عرض مشاركة واحدة
قديم 21-12-10, 03:53 PM   #3
نفحات بنت محمد الصياد
|طالبة في المستوى الثاني1 |
افتراضي




حكمُ الاحتفالِ بعيدِ ميلادِ المسيح
خالد بن سعود البليهد

الحمدُ لله ربِّ العالمين ، و الصَّلاةُ و السَّلامُ على نبيِّنا محمَّدٍ و على آلهِ و صَحْبهِ أجمعين ، و بعدُ :


فيحرمُ على المسلمِ الاحتفالُ بعيدِ ميلادِ المسيح عليه السَّلامُ ( الكرسمس ) للأمورِ الآتية:

أوَّلاً : إنَّ الاحتفالَ بهذا اليوم يُعَدُّ عيداً مِنَ الأعيادِ البِدعيَّةِ المحدَثةِ التي لا أصلَ لها في الشَّرعِ ، و قد نهى النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم عنِ الإحداثِ في الدِّينِ . عنْ عائشةَ رضيَ الله عنها قالتْ : قالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم : ( مَنْ أحدثَ في أمرِنا هذا ما ليسَ منه فهو رَدٌّ ) أخرجَه البخاريُّ و مسلم ، و في روايةٍ لمسلم : ( مَنْ عَمِلَ عملاً ليسَ عليه أمرُنا فهو رَدٌّ ) .

فلا يُخَصَّصُ يومٌ بفرحٍ و احتفالٍ إلا بدليلٍ شرعيٍّ .

ثانياً : لا يجوزُ للمسلمِ الاحتفال بعيدٍ إلا بالأعيادِ المشروعةِ المأذونِ فيها في دينِنا ، و قد شرعَ لنا رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم عيدينِ : عيدَ الفِطْرِ و عيدَ الأضحى .

فقد روى أبو داود و النّسائيُّ و غيرُهما بِسَنَدٍ صحيحٍ عنْ أنسٍ رضيَ الله عنه قالَ : ( قَدِمَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم المدينةَ و لهم يومانِ يلعبونَ بهما ، فقالَ : قد أبدلَكمُ الله تعالى بهما خيراً منهما يوم الفِطْرِ و الأضحى ) .

فالنَّبيُّ عليه الصَّلاةُ و السَّلامُ أبطلَ أعيادَهم حتَّى لا يضاهى بها أعيادالمسلمين ، و إذا تساهلَ الولاةُ و العلماءُ بذلك عَظَّمَ العوامُّ أعيادَ الكفَّارِ كتعظيمِهم لأعيادِ المسلمينَ .

ثالثاً : لا يشرعُ في دينِنا الاحتفال بمولدِ أحدٍ مهما كانَ ؛ سواء كانَ يتعلَّق بمولدِ نبيِّنا محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم أو غيره مِنَ الأنبياءِ أو الصِّدِّيقينَ و الصَّالحينَ ، فمولدُ الأنبياءِ و مماتهم صلواتُ الله عليهم ليسَ مناسبةً دينيَّةً يتقرَّب بها إلى الله و يظهرُ فيها الفرح أو الحزن أو غير ذلك مِنْ مظاهرِ الاحتفال .

و لذلك لما كسفتِ الشَّمسُ على عهدِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ظنَّ النَّاسُ أنها كُسِفَتْ لموتِ إبراهيمَ وَلَدِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم ، فردَّ صلَّى الله عليه و سلَّم هذا الظَّنَّ و أبطلَه كما أخرجَ البخاريُّ حديث المغيرة بنِ شعبة قالَ : كُسِفَتِ الشَّمسُ على عهدِ رسولِ الله صلَّى الله عليه و سلَّم يومَ ماتَ إبراهيمُ ، فقالَ النَّاسُ كُسِفَتِ الشَّمسُ لموتِ إبراهيمَ . فقالَ رسولُ الله صلَّى الله عليه و سلَّم : ( إنَّ الشَّمسَ و القمرَ لا ينكسفانِ لموتِ أحدٍ و لا لحياتهِ ، فإذا رأيتم فصلُّوا و ادعوا الله ) .

و لذلك لم يردْ في شرعِنا دليلٌ يدلُّ على الاهتمامِ بمناسبةِ المولدِ أو المماتِ و مشروعيَّة الاحتفالِ بهما ، و لم يُنقَلْ عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم أو الصَّحابةِ أو الأئمَّةِ المتبوعينَ الاحتفال بذلك .

رابعاً :إنَّ الاحتفالَ بعيدِ المسيح فيه نوعٌ مِنْ إطرائهِ و الغُلُوِّ فيه و المبالغةِ في حبِّه ، و هذا ظاهرٌ في شعائرِ النَّصارى في هذا اليومِ .

و قد أشارَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم إلى ذلك فقالَ : ( لا تُطروني كما أطرتِ النَّصارى المسيحَ ابنَ مريمَ ، فإنما أنا عبدُه ، فقولوا : عبد الله و رسوله ) رواه البخاريُّ .

و قد نهى الشَّرعُ عنْ تقديسِ الأنبياءِ و الغُلُوِّ فيهم و عبادتهم دون الله و رَفْعِهم فوق منزلتِهمُ التي أنزلَهمُ الله تعالى ، فالرُّسُلُ بعثَهمُ الله مبشِّرينَ و منذرينَ يدعونَ النَّاس لعبادةِ الله لا لأجلِ عبادتِهم و الغُلُوِّ فيهم .

خامساً : إنَّ الاحتفالَ بذلك العيدِ فيه موالاةٌ للكفَّارِ و مشاركةٌ لهم في شعائرِهمُ الباطلةِ ، و إشعارٌ لهم أنهم على الحقِّ ، و سُرُورهم بالباطلِ ، و كلُّ ذلك محرَّمٌ مِنْ كبائرِ الذُّنوبِ ، قالَ تعالى : ( يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَبَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) .

و هذا إذا لم يقصدِ المسلمُ الرِّضَا بدينِهم و الإقرارَ بشعائرِهم مِنَ التَّثليثِ و التَّعميدِ و الذَّبحِ لغيرِ الله و شَدّ الزّنار و غيره ، أمَّا إنْ قصدَ ذلك فهو كافرٌ مرتدٌّ عنْ دينِ الإسلامِ باتِّفاقِ أهلِ العِلْمِ .

و العاميُّ لا يفرِّقُ في هذا المقامِ ، و لذلك يجبُ على المسلمِ اجتناب كنائس و معابد النَّصارى في هذا اليوم و غيرهِ .

سادساً : إنَّ الاحتفالَ بعيدِهم فيه تشبُّهٌ بالنَّصارى فيما هو مِنْ خصائصِهم مِنْ شعائرِ الكفرِ ، و هذا مِنْ أعظمِ الذُّنوبِ التي نهى عنها الشَّرعُ و ذمّ فاعلها ، قالَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم : ( مَنْ تشبَّه بقومٍ فهو منهم ) رواه أبوداود .

و التَّشبُّه بالظَّاهرِ يُوجِبُ التَّشبُّه بالباطنِ ، و يُوجِبَ أيضاً المحبَّة و المودَّة بين المتشبِّه و المتشبَّه به ، و لذلك قطعَ الشَّرعُ الحكيمُ كلَّ وسيلةٍ توصِلُ المسلمَ إلى الإعجابِ بالكفَّارِ و الرِّضَا بدينِهم و اللَّحاقِ بعسكرِهم .

سابعاً : العيدُ المشروعُ للمسلمينَ ما كانَ بعدَ الفراغِ مِنَ العبادةِ ، فهو شكرٌ لله على تيسيرهِ للعبادةِ ، و فَرَحٌ للمسلمِ على إتمامهِ العبادةَ ، فعيدُ الفِطْرِ بعد إتمامِ الصَّومِ ، و عيدُ الأضحى بعد إتمامِ الحجِّ و عَشْرُ ذي الحِجَّة ، فهو فرحٌ و عبادةٌ و شكرٌ و إنابةٌ للمولى عزَّ و جلَّ و ليسَ فرحاً لمخلوقٍ أو أمرٍ مِنَ الدُّنيا ، و هذا المعنى غيرُ موجودٍ في عيدِ المسيح عليه السَّلامُ ، و شريعتُه قد نُسِخَتْ فلا يشرعُ لمسلمٍ أنْ يحتفلَ به و يتَّبعَ شَرْعَه .
ثامناً : إنَّ الاحتفالَ بهذا اليوم فيه مخالفةٌ لهدْيِ نبيِّنا محمَّدٍ صلَّى الله عليه و سلَّم و تنكُّبٌ لسبيلهِ ، فقد كانَ رسولُنا عليه الصَّلاةُ و السَّلامُ يُبالغُ في مخالفةِ طريقةِ أهلِ الكتابِ ، و يعجبه ذلك في عبادتهِ و زِيِّه و أخلاقهِ و عادتهِ في شؤونِ الدُّنيا ، كمخالفتهِ لهم في استقبالهِ القِبْلَة و فَرْق شعرهِ و قيام النَّاس له و تغيير الشَّيب و صِفَة السَّلام و غير ذلك مما هو مِنْ خصائصِهم ، و قد ثبتَ عنه ذلك بالقولِ و الفعلِ ، و هذا أصلٌ عظيمٌ يجبُ على المسلمِ الاعتناء بهِ .


و قد أخبرَ النَّبيُّ عليه الصَّلاةُ و السَّلامُ بوقوع طائفةٍ مِنَ المسلمينَ في التَّشبُّه باليهودِ و النَّصارى آخرَ الزَّمانِ ، فقالَ صلَّى الله عليه و سلَّم : ( لتتبعن سُنَن مَنْ كانَ قبلَكم شبراً بشبرٍ و ذرعاً بذراعٍ ؛ حتى لو دخلوا حجر ضبا لتبعتموهم . قالَ الصَّحابةُ يا رسولَ الله : اليهود و النَّصارى ؟ قالَ : فَمَنْ ) متَّفقٌ عليه ، و هذا أمرٌ مشاهدٌ ، و الله المستعانُ .
فلأجلِ هذا يحرمُ على المسلمِ الاحتفال بعيدِ النَّصارى و شهوده و المشاركة فيه بوجهٍ مِنَ الوجوهِ ، و تبادل الهدايا فيه ، و تهنئتهم بذلك ، و التِّجارة فيما يعينهم على فِعْلهِ ، و التَّسويق و الدِّعاية له .
والله أعلمُ ، و صلَّى الله و سلَّم على نبيِّنا محمَّدٍ و آلهِ و صَحْبهِ أجمعينَ

بعدَ حمدِكَ الله و ثنائكَ عليه بما لا يقلُّ عنْ سبعَ عشرةَ مرَّةً في اليومِ و اللَّيلةِ فإنك تدعو في صلاتكَ قائلاً : { اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ }- سورة الفاتحة : 6، ثم تحدِّد معالم هذا الصِّراطِ و تشترطُ فيه فتقولُ : { صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ } - سورة الفاتحة: من الآية 7 ، أي الذي سارَ عليه النَّبيُّون و الصِّدِّيقون و الصَّالحون ، الصِّراط الذي نصبَه الله تعالى و بيَّن معالمه رسولُه صلَّى الله عليه و سلَّم ، ثم تثني بوصفٍ آخرَ تمايزُ فيه طُرُقَ و سُبُلَ أهلِ الضَّلالةِ و الخسرانِ فتقولُ : { غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ –اليهود - وَلاَ الضَّالِّينَ – النَّصارى - } - سورة الفاتحة : من الآية 7
لقد دلَّتْ سورةُ الفاتحةِ التي يحفظُها كلُّ أمِّيٍّ فضلاً عنْ كلِّ مفكِّرٍ و كاتبٍ صحافيٍّ على أنَّ مخالفةَ اليهودِ و النَّصارى في كلِّ ما هو مِنْ خصائصِ دياناتهم و عباداتهم و عاداتهم التي أصبحتْ مِنْ شعائرِهمُ الظَّاهرةِ أمرٌ مقصودٌ مِنَ الشَّارعِ الحكيمِ ، و مصداقُ ذلك قولُه تعالى : ( ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَ لَا تَتَّبِعْ أَهْوَاء الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ ) - سورة الجاثية : 18 ، فالتزامُنا الصِّراطَ المستقيمَ يقتضي شرعاً مخالفةَ أصحابِ الجحيمِ .
و لذلك كانَ مِنْ هَدْي رسولِنا الكريمِ صلَّى الله عليه و سلَّم مخالفةُ أهلِ الكتابِ في أمورِ العاداتِ و العباداتِ في أصلِها و وَصْفِها ، فصلَّى في نعليهِ لأنَّ اليهودَ لا يصلُّون بهما ، و أمرَ بتغييرِ الشَّيبِ و صَبْغهِ لأنَّ أهلَ الكتابِ لا يصبغون ، و نهى عنِ اتِّخاذِ المساجدِ على القبورِ مخالفةً لأهلِ الكتابِ ، و أمرَ بحفِّ الشَّواربِ و إعفاءِ اللِّحى مخالفةً لهم ، و رغَّب بالسَّحورِ للصَّائمِ لأنَّ أهلَ الكتابِ لا يفعلونَ ذلك ، و نهى عنْ قصدِ الصَّلاةِ دونَ سببٍ وقتَ شروقِ الشَّمسِ و عند غروبها لأنه وقتُ سجودِ الكفَّارِ لها ، حتَّى طفحَ الكيلُ عندَهم و قالوا : ما يريدُ هذا الرَّجلُ أنْ يدعَ شيئاً مِنْ أمْرِنا إلَّا و خالفَنا فيه ! و قد نصَّ أهلُ العِلْمِ على أنَّ مخالفةَ أهلِ الكتابِ لا تختلفُ عنْ مخالفةِ الشَّيطانِ ، فهو شيخُ طريقتِهم و إمامُ مِلَّتِهم .
و إذا كانَ النَّبيُّ صلَّى الله عليه و سلَّم قد خالفَ أهلَ الكتابِ في ( وَصْف العملِ ) حين يتَّفقونَ فيه مع المسلمينَ في ( أصْله ) كصومِ عاشوراء ؛ حيثُ خالفَهم فيه بالتَّرغيبِ في صومِ يومٍ قبلَه ؛ فماذا نقولُ عنْ أعيادٍ و عباداتٍ هم أحدثوها كعيدِ الميلادِ و الاحتفالِ برأسِ السَّنةِ الميلاديَّةِ ؟!
لقد نصَّ أهلُ العِلْمِ على أنَّ موافقتَهم في أعيادِهم هذه و تهنئتَهم بها و إرسالَ الهدايا لهم و قبولَها منهم محرَّمٌ شرعاً ، و هو نوعٌ مِنَ الموالاةِ لهم و الرِّضا باعتقادِهمُ الباطلِ و دينِهمُ المنسوخِ القائمِ على الأساسِ الباطلِ : ( إِنَّ اللّهَ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ) - سورة المائدة : مِنَ الآية 73 ، ذلك القولُ الذي ( تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدّاً ) - سورة مريم : 90، وَ و الله إنَّ مجرَّدَ شهود هذه الأعياد محرَّمٌ و مُنْكَرٌ عظيمٌ لقولهِ تعالى : (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ ) - سورة الفرقان : من الآية 72 ، قالَ جمهورُ المفسِّرين : " هي أعيادُ المشركينَ " فكيف بالموافقةِ لهم و إرسالِ ( التَّهاني القلبيَّة الحارَّ ) !!
وهذا رجلٌ في عهدِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم نذرَ أنْ ينحرَ إبلاً بمكانٍ يُطْلَقُ عليه ( بوانة ) فقالَ له صلَّى الله عليه و سلَّم : " هل كانَ فيها وثنٌ مِنْ أوثانِ الجاهليَّةِ يُعْبَدُ ؟ "قالَ : لا . قالَ : " فهل كانَ فيها عيدٌ مِنْ أعيادِهم " قالَ : لا . فقالَ صلَّى الله عليه و سلَّم" أوْفِ بنذْرِكَ ، فإنه لا وفاءَ لنذرٍ في معصيةِ الله " ، فدلَّ هذا الحديثُ على أنَّ الذَّبحَ و التَّقرُّبَ إلى الله في أماكنِ أعيادِهم معصيةٌ ، و هذا مضمونه إبطالُ عيدِهم و تحريمه ، و لذلك منعَ الفاروقُ المسلمينَ مِنْ مشاركةِ المشركينَ في أعيادِهم فقالَ : ( لا تتعلَّموا رطانةَ الأعاجمِ ، و لا تدخلوا على المشركينَ في كنائسِهم في يومِ عيدهمِ ، فإنَّ السَّخط تنزل عليهم ) .
إننا نوجِّه هذا ( التَّأصيل العقديّ ) إلى أصحابِ الأقلامِ الذين ارتضعوا مِنْ ثدي العَلمانيَّةِ النَّاقصةِ و تربَّوا في حجْرِها فـ ( قاءتْ ) أقلامُهم سُمّاً زُعَافاً ، و كتبوا تعاطفاً مع أحبابِهم و إخوانِهمُ النَّصارى استنكاراً -كما زعموا - على أهلِ الشَّرعِ الذين يمنعونَ المشاركةَ في احتفالاتِ أعيادِ النَّصارى في رأسِ السَّنةِ ، و هم لا زالوا - مِنْ حيثُ يعلمونَ أو لا يعلمونَ - يضربون ( بغباءٍ مُفْرِطٍ ) و ( انهزاميَّة ممجوجة ) على وَتَرِ ( التَّسامح الدِّينيّ ) فدافعوا دفاعَ المستميتِ عنْ دياناتِ الكُفْرِ و دُعَاةِ الضَّلالةِ ، و لم نقرأ لهم بالمقابلِ كلمةَ حقٍّ في الدِّفاع عنِ النَّبيِّ صلَّى الله عليه و سلَّم حين تعرَّض له أحبابُهم بالاستهزاءِ و الانتقاصِ ، أفهكذا يهونُ عليكم مقامُ النُّبوَّةِ فتكونونَ صُمّاً بُكْماً عُمْياً لا تبالونَ ؛ ثم تغارونَ بالمقابلِ زُوراً و بهتاناً على المشركينَ النَّجَسِ ؟!
ها أنتم ( تتسامحون و تتعاطفون ) و هم ( يشركون و يسبُّون ) ، و هاأنتم ( تهنِّئون ) و هم لا يزالون يقتلون و يُبيدون ، فمتى تعوون و تعقلون؟!
و لعلَّ الحقيقةَ الغائبةَ عنْ أولئك القومِ هي أنَّ الأمرَ لا يقتصرُ على التَّهنئةِ و المشاركةِ بالأعيادِ و الحفلاتِ ، بل إنَّ الهدفَ أبعدُ مِنْ ذلك ، فإنهم لنْ يرضَوا منكم بشيءٍ حتى تكونوا مثلَهم و تتَّبعوا مِلَّتهم و تدخلوا جُحْرَ الضّبِّ معهم كما قالَ تعالى : ( وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ ) - سورة البقرة: من الآية 120 ، و قالَ صلَّى الله عليه و سلَّم : " لتتبعنَّ سُنَنَ مَنْ كانَ قبلكم حذو القذة بالقذة حتى و لو دخلوا جحر ضبّ لدخلتموه " ، قالوا : اليهود و النَّصارى ؟ قالَ : " فمن " .
إنَّ ( التَّسامح ) لا يعني مطلقاً المداهنةَ و الرِّضا بالباطلِ و الكفرِ الصَّريحِ ، فهناك حدٌّ فاصلٌ بين التَّوحيدِ و الشِّركِ ، و الإيمانِ و الكفرِ ، و الولاءِ و البراءِ ، و الحقّ و المداهنة على حسابِ العقيدةِ و أصولِ الدِّينِ ، إنَّ أولئك الكتَّابَ بدعوتهم مشاركة النَّصارى بأعيادِهم يُحيونَ بدعةَ ( زمالة الأديان ) أو ( نظريَّة الوحدة ) تلك البدعة السَّيِّئة و الفكرة المنكرة الخبيثة التي نادى بها جمالُ الدِّين الإيرانيّ قديماً ، فهدمَ بها أصلَ الولاءِ و البراءِ ، و أزالَ الحدودَ الفاصلةَ بين الإسلامِ و غيرهِ مِنَ المِلَلِ و النِّحَلِ ، حتَّى صارَ الكلامُ حولَ هذه الأصولِ عند كثيرٍ مِنَ المسلمينَ و للأسفِ تشدُّداً و إرهاباً فكريّاً ، و هو في حقيقةِ الأمرِ ( برودة في الدِّين ) و ( مضادة لشرع ربِّ العالمين ) ، فإلى الله المشتكى !


سلسلة العلامتين




توقيع نفحات بنت محمد الصياد
نفحات بنت محمد الصياد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس