الموضوع: رحلة ( حج قلب❤)
عرض مشاركة واحدة
قديم 11-07-14, 04:52 PM   #14
مُزن
~مشارِكة~
 
تاريخ التسجيل: 18-09-2011
المشاركات: 143
مُزن is on a distinguished road
افتراضي


📩 رحلة (حج قلب❤)
1⃣2⃣ آية {5} ج 2

{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِن كُنتُمْ فِى رَيْبٍۢ مِّنَ ٱلْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَـٰكُم مِّن تُرَابٍۢ ثُمَّ مِن نُّطْفَةٍۢ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍۢ ثُمَّ مِن مُّضْغَةٍۢ مُّخَلَّقَةٍۢ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍۢ لِّنُبَيِّنَ لَكُمْ ۚ وَنُقِرُّ فِى ٱلْأَرْحَامِ مَا نَشَآءُ إِلَىٰٓ أَجَلٍۢ مُّسَمًّۭى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلًۭا ثُمَّ لِتَبْلُغُوٓا۟ أَشُدَّكُمْ ۖ وَمِنكُم مَّن يُتَوَفَّىٰ وَمِنكُم مَّن يُرَدُّ إِلَىٰٓ أَرْذَلِ ٱلْعُمُرِ لِكَيْلَا يَعْلَمَ مِنۢ بَعْدِ عِلْمٍۢ شَيْـًۭٔاء}
ۚ👈وقفة تفكر بهذه الآية:
🌟قال سيد قطب رحمة الله :
القرآن في هذه الآيات يخاطب الناس فيوجه قلوبهم إلى تدبر المشهود المعهود لهم , وهو يقع لهم كل لحظة , ويمر بهم في كل برهة ; وهو من الخوارق لو تدبروه بالعين البصيرة , والقلب المفتوح , والحس المدرك . ولكنهم يمرون به أو يمر بهم دون وعي ولا انتباه .
فما هؤلاء الناس ؟ ما هم ؟ من أين جاءوا ؟ وكيف كانوا ؟ وفي أي الأطوار مروا ؟.

⚡(فإنا خلقناكم من تراب). . والإنسان ابن هذه الأرض . من ترابها نشأ , ومن ترابها تكون , ومن ترابها عاش . وما في جسمه من عنصر إلا له نظيره في عناصر أمه الأرض . اللهم إلا ذلك السر اللطيف الذي أودعه الله إياه ونفخه فيه من روحه ; وبه افترق عن عناصر ذلك التراب . ولكنه أصلا من التراب عنصرا وهيكلا وغذاء . وكل عناصره المحسوسة من ذلك التراب

💤ولكن أين التراب وأين الإنسان ؟ أين تلك الذرات الأولية الساذجة من ذلك الخلق السوي المركب , الفاعل المستجيب , المؤثر المتأثر , الذي يضع قدميه على الأرض ويرف بقلبه إلى السماء ; ويحلق بفكره فيما وراء المادة كلها ومنها ذلك التراب .

✨إنها نقلة ضخمة بعيدة الأغوار والآماد , تشهد بالقدرة التي لا يعجزها البعث , وهي أنشأت ذلك الخلق من تراب !

(ثم من نطفة . ثم من علقة . ثم من مضغة مخلقة وغير مخلقة - لنبين لكم - ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى ; ثم نخرجكم طفلا.).
🌀ثم يبقى بعد ذلك سر تحول تلك النطفة إلى علقة , وتحول العلقة إلى مضغة , وتحول المضغة إلى إنسان ! فما تلك النطفة ؟ إنها ماء الرجل . والنقطة الواحدة من هذا الماء تحمل ألوف الحيوانات المنوية . وحيوان واحد منها هو الذي يلقح البويضة من ماء المرأة في الرحم , ويتحد بها فتعلق في جدار الرحم .

🔳وفي هذه البويضة الملقحة بالحيوان المنوي . . في هذه النقطة الصغيرة العالقة بجدار الرحم - بقدرة القادر وبالقوة المودعة بها من لدنه - في هذه النقطة تكمن جميع خصائص الإنسان المقبل:صفاته الجسدية وسماته من طول وقصر , وضخامة وضآلة , وقبح ووسامة , وآفة وصحة . . كما تكمن صفاته العصبية والعقلية والنفسية:من ميول ونزعات , وطباع واتجاهات , وانحرافات واستعدادات . .

⭕فمن يتصور أو يصدق أن ذلك كله كامن في تلك النقطة العالقة ؟ وأن هذه النقطة الصغيرة الضئيلة هي هذا الإنسان المعقد المركب , الذي يختلف كل فرد من جنسه عن الآخر , فلا يتماثل اثنان في هذه الأرض في جميع الأزمان ؟!

🍂ومن العلقة إلى المضغة , وهي قطعة من دم غليظ لا تحمل سمة ولا شكلا . ثم تخلق فتتخذ شكلها بتحولها إلى هيكل عظمي يكسى باللحم ; أو يلفظها الرحم قبل ذلك إن لم يكن مقدرا لها التمام .

🍀(لنبين لكم). . فهنا محطة بين المضغة والطفل , يقف السياق عندها بهذه الجملة المعترضة: (لنبين لكم). لنبين لكم دلائل القدرة بمناسبة تبين الملامح في المضغة . وذلك على طريقة التناسق الفني في القرآن .

❕ثم يمضي السياق مع أطوار الجنين: (ونقر في الأرحام ما نشاء إلى أجل مسمى)فما شاء الله أن يتم تمامه أقره في الأرحام حتى يحين أجل الوضع . (ثم نخرجكم طفلا). . ويا للمسافة الهائلة بين الطور الأول والطور الأخير !
إنها في الزمان - تعادل في العادة - تسعة أشهر . ولكنها أبعد من ذلك جدا في اختلاف طبيعة النطفة وطبيعة الطفل . النطفة التي لا ترى بالعين المجردة وهذا المخلوق البشري المعقد المركب , ذو الأعضاء والجوارح , والسمات والملامح , والصفات والاستعدادات , والميول والنزعات . .
إلا أنها المسافة التي لا يعبرها الفكر الواعي إلا وقد وقف خاشعا أمام آثار القدرة القادرة مرات ومرات . .

💢ثم يمضي السياق مع أطوار ذلك الطفل بعد أن يرى النور , ويفارق المكمن الذي تمت فيه تلك الخوارق الضخام , في خفية عن الأنظار !

🍂(ثم لتبلغوا أشدكم). . فتستوفوا نموكم العضلي , ونموكم العقلي , ونموكم النفسي . . وكم بين الطفل الوليد والإنسان الشديد من مسافات في المميزات أبعد من مسافات الزمان ! ولكنها تتم بيد القدرة المبدعة التي أودعت الطفل الوليد كل خصائص الإنسان الرشيد , وكل الاستعدادات الكامنة التي تتبدى فيه وتتكشف في أوانها , كما أودعت النقطة العالقة بالرحم كل خصائص الطفل , وهي ماء مهين !

{ومنكم من يتوفى , ومنكم من يرد إلى أرذل العمر لكي لا يعلم من بعد علم شيئا . .}

🌾فاما من يتوفى فهو صائر إلى نهاية كل حي . وأما من يرد إلى أرذل العمر فهو صفحة مفتوحة للتدبر ما تزال . فبعد العلم , وبعد الرشد , وبعد الوعي , وبعد الاكتمال . . إذا هو يرتد طفلا . طفلا في عواطفه وانفعالاته . طفلا في وعيه ومعلوماته . طفلا في تقديره وتدبيره . طفلا أقل شيء يرضيه وأقل شيء يبكيه . طفلا في حافظته فلا تمسك شيئا , وفي ذاكرته فلا تستحضر شيئا . طفلا في أخذه الأحداث والتجارب فرادى لا يربط بينها رابط ولا تؤدي في حسه ووعيه إلى نتيجة , لأنه ينسى أولها قبل أن يأتي على آخرها: لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ولكي يفلت من عقله ووعيه ذلك العلم الذي ربما تخايل به وتطاول , وجادل في الله وصفاته بالباطل !

💤ثم تستطرد الآية إلى عرض مشاهد الخلق والإحياء في الأرض والنبات , بعد عرض مشاهد الخلق والإحياء في الإنسان .فبعد الاحتجاج بدليل من انفسكم انتقل الى الاحتجاج بدليل كوني آفاقي. فقال:
(وترى الأرض هامدة , فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت , وأنبتت من كل زوج بهيج).

فلنقرأ الآية ونكررها ونتأمل فيها إلى أن يرتوي الفؤاد بتعظيم العظيم .
الطفل والشاب والشيخ الهرم كلهم أمام ناظرينا كل وقت وكل حين فأين العقل وأين الفكرة وأين التعظيم.

🌸اللهم اجعل صمتنا فكراً ونطقنا ذكراً🌸

سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أنه لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك
مُزن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس