عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-12, 08:03 PM   #2
لآلئ الدعوة
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي



7ـ الحذر من اليأس من إصلاح النفس:
فهناك من إذا ابتلي بمساوئ الأخلاق ظن أن ذلك الأمر ضربة لازب لا تزول، وأنه وصمة عار لا تنمحي.
وهناك من إذا حاول التخلص من عيوبه مرة أو أكثر فلم يفلح ـ أيس من إصلاح نفسه، وترك المحاولة إلى غير رجعة.
وهذا الأمر لا يحسن بالمسلم، ولا يليق به أبدا؛ فلا ينبغي له أن يرضى لنفسه بالدون، وأن يترك رياضة نفسه؛ زعما منه أن تبدل الحال من المحال.
بل ينبغي له أن يقوي إرادته، ويشحذ عزيمته، وأن يسعى لتكمل نفسه، وأن يجد في تلافي عيوبه؛ فكم من الناس من تبدلت حاله، وسمت نفسه، وقلت عيوبه بسبب دربته، ومجاهدته، وسعيه، وجده، ومغالبته لطبعه.
قال ابن المقفع: "وعلى العاقل أن يحصي على نفسه مساويها في الدين، وفي الأخلاق، وفي الآداب، فيجمع ذلك كله في صدره، أو في كتاب، ثم يكثر عرضه على نفسه، ويكلفها إصلاحه، ويوظف ذلك عليها توظيفا من إصلاح الخلة أو الخلتين في اليوم، أو الجمعة، أو الشهر.فكلما أصلح شيئا محاه، وكلما نظر إلى محو استبشر، وكلما نظر إلى ثابت اكتأب" الأدب الصغير والأدب الكبير، ص54.
يقول الإمام ابن حزم ـ رحمه الله ـ متحدثا عن تجربته مع نفسه، وعن محاولاته في التخلص من عيوبه، وعن النتائج التي حصل عليها من جراء ذلك، يقول: "كانت في عيوب، فلم أزل بالرياضة، واطلاعي على ما قالت الأنبياء ـ صلوات الله عليهم ـ والأفاضل من الحكماء المتأخرين والمتقدمين في الأخلاق وآداب النفس، أعاني مداوتها، حتى أعان الله ـ عز وجل ـ على أكثر ذلك بتوفيقه ومنّه.
وتمام العدل، ورياضة النفس، والتصرف بالأمور ـ هو الإقرار بها؛ ليتعظ بذلك متعظ يوما إن شاء الله.
فمنها(أي عيوبه) كلف في الرضاء، وإفراط في الغضب، فلم أزل أداوي ذلك حتى وقفت عند ترك إظهار الغضب جملة بالكلام، والفعل، والتخبط، وامتنعت مما لا يحل من الانتصار، وتحملت من ذلك ثقلا شديدا، وصبرت على مضض مؤلم كان ربما أمرضني، وأعجزني ذلك في الرضا، وكأني سامت نفسي؛ لأنها تمثلت أن ترك ذلك لؤم.
ومنها دعابة غالبة، فالذي قدرت عليه منها إمساكي عما يغضب الممازح، وسامحت نفسي فيها؛ إذ رأيت أن تركها من الانغلاق، ومضاهيا للكبر.
ومنها عجب شديد، فناظر عقلي نفسي بما يعرفه من عيوبها حتى ذهب ذلك كله، ولم يبق له ـ والحمد لله ـ أثر، بل كلفت نفسي احتقار قدرها جملة، واستعمال التواضع.
ومنها حركات كانت تولدها غرارة الصبا، وضعف في الإغضاء، فقصرت نفسي على تركها فذهبت.
ومنها محبة في بعد الصيت والغلبة، فالذي وقفت عليه في معاناة هذا الداء الإمساك فيه عما لا يحل في الديانة، والله المستعان على الباقي"1 الأخلاق والسير في مداواة النفوس لابن حزم، ص 33ـ 34.
وقال ـ أيضا ـ "ومنها إفراط في الأنفة بغّضتْ إلي نكاح الحُرُم بكل وجه، وصعبت ذلك في طبيعتي، وكأني توقفت عن مغالبة هذا الإفراط الذي أعرف قبحه لعوارض اعترضت علي والله المستعان.
ومنها عيبان قد سترهما الله ـ تعالى ـ وأعان على مقاومتهما، وأعان بلطفه عليهما، فذهب إحداهما البتة ـ والحمد لله ـ وكأن
السعادة كان موكلة بي، فإذا لاح منه طالع قصدت طمسه، وطاولني الثاني منهما، فكان إذا ثار منه مدوده(جمع مد وهو كثرة الماء). نبضت عروقه، فيكاد يظهر، ثم يسر الله قَدْعَهُ بضروب من لطفه حتى أخلد.
ومنها حقد مفرط، قدرت بعون الله ـ تعالى ـ على طيه وستره، وغلبته على إظهار جميع نتائجه، وأما قطعه البتة فلم أقدر عليه، وأعجزني أن أصادق من عادني عداوة صحيحة أبدا" الأخلاق والسير، ص 34.
8ـ علو الهمة:
فعلو الهمة يستلزم الجد، والإباء، ونشدان المعالي، وتطلاب الكمال، والترفع عند الدنايا، والصغائر، ومحقرات الأمور.
والهمة العالية لا تزال بصاحبها تضربه بسياط اللوم والتأنيب، وتزجره عن مواقف الذل، واكتساب الرذائل، وحرمان الفضائل حتى ترفعه من أدنى دركات الحضيض إلى أعلى مقامات المجد والسؤدد.
قال ابن القيم ـ رحمه الله ـ: "فمن علت همته، وخشعت نفسه اتصف بكل خلق جميل، ومن دنت همته، وطغت نفسه اتصف بكل خلق رذيل" الفوائد لابن القيم، ص 211.
وقال ـ رحمه الله ـ: "فالنفوس الشريفة لا ترضى من الأشياء إلا بأعلاها، وأفضلها، وأحمدها عاقبة.
والنفوس الدنيئة تحوم حول الدناءات، وتقع عليها كما يقع الذباب على الأقذار؛ فالنفوس العلية لا ترضى بالظلم، ولا بالفواحش، ولا بالسرقة ولا بالخيانة؛ لأنها أكبر من ذلك وأجل.والنفوس المهيمنة الحقيرة الخسيسة بالضد من ذلك" الفوائد، ص 266.
فإذا توفر المرء على اقتناء الفضائل، وألزم نفسه على التخلق بالمحاسن، ولم يرض من منقبة إلا بأعلاها، ولم يقف عند فضيلة إلا وطلب الزيادة عليها، واجتهد فيما يحسن سياسة نفسه عاجلا، ويبقي لها الذكر الجميل آجلا ـ لم يلبث أن يبلغ الغاية من التمام، ويرتقي إلى النهاية من الكمال، فيحوز السعادة الإنسانية، والرئاسة الحقيقية، ويبقى له حسن الثناء مؤبدا، وجميل الذكر مخلدا"... انظر تهذيب الأخلاق للجاحظ، ص 61.
9ـ الصبر:
فالصبر من الأسس الأخلاقية التي يقوم عليها الخلق الحسن؛ فالصبر يحمل على الاحتمال، وكظم الغيظ، وكف الأذى، والحلم، والأناة، والرفق، وترك الطيش والعجلة .....تهذيب مدارج السالكين2/294.
وقل من جد في أمر تطلبه ... واستصحب الصبر إلا فاز بالظفر
10ـ العفة:
فهي تحمل على اجتناب الرذائل والقبائح من القول والفعل، وتحمل على الحياء وهو رأس كل خير، وتمنع من الفحشاء، والبخل، والكذب، والغيبة، والنميمة .... تهذيب مدارج السالكين2/294..

ويتبع بقية الأسباب إن شاء الله تعالى ...
اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق؛ لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عنا سيئها ؛ لا يصرف عنا سيئها إلا أنت ...









توقيع لآلئ الدعوة
[sor2]http://vb.jro7i.net/storeimg/girls-top.net_1338687781_970.jpg[/sor2]
لآلئ الدعوة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس