عرض مشاركة واحدة
قديم 19-11-16, 02:30 PM   #5
أم إبراهيم السلفية
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 13-10-2013
الدولة: فرنسا - ليل
المشاركات: 204
أم إبراهيم السلفية is on a distinguished road
افتراضي

حكم الإسلام في شعر الرأس الصناعي (الباروكة)

لفضيلة الشيخ عبدالعزيز بن باز رحمه الله

الحمد لله والصّلاة والسّلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد ثبت في الصّحيحين، عن معاوية رضي الله عنه أنه خطب الناس على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتناول قصة من الشعر، كانت بيد حرسي، فقال: (أين علماؤكم يا أهل المدينة؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذه، ويقول: ((إنّما هلكت بنو إسرائيل حين اتخذ هذه نساؤهم))، وفي لفظ لمسلم: ((إنّما عذّب بنو إسرائيل لما اتّخذ هذه نساؤهم))،

وفي الصّحيحين أيضاً، واللّفظ لمسلم، عن سعيد بن المسيب قال: (قدم معاوية المدينة فخطبنا، وأخرج كُبَّة من شعر فقال: ما كنت أرى أن أحداً يفعله إلاّ اليهود، إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه فسمّاه: الزّور).

وفي لفظ آخر لمسلم: أنّ معاوية رضي الله عنه قال ذات يوم: (إنّكم قد أحدثتم زيّ سوء، وإنّ نبيّ الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الزّور).

قال النّووي رحمه الله في شرح مسلم، عند كلامه على هذا الحديث: (قوله قصّة من شعر، قال الأصمعي وغيره: هي شعر مقدّم الرّأس المقبل على الجبهة، وقيل: شعر النّاصية)، قال: (وقوله: وأخرج كبّة من شعر هي بضم الكاف وتشديد الباء، وهي شعر مكفوف بعضه على بعض، وقال صاحب القاموس: القصّة بالضم: شعر النّاصية).

وفي هذا الحديث الدّلالة الصّريحة على تحريم اتّخاذ الرّأس الصّناعي، المسمّى: (الباروكة)؛ لأنّ ما ذكره معاوية رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصّحيح، في حكم القصّة والكبّة ينطبق عليه، بل ما اتّخذه النّاس اليوم ممّا يسمى (الباروكة) أشدّ في التّلبيس وأعظم في الزّور، إن لم يكن هو عين ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم عن بني إسرائيل فليس دونه، بل هو أشدّ منه في الفتنة والتّلبيس والزّور، ويترتّب عليه من الفتنة ما يترتّب على القصّة والكبّة، إن لم يكن هو عينهما، ولا فرق في ذلك بين الذّكر والأنثى؛ لأنّ العلّة تعمّهما جميعاً.

وبذلك يكون محرّماً من وجوه أربعة:

أحدها:
أنّه من جملة الأمور التي نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم والأصل في النّهي: التّحريم؛ لقول الله تعالى: ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ )[1] وقوله صلى الله عليه وسلم: ((
ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فأتوا منه ما استطعتم)) الحديث متفق على صحته.

الثاني:أنّه زور وخداع.

الثّالث:أنّه تشبّه باليهود، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّه قال: ((مَن تشبّه بقوم فهو منهم)).

الرّابع:أنّه من موجبات العذاب والهلاك؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((إنّما هلكت بنو إسرائيل لما اتّخذ مثل هذه نساؤهم))

ويؤيّد ما ذكرنا من تحريم اتّخاذ هذا الرّأس أنّه أشد في التّلبيس والزّور والخداع من وصل الشّعر بالشّعر، وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصحيحين وغيرهما: ((أنّه لعن الواصلة والمستوصلة)) والواصلة: هي التي تصل شعرها بشعر آخر، ولهذا ذكر البخاري رحمه الله هذا الحديث - أعني حديث معاوية - في باب وصل الشعر؛ تنبيهاً منه رحمه الله على أن اتخاذ مثل هذا الرأس الصناعي في حكم الوصل، وذلك يدل على فقهه رحمه الله، وسعة علمه، ودقّة فهمه، ووجه ذلك أنّه إذا كان وصل المرأة شعرها بما يطوله أو يكثره ويكبره حراماً تستحق عليه اللّعنة؛ لما في ذلك من الخداع والتدليس والزور، فاتّخاذ رأس كامل مزور أشد في التّدليس وأعظم في الزّور والخداع، وهذا بحمد الله واضح.

فالواجب على المسلمين محاربة هذا الحدث الشّنيع، وإنكاره، وعدم استعماله، كما يجب على ولاّة الأمور - وفّقهم الله - منعه والتّحذير منه عملاً بِسُنَّة الرّسول صلى الله عليه وسلم وتنفيذاً لمقتضاها، وحسماً لمادة الفتنة، وحذراً من أسباب الهلاك والعذاب، وحماية للمسلمين من مشابهة أعداء الله اليهود، وتحذيراً لهم ممّا يضرّهم في العاجل والآجل.

والله المسئول أن يصلح أحوال المسلمين، وأن يفقّههم في الدّين، وأن يعيذهم من كل ما يخالفه، وأن يوفّق ولاّة أمرهم لكلّ ما فيه صلاح العباد والبلاد، في المعاش والمعاد، إنّه ولي ذلك والقادر عليه، وصلّى الله على نبيّنا محمّد، وآله وصحبه وسلم.
_________________________________
[1] سورة الحشر الآية 7.

المصدر:
http://www.binbaz.org.sa/mat/8686
(منقول للأهمية)



توقيع أم إبراهيم السلفية
[CENTER] [CENTER][CENTER][B][COLOR=fuchsia][FONT=&quot]وما من كــاتب إلا سيلقى .. .. .. كتابته وإن فنيت يـــداه[/FONT][/COLOR][/B][/CENTER]
[/CENTER]
[CENTER][CENTER][B][COLOR=fuchsia][FONT=&quot]فلا تكتب بحظك غير شيء .. .. .. يسرك في القيامة أن تراه[/FONT][/COLOR][/B][/CENTER]
[/CENTER]
[/CENTER]
أم إبراهيم السلفية غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس