العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . الأقسام الدعوية والاجتماعية . ~ . > روضة الداعيات إلى الله > خواطر دعوية

الملاحظات


خواطر دعوية واحة للخواطر الدعوية من اجتهاد عضوات الملتقى أو نقلهن وفق منهج أهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 16-08-13, 02:17 AM   #1
بُشريات
~مشارِكة~
Icon70 علّاقة... للنفوس التوّاقة...

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

علّاقة... للنفوس التوّاقة...

تساؤلات تفرض نفسها كلّما وقفنا أمام مشهد استعطاءٍ، واستجداء بشرٍ لبشر؛ فما هو مقدار الطمأنينة التي نمنحها لأنفسنا - بعد شعورنا بالضيق والانزعاج - عندما نمدّ أيدينا متفاعلين مع حاجات الآخرين؟ وهل يتناسب ذلك المقدار مع حجم الراحة التي تبرز على وجوه السائلين لحظة العطاء والإحسان؟ ثم ما هي حقيقة المعادلة التي تجمع بين وجودنا الأرضي وبين الدرجة التي سيصل إليها وجودنا السماوي يوم يفصل الله بين عباده: المحسنين والمحتاجين؟!

الإجابة عن تلك التساؤلات لا تحتاج منّا إلاّ إلى بعض التأمل، والارتفاع قليلاً عن سطح الأرض لرؤية أوضح وأشمل! ولا شكّ أنّ رواية قصة قصيرة ستوسّع آفاقنا، وتختصر لنا معانٍ كثيرة قد لا يتسع المقام لتفصيلها.. لكن وبرغم ذلك يبقى شرط ارتقاء الدرجة الأولى في رحلة الكشف عن الأجوبة السديدة لتساؤلاتنا هو أن نتمتع بنفوس، توّاقة للحصول على خطة، بهذا الصدد، برّاقة!

يروي أحدهم أنّه كان مع صديقه داخل مقهى، في ناحية من نواحي إحدى المدن النائية، فدخل رجل وجلس على طاولة قريبة منهما، ونادى على المضيف قائلاً: (فنجانان قهوة من فضلك، واحد منهما على العلّاقة)، فأحضر له فنجان قهوة واحد، فشربه الرجل، لكنّه عندما طلب الحساب، سدد ثمن فنجانين!! وبعدما خرج الرجل قام النادل بتثبيت ورقة صغيرة على الحائط مكتوب عليها: فنجان قهوة!

بعد قليل، دخل شابان وطلبا ثلاثة فناجين قهوة، واحد منهم على العلاّقة، أسرع النادل وقدم لهما فنجانين قهوة، لكنهما دفعا ثمن ثلاثة فناجين!! وبعد خروجهما توجّه العامل مرة ثانية نحو الحائط ليعلّق ورقة أخرى بجانب الأولى مكتوب عليها: فنجان قهوة!

يقول الراوي: بعد جلسة المراقبة؛ لم أعرف ما السرّ وراء تلك الإجراءات الغريبة!!! إلى أن جاء يوم كنت فيه في نفس المقهى أحتسي فنجان قهوة كالمعتاد، فدخل رجل يبدو عليه علامات الفقر، تهاوى على الطاولة، واستدعى النادل طالباً منه، بنفَسٍ متقطّع، فنجان قهوة من العلّاقة...

تجاوب المضيف معه، وأحضر له فنجان قهوة، فاحتساه متلذّذاً به حتى آخر رشفة، وبعد أن أخذ قسطاً من الراحة، خرج من المقهى دون أن يدفع قرشاً واحداً...نظرتُ إلى النادل، وإذا به بدل أن يتبعه ليطالبه بسداد الفاتورة، يتوجه نحو الحائط، ويتناول إحدى الأوراق المعلقة عليه، ويمزّقها، ويلقي بها في سلة المهملات...

يتابع الراوي معلّقاً على ذلك المشهد: فعرفتُ سر (الفنجان على العلاقة)، حيث عكست تلك الطريقة أسلوباً راقياً في التعامل مع المحتاجين، ونوعاً نبيلاً من أنواع التعاون الإنساني. ولأجل ما يمثله ذلك الحائط من عنوان للعطاء والتكافل، فقد تحوّل إلى زاوية أثيرة على قلوب سكان المدينة أجمعين...

قرّاءنا الأكارم، ما حملته القصة من إيحاءات مفعمة بالحب والشفقة، تغري ذوي النفوس الرقيقة باقتباس كثير من الأفكار المشابهة. وقد يتفوّق البعض عليها بالارتقاء فوقها بأشواط بعيدة...

فلم لا يكون لأصحاب المطاعم والسوبر ماركت ومحلات بيع الملابس والأحذية - وسواها من المتاجر التي تؤمن حاجيات الناس على اختلافها - زاوية تخصص لوضع علّاقات مكتوب عليها: وجبة لشخصين، كيس أرز، حذاء ولادي، معطف، كيلو لحمة، جلباب، قميص رجالي، كيلو تفاح،..... إلى آخره من نوع البضائع التي يشتريها البعض ويتمنى الحصول على شيء منها كثيرون ممن لا يملكون؟!!
المقصود هو أن نسعى لتقديم خدمات للآخرين، حتى وإن لم نعرف من هم، لأننا في هذه الحال، نكون قد توجّهنا للكبير المتعال، ليغدق علينا بدل ما انفقناه راحة البال، والطمأنينة والسكينة في المآل... ويكون كل واحد منّا قد خرج من زنزانة نفسه، ليرتع في بستان العطاء، وينتقل للعيش مع الآخرين حيوات (جمع حياة) كثيرة، بعدد الذين أسعدهم وفرّج عنهم وأعانهم...

نعم، إننا بمقدار ما نضاعف إحساسنا بمن حولنا، يتضاعف وجودنا على هذه الأرض، ويعلو عند الله تعالى وجودنا السماوي. فعندما نعيش لأنفسنا فقط، ستبدو لنا الحياة قصيرة جداً، ومؤلمة جداً، ومحدودة جداً، أما عندما نختار أن نوسّع رقعة وجودنا، ونحتل قلوباً لنقيم فيها، فحياتنا ستطول وتستمر على قدر وجودنا المعنوي فيها، وإن صارت تحت التراب أجسادنا...

وفي هذا المجال، ربّما من المشجّع أن نطرح نظرية (التفويض من غير تكليف) كعنصر محفّز لسلوك هذا المنهج وجعله أسلوب حياة. فمن المعروف أنّ التفويض في علم الإدارة هو تكليف شخص ما بالقيام بأعمال شخص آخر، مع نقل بعض الصلاحيات له، إلّا أنّ نظريتنا عن التفويض يفسّرها حديث رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بقوله: (إنّ الله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه)...

ففي الوقت الذي نكون فيه بخدمة إخواننا، مجتهدين في ابتكار الوسائل البديعة لذلك، ساعين بقدراتنا المتواضعة والمتناهية لنحقق مطالب المحتاجين من حولنا، سيحقق مطالبنا، ويقضي حوائجنا ربّنا الواسع العليم، الذي لا يعجزه أمر في الأرض ولا في السماء، والذي يقول للشيء كن فيكون؛ بتفويض تلقائي من غير تكليف ولا تذكير...

إذاً، وبخطوة بسيطة، نستطيع من خلالها أن نفوّض أحمالنا الثقيلة لخالقنا، ونلقيها عن كواهلنا، بينما نبدأ باستحداث علّاقات أينما ذهبنا، لخدمة مَنْ حاجاتهم من جنس حاجاتنا، وليكن في تلك المسيرة شعارنا: مَنْ كانت له نفسٌ للعلى توّاقة، فليبادر إلى تثبيت علّاقة...


- مقالات شبكة الألوكة -
هنادي الشيخ نجيب

تقبل الله منا ومنكنّ

°| ~ همسة: عن ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الناس إلى الله أنفعهم، وأحب الأعمال إلى الله عز وجل سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أوتقضي عنه ديناً، أوتطرد عنه جوعاً، ولأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في المسجد شهراً، ومن كف غضبه ستر الله عورته، ومن كظم غيظاً، ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه رضى يوم القيامة، ومن مشى مع أخيه المسلم في حاجته حتى يثبتها له، أثبت الله تعالى قدمه يوم تزل الأقدام، وإن سوء الخلق ليفسد العمل، كما يفسد الخل العسل) [حسنه الألباني -رحمه الله-].

اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد عبدك ورسولك وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم" سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.




توقيع بُشريات
[CENTER][FONT=Lucida Sans Unicode][SIZE=4][COLOR=Navy]قال صلى الله عليه وسلم: [COLOR=#538a59](افعلوا الخير دهركم وتعرضوا لنفحات رحمة الله فإن لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده)[/COLOR] [SIZE=3][حسنه الألباني: الصحيحة ۱٨۹۰][/SIZE][/COLOR][/SIZE][/FONT]

[/CENTER]
بُشريات غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:24 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .