وصايا الأمس وبنات اليوم
الوصايا فن أدبي قديم لم نعد نرى له أثراً أدبياً كما كانت صورته في السابق فقد كان يصاغ بلغة بارعة محبوكة السبك غنية الفكر ذائعة النشر .
ووصايا القدامى كثير منها يبقى ساري المفعول لأنه صادر عن تجربة إنسانية تنم عن بعد النظر وعمق التجربة ، وقد يترك بعضه لأنه عبّر عن زمنه فقط .
ولو أن فتاة معاصرة عُرضت عليها وصية الأعرابية لابنتها ليلة زفافها ، لباشرت القول : هذه وصية للعروس فأين الوصايا للعريس ؟ لماذا نحن دائماً تخصوننا بالوصايا وتذكروننا بالحقوق ؟ لماذا لا تفهمون الرجال مثل ذلك ؟
وإذا سمعت قول الأعرابية : ( اصحبيهِ بالقناعةِ ) قالت : أيّة قناعة ؟ أنا لست أقلّ من غيري !
وإذا سمعت ( وعاشريهِ بحسنٍ السمعٍ والطاعةِ ) .قالت : إن ناقشته بعد حوار، واقتنعت بالأمر أسمع وأطيع
وإذا وصلت إلى قولها : وتعهدي مواقع عينهِ وأنفهِ فلا تقع عينه منك على قبيح ) ٍتقول : وهو أيضاً عليه أن يحسّن من مظهره ويعطر جسده وينظف فمه ?
ثمّ تردف قائلة : وهل يكفي أن يشم مني أطيب ريح ؟ الحياة أعقد من ذلك ، ثمّ هل حقاً لو كنت له أمة يكن لي عبداً ؟ أظن أنه إن رآني كالأمة يقول : أنت ضعيفة الشخصية ليتك زوجة قوية الشخصية لها رأي ولديها تصميم وإرادة .
ثم إذا قرأت قول الأعرابية ( ثم اتقي الفرح أمامه إن كان ترحًا .. والاكتئاب عنده إن كان فرحًا ) .. تقول : هذه مشاعر تخصّني فأنا في الفرح أريد أن تكبر فرحتي ، وعندما أحزن أريد أن أعبر عن حزني .
فإذا انتهى بها المطاف إلى قول الأعرابية :
( واعلمي أنـكـ لاتصلين إلى ما تحبين حتى تؤثري رضاه على رضاك ، وهــــواه على هـــواكِ فيما أحببتِ وكرهتِ ) هزت رأسها وقالت : وأين شخصيتي ؟
وبعد هذا وذاك هل اكتشفت عزيزتي حواء السّر وراء إحجام بعض الشباب عن الزواج ؟
المصدر: شبكة مشكاة