![]() |
![]() |
![]() |
|
![]() |
#1 |
|تواصي بالحق والصبر|
تاريخ التسجيل:
19-09-2006
المشاركات: 930
![]() |
![]() الصوم وغذاء الروح الحمد لله خلق الكون بقدرته من العدم، وأضاء الكون بنوره فأشرقت له الظلم، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد: فإن عبادة الصوم سر من الإسرار الإلهية، وحكمة بديعة من حكم التشريع، فلا عجب أن كان الركن الرابع من أركان الإسلام، والركن هو الجانب القوي الذي يبنى عليه الشيء، فالإسلام مبني على عبادة الصيام. ما هو السر في الصيام حتى كان ركنًا من الأركان، وعبادة من العبادات التي يحبها الله، ويكثر من التقرب بها رسل الله وأنبياؤه وأولياؤه؟ لماذا كان النبي صلى الله عليه يتغير في رمضان؟ ويزداد في التقرب إلى الله وفعل الطاعات؟ ما الذي أحدثه الصوم فيه؟ وهل النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي لم يخالط قلبه محبة غير الله يتأثر بالصيام إلى هذا الحد، فيحدث له هذا النشاط العجيب، غير المعتاد؟ ولماذا كان الصوم جنة؟ ولماذا رائحة فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؟ ولماذا لما قال أحد أصحاب رسول الله له: يا رسول الله مرني بعمل، قال: ((عليك بالصوم؛ فإنه لا مثل له))([1]). لماذا كان للصائمين باب يقال له الريان، لا يدخل منه أحد غيرهم؟ لماذا كان الصوم لله، وهو يجزي به؟ هل هذا كله لأجل الإمساك فقط عن المفطرات من الأكل والشرب والشهوة؟ أيمكن لنا أن نفوز بفوائد الصيام بمجرد أن نفعل ذلك؟ كلا... إن هناك غذاء يحدثه الصوم في شهر رمضان، غذاء يخالف غذاء البدن، غذاء تحيى به الأرواح، وتصلح به الأمة، وتستقيم به الأحوال. فما هي العلاقة بين الإمساك عن المفطرات من الطعام والشراب والشهوة، وبين بناء النفس، وغذاء الروح؟ ما هو هذا الغذاء, وما آثاره؟ لو نظرنا في حال النبي صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، كيف كان يواصل الصيام، ولا يكتفي بالصيام من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، ولما نهى أصحابه عن الوصال رحمة بهم، وخوفًا عليهم ألا يطيقوا القيام بالأعمال مع مواصلة الصيام، فقالوا له: إنك تواصل، قال لهم: ((وَأَيُّكُمْ مِثْلِي؟!! إِنِّي أَبِيتُ يُطْعِمُنِي رَبِّي وَيَسْقِينِ))([2]). فقَوْله: ((يُطْعِمنِي وَيَسْقِينِ)) أَيْ يَشْغَلُنِي بِالتَّفَكُّرِ فِي عَظَمَته، وَالتَّمَلِّي بِمُشَاهَدَتِهِ، وَالتَّغَذِّي بِمَعَارِفِهِ، وَقُرَّة الْعَيْن بِمَحَبَّتِهِ، وَالِاسْتِغْرَاق فِي مُنَاجَاته، وَالْإِقْبَال عَلَيْهِ عَنْ الطَّعَام وَالشَّرَاب، وهَذَا الْغِذَاءُ أَعْظَم مِنْ غِذَاء الْأَجْسَاد, وَمَنْ لَهُ أَدْنَى ذَوْقٍ وَتَجْرِبَةٍ يَعْلَمُ اِسْتِغْنَاءَ الْجِسْم بِغِذَاءِ الْقَلْب وَالرُّوح عَنْ كَثِير مِنْ الْغِذَاء الْجُسْمَانِيِّ وَلَا سِيَّمَا الْفَرَح الْمَسْرُور بِمَطْلُوبِهِ , الَّذِي قَرَّتْ عَيْنه بِمَحْبُوبِهِ([3]). فهل تعجبون بعد ذلك إذا كان أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان يدارسه جبريل القرآن، ويقوم من الليل قيامًا لا يطيقه أحد، يفعل ذلك كله، وهو ممسك عن الطعام والشراب، فبدنه محروم من غذائه، لكن روحه تتغذى تغذية تقويه على فعل الطاعات، والجود بأنواع الخيرات. ولقد كان من أصحابه من يواصل، ويفعل مع ذلك جميع العبادات، ويقوم بأداء سائر الحقوق، فهذا عبد الله بن الزبير يواصل خمسة عشر يومًا([4])، وهو الذي كان مضرب المثل في القيام، والجهاد في سبيل الله. لقد أحدث الصوم له غذاء استغنى به عن غذاء البدن. ([1]) رواه: رواه النسائي (4/165، رقم 2220- 2223) قال في الفتح (4/104): بإسناد صحيح، وابن حبان في صحيحه (8/211، 213، رقم 3425، 3426)؛ وابن خزيمة (3/194، رقم 1893)؛ والحاكم في المستدرك (1/582، رقم 1533) عن أبي أمامة، وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه. ([2]) رواه البخاري وغيره. ([3]) انظر: فتح الباري (4/208). ([4]) انظر: المصنف (2/496)؛ فتح الباري (4/204). التعديل الأخير تم بواسطة إشراف الأقسام العامة ; 07-09-09 الساعة 05:56 AM |
![]() |
مواقع النشر (المفضلة) |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
![]() |
|
There are no names to display. |
أدوات الموضوع | إبحث في الموضوع |
انواع عرض الموضوع | |
|
|