عرض مشاركة واحدة
قديم 01-09-14, 03:06 PM   #2
أروى آل قشلان
|تواصي بالحق والصبر|
افتراضي

وهنا أدركت كلام العلماء وأقوالهم التي كنت أظن أنّها تخرج من ألسنتهم فقط تواضعا،
ولم أكن أعلم أنّ قلوبهم كانت خائفة وجلة رغم إخلاصهم وصلاحهم بخلاف حالنا،
وتدبروا معي قول سفيان الثوري: "ما عالجت شيئا أشد علي من نيتي لأنها تتقلب علي".
وقال سهل: "ليس على النفس شيء أشق من الإخلاص لأنها ليس لها فيه نصيب".
وهذا محمد بن المنكدر يقول: "كابدت نفسي أربعين سنة حتى استقامت".
وقال يوسف بن الحسين: "كم اجتهد في إسقاط الرياء فينبت على لون آخر".
حقا إن الإخلاص عزيز ولكن قليل من يعرفه
وكما قيل: "من شهد إخلاصه الإخلاص، احتاج إخلاصه إلى إخلاص".
قال هشام الدستوائي: "والله ما أستطيع أن أقول إنّي ذهبت يوماً قط أطلب الحديث أريد به وجه الله عز وجل".
وخلاصة تعريف الإخلاص كما قال سهل: "نظر الأكياس في تعريف الإخلاص فلم يجدوا غير هذا: أن تكون حركته وسكونه في سره وعلانيته لله وحده
لا يمازجه شيء لا نفس ولا هوى ولا دنيا. فلا يعمل لاكتساب محمدة ولا لتصنع لمخلوق ويستوي عنده المدح والذم".
يا الله كيف الوصول إلى هذا؟
إنّ ممّا يساعد على الإخلاص حب الله وتعظيمه ومعرفته حق المعرفة ومعرفة النفس،
فمن عرف أنّ الله هو الغني المطاع ذو العزة والعظمة والجبروت.
وعرف نفسه بأنه العبد الذليل الضعيف الحقير لاستحى من الله أن يرى في قلبه شريك من حظ نفس أو طلب ما عند العبيد،
إنّ من عرف قدر نفسه وقدر النّاس لأنزلهم منازلهم ولم يتخذهم شركاء مع رب الأرباب،
ويجب على كل منا أن يجاهد نفسه، ولا يترك لها الحبل على الغارب، بل يؤدبها ويزكها ويكثر من الأعمال الخفية التي لا يطلع عليها إلاّ الله،
ولا يترك العمل خوفا من الرياء، فإنّ هذا الذي يريده الشيطان،
وليذكر نفسه دائما هل سيسرها أن تكون من أول من يسعر بهم النّار يوم القيامة؟
ماذا ستفعل لك نفسك وقتها وماذا سوف يفعل لك هؤلاء النّاس؟
إنّ القلوب بيد الله وحده يقلبها كيف يشاء، فلندعو الله ونستعين به ونتوكل عليه ونسأله سؤال مضطر ونلح في السؤال
ونختار أوقات الإجابة أن يطهر نفوسنا ويصلح قلوبنا، يا الله لقد تعلمنا الكثير ودرسنا الكثير
ولكن أهملنا علم القلوب واهتممنا بعلم الجوارح رغم أنّ تزكية القلوب أهم وأولى،
قال تعالى: {وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10)}
[سورة الشمس: 7-10].
وقال رسولنا صلى الله عليه وسلم «ألا وإن في الجسد مضغة: إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب» [صحيح البخاري: 52].
ورغم أن قصتي قد مر عليها زمان إلاّ أنّني أذكرها وستظل بصمة أذكرها ما حييت.
الله الله في القلب يا عباد الله، فإنّ القلب هو الملك والجوارح له خدام ورعية، فإذا فسد فسدوا، رابطوا على ثغور القلب واحترسوا أن تلتهمه الذئاب الجائعة.
هذه هي قصتي لكم عبرة فاعتبروا يا أولي الألباب
كتبته / ريهام سامح



توقيع أروى آل قشلان
إن نفترق فقلوبنـا سيضمها *** بيت على سحب الإخاء كبير
وإذا المشاغل كممت أفواهنا *** فسكوتنا بين القلوب سفير
بالود نختصر المسـافة بيننا *** فالدرب بين الخافقين قصير
والبعـد حين نحب لامعنى له *** والكون حين نحب جد صغير
أروى آل قشلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس