العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . الأقسام الدعوية والاجتماعية . ~ . > روضة الداعيات إلى الله > خواطر دعوية

الملاحظات


خواطر دعوية واحة للخواطر الدعوية من اجتهاد عضوات الملتقى أو نقلهن وفق منهج أهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 19-10-15, 08:06 AM   #1
أروى آل قشلان
|تواصي بالحق والصبر|
Pencel إلى الغرباء: فما هي إلا ساعة..!

إلى الغرباء: فما هي إلا ساعة..!
ندى بنت عبدالعزيز محمد اليوسفي
صيد الفوائد

حكَت لي بألم..، حكَت لي على استحياء..، حكَت لي وأنا أسترجع فصول الحكاية..، حكايتها كحكايا كثيرة أسمعها وأراها..، حكايا عجيبة..، غريبة..، وحكايتها هذه أعجب وأغرب..!

حدّثتني عن بداية استقامتها..، حدّثتني عن هجرها لكثير من المعاصي والمنكرات..، حدّثتني عن تخلّصها من كثيرٍ من الأشرطة والأسطوانات..، حدّثتني عن أولى خطواتها بعباءتها الشرعية الجديدة..، حدّثتني عن آخر المحاضرات التي استمعت إليها..، حدّثتني عن انضمامها لمصلى كلّيتها وفرح الأخوات بها و تكليفها ببعض المهام التي تجيدها ..!، حدّثتني عن إتمامها حفظ جزءٍ من القرآن..!، حدّثتني بسعادتها بمحافظتها على الصلاة على وقتها بعد أن كانت الفروض تُصلّى في أحسن الأحوال جملةً..!

وفي المقابل.. حدّثتني عن السفر للخارج الذي تضطرّها إليه أسرتها كل إجازة..، حدّثتني عن مناسباتهنّ العائلية المختَلَطة و ذات المعازف الصدّاحة..، حدّثتني عن بيتٍ لا يعرف معروفاً ولا يُنكِر منكراً..، حدّثتني عن بيتٍ لا يعرف فيه أحدٌ عن أحدٍ شيئاً..، حتى الطعام لم يعد يجمعهم..، شَكَت لي أنها لا تتمكن من سماع المؤذن والصلاة من الجامع القريب من بيتهم إلا بصعوبة لكثرة الأصوات المزعجة المنبعثة من غرف أخوتها حتى من تلفاز الصّالة الرئيسية لبيتها..، حدّثتني عن مشاعر تندّر وكلمات استهزاء وتسخّط من حياتها الجديدة واستقامتها الجميلة..!

حدّثتني والدمعة تسابق كلماتها..، تتعثّر الكلمة في حلقها حيناً فتسهّل لها العبور عبْرَةٌ حارةٌ من قلبٍ محترِق..، حدّثتني ويداها تنقبضُ حيناً ألماً..، وحيناً تضعها على جبهتها تداري عبرَة حزنٍ..، و يتهادى صوتها بين همسٍ وانفعال..!

أخيّتي في درب الغربة.. ، كثيرات عشْنَ تلك الأجواء المتناقضة..، ولم تكن سبيلاً أبداً لضعفٍ وانتكاس..،
أخيّتي الحبيبة .. لكِ أن تعلمي أن داعيات كثيرات وممن هنّ أعلام في دروب الدعوة الآن و في مناصب تربوية رفيعة عانين ما عانيتِ وأكثر..، كثيراتٌ منهنّ لم يعرفن درب الاستقامة الحقّة إلا في العشرين من أعمارهنّ..، بحثْنَ عنها ..، دلّتهن فطرهنّ النقيّة إليها..، ولم تكن بيئاتهنّ لهنّ المسانِدَة والرّفيقة..، ورغم ذلك أعطينَ ما أعطين..، واكتسبنَ ما اكتسبن..، وفتح الله لهنّ وعلى أيديهنّ من الفتوح ما هو به سبحانه وتعالى أعلم..!

رفيقتي في دنيا الغرباء.مشاعر الحُزن على أهلكِ وعدم استطاعتكِ هدايتهم ومشاركتكِ لذة الحياة السعيدة وحلاوة الاستقامة الرشيدة لا أستطيع أن أمنعكِ منها ، ولا أستطيع حجبَ نفسك عن التفكير بها ، لكن أدعوكِ لأن تكوني أكثر إيجابية، أن توظّفي هذه الآلام والأحزان فيما فيه صلاح حالك و بيتكِ من بعدك..!

أخيّتي المباركة، الإبتلاء قبل التمكين سنّة كونية، وكيف تمتحنين صبرك أيتها المؤمنة الفتية بدون هذه المِحَن والفِتَن؟!!، كيف ينجح في الاختبار من لم يدخله أصلاً؟!!

أخيتي المباركة، بيدكِ كتاب الله..، تأمليه تاليةً حافظة، تأملي قصص الأنبياء، منهم من ابتُلي بتكذيب قومه فصبر..، منهم من ابتُلِي بمرضه فصبر..، منهم من ابتُلي بفقد ابنه فصبر..، منهم من أوذي من أقرب أهله فصبر..، منهم من اتُهِم كذباً وزوراً فصبر..، منهم من لم يؤمن به ابنه وزوجته فصبر..، ابتُلوا فصبروا..، لم يغلق أحدهم بابه وينكفئ على نفسه..، بل جاهَد في الله حق الجهاد..، كانوا دعاةً في كل حال وعلى أي حال..، كانوا مثالاً للصبر على البلاء..، والدعوة والشفقة على الأهل في أحلكِ الظروف..،
ينادي نوح عليه السلام ابنه وكان في معزل بنداءٍ يقطر شفقة و حنان وعاطفة وسفينتهم تجري بهم في موجٍ كالجبال : (( يا بني اركب معنا ))..، ويهتف اسماعيل عليه السلام بصوتٍ فيه انكسار و خضوع للحي القيوم وإذعان لأمره : (( يا أبتِ افعل ما تُؤمَر))..!

ورغم أن البأساء قد نالت منهم، ونزلت بساحاتهم الضراء حتى نالت منهم زلازل البلايا ما نالت، إلا أنهم ينتظرون النصر، ويتساءلون تساؤل الواثق بنصر الله بعد أن أدّى ما عليه من صبرٍ وجهد: (( متى نصرُ الله؟ )) ،
فيأتيهم الجواب ممعناً بالتفاؤل وتأتيهم البشرى : (( ألا إن نصر الله قريب))..!

تساءلوا عن النصر..، عن الفرج..، بعد أن بذلوا أقصى الجهد..، بعد أن أبلوا البلاء الحَسن..، بعد أن زُلزِلوا..!، وأين نحن من جهدهم؟!!،
أين نحن من بلائهم؟!!، أين نحن من صبرهم؟!!،
أين نحن من تفاؤلهم ويقينهم وثقتهم بالله؟!!،
أين نحنُ من يعقوب عليه السلام وهو في قلب المأساة إذ يقول : (( يا بنيّ اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون))
أين نحن من حبيبنا بأبي هو وأمي صلوات الله وسلامه عليه إذ يقول لصاحبه و قد اشتدّت الأزمة : (( لا تحزن، إنّ الله معنا))؟!!

لا إله إلا الله..، في قلب الأزمة وفي شدّة المحنة..، ثقةٌ بالله ونصره، و (( كفى بربك هادياً ونصيراً))،
أين نحنُ ممّن حُرّقوا في الشمس والنار و أُتي بمخالبٍ من حديد فكشطت بها جلودهم حتى ظهرت عظامهم فما ردّهم ذلك عن دينهم، ولا انتكسوا وما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله وما ضَعفوا وما استكانوا..؟!!!،
((أحسب الناس أن يُترَكوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يُفتَنون))؟!!!!

نتأذّى من كلماتٍ واستهزاءٍ يذهبُ أثره، و نضخّم الواقع ونراهُ حاجباً وحاجزاً عن المضيّ في درب الاستقامة وعاملاً للانتكاس
ونحن بحمد الله نتمكّن من إظهار شعائر الدين والانضمام لركب الصالحين وفي غُرُفنا عبر وسائل التقنية التي مكّنتنا من طلب العلم في بيوتنـا،
ودور تحفيظ القرآن المنتشرة بحمد الله، والمساجد التي تهتف بالنداء خمس مرات في اليوم والليلة

مشاعر الغربة والألم لابدّ منها في بداية الطريق، وقد تستمر معكِ، ولكن ليكن الله سبحانه وتعالى أنيسكِ في خلواتكِ، استغني به تعالى عن كل مؤانسٍ ورفيق، لا تستوحشي الطريق وقد قلّ في بيتكِ سالكوه، واستهزأ من حولكِ بروّاده و أعلامِه و ناشطُوه..!

قفي بشموخ.. ارفعي الهامَة.. واطردي عنكِ كل شيطانٍ وهامّة..، تناسي فشلكِ في أسرتكِ..، لا تنظري إليهم بعين البغض وإنّما الإشفاق..،
اسألي الله لهم الهداية وأشركيهم قدر الإمكان مشاريعكِ الخيّرة..، كوني مبتسمة..، بنصرِ الله واثقة..، ومتفائلة..،
ابعثي الإحساس بالأمان والشعور بالارتياح لمن حولكِ..، اجعليهم يشعرون بأهميتهم لديكِ..، كوني المواسية لهم عند البأس، والمصبّرة لهم عند المصيبة، والمهنّة لهم عند الفرح، والمعينة لهم عند الحاجة، استغلي كل نقاط الضعف والألم لنقاط قوّة وأمل..!

وظّفي طاقاتكِ في خدمة هذا الدين، ابذري بذور الخير هنا وهناك، ارقبيها وهي تنمو وتعطي ثمارها بإذن الله، لا تحبطي ولا يصيبكِ اليأس إذا ما فشلتِ فبعض البذور كامنة وتؤتي أكلها ولو بعد مئات السنين..!

امسحي دموعكِ..، كفكفي عبراتكِ..، اصبري على البلاء..، وتحمّلي في ذات الله ما يصيبكِ..، واستمري بالبذل والعطاء..،
ترفّعي عن كل منكرٍ وقبيح..، وسابقي بهمّتكِ الريح..!،
لتكن شخصيتكِ قويّة..، لا تذوبي في المجتمعات التي تخالطينها، بل ابهريها بحسن خلقِك وعطائك وسمتِك..!

زادكِ التقوى وأكرِم بها من زاد، ((ومن يتقِ الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب)).
زادكِ اليقين والثقة بنصر الله، منه تستمدين قوتكِ، وإن ضَعُف المعاون والنّصير، وليكن حالك حال من قيل فيه:
ولا يُرى من فزع رهنَ أسى
يقينُه كالطودِ في القلبِ رسى
يُبصِرُ في غور الخطوبِ قبسا
من نُصرَة الله إذا ما استيأسا
زادكِ التوكّل على الله و تفويض الأمر إليه،
((ومن يتوكل على الله فهو حسبه )).
زادكِ محبّة الله ومحبّة ما يحبّه ومحبة رسوله صلى الله عليه وسلم وتأمّل سيرته .
زادكِ الدعاء والأّنس بالله في الخلوات.
زادكِ كتاب الله وأنعِم به من زاد.

فما هي إلا ساعةٌ ثم تنقضي
ويذهَبُ هذا كلّه ويزولُ!

وأخيراً.. ((إن الله بالغ أمره قد جعل الله لكل شيء قدراً)).



توقيع أروى آل قشلان
إن نفترق فقلوبنـا سيضمها *** بيت على سحب الإخاء كبير
وإذا المشاغل كممت أفواهنا *** فسكوتنا بين القلوب سفير
بالود نختصر المسـافة بيننا *** فالدرب بين الخافقين قصير
والبعـد حين نحب لامعنى له *** والكون حين نحب جد صغير
أروى آل قشلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 19-10-15, 09:36 PM   #2
موضي السبيعي
| طالبة في المستوى الثالث |
Ah11

جزاك الله خير
كلام في قمة الروعة
جعله الله في ميزان حسناتك
أنت والكاتبة
ونفع الله بكم الإسلام والمسلمين



توقيع موضي السبيعي
﴿وجوه يومئذ مسفرة،ضاحكةٌ مستبشرة﴾كل غيمة حزن وتعب على وجهك ستذهب به بهجة الجنةورفاهية الجنة،وأُنس وسعادة الجنة فاللهم اجعلنا من أهل الجنة 🌱
موضي السبيعي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 01:50 AM   #3
إيمان أم نور
دورة ورش (3)
افتراضي

كلمات رقيقــة و عــميقة تُخــاطبُ القلوب و تُأثِّـرُ فــي النفوس ،،،
(( و كفى بِـربِّك هاديا و نصيرا)) ،،
جزاكـــــم الله خيرا أخــــواتي و نفع بكم
إيمان أم نور غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 20-10-15, 11:32 AM   #4
دعاء بنت وفقي
إدارة الحلقات
معلمة بمعهد خديجة
افتراضي

فما هي إلا ساعةٌ ثم تنقضي
ويذهَبُ هذا كلّه ويزولُ!
نعم صدقت
جزاك الله خيرا أختي أروي
دعاء بنت وفقي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-15, 12:20 PM   #5
أروى آل قشلان
|تواصي بالحق والصبر|
افتراضي

بورك فيكن أخواتي الكريمات
أروى آل قشلان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 29-10-15, 12:50 PM   #6
سمية بنت إبراهيم
|مديرة معهد أم المؤمنين خديجة|
افتراضي

جميل بارك الله لك
سمية بنت إبراهيم غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
¤ شِدَّة النَّهَمة، وسموّ الهمة ..يا طالبات الوصول¤ وصال خليفة روضة آداب طلب العلم 2 21-02-14 09:21 PM
[بحث] فوائد من فقه الصيام لبنى أحمد فقه الصيام 12 11-12-13 02:23 AM
النحو عند الدكتور حسن شحاتة أم هشام روضة اللغة العربية وعلومها 8 16-07-10 05:55 PM


الساعة الآن 11:49 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .