عرض مشاركة واحدة
قديم 30-06-11, 07:01 AM   #25
محبة كتاب الله
|نتعلم لنعمل|
c8 الحلقة السابعة

الحلقة السابعة


توجهنا لمنطقة القصيم ...
وكانت وجهتنا مدينة بريده..
كانت بريدة في تلك الأيام مركز التعليم الشرعي في المملكة ..
ويسميها منافقو بلادنا مركز تفريخ الإرهاب!!
وكان حينها الشيخ سلمان العودة هو جديلها المحكك ..
في الطريق آنسنا صاحبنا أبو آدم الذي كنا برفقته بسواليفه والقصص الذي يرويها..
ومن رواياته ما قصه من مواقف مرت عليه خلال ابتعاثه للدراسة في لندن..
مما أذكره ...
يقول : كنت ذات مرة أتجول في مكتبة الجامعة التي ادرس فيها وابحث عن كتاب
وكان حينها رجلا وسيما تملأ الرجولة والفحولة عين ناظره منه!!!
كانت تراقبه فتاة انجليزية ذات عيون زرقاء وأهداب سحرية..
وهو يتصفح الكتب وينسخ في الأوراق التي بين يديه ..
ولم يلاحظ هو تلك العيون المتوهجة ولا تلك القطة المتوحشة التي تراقبه!!!
يبدوا أنها امتلاءت منه فقررت أن تملك فؤاده..
لحقته إلى مطعم الجامعة واحتالت أن تتعرف عليه؟؟
وبعد قصة طويلة وظريفة لا يصلح ذكرها هنا وقع الرجل في النهاية في حبائلها!!
أغرم الفتى بها و أ غرمت به..
فتزوجا وعاشا معا طوال فترة الدراسة..
ولكن ....!!
كانت أم الفتاة نصرانية متعصبة لدينها ..
فضغطت على ابنتها وحولت حياتها لجحيم ، حتى تفرقا ولم يلتقيا بعدها أبدا..
تألم كثيرا لفراقها ولكنه لم يكن لديه خيار ..
التفت صاحبنا لولده الصغير وكان معنا!!
وقال له: انتبه تعلم أمك!!!
أضحكنا وآنسنا بطرافته المفرطة وسعة صدره ..
حينما وصلنا لبريده كنت أتأمل وجوه الناس..!!
كنت أتصور بريدة في مخيلتي مليئة بل قل كل أهلها متدينون !!
لا شك أن الدين هو الغالب في الناس ولكن لا تسلم أي مدينة من مظاهر السفور والفساد
أو الرجال غير المتمسكين بالهدي الظاهر الواجب!!!
الملاحظ كثرة العمالة الآسيوية هناك..
فالشوارع منهم غاصة حتى يخيل إليك انك في بومباي أو نيودلهي!!
كنت أتصور بريدة قبل أن أراها كأنها مثل الجامعة تعج بطلبة العلم
الذين يحملون كتبهم وقراطيسهم..
و أسواق المدينة مهجورة سوى من السوقية أو كبار السن والأشياخ...
حينما قطعنا طريق بريده الرئيسي والذي يشق المدينة لشقين..
لم ألاحظ أي فرق يذكر عن مدن المملكة الأخرى..
أسواق ومحلات مليئة بل غاصة ودخان وشباب طائش ..
الملاحظ هو قلة أو انعدام السفور وقلة الجهر بالمعاصي ..
وهذا ترسخ لدي بالإقامة الطويلة في القصيم لاحقا..
توجهنا فورا لشغل الرجل وانقضى سريعا..
فقال سعود ما رأيكم لو نذهب لمسجد الشيخ فلان وذكر اسمه ونسيته..
هذا المسجد مبني على الطراز القديم وما زال أهله يعيشون حياة الأولين!!
لم نتردد في الذهاب فهذا شيء لم نسمع به من قبل!!
دخلنا للحي ...
الحي حديث وبيوته مبنية من الخراسان وعلى أجمل واحدث طراز.. !!
وفي وسط الحي مسجد قديم متهالك البناء وأظن أصل بناءه من الطين ولكنه صبغ حديثا..
وكان وقت صلاة العصر ..
أذن المؤذن ولم نسمعه لأن الآذان بلا ميكرفون..
المسجد مفروش بالرمل والناس تصلي على الرمل ..
غالب من في المسجد هم من الشيوخ وكبار السن وفيهم مجموعة من متوسطي الأعمار والصغار
تسننا وجلسنا لانتظار الإمام ...
توقعت أن يدخل علينا شيخ معمم كعمائم السلف وعليه قلنسوة قد أرخي طرفاها
ومشدود وسطه بمشد ويتدلى منه سيفه!!
فهذا ما نعرفه عن السلف ولا يخلو الأمر من مبالغة طبعا!!
دخل شيخ نحيل لحيته مصبوغة بالكتم الأسود..
ومشيته عليها السكينة والتواضع والخضوع لله تعالى..
ووجهه أبيض مضيء بنور الطاعة....
وعليه عباءة سوداء وشماغ احمر..
طلب من المؤذن أن يقيم..
قام شيخ كبير محني الظهر لا يكاد أن يرى وأقام للصلاة..
و صلى بنا الإمام صلاة مريحة لم تكن بالطويلة أو العجلة..
وحينما سلم التف حوله مجموعة من الصبية بأيديهم كتب صغيرة ..
وقعدوا خاضعين كأن على رؤوسهم الطير ينتظرون من الشيخ إشارة البدء
سحب الإمام مهفة من القصب كانت بجواره وقال لأحدهم سم..
بدأ الفتية كل واحد منهم على حده. بقراءة فصول قصيرة
من مؤلفات شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب..
من كشف الشبهات ومن الأصول الثلاثة وقرأ أكبرهم من كتاب التوحيد..
كانوا يقرؤون بصوت خافت وخاشع ملحن وجماعة المسجد مطرقون بإنصات ولا تسمع لهم همسا
لم يعلق الشيخ سوى بتصحيح النطق والعبارات..
استغرقت القراءة حوالي عشرين دقيقة ..
وبعدها انصرف الجميع وقام الإمام من محرابه..
تقدم أصحابي إليه وصافحوه ..
وبقيت أنا أراقب الموقف..
أحببت القصيم من يومها وأحببت أهلها
فأهلها أهل دين وصلابة في الحق والتزامهم بالإسلام خير التزام..
عدنا لحائل وفي الطريق عرض علي سعود عرضا كان هو الباب الذي منه
ولجت للسعادة والنور إن شاء الله تعالى
محبة كتاب الله غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس