العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . الأقسام الدعوية والاجتماعية . ~ . > روضة الداعيات إلى الله > خواطر دعوية

الملاحظات


خواطر دعوية واحة للخواطر الدعوية من اجتهاد عضوات الملتقى أو نقلهن وفق منهج أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-12-14, 01:01 AM   #1
ايان محمد حسين
معلمة بمعهد خديجة
مشرفة في معهد العلوم الشرعية
| طالبة في المستوى الثاني 3|
Mm ******* الوقت واهميته في حياة المسـلم *******





في القرآن الكريم سورةٌ قصيرةٌ، كان الرَّجلانِ مِن أصحابِ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا الْتَقَيَا لم يتفرَّقا حتى يتلوَ أحدُهما على الآخر هذه السورة، وكان الإمامُ الشافعيُّ رحمه الله تعالى يقول : لو تدبَّر الناسُ هذه السورة لَكَفَتْهُم، سورة قصيرة تحوي مضامين كبيرةسورة قصيرة تحوي مضامي هذه السورةُ ترسمُ منهجًا كاملاً للحياة البشرية، كما يريدُها خالقَ البشرية ، فعلى امتدادِ الزمانِ في جميعِ العصور، وعلى امتدادِ المكانِ في جميع الدهور، ليسَ أمامَ الإنسانِ إلا منهجٌ واحدٌ رابحٌ، وطريق واحد سالك إلى جنةِ الخُلدِ، وكلُّ ما وراء ذلك ضياعٌ، وخسارةٌ وشقاء، إنها سورة العصر، قال تعالى: ﴿ وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ [سورة العصر: الآية 1-2]
أقسم الله عز وجل بمطلق الزمن



لقد أَقْسمَ اللهُ جلّ جلالُه بمطلق الزمن، العصر، لهذا الإنسانِ الذي هو في حقيقته زمنٌ، فهو بِضْعَةُ أيام، كلما انقضى يومٌ انقضى بِضْعٌ منه

حديث قدسي:يث قدسي:((وما مِن يوم ينشقُّ فجرُه إلا وينادي: يا ابن آدم، أنا خلقٌ جديدٌ، وعلى عملِك شهيدٌ ، فتزوَّدْ منِّي، فإني لا أعود إلى يوم القيامة))

تأكيدالله بان الانسان خاسر

لقد أقسمَ اللهُ بالزمن للإنسان أنّه في خُسرٍ ، بمعنى أنَّ مُضِيَّ الزمنِ وحدَه يستهلكُ عُمُرَ الإنسان الذي هو رأسُ ماله، ووعاءُ عملِه الصالحِ، الذي هو ثمنُ الجنة التي وَعَدَه اللهُ بها ..
باستثمارالوقت تتلافى الخسارة

هلِ الخسارةُ في العُرْفِ التِّجاريِّ إلا أنْ تُضَيِّعَ رأسَ مالِكَ مِن دون تحقيقِ الربحِ المطلوب، لكنّ الإنسانَ إذا استثْمرَ الوقتَ فيما خُلِقَ له، يستطيع أنْ يتلافَى هذه الخسارةَ، وذلك بالإيمانِ، والعملِ الصالحِ، والتواصي بالحقِّ، والتواصي بالصّبرِ
قال تعالى:﴿ وَالْعَصْرِ*إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ*إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾[سورة العصر : الآية 1-3]

عمل كبير بعمر قصير
ولاً: الإيمان:

﴿ إلاّ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾انّ الإيمانَ هو اتصالُ هذا الكائنِ الإنسانيّ الصغيرِ، الضعيف الفاني، المحدود، بالأصل المطلقِ الأزليّ الباقي، الذي صدرَ عنه هذا الوجودُ، وعندئذٍ ينطلقُ هذا الإنسانُ من حدود ذاته الصغيرة، إلى رحابةِ الكون الكبير، مِن حدودِ قوته الهزلية، إلى عظمة الطاقات الكونية المخبوءة، من حدود عمره القصير، إلى امتدادِ الآبادِ التي لا يعلمُها إلا اللهُ، هذا الاتصالُ فضلاً على أنه يمنحُ الإنسانَ القوةَ، والامتدادَ والانطلاقَ، فإنه يمنحُه السعادةَ الحقيقيةَ التي يَلْهَثُ وراءها الإنسانُ، وهي سعادةٌ رفيعةٌ وفرحٌ نفيسٌ، وأُنْسٌ بالحياةِ، كَأُنْسِ الحبيبِ بحبيبِه، وهو كَسْبٌ لا يعدِلُه كسبٌ، وفقدانُه خسرانٌ لا يعدِله خسرانٌ، وعبادةُ إلٍه واحدٍ ترفعُ الإنسانَ عن العبوديةِ لسواه، فلا يذلّ لأحد، ولا يحني رأسَه لغير الواحد القهار، فليس هناك إلا قوةٌ واحدةٌ، ومعبودٌ واحدٌ، وعندئذٍ تنتفي مِن حياةِ الإنسانِ المصلحةُ، والهوى، ليحلّ محلَّها الشريعةُ ]

[U]ثانياً:


﴿ إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ ﴾
الإيمان حقيقة متحركة



[COLOR="Purple"]ولأنّ الإيمانَ حقيقةٌ إيجابيةٌ متحركةٌ، كان العملُ الصالحُ هو الثمرةَ الطبيعيةَ للإيمان، فمَا إنْ تستقرَّ حقيقةُ الإيمانِ في ضميرِ المؤمنِ حتّى تسعَى بذاتِها إلى تحقيق ذاتِها في صورةِ عملٍ صالحٍ، فلا يمكنُ أنْ يظلَّ الإيمانُ في نفسِ المؤمنِ خامداً لا يتحرّك، كامنًا لا يَتَبَدَّى، فإنْ لم يتحرّكِ الإيمانُ هذه الحركةَ الطبيعيةَ فهو مزيَّفٌ، أو ميتٌ، شأنُه شأنُ الزهرةِ ينبعثُ أريجُها منها انبعاثاً طبيعياً، فإنْ لم ينبعثْ منها أريجٌ فهو غيرُ موجود[

/COLOR]العمل الصالح ينبعث من دوافع ويتجه الى اهداف

والعملُ الصالحُ ليس فلتةً عارضةً، ولا نزوةً طارئةً، ولا حادثةً منقطعةً، إنما ينبعثُ عن دوافعَ، ويتّجهُ إلى أهدافٍ ، ويتعاونُ عليه المؤمنون .

الإيمان عمل ايجابي هادف:

[COLOR="Sienna"]الإيمانُ ليس انكماشاً، ولا سلبيةً، ولا انزواءً، ولا تَقَوْقُعاً، بل هو حركةٌ خَيِّرَةٌ نظيفةٌ، وعَمَلٌ إيجابيٌّ هادفٌ، وعمارةٌ متوازنةٌ للأرض، وبناٌء شامخٌ للأجيال، يتّجهُ إلى الله ويليقُ بمنهج الله، ورَحِمَ اللهُ عمرَ بنِ عبد العزيز إذ يقول: إن اللّيل والنهار يعملان فيك فاعمل فيهما، ويأخذان منك، فخذ منهما..

كلما اتسعت رقعة العمل عمّ الخير

كلما اتَسعتْ رقعةُ العملِ فشملتْ أعداداً كبيرةً من بَني البشرِ حتى دخلتْ فيه الأممُ والشعوبُ، وكلّما امتدّ أمدُ العملِ وطالَ حتى توارثتْ ثمارَه أجيالٌ وأجيالٌ، وكلما تغلغلَ العملُ في كيانِ الإنسانِ كلِّه؛ الماديّ والنفسيّ، والاجتماعيّ، والروحيّ، حتى تحقَّق به وجودُ الإنسان وتألّقتْ من خلاله إنسانيتُه، وكان كما أريد له أن يكون، إذاً كلما اتسعتْ رقعةُ العمل، وعَمَّ خيره، وطالَ أمدُه، واشتدَّ تأثيرُه ، كانَ أعظمَ عندَ اللهِ ...

اعمال جليلة قام بهاالنبي صلى الله عليه وسلم جليلة قام بها النبي صلى الله عليه وسلم

هذه صفاتُ العملِ الصالحِ، فالنبيّ صلى الله عليه وسلم أَخْرَجَ الناسَ مِن الظلمات إلى النور، ومِن دَرَكَاتِ الجاهليةِ إلى أعلى مراتبِ الإنسانية، وغيَّر وجهَ التاريخِ البشريّ كله، إلى اليوم، وإلى ما شاء الله، في ثلاث وعشرين سنة، أقامَ فيها دينًا جديداً، وربَّى عليه جيلاً فريداً، وأنشأ أمّةً مثاليةً، وأسّسَ دولةً عالميةً، في هذا الزمن اليسير، على الرغم مِن كلّ الصعوباتِ والعوائقِ التي اعترضتْ سبيلَه مِن أوّل يومٍ

تزايدثقل العمل في ميزان الحق




ويزدادُ ثقلُ العملِ في ميزانِ الحقِّ، وتتضاعفُ قيمتُه ومثوبتُه عند الله كلما كثرتْ العوائقُ في سبيله، وعظُمتِ الصوارفُ عنه، وقَلَّ المُعينُ عليه ..

ويزدادُ ثقلُ العملِ في ميزان الحقِّ، وتتضاعفُ قيمتُه ومثوبتُه عند اللهِ حينما تَفْسُدُ المجتمعاتُ، وتضطرب الأحوالُ، فيجور الأمراءُ، ويتجبّرُ الأقوياءُ - كما ترون - ويترفُ الأغنياءُ، ويداهِن العلماءُ، وتشيع الفاحشةُ، ويظهرُ المنكرُ، ويختفي المعروفُ، وفي الحديث عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :(( الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ))[أخرجه مسلم والترمذي]

التوفيق في إنفاق الوقت

وهنا محلُّ الإشارةِ إلى أنّ الإنسانَ إذا رُزِقَ التوفيقَ في إنفاقِ وقتهِ يستطيعُ أنْ يُطيلَ عمرَه إلى ما شاء الله بعد موته ، فيحيا وهو ميت، ويؤدّي رسالتَه وهو تحت التراب ففي الحديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال:((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ ، إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ))[أخرجه مسلم عن أبي هريرة]

خسارة المؤمن العمل الصالح
فكيف إنْ لم يكن له عملٌ أصلاً، ووافتْه المنيّةُ !!
وفي حديثٍ آخرَ تضمّنَ تفصيلاتٍ لهذه الثلاث، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
(( إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لِابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ))[رواه ابن ماجه وابن خزيمة في صحيحه]

ويل لامة انقضى اجلهاوآثامهاباقيه من بعدها:

وأَخرجَ مسلمٌ في صحيحه أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال:(( مَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ لَهُ مِثْلُ أَجْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا ، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْءٌ، وَمَنْ سَنَّ فِي الْإِسْلَامِ سُنَّةً سَيِّئَةً فَعُمِلَ بِهَا بَعْدَهُ كُتِبَ عَلَيْهِ مِثْلُ وِزْرِ مَنْ عَمِلَ بِهَا، وَلَا يَنْقُصُ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْءٌ))[رواه مسلم والنسائي عن جرير بن عبد الله]
فوَيْلٌ، ثم ويلٌ، ثم ويلٌ، لِمَنِ انقضتْ آجالُهم، وضلالاتُهم، وآثامُهم باقيةٌ مِن بعدهم وهنيئاً، ثم هنيئًا، ثم هنيئًا لِمَن كانوا تحت الثرى، والناسُ مهتدُون بهديهم سعداء بأعمالهم..



قول صاحب الحكم العطائية:
قال صاحب الحكم العطائية: رُبَّ عُمُرٍ اتَّسعت آمادُه، وقلَّتْ أمدادُه، ورُبَّ عُمُرٍ قليلةٌ آمادُه، كثيرةٌ أمدادُه، ومَنْ بوركَ له في عُمرِه أدركَ في يسيرٍ مِنَ الزمنِ مِنَ المِنَنِ ما لا يدخلُ تحتَ دائرةِ العبارةِ ، ولا تلحقُه وَمْضَةُ الإشارةِ .
[شرح الحكم العطائية للشرنوبي]


ثالثا:

﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾

لقد شاءتْ حكمةُ الله جل جلاله أنْ تكون الدنيا دارَ ابتلاءٍ بالشَّرِّ والخيرِ، ودارَ صراعٍ بين الحقِّ والباطلِ، لذلك كان التواصي بالصبر ضرورةً للفوزِ بالابتلاءِ، والغلبةِ في الصراعِ





التواصي بالبر مغالبة الهوى:

إذاً: لا بد مِنَ التواصي بالصبر على مغالبةِ الهوى، وعنادِ الباطل، وتحّملِ الأذى وتكبّدِ المشقةِ، لذلك يعدُّ الصبرُ وسيلةً فعالةً لتذليلِ العقباتِ، ومضاعفةِ القدراتِ، وبلوغِ الغاياتِ، قال تعالى﴿ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ﴾[سورة النساء الآية: 104]

العبرة في ا ستثمار ا لوقت:

العبرةُ ليست في إنفاقِ الوقتِ، بل في استثماره، فالوقتُ إذا أنفقناهُ ضاعَ، أما إذا استثمرناهُ فسينمو، ويُؤتِي ثمارَه في مستقبلِ حياتنا، وللأجيال القادمة ..


ادارة الوقت وحسن ا نفاقه لئلا تكون الخسارة


إذًا كيف يُنفقُ المسلمُ الزمنَ إنفاقاً استثماريًّا؟ لئلاّ تُحقَّق به الخسارةُ، إنَّ هذا ما يسمَّى (إدارة الوقت)
************************وللحديث بقية *********************
فلتنتظروني



التعديل الأخير تم بواسطة ايان محمد حسين ; 01-12-14 الساعة 01:07 AM
ايان محمد حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 01-12-14, 01:55 AM   #2
ايان محمد حسين
معلمة بمعهد خديجة
مشرفة في معهد العلوم الشرعية
| طالبة في المستوى الثاني 3|
Sss الوقت واهميته في حياة المسلم

عدنا اليكن لنستكمل الحديث

لا يمكن تعويض ا لوقت:
الوقتُ في حياةِ المسلمِ عبادةٌ ممتدَّةٌ، أمّا الوقتُ في الثقافةِ الغربيةِ، والنظرياتِ الماديةِ، فإنه لا يخرج عن نطاقِ المثل الشائع: " الوقت هو المال " وإذا وَازَنَّا هذه العبارةَ بقولِ الحسنِ البصري رحمه الله تعالى: أدركتُ أقواماً كان أحدهم أشحَّ على عمره منه على دراهمه ودنانيره، نَستنتجُ أنّ الوقتَ عندَ المسلمِ أغلى مِنَ المالِ، ذلك أنّ المسلمَ يُدرك أنّ المالَ يمكنُ تعويضُه، بينما الوقتُ لا يمكن تعويضُه

الوقت أثمن من المال

الإنسانُ حينما يَحرقُ مبلغاً كبيراً مِنَ المال يُحكَم عليه بالسَّفَهِ، ويُحْجَر على تصرفاتِه، ولأنه مركَّبٌ في أعماقِ الإنسانِ أنّ الوقتَ أثمنُ مِنَ المالِ، بدليلِ أنه يبيعُ بيتَه الذي يسكنُه ولا يملكُ شيًا سِوَاهُ ليُجريَ بثمنِه عمليةً جراحيةً، متوهِّمًا أنّها تزيدُ في حياتِه سنواتٍ عدةً، فالوقتُ عندَ كلّ إنسانٍ أثمنُ مِنَ المال، وبناءً على هذه المُسَلَّمَةِ فإنّ الذي يُتلفُ وقتَه أشدُّ سَفَهاً مِنَ الذي يُتْلِفُ مالَه

إدارة الوقت ا ثمن من ذهب :
إدارةُ الوقتِ هِي فعلُ ما ينبغي، على الوجهِ الذي ينبغي، في الوقتِ الذي ينبغي الوقتُ مِن ذَهَبٍ، بل أغلى من الذهب، بل هو لا يُقدَّر بثمن، إنه أنت، ويُعَدُّ الوقتُ أحدَ أربعةِ مواردَ أساسية في مجال الأعمالِ؛ المواد، والمعلومات، والأفراد، ثم الوقتُ الذي يُعدّ أكثرَها أهميةً، لأنه كلما تَحَكّمَ الفردُ في وقتِه بمهارةٍ وإيجابيةٍ استطاعَ أن يستثمرَه في تحقيقِ أقصى عائدٍ ممكنٍ مِنَ المواردِ الأخرى؛ حيث إنّ الفردَ عندما يديرُ وقتَه بشكلٍ فعّالٍ هو في الحقيقة يديرُ نفسَه، وعبادتَه، وعملَه، ودنياهُ إدارةً فعّالةً

الواقعية في ادراك الوقت لتلافي الخسارة المترتبة من سوء ادارته

كي نكونَ واقعيّين، إنْ لم يكنْ بالإمكانِ استثمارُ كلِّ الوقتِ، فعلى الأقلِّ يمكنُ أنْ نستثمرَ أكبرَ قدْرٍ مِنه .وعلى الرغمِ مِن هذه الأهميةِ الكبيرةِ للوقتِ، فإنّ أكثرَ العناصرِ والمواردِ هدراً، وإنّ أقلَّها استثماراً، سواء من الجماعات، أو من الأفراد، هو الوقتُ، ويعود هذا لأسبابٍ عدّةٍ، أهمّها عدمُ الإدراكِ الكافي للخسارةِ الكبيرةِ المترتبةِ على سُوءِ إدارتِه ..


الوقت سريع الانقضاء

الوقتُ مَوْرِدٌ نادرٌ، لا يمكن تجميعُه، ولأنّه سريعُ الانقضاءِ، وما مضى منه لا يرجع ، ولا يعوَّض بشيء، كان الوقتُ أنفسَ وأثمنَ ما يملكُ الإنسانُ، وترجعُ نفاستُه إلى أنه وعاءٌ لكلِّ علمٍ، ولكلِّ عملٍ، ولكلِّ عبادةٍ، فهو في الواقعِ رأسُ المالِ الحقيقيّ للإنسانِ، فرداً ومجتمعاً..
إضاعة الوقت من دون اهداف مجدية:


ومِنْ هذا المنطلقِ يعدُّ الوقتُ أساسَ الحياةِ، وعليه تقومُ الحضارةُ، فصحيحٌ أنّ الوقتَ لا يمكن شراؤُه، ولا بيعُه، ولا تأجيرُه، ولا استعارتُه، ولا مضاعفتُه، ولا توفيرُه، ولا تصنيعُه، ولكن يمكن استثمارُه وتوظيفُه، أولئك الذين لديهم الوقتُ لإنجازِ أعمالِهم، ولديهم أيضاً الوقتُ لمعرفةِ ربِّهم، وعبادتِه، والتقرّبِ إليه، عرفوا قيمتَه، هم يستثمرون كلَّ دقيقةٍ مِن وقتهم، ولذا فإدارةُ الوقتِ لا تنطلقُ إلى تغييرِه، أو تعديلِه، أو تطويرِه، بل إلى طريقةِ استثمارِه بشكلٍ فعّالٍ، ومحاولةِ تقليلِ الوقتِ الضائعِ هَدْراً مِن دون فائدةٍ 0

الوقت يمر بسرعه محدودة


يؤكِّد بعضُ العلماءِ منذ زَمَنٍ قديم أنَّ الوقتَ يمرُّ بسرعةٍ محدّدةٍ وثابتةٍ، فكلُّ ثانيةٍ أو دقيقةٍ، وكلُّ ساعةٍ تشبهُ الأخرى، وأنّ الوقتَ يسيرُ إلى الأمامِ بشكلٍ متتابع، وأنه يتحركُ وَفقَ نظامٍ معيَّن مُحكَم، لا يمكن إيقافُه، أو تغييرُه، أو زيادتُه، أو إعادةُ تنظيمه



مرور الوقت بانتظام، وتساوي الناس في المدة الزمنية

الوقت من نعم الله الكبرىالوقت نعمة من نعم الله الكبرى
الوقتُ نعمةٌ عظيمةٌ، تؤكِّد السُّنّةُ المطهّرةُ ما جاء في القرآن الكريم مِن أنّ الوقتَ مِنْ نِعَمِ الله على عباده، وأنهم مأمورون بحفظه، مسئولون عنه تشتالغالي وتبيع بالرخيص
فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنه(( نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ، الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ ))[رواه البخاري ، والترمذي ]
ومعنى قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم(( كَثِيرٌ مِنْ النَّاسِ)) أيْ الذي يُوَفَّقُ لذلك قليلٌ فقد يكون الإنسانُ صحيحاً، ولا يكون متفرِّغاً لشغله بالمعاش، وقد يكون مستغنيًا، ولا يكون صحيحاً ، فإذا اجتمعا - الصحةُ والفراغُ - فغَلَبَ على الإنسان الكسلُ عن الطاعة فهو المغبونُ، والغبنُ أنْ تشتريَ بأضعافِ الثمنِ، وأنْ تبيعَ بأقَلّ مِن ثمنِ المِثْلِ

مسؤولية الوقت


الوقتُ مسؤوليةٌ كبرى، فقد قال عليه الصلاة والسلام
(( لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمُرِهِ فِيمَ أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَ فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ، وَفِيمَ أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَ أَبْلَاهُ ))[رواه الترمذي عن أبي برزة]


ارتباط الوقت بالعبادة:

الوقتُ وعاءُ العبادةِ، فالصلاةُ والزكاةُ والصيامُ والحجُّ ونحوُها عباداتٌ محددَّةٌ بأوقاتٍ معيَّنةٍ لا يصحّ تأخيرُها عنها، وبعضُها لا يُقْبَل إذا أُدِّيَ في غير وقته، فهي مرتبطةٌ ارتباطاً وثيقاً بالوقتِ، الذي هو عبارة عن الظرفِ أو الوعاء الذي تُؤَدَّى فيه

الوقت في حياة النبي عليه الصلاة والسلام


لقد عرف النبي صلى الله عليه وسلم قيمةَ الوقت، فجعلتَه ظرفاً لبطولاتٍ تعجزُ عن صنعَها الأممُ والشعوبُ، حتّى أقسمَ اللهُ في عليائه بِعُمُرِكَ الثمينِ، فقال تعالى ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾[سورة الحجر: الآية 72]

أـ النبي عليه الصلاة والسلام ربى أصحابه على قيمة الوقت

وربى أصحابه على معرفة قيمة الوقت، حتى أن سيدنا علياً رضي الله عنه قال والله لو كُشف الغطاء ما ازددت يقيناً، ولو علمتُ أن غداً أجلي ما قدرتُ أن أزيد في عملي

ب ـ حرص النبي على قيمة الوقت
وكان عليه الصلاة والسلام مِن أَشَدِّ الناسِ حِرْصاً على وقته، وكان لا يَمضي له وقتٌ مِن غير عَمَلٍ لله تعالى ، أو فيما لا بدّ له لصلاحِ نفسه ، يقول علي بن أبي طالب رضي الله عنه يصف حالَ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((كان إذا أَوَى إلى مَنْزله جَزَّأ دُخولَه ثلاثة أجزاء: جُزءا للّه، وجُزءا لأهلْه وجُزءا لنَفْسه، ثم جَزَّأ جُزْءَهُ بَيْنَهُ وبين الناس، فَيردَ ذلك على العامَّة بالخاصَّة ))[رواه ابن سعد والبيهقي ]
أهمية الوقت في السنة النبوية
وفي السنة النبوية الشريفة إشارات إلى أهمية الوقت :فعن أبن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (( اِغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغِكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ ))[أخرجه الحاكم والمنذري]
بل في حديث رائع عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :((إِنْ قَامَتْ السَّاعَةُ وَبِيَدِ أَحَدِكُمْ فَسِيلَةٌ فَإِنْ اسْتَطَاعَ أَنْ لَا يَقُومَ حَتَّى يَغْرِسَهَا فَلْيَفْعَلْ))[أخرجه أحمد ]
م
مقولة لابن القيم:
لابن القيم رحمه الله تعالى قول في قيمة الوقت في حياة المسلم، يقول: فالعارفُ ابنُ وقتِه، فإنْ أضاعَه ضاعت عليه مصالحُه كلها.




من جَهِل قيمةَ الوقتِ فسيأتي عليه موقفان خطيران، يتذكّر فيهما قيمةَ الوقت

الموقف الاول:

**ساعةُ الاحتضارِ، حينَ يودِّع الدنيا، ويستقبلُ الآخرة، ويتمنّى لو مُنِحَ مهلةً من الزمن، وأُخِّر إلى أجلٍ قريبٍ، ليُصلِحَ ما أفسدَ، وليتداركَ ما فاتَ..
قال تعالى﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾[سورة المنافقون الآية: 9-10]

ويأتي الرد الإلهيّ
﴿ وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾[سورة المنافقون الآية: 11]

الموقف الثاني::

في الآخرة، حيث تُوفَّى كلُّ نفسٍ ما عملتْ، وتُجزَى بما كسبت، ويدخل أهلُ الجنةِ الجنةَ، وأهلُ النارِ النارَ، هناك يتمنّى أهلُ النارِ لو يعودون إلى دارِ التكليفِ، ليعملوا عملاً صالحاً، ولكنْ هيهاتَ هيهاتَ، فقد انتهى زمنُ العمل، وجاء زمنُ الجزاءِ، قال تعالى﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُور ٍ* وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ نَصِيرٍ ﴾[سورة فاطر الآية: 36-37]
تحذير القرآن الكريم من الغفلة

القرآنُ يحذِّر مِنَ الغفلة أشدَّ التحذير، قال تعالى﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ ءَاذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾[سورة الأعراف الآية: 179]

آفة تصيب الانسان وهي التسويف

آفةٌ أخرى تصيبُ الناسَ، إنها التسويفُ، غدًا، وبَعْدَ غدٍ، وسوف أتوبُ، وبعْد انتهاء العام الدراسي، وبعد تأسيسِ المحلِّ، وبعْد الزواجِ، آفة أخرى هي التسويف
قال الحسن البصري رحمه الله :
"إيّاكَ والتسويفَ، فإنّك بيومِك، ولستَ بغدك، فإنْ يكن غدٌ لك، فكنْ في غدٍ كما كنتَ في اليوم، وإنْ لم يكن لك غدٌ، فلنْ تندمَ على ما فرَّطتَ في اليومِ"



خيرالزاد زاد التقوى

ولله دَرُّ مَنْ قال: تزود من التقوى فإنك لا تدري إذا جن ليل هل تعيش إلى الفجر فَكَمْ مِن سَليمٍ مَات مِن غيرِ عِلّة، وَكَمْ مِن سقيمٍ عَاشَ حِيناً مِنَ الدَّهْر، ِوَكَمْ مِن فتًى يُمسي ويُصبحُ آمناً وقد نُسِجَتْ أكفانُه وهو لا يَـدْرِي



جعلناالله واياكنّ من يعمرون اوقاتهم بالطاعات وختم لناولكنّ بالصالحات من الاعمال وجمعني الله بكنّ في مستقر رحمته..
مماقرأت فاحببت ان الخصه لتعم الفائدة للجميع...



التعديل الأخير تم بواسطة أروى آل قشلان ; 01-12-14 الساعة 07:12 AM سبب آخر: حذف صورة ..
ايان محمد حسين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أهمية الوقت في حياة المسلم أم عبد البر ومصعب روضة المتحابات في الله 1 05-04-10 05:17 PM
الحياة فرص وغصص رقية مبارك بوداني روضة آداب طلب العلم 0 17-02-10 03:20 AM


الساعة الآن 06:32 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .