العودة   ملتقى طالبات العلم > ๑¤๑ أرشيف الدروات العلمية ๑¤๑ > دورات رياض الجنة (انتهت)

الملاحظات


دورات رياض الجنة (انتهت) إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، رياض الجنة مشروع علمي في استماع أشرطة مختارة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-03-08, 03:15 PM   #1
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

القاعدة الثانية والعشرون ::

أن من أسمائه الحسنى ما يكون دالا على عدة صفات ، ويكون ذلك الإسم متناولا لجميعها تناول الاسم الدال على الصفة الواحدة لها
مثل :
الكريم يدل على صفة واحدة وهي الكرم ، الرحيم يدل على صفة الرحمة .
لكن هناك أسماء تدل على مجموعة من صفات الكمال ، من هذه الأسماء ما يدل على ثلاث صفات كمال ومنها ما يدل على أربع ومنها ما يدل خمس ومنها ما يدل على أكثر من ذلك .
فمن أسمائه مثلا التي تدل على مجموعة من الأوصاف العظيم ، المجيد ، الصمد ،
كما قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير (( الصمد )) هو السيد الذي قد كمل في سؤدده ، والشريف الذي قد كمل في شرفه ، والعظيم الذي قد كمل في عظمته ، والحليم الذي قد كمل في حلمه ، والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته ، وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده وهو الله سبحانه وتعالى ، وهذه صفة لا تنبغي إلا له ليس له كفواً احد (( ليس كمثله شيء )) سبحانه وتعالى لا يكافئه شيء ليس له كفوا وليس له نظير . أهـ
فانظروا كيف فسر ابن عباس رضي الله عنهما (( الصمد ))
بهذه المجموعة من الأوصاف الكاملة ، فما تستطيع أن تقول أن الصمد مثلاً مثل صفة الرحيم يدل على صفة الرحمة فقط ، وإنما يدل على مجموعة من الصفات الكاملة .
وقل مثل ذلك بالنسبة للرب : هو السيد الذي قد كمل في سيادته ، والمربي لخلقه ، والمتصرف فيهم ، وما إلى ذلك من المعاني .

*********

بعد ذلك ننتقل إلى قضية أخرى وهي ما يطلق على الله تبارك وتعالى من الصفات أو الأخبار
والمقصود بالصفة : هي تلك الاطلاقات التي وردت بها نصوص شرعية تدل على وصف الله تبارك وتعالى بها
وأما الخبر : فالمقصود به تلك الاطلاقات العامة الكلية التي لم يرد لوصف الله تبارك وتعالى بها دليل لا من الكتاب ولا من السنة وشرط جوازها كما ذكرنا من قبل أنها لا تحمل معاني غير لائقة بالله تبارك وتعالى, لا تشعر بذم ولا بنقص ولا عيب .
فهذه الاطلاقات على الله تبارك وتعالى من جهة الصفة والخبر تنقسم إلى ستة أقسام :
الأشياء التي نطلقها على الله عز وجل
- منها ما يرجع إلى الذات سواء كان ذالك في باب الصفات أو في باب الإخبار الذي هو أوسع من باب الصفات .. مثلا: حينما تقول الله ذات أو الله شيء هذا من باب الخبر ليس من أسماءه تبارك وتعالى ذلك ، لكن هذا من باب الإخبار تقول: الله موجود فهذه الأشياء ترجع إلى الذات .
- منها ما يرجع إلى صفات معنوية مثل: العلم .. القدرة.. السمع ..
- ومنها ما يرجع إلى الأفعال مثل : الخالق.. الرازق ..
- ومنها ما يرجع إلى التنزيه المحض مثل : القدوس ..السلام .. المقدس عن كل عيب ونقص, الطاهر من كل عيب لكن هذه كما قلنا يجب أن تكون متضمنة بثبوت كمال أضدادها فإذا قلت هو المنزه عن كل عيب هذا يقتضي أنه الكامل من كل وجه يعني الذي ثبتت له صفات الكمال .
- النوع الخامس : وهو الاسم الدال على جملة أوصاف متعددة لا تختص بصفة معينه كما مثلنا بالصمد أي مثل الصمد.
- النوع السادس : وهي الصفة الثالثة التي تحصل من اقتران الاسمين كما أشرت قبل قليل .. حينما يقول العزيز الحكيم نخرج بوصف ثالث ’’’ وهذا اتضح.

*****

أيضا من المسائل التي تُذكر في هذا الباب ما يتعلق بأنواع الصفات التي يوصف ربنا تبارك وتعالى بها.
يمكن أن نقسم الصفات باعتبارات مختلفة يعني أنت إذا نظرت إلى الشيء من جانبٍ معين تستطيع أن تقسمه إلى أقسام كما نقول في كثير من الدروس بأننا يمكن أن نقسم
الإنسان مثلا: فنقول بالنسبة إلى الجنس ينقسم إلى ذكر وأنثى ، وبالنسبة للدين ينقسم إلى مؤمن وكافر ، وبالنسبة للصحة والاعتلال ينقسم إلى صحيح وعليل وهكذا ..
فنحن حينما نقسم الشيء ننظر إليه من زوايا متعددة فينقسم باعتبارات مختلفة .
فالصفات يمكن أن تنقسم باعتبارات مختلفة متعددة

*** من حيث الإثبات والنفي :
- هناك عندنا صفات ثبوتيه – وهي ما أثبته الله عز وجل لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم – مثل العزة , العلم , الحكمة , القدرة ، والضحك ، والكلام وما أشبه ذالك .
- وهناك صفات سلبية – وهي ما نفاه الله عز وجل عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم – وهذه أوصاف نقص ينزه عنها تبارك وتعالى مثل : السنة و النوم (( لا تأخذه سنة ولا نوم )) ولكن هذا كما قلنا يقتضي ثبوت كمال ضده ، فإذا قلت (( لا تأخذه سنة ولا نوم )) فهذا يتضمن كمال حياته وقيوميته فالحياة التي تعتريها السِنَة والنوم حياة ناقصة والله تبارك وتعالى منزه عن ذلك ..

النوع الثاني: من حيث التعلق بذات الله وأفعاله:
الاعتبار الثاني الذي يمكن أن نقسم به الصفات نقسمها من حيث التعلق بذات الله وأفعاله :
- فهناك صفات يقال لها الصفات الذاتية وهي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها مثل : العلم و القدر و الحياة والسمع و البصر و الوجه وهكذا اليدين فالله تبارك وتعالى هذه من صفاته الذاتية ..
- وهناك صفات فعليه وهذه تتعلق بمشيئته وإرادته إن شاء فعلها وان شاء لم يفعلها كالمجيء و النزول و الغضب و الفرح و الضحك كل هذا ثبت بالأحاديث وبعضة ثبت في القران وهذه تسمى بالصفات الاختيارية .
وأفعاله تبارك وتعالى نوعان :
نوع لازم نوع متعدي ..
- فالاستواء على العرش و النزول ينزل ربنا إلى السماء الدنيا وهكذا الإتيان كل ذلك ثابت لله عز وجل وهو في الأفعال اللازمة ..
- وهناك أفعال متعديه مثل : الإعطاء والخلق والرزق .. فهذه تتعدى إلى معطى – إلى مرزوق – إلى مخلوق ، الخلق يقتضي مخلوقا وهكذا .
النوع الثالث: من حيث ثبوت الصفات والأدلة التي ثبتت بها :
الاعتبار الثالث الذي يمكن أن نقسم الصفات بالنظر إليه هو من حيث ثبوت الصفات والأدلة التي ثبتت بها ..
هناك ما يسمى بالصفات الخبرية وهذه التي تكون متوقفة على الخبر ,على الوحي , لا مدخل للعقل في إثباتها,, مثل ماذا ؟؟ حينما يخبرنا الله عز وجل بأن له وجه يليق بجلاله وعظمته – أو بأن له يدين – أو بأن له صفات : كالفرح – الضحك – الغضب ونحو ذلك .. هل يمكن أن نعرف هذا بالعقل ؟ أن الله يضحك مثلا ؟ لا .. هذا متوقف على النقل على السماع من الكتاب والسنة فقط .
وهناك صفات يقال لها سمعيه عقليه بمعنى أن العقل يدركها لكن نحن لا نثبت لله عز وجل صفة لمجرد العقل وإنما طريق ذلك الوحي, لكن من الصفات ما يدركه العقل مثل ماذا ؟؟ الآن الحياة أليس ذلك قد جاء في المنقول وهو أيضا العقل يدل عليه ؟ العقل يدل عليه أن الله متصف بالحياة العلم القدرة الإدارة الخلق الرزق الإعطاء أليس ذلك
كله يعرف بالعقل ؟ ما الذي خلق هذه السموات والأرض والجبال والناس وهذا الخلق العجيب الدقيق بهذه التفاصيل ؟ هو الله تبارك وتعالى فالعقل يدل على ذلك وهو ثابت أيضا في الكتاب والسنة فهذه يقال لها سمعيه عقليه يعني من جهة الدليل الذي عرفت به تنقسم بهذه الاعتبارات ...

******

والألفاظ لتي يعبر بها عن الله تبارك وتعالى في هذا الباب أيضا أقسام :
1 - منها ما يكون كمال مطلق لا نقص فيه بوجه من الوجوه فهذا يسمى الله به ويوصف به , طبعا لابد أن يكون ثابت في الكتاب أو السنة فهو كامل في ذاته وفي موضوعه ومتعلقه مثل السميع البصير فهذا ثابت في الكتاب والسنة وهي أوصاف كاملة من كل وجه في ذاتها وفي موضوعها ومتعلقها فهذه ثابتة لله تبارك وتعالى ويسمى الله بالسميع والبصير.
2 - وإما أن تدل على كمال في ذات اللفظ لا في موضوعه ومتعلقه لان الموضوع المتعلق منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم فيحتمل النقص بالتقدير فهذا لا يسمى الله به وإنما قد يوصف به أو يخبر به عنه ، فمثلًا الكلام هذا اللفظ من حيث هو يعتبر كمال لكن بالنظر إلى متعلقه قد يكون نقص وقد يكون كمال يتكلم بماذا ؟
الإنسان يوصف بأنه يتكلم ، لكن هذا الكلام قد يكون نقص بالنظر إلى متعلقه يعني ما يقع عليه الكلام ما يتكلم به الموضوع الذي يتحدث عنه قد يكون غيبه قد يكون كذب قد يكون نميمة فالكلام لا يكون كمال بالنظر إلى متعلقه في كل الحالات .
فمثل هذا لا يسمى الله به مثل الإرادة ، الإرادة من حيث هي كمال أليس كذلك ؟ لكن بالنظر إلى متعلقها قد يكون يريد الخير وقد يريد الشر هذا بالنسبة للموصوف بها بإطلاق لا نتحدث عن الله عز وجل ، فإذا كان الوصف بالنظر إلى متعلقه أو موضوعه يكون تارة كمال وتارة نقصا فإن الله لا يسمى به فلا يقال الله من أسمائه المريد .
المشيئة كمال من حيث هي لكن بالنظر إلى متعلقها قد تكون المشيئة للخير وقد تكون المشيئة للشر وقد تكون نقصا وقد تكون كمالا بالنظر إلى موضوعها ولهذا لا نسمى الله عز وجل بالشائي وهكذا ...
وقد تكون دالة على الكمال والنقص في ذاتها فهي تحتمل الكمال والنقص في معناها نفسه فهذا لا يطلق على الله عز وجل وإنما يذكر مقيداً مثل المكر والكيد والاستهزاء والمخادعة (( يخادعون الله وهو خادعهم )) (( يمكرون ويمكر الله ))
(( الله يستهزئ بهم ))
فهذه إنما تكون كمال بما قيدت به فقط ولهذا لا يسمى الله تبارك وتعالى بشيء من ذلك .
انتهينا من القواعد .
******************************************************
ننتقل إلى الخامس عشر وهي لفته وفي ضمنها دعوة إلى التأمل فيما يذكره الله تبارك وتعالى لنا في كتابه مما نجده في كثير من الآيات من تذييل الآيات الأسماء الحسنى وهذا له دلالة ينبغي أن يتدبر الإنسان وان يتفطن لهذا المعنى فإذا تأملت هذه الأسماء التي تختم بها الآيات فانك يمكن أن تستخرج جملة أمور

الأمر الأول أن ذلك يكون تارةً للدلالة على أن الشرع والأمر والخلق كله صادر عن أسمائه الحسنى ومرتبط بها وإليكم هذا المثال من سورة الحج من الآية ( من 59 إلى 65 ) انظر ما ذكر الله تبارك وتعالى فيها الله عز وجل يقول لما ذكر الذين هاجروا في سبيله ثم قتلوا أو ماتوا وعد بأنه سيرزقهم رزقا حسنا قال (( ليدخلنهم مدخلا يرضونه وان الله لعليم حليم )) فختم هذه الآية بالعليم الحليم ، وهذا يقتضي علمه بنياتهم الجميلة وأعمالهم الجليلة هؤلاء هاجروا ثم قتلوا أو ماتوا ومقاماتهم العالية الشامخة فيجازيهم على ذلك بالفضل العظيم ويعفوا ويحلم عن سيئاتهم فكأنهم ما فعلوها ، ولهذا قال وان الله لعليم حليم ، عليم بأعمالهم وما خرجوا من اجله وما لاقوا من الشدائد والمشقات والأذى في سبيله ، وهو حليم لا يعاجل عدوهم بالعقوبة وإنما يمهل وهو أيضا يحلم عن سيئاتهم وتقصيرهم وجناياتهم .
ثم قال الله تبارك وتعالى بعدها (( ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور )) هؤلاء الذين أوذوا واُخرجوا من ديارهم وأخذت أموالهم وأصيبوا في أبدانهم إذا حصل منهم انتقام فليس عليهم في ذلك حرج (( لينصرنه الله إن الله لعفو غفور )) فختم بهذين الاسمين فانه أباح المعاقبة بالمثل وندب إلى مقام الفضل وهو العفو وعدم معاقبة المسيء وانه ينبغي لكم أن تعبدوا الله بالاقتداء والعمل بهذين الوصفين لتنالوا عفوه ومغفرته فهو العفو الغفور ، يقول من انتقم لا حرج عليه ثم قال لهم في أسمائه إن الله لعفو غفور يرشدهم إلى العفو الغفر وإنها لمرتبه أعلى .
ثم قال بعدها (( ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير )) وهذا يقتضي سمعه لجميع أصوات ما سكن في الليل والنهار وبصره بحركاتهم على اختلاف الأوقات وتباين الأحوال, ثم قال (( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير )) وذلك لأن علوه المطلق وكبريائه وعظمته ومجده تضمحل معها جميع المخلوقات ويبطل معها كل ما عبد من دونه وبإثبات كمال علوه وكبريائه يتعين أنه هو الحق و ما سواه هو الباطل هو الكبير العلي وما دونه فزيف أو زيوف لا اعتداد بها من الآلهة المدعاة ما يعبد من دون الله تبارك وتعالى .
ثم قال بعده (( الم ترى أن الله انزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير )) فذكر هذين الاسمين اللطيف و الخبير الدالين على سعة علمه ودقيق خبرته بالبواطن كالظواهر.
ثم قال (( له ما في السموات وما في الأرض وان الله لهو الغني الحميد )) فختم بهذين الاسمين الغني الحميد بعدما ذكر ملكه للسموات والأرض وما فيها من المخلوقات وانه لم يخلقها لحاجة منه فإنه الغني غناً مطلق .. خلقها لا ليتكمل بها سبحانه وتعالى فهو الحميد الكامل ليدل خلقه على أنهم جميعاً فقراء إليه من جميع الوجوه وذلك يستوجب عليهم أن يعرفوه بأنه الحميد في أقداره والحميد في شرعة والحميد في جزاءه فله الحمد المطلق ذاتاً وصفاتا وأيضا وأفعالا, ثم قال (( ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم )) ختم بهذين الإسمين الرؤوف والرحيم فإن من رأفته ورحمته تسخيره المخلوقات لبني آدم وحفظ السموات والأرض وإبقائها وإمساكها لئلا تزول فتختل مصالحهم ..
ومن رأفته ورحمته أن سخر لهم البحار لتجري الفلك في منافعهم ومصالحهم فرحمهم حيث خلق لهم المسكن وأودع لهم فيه كل ما يحتاجونه وحفظه عليهم وأبقاه وهكذا انظر إلى الآيات عموما في كتاب الله عز وجل تجد أشياء من هذا ..
الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في القواعد الحسان ذكر ذلك وتكلم عليه بكلام جميل فليراجع .
أمر آخر مما يمكن أن نستخرجه من النظر والتأمل في ختم الآيات بالأسماء الحسنى :
إن الله يذكر ذلك ليبين أن الحكم المذكور بالآية له تعلق بالاسم فيكون هذا الاسم كالتعليل للحكم انظروا مثلاً لقوله تعالى حينما قال موسى لقومه (( يا قومي إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم )).
وإن هنا تشعر بالتعليل تاب عليكم . كـأنه يقول لأنه هو التواب الرحيم
أمر ثالث :
إن الله قد يذكر الاسم في آخر الآية دون ذكر الحكم والجزاء فيها تنبيهاً لعباده أنهم إذا عرفوا الله بذلك الاسم العظيم عرفوا ما يترتب عليه من أحكام وان ذلك الحكم من آثار هذا الاسم. مثال :
بعدما ذكر الله جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا قال : (( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فأعلموا أن الله غفور رحيم ))ما قال إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاتركوهم أو فأعفوا عنهم ما ذكر الحكم في هؤلاء الذين تابوا قبل التمكن منهم لكنه قال (( فأعلموا أن الله غفور رحيم )) بمعنى اتركوهم.. وهذا ظاهر على كل حال من الآية ..
أمر الرابع : يمكن أن نستنبطه
وهو أن الله قد يختم بعض الآيات بالأسماء الحسنى تعليلا للأمر الوارد في الآية أو تعليلا للنهي الوارد فيها ، مثالا على تعليل الأمر (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم )) والله عز وجل يقول (( واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود )) لماذا نستغفره ونتوب إليه ؟؟ من اجل أن يرحمنا فختم الآية بهذين الاسمين ليكون ذلك تعليلا للأمر بالاستغفار والتوبة وفيه حث عليهما .
الأمر الخامس :
وهو أن الله قد يختم بعض الآيات التي فيها دعاء باسم واحد أو اسمين يتناسبان مع الدعاء المطلوب وهذا من الأدب في دعاء الله عز وجل بأسمائه الحسنى.. الله يقول
(( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم )) وقال تعالى (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب )) هبنا إنك أنت الوهاب .
الأمر السادس :
إن بعض الآيات تختم باسمين مختلفين تماما في المعنى وذلك لإفادة حكمين مختلفين وردا في الآية فيتعلق مقتضى الاسمين بكل من الحالتين والحكمين المختلفين كل اسم بما يناسبه ، انظر مثلا الله سبحانه وتعالى يقول بعد ما يذكر قصص الأنبياء في سورة الشعراء : (( وإن ربك لهو العزيز الرحيم )) فكل قصة من قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تضمنت نجاة النبي وأتباعه وهذا بلطف الله ورحمته وتضمنت إهلاك المكذبين لهم وذلك من آثار عزته فإذا ذكر قصة نبي قال (( وإن ربك لهو العزيز الرحيم )) بعزته قهر هؤلاء المكذبين وبرحمته نجا المؤمنين فذكر العزة والرحمة مع إن الغالب إن الذي يذكر مع الرحمة المغفرة هنا ذكر معها العزة لان الآيات تضمنت هذا وهذا .
الأمر السابع :
إن بعض الآيات قد تختم أحيانا ببعض الأسماء التي قد يتوهم السامع أنه لا مناسبة بينها وبين موضوع الآية أو الدعاء الوارد فيها إن كان فيها دعاء أو نحو ذلك ، لكن الواقع انه في غاية المناسبة فمثلاً : في سورة المائدة فيما قص الله عز وجل من خبر عيسى صلى الله عليه وسلم في الآخرة ، فعيسى عليه الصلاة والسلام حينما يسأله ربه تبارك وتعالى
(( أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ........ إن تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم )) قد يتبادر إلى كثير من الأذهان أنه هنا يقال الغفور الرحيم فلماذا قال العزيز الحكيم ؟؟ قد أجبنا عن هذا في بعض المناسبات بان هذا المقام مقام يغضب فيه الرب تبارك وتعالى غضباً لم يغضب قبل مثله ولن يغضب بعده مثله وهؤلاء نسبوا له الصاحبة والولد وجاءوا بهذا الإجرام العظيم , فعيسى صلى الله عليه وسلم لا يريد أن يجعل نفسه مدافعا عنهم محاميا عنهم في ذلك المقام ويطلب لهم المغفرة والرحمة وإنما يقول هؤلاء عبادك بين يديك إن غفرت فأنت الغفور الرحيم وان عذبت فانك أنت العزيز الحكيم وهناك معنى آخر وهو أنك إن غفرت فليس ذلك عن عجز بالمؤاخذة و إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم تغفر وأنت قادر عليهم وعلى معاقبتهم وأخذهم ..
الأمر الثامن والأخير :
وهو أن من ألطف مقامات الرجاء أن يذكر الله أسباب الرحمة وأسباب العقوبة ثم يختمها بما يدل على الرحمة وهذا تجدونه في مواضع كثير في القران الله سبحانه وتعالى يقول (( يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء )) لم يقل مثلا العزيز القوي لا قال (( والله غفور رحيم )) يقول مثلا (( ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما )) فهذا يدل على أن رحمة الله عز وجل قد سبقت غضبه جل جلاله ..

***********************



توقيع سمية ممتاز
,,



التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 11-04-08 الساعة 11:31 PM
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 15-03-08, 03:16 PM   #2
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي

ننتقل بعد ذلك إلى السادس عشر
وهو ما يتعلق بأهمية معرفة الأسماء الحسنى والصفات العلى .

أقول أولاً أيها الأحبة العلم بذلك هو اشرف العلوم ، الناس قديماً وحديثا أولعوا بالعلم والمعرفة والاكتشاف والبحث حتى الصغير يكسر اللعبة وما يقع في يده.. ليكتشف ما الذي يحصل , ويضع يده على النار ويضع في فمه كل ما يقع في يده ليكتشف هذا الذي وجده ما هو ، فهذه غريزة في الإنسان . والناس يتنافسون في مراكز الأبحاث في العالم الذين يقدرون البحث والعلم والمعرفة وينفقون عليها الأموال الطائلة المليارات كل ذلك من أجل المزيد من العلوم والمعارف ، فينقبون ويبحثون ويرسلون الآلات والمراكب الفضائية والغواصات ويجوبون القفار ويبحثون في باطن الأرض وفي كل مكان من أجل الاكتشاف والمعرفة والوصول الى العلم والحقيقة وما إلى ذلك .
وتفرعت العلوم وتنوعت وكثرت التخصصات وانتسب إليها الخلائق الذين لا يحصيهم إلا الله تبارك وتعالى بألوان المعارف الدقيقة حتى صار التخصص ينقسم إلى تخصصات فرعية جزئية يمكن أن ينقسم الواحد منها أيضا إلى تخصصات .
وهذه علوم تتفاوت في شرفها تفاوتا عظيما .
أقول إذا كان الأمر كذلك أيها الأحبة والناس يتسابقون في العلم والمعرفة فالعلم بالله وأسمائه وصفاته هو أشرف العلوم على الإطلاق ومع ذلك نجد الخلق عنه في غفلة إلا من رحم الله تبارك وتعالى فأين الذين يتنافسون في هذا ؟؟ ليتعرفوا على الله عز وجل من خلال ما ذكره من أسمائه وصفاته وما ذكره رسوله صلى الله عليه وسلم .
أين الانكباب على دراسة هذه الأشياء ومعانيها وما لها من الآثار العظيمة في النفس والخلق والشرع ؟! فهذا العلم أيها الأحبة مطلوب لنفسه مرادٌ لذاته ، فالله عز وجل يقول : (( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما )) فأخبر أنه خلق السموات والأرض ونزل الأمر بينهن لِيُعْلَم أنه بكل شيء عليم.. ليعلمنا أنه عالم عليم بكل الأشياء وانه على كل شيء قدير فهذا العلم هو غاية الخلق المطلوبة : أن يعلموا أن الله هو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه فهو الذي يستحق التأليه وحده والعبادة فالله يقول (( فاعلم انه لا اله إلا الله )) فالعلم بوحدانيته تعالى وأنه لا إله إلا هو مطلوب لذاته وإن كان لا يُكتفى به وحده بل لابد معه من عبادته وحده لا شريك له فهما أمران مطلوبان لأنفسهما أن يُعرف المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه وأن يُعبد بموجب ذلك ومقتضاه .
وعلى كل حال كما ذكرنا بأن شرف العلم بشرف المعلوم وشرف العلم بشرف متعلقه فلما كان الطب مثلا الذي يتعلق ببدن الإنسان أشرف من الطب الذي يتعلق ببدن الحيوان فالطبيب البشري أشرف من الطبيب البيطري بالمهنة , والذي يعمل بالمعادن و يشتغل بالذهب غير الذي يشتغل بالحديد فهذا حداد وهذا صائغ للذهب فصنعة هذا أفضل من صنعة هذا , والذي يشتغل الطب ويشتغل بطبابة القلوب اشرف من الذي يشتغل بطبابة مثلا الجلد أو اشرف من الذي يشتغل بطبابة الركبة وهذا أمر معلوم والأطباء يعرفون هذا على كل حال هذا في كل التخصصات وفي كل العلوم فشرف العلم تابع لشرف معلومه .
ولا ريب أن أشرف معلوم وأعظمه وأكبره وأكرمه هو الله تبارك وتعالى الذي لا اله إلا هو رب العالمين وقيوم السموات والأرضين فأصل كل معلوم ومنشأه هو العلم بالله تبارك وتعالى فمن عرف الله عرف ما سواه ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل كما قال الله تعالى (( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم )) والقرآن كما نشاهد لا تكاد تخلوا آية من آياته من صفة لله سبحانه وتعالى أو اسم من أسمائه الحسنى كما يقول الشيخ تقي الدين ابن تيميه رحمه الله بأن القرآن فيه من ذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله أكثر من ما فيه من ذكر الأكل والشرب والنكاح في الجنة مثلا والآيات المتضمنة لذكر أسماء الله وصفاته أعظم قدراً من آيات المعاني لان أعظم آية في القران هي آية الكرسي المتضمنة لجملة من أسماء الله وصفاته الكاملة، وذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم لما قال لأبي بن كعب أتدري أي آية في كتاب الله أعظم ؟ قال : الله لا اله إلا هو الحي القيوم وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ليهنك العلم أبا المنذر يعني هنيئا لك بالعلم حينما عرفت ووقعت على هذا المعلوم على هذه المعرفة التي ميزت بها هذا التمييز .
وأفضل سورة في القران هي أم القران الفاتحة كما في حديث أبي سعيد ابن المعلى في الصحيح لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم انه لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القران مثلها وهي السبع المثاني والقران العظيم الذي أوتيته وفيها من ذكر أسماء الله وصفاته أعظم مما فيها من ذكر المعاد كما لا يحفى .
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قل هو الله احد تعدل ثلث القران وقل هو الله احد إنما هي في صفة المعبود جل جلاله.
والأمر الثاني مما يدل على أهميتها ، أهمية معرفة الأسماء والصفات أن ذلك هو أساس الإسلام ، الإيمان بأسماء الله وصفاته هو أساس الإسلام ، وهو الطريق إلى معرفة الله عز وجل فهذا هو أصل الدين وسر العبودية كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية وأساس الهداية وأفضل ما اكتسبته القلوب وحصّلته النفوس وأدركته العقول وذلك أن معرفة الله جل جلاله هو غاية المعارف وعبادته اشرف المقاصد والوصول إليه غاية المطالب بل هذا كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :خلاصة الدعوة النبوية وزبدة الرسالة الإلهية .
كما إن سر العبودية وغايتها وحكمتها إنما يطلع عليها من عرف صفات الرب جل جلاله ولا نعطلها وعرف معنى الإلهية وحقيقتها كما يقول ابن القيم , وبهذا نعرف أن أجل الفوائد أيها الأحبة وأشرفها ما دل عليه الكتاب العزيز من معرفة الله بصفات كماله ونعوت جلاله وآياته ومخلوقاته ومعرفة ما يترتب على ذلك من عبادته وطاعته وتعظيم أمره ونهيه فهذان الأصلان هما زبدة الرسالة ومقصود النبوة ومدار الأحكام عليهما ، وإذا شاء العباد أن يعرفوا ربهم ومعبودهم ويزدادوا به علماً فليس أمامهم من طريق إلا التعرف عليه عبر النصوص الواصفة له والمصرحة بأفعاله وأسمائه ، لان الله غيب لا يرى في الدنيا ، كيف نعرفه إلا عن طريق النظر في معاني الأسماء الحسنى والصفات الكاملة ، والله تبارك وتعالى أوجز في القرآن خلاصة الرسالات السماوية في آية واحدة وهو قوله : (( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه انه لا اله إلا أنا فاعبدون )) وقال أيضا موجزاً خلاصة ما أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله (( قل إنما يوحى إلي إنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون )) فمفتاح الدعوة الإلهية معرفة الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى لأنه كما قال شارح الطحاوية _ لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا لذة ولا سرور ولا أمان ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها بما سمى به نفسه أو وصف به نفسه ويكون أحب إليها مما سواه ويكون سعيها فيما يقربها إليه ويدنيها من مرضاته فبعث ربنا تبارك وتعالى الرسل وجعل مفتاح دعوتهم وزبدة رسالتهم معرفة المعبود الحق بأسمائه وصفاته وأفعاله - فهو سبحانه وتعالى مستو على عرشه كما يقول ابن القيم يكلم ملائكته ويدبر مملكته ويسمع أصوات خلقه ويرى أفعالهم وحركاتهم ويشاهد بواطنهم كما يشاهد ظواهرهم يأمر وينهى ويرضى ويغضب ويحب ويسخط ويضحك من قنوطهم وقرب غِيَرِه يجيب دعوة مضطرهم ويغيث ملهوفهم ويعين محتاجهم ويجبر كسيرهم ويغني فقيرهم ويميت ويحيي ويمنع ويعطي ويؤتي الحكمة من يشاء مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير ,,كل يوم هو في شأن,, يغفر ذنبا ويفرج كربا ويفك عانيا وينصر مظلوما ويرحم مسكينا ويغيث ملهوفا ويسوق الأقدار إلى مواقيتها ويجريها على نظامها ويقدم ما يشاء تقديمه ويؤخر ما يشاء تأخيره فالأمور كلها بيده وكيف تصمد القلوب إلى من ليس كما يقول أهل الكلام من ليس بداخل العالم ولا خارجه ولا متصلاً به ولا منفصلاً عنه ، وكيف تأله القلوب من لا يسمع كلامها ولا يرى مكانها ولا يُحِبُّ ولا يُحَبُّ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا .
وقد ذكر أبو القاسم الاصبهاني صاحب كتاب الحجة نقل عن بعض أهل العلم يقول لو أن رجلا أراد أن يتزوج إلى رجل أو يزوجه أو يعامله طلب أن يعرف اسمه وكنيته واسم أبيه واسم جده وسأل عن صغير أمره وكبيره ، فالله الذي خلقنا ورزقنا نرجو رحمته ونخاف من سخطته أولى أن نعرف أسمائه ونعرف تفسيرها .
فالمقصود أيها الأحبة انه لا يستقر للعبد قدمٌ في المعرفة بل ولا في الإيمان حتى يؤمن بصفات الرب جل جلاله ويعرفها معرفة تخرجه عن حد الجهل بربه ، فالإيمان بالصفات وتعرّفها هو أساس الإسلام وقاعدة الإيمان وثمرة شجرة الإحسان كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في المد ارج .

والتوحيد الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام نوعان :
1 – نوع في العلم والاعتقاد
2- ونوع في الإرادة والقصد
ويسمى الأول التوحيد العلمي والثاني التوحيد القصدي والإرادي
لتعلق الأول بالإخبار والمعرفة والثاني بالقصد والإرادة ،
ومدار النوع الأول من التوحيد على إثبات صفات الكمال لله تبارك وتعالى وعلى نفي التشبيه والمثال عنه وتنزيهه عن العيوب والنقائص .
بل قال الشيخ عبد الرحمن ابن السعدي رحمه الله بأن الإيمان بأسماء الله الحسنى ومعرفتها يتضمن أنواعا من التوحيد الثلاثة
توحيد الإلوهية
توحيد الربوبية
توحيد الأسماء والصفات
وهذه الأنواع هي روح الإيمان وروحه وأصله وغايته ، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانه وقوي يقينه .

والمقصود أيها الأحبة أنه على أساس العلم الصحيح بالله وبأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص وتُبنى مطالب الرسالة فهذا التوحيد هو أساس الهداية والإيمان وهو أصل الدين الذي يقوم عليه ، ولذلك فانه لا يُتصور إيمان صحيح ممن لا يعرف ربه فهذه المعرفة لازمة لإنعقاد أصل الإيمان وهي مهمة جداً للمؤمن لشدة حاجته إليها لسلامة قلبه وصلاح معتقداته واستقامة أعماله .
وقد جعل الله عز وجل منكر صفاته مسيء الظن به وتوعده بما لم يتوعد به غيره من أهل الشرك والكفر والكبائر فقال(( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ))
ظنوا أن الله لا يعلم كثيرا مما يعملون فأرداهم هذا الظن وقد قال الله عز وجل في الظانين به ظن السوء (( عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا )) الذي لا يعرف الله معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته قد يسيء الظن به ، ولمّا كان أحب الأشياء إليه تبارك وتعالى حمده ومدحه والثناء عليه بأسمائه وصفاته وأفعاله كان إنكارها وجحدها أعظم الإلحاد والكفر به وهو شرٌ من الشرك كما يقول الحافظ ابن القيم : المعطل شَرٌّ من المشرك لأنه لا يستوي من جحد صفات الملك وجحد ملكه وجحد أوصافه الكاملة لا يستوي هذا مع من أشرك به غيره ، فهذا الأول الذي جحد أوصاف الكمال عطله من كل شيء وذاك المشرك أثبت له أوصافا ولكنه جعل له شريكا آخر
على كل حال يذكر ابن القيم رحمه الله أن جميع الشرك الموجود في العالم أن أصله يرجع إلى التعطيل وهذا إذا تأملته تجده صحيحا ، ويقول الإمام الدارني: لن يدخل الإيمان قلب رجل حتى يعلم أن الله لم يزل إلها واحدا في جميع أسمائه وصفاته .
بل إن ابن القيم رحمه الله يقول وهذا باب حرام على الجهمية المعطل أن يلجه إلى الجنة حرام عليه ريحها .
ذكرنا هنا قضيتين مما يبين أهمية معرفة الأسماء والصفات .

الأسئلة:


في الدرس الماضي قال أحد الأخوان بأن اسم الستير بفتح السين وذكرت أني سأراجعه وقد راجعته..


فيه رويتان : بكسر السين وتشديد التاء مكسورة (سِتِّير) قال المناوي: ستير بالكسر والتشديد.


وبعضهم فتح السين وكسر التاء مخففة (سَتِير).



هل البديع من أسماء الله؟ (( بديع السماوات والأرض))


البديع هكذا بإفراده ليس من أسماء الله عز وجل


وبعضهم قال إن من أسمائه كما ذكرنا بعض العلماء يثبت بالإضافة أو بالتقييد بعض الأسماء مثلا بديع السماوات والأرض بعضهم جعله من الأسماء.



ما جاء مضافاً كـ ((خير الوارثين)) ؟


أخذ بعض العلماء منه اسم الوارث , الله عز وجل يقول ((ونحن الوارثون)) فكثير من أهل العلم ذكر هذا في أسماء الله الحسنى ولكن هذا يرجع الى ما ذكرته قبل في الضابط, فمن قال إن المضافة أو المقيدة أو نحو ذلك لا تدخل في الأسماء لم يعتبره .


وهكذا ((أسرع الحاسبين)) فهل يُقال الحاسب؟


لا , كثير من أهل العلم ذكر الحاسبين والله عز وجل يقول (( وكفى بنا حاسبين )) بصيغة الجمع المفيدة للتعظيم (( وكفى بالله حسيبا)) الافراد


فذكروا الحسيب ذكره كثير أكثر من تكلم عن الأسماء الحسنى يذكر الحسيب في جملة الأسماء.


و كـ (( إنا من المجرمين منتقمون)) هل المنتقم ؟


المنتقم ليس من أسماء الله عز وجل .


و كـ (( نور السماوات والأرض)) ؟


هذا ذكره بعض أهل العلم كما ذكرت في إجابات سابقة


ذكره شيخ الإسلام وابن قيم والشيخ عبد الرحمن ابن سعدي


وفي كتاب الشيخ سعيد بن وهب القحطاني الأسماء الموجودة فيه قال أنه قرأها على الشيخ بن عبد العزيز بن باز وأقرها وما قال إنه ليس من أسمائه أزلتها , فهي مُقرة من الشيخ رحمه الله , فالحاصل أنه ذكر من جملة الأسماء نور السماوات والأرض بهذا القيد


على كل حال ابن قيم صرح في عدد من كتبه منها النونية أن النور من أسماء الله تبارك وتعالى


هل لابد في الأسماء المضافة أن يطلق الإسم كاملاً بالإضافة؟ هذا تكلمنا عليه


أم يجوز الإقتصار على المضاف والمضاف إليه؟


من قال إن المضافات تطلق على الله عز وجل فهو بالإضافة



جاء عن الإمام أحمد يا دليل الحائرين , هل هذا من الأسماء أم لابد أن يكون الدعاء في كتاب الله؟


بالنسبة للدعاء الأفضل والأكمل أن يكون مما ورد في الأسماء الحسنى, لكن من الناس من يتوسع في هذا فيذكر ما يصح إطلاقه في باب الخبر , فيقول مثلاً يا واهب ومعطي ويا مانح الخير امنحني أو يا مانح الذرية امنحني ذرية , بعض الناس يقول هذا والأحسن أن يدعو الله بأسمائه الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة والله تعالى يقول : (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ...))




تبقى شيء يسير سنأتي به قريباً بإذن الله

التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 13-04-08 الساعة 12:25 AM
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 21-03-08, 06:41 PM   #3
أم كلثوم
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 23-01-2008
المشاركات: 405
أم كلثوم is on a distinguished road
افتراضي تفريغ الدرس السابع

الشريط السابع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
مرحبا بكم أيها الأحبة واسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا المجلس خالصا لوجهه الكريم ومقربا إلى مرضاته وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته . . .
مازلنا أيها الأحبة نتكلم عن أهمية الإيمان بأسماء الله الحسنى وذكرنا في ذلك أمرين . . .
و أما الأمر الثالث مما يدل على أهميتها : فإن إحصائها والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم . . .
فإن المعلومات سوى الله تبارك وتعالى إما أن تكون خلقا له وإما أن تكون أمراً ،،،
ومصدر الخلق والأمر جميعا ناشئ عن أسمائه الحسنى ومرتبط بها.
فالأمر كله مصدره أسماء الله جل جلاله والخلق كله كذلك فإذا أحصى الإنسان أسماء الله كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم بهذا الاعتبار ، وذلك كما ذكرت أن إحصاء أسمائه وإحصاء لكل معلوم لأن المعلومات من مقتضاها ومرتبطة بها .
فما نشاهده في هذا الكون مما يتعلق بالخلق فإنه ناتج عن أسمائه تبارك وتعالى ...وإذا تأملت هذا ظهر لك كل الظهور وإذا نظرت إلى ما أمر به وشرعه ، فإنه ناتج أيضا عن أسمائه الحسنى ، انظر إلى اسم الله مثلا الخالق أو الرازق أو الكريم و انظر إلى ما تشاهده من هذه المخلوقات .
انظر إلى أسمائه العليم والخبير واللطيف ، انظر إلى أسمائه تبارك وتعالى التي تدل أيضا على علمه كالسميع والبصير ، فتجد ذلك الأمر الذي ذكرته ظاهرا في هذا كله ،فكل ما شرعه تبارك وتعالى يدل على أنه عليم ، وأنه حكيم يضع الأمور في مواضعها ويوقعها في مواقعها .
وإذا تأملت في أحوال هذا الخلق الدقيق والجليل سواء في العالم العلوي كسير الأفلاك والكواكب وما جرى مجرى ذلك أو نظرت إلى خلق الإنسان وما فيه من الدقة العجيبة ، أو نظرت إلى تصريف أمر الكائنات ، من الدواب بجميع أشكالها وأنواعها وصنوفها رأيت أن ذلك صادر من أسمائه تيارك وتعالى ، من الذي يرزقها ، من الذي يقيمها ، من الذي يدبر شئونها ،من الذي أوجدها ابتداء ، من الذي يعلم أحوالها وتقلبها ، ومن الذي أعطى هذا العطاء ومنح هذا المنح ، فصار الخلق يتقلبون بألوان الأفضال والنعم التي يغدقها الله عز وجل عليهم صباح مساء.
من الذي علمهم العلوم والمعارف ، حتى صار الإنسان يسخر كثيرا مما في هذا الكون ولا يزال يكتشف أشياء وأشياء فيكون ذلك سبيلا إلى مزيد من الانتفاع بما وهب الله عز وجل ومنح ، كل هذا صادر عن أسمائه الحسنى جل جلاله.
الأمر الرابع مما يدل على أهمية معرفتها:
أن معرفتها وفهمها وسيلة إلى معاملته ، بثمراتها من الخوف والرجاء والمحبة والمهابة إلى غير ذلك مما يمكن أن نعبر عنه بتحقيق العبودية كما سيأتي شرحه وإيضاحه في الكلام عن الثمرات بشيء من البسط لكن هنا نشير إلى جانب يتعلق بما يدل على أهمية معرفة الأسماء الحسنى ، فالله تبارك وتعالى خلق الخلق من أجل أن يعبدوه "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
ولا يمكن للخلق أن يعبدوه إلا بعد أن يعرفوه ، فلا بد من معرفته لتتحقق الغاية المطلوبة من الخلق والحكمة من إيجادهم وهي أن يعبدوا ربهم وفاطرهم جل جلاله فالاشتغال بمعرفته سبحانه وتعالى اشتغال العبد بما خلق له، وإذا ترك العبد هذا و ضيعه فإنه يكون قد أهمل ما خلق له، والوسائل لها أحكام المقاصد، وكثير من الناس يسألون عن سؤالات تتعلق بإصلاح أحوالهم وقلوبهم وأعمالهم، وتتعلق بسيرهم إلى الله عز وجل والجد و التشمير في طاعته، فنقول لهم : اعرف ربك معرفة صحيحة بأسمائه و صفاته.
أولئك الذين يتعلقون بالمخلوقين تعلقاً لا يصلح إلا أن يكون لله تبارك وتعالى، فيشغلهم ذلك التعلق عن ربهم و يصير ذلك المخلوق يهيمن على تفكيرهم ويجدون من انشغال القلب وألمه ما لا يقادر قدره ، مثل هؤلاء يقال لهم العلاج بمعرفة الله عز وجل معرفة صحيحة بأسمائه و صفاته.
الذين يخافون من المخلوقين خوفاً لا يصلح إلا لله عز وجل مهما كان هذا المخلوق .
لكن من الناس من يقول أخاف من الظلام، ما السبيل؟؟
أذهب إلى الأطباء النفسيين، أو أحضر في هذه الدورات التي تعالج جوانب الشخصية، أو أقرا في الكتب المنتشرة في المكتبات التي يقولون أنها تعالج هذه الجوانب السلبية في نفس الإنسان، يقول مع أن قرأت الكثير من هذه الكتب ولا أجد كتابا ًفي المكتبات إلا قرأته، ومع ذلك يقول لم أنتفع بشيء، فالسبيل هو أن يعرف الله جل جلاله، ولهذا وجد بعض السلف وهو نائم في مكان خالٍ موحش، في ظلام الليل في البرية، فقيل: أتنام هنا وحدك؟ فقال : من عرف الله لم يلتفت إلا ما سواه، ملأ الخوف من الله عز وجل قلبه فلم يعد فبه محل لهذه المخاوف والأوهام، التي يتوهمها كثير من الناس.
أولئك الذين يتحسسون أبدانهم فإنه مريض كأنه فيه علة فيه مرض فيه ورم و ليس به بأس.
من الناس لايكاد و يمر يوم إلا و هو يرسل رسالة يطلب الدعاء من أشياء موهومة ليست حقيقية، ليس به علة ولا بأس ولكنه يتوهم هذا ويبكي، هؤلاء يحتاجون إلى معرفة الله عز وجل ، وان الله إذا أراد أن يمس العبد بضر فلا كاشف له إلا هو، وإذا أراده بخيرٍ فلا راد لفضله،إلى غير ذلك ما يطول وصفه، ولعلي أتحدث عنه بشيء من البسط كما ذكرت إن شاء الله في الكلام على ثمرات الإيمان بأسماء الله الحسنى .

فالمقصود أيها الأحبة: أن معرفة هذه الأسماء الحسنى، والصفات العلى، تحدث خشية ورهبة في قلب العبد، من علم أن الله بكل شيئ عليم وأنه لاتخفى على الله خافيه من أعمال العباد وآمن بذلك ، فإنه يكون أكثر مراقبة لله عز وجل وخوفاً و رجاءً ممن لا يعلم هذا.......
أولئك الذين يعانون من ذنوب في الخلوات , كيف السبيل بالتخلص منها ؟
إنه بمعرفة الله معرفة صحيحة بأسمائه و صفاته، فمن عرفه اتقاه، ولهذا قال الله تعالى:
{ إنما يخشى الله من عباده العلماء}
وقد فسر ذلك كبير المفسرين " أبوجعفر الطبري" رحمه الله ، بأن هؤلاء العلماء هم علماء بقدرته على مايشاء من شيء، وأنه يفعل ما يريد ، لان من علم ذلك ، وأيقن بعقابه على معصيته، خافه ورهبه خشية منه أن يعاقبه .
ولهذا قالوا: العلم الخشية، يعني الذي يورث العبد خشية المعبود تبارك وتعالى.
كما ذكر" العز بن عبد السلام " ، رحمه الله قريبا من هذا المعنى وهو أن فهم معاني أسماء الله تبارك وتعالى يكون وسيلة إلى معاملته بثمراتها من الخوف والرجاء والمهابة و المحبة والتوكل.

الامر الخامس ( مما يدل على اهميتها وينبئ عن شدة الحاجة إليها ) :
هو انه لا شيء اطيب للعبد ولا أهنا ولا انعم لقلبه وعيشه من محبتة فاطره وباريه ودوام ذكره والسعي في مرضاته ، وهذا كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله :
هو الكمال الذي لا كمال للعبد بدونه ، وله خلق الخلق ولأجله نزل الوحي وأرسلت الرسل وقامت السموات والارض ووجدت الجنة والنار ووضع البيت الحرام ووجب حجه على الناس إقامة لذكره الذي هو من توابع محبته والرضا به وعنه ، وعلى هذا الأمر العظيم أسست الملة ونصبت القبلة ، فكل من عرف الله احبه ، وكلما كان حبه اقوى كانت اللذة اعظم كما سياتي إيضاحه اكثر في الثمرات أكثر من هذا إن شاء الله ........
والحب نابع من العلم بالمحبوب ومعرفة جماله الظاهر والباطن ، فاعرف الخلق بالله أشدهم حبا له ، ولا سبيل للحصول على هذه المعرفة إلا من باب العلم بأسماء الله وصفاته ........
ومن كان في قلبه أدنى حياة ومحبة لربه ، وإرادة لوجهه فطلبه لهذا العلم بالاسماء والصفات وحرصه على معرفته وزيادة التبصر به فيه وسؤاله واستكشافه عنه يكون اكبر مقاصده واعظم مطالبه واجل غاياته ، فهو كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله : ليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ولا فرحها بالظفر بمعرفة الحق فيه وكل ذلك يضفي على القلب النور والبصيرة التي تحصنه من الشبهات والشهوات .......

فأين أصحاب القلوب المشوشة والقلوب الفارغة والقلوب المشغولة عن الله تبارك وتعالى غما بحب المال أو بحب إمراة أو بغير ذلك مما تتعلق به القلوب فيصرفها ويشغلها عن المالك المعبود جل جلاله .

الامر السادس :
أن معرفة أسماء الله وصفاته هي الأساس الذي يبنى عليه عمل الإنسان ومن خلالها تتحدد العلاقة التي تربط بين العبد وربه وعلى ضوئها يعبد المسلم ربه ويتقرب إليه .......
ولهذا كان اصل علم السلف وعملهم يقوم على امرين :
- العلم بالله تعالى
- العمل له

الامر السابع :
إن هذا الطريق وهو طريق معرفة الله عز وجل معرفة صحيحة بأسمائه الحسنى وصفاته العلى هو طريق الكمّل من الناس ، ولهذا كان ذلك طريق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ....... وهم اكمل الخلق واعلمهم بالملة ثم على نهجهم سار الصديقون والسابقون والمقربون والعلماء وكل من سلك صراط الله المستقيم ......
فكل من سلك صراط الله المستقيم فإنه على هذه الجادة وهذا المنهج وهذا الطريق الموصل لله جل جلاله .

فهذه طريقة الكمّل من السائرين إلى الله كما يقول الحافظ ابن القيم ، وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن ، فالله عز وجل يقول " ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها " والدعاء بها كما سبق يتناول دعاء المسالة ودعاء العبادة والثناء .
والله تبارك وتعالى يدعو عباده على ان يعرفوه بأسمائه وصفاته ويثنوا عليه بها و يأخذوا بحظهم من عبوديتها .
يقول ابن القيم رحمه الله :
أما الخواص فعمدة إيمانهم محبة تنشأ من معرفة الكمال ، ومطالعة الأسماء والصفات ...........
ويقول في موضع آخر : باب الأسماء والصفات غنما يدخل منه إليه خواص عباده واوليائه وهوباب المحبين حقا الذي لا يدخل منه غيرهم ولا يشبع من معرفته أحد منهم ، بل كلما بدا لهم علم ازداد شوقا ومحبة وظمأً ... وهذا هو سلوك الأكياس الذين هم خلاصة العالم والسالكون على هذا الدرب أفراد من العالم .........

إنه طريق سهل قريب موصل آمن ، أكثر السالكين في غفلة عنه ولكنه يستدعي رسوخا في العلم ومعرفة تامة به ، وبالجملة أيها الأحبة : فالإيمان بالصفات ومعرفة الاسماء وإثبات حقائق ذلك وتعلق القلب بها وشهوده لها هو مبدأ الطريق ووسطه وغايته ، وهو روح السالكين وحاديهم إلى الوصول ومحرك عزائمهم اذا فتروا ، وهو منير الطريق ومثير الهمم إذا قصروا فإن سيرهم إنما هو على الشواهد فكما أن من لا شاهد له فلا سير له ولا طلب ولا سلوك له .واعظم الشواهد صفات محبوبهم ونهاية مطلوبهم وذلك هو العلم الذي رفع لهم في السير فشمّروا كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله .
وبهذا نكون قد انتهينا من القضايا الدالة على اهمية معرفة الاسماء الحسنى .
ننتقل إلى الأمر السابع عشر وهو الأمر الأخير من هذه المقدمات وهو ما يتصل بثمرات الإيمان بالأسماء الحسنى .
وهذا من اجل واهم ما يذكر في هذه المقدمة .

.............................
يتبع إن شاء الله



توقيع أم كلثوم


إذا سـرّ بالسراء عمّ سرورها *** وإن مسّ بالضـراء أعقبها الأجـــر

وما منهما إلا لـه فيه نــعمة *** تضيق بها الأوهام والبــر والبحــر




التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 09-05-08 الساعة 05:02 AM
أم كلثوم غير متواجد حالياً  
قديم 21-03-08, 11:52 PM   #4
أم كلثوم
جُهدٌ لا يُنسى
 
تاريخ التسجيل: 23-01-2008
المشاركات: 405
أم كلثوم is on a distinguished road
افتراضي

أيها الأحبة :
للتعبد باسماء الله وصفاته آثار كثيرة على القلب ، قلب العبد وعمله ، فمعرفة الذات والصفات مثمرة لجميع الخيرات العاجلة و الىجلة ، ومعرفة كل صفة من الصفات تثمر حالا عليّة وأقوالا ثنيّة وأفعالا رضيّة ، ومراتب دنيوية ودرجات أخروية ...........

فمثل معرفة الذات والصفات كشجرة طيبة أصلها ثابت وهو معرفة الذاتثابت بالحجة والبرهان وفرعها وهو معرفة الصفات في السماء مجدا وشرفا تؤتي أكلها كل حين من الاحوال والأقوال والأعمال .
منبت هذا الشجرة بالقلب الذي إن صلح بالمعرفة والاحوال صلح الجسد كله كما يقول العز بن السلام رحمه الله ......

أشرع بعد ذلك في ذكر هذه الثمرات :
فأولها تحقيق التوحيد :
وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه التوحيد بابا قال فيه :
باب من حقق التوحيددخل الجنة من غير حساب :
وذلك ايه الأحبة من اعطى هذه الأسماء حقها على التوحيد فإنها تقوده إلى التوحيد ولا بد .
ثم هو أيضا سيأتي بلوازمها ومقتضياتها فالألوهية والربوبة من مقتضيات تلك الاسماء الحسنى ، وتحقيق التوحيد هو معرفته والاطلاع على حقيقته والقيام بها علما وعملا ، وحقيقة ذلك هو انجذاب الروح إلى الله محبة وخوفا وإنابة وتوكلا ودعاء وإخلاصا وإجلالا وهيبة وتعظيما وعبادة .......... وبالجملة فلا يكون في قلبه شيئا لغير الله ، ولا إرادة لما حرم الله ، ولا كراهة لما امر الله به وذلك حقيقة لا إله إلا الله ............ فإن الإله هو المألوه المعبود ..

الامر الثاني من ثمراتها :
هو زيادة الإيمان :
ومن عقيدة اهل السنة والجماعة ان الإيمان يزيد وينقص ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، يزيد بالعلم والعمل ، فكلما علم العبد عن الله وآياته ازداد إيمانا ..
وكذلك ايضا إذا استجاب العبد لما امره الله به ازداد إيمانا ، وينقص الإيمان بنقص العلم والعمل كما قال الله تبارك وتعالى :" وإذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فاما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون " .
ولا شك ان من اعظم ما جاءت به النصوص وبينته كما ذكرنا سابقا هو اسماء الله وصفاته فمن آمن بها وفهم معناها وعمل بمقتضاها ازداد إيمانه زيادة عظيمة ولا بد .

وذلك أن معرفة الأسماء والصفات من أعظم روافد الإيمان وأجل الموصلات لحلاوته وإذا كان من تحقق بمعانيها ووعاها بقلبه ووجدانه فإنه يجد لها من التأثيرات المختلفة على قلبه ما يهذب روحه ويسمو بنفسه حتى يصير كأنه في رياض من الجنة.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فيما يوجِد حلاوة الإيمان :"أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".
وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن بن السعدي-رحمه الله-: من أعظم روافد الإيمان كما يعبر يقول : معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة والحرص على فهم معانيها والتعبد لله فيها ثم ذكر حديث إن لله تسعا وتسعين اسما، ثم قال : الجنه لا يدخلها إلا المؤمنون فَعُلِم أن ذلك أعظم ينبوع و مادة لحصول الإيمان وقوته وثباته .

"من أحصاها دخل الجنة"
الكافر لو عرف عدها وحفظ هذه الأسماء فإنه لا يدخل الجنة ، فدل ذلك على أن المؤمن يرتقي بمعرفة هذه الأسماء ، سواء قيل أن المراد هو حفظها ، أو قيل فهم المعاني أو قيل العمل حسب مقتضاها ، فهذا كله يدل على أن أعظم روافد الإيمان ، ويكون ذلك أيضا سببا لقوته وثباته ، فمعرفة الأسماء أيها الأحبة هو أصل الإيمان و الإيمان يرجع إليها.
ومن انفتح له هذا الباب انفتح له باب التوحيد الخالص والإيمان الكامل الذي لا يحصل إلا للموحدين ، فالعلم بهذه الأسماء والاشتغال بفهمها والبحث عنها هو اشتغال بأعلى المطالب وحصول للعبد من أشرف المواهب.
وكلما ازداد العبد كما سبق معرفةً بربه ازداد إيمانه وكلما نقص نقص ، فعلى المسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق تعظيمه.
ومن أيقن بهذا الباب ولم يتأثر إيمانه بالشبه الباطلة ، والإيرادات المبتدعة ، فقد وصل إلى درجات البصيرة بالأسماء والصفات ، والبصيرة نور يقذفه الله على بقلب العبد، يرى به حقيقة ما أخبرت به الرسل عليه الصلاة والسلام، كأنه يشاهده رأي عين ،وبذلك ينتفع بما دعا إليه الشرع من الاعتناء بهذا الباب العظيم ، ومن أعرض عن الإيمان بهذا الباب وعطل أسماء الله عز وجل وصفاته كان من أعظم الصادين عن معرفة الله وعبادته والقاطعين طريق الوصول إليه .
كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله :" الجهال بالله بأسماء الله وصفاته المعطلون لحقائقها يبغضون الله إلى خلقه ويقطعون عليهم طريق محبته ، التودد إليه بطاعته من حيث لا يعلمون".
يعني ، كأنه يقول ربكم لا يوصف بالرحمة ، ولا يحب ، ولا يرضى ، إلى غير ذلك من أوصاف الكمال التي يعطلونها ، ولا يتكلم ولا ينزل إلى السماء الدنيا ، فيقول :من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، فهؤلاء لا شك أنهم قطاع طريق ، يصدون عن الله عز وجل وعن صراطه المستقيم .

-الثالث من هذه الثمرات:
أن العبد يبلغ بذلك ويصل إلى مرتبة الإحسان :
وهي أعلى المراتب وقد فسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله :"أن تعبد الله كأنك تراه فأن لم تكن تراه فإنه يراك " وقد ذكرنا في بعض المناسبات في غير هذا المجلس ، أن العلماء اختلفوا في ذلك على قولين:
(الكلام عن الأعمال القلبية)
فمنهم من يرى أنهما مرتبتان : " أن تعبد الله كأنك تراه " هذه هي المرتبة الأعلى ، ثم انحط به ونزل إلى المرتبة التي دونها ؛ يعني لم تصل إلى هذا المستوى أن تعبد الله كأنك تراه ، كأنك تشاهده ، فاعلم أنه يراك ، واستشعر رقابته عليك .
ومن أهل اعلم من فهم أنها مرتبة واحدة لكنه ذكره بهذا المعنى الثاني ، أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تراه فاستشعر نظره إليك ورؤيته لك .
والحافظ ابن القيم رحمه الله مشى على أنهما مرتبتان وعّد المرتبة الأولى وهي مرتبة الاستحضار؛ استحضار مرتبة مشاهدة الله ، واطلاعه عليه وقربه منه وإحاطته بأمره ، وهو مرتبه الإخلاص ، لأن استحضار ذلك في عمله يمنعنه إلي الالتفات إلى غير الله وإرادته بالعمل .
يلتفت إلى من وهو يستشعر هذا المعنى؟
يرائي من؟
وإذا كان من أعظم ما يخلص العبد من دنس الرياء ملاحظة أسماء الله وصفاته ، فمن لاحظ اسم الله الغني دفعه ذلك إلى الإخلاص ، لماذا ؟ وكيف ؟
لأن الله غني عن عملك وأنت فقير إلى الله عز وجل ، والله جلّ جلاله أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا آشرك فيه معه سواه تركه الله عز وجل وشركه ، فإذا عرف العبد هذا المعنى وتأمله أخلص لله جلّ جلاله .
إذا تذكر أن الله هو الغني وأن العباد فقراء " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد".
فكيف يتوجه إليهم ويلتفت إليهم ويطلب المحمدة منهم كيف يتصور يقوم يعبد ربه تبارك وتعالى بذكره أو الصلاة أو قراءة القرآن أو نحو ذلك ، ثم هو يطلب من مخلوق ضعيف لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، يطلب منه أن يرفعه أو أن ينفعه ، أو أن يعظمه أو يجلّه أو ما أشبه ذلك ، تطلب من الفقير العاجز وتنصرف عن الغني الكامل جلّ جلاله.
وهكذا من تأمل اسم الله العليم فإنه يعلم أن ما أخفاه هو عن الله تبارك وتعالى عن أعين الناس ونظرهم ومشاهدتهم فإن الله تبارك وتعالى يراه ويشاهده .
فإذا استحضر العبد أن الله يراه وأنه يعلم السر وأخفى وأنه سميع بصير فإنه يستحي أن يقارف مالا يليق والله جلّ جلاله يرى ذلك منه ، والملك يشاهده ويكتب عمله ذاك .
وهكذا من تأمل اسم الله الحفيظ حمله ذلك على ترك الرياء ،لأن من معاني الحفيظ أنه يحفظ على العباد أعمالهم ، يحصيها ويكتبها ثم يوافيهم بعد ذلك بها ، وإذا صنع ذلك في سائر الأعمال كلها كان العمل كله أيها الأحبة كله لله تبارك وتعالى.
فحُبُه لله وبغضه لله وقوله لله ولحظه لله وعطاؤه لله ومنعه لله فلا يريد من الناس جزاءً ولا شكوراً .
وماذا عن المخلوقين ؟ هذا دواء أيها الأحبة في كثير من القضايا التي يسأل عنها الناس وإنما يجابون عنها بمثل هذا : اعرف ربك معرفة صحيحة بأسماء الله وصفاته .
بعض الناس يقول : أقوم بأعمال دعوية وأشياء ولكن أجد قلبي يتفلّت على ونيتي في شرود، فنقول له: اعرف ربك معرفة صحيحة فإذا عرفته بأسمائه وصفاته لم تلتفت إلى الآخرين .
ماذا ترجو وماذا تنتظر عند هؤلاء الناس العجزة المساكين الفقراء إن أحبوك مدحوك بما ليس فيك وإن أبغضوك رموك بما ليس فيك ، وما قيمة ثناء الناس وما قيمة محبة الناس وما قيمة تقدير الناس إذا كان العبد يتقلب بسخط الله جلّ جلاله ؟!
لهذا يحتاج العبد أن يراعي هذه المعاني ، لو قلت أن جميع المشكلات التي نقع فيها فيما يتعلق بالسلوك ، وما يتعلق بالإخلاص............

ما يتعلق بعلاقاتنا يرتبط بهذا المعنى لم يكن ذلك مبالغة ، كيف لا وقد ذكرنا أن العلم بالأسماء والصفات أصل للعلم بكل العلوم ، فإذا علم الإنسان قدر النفس وأنه عبد لا يصلح له إلا ما يصلح للعبد ، وعرف الرب جل جلالة وعرف الخلق فإنه لا بأس عليه ، يجتهد في طاعة الله ولا يلتفت إلى المخلوقين أن يعطوه أو يمنعوه أو يكرموه أو يمنحوه أو يرضوا عنه أو يسخطوا عليه ، لكن من لم يعرف ربه معرفة صحيحة ، تضخمت عليه نفسه وتعاظم وصار يطلب من الناس أن يبرزوه أو يقدموه ، أن يكرموه ، أن يعطوه الدروع ، أن يجعلوه في صدر المجالس ، أن ينوهوا بذكره في كل مناسبة بل وبدون مناسبة ، وإلا فإنه يغضب عليهم ويسخط أو يلومهم وربما حقد عليهم ، لماذا تتعاظم النفس؟ إذا تلاشت معرفة الرب تبارك وتعالى في القلب.
لماذا يتعاظم الناس في عين الإنسان؟
تجده دائما ملهوف يريد أن يعرف ماذا قال الناس عن عمله ومشروعه الفلاني ، ماذا قال الآخرون حينما ألقى كلمة في هذا الحفل أو حينما تصدق بصدقة أو حينما قام بعمل معين ، فهذا يجعله يقبل أو يحجم ، باعتبار نظر الناس فهذا انحراف وخلل كبير بسبب ان هذا الإنسان ما عرف الله ، فتعاظم المخلوق في عينه فاشتغل به وصوب نظره إليه فصار عطاؤه ومنعه من أجل رضا المخلوق أو اتقاءً لسخطه ولا يبالي بعد ذلك أسخط الله عليه أو رضي عليه ، وتأملوا هذا في أنفسكم ويمكن أن تعالج جميع أدواء القلوب بمثل هذا النظر والمعرفة والعلم الصحيح الذي هو من أجل العلوم.
فالعبد إذا قصد في معرفة الله عز وجل وقع في الرياء وضعف عنده الإخلاص فيقصد غير الله عز وجل و لربما عبد غير الله أصلا فيعبد حجرا أو شجرا أو بشرا ، فمن امتلأ قلبه أيه الأحبة بعظمة الله فإنه يستصغر كلمن سواه ، فلا يرجو منه قربى بعلمه أو رزقا بقوله ولم يتعلق بغير المالك المعبود جل جلاله ، والله له الأمر كله ، فلا يكون شيء في الكون إلا بأمره وعلمه ، فلماذا نلتفت إلى المخلوق ؟ ولماذا نشتغل في المخلوق؟ والأمر الثاني فيما ذكره الحافظ ابن القيم رحمه الله فيما يتعلق بمرتبة الإحسان :
الأولى الاستحضار ، والثانية المشاهدة .
وفسرها بأن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه ، فيستنير قلبه بالإيمان وتنفض البصيرة بالعرفان حتى يصير الغيب كالعيان . . . هذه عبارة الحافظ ابن القيم رحمه الله فمن عرف الله بأسمائه وصفاته تحصلت له مرتبة الاستحضار فإن ترقى إلى المعرفة بالحق تحصلت له مرتبة المشاهدة باعتبار الانقسام الذي ذكرته آنفا وأن ذلك مرتبتين وهذه المرتبة مرتبة المشاهدة هي التي يوصف الإنسان فيها بالتعبد المطلق بجميع الأسماء والصفات كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله بأن مشهد الإحسان هو مشهد المراقبة وهي أن يعبد الله كأنه يراه وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سماواته مستويا على عرشه يتكلم عن أمره ونهيه ويدبر أمر الخليقة فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه وتعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه ،ويشهد ذلك كله بقلبه ويشهد أسمائه وصفاته ويشهد قيوما حيا سميعا بصيرا عزيزا حكيما ، آمرا ناهيا ، يحب ويبغض ويرضى ويغضب ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو فوق عرشه لا يخفى شيء عليه من أعمال العباد ولا أقوالهم ولا بواطنهم بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ومشهد الإحسان : أصل أعمال القلوب كلها فإنه يوجب الحياء والإجلال والتعظيم والخشية والمحبة والإنابة والتوكل والخضوع لله تبارك وتعالى .

والذل له ويقطع الوسواس وحديث النفس ويجمع القلب والهمم على الله ، وحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مشهد الإحسان وبحسبه تتفاوت الأعمال حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والارض وركوهما وسجودهما واحد كما يعبر الحافظ ابن القيم رحمه الله .
هذا معنى شريف أيه الاحبة ويحتاج إلى عناية أن نعالج هذه النفوس ونسعى أيضا إلى رفع الآخرين إلى هذه المرتبة مرتبة الإحسان .
ولا يمكن أن يصل إليها إنسان لا يعرف الله عز وجل معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته .

ارفع نفسك تتخلص من كثير من ( ؟) إذا أردت ان تعالج الآخرين فارفعهم ، علق قلوبهم بالله عز وجل عرفهم به فتنتهي كثير من الأمور التي تقلق النفوس ويضطرب على الإنسان فيها قصده ونيته ، وعند ذلك تفسد أعماله ولربما يقع الصراع والنزاع بين كثير من الناس وهم في خير ودعوة ويتفرق الجمع الواحد ولا يلتئم اثنان على شيء ، كل ذلك بسبب الفساد الذي يعشعش في القلوب ويريد أن يكون له حضرة ، يريد أن يكون له وجود يريد ان يكون في الامام ، لماذا أهمش ؟! لماذا أحيد ؟! لماذا أبعد ؟! لماذا لا يبقى على البال ؟ لماذا الذكر والتنويه لغيري ؟ وانا الذي أقمت هذا وفعلت هذا وانا صاحب الفكرة والاقتراح .
كل هذا امراض تععش فتجد بعد ان كان راسا في هذا الباب من الخير ويدعوا الناس أليه ويحثهم عليه أصبح معوقا ومثبطا ومنتقدا ، يذكر عيوبهم وييتتبع أخطاءهم ويلمزهم ويعوق الناس عن الانتفاع بهذا المشروع ،،، وهذا العمل الذي كان هو اول الداعين إليه ........
ما الذي تغير ، لماذا تحولت اعمالهم الجيدة إلى أخطاء ، ولماذا ضخمت هذه الاخطاء ؟
الاخطاء موجودة في كل مكان لكن لماذا تتبع ؟
ولماذا النجوى ؟ يبحث عن اناس يوافقونه ويرخون له آذانهم ويسمعوا ما يلقيه في قلوبهم ، فإذا وافقه الواحد بعد الواحد ، ما يلبث إلا أصبحت حوله مجموعة إما من السذج او من الذين في قلوبهم شيء على إخوانهم ويظنون انهم إنما يقومون لله وبالله غيرة على دينه وهم إنما يقومون انتصارا لأنفسهم وحظوظهم وذواتهم .
وما اكثر هذا !
هذا الذي فرق الناس وهذا الذي شتتهم ، ويتحول بسبب هذا البر التقي الصالح الذي هو من افضل العباد إلى شيطان رجيم في نظر هؤلاء .
ولربما يتحول الطالح البطال الذي لا ينهض بعمل من اعمال الخير ، يتحول إلى رمز وإلى منظر وإلى كبير وإلى قدوة يتكلم ويهرف بما لا يعرف .......
من اين هذا أيها الأحبة ، من هذه الامور والبلايا والآفات والشوائب التي تعشعش في القلوب .........
فتجد الإنسان في نفسه أشياء كثيرة على إخوانه وإذا سنحت له الفرصة قام وتحركت عزيمته وهمته ووثب وثوب الاسد على الفريسة وصار – نسأل الله العافية – فتنة لغيره وصادا عن سبيل الله جل جلاله ..
وهذه البلية لا يسلم منها إلا من خلص قلبه من هذه الشوائب وعرف ربه معرفة صحيحة وعند ذلك لا يبالي بأحد .
فيكون المهم ان ينتشر الخير ، وان يكثر البر والمعروف على يدي او على يدي غيري ، كل من سار في هذا الطريق فانا عون له ، وإذا أساء الناس تكف عن إساءتهم ، ولا اريد لاحد ان يعرف اني قدمت في هذا قليلا او كثيرا ولا يعرف احد اني تصدقت او اقترضت أو أنني صاحب الفكرة الاساسية كما يقول في المشروع بعض الناس من غذا جلست معه تستحي : تريد ان تصلح بينه وبين إخوانه فتستحي من كلامه ( كلام أطفال ) يحتاج ترضية ...... ترضيه الكلمة وتسخطه الكلمة فإذا أعطيته بعض الاعتبار مثل (فانتم ، ومثلكم ، ما شاء الله ، وجرى على يديكم كثير من الخير والنفع ) انشرح صدره واستراح ووجد من مثل هذا أعظم ما يقويه ويدفعه إلى مزيد من العمل ،،، نعم يمكن ان يستمر في هذه الطريقة وإذا وجد فتورا أو انقباضا أو لم يذكر أو مثل ذلك او شعر ان احدا ينافسه سخط وغضب واشغل الناس بمشكلاته وإزعاجد وقلقه ، وما يريده عليهم ويشوش أعمالهم به .

هذا كثير ....... تجلس مع ناس احيانا مثل الاطفال تماما كمن عمره خمس او ست سنوات تحاول ترضيه تطيب خاطره ( لا لم ينسك احد ، كيف تُنسى ، مثلك لا ينسى ، ما شاء الله تبارك الله ، أنت أصل في هذا العمل ) يفرح ينبسط ويسر ، ترضيه الكلمة وتسخطه الكلمة لكن لو كان الأمر لله عز وجل لم يحتج لمثل هذا ، كان يقول أنا المكدى وابن المكدى كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ، ما انتظر منكم شيء " لا نريد منكم جزاء ولا شكورا "
إذا جئت اجلس في آخر المجلس وإذا اقمت تعريفا بهذا العمل أو بغيره لا أُذكر فيه ، هذا هو الصحيح ، لكن يحتاج إلى مجاهدات وصبر ، يحتاج غلى معرفة بالنفس وبالناس ومعرفة بالخالق جل شأنه .

المقصود ايها الاحبة أنه الأمر الرابع من الثمرات :
هو ان العلم بالله تبارك وتعالى على هذا المنهج يرسخ العقيدة الصحيحة والمعرفة الصادقة بقلب الإنسان ويسلك به صراط الله المستقيم وهذا يقرب العباد من ربهم وباريهم الله جل جلاله فينزل عليهم من رضوانه وتتنزل عليهم بركاته ، ويكون سببا لرفعتهم ونصرهم وتأييدهم وتمكينهم في الارض " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذي من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا " وشيئا نكرة في سياق النفي فتنفي كل إشراك بجميع صوره واشكاله وانواعه ، أما الذين لا زالت حظوظ النفوس قائمة فقد يجاهدون لحظوظ هذه النفوس ، فلا يكون جهاده او امره بالمعروف أو نهيه عن المنكر لا يكون لله وإنما يكون لهذه النفس وهؤلاء قد يحصل لهم خلاف مقصودهم كما ذكر أهل العلم كابن القيم والذهبي بان هؤلاء يسلط عدوه عليه إذا امر بالمعروف او نهى عن المنكر ونفسه حاضرة إما ام ينتصر لنفسه أو يعرف بهذا أو يعرف بانه جريء وشجاع فقد يسلط هؤلاء عليه فيحصل له من الاذى والإذلال والضرر ما لم يحسب له حسابا........ والله المستعان
وإذا حاد العباد عن الدين الذي ارتضاه الله عز وجل لهم فإن ذلك سببا لانقراض ملكهم وسلطانهم وإدالة عدوهم عليهم ........

الخامس من الثمرات :


...................................

أخواتي وصلت للدقيقة 49 إذا استطاعت إحدى الأخوات ان تكمل فجزاها الله خيرا وإلا فسأكمله بعون الله لكن بعد يومين إن أحيانا الله لان عندي شغل آخر أريد ان اتفرغ له ............ وجزاكم الله خيرا

.....................

جوزيت الجنة أختي الساعية للفردوس الاعلى انالك الله ما تطلبين
أم كلثوم غير متواجد حالياً  
قديم 23-03-08, 02:36 AM   #5
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
c8 تابع ..

الثـــــــــــــــــــــالث من هــذه الثمــــــرات :
أن العبد يبلغ بذلك ويصل إلى مرتبة الإحسان
وهي أعلى المراتب وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك )) وقد ذكرنا في بعض المناسبات في غير هذ المجلس أن العلماء اختلفوا في ذلك على قولين , الكلام عن الاعمال القلبية: منهم من يرى أنهما مرتبتان منهم من يقول (( ان يعبد الله كأنك تراه )) هذه هي المرتبه الأعلى ثم انحط به ونزل الى المرتبه التي دونها يعني إن لم تصل الى هذا المستوى أن تعبد الله كأنك تراه , كأنك تشاهده, فأعلم أنه يراك, استشعر رقابته عليك,,,
و من أهل العلم من فنهم أنها مرتبه واحده لكنه ذَكَّره بهذا المعنى الثاني أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فاستشعر نظره اليك ورؤيته لك ..
والحافظ ابن القيم رحمه الله مشى على أنهما مرتبتان , وعدَّ المرتبة الأولى وهي مرتبه الاستحضار ..
استحضار مرتبة مشاهدة الله وإطلاعه عليه وقربه منه وإحاطته بأمره .
وهو مرتبة الإخلاص لأن استحضاره ذلك من عمله يمنعه من الإلتفات إلى غير الله وإرادته بالعمل , يلتفت الى من وهو يستشعر هذا المعنى؟ يرائي من ؟ ولذا كان من أعظم ما يُخَلـِّص العبد من دنس الرياء ملاحظة أسماء الله وصفاته فمن لاحظ من أسماء الله الغني دفعه ذلك إلى الإخلاص , لماذا وكيف ؟ لأن الله غني عن عملك وأنت فقير إلى الله عز وجل والله جل جلاله أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معه سواه تركه الله عز وجل وشركه,, فإذا عرف العبد هذا المعنى وتأمله اخلص لله جل جلاله .. إذا تذكر أن الله هو غني وأن العباد فقراء (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )) فكيف يتوجه إليهم ويلتفت إليهم ويطلب المحمدة منهم؟؟؟!
كيف يُتَصور أن يقوم يعبد ربه تبارك وتعالى بذكره أو بالصلاة أو بقراءة القرآن أو نحو ذلك ثم هو يطلب من مخلوق ضعيف لايملك لنفسه ضرا ولانفعا .. يطلب منه أن يرفعه وأن ينفعه وأن يعظمه وأن يجله أو ما أشبه هذا تطلب من الفقير العاجز وتنصرف عن الغني الكامل جل جلاله .
وهكذا من تأمل اسم الله (العليم )فانه يعلم أن ما أخفاه عن أعين الناس وعن نظرهم ومشاهدتهم فإن الله تبارك وتعالى يراه ويشاهده فإذا استحضر العبد أن الله يراه وأنه يعلم السر و أخفى وأنه سميع بصير فإنه يستحي أن يقارف مالا يليق والله جل جلاله ير ى ذلك منه والمَلَكْ يشاهده ويكتب عمله هذا .
و هكذ ا من تأمل اسم الله (الحفيظ )حمله ذلك على ترك الرياء لأن من معاني الحفيظ أنه يحفظ على العباد أعمالهم يحصيها ويكتبها ثم يوافيهم بعد ذلك بها,, وإذا صنع ذلك في سائر الأشياء كان العمل – أيها الأحبة - كله لله تبارك وتعالى, فحبه لله وبغضه لله وقوله لله ولحظه لله وعطاؤه لله ومنعه لله, فلا يريد من الناس جزاء أو شكورا , ولسان حاله ( (إنما نطعمكم لوجه ا لله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) ) وماذا عند المخلوقين؟، وهذا دواء أيها الأحبة في كثير من القضايا التي يسأل عنها الناس إنما يجابون عنها بمثل هذا: اعرف ربك معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته,, بعض الناس يقول: أقوم بأعمال دعوية وأشياء ولكن أجد قلبي يتفلت عليَّ ونيتي شَرُود! فنقول: اعرف ربك معرفة صحيحة فإذا عرفته بأسمائه وصفاته لم تلتف إلى الآخرين,, ماذا ترجو وماذا تنتظر عند هؤلاء الناس العجزة المساكين الفقراء ؟؟! إن أحبوك مدحوك بما ليس فيك وإن أبغضوك رَمَوكَ بما ليس فيك وما قيمة ثناء الناس ؟ وما قيمة تقدير الناس ؟ وما قيمة محبة الناس إذا كان العبد يتقلب في سخط الله جل جلاله!!, ماقيمة هذا ؟؟
لهذا يحتاج العبد أن يراعي هذه المعاني ، لو قلت إن جميع المشكلات التي نقع فيها فيما يتعلق بالسلوك و فيما يتعلق بالإخلاص و ما يتعلق بعلاقاتنا: ترتبط بهذا المعنى.. لم يكن ذلك مبالغة, كيف لا وقد ذكرنا أن العلم بالأسماء والصفات أنه أصل للعلم بكل معلوم فإذا عرف الإنسان قدر النفس وأنه عبد لا يصلح له إلا ما يصلح للعبد وعرف الرب جل جلاله وعرف الخلق فإنه لا بأس عليه,, يجتهد في طاعة الله ولا يلتفت إلى المخلوقين أن يعطوه أو يمنعوه أو يكرموه أو يمنحوه أو يرضوا عنه أو يسخطوا عليه .
لكن من لم يعرف ربه معرفة صحيحة تضخمت عليه نفسه فتعاظم وصار يطلب من الناس أن يبرز وه أن يقدموه أن يكرموه أن يعطوه الدروع أن يجعلوه صدر المجالس وينوهوا بذكره في كل مناسبة أو بدون مناسبة وإلا فإنه يغضب عليهم ويسخط عليهم ويلومهم و لربما حقد عليهم .
لماذا تتعاظم النفس؟ إذا تلاشت معرفة الرب تبارك وتعالى من القلب .
لماذا يتعاظم الناس في عين الإنسان؟ تجده دائما ملهوف يريد أن يعرف ماذا قال الناس عن عمله ومشروعه الفلاني ,, ماذا قال الآخرون حينما ألقى كلمة في هذا الحفل أو حينما تصدق بصدقة أو حينما قام بعمل معين فهذا يجعله يُقبِل أو يُحجِم باعتبار نظر الناس,, فهذا انحراف وخلل كبير بسبب أن هذا الإنسان ما عرف الله فتعاظم المخلوق في عينه فاشتغل به وصوب نظره إليه فصار عطاؤه ومنعه من أجل رضا المخلوق أو اتقاء لسخطه ولا يبالي بعد ذلك أسخط الله عليه أم رضي عليه..
وتأملوا هذا في أنفسكم وقد يمكن أن تعالج جميع أدواء القلوب بمثل هذا النظر و والمعرفة والعلم الصحيح الذي هو من أجلّ العلوم,, فالعبد إذا قصّر في معرفة الله عز وجل وقع في الرياء وضعف عنده الإخلاص فيقصد غير الله عز وجل و لربما عبد غيره أصلاً .. يعبد حجر أو شجرا أو بشرا فمن امتلأ قلبه_ أيها الأحبة _ بعظمة الله فانه يستصغر كل من سواه.. فلا يرجو منه قربا بعمله او رزقا بقوله ولم يتعلق بغير المالك المعبود جل جلاله فالله له الأمر كله فلا يكون شيئا في الكون كله إلا بأمره وعلمه فلماذا نلتفت ا الى لمخلوق ولماذا نشتغل بالمخلوق ؟؟!.
والأمر الثاني ماذكره الحافظ ابن القيم رحمه الله فيما يتعلق بمرتبة الاحسان
الأولى: الاستحضار
والثانية:المشاهدة
وفسرها {بأن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه فيستنير قلبه بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان} هذه عبارة الحافظ ابن القيم رحمه الله فمن عرف الله باسمائه وصفاته تحصلت له مرتبة الاستحضار
فان ترقى الى المعرفة الحق تحصلت له مرتبة المشاهدة باعتبار الانقسام الذي ذكرته آنفا وان ذلك على مرتبتين.. وهذه المرتبة مرتبة المشاهدة هي التي يوصف الإنسان فيها بالتعبد المطلق بجميع الأسماء والصفات كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله بان مشهد الإحسان هو مشهد المراقبة وهو أن يعبد الله كأنه يراه وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الايمان بالله و اسمائه وصفاته حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سمواته مستوياً على عرشه يتكلم بأمره ونهيه ويدبر أمر الخليقة فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه وتُعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة إليه فيشهد ذلك كله بقلبه ويشهد أسمائه وصفاته ويشهد حياً قيوماً يحب ويبغض ويغضب ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو فوق عرشه لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد ولا أقوالهم و لا بواطنهم بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ومشهد الإحسان أصل أعمال القلوب كلها فانه يوجب الحياء و الإجلال والتعظيم والخشية والمحبة والإنابة والتوكل والخضوع لله تعالى والذل له ويقطع الوسواس وحديث النفس ويجمع الهم و القلب على الله,, فحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مقام الإحسان وبحسبه تتفاوت الصلاة حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والأرض وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد كما يعبر الحافظ ابن القيم ..
هذا معنى شريف أيها الأحبة يحتاج إلى عناية أن نعالج هذه النفوس ونسعى أيضا إلى رفع الآخرين إلي أن يصلوا لهذه المرتبة ولا يمكن أن يصل إليها إنسان لا يعرف الله معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته . ارفع نفسك وتخلص من كثير من الأوضام,, إذا أردت أن تعالج الآخرين فأرفعهم علق قلوبهم بالله عز وحل عرفهم به ستنتهي من كثير من الأمور التي تقلق النفوس و يضطرب على الإنسان فيها قصده ونيته وعند ذلك تفسد أعماله و لربما يقع النطاح والصراع بين كثير من الناس وهم في عمل واحد في خير ودعوة ويتفرق الجمع الواحد ولا يلتئم اثنان على شيء كل ذلك بسبب الفساد الذي يعشعش في القلوب .
هو يريد أن يكون له حضرة.. يريد أن يكون له وجود.. يريد أن يكون في الأمام.. لماذا أهمش؟؟ لماذا أحيد؟؟ لماذا أُبعد؟؟ لماذا لا يُلقى لي بال؟؟ لماذا الذكر لغيري والتنويه لغيري؟؟ وأنا الذي أقمت هذا وفعلت هذا وأنا صاحب الفكرة والاقتراح كل هذه أمراض تعشعش,,, فتجد بعد أن كان رأساً في هذا الباب من أبواب الخير ويدعو الناس إليه ويحثهم عليه أصبح معوقاً ومثبطاً ومنتقداً يذكر عيوبهم ويتتبع أخطاؤهم ويلمزهم ويعوق الناس عن الإنتفاع بهذا العمل وبهذا المشروع الذي كان هو أول الداعين إليه... ما الذي تغير ؟؟ لماذا تحولت أعمالهم الجيدة إلى أخطاء؟؟ لماذا ضُخِّمت هذه الأخطاء ؟؟ الأخطاء موجودة في كل مكان ولكن لماذا تتبع؟؟ ولماذا النجوى؟؟ يبحث عن أناس يوافقونه ويسمعوا لما يلقيه في قلوبهم فإذا وافقه الواحد بعد الواحد ما يلبث أن يتجمع حوله مجموعة إما من مجموعة السُذَّج أو ممن في قلوبهم شيء على إخوانهم ويظنون أنهم إنما يقومون بالله ولله غيرة على دينه وهم إنما يقومون انتصارا لأنفسهم وحظوظهم وذواتهم,, وما أكثر هذا الذي فرق الناس وهذا الذي شتتهم .. ويتحول بسبب هذا البَر التقي الصالح الذي هو من أفضل العباد يتحول شيطان رجيم في نظر هؤلاء ولربما يتحول الطالح البطال الذي لا يظهر في عمل من أعمال الخير إلى رمز والى منظم والى كبير والى قدوة يتكلم و يهرف بما لا يعرف ,,, من أين هذا ؟ هالأمور وهالبلايا و هالآفات ا وهالشوائب التي تعشعش في القلوب فتجد الإنسان في نفسه أشياء كثيرة على إخوانه وإذا سنحت له الفرصة قام وتحركت عزيمته وهمته ووثب وثوب الأسد على الفريسة,, فصار _ نسأل الله العافية _ فتنة لغيره وصادا عن سبيل الله جل جلاله,, وهذه بلية لا يسلم منها إلا من خلَّص قلبه من هذه الشوائب وعرف ربه معرفة صحيحة وعند ذلك لا يبالي بأحد.. يقول المهم أن ينتشر الخير أن يكثر البر والمعروف على يدي أو على يد غيري.. كل من سار في هذا الطريق فأنا عوناً له, وإذا أساء الناس أكف عن إساءتهم ولا أريد أن أحداً يعرف أنني قدمت في هذا قليلا ولاكثيرا ولا يعرف أحد أنني تصدقت أو أنني اقترحت أو أني صاحب الفكرة الأساسية كما يقول في المشروع,, من الناس من إذا جلست معه تستحي,, تريد أن تصلح بينه وبين بعض إخوانه تستحي كلام أطفال ترضيه الكلمة وتسخطه الكلمة فإذا أعطيته بعض الإعتبار وأنت ومثلكم ما شاء الله وجرى على يده كثير من الخير والنفع وأنتم وأمثالكم انشرح صدره واستراح ووجد من مثل هذا من أعظم ما يقويه ويدفعه لمزيد من العمل نعم ممكن أن يستمر بهذه الطريقة .. وإذا وجد فتورا وانقباضا أو أنه لم يُذكر أو شعر أن أحد ينافسه سخط وغضب وأشغل الناس بمشكلاته و إزعاجه وقلقه ما يورده عليهم ويشوش على أعمالهم به.. مثل هذا كثــــير,, تجلس مع أناس مثل الأطفال تماما خمس سنوات وست سنوات تحاول ترضيه وتطيب خاطره وأنت لا ما احد نسيك كيف تنسى مثلك ما ينسى ما شاء الله تبارك الله أنت أصل في هذا العمل... يفرح ويسر ,,ترضيه الكلمة وتسخطه الكلمة لكن لو كان الأمر لله كان ما احتاج لمثل هذا كان قال : ( أنا المكدى وابن المكدى )كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ما أنتظر منكم شيئاً ( لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا ) إذا جئت أجلس في آخر المجلس وإذا أقمتم تعريف بهذا العمل أو بغيره لا أُذكر فيه.. هذا هو الصحيح,, لكن هذا يحتاج إلى مجاهدات وصبر ويحتاج إلى معرفة بالنفس ومعرفة بالخلق و معرفة بالخالق جل جلاله .
الأمر الرابع من الثمرات :
هو أن العلم بالله تبارك وتعالى على هذا المنهج يرسخ العقيدة الصحيحة والمعرفة الصادقة في قلب الإنسان ويسلك به صراط الله المستقيم وهذا يقرب العباد من ربهم وخالقهم وبارئهم جل جلاله فينزل عليهم رضوانه و تنزل بركاته ويكون هذا سبب لرفعتهم ونصرهم وتأييدهم وتمكينهم في الأرض ((وعد الله الذين آمنوا وعملو ا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ولايشركون بي شئيا ))
شيئا نـكرة في سياق النفي ،نفي لكل إشراك بجميع صوره وأشكاله وأنواعه أما الذين لازالت حظوظ النفوس قائمة فقد يجاهدون لحظوظ هذه النفوس.. فلا يكون جهاده أو أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر لا يكون لله وإنما يكون لهذه النفس .. وهؤلاء قد يحدث لهم خلاف مقصودهم كما ذكر أهل العلم كابن القيم والذهبي لأن هؤلاء قد يُسلط عدوه عليه إذا أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر ونفسه حاضرة, يريد إما أن ينتصر لنفسه أو يعرف بهذا ويعرف انه جريء وشجاع فقد يسلط هؤلاء عليه فيحصل له من الأذى والإذلال والضرر مالا يحسب له حسابا _ والله المستعا ن _ وإذا حاد العباد عن الدين الذي ارتضاه الله لهم فإن ذلك يكون سببا لإ نقراض ملكهم وسلطانهم وإدالة عدوهم عليهم .
الخامس من الثمرات :
تنزيه الله عزوجل عن كل ما لايليق به
فلا يظن بربه ظناً سيئا ولا يصفه بما لا يليق ولا يسميه بغير الأسماء التى سمى بها نفسه تبارك وتعالى فالله جل جلاله من أسمائه القدوس و السبوح وهذه تدل على التنزيه.. على تنزيه الله عن كل عيب ونقص . يعلم أن الله ليس كمثله شئ فلا ينسب إليه نقيصة, ولايسئ الظن به ولا يقول لماذا يارب؟ ما ذنب هذا يارب؟! .

الأمر السادس من هذه الثمرات :
وهو أمر جليل يحتاج العبد أن يتفطن له وهو
الاستدلال بما عُلم من صفاته وأفعاله على ما يفعله ويشرعه
هذه طريقة الخواص من أهل الإيمان أهل المراتب العالية,, يعني أكثر الناس يستدلون بما يشاهدونه ويرونه على أمور تتعلق بالله عز وجل يستشهدون بهذا الخلق على وجود الخالق,, يستشهدون بانتظام هذا الخلق وبسيره هذا السير الدقيق على أن المدبر واحد,, فلا يشركون به أحدا سواه هذه طريقة أكثر الخلق,, وهي الطريقة الشائعة في القرآن لأن مدارك غالب الناس إنما تدور عليها ،لكن الطريقة الثانية هي طريقة راقية أكمل من هذه ..لا يصل إليها إلا القلة من الناس الأفذاذ .. من فتح الله بصيرته فهولاء لسان حالهم هؤلاء الذين وصلوا إلى المرتبة العالية يقول افي الله شك ،
يقول :
وليس يصح في الأذهان شئ *** إذا أحتاج النهار إلى دليل
مثل المرأة التي مر بجوارها رجل من أهل الكلام وأظنه الرازي ومعه كوكبة من تلامذته ، امرأة عامية جالسة في الطريق قالت : من هذا؟ قالوا : هذا الذي يعرف على وجود الله ألف دليل فقالت على البديهة: لو لم يكن في قلبه ألف شك لما عرف على وجود الله ألف دليل، قضية وجود الله قضية بدهية قضية لاتحتاج إلى استدلال ونظر وإثبات و لهذا لاتجد الأدلة في القرآن تقرر هذا المعنى وإنما ينتقل منها لأنها بدهية وهذا من خصائص الاستدلال القرآني ينتقل منها مباشرة إلى تقرير الإلهية .. ما يحتاج يقول لهم الله موجود وإنما مباشرة يقررهم بما يقرون به,, هذا تقرون بأنه خلق السموات والأرض .. وهو الذي يرزقكم ويعطيكم يجب أن تعبدوه وحده وتوحدوه ,, تفردوه بالعبادة لا تشركوا معه أحدا سواه.. هذه الطريقة التي جرى عليها القرآن,, لكن هؤلاء من المتكلمين يتعبون أنفسهم في إثبات قضية لا ينكرها الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم من العرب.. أهل الإشراك كان يعرفون أن الله موجود, وهو الخالق , الرازق , المعطي, المانع, وإنما يعبدون هذه الآلهة لأنهم يقولون إنها تقربنا إلى الله زلفى .
الطريقة الأعلى من هذه: هو أن من عرف الله معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته استدل بهذه الأسماء والصفات وعرف منها على ما يجري في هذا الخلق و ما يكون أيضا في الشرع .
فالعالم بالله تبارك وتعالى يستدل بما علم من صفاته وأفعاله على ما يفعله وعلى ما يشرعه من الأحكام لأنه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته فأفعاله دائرة بين العدل والفضل والحكمة كذلك لا يشرع ما يشرعه من الأحكام إلا على حسب ما اقتضاه حمده وحكمته وفضله وعدله، فأخباره كلها حق وصدق وأوامره ونواهيه عدل وحكمة .
نعطيك مثالين: الأول يتعلق فيما يفعله الله في هذا الخلق والثاني فيما يشرعه الله تبارك وتعالى ...
أما الأول: فهو موقف خديجة رضي الله عنها ،الموقف المشهور ، لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرتعد لمارأى الملك ونزل عليه الوحي أول مرة فجاء وهو في غاية الخوف فقال لها ((إني قد خشيت على نفسي ))،
فماذا قالت خديجة ؟ قالت : كلا ، والله لا يخزيك الله أبدا ، كيف حكمت وحلفت أن الله لا يمكن إن يخزيه قالت : ( إنك لتصل الرحم ، وتصّدْق الحديث ،وتحمل الكلَّ ، وتقري الضيف وتُكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الحق )
انظروا إلى هذه الأشياء التي ذكرتها0 وهو ما كان مجبولاً عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم كما قال شارح الطحاوية .. وقد علم من سنة الله أن من جبله على الأخلاق المحمودة ونزهه عن الأخلاق المذمومة فإن الله لا يخزيه.. ترى إنسان محسن إلى الآخرين وتقي وصالح يقوم الليل ويصوم النهار ونحو ذلك ,, هل يمكن أن الله يخذل هذا إذا كان له نية صحيحة في هذه الأعمال؟؟ لا يمكن.. نعم قد يُبتلى فترة يمحص ويرفع لكن أن يخذل هذا لا يكون .
الكفار الذين يظلمون وأكثروا الفساد في البلاد وقارفوا ألوان الجرائم التي أهلك الله عز وجل من أجل واحدة منها أمة من الأمم.. مثل هؤلاء الناس نحن نعلم بما نعرف وما نعلم من أسماء الله وصفاته أن هؤلاء لا يُمَكنون ,, إنما يكون لهم ظهور مؤقت لحكمة وأمر يعلمه الله عز وجل ثم بعد ذلك ينكسرون و ينتهون و يتلاشون,, نحن نعرف أن من سنة الله كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم (حقا على الله انه ما ارتفع في هذه الدنيا شيئا إلا وضعه ) كل ما ارتفع سيأتي يوم ويتضع إلا ما كان لله وفي الله وفي سبيل الله فهذا الذي لا يوضع وإنما يُرفع .
وأما فيما يتعلق بالتشريع :
فقد ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله مسألة فقهية وهي مسألة بطلان التحليل في التحليل مثلا حيلة على تحليل الزوج بعد الطلقة الثالثة (المحلل) وكذلك أيضا الحيل الربوية يقول يستحيل على الحكيم أن يحرم الشئ ويتوعد على فعله بأعظم أنواع العقوبات ثم يبيح التوصل إليه بنفسه بأنواع التحيلات فأين ذلك الوعيد الشديد وجواز التوصل إليه بالطريق البعيد.. إذ ليست حمكة الرب تعالى وكمال علمه وأسمائه وصفاته تُنتقض بإحالة ذلك وامتناعه عليه فهذا استدلال بالفقه الأكبر في الأسماء والصفات على الفقه العملي في باب الأمر والنهي ،اولئك الذين يقولون مافي شئ هذا يجوز أن تتوصل لهذه المعاملة بهذه الطريقة , بالربا، الحيل الربوية الكثيرة التي يتعامل بها من يتعامل...
الله عز وجل يحرم الربا ويقول ( فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) والنتيجة هي النتيجة لكن بطريقة ملفوفة بإدخال سلعة أو نحو ذلك ثم تقولون هذا حلال .
فحكمة الله تأبى ذلك، وإلا لما حرم الربا ,, فنحن نعرف من حكمتة سبحانه وتعالى الله في تشريع هذا ومن مقاصد الشريعة في تحريم الربا أن هذا موجود في المعاملة الأخرى التي احتالوا بها على هذا الربـــــــــــــــــا .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
...........................................................................................................
هنا انتهى الدرس وتبقى الأسئلة فقط
لكن غلبني الوقت اليوم, وبإذن الله غداً الأحد سأنزل الأسئلة
وكذلك سأرفق لكم ملف الوورد لمن أحبت ذلك ..
وأعتذر على التأخير.
..........................................................................................................
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 24-03-08, 05:52 PM   #6
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
c8 تكملة التفريغ..

الأســــــــئلة
*هل الشاكر والشكور من أسماء الله تعالى؟ وهل ندعو بهما ؟؟
نعم الشاكر والشكور من أسماء الله تعالى .
*ما الدعاء الذي يناسب الدعاء بهذا الإسم ( السبوح ) ( مالك الملك) ؟؟
ممكن أن يقول الإنسان يا سبوح طهر قلبي من كل دنس مثلاً, طهر عملي من كل شائبة
يا قدوس نقي عملي .. نقي قلبي , ونحو ذلك .
لكن يُلاحظ أنه ينبغي أن لا يتكلف الإنسان في الدعاء, لأن المقصود هو حضور القلب.. فإذا وُجد التكلف إما بمثل هذا: بتتبع الأسماء الحسنى كما يفعل بعضهم في ما سمعت في بعض البلاد في القنوت في الوتر في رمضان .. يأتي بجميع الأسماء الحسنى التي ذُكرت مثلاً أو التي وجدها في ورقة ثم يأتي يركب على كل واحدة دعاء,,, و النوع الثاني من التكلف وهو ما يحصل عند الدعاء من التكلف في العبارة بحيث كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : من كان عادته أنه يلحن مثلاً فإذا أراد أن يقيم ذلك فإن ذلك يكون سبباً لانصراف القلب عن الدعاء
كما يكون في قراءة القرآن فيما ذكر من التكلف في قضايا تتعلق بمخارج الحروف ونحو هذا فالقلب ينصرف مباشرة إليها ولا يُحضِر قلبه عندئذٍ عند قراءة القرآن في التدبر .
بالنسبة لمالك الملك , من أسماء الله الملك والمالك أما مسألة الأسماء المضافة ذكرنا الكلام فيها وخلاف أهل العلم.
*كيف نقول إن لله اسم أعظم معين مع تضارب الأدلة وهي غير متفقة؟؟
ولهذا اختلف العلماء على كل حال فمنهم من نظر لما نظر لهذه الأدلة كابن جرير فقال يوجد اسم أعظم , لكن هؤلاء ماذا يقولون كابن جرير يقول كل الأسماء يقال لها اسم أعظم ,, لكن إذا تأملت الأدلة تدرك أن هذا القول ليس بصحيح ,, النبي صلى الله عليه وسلم يقول (( دعا الله باسمه الأعظم )) لماذا خص هذا الدعاء ؟؟ باسمه الأعظم
بعضهم خرج من هذا الإشكال وقال: إن الإسم الأعظم يكون بهذه الأسماء إذا استعمل واحداً منها في مقامه المناسب فيكون هذا من قبيل الاسم الأعظم .. فالإسم الأعظم في هذا الدعاء غير الاسم الأعظم في الدعاء الثاني غير الاسم الأعظم في الثالث ولهذا جائت الأدلة متفاوتة .. هذا غير القول الأول بأنها كل الأسماء يقال لها اسم أعظم .. وأكثر من قال بهذا هم الذين نفوا التفاضل بين أسماء الله عز وجل .
*هل يسمى الإنسان عزيز بدون أل التعريف ؟؟
الذي يظهر والله أعلم أنه لا إشكال في هذا ,, والله عز وجل قال: (( وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا)) فقال ملك دون أل التعرف
وقال في أل التعرف: (( وقالت امرأت العزيز ))
لكن هناك أسماء مختصة بالله عز وجل لا يُسمى بها غيره ,, وهناك ما يكون مختصاً إذا لوحظ المعنى .. ويأتي إن شاء الله في مواضعه في الكلام عن الأسماء .
*ذُكر أن اسم الله الأعظم المشهورة ثلاثة - الحي القيوم , الله- ما هو الثالث ؟؟
من أهل العلم من قال يقول الإنسان يا حي يا قيوم يا واحد وأحد يا الله .
*هل اسم محي فقط بدون إضافة يصح أن يسمى به الإنسان أم لا بد من إضافة مثل محي الدين ونحو هذا ؟؟
لا أعرف .. لا أدري .
ابن القيم رحمه الله تكلم على بعض الأسماء مثل لفظة الخلق وذكرها غير ابن القيم أيضاً, وأكثر من هذا مثل كلمة بارئ .. قال أن مثل هذه الأسماء منها ما يمكن أن يطلق على المخلوق مثل لفظة خَلَقَ,, لكنه لا بد أن يكون مقيدا فيقول فلان عنده فكرة خلاقة , أو خلق فكرة , أو نخلق أفكاراً ..
فالخلق يأتي بمعنى التصيير والتصوير والتشكيل ويأتي بمعنى الإيجاد من العدم .. فابن القيم رحمه الله يقول : مثل هذه الأسماء لا يصح أن تُقال بإطلاق فتقول فلان خالق , فلان محي , فلان بارئ .. وإنما تقولها مقيدة , ومنها ما لا يصح إلا لله عز وجل.
*ما حكم ما ورد عن بعض العباد كرابعة العدوية وغيرها الذين كانوا يعرفون بالعشق الإلهي ؟؟
لا يصح مثل هذا , وذكرت من قبل أنه يكون لله عز وجل من ذلك الأكمل , وقلنا الله عز وجل يوصف بالمحبة واتخذ ابراهيم خليلا ولكن لا يوصف بالعشق .
*هل يكفر من نفى عنه اسم ه الأعظم مع ثبوته له؟
لا ما يكفر, كيف؟
ذكرنا لكم وجه هذا.
*هل يسمى الله بنافخ الروح؟ وهل يُدعى الله بهذا الاسم ؟؟
يُخبر عنه بهذا وليس هذا من أسمائه .
*نريد أن توضح لنا الفرق بين أفعال الله ومفعولاته مع بيان حديث ؟؟
تكلمنا عليه, الشر ليس اليك
فعل الله الذي هو الفعل نفس الفعل صفة الفعل نفس الخلق عملية الخلق هذا فعل الله عز وجل , وهذا لفظة خلق كغيرها من المصادر يطلق ويراد به معنى المصدر , ويطلق أحياناً ويراد به المفعول أو معنى المفعول
لفظة الخلق يمكن أن يراد بها نفس العملية ويمكن أن يراد ما نتج عنها ..
يعني الآن عندما أقول: خَلْق الله : صفة خلق صفة لله عز وجل , ما المقصود بها؟ الفعل أليس كذلك .. نفس الصفة الفعلية
لكن لما أقول هؤلاء خَلْق الله ,, هل هذه نفس الصفة ولا هذا المفعول المخلوق ؟
أنتم خلق الله .. في فرق بين الإستعمالين ولا ما في فرق؟
في فرق ,
طيب الكلام .. أنا أتكلم الآن, هذا الذي أفعله الذي أزاوله الآن يُقال له: كلام ,,,, وحينما تأتيني بكلام مسجل أ مكتوب وتقول لي هذا كلام زيد , في فرق بين الإستعمالين ولا ما في فرق ؟
في فرق ,, فالأول أطلقته على نفس فعلي , والثاني أطلقته على المفعول .. ما وُجِد من هذا الكلام.. المُتَكَلَم به.
حينما تقول مثلا الكتابة يمكن تطلق الكتابة على نفس العملية (كتابة) ويمكن أقولك هذا أيضا كتابة هذا المفعول وذاك هو نفس الفعل، المصدر (كتابة) يطلق على نفس الفعل نفس العملية ويطلق على المفعول هذه كتابة. واضح.
حينما أقول الآن هذا شُرب- العملية نفسها _ وحينما اقو ل لك هذا شُرب أو شراب يصلح أو لا ؟ يصلح,, يعني مشروب.
حينما أقولك مثلا هذا أكل والذي يأكل يمارس نفس هذه العملية والعملية نفسها ماذا يقال لها ؟ أكل والمأكول يقال له أكل . واضح
فحينما نقول فِعْلُ الله فهو فعله الذي يوجد منه المفعول .. حينما نقول خلق الله يعني نريد بذلك فعله سبحانه وتعالى الذي هو نفس عملية الخلق,, فأفعاله كلها خير,, الله عليم حكيم ما يوجد شيء إلا لعلم وحكمة وكذا .. لكن المخلوق الذي يوجد من جراء هذا قد يكون بالنسبة لبعض الناس شر.. شر نسبي بالنسبة له هو، فهذا الإنسان الذي مثلا لدغته الحية أو سقط في نار احترق أوغرق ماله ونحوه بالنسبة له يرى انه شر لكن بالنسبة لفعل الله حينما قدره وقضاه هذا خير أو شر؟ هذا خير ( والشر ليس إليك). اتضح لكم؟؟
*هل يجوز إن نقول أكثر من ذكر أثناء السجود والركوع كأن نقول سبحان ربي الأعلى, سبوح قدوس رب الملائكة.. إلى آخره ؟؟
لابأس بهذا..ومن ذلك ماورد في قيام الليل كما في حديث عوف بن مالك الأشجعي لما ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل وذكر ما يقوله في ركوعه وسجوده, يقول:((سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)) هذا في قيام الليل.
*يقول (والله خير الماكرين)هل يجوز تسمية الله ماكر, مكار, خير الماكرين ؟
لا، ذكرنا هذا من قبل.
*هل يجوز تعليق الأسماء الحسنى على الجدار أو كتابتها على جدران المساجد ؟؟
لا يفعل الإنسان مثل هذا .
*هل يثبت لله اسم الصانع أو القديم ؟ أو أول الموجودات ؟؟
لا ، ليس ذلك من أسمائه, لكن الله عز وجل هو الأول - بدون هذا القيد أول الموجودات- هو الأول وهو الآخر.
*ما الضابط في إثبات الأسماء ؟
ذكرنا الضابط .
*هل نستطيع تعداد الأسماء الحسنى مطبقين عليها القواعد من غير خلاف ؟؟
مهما ذكرنا سيأتي من يخالف في هذا, لأن المسألة يختلف في نفس الضوابط وإذا اتفقت مع غيرك في نفس الضابط تختلف في تحقيق المناط هل هذا منه أو لا .
*هل هناك من العلماء المعاصرين من تكلم في الأسماء الحسنى واجتهد في تعدادها ؟
نعم يوجد الشيخ ابن عثيمين يوجد كثير وسأذكرها لكم وأعطيكم إياها إن شاء الله في الجداول ل سترونها إن شاء الله تعالى في كل اسم من الذي ذكره.
*في حديث أبي أمامة أن اسم الله الأعظم في هذه السور الثلاث على القول بأنه ليس الحي القيوم فما وجه تخصيص هذه السور الثلاث؟
هذه السور الثلاث ليس الاسم الوحيد الذي فيها هو الحي القيوم فيُلتَبس ، لكن لذلك قلنا من أقوى الأقوال الحي القيوم لأنه موجود في هذه السور الثلاث .
*الذين قالوا بأن الله ليس له اسم أعظم بماذا أجابوا عن الأحاديث التي تصرح بان لله اسما أعظم؟؟
ذكرت الإجابة قبل قليل .
*أين نجد تصريح ابن القيم بان لله اسما أعظم وهو الحي القيوم؟؟
ما رجحه ابن القيم ان الاسم الأعظم الحي القيوم .
ذكره في عدد من الكتب مثل في زاد المعاد وفي النونية أيضا وكذلك أيضا في كتب أخرى كالصواعق المرسلة.
*في بعض الأفراح تزف العروس بأسماء الحسنى مع الدف؟؟
لا يشرع هذا ولا ينبغي فعله .
*هل الرب من أسماء الله الحسنى؟ طبعا
فان لم يكن هل يجوز تسمية عبد ا لرب؟ هو من أسماء الله الحسنى ...
وهل يجوز التسمية باسم بصير؟ تكلمنا عن هذا
*هل أدعو بـ:يا أرحم الراحمين ارحمني؟
نعم.
*على هذا الخلاف بين العلماء هل يجوز قول :اللهم إني أسألك باسمك الأعظم؟
نعم .. قلنا الراجح انه يوجد اسم أعظم لكن الله أخفاه ليتطلبه الناس كما اخفى ليلة القدر والساعة التي تكون في الجمعة.
*هل قول لو كان الدهر اسما لله لكان قول المشركين صحيحاً ( وما يهلكنا إلا الدهر )
المهم ان الدهر ليس من أسماء الله عز وجل وحينما قالوا : ( وما يهلكنا إلا الدهر ) ما قصدوا أن الله هو الذي يهلكهم,يرد على من قال بان الدهر من أسماء الله بهذا الرد, والذي قال به إنما هم شذوذ لا عبرة بذلك القول .
*من سب الدهر فكأنما سب الله,, لكن ما الجواب على قوله صلى الله عليه وسلم (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها ...)؟؟
لا ليس المقصود لعن الدهر الدهر زمن و إنما الذي يشغل عن الله وذكره ومايقرب إليه .
*الحديث الذي يقو ل (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر ) كيف نعلل هذا الحديث؟
بمعنى فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله يقلب يصرف الليل والنهار,, فالدهر زمن لماذا يسب ؟ ليس هو الذي يوقع الحوادث .
*لو كان هناك كتاب أو مرجع في ذلك
سأعطيكم إن شاء الله مراجع.
*هناك أناس مما يحرصون على حضور مثل هذا الدرس يتأخرون في المجئ للمساجد ا لتي فيها الدروس يفوت تكبيرة الإحرام وربما فاتتهم صلاة الجماعة فهل ذلك لائق بطلاب العلم نرجو التعليق .
لاشك أن الصلاة أولى ينبغي الحرص على هذا .
*اعرف من زملائي من هو حريص على طلب العلم لكن وضع صلاته سئ يفوت صلاة الجماعة ويتأخر دائما وينام أحيان كثيرا عنها وتفوته صلاة الجماعة مرات ثم ينسب نفسه لطلب العلم اكتب مثل هذا لإرادة النصيحة؟
أقول مثل هذا لو عرف الله بأسمائه الحسنى كان ما تأخر عن طاعته وما نام والناس يصلون والداعي إلى الله يقول حي على الصلاة حي على الفلاح .
*هل ممكن لإدراك جزء من عظمة الله القول ان سمعه جزء منه ( بقية السؤال غير واضح)؟؟
نقول إن الله يسمع هذه اللغات جميعا وان الله تبارك وتعالى يبصر هذه المخلوقات جميعا لكن ليست هي جزء من سمع الله تبارك وتعالى.فسمعها مخلوق وسمع الله صفة من صفاته

*ما هو تدليس التسوية ؟
هو يسأل خارج الموضوع لكن لما ذكرنا الوليد بن مسلم وانه لما تُكلم عليه وأنه يدلس تدليس التسوية .
تدليس التسوية هذا الإنسان يروي عن شيخ ثقة والشيخ الثقة يروي عن ضعيف والضعيف يروي عن ثقة لقيه شيخ المدلس شيخ المدلس ثقة روى هذا الحديث عن شيخ الضعيف الشيخ الضعيف روى عن ثقة, الثقة الأخير التقى بالثقة الأول، واضح، فيأتي هذا ويُسقط الضعيف الذي بينهما ويروي الحديث ثقة عن ثقة لكن الإسناد متصل ثقات .. هذا لقي هذا وهذا شيخه ما فيه ضعفاء والواقع ان هذا تدليس التسوية اسقط هذا بينهما هذه مشكلة لا يعرفها إلا الحذق.
انتهى..
جزاكم الله خيرا
أعتذر عن تأخري لكن حصلت عندي ظروف,, فساعدتني الأخت نور الصباح جزاها الله خير.
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 31-03-08, 02:14 AM   #7
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
w تفريغ الدرس الثامن

بسم الله الرحمن الرحيم
تفريغ الدرس الثامن من دروس سلسلة أسماء الله الحسنى ..

ذكرنا ستة أمور
والسابع من الثمرات
هو تزكية النفوس


وهذا الدين أيها الأحبة يهدف إلى صلاح الإنسان ,وإنما يكون صلاحه بإقامة العبادة على قاعدة العبودية الحقة وعلى طريقها الذي شرّعه الله تبارك وتعالى..
وكان المفتاح لذلك والجادة التي يسلكها من أراد أن يصلح قلبه و حاله ونفسه هو النظر في آيات الله عزوجل التي تحدثنا عن المعبود جل جلاله وأسمائه وصفاته وتربط القلوب به وبهذا تتجه القلوب والوجوه إلى الرب المالك المعبود سبحانه وتعالى..
وقد كان الأصل والمحور الذي يدور حوله القرآن هو الحديث عن الله عزوجل وصفاته وفعله في الكون . القرآن يتحدث مبيناً عظمة الله عزوجل ويدعو الناس إلى الإستجابة إليه, والأخذ بما بأمرهم به ويشرعه لهم , ومجانبة ومجافات ما يوقعهم في مسا خطة , وأسباب غضبه, وهكذا يبين لهم فعله بأهل طاعته وفعله بأهل معصيته في الدنيا والآخرة,, وهذا الحديث هو الذي يحرك النفوس ويستثير الهمم ويجعل العبد مشمراً في طاعة الله عزوجل سالكاً صراطه المستقيم.. وبذلك تزول الأدناس والأرجاس التي تعوقه عن فعل الخير والتعلقات في الأمور الدنية التي تشغله عن التعلق بربه جل جلاله .
((الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)) .. فالعلم بأسماء الله عزوجل وصفاته - أيها الأحبة - هو العاصم بإذن الله عزوجل لهذه النفوس عن الخطأ والزلل والانحراف وهو المقيل من العثرة وهو الفاتح لباب الأمل .. وبذلك تعرف النفوس أن ربها غفور رحيم تواب يتوب على من تاب وأناب, كما يعينهم على الصبر كما سيأتي إيضاحه بإذن الله تبارك وتعالى.. وإذا تمكنت الأسماء والصفات من قلب العبد خلّصت قلبه من كل شائبة شركية أو بدعية وطهرت نفسه من كل دنس .
إن اسم الله تبارك وتعالى { الــــلــــــــه } إذا تمكن من القلب طرد منه كل شرك وبدعة.. لأن الله هو المألوه أي المعبود, فلا تتوجه النفوس إلى عبادة غيره ,, وإنما يكون تألهها وتعبدها له وحده لاشريك له, وبهذا يكون العبد قريب من ربه مطيعاً له ممتثلاً مستجيبا .


الثــامن من هذه الثمـرات : -
تحقيق السعادة .
فالعلم بالأسماء والصفات والتعبد بها هو قطب السعادة ورحى الفلاح والنجاح, من رام السعادة -أيها الأحبة- وابتغاها فليأخذ نفسه بأسماء الله وصفاته, فبها الأنس كله والأمن كله وما راحة القلوب وسعادته إلا بها لأنها تتعلق بمن طبُّ القلوب بيديه وسعادتها بالوصول إليه وكمال إنصباب القلب إليه.. ولهذا قال النبي "صلى الله عليه وسلم" : ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ) وعرفنا أن أعلى منازل الإحصاء هو :التعبد , فهذا كما يقول ابن القيم "رحمه الله" : (هو قطب السعادة ومدار النجاح و الفلاح ) وكان يقرر "رحمه الله" أن من تعلق بصفة من صفاته أخذته بيده حتى تدخله عليه ومن سار إليه بأسمائه الحسنى وصل إليه.. ومن أحبه أحب أسمائه وصفاته وكان آثر شيء لديه ,فحياة القلوب بمعرفته و محبته وكمال الجوارح في التقرب إليه بطاعته وكمال الألسنة بذكره والثناء عليه بأوصاف مدحته . وماذا عسى أن تلهج به الألسنه أفضل من لهجها بالثناء على الله عزوجل؟ وبماذايمكن أن تُعمر القلوب أيها الأحبة أعظم من تعظيم الله عزوجل ومحبته والخوف منه ورجائه؟ وما إلى ذلك من الأمور التي بها حياتها وراحتها وأنسها , فالقلب -أيها الأحبة- إذا لم يعرف ربه فإنه يستوحش , تغمره الوحشة ويظلم الصدر ويضيق.. ولو كانت الدنيا بأسرها بيديه.. فإنه لا أُنس لهذه القلوب إلا بأن تعرف الرب المعبود معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته , فالسير إلى الله -كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله "- عن طريق الأسماء: ( والصفات شأنه عجيب وفتحه عجب , صاحبه قد سيقت له السعادة وهو مستلقي على فراشه غير تعب ولا مكدود ولا مشتت عن وطنه ولامشرد عن سكنه ) .
والتعرف على الله بالأسماء والصفات -أيها الأحبة- هو من أعظم السبل الموصلة للأنس لله والتعظيم لشأنه جل وعلا , وهذه هي العبودية الحقة التي قال عنها شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية "رحمه الله" (من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية ) هذه القلوب -أيها الأحبة- لا يمكن أن تجد طعم الراحة وتذوق طعم السعادة إلا إذا عرفت المعبود معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته وتعبدته بمقتضى ذلك,, وعلى قدر هذه المعرفة والتعبد على قدر ما يحصل لنا من الانشراح واللذة والسرور ولو كان الإنسان يعيش في مكان بعيد عن الناس منقطع عنهم فإن سعادته لايمكن أن تُقدَّر.. وراحة قلبه لايمكن أن تنقطع بانقطاعه عن الناس , ولهذا كان أهل المعرفة بالله عزوجل يستَروِحون
بالخلوة به سبحانه وتعالى عند مناجاته في صلاة الليل أو صلاة النهار أو قراءة القران , ولهذا كان بعضهم يقول:
( إني لأدخل في الليل فيهولني فينقضي وما قضيت منه أَرَبي) .
وكان الأخر يقول :
( أهل الليل في ليلهم يعني أهل قيام الليل والمناجاة أعظم لذة من أهل اللهو في لهوهم ) فأهل اللهو تنقبض قلوبهم وتستوحش نفوسهم ويجدون عصرة وألماً بقدر ما في هذه القلوب من الأنس بغير الله والاشتغال بحطام الدنيا .
فمن أراد أن يبتعد عن الآفات التي عصفت بكثير من أهل الزمان من الاكتئاب والحزن والآلام التي تقع في النفوس والوحشة والظلمة التي تقع في الصدور.. فعليه بالإقبال على الله عزوجل.. أن يعرفه , ولهذ ينبغي على الإنسان أن يدمن النظر من هذا الباب, وأن يلاحظ نفسه وحركات هذه النفس وعلى أي شيء تقبل .. وما الذي تميل إليه.. فيداويها بهذه الأدوية النافعة حتى تستقيم على هذه الجادّة .

التـاسع من هذه الثمرات :-
وهو التلذذ بالعبادة .
والتلذذ بالعبادة -أيها الأحبة- من أعظم المنح الربانية , كثير من الناس يسمع عن هذه اللذة ولا يعرف حقيقتها ولم يجد طعمها .. إنما حظه منها السماع فحسب .
وقد رأينا أيها الأحبة في الحج أناساً كان بعضهم يقول :( كأني لم أسلم إلا اليوم ) وسمعنا عدداً منهم ونُقل عن بعضهم أنه يقول : (إنه يعيش في لذة وسعادة وانشراح وفرحة غامرة لم يجدها طيلة حياته) . وكان بعضهم يقول : (ينتهي الحج ويملأ قلبي الحزن على فراق هذه الأعمال والمشاعر التي وجدت قلبي فيها . وبعضهم كان يرسل برسائل بعد الحج ولعل بعضهم يحضر معنا الآن يذكر مثل هذه المشاعر , بعضهم يذكر حزنه بعد الحج وبعد فراق تلك الأعمال والمشاعر مع أنه يعيش في الخيمة وليس له من الأرض إلا ما يكون للعارية من المستعير على قدر ما ينام عليه , ومع ذلك يجد هذه اللذة والفرحة ., فليست اللذة بالقصور وسعت الدور ,, وليست اللذة بكثرة الطعام , فهو يقف في طابور إذا أراد أن يأكل, ولربما وقف في طابور إذا أراد -أعزكم الله- الخلاء.. وينام على مكان صغير لايستطيع أن ينقلب يمين ويسرة لأن الناس لم يتركوا شبراً حوله من أجل أن يتقلب فيه.
لكن أين وجد هؤلاء اللذة ؟ في طاعة الله عزوجل
وهؤلاء ربما لم يعرفوا ذلك قبل حجهم!! ولكن الكثيرين أيها الأحبة ممن عرفوا الله عزوجل يجدون ذلك في ليلهم ونهارهم طيلة العام.. في صلاتهم وصيامهم وفي قراءتهم وفي دعائهم وفي تقلباتهم, استشعر أن الله عزوجل يراه وأنه يراقبه وأنه يرى عمله وأنه يجازيه وأن الله يحب عابديه ومن ينيب إليه ومن يقبل عليه.. فيستشعر هذه الأمور جميعاً...

فالمقصود أيها الأحبة من وجد هذه اللذة صارت العبادة هي راحة نفسه , وطرب قلبه , فيكون لسان حاله {أرحنا بالعبادة يابلال} كما كان النبي "صلى الله علي وسلم " يقول : ( قم يا بلال فأرحنا بالصلاة).. فتكون الصلاة لما فيها من القرب لله عزوجل والمناجاة له والتلذذ بكلامه والتذلل له والتعبد بأسمائه قرة العين وسلوة الفؤاد.. ولذا كان النبي "صلى الله عليه وسلم " يقول : ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله" ( أن اللذة والفرحة والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لايمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله سبحانه و تعالى وتوحيده والإيمان به وانفتاح الحقائق الإيمانية والمعارف الربانية المعارف القرآنية كما قال بعض المشايخ : ( لقد كنت في حالٍ أقول فيها : إن كان أهل الجنة في هذه الحال إنهم لفي عيش طيب )
وقال آخر : ( إنه لتمر على القلب أوقات يرقص فيها طرباً وليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم الآخرة إلا نعيم الإيمان والمعرفة , لذة غامرة , انشراح, هؤلاء قد تكون أبدانهم تعاني الأمراض والأسقام.. وأحوالهم تتقلب في الفقر والجوع ومع ذلك يجدون هذه الراحة والسرور ,, وآخرون يعيشون في بحبوحةٍ من الدنيا ومع ذلك قلوبهم مظلمة لا يفتأ الواحد منهم يشتكي من ضيق الصدر والحزن وما قد ينتابه من نوبات البكاء التي قد لايعرف لها سبباً .

المقصود أيها الأحبة أن الإنسان إذا حصّل هذه اللذة لذة العبادة خفّت عليه التكاليف.. وقد تزول عنه المشقّـات وهو يزاول العبادات الشاقة فتكون برداً وسلاماً على قلبه لأنه يشتغل بشيء فيه رضا المحبوب سبحانه وتعالى فيُقبل على ذلك بانشراح وفرح فينسيه ذلك التعب كله.. ومن أعظم ما يحصل به هذه اللذة هو النظر في أسماء الله وصفاته وأن نتعبد الله عز وجل بها وأن نستحضر ذلك قي كل عمل نزاوله وفي كل عبادة نتعبد بها.. فإذا أعطى العبد القليل من الصدقة يتذكر أن ربه شكور يجزي الجزاء الكبير على العمل القليل وأن الله لا يضيع عمله فيكون ذلك سبباً لمزيد من الإقبال والتلذذ بهذه الصدقة والعمل الصالح الذي يعمله.. فيجد حلاوة في قلبه لايمكن أن توصف,,
وهكذا من صلى وتذكر حينما قام لله عز وجل بين يديه صافاً قدميه تذكر قيّوميته -كما يقول الحافظ ابن القيم- وأن الله قائم بذاته وأن عباده لا يقومون إلا به تبارك وتعالى فإذا كبير ورفع يديه استشعر أن الله أكبر من كل شيء وشاهد كبرياء اله وعظمته وجلاله وإذا قرأ دعاء الاستفتاح استشعر مافيه من تنزيه المعبود عن كل نقص.. وإذا استعاذ وبسمل التجأ بقلبه إلى الركن الركين وتبرأ من كل حول واعتصم بالله من عدوه واستعان به لا بغيره.. ثم إذا قرأ الفاتحة استشعر في ذلك ما فيها من استحقاق الله عزوجل لكل المحامد , استشعر ألوهيته وربوبيته ورحمته بخلقه وملكه لكل شيء , واستحضر أنه يناجي ربه وأن ربه يجيبه على مناجاته,, ثم تذكر عظمة الله وعلوه وتذكر خضوعه وتذللـه بين يدي ربه بركوعه وسجوده وانكساره وتأمل ذلك وهو يقول سبحان ربي العظيم , سبحان ربي الأعلى . وإذا صنع ذلك في صلاته , كيف لا يصلي صلاة مودع ؟! وكيف لا يتلذذ بصلاته وعبادته ؟!
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله" يذكر قريبا من هذا المعنى وأن العبد يستحضر أته مناجي لله تعالى كأنه يراه , فإن المصلي إذا كان قائماً فإنما يناجي ربه . والإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ,
ثم كلما ذاق العبد حلاوة الصلاة كان انجذابه إليها أوكد.. وهذا يكون بحسب قوة الإيمان,, والأسباب المقوية للإيمان كثيرة جداً وهي معلومة ,,, فهذا باب واسع أيها الأحبة,, فإن مافي القلب من معرفة الله ومحبته وخشيته وإخلاص الدين له وخوفه ورجائه والتصديق بأخباره وغير ذلك مما يتباين الناس فيه ويتفاضلون تفاضلاً عظيماً ويقوى ذلك كلما ازداد العبد تفكراً للقران وفهماً ومعرفة بأسماء الله وصفاته وعظمة وتفقره إليه في عبادته واشتغاله به.. بحيث يجد اضطراره إلى أن يكون تعالى معبوده ومستغاثه أعظم من اضطراره إلى كل شيء سواه كالأكل والشرب كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله " :(فإنه لا صلاح له إلا بأن يكون الله هو معبوده الذي يطمئن إليه ويأنس به ويلتذ بذكره ويستريح به ) ولا حصول بهذا إلا بإعانة الله عزوجل . وما سبق أيها الأحبة من العبادة هو نماذج تدل على غيرها, وكل عبادة من العبادات نقدم عليها مستشعرين هذه المعاني وقد امتلأ القلب بالحب للخالق العظيم سبحانه وتعالى فإنه لابد أن نجد لذتها وأن نأنس بها..
والنبي "صلى الله عليه وسلم" يقول : ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان, أن الله ورسوله أحب مما سواهما , وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ) .فهذه ثلاثة أمور توجد بها اللذة.. فكما أن الإنسان يجد لذة حسـية بذوق الطعام الذي يستلذه فكذلك أيضاً يجد لذة أخرى إذا تعاطى أسبابها.. وكل من زاول شيئاً واستعان بالله عزوجل فإنه يُحصِّـله بإذن الله تبارك وتعالى..
ومن أكثِر طرق الباب فإن ذلك مؤذن بأن يفتح له .

العــاشر من هذه الثمرات :-
هو أن العبد إذا عرف هذه الأسماء والصفات سعى إلى الإتصاف والتحلي بها على ما يليق به.
ومن المعلوم أن المُحِبْ يحب أن يتصف بصفات محبوبة كما أن المحبوب يحب أن يتحلى محبه بصفاته . فالله تبارك وتعالى له المثل الأعلى.. ربنا جل جلاله كريم يحب الكرماء.. رحيم يحب الرحماء.. رفيق يحب الرفق.. فإذا عرف العبد ذلك سعى إلى التحلي بصفات الكرم والرحمة والرفق وهكذا في سائر الصفات التي يحب الله أن يتحلى بها العبد على مايليق بذات العبد كما قدمنا.
وقد عرفنا من قبل أن الاتصاف بموجب أسماء الله تعالى مقيد بشرط: وهو أن بعض أسماء الله تبارك وتعالى إنما تكون كمالاً في حقه فحسب كالمتكبر فإن الكبر لا يكون ويصلح في حال من الأحوال للمخلوق فمثل ذلك لا يطلب الاتصاف به وإنما يكون صالحاً للعبد على ما يليق به ويناسب مرتبته.. فهذا القيد لابد من مراعاته.
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 31-03-08, 02:22 AM   #8
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي تتمة التفريغ ..

الحادي عشـر من هذه الثمرات :-
هو ما تثمره من ألوان العبوديات .
والمقصود بالأثر أيها الأحبة هو ثمرة العبادة التي يجدها العبد عندما يقوم بموجبها من العلم والمعرفة كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله " وذلك أن لكل صفة من صفات الله عبودية خاصة بها.. فمتى ما تعلمها العبد وأتى بموجبها من العمل تحقق له مراده منها.. وأثمرت له أنواعاً من العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه . فالأسماء الحسنى أيها الأحبة والصفات العلى مقتضية لأثارها من العبودية والأمر اقتضاءها لأثارها من الخلق والتكوين كما نشاهد اسم الخالق وصفة الخلق اقتضت لآثارها فوجد هذا الخلق .. فهكذا ا تقتضي أيضاً هذه الأسماء والصفات آثاراً من جهة العبودية لله تبارك وتعالى.. فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها,,, وهذا مُطِّرد في جميع أنواع العبودية التي تقع على القلب واللسان والجوارح ,, وإليك بعض النماذج من هذه العبوديات:
فمن ذلك الدعاء
-فمن تأمل شيئاً من أسماء الله عزوجل وصفاته فإنها ولابد ستقوده إلى أن يتضرع إلى الله بالدعاء ويبتهل عليه بالرجاء,
- من تأمل قربه تبارك وتعالى من عبده المؤمن وأن الله تعالى هوا لقريب المجيب والبر الرحيم والمحسن الكريم , فإن ذلك سيفتح له باب الرجاء.. وإحسان الظن بالله.. وسيدفعه إلى الاجتهاد في الدعاء والتقرب إلى الله به .
- بل من تأمل وتعبد بالأسماء والصفات فإنه لا يقتصر على مجرد الدعاء بل سيفيض عليه ذلك الأمر حضور القلب وجمعيته بكليتيه على الله تعالى.. فيرفع يديه ملحاً على الله بالدعاء والسؤال والطلب والرجاء..
وإنما كان الدعاء من أجل ثمرات العلم بالأسماء والصفات وكان هو سلاح المؤمن وميدان العارف ونجوى المحب وسلم الطالب وقرة عين المشتاق وملجأ المظلوم لما فيه في المعاني.. الإلهية العظيمة.. ولهذا ذكر ابن عقيل الحنبلي "رحمه الله " من هذه المعاني في الدعاء (لا شك أن الذي لا يؤمن بوجود الله عزوجل فإنه لايدعوه.. وكذلك أيضا الدعاء إنما يلجأ إليه من يوقن بأن الله هو الغني , فالفقير لايطلب.. وهكذا أيضاً لايمكن أن يدعو إلامن يعتقد أن ربه سميع فإن الذي لايسمع لايُدعى,, وهكذا أيضاً لابد من إيقانه بأن الله كريم , فإن البخيل لا يُعطي ولا يُطلب.. وهكذا أيضاً يؤمن برحمته سبحانه وتعالى .. ففي ضمن الدعاء لابد أن توجد مثل هذه الأمور مجتمعة ..أن الله رحيم فهذه الرحمة لها آثارها فيرحم عباده بذلك فينزل عليهم الغيث ويرفع مابهم من ضر ويُدِرُّ عليهم الأرزاق ويعطيهم سؤلهم وينجيهم من المخاوف والمكاره ,, وهكذا أيضاً القدرة فإن العاجز لايدعى .
من هذه العبوديات التي يؤثرها الإيمان بالأسماء والصفات ( التوكل ) على الله تبارك وتعالى فيعتمد القلب على ربه جل جلاله ويفوض أمره إليه,,
وقد تكلمنا عن التوكل طويلاً أيها الأحبة وبينا حقيقته وأنه من أعظم العبادات تعلقاً بالأسماء والصفات وذلك أن مبناه على أصلان : -
الأول : علم القلب.. وهو يقينه بعلم الله وكفايته وكمال قيامه بشأن خلقه.. فهو القيوم سبحانه وتعالى الذي كفى عباده شئونهم , فبه يقومون وله يصمدون .
الثاني : عمل القلب.. وهو سكونه إلى العظيم الفعال لما يريد وطمأنينته إليه وتفويض أمره إليه ورضاه وتسليمه بتصرفه وفعله, إذ كل شيء يمضي ويكون فبحكمه وحكمته وقدرته وعلمه , لا يمد شيء في الأرض ولا في السماء عن قدرته , فله الحكم وإليه يرجع الأمر كله ,, فإذا عرف العبد هذا رَكَنَ إلى الله عزوجل وفوض أمره إليه وصار واثقاً بتدبيره وتصرفه فهو عليم حكيم يضع الأمور في مواضعها ويوقعها في مواقعها,, وهكذا يصير العبد مستسلم لله عزوجل.. راضياً بأقداره وأحكامه.. إلى غير ذلك من المعاني .
ولهذا يقول ابن القيم "رحمه الله " : ( كل من كان بالله أعرف كان توكله عليه أقوى ) ويقول شيخه تقي الدين " رحمه الله" (لايصح التوكل ولا يتصور من فيلسوف ولا من القدرية النفاة القائلين بأنه يكون في ملكه مالا يشاء .. ولا يستقيم أيضاً من الجهمية النفاة لصفات الرب جل جلاله .. ولايستقيم التوكل إلا من أهل الإثبات) . الذي لايؤمن أصلاً بالصفات أو لا يؤمن بالأسماء أو يعتقد أنها مجرد أعلام جامدة لاتدل على أوصاف الكمال !! كيف يتوكل عليه؟
من لايؤمن بأن الله و القدير و الغني والقوي وأن الله فعال لما يريد وأن الله عليم رزاق !! كيف يتوكل عليه ؟
المقصود أيها الأحبة أن العبد إذا علم بتفرد الرب تبارك وتعالى بالضر و النفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة.. فإن ذلك يثمر له عبادة التوكل على الله باطناً.. ويثمر له ذلك أيضاً لوازم التوكل وثمراته ظاهراً.. وإذا تجلى الله عز وجل بصفات الكفاية والحسب والقيام بمصالح العباد وسوق أرزاقهم إليهم ودفع المصائب عنهم ونصره لأوليائه وحمايته لهم ومعيته الخاصة لهم انبعثت من العبد قوة التوكل عليه والتفويض إليه والرضا به , كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله " وقد ضرب في بعض كتبه لذلك مثالاً يبين فيه الآثار المترتبة على عبودية الله تعالى باسمي الأول والأخر ((هو الأول والأخر)) يقول : ( فعبوديته باسمه الأول تقتضي التجرد عن مطالعة الأسباب والوقوف أو الالتفات إليها وتجريد النظر إلى مجرد سبق فضله ورحمته , فالله قبل الأسباب.. وأنه هو المبتدأ بالإحسان من غير وسيلة من العبد إذا لا وسيلة له في العدم قبل وجوده.. وأي وسيلة كانت هناك إنما هو عدم محض.. وقد أتى عليه حين من الدهر لم بكن شيئاً مذكوراً.. فمنه سبحانه الإعداد ومنه الإمداد وفضله سابق على الوسائل .. والوسائل من مجرد فضله وجوده.. لم تكن بوسائل أخرى,,
الذي يعتمد على الدواء أو يعتمد على سيارته أو مركبه أن جيد وجديد وقوي ويوصله إلى مطلوبه.. أو يعتمد على أمواله وأرصدته.. أو يعتمد على حذقه و ذكائه ومهارته.. كل هؤلاء إنما يركنون إلى أسباب خلقها الله وأوجدها.. فهو مصرف الأمور وخالق الأسباب والمُسَبَّبَات.. فمن عرفه معرفه صحيحه ركن قلبه اليه )
يقول : من نزل اسمه الأول على هذا المعنى أوجب له فقراً وعبودية خاصة.. وذكر عبوديته باسمه الأخر وأنها أيضاً تقتضي عدم ركونه ووقوفه بالأسباب والوقوف معها فإنها تنعدم لامحالة . الله هو الآخر.. كل شيء هالك إلا وجهه سبحانه وتعالى.. فتنقضي بالآخرية ويبقى الدائم الباقي بعدها.. فالتعلق بها تعلق بما ينعدم وينقضي ويتلاشى ويزول.. والتعلق بالأخر سبحانه تعلق بالحي الذي لايموت ولا يزول.. فالمتعلق به حقيق أن لايزول ولاينقطع . بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به.. وهكذا انظر العارف إليه بسبق الأولية حيث كان قبل الأسباب كلها,, فإذا جمع العبد بين التعبد بين الأسمين وتعبد الله عزوجل بمقتضاهما لم يتعلق بشيء .. هذا الإنسان الذي قد يكون مسؤلاً عنه في العمل فربما يركن إليه وأن علا قته به وثيقة وما إلى ذلك ثم ما يلبث هذا الإنسان أن يموت أو يزول أو يفارق هذا المحل,, وإنما يكون الركون إلى الله جل جلاله,, وذلك يحصل به أيها الأحبة يوجب لنا الاضطرار إلى الله تبارك وتعالى ودوام الفقر إليه دون كل شيء سواه, فالأمر إليه يرجع إليه الأمر كله فنعامله بمقتضى ذلك فهو السابق بالإحسان والعطاء والفضل.. فنثق به دون ما سواه ولهذا يقول الحافظ ابن القيم (رحمه الله) عند كلامه على هذا المعنى يقول:(من ذا الذي شفع لك في الأزل حيث لم تكن شيئا مذكوراَ ؟حتى سماك باسم الإسلام ووسمك بسمة الإيمان وجعلك من أهل قبضة اليمين.. وأقطعك في ذلك الغيب عمالات المؤمنين.. فعصمك عن العبادة للعبيد وأعتقك من التزام الرق لمن له شكل ونديد.. ثم وجه وجهة قلبك إليه سبحانه دون ما سواه قدّر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة .. أين كنا ؟
الله عزوجل قد أعطى ومنح قبل أن توجد هذه الأسباب وقبل أن توجد هذه التعلقات التي تتعلق بها كثير من القلوب , فينبغي أن تُعاد الأمور إلى نصابها وأن تربط القلوب بمعبودها وأن نوجِد هذه الثقة وأن نحيها في النفوس فيكون الركون إليه دون ما سواه,,
وهكذا أيضاً من هذه الآثار التعبدية وهو الثـالث : التي تؤثرها هذه الأسماء الحسنى
( الرضا ) فهو من ثمرات المعرفة بالله وقد تكلمنا عليه بشيء من التفصيل في الأعمال القلبية .. فمن عرف الله بعدله وحلمه وحكمته ولطفه أثمر ذلك في قلبه الرضا في حكم الله وقدره في شرعه وكونه . فلا يعترض على أمره ونهيه ولا على قضائه وقدره.. ما تقول المرأة لماذا لنا نصف الميراث ؟ لماذا القوامة للرجل ؟ إذا كانت تعلم أن الله عليم حكيم عدل.. أن الله متصف بالعدل وأنه لا يظلم الناس شيئاً فإنها ترضى بحكمه الشرعي وهكذا أيضاً إذا أصاب العبد مكروه فإنه لا يقول لماذا يارب ؟ أنا ماذا عملت يارب ؟ ومن الناس من يقول هذا ونسأل الله العافية.. لو تذكرت لأخرجت لكم رسالة يذكر صاحبها كلاماً في غاية السوء يقول في محصلة هذه الرسالة الطويلة يقول: دعوته ثم دعوته ثم دعوته فلم يستجيب لي حتى يقول عن نفسه صرت كالحمار المبعد.. ويذكر كلاماً في غاية القبح عن الله عزوجل.. فأظن أن هذا مبتلى لأني إن لم تخني الذاكرة أنه أرسل رسائل متعددة قبلها يطلب الدعاء ثم بعد ذلك ذكر وهذا كان في أيام الحج لا أذكر في يوم عرفه أو في يوم النحر.. رسالة في غاية القبح.. فأقول هؤلاء أيها الأحبة ماعرفوا الله عزوجل معرفة صحيحة.. لو عرفوه وأنه حكم ,عدل, عليم,حكيم لايقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له.. فإن من عرف ذلك رضي بأحكامه الشرعية وبأحكامه القدرية .. الله ساق له ذلك ليرفعه ويختبر صبره ويستخرج عبوديته.. ومن الناس من يصدر منه مثل هذه الأقوال والأفعال القبيحة إذا ابتلاه ربه وهو الذي أعطاه هذه الأبعاض والعافية.. فإذا سلب شيئاً يسيراً منها حصل هذا التبرم والتسخط نسأل الله العافية..
وكثير من الناس يظن أنه على مستوى من التحقق بهذه المعاني فإذا وقع له المكروه تلاشى وانكشف.. فنسأل الله عز وجل أيها الأحبة ألا يفضحنا,, وقد كان من سؤال النبي" صلى الله عليه وسلم" : (أسألك الرضا بعد القضاء ).. فالعبد المؤمن الذي عرف الله بأسمائه وصفاته يرضى لأنه يعلم أن تدبير الله خير من تدبيره لنفسه.. وأنه تعالى أعلم بمصلحته من نفسه.. وأرحم به من نفسه.. وأبر به من نفسه ,, ولذا تراه يرضى ويسلم.. بل أنه يرى أن هذه الأحكام القدرية والكونية أو الشرعية إنما هي رحمة وحكمة وحينئذ لا تراه يعترض على شيء منها بل لسان حاله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله علي وسلم نبيا.. وهذا هو محض الإيمان .
وأمر رابع : من العبوديات تثمرها هذه الأسماء والصفات (اليقين والسكينة والطمأنينة ) فاليقين أيها الأحبة كما عرفنا من الكلام عليه في الأعمال القلبية هو الوقوف على ماقام بالحق من أسمائه وصفاته ونعوت كماله وتوحيده ,, وباليقين مع الصبر تُنال الإمامة في الدين (( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )) وهذه المنزلة العالية الرفيعة اليقين هي روح أعمال القلوب التي هي أروح أعمال الجوارح كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله" في بعض كتبه,, وهو حقيقية الصديقية ومتى وصل اليقين إلى القلب إمتلأ نورا وإشراقا وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط وغم .. وامتلأ محبة لله عز وجل وخوفا منه ورضا به وشكرا له وتوكلا عليه وإنابة إليه كما قال بعضهم : اليقين ملاك القلب وبه كمال الإيمان , وباليقين عُرف الله ,, فإذا تيقن القلب أيها الأحبة نزلت السكينة وهي الطمأنينة والسكون الذي ينزل في القلب عند اشتداد المخاوف والبلاء.. فيزداد ذلك القلب إيمانا وثباتا ويكسوا الجوارح خشوعا ووقارا ويضفي على اللسان حكمة وصوابا ,
لماذا تنقشع هذه المعاني والأعمال القلبية عنا في أوقات الأزمات ؟؟ لأننا لم نصل لمرتبة اليقين.. نحفظ معلومات ونسمع في الخطب والمحاضرات أشياء عن الله عز وجل أنه هو الحافظ هو الغني هو الرزاق هو الكريم لكن لم يصل ذلك إلى حد اليقين في النفوس,, فإذا جاء الخوف صار الإنسان يتلفت يمنة ويسرة ويتطلع إلى المخلوقين علّه يجد طبه في أيديهم أو خلاصه عندهم فيكون رجاءه ويصرف عبوديته إليهم يتوسل بهم ويتضرع إليهم ويصدر منه أمور لاتليق نحو المخلوقين,, ربما يرى الإنسان من هذا أشياء عجيبة من ألوان الضراعة التي لا تصلح إلا لله عز وجل تصرف لمخلوق , هل هذا يفعله إنسان عرف ربه تبارك وتعالى معرفةً لائقة ؟؟!
كثير من الناس يظن أنه واثق بالله عز وجل متوكل عليه ولو أنه فقد وظيفته فإنه لربما يذهب كل معنى من معاني التوكل في نفسه .. ويكون فقره بين عينيه نسأل الله العافية , أين الرزاق ؟ أين الإيمان بهذه الأسماء ؟ هو يعلم أن الله الرزاق لكن لم يصل إلى مرتبة اليقين بهذا ,, إذا مرض تعلق بالطبيب والدواء ولربما يعتقد أنه لو مات هذا الطبيب لمات معه ! الطبيب يموت والمريض يبقى والله حي لا يموت , أين الأطباء في القرون السابقة أين هم ؟ ذهب المرضى والأطباء لكن الإنسان ينسى هذه المعاني أيها الأحبة إذا جاءت الشدائد.. وكثير منا لا يعرف نفسه إلا في وقت الشدة إن كان له بصر صحيح وإلا من الناس حتى في وقت الشدة يغفل عن نفسه ولا يلاحظ قلبه وإلى أين يتجه حتى في وقت الشدة يغفل عن نفسه ولا يلاحظ قلبه وإلى أين يتجه .. كثير من الناس لا يلاحظ ..حتى في وقت الشدة.. لما تنقشع عنه هذه الأوهام التي يظن أنه على ثقة بربه وأنه يقف على أرض صلبة من العبودية والتربية الصحيحة وما أشبه ذلك .. فإذا زالت عنه هذه الأمور وتبين ضعفه وظهر لكل أحد فربما هو لم يتفطن لهذا نسأل الله العافية .. ومن الناس من يعرف بأنه يلاحظ قلبه ويدرك عجزه والخلل الذي مُني به فسبب ذلك له مثل هذه التصرفات والآثار السيئة.. ولذلك أقول يمكن أن يُجَّرب هذا حتى في الأمور الحسية , كثير من الناس يظن أن عنده قوة وأنه يستطيع أن يمتنع من أشياء كثيرة ولكن إذا جاء الجد ربما يعرف أنه أضعف ما يكون ,, من الناس من يظن أنه يستطيع أن يواجه الأعداء وأن يقاتل وأن يقتل الأبطال وأن يفعل ولربما لو أنه خلع ضرسا و جرح جراحة بسيطة لأصابه من الارتعاش والاضطراب ولم تحمله ركبه مايستطيع يمشي خطوات .. هذا ترى موجود.. ولربما أغمي عليه وتحول لونه إلى لون الصفرة والشحوب كلون العصفر أو الكركم من شدة الخوف.. لماذا ؟؟ وهو يظن قبل ذلك أنه يستطيع وأنه يفعل ويستطيع ويستطيع ويستطيع.. ربما يظن الإنسان أنه لا يخاف من الله عز وجل فإذا قدر له أن يمشي في مكان خالٍ أو نحو ذلك فقفز عليه ذويبة فربما اضطرب غاية الاضطراب وين أين القوة وأين الشجاعة وأين ؟ لاتظهر.. هو لايعرف نفسه.. لكن قد تنكشف له هذه في بعض المواقف.. وكثير من الناس لا يوفق أيضا إلى معرفة نفسه ولا يزال يكابر ويغفل وأنه يمتلك من القدرات والصفات والكمالات الشيء الكثير والموفق من وفقه الله عز وجل,, ومن الجيد أيها الأحبة أن الإنسان يلاحظ نفسه قبل وقوع المكروه.. فيعرف درجة التوكل , يعرف الرضا عنده إلى أي حد.
ولذلك كثير من الناس إذا وقعت لهم المصيبة لربما حصل مهم تصرفات غير لائقة ..إذا مات لهم أحد بعد مدة يفيق ويقول إنا لله وإنا إليه راجعون . لكن أثناء المصيبة تذكره بهذه تقول هذا أوان الصبر وهو في حال لا يكاد يسمع , حتى أن بعضهم لربما طلب بعد أيام قال ماذا قلت ذاك اليوم؟؟ , قال سفيان : من لم يعد البلاء نعمة فليس بفقيه.
أحدهم سألني عنها بعد خمسة أيام .. قال: لا أدري ما قلت في وقت المصيبة.. يقول لم أدري ما تقول لكن تكلمت بشيء لم أدري ما هو فأعده علي بعد خمسة أيام.. لماذا ؟
بعض الناس يكون طالب علم يبتلى ببلية ولربما ينكسر ويحصل له من الانهيار واليأس ونوبات بكاء ربما لا يخبر عنه الناس لكن يخبر الطبيب أقرب الناس إليه أو من يطلب منهم أن يعينوه على معالجة هذه القضية وهالمشكلة , نوبات شديدة من البكاء ليه ؟ لماذا ؟ أين الرضا ؟ هذا أوان الرضا , تبكي بهذه الطريقة مثل الطفل لماذا؟ وهل هذا البكاء سيرد لك مافقدته؟؟ لا سيم اللذين يبتلون عافانا الله وإياكم بالحريق فهؤلاء إذا نظر الواحد منهم إلى وجهه في المرآة بعد الحريق في كثير من الأحيان إن لم يكن على درجة عالية من الرضا عن الله عز وجل .. فإنه يصيبه حالات من الانهيار وحالات من الاكتئاب وحالات من المشاعر السيئة والبكاء الذي ينتابه حين بعد حين .
ومن هذه العبوديات التي يثمرها الإيمان بالأسماء الحسنى (الخشية ) .
كلما ازدادت المعرفته بالله عز وجل ازدادت هيبته وخشيته في القلوب [ إنما يخشى الله من عباده العلماء ] ,, ليس العلماء بالصناعات والحرف وإنما العلماء بالله عز وجل , والنبي "صلى الله عليه وسلم " يقول : ( أنا أعرفكم بالله وأتقاكم له خشية ) وقد فسر ابن عباس الآية قال : ( إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني ) وفي كلام ابن كثير رحمه الله: إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به.. لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به بأكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر,, وكيف لايخشع القلب ويهاب إذا امتلأ بالحب والتعظيم والمعرفة بالخالق العظيم.. فإن من عرف الله صفا له العيش وطابت له الحياة وهذا هو كل شيء وذهب عنه الخوف من المخلوقين وكان خوفه من الله لا شريك له .
ومن هذه الثمرات أيضا (الذل والتعظيم) من العبوديات التي يثمرها أيضا معرفة الأسماء الحسنى الذل والتعظيم فمن تتحقق في معاني الأسماء والصفات شهد قلبه عظمة الله تبارك وتعالى فأفاض على قلبه الذل والانكسار بين يدي الله جل جلاله , والعبودية لا يمكن أن تحصل أو تتم إلا بكمال الذل والتعظيم كما هو معلوم .. فالتعبد هو التذلل , هو الطريق المعبد, هو الطريق المذلل , كما نعرف في تعريف العبودية ,, فأكمل الخلق عبودية أكملهم ذل وافتقار وخضوعاً .. بحيث يحصل للقلب انكسار خاص لا يشبهه شيء,, وحينئذ يستكثر العبد القليل من الخير على نفسه كأنه لا يستحقه,, يفرح بعطاء الله عز وجل.. ويستكثر قليل معاصيه لعظمة الله تبارك وتعالى في قلبه .. وهذا هو سجود القلب, وقد سُئِل بعضهم : أيسجد القلب ؟ قال : نعم سجد سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء.. ومن سجد هذه السجدة سجدت معه جميع جوارحه وعنَّ الوجه للحي القيوم.. ووضع خده على عتبة العبودية.. وإذا تأمل العبد وشهد بقلبه الرب تبارك وتعالى مستوي على عرشه- كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله- متكلماً بأمره ونهيه.. بصيراً بحركات العالم علويه وسفلية.. وأشخاصه وذواته.. سميعاً لأصواتهم.. رقيب على ضمائرهم وأسرارهم.. وأمر الممالك تحت تدبيره نازل من عنده وصاعد إليه.. وأملاكه بين يده تُنَفِّذُ أوامره في أقطار الممالك.. موصوف بصفات الكمال منعوت بنعوت الجلال منزه عن العيوب والنقائص والمثال .. وهو كما وصف نفسه في كتابه وفوق مايصفه به خلقه.. حي لا يموت قيوم لا ينام.. عليم لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض.. بصير يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.. سميع يسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات,,, فإذا تأمل العبد ذلك فإنه يدعوه لا محالة إلى تعظيم الله عز وجل فلا يستصغر في حقه معصية قط مهما صغرت ولا يستعظم في حقه طاعة قط مهما عظمت .
ولهذا أقول أيها الأحبة بأن القرافي رحمه الله ذكر في سر تحريم العُجب.. لماذا يحرم ؟ قال: لأنه سوء أدب مع الله عز وجل.. وذلك أن العبد لا ينبغي له أن يستعظم ما يتقرب به إلى سيده بل يستصغره بالنسبة لعظمة الله تبارك وتعالى.. ولهذا قال الله تعالى : ( وما قدروا الله حق قدره ) أي ماعظموه حق تعظيمه فالذي يصيبه العجب هو يتعاظم بما يبذل وما يقدم.. إذا صلى صلاة أو صام يوم أو نحو ذلك أصابه التعاظم والزهو والغرور والعُجب .. يستكثر ما يبذله في التعبد لله جل جلاله.. فمثل هذا مايليق,, الذل هو ألا يستكثر تعبده بالنظر إلى عظمة الله عز وجل وكماله وسعة أفضاله . فإذا حصل عند العبد مثل هذا العجب فإن هذا يدل على أنه قد حصل له خلل عظيم في هذا الباب,, والمقصود أيها الأحبة أن العبد متى عرف ربه بجلاله وعظمته وعزته فإن ذلك يثمر له الخضوع والإستكانه والمحبة وتثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواع من العبودية الظاهرة هي موجباتها كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله" .. وإذا تجلى بصفات ا لعز والكبرياء أعطت نفسه المطمئنة ما وصلت إليه من الذل لعظمته .. والانكسار لعزته.. والخضوع لكبريائه.. وخشوع القلب والجوارح له.. فتعلوه السكينة والوقار في قلبه ولسانه وجوارحه وسمته, ويذهب طيشه وقُوَّته وحِدَّتِه .
ومن العبوديات التي تثمرها معرفة الأسماء الحسنى ( الرجاء ) .. وذلك بمعرفة العبد بغنى الله جل جلاله وكرمه وجوده وبره وإحسانه ورحمته , فهذا يوجِد عنه سعة الرجاء ويثمر له ذلك أنواع من العبوديات الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه , إنسان إذا احتاج إلى مخلوق وعرف أن هذا المخلوق كريم واسع العطاء غني إلى غير ذلك من الأوصاف التي يحصل بها البذل فإن رجائه يكون أوسع, فإذا ذهب إلى مخلوق يعلم أنه لا يملك شيء , فأين الرجاء ؟؟ إذا ذهب إلى مخلوق يعلم إنه لا يعطي شيء أصلاً : فإنه لايرجوه لا يحصل عنده الرجاء أصلاً.. فلابد من معرفة بالله عزوجل صحيحة إن الله هو الغني , الكريم ,الجواد , المحسن , البر , الرؤوف , الرحيم , فيقبل العبد على الله عزوجل ويوجد عنده الرجاء .
أيضاً من هذه العبوديات ( المراقبة والحياء ) وقد تكلمنا عن المراقبة وتكلمنا عن الحياء أيضاً .. وذلك إذا علم العبد أن الله سميعٌ , بصير , عليمٌ , شهيدٌ , محيط , خبير , لطيف , حفيظ , فكل هذه الأسماء التي يعلم بها العبد أن الله لا يحفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .. وأنه يعلم السر و أخفى.. ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور . فهذا يثمر له مراقبة الله عز وجل فيحفظ لسانه فلا يغتاب الناس ويحفظ عينه فلا ينظر.. بعضهم يقول أتوب مرارا من النظر ثم أعود , أحدهم يقول لي سنة كاملة أجدد التوبة في النظر ولم أفلح.. لماذا ؟ إذا وجدت المراقبة , إذا عرف أن نظر الله إليه أسبق إلى نظره لهذا الشيء فإنه يخاف,, الإنسان قد لا ينظر إلى النساء أو إلى الحرام إذا كان بحضرة المخلوقين ولو أدنى المخلوقين.. من الذي يجترئ وينظر إلى النساء هكذا مكاشفة وبحضرته ناس ينظرون إليه؟؟!
يستحي منهم ولربما يخاف , فإذا كان يتأدب مع المخلوقين هذا التأدب فكيف بالله عز وجل؟! والملائكة ينظرون إليه ويكتبون ذلك.. والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
فتحفظ هذه الجوارح ويحفظ القلب من أن يوجد فيه شيء لا يحبه الله عز وجل من الإلتفات والركون إلى غيره أوالتعلق بشيء من هذا الحطام والشهوات أو امرأة تتعلق بمثلها أو برجل أو رجل يتعلق بامرأة أو مثل ذلك!! هذه الأوهام كلها تنقشع إذا علم أن الله يطلع على ما في قلبه.. ويرى أفعله ويسمع أقواله .. فلا يتكلم إلا بما يليق وإذا سمع الناس يغتابون نهاهم قال سبحوا كفوا عن هذا هذا لا يجديكم شيئا لأنه استشعر أن الله ينظر إليهم ويستمع كلامهم وما هو موقفه وماذا سيقول لهم ؟ فهذه المراقبة نحن أحوج م ما نكون إليها في الأيام اللي أصبحت فيها الرقابة مهما كانت هذه الرقابة سواء كانت رقابة الدولة أو رقابة الأسرة أو رقابة الوالدين أو رقابة المدرسة أو غير ذلك ما يمكن أن تحول بين الإنسان وبين ما يريد أن يصل إليه من معصية الله عز وجل ما يمكن .. الآن يمكن عن طريق جهازه وفي وسط بيته يستطيع أن يشاهد أشياء كثيرة لا يحبها الله ولا يرضاها.. والناس لا يشعرون به.. أقرب الناس إليه لا يعلمون عن حاله شيئا , أصبح عن طريق هاتفه الجوال أو عن طريق الوسائل الكثيرة التي تعرفونها يمكن أن يحصل كثيرا من مطالبه , فهذا يحتاج إلى أن نغرس رقابة الله عز وجل في قلوبنا جميعا.. فإذا تهيأت أسباب المعصية وتوافرت تذكر الإنسان أن الله يراه فخاف واستحى فيكف عن فعل لا يليق .
ومن هذه الثمرات التعبدية : (المحبة) فمعرفة الأسماء والصفات هي طريق المحبة . الإنسان لماذا يحب غيره ؟ لماذا يحب مخلوق ؟ الآن لو سألنا أحدا ..كلنا يوجد في قلبه محبة لمخلوقين . لماذا تحب فلان ؟؟ قال أحبه لما عنده من كرم أو شجاعة , الجود , الإحسان , أو العلم أو كمال الرأي وحسن النظر في الأمور, أو اللطف, أو أحبه لغناه , أو لإحسانه إلي, أو لجمال وجهه, أو غير ذلك من الأمور , فهو تعلق بالكمالات فيما يتوهمه الإنسان ... الإنسان لا يحب النقائص ولا يحب من استجمع النقائص, يعني لو قيل لإنسان لامرأة تتعلق برجل أو بشاب لماذا تحبينه هل هو يتصف بجمال الوجه ؟ فإذا قالت: لا . هل يتصف بالغنى؟ قالت :لا . بالعلم ؟ لا . بحسن الرأي والنظر في الأمور ؟ لا . بالنسب والحسب والشرف ؟ لا . ولا صفة من الصفات !, لحسن هيئته وشكله ؟ لا هو قبيح . طيب لماذا تحبينه؟ لا يوجد مبرر لهذه المحبة أليس كذلك ؟ فكل من أحب غيره فلا بد أن يكون هذه المحبة لكمال يتوهمه في هذا المحبوب فإذا عرف العبد صفات الكمال والأسماء الحسنى وأن كل صفات الكمال المُطلق أن الله متصف بها .. فالله جميل لا يدانيه شيء في الحسن والجمال, والله تبارك وتعالى غني وكريم وقوي ومحسن وبَر ولطيف ورؤوف ورحيم.. وأرحم بنا من الوالدة بولدها.. إلى غير ذلك من أوصاف الكمالات.. فإن القلب لابد تأسره هذه الأوصاف أسراً فينجذب إلى هذا المحبوب المعبود الموصوف بهذه الصفات الكاملة فيحبه محبة لا تدانيها محبة .. أليس كذلك أيها الأحبة ؟!
لكن لماذا تتلاشى هذه المحبة في قلوبنا؟؟! لأن معرفته معرفة صحيحة بأسمائه وصفات غير متحققة على الوجه اللائق .. قد يعرف الإنسان معرفةً سطحية لكنه لا يستشعر هذا بقلبه.. معرفة لا تلامس القلب وإذا كانت المعرفة لا تلامس القلب فإن الإنسان لا ينتفع بها.. ولهذا قيل العلم الخشية , فمجرد حفظ المعلومات وحده لا يكفي إنما هو وسيلة إلى العمل بموجبها ومقتضاها وهذا العمل بموجبها ومقتضاها ما يأتي لكل أحد . كثير من الناس يحفظ أشياء كثيرة جدا لكنه أبعد ما يكون عن الله عز وجل, ولهذا يقول عز بن عبد السلام " رحمه الله " : أحب عباد الله تعالى إليه وأكرمهم عليه العارفون بما يستحقه مولاهم من أوصاف الجلال ونعوت الكمال, فهم في رياض معرفته حاضرون وإلى كمال صفاته ناظرون إن نظروا إلى جلاله هابوه وإن نظروا إلى جماله أحبوه وإن نظروا إلى شدة نقمته خافوه وإن نظروا إلى سعة رحمته رجوه ,, ولما ذكر ابن القيم "رحمه الله " مشهدي الحكمة والأسماء والصفات ذكر أن هذين المشهدين يطرحان العبد على باب المحبة ويفتحان له من المعارف والعلوم أموراً لا يُعَبُّر عنها , فمن عرف الله أحبه .. ومن أحب الله أحبه الله ..وهذا هو الفوز الأكبر والغنم الأعظم والنعيم .. فالمحبة هي المنزلة التي تنافس فيها المتنافسون وإليها شخص العاملون وإلى علمها شمر السابقون وعليها تفانى المحبون وبروح نسيمها تروح العابدون فهي قوت القلوب -كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله " - وغذاء الأرواح وقرة العيون , وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات, والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلامات, والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام, واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام, وهي روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال والتي متى خلت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه,, ومحبة الله عز وجل أيها الأخوة فطرة فطر الله القلوب عليها كما قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية "رحمه الله " فالقلب إنما خلق لأجل حب الله تعالى.. وهذه الفطرة التي فطر الله عليها عباده .. يقول: فالله تعالى فطر عباده على محبته وعباده وحده فإذا تركت الفطرة بلا فساد كان القلب عارفا بالله محباً له عابداً له وحده,, ومن لاحظ الأسماء والصفات كان حب الله عز وجل أعظم شيء لديه,,
إذا نظر الإنسان إلى الإحسان والإنعام والكمالات والجمال وما إلى ذلك لم يتخلف قلبه عن محبة الله وإنما يكون هذا التخلف كما قال ابن القيم لأردأ القلوب وأرذلها وأخبثها ويكون ذلك للقلوب البطالة, وعلى كل حال الكلام في هذا يطول.. كل محبوب سوى الله سرف وهموم وغموم وأسف.. كل محبوب فمنه خلف ما خلى الرحمن ما منه خلف , فليس للقلوب أيها الأحبة سرور ولا لذة تامة إلا في محبة الله والتقرب إليه بما يحبه , ولا تمكن محبته إلا بالاعراض عن كل محبوب سواه وهذا حقيقة لا إله إلا الله كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية " رحمه الله " , وعلى كل حال لعلي أكتفي بهذا وفيما يتعلق بالمحبة لأنا قد تكلمنا على ذلك كثيراً في الكلام عليها عند ذكر الأعمال القلبية.
والمقصود أن القلوب مفطورة على محبة المحسن الكامل ,, الله عزوجل له الكمال المطلق نحتاج أن نعرف هذه الحقيقة معرفة تلامس القلوب فيثمر ذلك بإذن الله عزوجل محبته والتعلق به ,, والمقصود أيها الأحبة أن الإنسان إذا شَهِد هذه الصفات صفات الكمال عموماً وعرفها أوجب له ذلك ألوان العبوديات وأقبل على الله عزوجل إقبالاً صحيحاً.. وصار نشط للعبادة ولا يستكثر شيئاً يبذله في سبيل الله عزوجل وسخر سمعه وبصره وماله وجوارحه ووقته في البذل والسعي في مرضاة الله جل جلاله.. فأسأل الله عزوجل أن يبارك لنا أيها الأحبة فيما نسمع وأن يجعل ذلك حجة لنا لاحجة علينا وأن يجعله سبيلاً لصلاح قلوبنا وأعمالنا وأحوالنا وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.. وأن يلطف بنا وأن يرحمنا وألا يشغلنا عن ذكره بذكر من سواه ,,
وعلى كل حال كان بقى خاتمة في هذا الموضوع فيما يتعلق بمراتب التعبد بأسماء الله وصفاته خاتمة يسيرة ولكن الوقت لم يسعف إليها فإن وجدت فرصة سامحة للكلام عليها بين الأذان والإقامة في أحد الأيام ذكرتها وإلا تركت ذلك,, ومن أحسن من تكلم على هذه القضية فيما وقفت عليه وقرأته الشيخ وليد الودعان في بحث اسمه التعبد با لا سماء والصفات لمحات علمية إيمانية هو نقل كما نقل غيره وتكلموا عن هذه القضية كثيرون نقلوا لشيخ الإسلام وابن القيم ولغيرهما لكن هذه الكتابة مختصرة وأبعد ماتكون عن التكلف ومُرتبة وهي أفضل ماقرأته في هذا الجانب فيما يتعلق بالتعبد في الأسماء والصفات .. لا أدري هو كتاب مطبوع أو لا لكنه موجود في الإنترنت -التعبد بالأسماء والصفات لمحات علمية إيمانية- حتى إني لما قرأته وكانت لربما آخر ماقرأته في هذا الجانب لم بدا من كتابة شكرٍ إليه لهذه الكتابة الجيدة الرصينة التي لا تجد فيها تكلفاً البتة,, وإلا فالكتابات كثيرة جداً منها ماهو مطبوع ومنها ماهو في الإنترنت وهي متفاوتة غاية التفاوت لكن هذا من أفضل ما وقفت عليه في هذا الجانب وهي مثال جيد للكتابات الحسنة التي تتسم بالاختصار والجودة والتأصيل والبعد عن التكلف وهذا من أهم الأشياء البعد التكلف,, من الناس من تقرأ صفحة واحدة له في كتاباته ترى التكلف ظاهر فيصرفك ذلك عن بقية الكتاب.. حتى أني تمنيت لو أنه كتب في كل الأسماء الحسنى بهذه الطريقة.
فأسأل الله عزوجل التوفيق والقبول للجميع
وصلى الله على نبيه محمد وصحبه
وفي الدرس القادم إن شاء الله سأتكلم عن الله عزوجل (اللـــه والإله)
و إن شاء الله نجتهد أن يكون في كل درس اسم واحد أو الأسماء المتقاربة يعني في معناها بحيث مايزيد عن درس واحد نعم
بالنسبة للمصادر أنا رأيت أني لا أستعجل في الكلام عليها
أقرأ منها أكثر لأن بعض الكتب جديدة علي فيكون الكلام عن الجميع بعد قراءة , وأكثر تأنياً , سأتكلم عليها ما نسيتها إن شاء الله .
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
قديم 12-03-08, 02:54 AM   #9
سمية ممتاز
جُهدٌ لا يُنسى
افتراضي


القاعدة العاشرة..

أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر
و هذا نحتاج إليه حينما يأتي إنسان يؤمن ببعض الصفات وينكر البعض الآخر فيقول مثلا أنا أثبت الحياة والإرادة والمشيئة والقدرة ، مثلا يقال له لماذا أثبتها ؟ يقول : لأن العقل دل عليها .طيب والرحمة ؟ قال : لا الرحمة إرادة الإحسان, والغضب ؟ قال : لا الغضب هو إرادة الانتقام ، ما يثبت هذه الأوصاف ، نقول له: إذا :! اذا كنت تقول بإثبات بعض الصفات فقل فيما نفيته كقولك فيما أثبته ، أنت تقول له مشيئة ونقول المخلوق له المشيئة ، قال : لا هذه المشيئة تليق بجلاله وعظمته ، طيب والإرادة ؟ قال: تليق بجلاله وعظمته, والقدرة ؟ قال : تليق بجلاله وعظمته, والحياة المخلوق حي ؟ قال : لاحياة تليق بجلاله وعظمته لا تشبه حياة المخلوق ، نقول له : قل فيما نفيته كما قلت فيما أثبته فهذا باب واحد لماذا تفرق؟ ،فنحن نثبت لله عز وجل الرضى على ما يليق -بجلاله وعظمته, والرحمة على ما يليق بجلاله وعظمته, والغضب على ما يليق بجلاله وعظمته,وغضبه تبارك وتعالى ليس كغضب المخلوق ورحمته تبارك وتعالى ليس كرحمة المخلوق كما أن إرادته ومشيئة وقدرته ليست كإرادة ومشيئة وقدرة المخلوق .


التعديل الأخير تم بواسطة أم أسماء ; 06-04-08 الساعة 09:00 PM
سمية ممتاز غير متواجد حالياً  
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 1
محب التوحيد
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
التوحيد أولاً يادعاة الإسلام أم خولة روضة العقيدة 2 14-02-15 10:05 PM


الساعة الآن 08:43 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2025,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .