عرض مشاركة واحدة
قديم 21-12-08, 12:28 PM   #23
ام البراءوحمزة
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 22-01-2008
المشاركات: 5,333
ام البراءوحمزة is on a distinguished road
Icon62

أنزلوا الناس منازلهم ...


قد شاع بين المسلمين اليوم ما ينافي الأدب والاحترام في تعاملاتهم وسلوكياتهم ، فنحن نرى من ينادون من هو أكبر منهم سناً ومقاماً باسمه مجرداً من صِفَتِه ، وليس هذا من الأدب في شيء ، فنحن وقد أنعم الله علينا بنعمة الإسلام ، لابد أن نتأدبَ بأدب الإسلام ،
فقد قال عليه وآله الصلاة والسلام : " إنَّ مِنْ إِجْلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم .." ..[ ، النووي ـ التبيان : 35 ] .
ولابد أن نربي أولادنا على هذا منذ صِغرهم ، وعلى غيره مـن الآداب ، وقد ذكرها علماؤنا الأجِلاء ، ومنهم الإمام الغزالي ، حيث قال : (( ويُعَوَّد ـ أي الصبي ـ أن لا يبصق في مجلسه ، ولا يتمخّط ، ولا يتثاءب بحضرة غيره ، ولا يضع رجلاً على رجل ، ويُمنَع من كثرة الكلام ، ويُعَوَّد أن لا يتكلم إلا جواباً ، وأن يحسن الاستماع إذا تكلم غيرُه ممن هو أكبر منه ، وأن يقومَ لمن هو فوقه ويجلس بين يديه ، ويُمنع من فُحش الكلام ، ومن مخاطة من يفعل ذلك ، فإنَّ أصل حفظ الصبيان حفظهم من قرناء السوء )) . فإن لم يترب الأولاد على الأدب في صغرهم ، فمتى يتربون ؟! .

قد ينفع الأدبُ الأولادَ في صغر وليس ينفعهم من بعده أدبُ

إنَّ الغصون إذا قوّمتها اعتدلت ولن تلين إذا قومتها الخُشُبُ

ثم إنك ترى من لا يتأدب في بيوت الله ، ولا عند سماع القرآن ، ومن يستهتر بمَواطن القداسة ولا يحتفل بها ، لا يصلُح للنهـوض بأمته .

كما أنك ترى من لا يُجِلُّ العلمَ والعلماء ، ومن لا يتأدب في مجالس العلم ، ولا أثناء الدرس ، فلابد من الأدب ، والأدب يأتي قبل العلم ،
فقد قيل : (( إن طلب العلم له ركنان : أدب النفـس ، وأدب الدرس )) .
وقال عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه - : (( تأدبـوا ثم تعلمــوا )) .
وقال أبو عبد الله البلخي : (( آداب النفس أكبرُ من آداب العلم ، وآداب العلم أكبر من العلم )) .
وقال ابن المبارك : (( نحن إلى قليلٍ من الأدب أحوج منا إلى كثيرٍ من العلم )) ،
وقيل أيضاً : (( اعلم بأن طالب العلم لا ينال العلمَ ولا يَنتفع به إلا بتعظيم العلم وأهله ، وتعظيم الأستاذ وتوقيره ، فإن مَن عَلَّمَكَ حرفاً واحداً مما تحتاج إليه في الديـــن ، فهو أبوك في الدين ، ومن توقيره توقير أولاده ومَن يتعلّق به )) .
رأيت أحقَّ الحقِّ حقُّ المعلـم و أوجبُه حفظاً على كل مسلم

لقد حُق أن يُهدى إليه كرامةًً لتعليم حرف واحدٍ ألفُ درهم

فانظر كيف كان أدبُ العلماء بعضهم مع بعض ، وكيف كان أحدهمُ يعرف فضلَ الآخر ، فقد قال الإمام الشافعي في الإمام ابن حنبل :

قالوا يزورك أحمد وتــزوره قلتُ الفضائل لا تفارق منزلَــه

إن زارني فبفضله أو زُرتُـه فلفضلِه فالفضل في الحالين له

وقيل : (( إذا أردتَ العلمَ النَّفيس ، فعليك بابن إدريس ، فقال الشافعي : وكيف ذلك ، وفي المدينــة مالك ؟ )) .
ومِن أدب المسلم أن يعرف لأهل الفضل فضلَهم ، وأن لا يذكر عيوبَهم تقديراً لهم ،
كما قال التابعي الجليل ابن المسيّب : (( ليس من شريفٍ ولا عالمٍ ولا ذي فضلٍ إلا فيه عيب ، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تُذكرَ عيوبُه )) .
فيا أيها المسلمون ، أنزلوا الناس منازلهم ، وأكرموا ذا الشيبة المسلم ، واعرفوا للعلماء حقهم ، ولذي الفضل فضلهم ، فهذا مما أدَّب به النبيُّ ـ عليه وآله الصلاة والسلام ـ أصحابَه ، فلما دخل مكةَ المكرمة ، ودخل المسجدَ الحرام ، أتى أبو بكر بأبيه أبي قحافة يقـــوده ، فلما رآه رسول الله عليه وآله الصلاة والسلام قال : " هلاّ تركتَ الشَّيْخَ في بيته حتى آتيه ؟ " فقال يمشي هو إليك يا رسول الله أحق أن تمشي إليه ..[ إسناده صحيح ، ابن حجر العسقلاني ـ الإصابة : 2/461 ] . وجاء شيخ يريد النبي عليه وآله الصلاة والسلام ، فأبْطأ القومُ أن يُوَسِّعوا له ، فقال : " ليس مِنّا مَن لم يَرحم صغيرَنا ، ولم يُوَقِّر كبيرَنا " ..[ صحيح ، الألباني ـ صحيح الترمذي : 1919 ] ........


و الحمد لله رب العالمين .



http://www.saaid.net/daeyat/lubna/25.htm
`



توقيع ام البراءوحمزة
[frame="2 80"]
عدت إليكن بفضل الله
[/frame]

التعديل الأخير تم بواسطة مروة عاشور ; 21-12-08 الساعة 02:01 PM
ام البراءوحمزة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس