العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة التزكية وآداب الطلب > روضة سير الأعلام

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 22-05-14, 09:40 AM   #11
أروى آل قشلان
|تواصي بالحق والصبر|
افتراضي

* دَوْرُ النُّصْرَة:

وكان الإمام أحمد، لا يلتفت إلى أحمد البدعة، ولا ينظر اليه،
وكان يرفض أَحيانًا محاجته؛ لأَنه عامي، فيزداد غيظ أَحمد البدعة، وينزل من عيون الحضور.
والإمام أحمد: في هذه المجالس المتعاقبة يرى أن الأخذ بالتقية، والإجابة في الفتنة: هضم للِإسلام والمسلمين،
فاستمر وهو صابر ثابت، محتسب، صَلْبٌ، مصمم، مصر على كلمة الحق، وقرع شبَه الباطل بحجج الحق الظاهر، ومَا ضُبطَ عليه لحن قط،
والناس في رحبة الدار خلق لا يحصيهم إلَّا الله تعالى في أيديهم الصحف والأَقلام والمحابر يكتبون ما يقوله أحمد.
وأما ما يصيبه من الأذى، والابتلاء على رؤوس الملا، فحدِّث ولا حرج:
إحضار الجلادين معهم السياط، يُضْرَبُ بها الإمام حتى يسقط، فإذا أفاق لُعن وسُبَّ،
ومع نخسه بقوائم السيوف، وسحبه على وجهه، وخلع يديه بشدهما في خشبتين حتى ينخلعا، وتطرح على ظهره الحصر والبواري،
والإمام أَحمد في كل هذه الأَحوال مقيد، وفي بعضها وهو في حال الصيام. استمر الإمام على هذه الحال ثمانية وعشرين شهرًا.
والمعتصم في هذه الأحوال، يرقُّ للإمام أحمد، ويقوٍل: لولا أَني وجدتك في يد من كان قبلي، ما عرضت لك، ويريد أن يُخلي سبيله،
وأحمد البدعة يصرفه عما يريد، ويهول عليه سوء العاقبة إن أطلقه وخَلَّى سبيله.
ثم استدعى المعتصم عَمَّ الإمام أحمد، وقال لهم: ها هو صحيح البدن، فقال: نعم، قال: سلمته إِليكم.
وما هذا إِلًا لعظم منزلة الإمام أَحمد في نفوس العامة والخاصة، فخاف أَن يموت من الضرب فتخرج عليه عامة بغداد، ولو خرجوا عليه لربما عجز عنهم.
وخلع عليه المعتصم ثيابًا ورياشا، فلما وصل أَحمد إلى داره
خلع ما كان عليه، وأَمر به فبيع، وتصدَّق بثمنه.
هذا ملخص خبر محنته أَيام المعتصم حتى مات المعتصم سنة (227 هـ) .
استمرت من السنة التي مات فيها المأمون إلى تَوَلِّي أَخيه المعتصم سنة (218 هـ) : ثمانية وعشرون شهرًا ابتداء من شهر جمادى الآخرة، حتى شهر ذي الحجة عن عام سنة (220 هـ)
وبعدها أَطلقه المعتصم من السجن، ورفع عنه المحنة وعن غيره، وعاش الإمام طليقًا يحضر الجمعة والجماعة، بعد برئه من مرض ما لحقه من الضَّرْبِ والتعذيب، يباشر التدريس، والفتوى، والتحديث وذلك لمدة سبع سنين دأبا حتى مات المعتصم سنة (227 هـ) .

* عفوه عمَّن آذاه إلَّا صاحب بدعة:

بدن يُعذب، لكن روحه في نعيم، وأنس بالله- عز وجل-، وصبر واحتساب في ذات الله، ونصرة دينه، وإيثار للدين على الدّنيا؛
لهذا لما أفلت الفتنة في عهد المعتصم، كان من سمو نفسه، وعالي خلقه، وشرف طبعه:
إعلانه العفو عن كل من آذاه وأنه في حل إلا صاحب بدعة، وجعل المعتصم في حِل يَوْمَ فتَحَ بابل، وعمورية.



توقيع أروى آل قشلان
إن نفترق فقلوبنـا سيضمها *** بيت على سحب الإخاء كبير
وإذا المشاغل كممت أفواهنا *** فسكوتنا بين القلوب سفير
بالود نختصر المسـافة بيننا *** فالدرب بين الخافقين قصير
والبعـد حين نحب لامعنى له *** والكون حين نحب جد صغير

التعديل الأخير تم بواسطة أروى آل قشلان ; 22-05-14 الساعة 09:45 AM
أروى آل قشلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-05-14, 09:42 AM   #12
أروى آل قشلان
|تواصي بالحق والصبر|
افتراضي

* المحنة في عهد الواثق: " دور استمرارها ":

مات المعتصم سنة (227 هـ) ، ثم تولى ابنه الواثق، وهو من أم وَلَدٍ كذلك، وكانت وفاته سنة (232 هـ) .
ولم يُؤثر عنه أَنه أَلحق بالإمام أَحمد أذى، أو محنة في الفتنة؛ لأَنه علم مقام الإمام أَحمد من العامة والخاصة، فخشي ثورتهم عليه،
ولأَن ذلك يزيد أَحمد منزلة عند الناس ويزيد فكره ذيوعًا وانتشارًا، لكن لقاء تحريك ابن أَبي دؤاد لها، وتأليفه للخليفة ضد الإمام أَحمد،
وتعاون قضاة السوء معه، وتخوفهم من الإمام أَحمد لمَّا انبسط في التحديث، كتب الواثق كتابه إلى عامله إِسحاق بن إِبراهيم،
ينهى فيه الإمام أَحمد عن مساكنته وليذهب حيث شاء عندئذِ قطع أَحمد التحديث في آخر سنة (227 هـ) واختبأ بين داره، ودُور أَصدقائه،
وما زال كذلك حتى هلك الواثق سنة (232 هـ) .
وفي موت المعتصم، تم تَوَلِّي الواثق، قال دِعْبِل بن علي الخزاعي المتوفى سنة (246 هـ) :
خليفة مات لم يحزن له أَحد وآخر قام لم يفرح به أَحد
ثم أَجج هؤلاء المبتدعة الفتنة مُتَسَتِّرِيْنَ بالواثق، فاشتد أَحمد البدعة، وأَذناب الفتنة، يتابعون علماء أهل السنة، ويمتحنونهم،
فاشتد أمر المحنة على علماء أهل السنة، وألحقهم صُنُوْفَ الأذى:
فسلَّط الواثق غَضْبَتَهُ على الإمام أَحمد بن نصر الخزاعي،
فقتله الواثق بيده؛ لامتناعه عن القول بخلق القرآن،
وذلك سنة (231 هـ)فرؤي أَحمد بن نصر حين قُتل، قال رأسه: " لا اله إلَّا الله ".
وكان رأسه إلى غير القبلة، فتديره الريح إلى القبلة، وبقي الرأس منصوبًا ببغداد، والبدن مصلوبًا بسامراء،
ست سنين إلى أن أَنزل سنة (237 هـ) فجُمع وَدُفِنَ- رحمة الله تعالى عليه-.
ولعل الدافع لقتله ما ذكر في ترجمته، من أَنه هو وسهل بن سلامة بَايَعَا الناس على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
لكن سهلا بايع المأمون لما قدم، فلزم ابن نصر بيته،
ثم تحرك في آخر أيام الواثق، فاحتشد الناس حوله، فخاف الواثق من تفاقم شأنه، في خبر يطول ذكره، فصار ما صار وإلى الله المصير.
وتسلط الواثق على الشيخ أبي عبد الرحمن عبد الله بن محمد الأَذرمي، شيخ أبي داود، والنسائي، وغيرهما،
فجيء به مسجونا، مقيدا، مهانًا، ليناظر أَحمد البدعة،
فجرت بينهما مناظرة طويلة كما في: " النجوم الزاهرة: 2/ 261- 262 ".
وانتهت المناظرة بخروج الأذرمي على ابن أبي دؤاد، فَحُلَّ قَيْدُ الشيخ،
وبكى الواثق، وصرفه مكرما
وقيل: إن الواثق تاب من القول بخلق القرآن بسببه.
والحافظ نعيم بن حماد مات في سجن الواثق.
ومن مصر صاحب الإمام الشافعي وتلميذه: البويطي- نسبة إلى بويط من عَمَلِ مصر-: أبو يعقوب يوسف بن يحيى القرشي؛ إذ جيء به مصفدًا بالحديد، فسجنه حتى مات في السجن سنة(231 هـ) في عهد الواثق.
وجريمته: أَنه لم يجب أَحمد البدعة إلى مقالته.
وكان من أمر الواثق لما استخلف أنه كتب إلى قاضي مصر محمد بن الحارث بن أبي الليث، المتوفى سنة (250 هـ) ببغداد: بامتحان الناس في القرآن،
فَهربَ كثير منهم، وملأ السجون بالكثير ممن أنكر المسألة، وكتب على أبواب المساجد " لا إله إلا الله رب القرآن وخالقه ".
ثم عوقب بالسجن، والضرب، والطرد، في ولاية المتوكل، نعوذ بالله من الخذلان والضلالة
(1)


__________________________

(1) انظرلسان الميزان: 5/110 -111

التعديل الأخير تم بواسطة أروى آل قشلان ; 22-05-14 الساعة 09:50 AM
أروى آل قشلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-05-14, 09:55 AM   #13
أروى آل قشلان
|تواصي بالحق والصبر|
افتراضي

* رفع الفتنة والمحنة في عهد المتوكل:


في عهد المتوكل جعفر بن المعتصم محمد بن هارون الرشيد - وهو من أم ولد كذلك- ولد سنة (206 هـ) وتوفي سنة (247 هـ) :
رفع الله به المحنة، وأَظهر السنة، وأَفل نجم التجهم والاعتزال، وكتب بذلك إلى الآفاق سنة (234 هـ) .
ووضعت الحرب أَوزارها، وفرح بذلك المسلمون، وخاب الفاتنون
.
(وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ)
والحمد لله رب العالمين.
هذا مجمل خبر القول بخلق القرآن، في أدواره الثلاثة:

فِتْنة، ثم مِحْنَةٌ ثم نُصْرَةٌ.

انتهى بفضل الله ومنِّه

من كتاب المدخل المفصل لمذهب الإمام أحمد
للشيخ العلامة : بكر أبو زيد - رحمه الله-
أروى آل قشلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-05-14, 01:08 PM   #14
فاطمة أم معاذ
|مسئولة الأقسام العلمية|
افتراضي

أمم قدر الله وماشاء فعل
أعتذر جدا اختي الكريمة أوبـة حرصت ألا أقطع الموضوع بمشاركة حتى تكملي ليبقى الكلام متصلا
ولكنك لم تضعي في المشاركة يتبع فظننتك أكملت



توقيع فاطمة أم معاذ

من وطن قلبه عند ربه سكن واستراح، ومن أرسله في الناس اضطرب واشتد به القلق
فاطمة أم معاذ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 22-05-14, 09:41 PM   #15
أروى آل قشلان
|تواصي بالحق والصبر|
افتراضي

حياكِ الله أختي الحبيبة
بل مداخلتكِ ومداخلات أخواتي الحبيبات أسعدتني وزادت الموضوع بهاءً
رحم الله إمام أهل السنة ورفع درجته في المهديين
أُثر عن أهل العلم قولهم : "نصر الله الإسلام بأبي بكر يوم الردّة ، وبأحمد يوم الفتنة."
فاللهم اجمعنا بهم في جنات النعيم وألحقنا بهم غير مبدلين ولا مغيرين.
أروى آل قشلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:12 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .