عرض مشاركة واحدة
قديم 12-12-13, 11:38 AM   #1
فاطمة أم معاذ
|مسئولة الأقسام العلمية|
افتراضي خطة مدارسة التفسير



إنَّ الحمدَ لله نحمدهُ ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله مِن شرورِ أنفسنا وسيئاتِ أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مُضِلَ له، ومن يُضلل فلا هَاديَ لَه، وأشهدُ أن لا إله إلاّ اللهُ وحدهُ لا شريك له، وأشهد أنّ محمدًا عبدهُ ورسوله.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ (102)﴾. [ آل عمران ]

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) ﴾ [ النساء ].


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا(71) ﴾ [ الأحزاب ]

أما بعد.. فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي نبينا محمد r ، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

ثم أما بعد :

لما أهبط اللهُ سُبحانَه وتعالى آدم من الجنة , وعرّضهُ وذُرِّيته لأنواع المِحن والبَلاء , أعطاهُم أَفضلَ مما منعهُم : وهو عهدُه الذي عهِد إليه وإلى بنَيه , وأخبر أنّه من تمَسّك به منهم صار إلى رِضْوانه ودارِ كرامته قال تعالى :﴿ قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعًا فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (38)﴾ [البقرة ] وفي الآية الأخرى قال : ﴿ قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى (126) ﴾ [طه ]والمعنى أيّ وقت وأي ّحين أتاكم مني هدى فمن اتبع هُداي فلا يَضل ولا يَشقى ... قالَ عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : تكفل الله لمن قرأ القرآن وعمل بما فيه أن لا يضل في الدنيا ولا يشقى في الآخرة ثم قرأ : ﴿ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى
فالآية نَفت مُسمّى الضّلال والشّقاء عن مُتبع الهدى مُطلقا فاقتضت أنّه لا يَضل في الدنيا ولا يشقى ولا يضل في الآخرة ولا يشقى فيها ..ولمن أعرض عنه الضلال والشقاء
ومتابعة هدى الله التي رتب عليها هذه الامور هي تصديق خبره من
غير اعتراض شبهة تقدح في تصديقه وامتثال أمره من غير اعتراض شهوة تمنع امتثاله وعلى هذين الأصلين مدار الإيمان وهما تصديق الخبر وطاعة الأمر ويتبعهما أمْرَانِ آخرَانِ وهما نفيُ شُبهات الباطل الواردة عليه المانعة من كمال التصديق ودفع شهوات الغي الواردة عليه المانعة من كمال الامتثال إذ هما - الشُبهات والشَهوات - أصل فسادِ العبد وشقائِه في معاشه ومعادِه والقلب السليم الذي ينجو من عذاب الله هو القلب الذي قد سلم من هذا وهذا
فهو القلب الذي قد سلم لربه وسلّم لأمره ولم تبق فيه منازعة لأمره ولا معارضة لخبره فهو سليم مما سوى الله وأمره لا يريد إلا الله ولا يفعل إلا ما أمره الله .. ومتى كان القلب كذلك فهو سليم من الشرك وسليم من البدع وسليم من الغي وسليم من الباطل وحقيقته أنّه القلب الذي قد سلم لعبودية ربه حياء وخوفا وطمعا ورجاء ففني بحبه عن حب ما سواه وبخوفه عن خوف ما سواه وبرجائه عن رجاء ما سواه وسلم لأمره ولرسوله تصديقا وطاعة ... عرض ما جاء من سواها عليها فما وافقها قبله وما خالفها رده وما لم يتبين له فيه موافقة ولا مخالفة وقف أ مره وأرجأه إلى أن يتبين له واستسلم لقضائه وقدره وسَالَم أولياءَه وحزبه المفلحين الذابّين عن دينه وسنة نبيه القائمين بها وعادى أعداءَه المخالفين لكتابه وسنة نبيه الخارجين عنهما الداعين إلى خلافهما
وهذه المتابعة هي التلاوة التي أثنى الله على أهلها في قوله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ ﴾ [فاطر 29 ] وفي قوله ﴿الَّذِينَ آَتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلَاوَتِهِ أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [البقرة 121]
وقال
﴿ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآَنَ ﴾ [النمل ]
فحقيقة التلاوة في هذه المواضع هي التلاوة المطلقة التامة وهي تلاوة اللفظ والمعنى فتلاوة اللفظ جزء مسمى التلاوة المطلقة وحقيقة اللفظ إنما هي الاتباع
يقال تلوت أثر فلان وقفوته بمعنى تبعته ومنه قوله تعالى ﴿ وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا (1) وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا (2) ﴾ أي : تبعها في الطلوع .. والمقصود التلاوة الحقيقية وهي تلاوة المعنى واتباعه تصديقا بخبره وائتمارا بأمره وانتهاء بنهيه وائتماما به حيث ما قادك انقدت معه فتلاوة القرآن تتناول تلاوة لفظه ومعناه وتلاوة المعنى أشرف من مجرد تلاوة اللفظ وأهلها هم أهل القرآن الذين لهم الثناء في الدنيا والآخرة فإنهم أهل تلاوة ومتابعة حقا
مفتاح دار السعادة بتصرف
والله الموفق



توقيع فاطمة أم معاذ

من وطن قلبه عند ربه سكن واستراح، ومن أرسله في الناس اضطرب واشتد به القلق

التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة أم معاذ ; 17-11-15 الساعة 06:17 PM
فاطمة أم معاذ غير متواجد حالياً