العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة القرآن وعلومه

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-05-11, 05:36 AM   #31
ام الشيماء
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 31-01-2010
العمر: 60
المشاركات: 615
ام الشيماء is on a distinguished road
افتراضي

كيف نعمل بمقتضى هذا النداء ؟



مدار العمل كله على الإخلاص بل هو أول شرط
من شروط العمل الصالح


فلابد من الإخلاص واستحضار النية
وطلب العون من الله في ذلك


قبل العمل للتغلب على الشيطان الذي لا يألو جهدا
في تثبيط العبد أو بإيقاعه في شباك الرياء



أثناء العمل وذلك بالإخلاص واستحضار النية
والابتعاد عما من شأنه إحباط العمل كالرياء والسمعة
وحب الثناء والمحمدة


بعد العمل بالاستعانة بالله على الحفاظ عليه
من المن والأذى و التسميع وغيرها من المحبطات
سواء منها المتصل بالعمل أو الخارج عنه.


وقد يقال
بما أن مدار العمل على الإخلاص ،فكيف لنا أن نحققه؟



عن هذا السؤال يجيبنا ابن القيم رحمه الله قائلا


"لا يجتمع الإخلاص في القلب ومحبة المدح والثناء والطمع
فيما عند الناس إلا كما يجتمع الماء والنار
والضب والحوت

فإذا حدَّثتك نفسك بطلب الإخلاص
فأقبل على الطمع أولًا فاذبحه بسكين اليأس
وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد
عشاق الدنيا في الآخرة


فإذا استقام لك ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح
سَهُل عليك الإخلاص


فإن قلت: وما الذي يُسَهِّل عليّ ذبح الطمع والزهد
في الثناء والمدح؟



قلت: أما ذبح الطمع فيُسَهِّله عليك علمك يقينًا
أنه ليس من شيء يُطْمَع فيه إلا وبيد الله وحده
خزائنه لا يملكها غيره
ولا يُؤتي العبد منها شيئًا سواه

وأما الزهد في الثناء والمدح
فيُسَهِّله عليك علمك أنه ليس أحد ينفع مدحه ويَزِين
ويضرُّ ذمُّه ويَشِين إلا الله وحده


كما قال ذلك الأعرابي للنبي -صلى الله عليه وسلم
" إن مدحي زَيَنٌ وذَمِّي شين"
فقال: (ذلك الله -عز وجل-).(1)



فازهد في مدح من لا يَزِيُنك مدحه
وفي ذمِّ من لا يَشِنيُك ذمُّه
وارغب في مدح من كل الزين في مدحه
وكل الشَّين في ذمه


ولن يُقْدَر على ذلك إلا بالصبر واليقين
فمتى فقدت الصبر واليقين
كنت كمن أراد السفر في البحر في غير مركب


قال تعالى
{فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ}[الروم: 60]


وقال تعالى
{وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24] ")


ا.هـ( المرجع: فوائد الفوائد
للإمام ابن القيم -رحمه الله-)



الله تعالى طيب لايقبل الا طيبا ..
فهو لا يقبل إلا الطيب من الكسب ومن النوايا


على المرء الأ يطمئن لكونه وُفق لعمل الصالحات
حيث أنه ليس العبرة بصلاح العمل وحسب


ولكن العبرة بالمحافظة عليه من المحبطات فكما ان الحسنات
تذهب السيئات
فكذلك السيئات فإنها تُحبط الأعمال الصالحات ..

وعلينا تجديد النية دائما مخافة الوقوع في الرياء
او الاتصاف بصفات المنافقين


ملتقى الأكاديمية المفتوحة بتصرف يسير
نفعنا الله وإياكم
آمين

~~~

(1)(عن الأقرع بن حابس أنه قال إن مدحي زين
وإن ذمي شين فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم"
ذاك الله الذي لا إله إلا هو" )
الراوي: الأقرع بن حابس المحدث: العراقي
المصدر: تخريج الإحياء - الصفحة أو الرقم: 3/382
خلاصة حكم المحدث: رجاله ثقات إلا أني لا أعرف لأبي سلمة بن عبد الرحمن سماعا من الأقرع
ام الشيماء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-11, 03:10 PM   #32
ام الشيماء
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 31-01-2010
العمر: 60
المشاركات: 615
ام الشيماء is on a distinguished road
افتراضي


والآن نحيا مع النداء التاسع
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ

وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ
وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ
وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ } (1)
يقول الشيخ السعدي_ رحمه الله
في تفسير هذه الآية

يأمر تعالى عباده المؤمنين
بالنفقة من طيبات ما يسر لهم من المكاسب
ومما أخرج لهم من الأرض فكما منَّ عليكم بتسهيل تحصيله فأنفقوا منه
شكرا لله وأداء لبعض حقوق إخوانكم عليكم
وتطهيرا لأموالكم
واقصدوا في تلك النفقة الطيب الذي تحبونه لأنفسكم
ولا تيمموا الرديء الذي لا ترغبونه ولا تأخذونه
إلا على وجه الإغماض والمسامحة
{ واعلموا أن الله غني حميد }
فهو غني عنكم ونفع صدقاتكم وأعمالكم عائد إليكم
ومع هذا فهو حميد على ما يأمركم به
من الأوامر الحميدة والخصال السديدة
، فعليكم أن تمتثلوا أوامره لأنها
قوت القلوب وحياة النفوس ونعيم الأرواح
، وإياكم أن تتبعوا عدوكم الشيطان الذي يأمركم بالإمساك
، ويخوفكم بالفقر والحاجة إذا أنفقتم
، وليس هذا نصحا لكم، بل هذا غاية الغش
{ إنما يدعو حزبه ليكونوا من أصحاب السعير }
بل أطيعوا ربكم الذي يأمركم بالنفقة على وجه يسهل عليكم ولا يضركم
ومع هذا فهو { يعدكم مغفرة }
لذنوبكم وتطهيرا لعيوبكم { وفضلا }
وإحسانا إليكم في الدنيا والآخرة
من الخلف العاجل
وانشراح الصدر ونعيم القلب والروح والقبر
وحصول ثوابها وتوفيتها يوم القيامة
وليس هذا عظيما عليه لأنه { واسع }
الفضل عظيم الإحسان { عليم }
بما يصدر منكم من النفقات قليلها وكثيرها، سرها وعلنها
فيجازيكم عليها من سعته وفضله وإحسانه
فلينظر العبد نفسه إلى أي الداعيين يميل
فقد تضمنت هاتان الآيتان أمورا عظيمة منها
الحث على الإنفاق
ومنها: بيان الأسباب الموجبة لذلك
ومنها: وجوب الزكاة من النقدين وعروض التجارة كلها
لأنها داخلة في قوله: { من طيبات ما كسبتم }
ومنها: وجوب الزكاة في الخارج من الأرض
من الحبوب والثمار والمعادن
ومنها: أن الزكاة على من له الزرع والثمر لا على صاحب الأرض
لقوله { أخرجنا لكم } فمن أخرجت له وجبت عليه
ومنها: أن الأموال المعدة للاقتناء من العقارات والأواني ونحوها
ليس فيها زكاة
وكذلك الديون والغصوب ونحوهما إذا كانت مجهولة
أو عند من لا يقدر ربها على استخراجها منه، ليس فيها زكاة
لأن الله أوجب النفقة من الأموال التي يحصل فيها النماء
الخارج من الأرض
وأموال التجارة مواساة من نمائها
وأما الأموال التي غير معدة لذلك ولا مقدورا عليها
فليس فيها هذا المعنى
ومنها: أن الرديء ينهى عن إخراجه ولا يجزئ في الزكاة
تفسير السعدي.
~~~
(1)(البقرة:267)
ام الشيماء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-11, 03:10 PM   #33
ام الشيماء
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 31-01-2010
العمر: 60
المشاركات: 615
ام الشيماء is on a distinguished road
افتراضي

وأسألكن سؤال للتنشيط سألته معلمتنا
استدل شيخنا العثيمين - رحمه الله تعالى
بقوله تعالى
(وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ )



على عدم جواز إسقاط الدَّين من الزكاة ، فكيف كان ذلك ؟


ونعلم ذلك بنقل كلامه رحمه الله
؟
؟
؟
أجاب الشيخ عن تلك الفتوى
بقوله " هذا لا يجوز؛ لأن الله تعالى


قال: {خُذْ مِنْ أَمْوَٰلِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ
إِنَّ صَلَوَٰتَكَ سَكَنٌ لَّهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ}


والأخذ لابد أن يكون ببذل من المأخوذ منه


وقال النبي عليه الصلاة والسلام
"أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد"،(1)


فقال: "تؤخذ من أغنيائهم فترد"، فلابد من أخذ ورد
والإسقاط لا يوجد فيه ذلك؛
ولأن الإنسان إذا أسقط الدين عن زكاة العين التي في يده
فكأنما أخرج الرديء عن الطيب


لأن قيمة الدين في النفس ليست كقيمة العين
فإن العين ملكه وفي يده


والدين في ذمة الآخرين قد يأتي وقد لا يأتي
فصار الدين دون العين


وإذا كان دونها فلا يصح أن يخرج زكاة عنها لنقصه


وقد قال تعالى: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ
وَلَسْتُم بِأَخِذِيهِ إِلآ أَن تُغْمِضُواْ فِيهِ وَاعْلَمُوۤاْ أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ}


ومثال ما سألت عنه لو كان على الإنسان عشرة آلاف ريال زكاة
وهو يطلب رجلاً فقيراً عشرة آلاف ريال
فذهب إلى الرجل الفقير
وقال: قد أسقطت عنك عشرة آلاف ريال
وهي زكاتي لهذا العام



قلنا:
هذا لا يصح


لأنه لا يصح إسقاط الدين وجعله عن زكاة عين


لما أشرنا إليه آنفاً






وهذه مسألة يخطئ فيها بعض الناس ويتجاوزها جهلاً منه


وقد قال شيخ الإسلام رحمه الله


أنه لا يجزئ إسقاط الدين عن زكاة العين بلا نزاع






مجموع فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن صالح العثيمين


المجلد الثامن عشر - كتاب أهل الزكاة.






فيجب على المسلم ان يتحرى من كسبه الطيب


ليؤدى صدقاته سواء كانت واجبة او مستحبة


لأن الله تعالى طيب لايقبل الا طيبا
ولأنه كما قال شيخنا رحمه الله يجب ان تكون الزكاة
ببذل عين حتى يتوفر فيه مقتضى تطهير النفس
من الشح والأثرة اما الاسقاط فلا يتوفر فيه ذلك ..
والله تعالى اعلم
من مشاركات أخواتنا بارك الله فيهن
آمين
ام الشيماء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 25-06-11, 03:11 PM   #34
ام الشيماء
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 31-01-2010
العمر: 60
المشاركات: 615
ام الشيماء is on a distinguished road
افتراضي

نأتي للسؤال : كيف نعمل بمقتضى النداء؟؟؟

يحض الله المؤمنين على الانفاق الواجب والمستحب

فى سبيل الله
وماذلك الا تزكية لنفوسهم من الأثرة والشح
الذى هو من جبلة النفوس وتربية لهم على اليقين
بوعد الله بإخلاف النفقة فى الدنيا والاجر العظيم
عليها فى الاخرة
المؤمن بين داعيين:داعي الرحمن


يدعوه إلى الخيرويعده عليه الفضل والثواب العاجل
والآجل وإخلاف ما أنفق


وداعي الشيطان الذي يحثه على الإمساك ويعده الفقر
فليختر العبد أي الأمرين أليق به

وجوب قصد الطيب الذي تحبه النفس في النفقة




الرديء ينهى عن إخراجه ولا يجزئ في الصدقة
وإليكم حديث رائق للرسول صلى الله عليه وسلم


هدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم ضب فلم يأكله
قالت عائشة يارسول الله ألانطعمه المساكين
قال لاتطعموهم ممالاتأكلون"(1)


غفر الله لنا شحنا وبخلنا كم من شيء لانحبه
وقديم فنقول نتبرع به؟


إذا أسقط الدين عن زكاة العين التي في يده
فكأنما أخرج الرديء عن الطيب



على المؤمن استشعار منة الله وفضله عليه

فلله الفضل أولا ان ساق اليه ذلك الرزق واستخلفه فيه

وله الفضل ثانيا ان يسر له سبل الانفاق

وله الفضل اخيرا فى تقبل تلك النفقة وأثابته عليها



فاللهم لك الحمد اولا واخرا وظاهرا وباطنا


على المؤمن تحرى الطيب من النفقة
وتنقيتها من كل مايشوبها حتى يتقبل الله صدقته ويربيها له




على المتصدق الا يقصد الردىء من النفقات وعليه استشعار
كونها تقع فى يد الله اولا قبل يد الفقير

لابد للمؤمن ان يحب لأخيه ما يحب لنفسه
فلايخرج له من ردىء ماله ما يأنف هو من قبوله
ان كان فى موقف المتصدق عليه


الله سبحانه هو الغنى وهو الذى بيده
خزائن السموات والأرض


فلن يزيد فى ملكه نفقة المنفقين ولن ينقص من ملكه شح الممسكين
وهوالحميد الذى له المحامد كلها جل فى علاه


سبحـــــــــــــــ وتعالى ــــــــــــــــــــــانه


ملتقى الأكاديمية المفتوحة



بتصرف يسير
***
(1)الراوي: عائشة المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة
الصفحة أو الرقم: 5/552-خلاصة حكم المحدث: إسناده حسن



ام الشيماء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-15, 05:10 AM   #35
ام الشيماء
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 31-01-2010
العمر: 60
المشاركات: 615
ام الشيماء is on a distinguished road
Ah11

بسم الله الرحمن الرحيم
النداء العاشر
" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)
من خلال تفسيره للايات السابقة والتالية لها
من ( 275- 281)

" الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لا يَقُومُونَ إِلا كَمَا يَقُومُ
الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا
وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى
فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ
وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (275)

يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ (276)

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ
لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)

يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا
إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278)

فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ
لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ (279)
وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ
إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)
وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ
وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (281)

قرن الشيخ السعدى رحمه الله تفسير هذه الاية
يخبر تعالى عن أكلة الربا وسوء مآلهم وشدة منقلبهم
أنهم لا يقومون من قبورهم ليوم نشورهم
( إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )
أي: يصرعه الشيطان بالجنون
فيقومون من قبورهم حيارى سكارى مضطربين
متوقعين لعظيم النكال وعسر الوبال، فكما تقلبت عقولهم
و ( قالوا إنما البيع مثل الربا )
وهذا لا يكون إلا من جاهل عظيم جهله
أو متجاهل عظيم عناده
جازاهم الله من جنس أحوالهم فصارت أحوالهم أحوال المجانين
ويحتمل أن يكون
قوله: ( لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس )
أنه لما انسلبت عقولهم في طلب المكاسب الربوية
خفت أحلامهم وضعفت آراؤهم
وصاروا في هيئتهم وحركاتهم يشبهون المجانين في عدم انتظامها
وانسلاخ العقل الأدبي عنهم
قال الله تعالى رادا عليهم ومبينا حكمته العظيمة
( وأحل الله البيع )
أي: لما فيه من عموم المصلحة وشدة الحاجة
وحصول الضرر بتحريمه
وهذا أصل في حل جميع أنواع التصرفات الكسبية
حتى يرد ما يدل على المنع ( وحرم الربا )
لما فيه من الظلم وسوء العاقبة
والربا نوعان: ربا نسيئة كبيع الربا بما يشاركه في العلة نسيئة
ومنه جعل ما في الذمة رأس مال، سلم
وربا فضل، وهو بيع ما يجري فيه الربا بجنسه متفاضلا
وكلاهما محرم بالكتاب والسنة
والإجماع على ربا النسيئة
وشذ من أباح ربا الفضل وخالف النصوص المستفيضة
بل الربا من كبائر الذنوب وموبقاتها
( فمن جاءه موعظة من ربه )
أي: وعظ وتذكير وترهيب عن تعاطي الربا
على يد من قيضه الله لموعظته رحمة من الله بالموعوظ
وإقامة للحجة عليه ( فانتهى )
عن فعله وانزجر عن تعاطيه ( فله ما سلف )
أي: ما تقدم من المعاملات التي فعلها قبل أن تبلغه الموعظة
جزاء لقبوله للنصيحة
دل مفهوم الآية أن من لم ينته جوزي بالأول والآخر
( وأمره إلى الله )
في مجازاته وفيما يستقبل من أموره ( ومن عاد )
إلى تعاطي الربا ولم تنفعه الموعظة
بل أصر على ذلك ( فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )
اختلف العلماء رحمهم الله في نصوص الوعيد
التي ظاهرها تخليد أهل الكبائر من الذنوب التي دون الشرك بالله،

والأحسن فيها أن يقال هذه الأمور التي رتب الله عليها
الخلود في النار موجبات ومقتضيات لذلك
ولكن الموجب إن لم يوجد ما يمنعه ترتب عليه مقتضاه
وقد علم بالكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة أن التوحيد والإيمان
مانع من الخلود في النار
فلولا ما مع الإنسان من التوحيد لصار عمله صالحا للخلود فيها
بقطع النظر عن كفره.

ثم قال تعالى: ( يمحق الله الربا )
أي: يذهبه ويذهب بركته ذاتا ووصفا
فيكون سببا لوقوع الآفات فيه ونزع البركة عنه
وإن أنفق منه لم يؤجر عليه بل يكون زادا له إلى النار
( ويربي الصدقات )
أي: ينميها وينزل البركة في المال الذي أخرجت منه
وينمي أجر صاحبها وهذا لأن الجزاء من جنس العمل
فإن المرابي قد ظلم الناس وأخذ أموالهم على وجه غير شرعي
فجوزي بذهاب ماله، والمحسن إليهم بأنواع الإحسان ربه أكرم منه
فيحسن عليه كما أحسن على عباده ( والله لا يحب كل كفار )
لنعم الله، لا يؤدي ما أوجب عليه من الصدقات
ولا يسلم منه ومن شره عباد الله ( أثيم )
أي: قد فعل ما هو سبب لإثمه وعقوبته.

لما ذكر أكلة الربا وكان من المعلوم أنهم لو كانوا مؤمنين
إيمانا ينفعهم لم يصدر منهم ما صدر ذكر حالة المؤمنين وأجرهم
وخاطبهم بالإيمان، ونهاهم عن أكل الربا إن كانوا مؤمنين
وهؤلاء هم الذين يقبلون موعظة ربهم وينقادون لأمره
وأمرهم أن يتقوه، ومن جملة تقواه أن يذروا ما بقي من الربا
أي: المعاملات الحاضرة الموجودة
وأما ما سلف، فمن اتعظ عفا الله عنه ما سلف
وأما من لم ينزجر بموعظة الله ولم يقبل نصيحته
فإنه مشاق لربه محارب له
وهو عاجز ضعيف ليس له يدان في محاربة العزيز الحكيم
الذي يمهل للظالم ولا يهمله حتى إذا أخذه
أخذه أخذ عزيز مقتدر
( وإن تبتم )عن الربا ( فلكم رءوس أموالكم )
أي: أنزلوا عليها ( لا تظلمون )
من عاملتموه بأخذ الزيادة التي هي الربا ( ولا تظلمون )
بنقص رءوس أموالكم.
( وإن كان ) المدين ( ذو عسرة )
لا يجد وفاء ( فنظرة إلى ميسرة )
وهذا واجب عليه أن ينظره حتى يجد ما يوفي به
( وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون )
إما بإسقاطها أو بعضها.
( واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله
ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون )
وهذه الآية من آخر ما نزل من القرآن
وجعلت خاتمة لهذه الأحكام والأوامر والنواهي
لأن فيها الوعد على الخير، والوعيد على فعل < 1-118 > الشر
وأن من علم أنه راجع إلى الله فمجازيه على الصغير والكبير
والجلي والخفي
وأن الله لا يظلمه مثقال ذرة، أوجب له الرغبة والرهبة
وبدون حلول العلم في ذلك في القلب لا سبيل إلى ذلك.
تفسير السعدي رحمه الله
ام الشيماء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-15, 05:11 AM   #36
ام الشيماء
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 31-01-2010
العمر: 60
المشاركات: 615
ام الشيماء is on a distinguished road
Ah11

أضيف أخواتي أسئلة إجاباتها نافعة لمعلمتنا أم هانئ والأخوات
بارك الله فيهن وفي جهودهن
اقتباس
(فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف )
1- ما المقصود بقوله : ( فله ما سلف ) ؟

وما وجه التفضّل من الله في ذلك ؟
**

له ما سلف : أي لا يطالب برد ما أخذه قبل انتهائه عن الربا
فلا يلزم بحساب ما اكتسبه من الربا

وتقديره بكذا درهم أو دينار
ثم إخراجه مما معه من مال حالي لتبرئة الذمة
- وهذا المعنى غير التفضل عليه بالعفو وعدم المعاقبة على ذلك
ووجه التفضل من الله عليه

واضح جدا في أنه لم يلزمه عدلا بدفع
ما كسبه واستمتع به قبلا بل تفضل فتركه له رحمة ولطفا

وكرما منه سبحانه
اقتباس
" ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون "
2 - هل يخلّد صاحب الكبيرة في النار ؟

وما هو توجيه السلف
لمثل تلك النصوص باختصار شديد فضلا ؟

**

الخلود في حق صاحب الكبيرة
معناه طول المكث

فالحديث عمن شاء الله أن يعاقبه على معصيته ويحقق فيه الوعيد
وهو مسلم ، فخلوده في النار = طول المكث ولكن المآل للجنة

مهما طال المكث لأنه لا يخلد في النار موحد ،

بخلاف خلود الكافر الذي يساوي حرمة دخول الجنة

والمكوث في النار أبدا .
و الخلاصة أن السلف لهم قولان في مثل تلك النصوصح

مل النص على الحقيقة وأن من يفعل ذلك يخلد في النار أبدا
وهذا في حق المستحلّ بعد توفر شروط وانتفاء موانع .

- أو تفسير الخلود بطول المكث في حق المسلم العاصي
غير المستحل بضميمة النصوص التي تثبت أنه لا يخلد
في النار موحد ، وبذا يكون إعمالا لكل النصوص .


اقتباس:
(وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون )
3- هذا فضل آخر من الله على كل من .

الدائن ، والمدين
والسبب :كي لا ينقص رأس مال المعطي

و لا يزيد الغرم على المدين
اقتباس:
( وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة )
4- ما المعنى المراد من ذلك القول ؟

وهل الحكم للوجوب أم للاستحباب ؟

أي إن كان المدين لا يستطيع رد المال
لعدم توفره عنده وعسره وقت الوفاء
فعلى صاحب الدين انظاره وتركه حتى يوسر

ويستطيع الوفاء والسداد
**
أما الحكم فقد اختلف أهل العلم
فيه: فمنهم من قال بالوجوب كالسعدي
وابن العثيمين ومنهم من قال بالاستحباب دون الوجوب

ومن أرادت الاستزادة هنا
اقتباس
باختصار تحدثي عن نوعي الربا
يتبـــــــ إن شاء الله ــــــــع


ام الشيماء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-15, 05:12 AM   #37
ام الشيماء
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 31-01-2010
العمر: 60
المشاركات: 615
ام الشيماء is on a distinguished road
Gift

( وحرم الربا ) لما فيه من الظلم وسوء العاقبة
والربا نوعان: ربا نسيئة كبيع الربا بما يشاركه في العلة نسيئة
ومنه جعل ما في الذمة رأس مال، سلم، وربا فضل
وهو بيع ما يجري فيه الربا بجنسه متفاضلا
وكلاهما محرم بالكتاب والسنة
والإجماع على ربا النسيئة
وشذ من أباح ربا الفضل وخالف النصوص المستفيضة
بل الربا من كبائر الذنوب وموبقاتها
5 - باختصار تحدثي عن نوعي الربا
ربا النسيئة
وهو الأصل في الربا كما يقولون مأخوذ من النسء



وهو التأخيروهو الزيادة المشروطة التي يأخذها الدائن

من المدين مقابل تأخير الدفع .


النسيئة = الزمن
فيقترض المال ويرده زائد مقابل الزمن


2- ربا الفضل مأخوذ من الفضل


وهو عبارة عن الزيادة في أحد العوضين



الفضل = الزيادة في الكم
يحدث تبادل نوعين من جنس واحد زاد كم أحدهما عن الآخر



اقتباس


-
ثم اذكري حديثا صحيحا يحصر الأجناس أو الأنواع

التي يقع فيها ربا الفضل
واشرحيه باختصار مع التمثيل



وقد نص الشارع على تحريمه في ستة أشياء
هي : الذهب ، والفضة ، والبر ، والشعير
والتمر ، والملح ، فإذا بيع أحد هذه الأشياء بجنسه


حرم التفاضل ، ووجب التبادل والتسليم
في ذات الوقت أو المجلس ( يدا بيد )
"الذهب بالذهب مثلا بمثل
والفضة بالفضة مثلا بمثل ، والتمر بالتمر ، مثلا بمثل
والبر بالبر ؛ مثلا بمثل ، والملح بالملح ؛
مثلا بمثل ، والشعير بالشعير ؛ مثلا بمثل
فمن زاد أو ازداد فقد أربى ، بيعوا الذهب بالفضة كيف شئتم ؛
يدا بيد ، وبيعوا الشعير بالتمر كيف شئتم ؛ يدا بيد "
الراوي: عبادة بن الصامت المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع
الصفحة أو الرقم: 3444-خلاصة حكم المحدث: صحيح

ام الشيماء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-15, 05:13 AM   #38
ام الشيماء
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 31-01-2010
العمر: 60
المشاركات: 615
ام الشيماء is on a distinguished road
Gift

**
قوله :الذهب بالذهب مثلا بمثل
= تساوي الكم--- فيمتنع ربا الفضل

فالأصناف الستة المذكورة لابد أن تكون مثلا بمثل
( متساوية الكم ) إذا كان التبادل بينها
**
أما قوله : (يدا بيد ) التسليم الفوري من الجانبين
= اتحاد الوقت --- فيمتنع ربا النسيئة
**
وقد اختلف العلماء هل الربا منحصر في هذه الستة المذكور
أم يمكن أن يقاس عليها غيرها؟
حيث هي كالأمثلة والجمهور والراجح - والله أعلم -
أنها محصورة في تلك الأصناف
الستة المذكورة في نص الحديث

فائدة وأمثلة عمت بها البلوى

وهنا لابد من استحضار كل ما سبق حال
1- استبدال الذهب أو الفضة القديم بالجديد
( مثلا بمثل يدا بيد )
دون إضافة مال
2- تغيير العملة ( مثلا بمثل يدا بيد )
ويجوز التفاضل ( الكم ) لاختلاف
النوع والقيمة
هذه إشارة باختصار شديد جدا وإلا فتلك المسألة
يرجع فيها لكتب الفقه
نأتي للسؤال : كيف نعمل بمقتضى النداء؟؟؟
*تنقية الأعمال من شوائب الحرام والمعصية هى من التقوى .

*التعامل بالربا ينافي الإيمان

،لكنه لا يخرج صاحبه من الملة ولا يوجب له الخلود في النار
إلا إذا جحد حرمته.
*وجوب إنظار المعسر وعدم مطالبته بالأداء
(على أرجح الأقوال)

*ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم
فهو حلال له بشرط أن يتوب، وينتهي.

*يجب عدم الاستهانة بالكسب الحرام ولو كان قليلا

*على المؤمن ألا يزر وازرة وزر أخرى
*الأعمال برهان على صدق الايمان

ملتقى الأكاديمية المفتوحة
نفعنا الله وإياكن آمين

ام الشيماء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 15-02-15, 01:00 PM   #39
أروى آل قشلان
|تواصي بالحق والصبر|
افتراضي

موضوعٌ قيم .. قرأتُ مقدمته ولي عودة لاستكماله إن شاء الله
تقبل الله جهودكِ في الصالحات




توقيع أروى آل قشلان
إن نفترق فقلوبنـا سيضمها *** بيت على سحب الإخاء كبير
وإذا المشاغل كممت أفواهنا *** فسكوتنا بين القلوب سفير
بالود نختصر المسـافة بيننا *** فالدرب بين الخافقين قصير
والبعـد حين نحب لامعنى له *** والكون حين نحب جد صغير
أروى آل قشلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 04-03-15, 01:23 PM   #40
ام الشيماء
~متألقة~
 
تاريخ التسجيل: 31-01-2010
العمر: 60
المشاركات: 615
ام الشيماء is on a distinguished road
افتراضي

آميييين وإياكِ حبيبتي
شرف لى متبعتك
ام الشيماء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:36 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .