبادة توقيفية حركة اليد وموضع النظر حدده الشرع , أول ماتقرئين في صلاتك الفاتحة لست مخيرة.
قالت أنا أسال العالم الفلاني قال لابأس أن أرفع يدي لأنك في موضع دعاء هذا العالم الذي زعمت أنه أفتاها , ماهو دليلك؟ هل كان النبي يرفع يديه بالدعاء في هذا الموضع؟ ماثبت لديك دليل.!
هذا بسبب ضعف التغذية والتقليد يحملون الأمر على أقوال مشايخ, حتى أن الصلاة صارت مختلفة كل واحد يصلي على ذوقه, على عاداته, على تقاليده فتن عظيمة !!
لن نصل إلى الله كلما أردنا أن نصل إليه بصلاة مختلفة في صفاتها عن التي بينها النبي صلى الله عليه وسلم, لماذا العلماء للآن يشرحون صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم؟ لأن يوم القيامة تعرض الصلاة المطابقة لصلاة النبي صلى الله عليه وسلم.
بقدر ماطبقت قول النبي صلى الله عليه وسلم كنت أقرب من الصواب, وبقدر ما خالفت كان الخطء أقرب إليك وأبعد عن الهدف.
الشاهد من هذه القاعدة في حالة أننا نريد أن نجود الصلاة أن نسعى إلى تجويدها كصلاة النبي صلى الله عليه وسلم.

~ مبادئ مهمة ~

** مبدأ الإستعداد.
قضية الإستعداد وارد في الكتاب السنة, وإن الله اتهم نوايا من لم يستعد وقال تعالى :" ولو أرادوا الخرج لأعدوا له عدة".
اتهم نواياهم ونحن الآن لو أردنا أن نستغل الصلاة لأعددنا لها عدة طبقي الآية من سورة التوبة لو أردنا الإستعداد للموسم لأعددنا له عدة.!
قاعدة من كلام الله عزوجل مبدأ الإستعداد ثابت في الكتاب السنة, منه الإستعداد للموت قبل أوانه أو قبل نزوله, كما أن الإستعداد لفظ موجودة في السنة.
الصحابة كانوا يسابقون على المواسم :
شعبان سمي شهر القراء, هذا من هدي سلف الأمة , إذن الإستعداد ليست قضية بدعية.
- أيضا الإستعداد الجسدي للصلاة من الطهارة وستر العورة.
- أيضا استعداد اللسان من طيب الكلم, والتلاوة, والإستغفار.
وردت آثار يقول - سلف الأمة - أننا كنا نحفظ الدعاء كما نحفظ الآية من القرآن.
حفظوا الدعاء لم يدخلوا في الصلاة ويبحثوا في المسألة بل حفظوا الدعاء كما حفظوا الآية, تختارين من أدعية الكتاب والسنة ,ثم أدعيتك الخاصة بينك وبين الله مع مراعاة الأدب في الدعاء.
هذا فرق بين التي تستعد وبين التي لا تدري أي سورة تقرأ وماذا قرأت!
التجديد : لفظ ورد في الكتاب السنة.
مهم جدا أن تكون كل نقطة أو كل معنى وارد في الكتاب والسنة ,أو عن سلف الأمة , إذا لم توجد نبحث عنها تضمنا.
لفظة تجديد موجودة في مضامين القرآن في السنة قول الرسول عليه الصلاة والسلام:"جددوا الإيمان إن الإيمان ليخلوا في قلوبكم".
إذا كنا نجدد الإيمان فما رأيك بتجديد الصلاة؟ مارأيك بتجديد معاني الفاتحة في القلب؟ مارأيك بتجديد حركات الصلاة؟ والتسابيح, أسرار الصلاة السكتة, الوقوف...؟؟
هنا نكون قد راجعنا خمسة عشر محاضرة باستثناء سورة الفاتحة - لها 8 محاضرات-.
أختم بقول النبي صلى الله عليه وسلم:" ماهي أحب الأعمال إلى الله , فأجاب عليه الصلاة والسلام :" الصلاة على وقتها. "
نستفيد أن إقامة الصلاة والوقوف بين يدي الله في أول وقت الصلاة أنها من الأمور التي يحبها الله عزوجل, لابد أن نطلب رضاه في قرباتنا وعباداتنا, وأن نطلب أن يغفر لنا ويتجاوز عنا ويدخلنا في مستقر رحمته.
وورد أحاديث عن الصلاة أنها " أحب الأعمال إلى الله ".
وأيضا الصلاة " نور وبرهان " و" نجاة يوم القيامة ".
ليست بالأمر السهل الذي نهمله أو نركنها كونها العبودية التي نمارسلها في اليوم والليل!!.
سهام محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس