زوجي والمواقع المشبوهه

[عبد السلام بن إبراهيم الحصين]

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فأسأل الله أن يرد على زوجك عقله، وأن يكفيه شر نفسه، وشر الشيطان وشركه، وأن يحبب إليه الإيمان ويزينه في قلبه، ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان.
وأشكر الأختين الكريمتين على ما تفضلتا به من نصائح، وهي بحمد الله نافعة، ولها أثر في حل بعض جوانب المشكلة، وعسى أن يكون فيها نفع بإذن الله.
الإنسان في هذه الحياة مبتلى، ومعرض لأمراض تهاجم قلبه، وتصرفه عن ربه، وتعلقه بهذه الدار الفانية، وإذا كان زوجك قد ابتلي بمرض الشهوة، وافتتن بها، فقد ابتليت أنت بمحبته، والارتباط به، ثم بملاحقته ومتابعته، ومحاولة تصحيح مساره.
في الغالب أن مرض الشهوة يكون في فترة عمريه معينة، ثم قد يزول بالزواج، وقد يبقى، وبقاؤه خطير لأنه قد يستشرى هذا المرض في القلب حتى يحمله على فعل المحرمات الكبار، ويتدرج به في ذلك حتى يجره إلى الزنا والعياذ بالله، وربما أورثه بعد ذلك مرض الشبهة، فيخوض في دين الله مع الخائضين، ويتشكك في الآخرة وأمرها.
ولا أعتقد أن ملاحقتك له بهذا الشكل قد تؤدي إلى النتيجة المطلوبة، وبخاصة أنه أصيب بمرض الإدمان، فهو كمن ابتلي بالمخدرات، إذا صحا من تأثيرها حن إليها، وإذا وقع فيها ندم على فعله، وهكذا بين لوم وحنين، حتى يكون أسيرًا لها، لا يستطيع منها فكاكًا، وهو قد أدمن عليها، فيحن إليها، ويجد في نفسه دافعًا قويًا لمتابعتها، والتمتع بمناظرها، مع أنها لا تزيده إلا بلاء وحسرة وندامة.
وأعتقد أن الذي يمكن أن ينفع مع مثل هذا الشخص في هذه المرحلة من عمره ما يلي:
1- كثرة تخويفه بالله، ووعظه، وتذكيره بأنه يراه في كل لحظة، وخطر جعله أهون الناظرين إليه، وأن يغفل عن مراقبته ومحاسبته.
2- تذكيره بأمانة الولد والزوجة، وأن ما يفعله من المحرمات قد يظهر أثره سلبًا على زوجته، وعلى أولاده، فربما وقعت الزوجة في الحرام بسبب بعده عنها، وإعراضه عنها، وتعلقه بغيرها، وأن عقوبة الله له قد تصيب أولاده وبناته، ثم وقوعه في الزنا قد يجر عليه من الأمراض ما لا يخفى علمها، وهو يجرها إلى زوجته، وأن الله اعتبر الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة، والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك، وهذا من أعظم العقوبة، ومن أعظم المصائب التي تحل بالزوجة إن خانها زوجها، أو تقع بالزوج إن خانته زوجته، فهذه الأمانة في عنقه يجب أن تكون دائما له على بال، لأنها تعين على عصمته من الوقوع بتذكره لها، وخوفه من سؤال الله عنها.
3- خلق الوعي الداخلي لديه بحقيقة أمر الشهوة، وأنها وسيلة لا غاية، المقصود منها تحقيق المراد من خلق الإنسان في هذه الحياة وتكاثر النسل، وبقاء جنس الإنسان، وليس مقصودة لذاتها، بل إذا انحرفت عن هذه المقصود صار لها آثار سلبية كثيرة، من انتشار الأمراض، وتفكك الأسرة، وانعدام الرباط الاجتماعي، وظهور مشكلة اللقطاء.
4- البحث عن الصحبة الصالحة، والابتعاد به عن رفقاء السوء، فأكثر ما يفسد الشخص رفيقه وصاحبه، وأكثر من يصلح الشخص رفيقه وصاحبه؛ لأن الإنسان مدني اجتماعي، والأخلاق بين الناس تتعادى وتتناقل وتتبادل فيما بينهم، فكلما كان الصديق صالحًا، كلما انطبعت أخلاقه في نفس صاحبه، وتأثر بها، والعكس بالعكس.
5- تخويفه من الفضيحة في الدنيا، وظهور آثار هذا الفعل عليه، ودمار بيته بسبب ذلك، وتفرق أولاده، وهلاك ماله في البحث عن اللذة الفانية.
6- محاولة الانتقال معه في عمله في السعودية، أو في أي مكان يذهب إليه، حتى تقل أوقات الفراغ لديه.
7- محاولة إشباع شهوته بالحلال فيما يريد، وقد ذكرت الأخوات في استشارتهن شيئًا من ذلك، والنساء أدرى بهذا من الرجال.
هذا ما ظهر لي الآن مما يمكن أن يكون له أثر في هدايته.
ثم القلوب بعد ذلك كلها بيد الله، يصرفها كيف يشاء، فعسى الله أن ينير قلبه، ويدفع عنه مرض الشهوة، وينور جوارحه بنور الإيمان.
والسلام عليكم ورحمة الله