العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة التزكية وآداب الطلب > روضة التزكية والرقائق

الملاحظات


 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 27-10-14, 05:24 PM   #1
فاطمة سالم
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|طالبة في المستوى الثاني1 بمعهد لعلوم الشرعية|
Ah11 إِنَّــــــــهُ اللَّطيفُ سُـــــــبــحَـــــــانَهُ .

بسم الله الرحمن الرحيم


الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ الله، وعلى آلِه وصحبِه ومَن والاه، أما بعد:

فإنه لما تَقلَّبَت الأحوالُ بيوسفَ عليه الصلاةُ والسلام، وتَطوَّرَتْ به الأطوار، عَرَف أنّ هذه الأشياءَ وغيرَها لُطفٌ من لُطفِ اللهِ له، فاعترفَ بهذه النعمةِ فقال: ﴿إِنَّ رَبِّي لَطِيفٌ لِمَا يَشَاءُ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ﴾[يوسف: 100].

وهذا من أَعظمِ نِعَمِ اللهِ على العبد، أنْ يَعرِضَ أحوالَه التي تمرُّ به على معاني أسماءِ الله الحسنى، وصفاتِه العلى؛ فإنّ هذا له فائدتان:

الأولى: زيادةُ الإيمان.

الثانية: سهولةُ تلقي المصائبِ المؤلمة، وهذا يزدادُ حين يبلُغُ العبدُ منزلةَ الرضا عن الله، بحيث يوقِنُ أنَّ اختيارَ اللهِ خيرٌ مِن اختيارِه لنفسِه.

أيها المؤمنون!

إنّ مِن أسماءِ اللهِ الحسنى التي تَكرَّرَ ذِكرُها في كتابِ الله تعالى، ولها أثرُها البالغُ في حياةِ العبد -لمن فقه معناها وعمل بمقتضاها-: اسمُ اللهِ "اللطيف" الذي تمّدّحَ سبحانه به في مواضعَ مِن كتابِ الله، منها: ﴿لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الأنعام: 103] ﴿أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]


فكيف نعيشُ مع هذا الاسم؟ وما آثارُه الإيمانيةُ علينا؟

إنّ التأمُّلَ في آثارِ لطفِه بعبادِه، هو الذي يُجيبُ على هذه الأسئلة، والتي تعرَّضُ لها العلامة السعدي رحمه الله ، حين بيّن شيئاً من آثارِ لطف اللهِ بعباده فقال:


"ومِن لطفِه بعبادِه: أنه يُقدّر أرزاقَ عبادِه، بحسَبِ علمِه بمصلحتِهم لا بحسَبِ مراداتِهم، فقد يريدون شيئاً وغيرُه أصلح؛ فيُقدِّرُ لهم الأصلحَ وإن كرهوه؛ لطفاً بهم وبِرّاً وإحساناً ﴿اللَّهُ لَطِيفٌ بِعِبَادِهِ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾[الشورى: 19]، ﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ﴾[الشورى: 27].
ومِن لطفِه بهم: أنه يُقدِّرُ عليهم أنواعَ المصائب، وضروبَ المحنِ، والابتلاءِ بالأمرِ والنهيِ الشاق؛ رحمةً بهم ولطفاً، وسَوْقاً إلى كمالِهم وكمالِ نعيمهم: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾[البقرة: 216].
ومِن لطفه بعبِده: أن يُقدّرَ له أن يتربّى في ولاية أهلِ الصلاحِ والعلمِ والإيمان، وبين أهلِ الخير؛ ليَكتَسِبَ مِن أدبِهم وتأديبِهم، ولينشأَ على صلاحِهم وإصلاحِهم، كما امتنَّ الله على مريمَ في قوله تعالى: ﴿فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا﴾[آل عمران: 37].
ومن ذلك: إذا نشأَ بين أبوين صالحين، وأقاربَ أتقياء، أو في بلدِ صلاح، أو وفّقه الله لمقارنةِ أهلِ الخيرِ وصحبتِهم، أو لِتربيةِ العلماءِ الربانيين؛ فإنّ هذا مِن أعظمِ لطفِه بعبدِه، فإنّ صلاحَ العبدِ موقوفٌ على أسبابٍ كثيرة: منها؛ بل مِن أكثرِها وأعظمِها نفعاً: هذه الحالة، ومِن ذلك إذا نشأَ العبدُ في بلدٍ أهلُهُ على مذهبِ أهلِ السنةِ والجماعةِ فإنَّ هذا لُطفٌ له.

يُتبع إن شاء الله ...
[المصدر : موقع تدبر نقًل عن كتاب المواهب الربانية للعلامة السعدي رحمه الله بتصرف ]




توقيع فاطمة سالم



التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة سالم ; 27-10-14 الساعة 05:29 PM
فاطمة سالم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
{ وَهُوَ اللَّطيفُ.... وقف لله الأرشيف 2 20-06-09 10:30 AM


الساعة الآن 01:46 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .