عرض مشاركة واحدة
قديم 15-11-15, 03:45 PM   #2
إشراف معهد أم المؤمنين خديجة
|الحياة العيش مع القرآن|
 
تاريخ التسجيل: 28-05-2008
المشاركات: 1,964
إشراف معهد أم المؤمنين خديجة is on a distinguished road
افتراضي كلمــــــــة المشــــرف العــــــام

كلمة المشرف العام فضيلة الشيخ الدكتور / عبد السلام بن إبراهيم الحصين -حفظه الله تعالى-

كلمة بمناسبة تخريج دفعة من حافظات كتاب الله تبارك وتعالى

الحمد الله مستحق الحمد وأهله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، السيد المجتبى، والإمام المصطفى، والشافع المشفع، صلوات الله وسلامه عليه، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن القرآن أصل الأصول، وقاعدة الدين، بتطبيق أحكامه تصلحُ الأمور كُلُّها، وبالعمل به تستقيم أحوال العباد في حياتهم كُلِّها، فيجتمع شملهم، وتقوى كلمتهم، وتتآلف قلوبهم، ويدركوا مطلوبهم في الدنيا والآخرة.
أنزل الله هذا القرآن العظيم على عبده وخليله، وفصَّله وبينه وأحكمه؛ ليقرأه للناس على مكث، أي على تؤدة؛ لأجل أن تُفهم أحكامه، وتستبين معانيه، ويُتلى حق التلاوة، فكان نبينا عليه الصلاة والسلام يفعل ذلك، فيقرأ القرآن على مكث، ويتعلم الصحابة منه، ويتلقونه مشافهة، فلما أحكموه حفظًا، وأتقنوه فهمًا، وتأولوه قولا وفعلا([1])، نقلوه إلى من بعدهم، وعلَّموا التابعين كما تعلَّموا، وأقرؤوهم كما قرؤوا، فكان لعلي ابن أبي طالب، وأبي ابن كعب، وعبد الله بن مسعود، وأبي ذر، وعثمان بن عفان، وزيد بن ثابت، وغيرهم كثير، حلق في المساجد، يتعلم الناس منهم كتاب الله جل وعلا، قراءة وفهمًا وعملا، ثم سار على هذا النهج التابعون ومن بعدهم، إلى يومنا هذا، وكتاب الله العظيم، تتلقاه الألسن، خلفًا عن سلف، ويأخذونه من الأفواه غضًا طريًا، كأنما نزل الآن على محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهذا لون من ألوان الحفظ الذي تعهد الله به لكتابه، أن يكون مستودعًا في الصدور، تؤمن به القلوب، وتتلوه الألسن، وتعمل به الجوارح كلها.
إن مَنْ حـمل القرآن بين جنبيه، فقد حـَمَل حِـمْلا عظيمًا، وفاز فوزًا كبيرًا، إن صدَّقت أفعالُه أقوالَه، واستقامت جوارحُه على كتاب ربه، فما أعظمه من فوز، وما أجله من كنز.
وإن لحلقات معهد أم المؤمنين خديجة بنت خويلد، التابعة لملتقى طالبات العلم، من حفظ كتاب الله وتعلمه نصيبًا وافرًا، وحظًا عظيمًا، وقسطًا كبيرًا، فما تزال طالبات العلم تتخرج من هذه الحلقات تترا، فوجًا بعد فوج، وعطاء بعد عطاء.
وإننا بهذه المناسبة لنقدم مجموعة من الحافظات لكتاب الله جل وعلا، قد وضعت أقدامها على أوائل الطريق في العمل بكتاب الله تبارك وتعالى، ويتلو خطوتها خطوات، في فهم القرآن وتدبره، والعمل به، والتخلق بأخلاقه، والتأدب بآدابه، والتحلي بأحكامه، وتلاوته حق التلاوة.
إن هذا الشرف فيه تكليف، فلا ينبغي لحامل القرآن أن يكون نصيب القرآن غير الحفظ والمراجعة فقط، وتجويد حروفه في التلاوة، دون نظر في معانيه، وتدبر لكلماته، وعمل بمحكمه، وإيمان بمتشابهه.
فدونكن أيتها الحافظات هذا الفوز الكبير، والكنز العظيم، الذي لا ينال براحة الجسد، ولا بالتمني والتحلي، ولكن بالجد والعمل، والصبر والمصابرة، والتواصي بالحق والصبر.
جعلنا الله وإياكم هداة مهتدين، وأظلنا في ظله، وجمعنا في مستقر رحمته، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله.
وكتب
عبد السلام بن إبراهيم بن محمد الحصين
10/6/1436
_______________
([1]) أي عملوا به في أقوالهم وأفعالهم.

إشراف معهد أم المؤمنين خديجة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس