عرض مشاركة واحدة
قديم 27-08-10, 01:43 AM   #32
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بـــسـم اللــه الـرحــمــن الرحــيـــم


قـــلـــوب الصـــــــائــمــــيـــن


التــضــرَّع و الخضــوع




الحمد لله رب العالمين .. والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين ..

أما بعـــــــــد..

فإن من الأعمال الصالحة التي تتقرب القلوب بها إلى الله جل وعلا ، وخصوصًا في هذا الشهر المبارك ، شهر رمضــــــــــان ..التضرع والخضوع بين يدي الله جل وعلا ..



والمراد بالتضرع.. التدلل لله تعالى والخضوع له ، والانكسار بين يديه محبًة وتعظيمًا ، فإن دين الإسلام مبني على هذا المعنى ، إذ إن تعريف الإسلام هو الاستسلام لله وحده ، فأصل الاستسلام يكون في القلب بالخضوع لله وحده ، وبعبادته سبحانه وحده دون من سواه .

ومن هنا ..فإن الناظر في النصوص الشرعية يجد أنها ترغبّ في التضرّع بين يدي الله والإخبات له سبحانه ، فالتضرّع يكون في الدعاء كما قال تعالى ) ادعُوا رَبَّكُم تَضَرُّعًاً وخُفيَة إنَّهُ لا يُحِبُّ المُعتَدِين (والتضرع يكونعند ذكر الله تعالى كما قال سبحانه) وَاذكُر رَبَّكَ فِي نَفسِكَ تَضَرُّعًا وخِيفة وَدُونَ الجَهرِ مِنَ القَولِ بِالغُدُوِّ والآصَالِ وَلا تَكُ مِنَ الغَافِلِين (،وكان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذهب إلى أداء الصلاة أن يكون متضرّعًا خاضعًا ، وقد ذكر ابن عباس رضي الله عنهما صفة النبي صلى الله عليه وسلم عند ذهابه لصلاة الاستسقاء ، وكان من ذلك أنه يذهب متخشّعًا متخضّعًا متضرّعا ..



إن الله تعالى يرسل المصائب للناس لعلهم يخضعون لربهم جل وعلا ، كما قال سبحانه ) وَلَقَد أرسَلنَا إلىَ أمَمٍ مِنقَبلِكَ فَأخَذنَاهُم بِالبَأسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُم يَتَضَرَّعُون فَلَولاَ إذ جَاءَهُم بَأسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكن قَسَت قُلُوبُهُم(وقال سبحانه) قُل مَن يُنَجِيكُم مِن ظُلُمَاتِ البَرِّ والبَحرِ تدعُونَهُ تَضَرُّعًا وخُفيَة لئِن أنجانَا مِن هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَاكِرِينقُلِ اللهِ يُنَجّيِكُم مِنهَا ومَن كُلِّ كَربٍ ثُمَّ أنتُم تُشرِكُون (وقال سبحانه) وَمَا أرسَلنَا فِي قَريَةٍ مِن نَبِي إلا أخذنَا أهلَهَابِالبَأسَاءِ والضَّرَّاءِ لَعَلَّهُم يَضَّرَّعُون (وقال الله جل وعلا مبيناً ًحال أهل الإيمان عند وصول النصوص الشرعيةإليهم) وَليَعلَمَ الّذِينَ أتُوا العِلمَ أنَّهُ الحَقَّ مِن رَبِّك فَيُؤمِنُوا بهِ فَتُخبِتَ لَهُ قُلُوبُهُم وإنَّ اللهَ لَهَادِي الّذينَ آمَنُوا إلىَ صِرَاطٍمُستَقِيم (ويقول سبحانه مُبينًا ثمرات الإخبات إلى الله والخضوع له جل وعلا) إنَّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُواالصّالِحَاتِ وَأخبَتُوا إلَىَ رَبِّهِم أولَئِكَ أصحَابُ الجَنّة هُم فِيهَا خَالِدُون (ويقول جل وعلا) وبَشِّرِ المُخبِتِين (..

قال ابن عباس :[ هم المتواضعون ] وقال غيره : [ المتضرعون ] .



الإخبات إلى الله .. يورث الطمأنينة ، والثقة بالله وحسن الظن به سبحانه ، والإخبات إلى الله يقطع تعلّق القلب بغير الله ..



ومن مظاهر الخضوع لله والإخبات بين يديه .. الركوع والسجود الّلذان يدلّان على غاية الخضوع لله ، الخاشع المتضرع يسأل الله مسألة المسكين الذليل الذي انكسر قلبه ، وذلّت جوارحه ، وخشع صوته حتى إنه لا يكاد تبلغ ذلّتُه ومسكنته وضراعته إلى أن ينكسر لسانه .



ومن أكبر الدواء لما يصيب الإنسان من البلاء .. التضرع لله وحده ، لا سيّما في أوقات الإجابة ..

إن قلوب العابدين تُحصّل في أوقات السحر من الرقة والتضرع وحلاوة العبادة ، ما يجعل العبد يحسّ بمخاطبته لربه ..



إن العبد المؤمن يحركه إلى التضرع والخضوع لله .. مشاهدة قدرة الله .. واستحضار عظمة الله وغناه .. مع معرفة العبد بشدّة حاجته إلى ربه جل وعلا ، وفقره إليه ، واضطراره لمعونته مع ما لدينا من نقص وتقصير..



إن التضرع بين يدي الله.. يجعل القلب حاضرا ًحال مخاطبتنا مع الله جل وعلا ، قال ابن القيم : [ إذا اجتمع مع الدعاء حضور القلب واجتماعه بكلّيّته على المطلوب ، وصادف وقتا ًمن أوقات الإجابة ، وصادف خشوعا ًفي القلب ، وانكسارا ًبين يدي الرب ، وذلّا ًله وتضرعا ًورغبة ، واستقبل الداعي القبلة وكان على طهارة ، ورفع يديه إلى الله تعالى وبدأ بحمد الله والثناء عليه ، ثم ثنّى بالصلاة على محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم ، ثم قدّم بين يدي حاجته التوبة والاستغفار ، ثم دخل على الله وألحّ عليه في المسألة ، وتملّقه ودعاه رغبة ورهبة ، وتوسّل إليه بأسمائه وصفاته وتوحيده ، وقدّم بين يدي دعاءه صدقة ، فإن هذا الدعاء لا يكاد يُردُّ أبدا ولا سيما إن كان الدعاء بالأدعية المأثورة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والتي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنها متضمنة للاسم الأعظم ] .



في الدعاء من الفائدة .. التضرع بين يدي الله جلّ وعلا ، وذلك منتهى العبادات ، فالدعاء يرد القلب إلى الله بالتضرع والاستكانة ، ولذلك كان أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ، لأن الدعاء يرد القلوب إلى الله بالاستكانة والتذلل .



إن ترغيب الشارع في إخفاء بعض العبادات لتكون أعظم في التضرع بين يدي الله ، وأقرب إلى حضور القلب مع الله ، وأبعد عن الرياء والمباهاة ، وأعون على تدبر معنى ما يدعو به الإنسان أو يذكر به ربه ، فيكون ذلك سببا ًمن أسباب علوّ درجته في دنياه وأخراه .

أسأل الله جل وعلا أن يجعلنا وإياكم من المتضرعين بين يدي الله في كل حين .. كما أسأله جل وعلا أن يصلح قلوبنا ، وأن يجعلها متعلقة بالله جل وعلا ..



هذا والله أعلم .. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .....



توقيع طالبة الرضوان
سبحان الله،والحمد لله،ولا إله إلا الله،والله أكبر ..
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس