عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-10, 07:58 PM   #93
أم الخطاب78
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

الحديث الخامس والستون:






عن أبي قتادة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏الرؤيا الصالحة من الله‏،‏ والحُلْم من الشيطان‏، فإذا رأى أحدُكم ما يحب فلا يحدث به إلا من يحب‏،‏ وإذا رأى ما يكره فليتعوَّذ بالله من شرها ومن شر الشيطان‏،‏ ولْيَتْفُلْ ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً، فإنها لن تضره‏))‏ [متفق عليه‏].‏


في هذا الحديث الصحيح عن أبي قتادة الحارث بن ربعي يقول -عليه الصلاة والسلام-: ((الرؤيا الصالحة من الله)) الرؤيا الصالحة الصادقة من الله -جل وعلا-، وأول من بدئ به النبي -عليه الصلاة والسلام- الرؤيا الصادقة في النوم تأتي مطابقة للواقع، فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح، والرؤى أو ما يراه النائم إن كان مرتباً منتظماً واضحاً يحث على خير، أو يكف عن شر فهذه رؤية صالحة، أما إذا كانت مختلطة مخيفة، أو لا يدرى ما أولها من آخرها، فهي من تلاعب الشيطان، لا قيمة لها، فالصالحة هذه يطلب تعبيرها، ويرجى تحققها بخلاف الأضغاث مثل هذه علاجها ما جاء في هذا الحديث، ((فليتعوذ بالله من شرها ومن شر الشيطان وليتفل ثلاثاً)) هذا العلاج، وحينئذٍ يكون لا أثر لها، ومع الأسف أنه ظهر الأيام الأخيرة من يعبر كل شيء، يعبر الرؤى ويعبر الأضغاث، واختبر بأمورٍ لم تُر فعبرها، واختبر بأمور ما رآها أحد، اختبره بعض الناس فعبر ما عنده مشكلة، ولا شك أن الاسترسال في مثل هذا غير محمود، لا شك أن المختبر ارتكب محرماً؛ لأنه كذب وادعى رؤيا لم تحصل له، وهذا كذب نسأل الله العافية، والكذب في الرؤيا أمره شديد، كلف أن يعقد بين شعيرتين؛ لكن أيضاً هذا الذي يعبر كل شيء لا يأمن الزلل والخطأ فعلى الإنسان أن يتورع ويتحرى ويتثبت، والله المستعان.


((الرؤيا الصالحة من الله)) مصدرها من الله -جل وعلا- لتثبيت المؤمن وحثه على الازدياد من الخير والكف عن بعض ما يضره، وقد يرى ما فيه بشرى له أو لغيره، وقد يرى ما فيه تحذير له أو لغيره، فينتفع بهذه الرؤيا وينتفع بها غيره، وأما الحلم فهو من الشيطان، مصدره من الشيطان الذي يريد أن يغيض المسلم، فإذا رأى أحدكم ما يحب من الرؤيا الصالحة فلا يحدث به إلا من يحب، لا يعرض هذه الرؤيا إلا على محبٍ مشفقٍ ناصح؛ لأن غيره لا يؤمن في أن يحرف هذه الرؤيا بتأويلها التأويل الخاطئ أو يسعى لعدم تحققها، وإذا رأى ما يكره فليتعوذ بالله من شرها، ومن شر الشيطان الذي هو مصدرها، (من شرها) يعني من شر أثرها عليه، ومن شر مصدرها، وليتفل، ينفث عن يساره ثلاثاً، ولا يحدث بها أحداً؛ لئلا يفرح العدو ويغتاظ الصديق، وقد تؤول له، والرؤيا إذا أولت يخشى من وقوعها، وحينئذٍ لا تضره، ولا يكون لها أثر، بعض الناس قد يرتب عليها أحكام شرعية، والدين -ولله الحمد- كامل، كمل في حياته -عليه الصلاة والسلام- قبل وفاته {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} [(3) سورة المائدة] وبعض الناس يستدل ببعض الأحاديث التي ثبت فيها أحكام كحديث الأذان مثلاً، حديث عبد الله بن زيد بن عبد ربه لما رأى قال: طاف بي وأنا نائم رجل فقال تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر... إلى آخر الأذان، وكذلك عمر رأى هذه الرؤيا، هذه الرؤيا اكتسبت الشرعية من إقرار النبي -صلى الله عليه وسلم-، وبعض الناس يستدل يتوسع إذا رأى فلان أو فلان سأله عن حكم شرعي، وأثبت به الحكم، وبعضهم يصحح ويضعف من خلال الرؤى، وأسوأ من هذا من يصحح ويضعف بالمكاشفة، كما يحصل لبعض المنحرفين، والدين كامل شامل ليس بحاجة إلى مزيد من أحد.





الحديث السادس والستون:





عن علي بن الحسين -رحمه الله- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ (‏(‏من حُسْن إسلام المرء تَرْكُه ما لا يَعنيه)‏)‏ [رواه مالك وأحمد‏،‏ ورواه ابن ماجه عن أبي هريرة، ورواه الترمذي عن علي بن الحسين وعن أبي هريرة‏].


في هذا الحديث المخرج في الموطأ والمسند والسنن وغيرها من دواوين الإسلام، ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) عن علي بن الحسين قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هذا عند أهل العلم مرسل؛ لأن علي بن الحسين تابعي، وما يرفعه التابعي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- يسمونه مرسلاً.



مرفوع تابع على المشهورِ *** ومرسل أو قيده بالكبيرِ


والمرسل عند الجمهور ضعيف، احتج به مالك وأبو حنيفة، ورده جماهير العلماء، رده جمهور العلماء للجهل بالساقط، احتمال أن يكون علي بن الحسين رواه عن تابعي آخر، وهذا التابعي الآخر احتمال أن يكون ضعيفاً، هذه حجة من رد المراسيل.



احتج مالك كذا النعمانُ *** به وتابعوهما ودانوا


ورده جماهر النقادِ *** للجهل بالساقط في الإسنادِ


وصاحب التمهيد عنهم نقلا *** ومسلم صدر الكتاب أصلا


المقصود أن الذي استقر عليه القول عند أهل العلم رد المراسيل، وهذا منهم، إلا أنه مروي عند الترمذي من حديث أبي هريرة فهو موصول، وحينئذٍ يكون فيه تعارض الوصل مع الإرسال، والمسألة خلافية بين أهل العلم، هل يقبل يرجح المرسل أو الموصول، أو الأكثر أو الأحفظ، أو ما ترجحه القرائن؟ هذه مسألة لا نطيل في ذكرها، وعلى كل حال معنى الحديث صحيح، معناه صحيح، ((من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه)) لأن الاشتغال بما لا يعني أقل الأحوال أن يصرف عن عملٍ مشروع، يعني كون الإنسان يتدخل في أمور لا تعنيه، فلان فعل كذا، وفلان صنع كذا، وفلان بنى بيت بكذا، وطلع من بيته كذا، وش يعني كلامه؟ هي مجرد أخبار؛ لكن إذا تضمن هذا التدخل محض النصيحة لغيره دخل في حديث الدين النصيحة؛ لكن إذا لم يترتب عليه فائدة أقل الأحوال أن ينشغل به عما يعنيه، وهذا لا شك أنه من الفضول.





الحديث السابع والستون:






عن أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده‏:‏ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال‏:‏ (‏(‏ما نَحل والدٌ ولدّه من نحْل أفضل من أدب حسَن‏))‏ [رواه الترمذي]‏.‏


هذا الحديث عند الترمذي.


طالب: عفا الله عنك يقول: ضعيف، أخرجه الترمذي في سننه في كتاب البر والصلة، باب ما جاء في أدب الولد، وأحمد في المسند.


هو هذا ...... أنه ضعيف.


طالب: يقول هنا يا شيخ قال على الترمذي هذا عندي حديث مرسل.


على كل حال الحديث ضعيف، الحديث ضعيف ولا شك أن تربية الأولاد على الدين الحق، والمنهج الصحيح من خير ما يهدى إليهم، ويقدم إليهم، يعني من حيث المعنى معناه صحيح، ((ما نحل والد ولده من نحلٍ أفضل من أدبٍ حسن)) كونه يربي ولده ويؤدبه على الأدب الشرعي باحترام الكبير، احترام أوامر الله -جل وعلا- وأوامر رسوله ويؤدبه الأدب الشرعي لا شك أن هذا من أولى ما يقدم ويهدى ويعطى للولد، وكل من المسلمين يود أن يكون ولده مؤدباً متخلقاً بالأخلاق الفاضلة، مجتنباً للأخلاق الرذيلة السافلة، كل يتمنى هذا لكن كثير من الناس يتقاعس إذا جاء العمل والتطبيق، قد يحمله الشفقة على ولده إلى أن يترك أدبه حتى يفلت من يديه ويكون وبالاً عليه وعلى مجتمعه وعلى أمته وهذه الشفقة أبداً ليست شرعية، هذه الشفقة التي تحمل على الإهمال ليست شرعية، وليست التربية تربية البدن أو تربية ما يؤمن المستقبل كما يقال، تجد الإنسان يحرص على الدراسة لولده، فإذا تخلف عن الدراسة يوماً أو عن المذاكرة أو عن حل الواجبات أو عن القيام بالوظائف يغضب غضباً شديداً؛ لكن أين هذا الرجل من الاهتمام بصلاة الفجر لولده؟ هل هذا بالله عليكم أدب حسن؟ لا والله، ومثل هذا لن يوفق إذا عني بأمور دنياه، وأهمل أمور دينه، مثل هذا لن يوفق وشواهد الأحوال كثيرة، إلا إذا تداركه الله -جل وعلا- بلطفٍ، ومنّ عليه بتوبةٍ نصوح.







الحديث الثامن والستون:





عن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏((‏مثل الجليس الصالح والسوء‏ كحامل المسك ونافخ الكِير،‏ فحامل المسك‏ إما أن يَحْذِيَك وإما أن تبتاع منه، وإما أن تجد منه ريحاً طيبة‏،‏ ونافخ الكير‏ إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة‏))‏ [متفق عليه]‏.‏


هذا الحديث حديث أبي موسى عبد الله بن قيس الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((مثل الجليس الصالح والجليس السوء)) الناس صنفان إما صالح وإما سيء، الجليس الصالح له مثل، والجليس السيء والسوء له مثل، فمثل الجليس الصالح كحامل المسك، ومثل الجليس السوء كنافخ الكير، وهذا من اللف والنشر المرتب، ولك الخيار، هل تريد أن تجلس عند حامل المسك أو عند نافخ كير؟ لا شك أن كل ذي عقلٍ سوي يفضل حامل المسك، ويبتعد عن نافخ الكير؛ لأنه الجو حار، والشرارة متطاير يحرق الثياب، والرائحة كريهة، والدخان يزكم الأنوف، ومن كل وجه، وأما حامل المسك فخير على خير، أقل الأحوال أن تبتاع منه شيئاً يسرك؛ لأن مما يسر في هذه الدنيا الطيب، وقد حبب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- من الدنيا النساء والطيب، فحامل المسك إما أن يحذيك، إما أن يعطيك هدية، وإما أن تبتاع منه بالمقابل دراهم، وأقل الأحوال أن تجد منه ريحاً طيبة، ونافخ الكير إما أن يحرق الثياب من هذا الشرر المتطاير، وقد يخلص هذا الشرر إلى الجلد فيحرقه، وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة، لن تسلم، وهكذا الجلساء، {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [(28) سورة الكهف] هؤلاء هم الجلساء الصالحون، مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي، أهل الذكر أهل الفضل أهل الخير أهل الاستقامة الذين أقل أحوالك أن لا تزاول ما يغضب الله في مدة مكثك معهم، هذا أقل الأحوال، وإذا ذكروا الله وذكرت الله معهم، إذا نسيت عن شيءٍ وغفلت عنه ذكروك هؤلاء خير على خير، بخلاف الجليس السيء الذين إن أردت عملاً صالحاً ثبطك، وإذا ذكرت الله -جل وعلا- صرفك، فمثل هذا يبتعد عنه، والإنسان يحرص على ما ينفعه في أمور دينه ودنياه، فالجليس السيء لن يقدم إلا ما يضر في الدين والدينا، والجليس الصالح يقدم لك ما ينفعك، والجليس الصالح والأمر بمجالسته من متطلبات الجنة، والجليس السيء الذي تغفل بسببه عن ذكر الله، وعن طاعة الله، وقد تقع في بعض المحرمات من متطلبات أو من دواعي وأسباب النار، والجنة حفت بالمكاره، والنار حفت بالشهوات، ولذا تجد بعض الأخيار وهو محسوب على طلاب العلم، تجده يأنس بفلان، يقول: فلان ما شاء الله خفيف، طيب المعشر، لماذا صار طيب المعشر؟ لأنه يقدم لك ما تشتهيه وتحبه، ويؤيدك في كل ما تقول وما تفعل، وإن كان خطأ، هذا خفيف ما شاء الله؛ لكن العاقبة؟ الجنة حفت بالمكاره، تجد بعض الناس نعم صالح وطيب وذكر، وحث على الخير؛ لكن ثقيل على كثيرٍ من النفوس، وهذا يحسه الإنسان من نفسه، نسأل الله العفو والمسامحة، إذا جاك واحد وهو من خيار الناس صارت الجلسة رسمية على الكلام، رسمية يا أخي الواحد ما يقدر يستأنس ولا ينبسط، لا شك أن هذه الأمور تحتاج إلى علاج، هذا خلل، خلل بلا شك، يعني أنت تأنس بمن يضحكك والذي يدلك على الخير تقول: جلسة رسمية، هذا واقع كثير من الناس الله يعفو ويسامح، فلنحرص على من يدلنا على الخير، ويكفنا عن الشر، ويقدم لنا ما ينفعنا في ديننا ودنيانا، أما أهل الهزل وأهل المجون وأهل الفكاهة لا ينفعونا بشيء، ويبقى أن الدين -ولله الحمد- ترك لنا فرصة، يعني ديننا فيه فسحة، النبي -عليه الصلاة والسلام- يمزح لكنه لا يقول إلا حقاً، فإذا تخلل الجلسات الطيبة النافعة المفيدة شيء من المرح والمزح الخفيف هذا لا بأس به، لا يضيق به ديننا -ولله الحمد- والمنة، على ألا نكذب، ولا نقول إلا حق، ولا نتعدى على غيرنا، ولا يدخل في كلامنا شيء مما يستلذ ويطاب من الاستطالة في أعراض الناس، والله المستعان.






الحديث التاسع والستون:






عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال‏:‏ قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-‏:‏ ‏((‏لا يُلْدَغ المؤمن من جُحْرٍ واحدٍ مرتين)‏)‏ [متفق عليه]‏.‏


نعم هذا الحديث تمثيلي، هذا مثال محسوس لأمور معقولة، كل أمر أوقعك في ما لا تحب لا تعد إليه مرة ثانية، أبداً، وكل تصرف أوصلك إلى ما لا يرضي الله -جل وعلا- دعه واتركه، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يلدغ المؤمن من جحرٍ واحد مرتين، نعم أدخل يده في الجحر يريد شيئاً ينفعه فإذا فيه حية، هل يمكن أن يدخل يده مرة ثانية في الجحر نفسه؟ ما يمكن، وهكذا، إذا ذهبت إلى مكان وجدت فيه ما يسوؤك، هذا لا تعد إليه مرة ثانية، وجدت فيه ما يعوقك عن خير الدنيا والآخرة لا ترجع إليه مرة ثانية، فينبغي أن يكون المؤمن كيّساً فطناً حذراً غاية الحذر، ما هو يستدرج مرة ويقع في ورطة ثم يستدرج ثانية بنفس الأسلوب ونفس الطريقة ويوافق ويروح ويقع في هلكة، ويستدرج ثالثة هذا تغفيل، فعلى المسلم أن يكون فطناً لهذه الأمور، ويحرص على ما ينفعه.




توقيع أم الخطاب78
كيف يكون هذا الود؟ وما هي أسبابه؟ وثمراته؟

أم الخطاب78 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس