العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة التزكية وآداب الطلب > روضة التزكية والرقائق

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-01-13, 11:49 PM   #1
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي ( الغـفـلـة : الداء والدواء )

( الغـفـلـة : الداء والدواء )


الحمد لله المتفرد بالجلال والجمال والكبرياء والعظمة، والصلاة والسلام على خير من وطئ الحصى برجليه ، لم يترك خيراً قلَّ أوكثر إلا ودل أمته عليه ، ولاشراً دقَّ أو كبر إلا وحذر أمته منه ؛ومن هذه الشرور داء وأي داء ، انتشاره كانتشار النار في الهشيم ، داءٌ شب عليه الصغير ، وهرم فيه الكبير،ابتلي به كثير من الناس وللأسف ، إنه داء (الغفلة) ، هذا الداء الذي نتج عنه عند الكثيرين تبلد المشاعر وموت الأحاسيس، وعدم المبالاة عند فوات أزمنة الخير ومواسم الفضل ، ونسمع بنصوصالترغيب ،والحث على الطاعات كالإنفاق ، وقيام الليل ، وذكر الله تعالى، والسنن الرواتب ،ومع ذلك نسمع وكأن الأمر لا يعنينا!!


والسبب هو تسلط داء ( الغفله)


وهذا خلاف ما ذكر الله جل وعلا من حال المؤمنين الذين هم أبعد الناس عن وصف الغافلين قال تعالى :( لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ ** وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ ) القيامه1-2، فالنفس اللوامة هي نفس المؤمن التي تلومه عند الخير والشر ، فعند الشر تلومه لأنه وقع فيما حرمه الله تعالى عليه، وعند الخير تلومه ألا يكون قد ازداد منه، أما نفس الفاجر فهي تمضي قدماً قدماً ،لا يكترث ولا يبالي وهذه هي الغفلة بعينها.
- وقد مقت الله الغفلة في كتابه في آياتٍ كثيرة، فقد شبه الله جل وعلا الغافلين بلقب قبيح، ووصف ذميم فقال :( وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ )الأعراف179 .
- وبين الله عقوبة الغافلين وهي الختم والطبع على القلوب، فلا تقبل هدي ولا تصل إليها موعظة ، قال تعالى :( ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ ** أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ** لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ )النحل 107-109


((الدواء))
فإذا كان الأمر كذلك وجب على المرء اجتناب طريق الغافلين واتباع سبيل المؤمنين، فمن الوسائل المعينة على السلامة من هذا الداء :
1) أولاً: الحرص على ذكر الله تعالى، والاجتهاد فيه ،وذكر الله تعالى كما يكون باللسان، فإنه كذلك يكون بالقلب والجوارح ،يكون بالقلب بأن يكون في قلب العبد من تعظيم الله تعالى، والإقرار له بحقه جل وعلا قال تعالى :( وَاذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ ). ويكون بالجوارح بأن تسخر هذه الأعضاء في طاعة الله تعالى ومرضاته، وبأن تحجز عن كل ما يسخط الله جل وعلا.
وذكر الله من أعظم أسباب السلامة من الغفلة سيما عند غفلة الناس ونسيانهم قال بعض السلف :" ذاكر الله في الغافلين كمثل الذي يحمي الفئة المنهزمة، ولولا ذكر الله في غفلة الناس لهلك الناس"
"_وفي الأثر لولا شيوخ ركع ، وبهائم ركع، وأطفال رضع لصب عليكم العذاب صباً ".
وقال ابن القيم رحمه الله :" على قدر غفلة العبد عن الذكر يكون بعده عن الله " ، وقال :" إن الغافل بينه وبين الله وحشة لا تزول إلا بالذكر ".


2) ثانياً: من أسباب السلامة من الغفلة :
عدم مصاحبة الأشرار من العصاة الغافلين، فإنهم مرضٌ معدٍ ،وسمٌ قاتل ،قال تعالى لنبيه :( وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ تُرِيدُ زِينَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطاً )الكهف28
قال ابن القيم :" إن مجالس الذكر مجالسُ الملائكة ، ومجالس اللغو والغفلة مجالسُ الشياطين ، فليتخير العبدُ أعَجَبَهُمَا إليه وأولاهما به فهو مع أهله في الدنيا والآخرة ".
وفي هذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الجلوس في مجالس الغافلين فقال :( ما اجتمع قوم فتفرقوا عن غير ذكر الله إلا كأنما تفرقوا عن جيفة حمار وكان ذلك المجلس عليهم حسرة ) ، رواه أحمد عن أبي هريرة .
3) ومن أسباب السلامة من الغفلة كذلك تدبر كلام الله تعالى والنظر في مصير الأقوام المكذبين، والفجار المعرضين ، قال تعالى عن فرعون :( فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيراً مِّنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ )يونس92.
4) ومن الأسباب كذلك الحرص على قيام الليل، فهو من أعظم ما يطرد الغفلة عن القلوب، ويجعلها متعلقة بمناجاة علام الغيوب.
قال *صلى الله عليه وسلم كما جاء عند الدارمي من حديث ابن عمر :( من قرأ عشر آيات في ليلة لم يكتب من الغافلين، ومن قرأ بمائة آية كتب من القانتين ,ومن قام بألف آية كتب من المقنطرين ).
5) ومن الأسباب الحرص على صلاة الجمعة, ولا يعني هذا التفريط في بقية الصلوات كما يفعل بعض الناس اليوم، ممن يظن أنه لا تجب عليه الجماعة إلا يوم الجمعة فقط ، وإذا حضر حضر متأخراً، *وقد لا يدرك الخطبة أو ربما لايدرك حتى الصلاة !!
وهذه من صور الغفلة ، فعن عبدالله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهما أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على أعواد منبره :( لينتهينَّ أقوامٌ عن ودعهم الجمعات أو ليختمنَّ الله على قلوبهم، ثم ليكوُننَّ من الغافلين )رواه مسلم
6) ومن أسباب طرد الغفلة حضور القلب حال الدعاء، وأن لا يكون الدعاء مجرد ألفاظ تجري على اللسان دون معرفة لمعناها ولا إدراك لمحتواها قال صلى الله عليه وسلم :( إن الله لا يستجيب لعبد دعاه عن ظهر قلبٍ غافل ) رواه أحمد.
7) تحقيق توحيد الله تعالى ، فالمشرك الذي يصرف العبادة لغير الله من ميتين ومقبورين، أعظم الناس غفلة، وقد جمع هذا الجاهل بين ذهاب عقل وانعدام رأي ,وحطَّ بنفسه إلى أن هبط بها إلى دركات البهيميه وهذا حق، فماذا نتوقع ممن يدعوا الأموات ويترك رب الأرض والسماوات ؟!
قال تعالى :( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَومِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ** وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ )الأحقاف 46-47
8) ومن الأسباب أيضاً عدم اللهث والركض وراء الدنيا حتى ينسى العبد أمر الآخرة لهذا جاء في الحديث الذي رواه الترمذي وصححه الألباني :( من سكن البادية جفا، ومن اتبع الصيد غفل، ومن أتى السلطان افتُتن ) ، ولا شك أن أعظم ما ينسي العبدَ أمر الله تعالى نسيان أمر الآخرة والفرح بالدنيا، فهي في الغالب سبب البلاء وموطن الشقاء والحسرة, جاء في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :( يُجاءُ بالموت يوم القيامة كأنه كبشٌ أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال: يا أهل الجنة هل تعرفون هذا؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم هذا الموت . قال: فيقال: يا أهل النار هل تعرفون هذا ؟ فيشرئبون وينظرون ويقولون: نعم : هذا الموت. قال: فيؤمر به فيذبح. قال ثم يقال: يا أهل الجنة خلودٌ ولا موت ويا أهل النار خلودٌ ولا موت ) ، ثم قرأ رسول الله قوله تعالى :( وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الْأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لَا يُؤْمِنُون )مريم 39-40 ، وأشار بيده إلى الدنيا.
وهذا حق إذ أن بعض الناس لعجزه وضعفه ليست عنده القدرة أن يدفع عن نفسه أدنى فتنة، وأقل شهوة.
قال بعض العلماء :" ركبَّ الله الملائكة من عقل بلا شهوة، وركبَّ البهائم من شهوة بلا عقل، وركبَّ ابن آدم من كليهما، فمن غلب عقله على شهوته، فهو خير من الملائكة، ومن غلبت شهوته على عقله فهو شر من البهائم ".
وصدق القائل :
إذا المرء أعطى لنفسه كل ما اشتهت ::
** * * * * * * * * ولم ينهها تاقت إلى كل باطلِ
وساقــت إليه الإثم والعــار بالذي ::
** * * * * * * * * * *دعته إليه من حلاوة عاجـلِ


</b></i>

الشيخ محمد العصيمي



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-13, 12:19 PM   #2
مروة عاشور
|نتعلم لنعمل|
افتراضي

جميل جدا اللهم بارك إختيارك أختي أم حاتم
جزاكِ الله الجنة وأسعدك في الدارين



توقيع مروة عاشور

إذا انحدرت في مستنقع التنازلات في دينك
فلا تتهجم على الثابتين بأنهم متشددون . .
بل أبصر موضع قدميك
لتعرف أنك تخوض في الوحل
مروة عاشور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-13, 03:02 PM   #3
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
c8

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زهــرة مشاهدة المشاركة
جميل جدا اللهم بارك إختيارك أختي أم حاتم
جزاكِ الله الجنة وأسعدك في الدارين
وفيك يبارك الرحمن هرتنا الفواحة
سعيدة بطلتك غاليتي
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 31-01-13, 03:31 PM   #4
القمر المضيئ
~نشيطة~
 
تاريخ التسجيل: 26-01-2013
الدولة: في بلاد المسلمين تحت رحمة الله تعالى
العمر: 23
المشاركات: 384
القمر المضيئ is on a distinguished road
افتراضي

بسم الله الرحمن الرحيم
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكرا أختي أم حاثم والله يعطيكي الف عافيه



توقيع القمر المضيئ
أنا الاسلام ادبني وبالايمان كرمنى فعشت العمر هانئة بعيدا عن لظى الفتن بالاسلام تسمت روحى وصنت بشرعه بدني كتاب الله لي نور باصفى الحب يغمرنى فينسينى هوى الدنيا وللجنات يحملنى بربي علقت عيني فارقبه و يرقبني اذا الاهواء نادتني حيائى منه يمنعني اجل النفس ن تصبوا لامر لا يشرفنيى اليس الله اوجدني لابني قادة الزمن
القمر المضيئ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الوسوسة....الداء والعلاج حسناء محمد مكتبة طالبة العلم الصوتية 3 14-04-10 11:07 PM


الساعة الآن 07:22 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .