العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة التزكية وآداب الطلب > روضة التزكية والرقائق

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-06-08, 04:04 AM   #1
نورا
~مشارِكة~
a مفسدات القلب الخمسة

مفسدات القلب الخمسة

من كلام الإمام/ ابن قيم الجوزية

قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى: وأما مفسدات القلب الخمسة، فهي التي أشار إليها من كثرة الخلطة، والتمني، والتعلق بغير الله، والشبع، والمنام. فهذه الخمسة من أكثر مفسدات القلب.



المفسد الأول: كثرة المخالطة:



فأما ما تؤثره كثرة الخلطة: فامتلاء القلب من دخان أنفاس بني آدم حتى يسود، ويوجب له تشتتاً وتفرقاً وهماً وغماً، وضعفاً، وحملاً لما يعجز عن حمله من مؤنة قرناء السوء، وإضاعة مصالحه، والاشتغال عنها بهم وبأمورهم، وتقسم فكره في أودية مطالبهم واراداتهم. فماذا يبقى منه لله والدار الآخرة؟

هذا وكم جلبت خلطة الناس من نقمة ودفعت من نعمة، وأنزلت من محنة، وعطلت من منحة، وأحلت من رزية، وأوقعت في بلية. وهل آفات الناس إلا الناس؟

وهذه الخلطة التي تكون على نوع مودة في الدنيا، وقضاء وطر بعضهم من بعض ـ تنقلب إذا حقت الحقائق عداوة، ويعض المخالط عليها ندماً، كما قال تعالى: " ويوم يعض الظالم على يديه يقول يا ليتني اتخذت مع الرسول سبيلاً * يا ويلتى ليتني لم اتخذ فلاناً خليلاً * لقد أضلني عن الذكر بعد إذ جاءني " [ الفرقان: 27 ـ29 ] وقال تعالى: " الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين " [ الزخرف: 67 ] وقال خليله إبراهيم لقومه: " إنما اتخذتم من دون الله أوثاناً مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضاً ومأواكم النار وما لكم من ناصرين " [ العنكبوت: 25 ] وهذا شأن كل مشتركين في غرض؛ يتوادون ما داموا متساعدين على حصوله، فإذا انقطع ذلك الغرض، أعقب ندامة وحزناً وألماً وانقلبت تلك المودة بغضاً ولعنة، وذماً من بعضهم لبعض.

والضابط النافع في أمر الخلطة: أن يخالط الناس في الخير ـ كالجمعة والجماعة، والأعياد والحج، وتعلم العلم، والجهاد، والنصيحة ـ ويعتزلهم في الشر، وفضول المباحات.

فإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في الشر، ولم يمكنه اعتزلهم: فالحذر الحذر أن يوافقهم. وليصبر على أذاهم، فإنهم لابد أن يؤذوه إن لم يكن له قوة ولا ناصر. ولكن أذى يعقبه عز ومحبة له وتعظيم، وثناء عليه منهم، ومن المؤمنين، ومن رب العالمين، وموافقتهم يعقبها ذل وبغض له ومقت، وذم منهم، ومن المؤمنين، ومن رب العالمين. فالصبر على أذاهم خير وأحسن عاقبة، وأحمد مآلاً.

وإن دعت الحاجة إلى خلطتهم في فضول المباحات، فليجتهد أن يقلب ذلك المجلس طاعة لله، إن أمكنه.



المفسد الثاني من مفسدات القلب: ركوبة بحر التمني



وهو بحر لا ساحل له. وهو البحر الذي يركبه مفاليس العالم، كما قيل: إن المنى رأس أموال المفاليس. فلا تزال أمواج الأماني الكاذبة، والخيالات الباطلة، تتلاعب براكبه كما تتلاعب الكلاب بالجيفة، وهي بضاعة كل نفس مهينة خسيسة سفلية. ليست لها همة تنال بها الحقائق الخارجية. بل اعتاضت عنها بالأماني الذهنية. وكل بحسب حاله: من متمن للقدوة والسلطان، وللضرب في الأرض والتطواف في البلدان، أو للأموال والأثمان، أو للنسوان والمردان، فيمثل المتمني صورة مطلوبة في نفسه وقد فاز بوصولها، والتذ بالظفر بها، فبينما هو على هذا الحال، إذا استيقظ، فإذا يده والحصير!!

وصاحب الهمة العلية أمانيه حائمة حول العلم والإيمان، والعمل الذي يقربه إلى الله، ويدنيه من جواره. فأماني هذا إيمان ونور وحكمة. وأماني أولئك خدع وغرور.

وقد مدح النبي صلى الله عليه وسلم متمني الخير. وربما جعل أجره في بعض الأشياء كأجر فاعله.



المفسد الثالث من مفسدات القلب: التعلق بغير الله تبارك وتعالى



وهذا أعظم المفسدات على الإطلاق.

فليس عليه أضر من ذلك. ولا أقطع له عن مصالحه وسعادته منه، فإنه إذا تعلق بغير الله وكله الله إلى ما تعلق به. وخذله من جهة ما تعلق به، وفاته تحصيل مقصودة من الله عز وجل، بتعلقه بغيره، والتفاته إلى سواه. فلا على نصيبه من الله حصل، ولا إلى ما أمله ممن تعلق به وصل. قال الله تعالى: " واتخذوا من دون الله آلهةً ليكونوا لهم عزاً * كلا سيكفرون بعبادتهم ويكونون عليهم ضداً " [ مريم: 81 ، 82 ] وقال تعالى: " واتخذوا من دون الله آلهةً لعلهم ينصرون * لا يستطيعون نصرهم وهم لهم جند محضرون " [ يس: 74 ، 75 ].

فأعظم الناس خذلاناً من تعلق بغير الله. فإن ما فاته من مصالحه وسعادته وفلاحه، وأعظم مما حصل له ممن تعلق به. وهو معرض للزوال والفوات. ومثل المتعلق بغير الله: كمثل المستظل من الحر والبرد ببيت العنكبوت، أوهن البيوت.

وبالجملة: فأساس الشرك وقاعدته التي بني عليها: التعلق بغير الله. ولصاحبه الذم والخذلان، كما قال تعالى: " لا تجعل مع الله إلهاً آخر فتقعد مذموماً مخذولاً " [ الإسراء: 22 ] مذموماً لا حامد لك: مخذولاً: لا ناصر لك. إذ قد يكون بعض الناس مقهوراً محموداً كالذي قهر بباطل، وقد يكون مذموماً منصوراً، كالذي قهر وتسلط بباطل، وقد يكون محموداً منصوراً كالذي تمكن وملك بحق. والمشرك المتعلق بغير الله قسمه أردأ الأقسام الأربعة، لا محمود ولا منصور.



المفسد الرابع من مفسدات القلب: الطعام



والمفسد له من ذلك نوعان:

أحدهما: ما يفسده لعينه وذاته كالمحرمات. وهي نوعان:

محرمات لحق الله: كالميتة والدم، ولحم الخنزير، وذي الناب من السباع والمخلب من الطير.

ومحرمات لحق العباد: كالمسروق والمغصوب والمنهوب، وما أخذ بغير رضى صاحبه، إما قهراً وإما حياء وتذمماً.

والثاني: ما يفسده بقدره وتعدي حده، كالإسراف في الحلال، والشبع المفرط، فإنه يثقله عن الطاعات، ويشغله بمزاولة مؤنة البطنة ومحاولتها، حتى يظفر بها. فإذا ظفر بها شغله بمزاولة تصرفها ووقاية ضررها، والتأذي بثقلها، وقوى عليه مواد الشهوة، وطرق مجاري الشيطان ووسعها، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم. فالصوم يضيق مجاريه ويسد طرقه، والشبع يطرقها ويوسعها. ومن أكل كثيراً شرب كثيراً فنام كثيراً فخسر كثيراً. وفي الحديث المشهور: " ما ملأ آدمي وعاءً شراً من بطنه. بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه. فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه " [ الترمذي وأحمد والحاكم وصححه الألباني ].



المفسد الخامس: كثرة النوم



فإنه يميت القلب، ويثقل البدن، ويضيع الوقت، ويورث كثرة الغفلة والكسل. ومنه المكروه جداً. ومنه الضار غير النافع للبدن. وأنفع النوم: ما كان عند شدة الحاجة إليه. ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخرة، ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه. وكلما قرب النوم من الطرفين قل نفعه، وكثر ضرره، ولا سيما نوم العصر. والنوم أول النهار إلا لسهران.

ومن المكروه عندهم: النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس؛ فإنه وقت غنيمة، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس فإنه أول النهار ومفتاحه، ووقت نزول الأرزاق، وحصول القسم، وحلول البركة. ومنه ينشأ النهار، وينسحب حكم جميعه على حكم تلك الحصة. فينبغي أن يكون نومها كنوم المضطر.

وبالجملة فأعدل النوم وأنفعه: نوم نصف الليل الأول، وسدسه الأخير، وهو مقدار ثماني ساعات. وهذا أعدل النوم عند الأطباء. وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافاً بحسبه.

ومن النوم الذي لا ينفع أيضاً: النوم أول الليل، عقيب غروب الشمس، حتى تذهب فحمة العشاء. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهه. فهو مكروه شرعاً وطبعاً. والله المستعان.
نورا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-08, 11:48 AM   #2
العلياء
~مستجدة~
 
تاريخ التسجيل: 01-03-2008
المشاركات: 12
العلياء is on a distinguished road
افتراضي

سلمت يداك أختنا راجية مغفرة الرحمن فهذا كلام قيم لابن القيم وليتنا نبعد هذه المفسدات الخمسة عن قلوبنا هذه المضغة التى لو صلحت صلح الجسد كله.
العلياء غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-08, 12:31 PM   #3
طيف
~رَحمتكَ أرجو~
 
تاريخ التسجيل: 29-03-2007
الدولة: السعودية
المشاركات: 537
طيف is on a distinguished road
افتراضي

نسأل الله أن يصلح فساد قلوبنا
شكر لك هذا الانتقاء النافع
ونفع بك أمة الحبيب صلى الله عليه وسلم


حضورك في قسم منهج السالكات ودليل ا لطالبات يسرنا جدا..لاعدمناه



توقيع طيف
عن ابن عون قال
قال:
ثلاث أحبهن لنفسي ولإخواني:
هذه السنة أن يتعلموها ويسألوا عنها,
والقرآن أن يتفهموه ويسألوا الناس عنه,
ويدعوا الناس إلا من خير)

طيف غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-08, 02:01 PM   #4
نورا
~مشارِكة~
افتراضي

حياكن الله أخواتى الطيبات وجزيتم خيرا
وأنا التى تشرفت بالنضمامى إليكن فى هذا الملتقى المبارك
كنت أبحث عن الصحبة الصالحة ورزقنى الله إياها
نورا غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-08, 02:39 PM   #5
أم رحمة
نفع الله بك الأمة
افتراضي

ألا تلاحظون معي حبيباتي؟؟؟؟؟؟؟؟؟!!!!!!!!!!!

هذه الأمور الخمسة كلها من قسم المباح

يعني كثرة المباح تفسد القلب ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ> فما بالنا بما يفعله الحرام في قلوبنا

ونحن لا ندري

وذكرني ذلك بقول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:" اجعلوا بينكم و بين الحرام سترة من الحلال ، من فعل ذلك استبرأ لدينه و عرضه ، و من أرتع فيه كان كالمرتع إلى جنب الحمى


الراوي: النعمان بن بشير - خلاصة الدرجة: إسناده جيد - المحدث: الألباني - المصدر: السلسلة الصحيحة - الصفحة أو الرقم: 896


فليس الخوف إذن من الإقدام على الأمر أن يكون له عقاب أو إثم فقط

ولكن العبرة هل في ما نفعله خير في الآخرة أم لا؟؟؟؟؟؟؟؟

فإن لم يكن فيه نفع أو ضر فينبغي تركه واستبداله بما هوأنفع


"أحرص على ما ينفعك"

قاعدة عريضة تسلم بها القلوب والجوارح


بارك الله فيكِ غاليتي و زادك من بركاته ونعمائه



توقيع أم رحمة
قال يحي بن معاذ: "ليكن حظ المؤمن منك ثلاثة : إن لم تنفعه فلا تضره ، وإن لم تفرحه فلا تغمه ، وإن لم تمدحه فلا تذمه"
الزهد والرقائق (ص114)
أم رحمة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-08, 05:46 PM   #6
محبة الصحابة
طالبة دورة أزاهير رَسم الحرف
افتراضي

جزيتما خيرا حبيباتي راجية مغفرة الرحمن وأم رحمة وبوركنما



توقيع محبة الصحابة
]سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك
اللهم صل على محمد في الأولين وصل عليه ربنا في الآخرين وصل عليه في كل وقت وحين وصل عليه في الملأ الأعلى إلى يوم الدين




محبة الصحابة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 05-06-08, 09:47 PM   #7
روضة صديق
|مسئولة شئون المعلمات|
افتراضي

بوركت أخيــــــــــــــــــــــــة لاحرمك الله الأجر والمثوبة
روضة صديق غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 08-06-08, 08:37 AM   #8
أم جنى
~نشيطة~
افتراضي

بارك الله فيكى حبيبتى على هذا الطرح المبارك
أم جنى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-08, 01:06 PM   #9
وردة الصباح
~نشيطة~
 
تاريخ التسجيل: 30-11-2007
المشاركات: 366
وردة الصباح is on a distinguished road
افتراضي

بارك الله بكن أخواتي الحبيبات
وردة الصباح غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 17-06-08, 03:34 PM   #10
مزن
~نشيطة~
 
تاريخ التسجيل: 15-06-2008
الدولة: أحب بلاد الله إلى الله (مـكـة المكـــــرمـــة)
المشاركات: 447
مزن is on a distinguished road
افتراضي

جزاكِ الله خيرا أخيتى على هذه التذكرة
مزن غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
ما أسباب رقة القلب ؟ سمية بنت إبراهيم روضة التزكية والرقائق 3 03-03-07 02:24 PM
مفسدات القلب الخمس سليمة روضة التزكية والرقائق 3 15-02-07 02:29 PM


الساعة الآن 02:31 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .