عرض مشاركة واحدة
قديم 27-08-18, 04:32 PM   #1
مريم بنت خالد
معلمة بمعهد خديجة
مشرفة التفسير
Note خاطرة توحيديّة / {وَرَجُلا سَلَمًا لِرَجُلٍ}





الحمدلله، وبعد.

لو سُئلتُ عن أعظم نِعَم الله على عباده؛
لقلتُ: إنّ من أعظمها (تحريره إيّاهم ممّا سواه)!



فالله -تعالى- قد تكفّل بشؤون عباده وانفرد بخزائن أرزاقهم وتدبير معاشهم والتّشريع لهم؛
ليخرج الواحد منّا من بطن أمّه ويشبُّ ويشيب لا يحمل همًّا سوى إرضاء الله،
ولا يخاف غير الله، ولا يتملّق أحدًا، ولا يقع أسير حاجة أو شخص، ولا يطيع إلا الله ولا ينقاد لغيره وليس لأحد سلطانًا عليه بأمرٍ ونهي إلا الله، ولا يُلجئ ظهرَه إلّا إلى الله، ولا يقصد بعمله إلّا الله (= لا إله إلا الله).

يبيت ويصبح خاليَ البال واسع الصّدر حرّ الإرادة والفعل،
يمشي في الدّنيا ويطرق الأسباب دون أن يتعلق قلبه بأيٍّ منها، يعلم أن الأصل هو إذنُ الله لا وجود الأسباب أو عدمها،
ويعلم أنّه إذا فقد شيئًا ففي ملك الله ما يعوّضه، سيانٌ عنده إن جُهِل أو عُلِم ما دام الله يعلمه وما دام أجره على الله،
يصل هذا ويحسن إلى ذاك ويكفّ شرّه عنهم لله لا لأجلهم.

ولا أظنّ عقيدةً غير عقيدة التوحيد الإسلاميّة تكفل هذا للبشرية؛
فالذين يحرّرون المرء من بقية السلطات؛ يُعبّدونه لشهوات نفسه، وغاياته الدنيوية؛ فيكون عبدًا للمنصب أو الدينار أو الموضة أو العشق أو النجاح المادي أو المتعة واللّذة،
وترى الواحد منهم أسيرَ حاجته، وربما تنتهي -بفواتها- حياتُه أو تصير جحيمًا.

أمّا المسلم الموحّد فيباشر تلك الأشياء ويتمتّع بها تمتّعًا معتدلًا موزونًا بميزان الشّرع، وبنفسٍ سامية حرّة لا تُستذل بأمور دنيّة ولا تخضع إلّا للربّ الأعلى.

أمّا ما أوجبه الله من الطاعة لبعض البشر كالوالدين، الزوج، ولاة الأمر؛
• فقد أوجبه الله لحكمة ولانتظام مصالح العباد به،
• ولم يوجب -سبحانه- الطاعة العمياء المطلقة، وإنّما هي طاعة بالمعروف في نطاق سلطاتهم، وفي الحديث: "لا طاعةَ في المعصيةِ، إنّما الطاعةُ في المعروفِ"،
(*) ويمكن مراجعة ضوابط تلك الطّاعات في أبوابها.
وتكون طاعتهم خالصة لله؛ فنطيعهم طاعةً لله لا لعينهم، ونطلب بذلك رضا الله وموافقة أمره، لا نقصد ودّهم لذواتهم ولا نتعبّد لهم.


والله أعلم

مريم بنت خالد
16 ذي الحجّة 1439ه
27 8 2018م




توقيع مريم بنت خالد
لا تسألوني عن حياتي فهي أسرار الحياة،
هي منحة .. هي محنة .. هي عالمٌ من أمنيات،
قد بعتها لله ثمّ مضيت في ركب الهداة () *
مريم بنت خالد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس