عرض مشاركة واحدة
قديم 24-12-09, 11:18 AM   #2
عبد السلام بن إبراهيم الحصين
المشرف العام
 
تاريخ التسجيل: 08-02-2007
المشاركات: 867
عبد السلام بن إبراهيم الحصين is on a distinguished road
افتراضي

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
فإن من أعظم النعم التي ينعم الله بها على عبده وأمته نعمة استقرار القلب وطمأنينته، وراحته وثباته على الحق، حتى يكون همه واحدًا، ومقصوده واحدًا، ووجهته واحدة، قال تعالى عن إبراهيم الخليل: {ولكن ليطمئن قلبي}، وقال تعالى: {أفمن شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه}، وقال تعالى: {الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباح...}الآية، أي مثل نوره في قلب العبد المؤمن، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: {ذاق حلاوة الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا))، ولا يكون الرضا إلا عن طمأنينة واستقرار، ومحبة ورغبة.
وقد أخبر الله تعالى عن قلوب المشركين أنها في ريبة وتردد، وشك واضطراب، فقال تعالى: {إنهم كانوا في شك مريب}، وقال تعالى: {فهم في أمر مريج} والمريج هو المختلف المضطرب، وقال تعالى: {وارتابت قلوبهم فهم في ريبهم يترددون}، وقال تعالى: {مثلهم كمثل الذي استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات لا يبصرون صم بكم عمي فهم لا يرجعون}، وقال تعالى: {وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ليستيقن الذين أوتوا الكتاب ويزاداد الذين آمنوا إيمانا ولا يرتاب الذين أوتوا الكتاب والمؤمنون وليقول الذين في قلوبهم مرض والكافرون ماذا أراد الله بهذا مثلا...} الآية..
فمرض الشك والريبة أعظم الأمراض فتكا بالقلوب، وإذهابًا لنور الإيمان منه، وإيحاشا له، فيتحول القلب إلى ظلام مطبق، لا يرى شيئا، ولا يبصر إلا خيالا، يرى السراب يظنه ماءًا، والباطل يعتقده حقًا، ولهذا ورد في الدعاء مشروعية التعوذ منه، كما عند البزار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من الشك والشرك والنفاق والشقاق وسوء الأخلاق، وكان نبينا صلى الله عليه وسلم يكثر في دعائه في السجود بأن يقول: اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، وعدم الثبات هو الشك والارتياب، والتقلب والاضطراب، والحيرة والقلق.
فهذه المرأة قد دخل قلبها مرض الشك، ولا علاج له إلا بالقرآن، قال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين}، أي شفاء لما في الصدور من الشك والشرك والنفاق وسيء الأخلاق، فعليها بتدبر القرآن والنظر فيه نظر طالب للدواء والشفاء، لا نظر مرتاب يطلب النقض والتنقص والاضطراب.
ثم عليها أن تنظر في أصلها ومنشئها، ونعم الله عليها، ثم في نهايتها ومصيرها، وما ينتظرها.
ولتنظر في ملكوت السموات والأرض، وما خلق الله فيهما من المخلوقات العجيبة، لترى صنع الله الذي أتقن كل شيء.
ثم لتعرض نفسها على شيخ ثقة، أو طبيب نفسي مسلم ليصف لها على التفصيل علاج حالتها.
أسأل الله لي ولها شفاء القلوب، وعافية الأبدان، إنه سميع مجيب.
والله أعلم
عبد السلام بن إبراهيم الحصين غير متواجد حالياً