رِسالةُ الإِصلاح
إذا وفق الله تعالى طالب العلم في تحصيل المعارف الشرعية ، وحواها صدره ، ووعاها قلبه ، فإن الواجب عليه أن يقوم بواجب الدعوة والتبليغ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بقدر استطاعته ، وهذا الواجب يستلزم منه أن يكون عارفا بأحوال المجتمع وما يحصل فيه مما يخالف الشرع ، وعالما بواقع أمته والعالم الإسلامي وأهم المشكلات التي تواجه المسلمين في العالم ، كما يجب عليه أن يكون على دراية بمكر أعداء الإسلام ، وكيفية مواجهة مكرهم وعداءهم بالوسائل المثلى العصرية .
ذلك أن العلم الشرعي أمانة شرعيّة لا تبرأ الذمّة إلا بالقيام بحقه ، وحقه هو إخلاصه لله تعالى ، والترفع به عن أبواب السلاطين ، وإكرامه من أن تطلب به النفس متاع الحياة الدنيا .
ومن حقه تعليمه للناس ، وبذله للعامة المسلمين ، والجهاد في الدعوة إليه ، والصبر على الأذى في سبيل تعلمه وتعليمه كما ورثناه عن نبّينا صلى الله عليه وسلّم ، على قدر الطاقة والوسع ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وليس العالم من يحفظ العلم ثم يغلق عليه بابه والناس بحاجة إليه ، وليس العالم من لا يهتم بأمر المسلمين ، ولا يبالي بمصائبهم ، ولا يسعى لإصلاح أحوالهم الدينية ، وإرشادهم إلى ما فيه نجاتهم في الدنيا والآخرة .
ومن أخذ العلم لله ، وقام به لله ، ونصر به دين الله ، دخل بتوفيق من الله ، في قول الله : (يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) والله أعلم، وصلّى اللهُ على نَبِيّنا مُحَمــــــّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحبِهِ وَسلَّم .