الموضوع: رحلة ( حج قلب❤)
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-08-14, 02:46 PM   #22
مُزن
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 18-09-2011
المشاركات: 143
مُزن is on a distinguished road
افتراضي


📩رحلة ( حج قلب❤)
2⃣0⃣آية (16)

{وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ(16)}
🌸لما بين سبحانه هذه الآيات المرئية، في هذه الأساليب العلية، هذا البيان الشافي الهادي بإعجاز حكمه، بين أنه معجز أيضاً بنظمه، فقال: {وكذلك} أي ومثل ما بينا هذه الآيات المرئية التي أنزلنا كلامنا لبيان حِكمها وإظهار أسرارها .
قوله {أَنزَلْنَاهُ..}أي: القرآن .
والإنزال يحمل معنى العلو، فإنْ رأيتَ في هذا التشريع الذي جاءك في القرآن ما يشقُّ عليك أو يحولُ بينك وبين ما تشتهيه نفسك، فاعلم أنه من أَعْلى منك، من الله، وليس من مُسَاوٍ لك، يمكن أنْ تستدرك عليه أو تناقشه: لماذا هذا الأمر؟ ولماذا هذا النهي؟ فطالما أن الأمر يأتيك من الله فلابد أن تسمع وتطيع ولا تناقش.
ولنا أُسْوة في هذا التسليم بسيدنا أبي بكر لما قالوا له: إن صاحبك يقول: إنه أُسْرِي به الليلة من مكة إلى بيت المقدس، ثم عُرِج به إلى السماء، فما كان من الصِّديِّق إلا أنْ قال: إنْ كان قال فقد صدق، هكذا دون مناقشة، فالأمر من أعلى، من الله.
وقلنا: إنك لو عُدْتَ مريضاً فوجدتَ بجواره كثيراً من الأدوية فسألته: لماذا كل هذا الدواء؟ قال: لقد وصفه الطبيب، فأخذت تعترض على هذا الدواء، وتذكر من تفاعلاته وأضراره وعناصره، وأقحمت نفسك في مسألة لا دَخْلَ لك بها.
هذا قياس مع الفارق ومع الاعتراف بأخطاء الأطباء في وصف الدواء، لكن لتوضيح المسألة ولله المثل الأعلى، وصدق القائل:
سُبْحانَ مَنْ يَرِثُ الطَّبِيبَ وطِبَّهُ *** ويُرِي المريض مَصَارِعَ الآسِينا
إذن: حجة كل أمر ليس أن نعلم حكمته، إنما يكفي أنْ نعلم الآمر به.
ومعنى {آيَاتٍ..} أي: عجائب {بَيِّنَاتٍ..} واضحات.
و كلمة الآيات تُطلَق على معَانٍ ثلاثة:
🍃 الآيات الكونية التي تُثبِت قدرة الله، وبها يستقر الإيمان في النفوس، ومنها الليل والنهار والشمس والقمر،
🍃والآيات بمعنى المعجزات المصاحبة للرسل لإثبات صِدْق بلاغهم عن الله،
🍃والآيات التي يتكوَّن منها القرآن، وتُسمَّى (حاملة الأحكام).
فالمعنى هنا {وكذلك أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ..} تحمل كلمة الآيات كُلَّ هذه المعاني، فآيات القرآن فيها الآيات الكونية، وفيها المعجزة، وهي ذاتها آيات الأحكام.
🍀وكون القرآن مشتملا على متشابهات وغوامض لا ينافى كون آياته بينات لانه ليس فيه ما لا يعلم معناه لكن العلماء يتفاوتون فى طبقات المعرفة هدانا الله وإياكم الى ما هدى العلماء الراسخين اليه وشرفنا فى كل غامض بالاطلاع عليه

ثم يقول سبحانه: {وَأَنَّ الله يَهْدِي مَن يُرِيدُ..}
الله تعالى يهدي به ابتداء أو يثبت على الهدي أو يزيد فيه من يريد هدايته أو ثباته أو زيادته فيها.
وفى الحديث (ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين) اى يرفع بالقرآن درجة أقوام وهم من آمن به وعمل بمقتضاه ويحط به أقواما آخرين وهم من اعرض عنه ولم يحفظ وصاياه وكان نظر الصحابة رضى الله عنهم وشغلهم فى الأحوال والأعمال ولذا كانوا يتعلمون عشر آيات لا يجاوزونها الى غيرها حتى يعملوا بما فيها قال فى الاحياء مات النبي عليه السلام عن عشرين الفا من الصحابة ولم يحفظ القرآن منهم الا ستة اختلف منهم فى اثنين فكان أكثرهم يحفظ السورة او السورتين وكان الذي يحفظ البقرة والانعام من علمائهم .
☀فالاشتغال بعلم القرآن والعمل بمقتضاه من علامات الهداية ولا بد من الاجتهاد آناء الليل وأطراف النهار الى ان يحصل المقصود فإن من أراد ان يصل الى ماء الحياة يقطع الظلمات بلا فتور وجمود والملال من العلم واستماعه سبب الانقطاع عن طريق التحقيق واثر الحرمان من العناية والتوفيق.

🍁ومن المسائل التي وقف الناس حولها طويلاً هذه وقوله: {يُضِلُّ مَن يَشَآءُ وَيَهْدِي مَن يَشَآءُ..} [النحل: 93] وأمثالها تمسَّك بها مَنْ ليس لهم حَظٌّ من الهداية، يقولون: لم يُرِدِ الله لنا الهداية، فماذا نفعل؟ وما ذنبنا؟
وهذه وقفة عقلية خاطئة؛ لأن الوَقْفة العقلية تقتضي أنْ تذكر الشيء ومقابله، أما هؤلاء فقد نبَّهوا العقل للتناقض في واحدة وتركوا الأخرى، فهي- إذن- وَقْفة تبريرية، فالضال الذي يقول: لقد كتب الله عليَّ الضلال، فما ذنبي؟ لماذا لم يَقُلْ: الطائع الذي كتب الله له الهداية، لماذا يثيبه؟!
فلماذا تركتم الخير وناقشتم في الشر؟
من يحتج بأن كُتب عليه الضلال نقول كيف علمت أنه كتب عليك الضلال فسلكت طريق الضلال أنت أقدمت على طريق الضلال باختيارك ولم تسلكه لأنك علمت أنك من أهل الضلال. لماذا لا تقول كتب علي الهداية وتجتهد في سبيل الهداية؟
⚡والمتأمل في الآيات التي تتحدث عن مشيئة الله في الإضلال والهداية يجد أنه سبحانه قد بيِّن مَنْ شاء أنْ يُضلّه، وبين مَنْ شاء أنْ يهديه، اقرأ قوله تعالى: {إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الكافرين} [المائدة: 67] إذن: كُفْره سابق لعدم هدايته وقوله: {إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الفاسقين} [المنافقون: 6] وقوله: {إِنَّ الله لاَ يَهْدِي القوم الظالمين} [القصص: 50].
إنما يهدي مَنْ آمن به، أما هؤلاء الذين اختاروا الكفر واطمأنوا إليه وركنوا، فإن الله تعالى يختم على قلوبهم، فلا يدخلها الإيمان، ولا يخرج منها الكفر، لأنهم أحبُّوه فزادهم منه كما زاد المؤمنين إيماناً: {والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى..} [محمد: 17].
🌷والهداية هنا بمعنى الدلالة على الخير، مثلاً، ولله تعالى المثَل الأعلى: هَبْ أنك تسلك طريقاً لا تعرفه، فتوقفتَ عند جندي المرور وسألته عن وجهتك فدلَّكَ عليها، ووصف لك الطريق الموصِّل إليها. لكن، هل دلالته لك تُلزمك أنْ تسلك الطريق الذي وُصِف لك؟
بالطبع أنت حُرٌّ تسير فيه أو في غيره. فإذا ما حفظتَ لرجل المرور جميلَهُ وشكرته عليه، ولمس هو فيك الخير، فإنه يُعينك بنفسه على عقبات الطريق، وربما ركب معك ليجتاز بك منطقة خطرة يخاف عليك منها. هذا معنى: {والذين اهتدوا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقُوَاهُمْ} [محمد: 17].
أما لو تعاليتَ على هذا الرجل، أو اتهمته بعدم المعرفة بمسالك الطرق، فإنه يدعُكَ وشأنك، ويضِنُّ عليك بمجرد النصيحة.
وهكذا.. الحق سبحانه وتعالى دَلَّ المؤمن ودَلَّ الكافر على الخير، المؤمن رضي بالله وقَبِل أمره ونَهْيه، وحمد الله على هذه النعمة، فزاده إيماناً وأعانه على مشقة العبادة، وجعل له نوراً يسير على هَدْيه، أما الكافر فقد تركه يتخبّط في ظلمات كفره، ويتردد في متاهات العمى والضلال.

🌵وإرادة الله قد قررت سبق الهدى والضلال . فمن طلب الهدى تحققت إرادة الله بهدايته , وفق سنته , وكذلك من طلب الضلال . إنما يفرد هنا حالة الهدى بالذكر , بمناسبة ما في الآيات من بيان يقتضي الهدى في القلب المستقيم .

⚡هذا القرآن آيات بينات واضحات لكل من رام الهداية وسعي لها . فلا حجة لك أيها القلب ان تحيد عن الطريق وتعتذر بصعوبة معانية فهو آيات بينات ولكن علم الهادي سبحانه استكبارك وركونك للراحة فصرفك عنه لانك لست أهلا للآيات البينات ولست أهلا للهداية والرشاد.
🌵ألم يأن لك أيها القلب أن تشمر فتغوص في أعماق معانية وتستخرج منها كنوز العلم والهدى وتسأل مولاك الهداية والتوفيق ؟؟؟؟
🌴اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى🌴

سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبحَمْدِكَ, أشْهَدُ أنّ لا إلهَ إلّا أنْتَ, أسْتَغْفِرُكَ وَأتُوبُ إليْكَ
مُزن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس