عرض مشاركة واحدة
قديم 22-10-07, 05:00 PM   #6
بداية مشرقة
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

بعض الناس سمع هذا الكلام وقال: أنه يتعارض مع ما يفعله بعض الأخوة الذين نسأل الله -جل وعلا- أن يكتب لهم أجر هذه السنة، وأجر من عمل بها، الذين يُحَفِظون السنة، ويقتصرون على مختصراتهم هم، ويقرؤونها الطلاب ويحفظونهم، يحفظونهم إياها، يقول: إن طريقتك التي تذكر فيها استدراك أو قدح، لا، أبداً، من حفظ وأراد أن يحفظ بأقصر مدة هذا يعينه على الطريقة التي ذكرت، لكن الإشكال فيمن أراد أن يقرأ المختصرات ولا يرجع إلى المطولات، فأنت تقرأ على الطريقة التي ذكروها، البخاري من دون تكرار، ثم جوائد مسلم ثم جوائد أبي داود وهكذا، هذه الطريقة إذا حفظت على طريقتهم وهديهم فعندك أساس متين تبني عليه هذا العلم العظيم، ولا يغنيك هذا عن الطريقة التي شرحتها، كما أن الطريقة التي شرحتها في ضمنها حفظ ما يريدون حفظه، إلا أنهم يريدون ذلك في أقل، في أقصر مدة، وطريقتك التي شرحناها قد تطول بك المدة لكن مع ذلك لا بد لطالب العلم منها.
أيضاً العلوم الأخرى يفعل بها هكذا، ولا بد أن يكون طالب العلم على الجادة المشروحة عند أهل العلم والمطروقة لديهم، أما الذي يحاول أن يجدد أو يبتكر وهو ما زال بمرحلة الطلب مثل هذا يتخبط، العلماء سنوا هذه الطرق وهذه الطبقات التي نظموها، والكتب التي رتبوها، فأنت تقرأ على الجادة، وتأخذ العلم عن أهله؛ لأنه دين فانظر عمن تأخذ دينك.
ولا بد أن يكون علمك وهو دين مقروناً بالإخلاص لله -جل وعلا-؛ لأن العلم لأنه من أقرب الطرق الموصلة إلى الله -جل وعلا- أيضاً هو مزلة قدم، وليس فيه نصف حل أو شخص يريد أن يمسك العصا من منتصفه، لا، إما أن تكون ممن رفع درجة، أو تكون أول من تسعر به النار يوم القيامة، فلا بد من الإخلاص.
وليحذر طالب العلم من العوائق والصوارف، لا سيما ما يتعلق بآفات القلب، كالعجب، بعض الطلاب يهبه الله -جل وعلا- حافظة أو فهم بحيث يفهم قبل زملائه، وزملائه يطلبون من الشيخ الإعادة، وهو لا يحتاج إلى ذلك، ثم يتلفت ويتبسم معجباً بنفسه، ومزدرياً لإخوانه.
والعجب فاحذره إن العجب مجترفٌ

أعمال صاحبه في سيله العرم
كذلك الكبر، الكبر من أعظم الصوارف عن تحصيل العلم الشرعي.
وهاهنا طرفة عبيد الله السقاف مفتي حضرموت توفي قبل نصف قرن، يقول في رسالة له في العلم والتعليم: قرأت في بعض الكتب ممن يلمز شيخ الإسلام بن تيمية بالكبر -وحاشاه من ذلك- يقول هذه عصبية؟ ليست عصبية، لأن الرجل -عبيد الله السقاف- ما هو من المغرمين بشيخ الإسلام أو المعجبين به إعجاباً تاماً، إنما هو يرجى له خير كبير، لكن في عنده شيء من المخالفة لما يقرره شيخ الإسلام، ورحمة الله على الجميع، لكن يقول: يستحيل أن يجتمع مثل هذا العلم وأن يكون القرآن على طرف لسانه وأسلة بنانه وهو عنده شيء من الكبر، والله -جل وعلا- يقول:{سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ} [(146) سورة الأعراف]فلا يتعلم العلم مستحيي ومستكبر، يبدأ بالعلم الأهم فالمهم.
وبالمهم المهم ابدأ لتدركه

وقدم النص والآراء فاتهم
لا بد أن تبدأ بالمهم والأهم ثم الذي يليه.
وبالمناسبة هناك قصيدة في الوصية بالعلم وطلبه، والوصية بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، وهي مغفولٌ عنها لا أرى لها ذكر أو كبير ذكر بين طلاب العلم وهي للشيخ حافظ ابن أحمد الحكمي -رحمة الله عليه- أسماها "القصيدة الميمية في الوصايا والآداب العلمية" وهذا من أبدع ما نظم في هذا الباب، على طالب العلم أن يعنى بها.
أيضاً يعنى بالعلوم الأخرى، يعنى بالدرجة الأولى بكتاب الله وسنة نبيه -عليه الصلاة والسلام-، والعقيدة من مضانها ومن أهلها ممن سلك المسلك الصحيح، وانتهج نهج السلف الصالح، وأيضاً الفقه وما يخدم ذلك من المفاتيح التي يسمونها علوم الآلة، كعلم العربية بفروعه العشرة، ولا يكفي أن يتعلم الطالب شيء من علم النحو ويهمل العلوم الأخرى، كما هو الشائع الآن بفروعه، علوم القرآن، وقواعد التفسير، أصول الفقه، علوم الحديث، أيضاً يستجم ويستفيد ويعتبر بقراءة كتب التواريخ والأدب، وأيضاً الكتب الأخرى، وهناك أشرطة في ذكر هذه الكتب في العلوم التي أشرنا إليها، سميت "كيف يبني طالب العلم مكتبته" في خمسة أشرطة موجودة في الأسواق، وفيه اختصار شديد.
والمسألة تحتمل من البسط أكثر من ذلك، وأظن الوقت قرب.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.



توقيع بداية مشرقة
اليـوم شــيء وغداً مثله
من نُخب العـلم التي تُلتقط

يحصّــل المرء بها حكـمة
وإنما السـيل اجتماع النُّقط
بداية مشرقة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس