عرض مشاركة واحدة
قديم 22-09-13, 10:23 PM   #1
طالبة الرضوان
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي رحمك الله يا (إلهام) .. !

رحمك الله يا (إلهام) .. !


هناك أناس ما زال ذكراهم يتردد في صدورنا،وإن كانوا قد رحلوا دون أن يخبرونا ودون أن يودعونا !

إلهام .. كم تهيجني المشاعر عند ذكر هذا الاسم، كم وكم !

إلهام.. إحدى طالباتي في معهد إعداد معلمات للكتاب والسنة

كنت ممن أكرمني الله بتدريسها هي وزميلاتها ذوات المرحلة المتوسطة-قبل ثلاثة أعوام من الآن- !

أتذكر حينما كانت تقول لي هي وزميلاتها:
أ.صفاء .. سوف تكونين قدوتي!
لا يا حبيبتي لا .. معاذ الله
لا تتخذيني وغيري من البشر قدوة لك،سوى المعصوم خير البشر صلوات ربي وسلامه عليه .. !

إلهام .. التي تصغرني بخمسة أعوام،كانت ذات روح مرحة وكانت سببا في إدخال البهجة لي ولجميع الطالبات في الفصل .. كانت تحب أن تتواصل معي كثيرا عبر الهاتف،وكنت التمس منها السرور حينما أرد على مكالمتها !

مرت ظروف بأخيتي إلهام -ذات الثالثة عشر عاما- فانقطعت عن المعهد مدة ..
وبينما أنا في المنزل إذ يأتيني اتصال من (إلهام) ..
أين أنتِ يا عزيزتي؟هل انتهت ظروفك؟لقد أتمت الطالبات جميع الاختبارات عداك أنتِ!

نعم أ.صفاء،وقد اتصلتُ بك لأخبرك بأنني سأحضر الأسبوع القادم-بإذن الله- وسأنجز اختباراتي ..

جاء الأسبوع..وفي أوله-يوم السبت- دخلتُ المعهد،دقائق .. ثم تناديني إحدى الطالبات،لتخبرني بما لم يكن في الحسبان !
لقد توفيت إلهام يوم أمس الجمعة،بالتماس في الكهرباء !
إنا لله وإنا إليه راجعون
إن العين لتدمع وإن القلب ليحزن وإنا لفراقك يا (إلهام) لمحزونون .. ولا نقول إلا ما يرضي ربنا !

دخلت الفصل،وإذ بي أرى وجوه الطالبات باكية حزينة،الجميع ينظرن إلي ينتظرن مني الكلمات المؤنسة المصبرة،يا إلهي !

ماذا عساني أن أقول،والعبرة تخنقني والمشاعر تحبسني !
ربِّ اشرح لي صدري،ويسر لي أمري،واحلل عقدة من لساني،يفقهوا قولي !

طالباتي العزيزات.. أتدرون إلى أين رحلت (إلهام) ؟!
إنها رحلت إلى ربٍّ رحمنٍ رحيمٍ،أرحم بها مني ومنكن بل ومن والديها ومن الناس أجمعين !

قدِم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبي فإذا امرأة من السبي تبتغى إذا وجدت صبيا في السبي أخذته فألصقته ببطنها وأرضعته ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أترون هذه المرأة طارحة ولدها في النار ؟ قالوا : لا والله ! وهى تقدر على أن لا تطرحه . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لله أرحم بعباده من هذه بولدها .
رواه البخاري ومسلم ..



ذهبنا لتعزية أمها وأهلها ولأول مرة أراهن وأتعرف عليهن ..

فأول ما دخلت غرفة الضيافة،إذ بعمة إلهام تقوم من مكانها لتضمني ببكائها الحار، وقالت لي: لقد حسبتك إلهام، لقد حسبتك إلهام،كم كانت إلهام تحبكِ وتحكي عنكِ !

ثم أخبرتنا أم إلهام- رحمها الله- بأن ابنتها لم يمضِ على بلوغها سوى ستة أيام،وأنها كانت في المطبخ لتقوم بما أمرتها أمها وإذ بها تصاب بالتماس في الكهرباء بمكان قد حذرنا من الاقتراب منه،وقد قال المهندس أنه سيحضر بعد صلاة الجمعة لإصلاحه،لكن قدر الله وما شاء فعل،توفيت-رحمها الله- !


تقول أمها: كانت ابنتي تتكفل بإطعام أسرة فقيرة لأم وأطفالها المرضى بمرض التوحد !
كانت إبنتي تطمح بأن تكون داعية إلى الله تعالى،تسعى لنشر الخير بين الناس! .

رحمك الله يا إلهام،لقد ألهمك الله الخير والإحسان منذ نعومة أظفارك !

آهٍ .. ماذا عساني أن أقول،والعبرة تخنقني في ثنايا حروفي ..

بعد عام من فراقها،كنت أصحح أوراق الاختبار وأكتب التقارير،وإذ بي أرى من بين تلك الأوراق تقرير للطالبة إلهام .. أخذته لأملئ البيانات وإذ بي أراه شبه فارغ تذكرت حينها بأن صاحبته قد رحلت إلى الله !

آه.. فاضت الدموع حينها ولولا اليقين باللقاء في (الجنة) لخشيت أن يصعب إيقافها !

نعم الجنة هي سلوانا الوحيد عند الأحزان،وفراق الأحبة،وكبد الحياة !

اللهم إن عفوك ورحمتك قد شملت من عمَّر في الأرض وأذنب،وكُلِّف فقصَّر ..

اللهم فاشمل رحمتك وعفوك بإلهام التي لم يمضِ عليها من زمن التكليف سوى ستة أيام .. !

أنت الله الجواد الكريم،الرحمن الرحيم

واختمِ اللهمَّ لي ولوالديّ وللقارئين ولجميع المسلمين بخاتمة الإحسان

والحمد لله ربِّ العالمين



توقيع طالبة الرضوان
سبحان الله،والحمد لله،ولا إله إلا الله،والله أكبر ..
طالبة الرضوان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس