نهاية رمضان تجعلك تزهد في الحياة, لماذا؟ كل شيء جميل ينتهي, وكل شيء سيء سينتهي, وكل شيء سينتهي, أي شيء سينتهي. يا جماعة كما انقضى رمضان سينقضي العمر كما انقضى رمضان, انقضى رمضان وسينقضي العمر كما انقضى رمضان. لابد أن نفهم أن رمضان يعبر عن عمرك سينتهي وعمرك كله سينتهي. رمضان يُذكرك أنكِ لابد أن تزهدي في الدنيا. نهاية رمضان تُذكرك أن كل شيء في الدنيا ذاهب ومتروك, لابد أن تُفكر في الدار الآخرة. المشهد الذي يصف فيه ربنا سبحانه وتعالى نهاية الكرة الأرضية وآخر لحظة في عمر الكرة الأرضية: (وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الزمر 67.
عندما يقبض الله الأرض, كما أن أي إنسان منا يُقبض وتنتهي حياته, بيموت
(وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) الملك سبحانه وتعالى المهيمن عليها وهي في قبضته من قبل ومن بعد سبحانه وتعالى.
بعد ذلك آخر مشهد في حياة السماوات قبل أن يفعل الله ما يشاء سبحانه وتعالى: (وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ۚ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ) الزمر 67.
بعد ذلك آخر مشهد في حياة الخلائق في السماوات والأرض: (وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) الزمر 68.
مليارات الملائكة في السماوات, ومليارات البشر في الأرض, ومليارات الدواب والحشرات والأسماك والوحوش والطيور, كائنات كلها من أولها لآخرها, عندما يأذن ربنا أن النهاية تكون لشيء يا إخواني.
لحظة النهاية, انقضى رمضان, لابد أن نزهد في هذه الدنيا, كل الناس تقول أن رمضان انقضى سريعاً. يا جماعة ليس ما يُسحب منك دمك نقطة نقطة, الذي يسحب منك هو عمرك ساعة ساعة وشهر شهر, عمرك الذي يُسحب منك أخطر من كل شيء, رصيدك الحقيقي, دمك إذا سُحب منك ممكن تنقل دم, إنما عمرك لو سُحب منك ماذا ستفعل؟ هو فرصتك الوحيدة للوصول إلى الله, فرصتك الوحيدة لإصلاح قلبك, فرصتك الوحيدة لاسترضاء الله, فرصتك الوحيدة لدفع ثمن الجنة برحمة الله سبحانه وتعالى.
نفس العمر الذي أخذته أخذه الصحابة الكرام وفتحوا به العالم, نفس العمر الذي أخذته. نفس العمر الذي أخذتيه أخذته السيدة عائشة وروت فيه ربع شريعة الإسلام كاملة. نفس العمر الذي أخذته أخده الإمام أحمد بن حنبل وألف فيه المسند 30 ألف حديث وهو إمام أهل السنة في الأرض كلها, نفس العمر إخواني في الله.