العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة التزكية وآداب الطلب > روضة آداب طلب العلم

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-01-10, 12:07 AM   #1
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي الحث على طلب العلم وبيان أن الفقه في دين الله نور

الحث على طلب العلم وبيان أن الفقه في دين الله نور



السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومَن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:
فيا أيها الناس، اتقوا الله - تعالى - وتفقَّهوا في دين الله - عزَّ وجل - لتعبدوا الله على بصيرة؛ فإنه لا يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون، ومَن يرد الله به خيرًا يفقّه في الدين، فالفقه في دين الله نورٌ يسير به العبد إلى ربه في عقيدته وعبادته، في أخلاقه ومعاملته، بالعلم يعرف العبد ما يعتقده في ربه، وبه يعرف العبد كيف يعبد ربه، وبه يعرف كيف يتوضأ وكيف يغتسل، وبه يعرف كيف يصلي وكيف يزكي، وبه يعرف كيف يصوم وكيف يحج وكيف يعتمر، بالعلم يميِّز بين الحق والباطل، بين الحلال والحرام، بين الواجب والمسنون، بين الصحيح والفاسد .
بالعلم يعرف كيف يخالق الناس، كيف يبرُّ والديه، كيف يصل أقاربه، به يعرف كيف يعامل صديقه وكيف يجازي عدوه .
بالعلم يعرف كيف يعامل الناس في البيع والشراء والتأجير والرهن والضمان والقضاء والاقتضاء، فرحم الله امرئً سمحًا إذا باع، سمحًا إذا اشترى، سمحًا إذا قضى، سمحًا إذا اقتضى .
بالعلم يعرف الحق الذي عليه فيؤديه إلى أهله، وبالعلم يعرف الحق الذي له فيطلبه أو يتسامح فيه .
بالعلم يعرف كيف يوصي بعد موته وكيف يسبِّل ملكه وكيف ينكح وكيف يطلق، وبالعلم يعرف كيف فرائض الله التي فرضها للوارثين بعد الموت، وبالعلم يسير الموفق بأمته في نور العلم والرشاد إذا تراكمت ظلمات الجهل والفتن والفساد .
بالعلم يهدي العالِم أمته إلى الصراط المستقيم ويبيِّن لهم المنهج القويم، فما اكتسب كاسبٌ مالاً ولا جاهًا ولا رئاسةً أفضل من العلم وأعلى شأنًا منه، واسمعوا قول الله عزَّ وجل: +يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ" [المجادلة: 11]، واسمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَن سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهَّل الله له به طريقا إلى الجنة»(1) .
أيها الناس، مَن استطاع منكم أن يتفرغ لطلب العلم وتحصيله فذلك أفضل وتلك نعمةٌ كبرى وغنيمةٌ فضلى؛ وإن التفرغ لطلب العلم تفرغٌ للجهاد في سبيل الله؛ وإن التفرغ لطلب العلم ليتأكد في هذا الزمان الذي قلَّ فيه الفقهاء في دين الله وكثر فيه طلب الدنيا والإقبال عليها من أكثر الناس وبدأت نابغة البدع تدور حول بلادنا بل ربما تصل إلى بلادنا، وكثر الناس الذين يُفتون بغير علم؛ ولهذا كان طلب العلم في هذا العصر متأكدًا غاية التأكد، فالله الله - أيها الشباب - بطلب العلم؛ فإنه ذخرٌ لكم وسعادةٌ ورفعةٌ في الدنيا والآخرة، ومَن لم يستطع أن يتفرغ لطلب العلم فليستمع إلى العلم وليجلس إلى أهله فيستفيد منهم ويفيد غيره ومن ثم ينبغي لأهل العلم أن يستغلوا فرصة جلوسهم مع الناس فيعلموهم ويفتحوا لهم باب المسألة والمناقشة لتكون مجالسهم مجالسًا مفيدةً مباركة تعود عليهم بالنفع وعلى الحاضرين لديهم، وإننا نسأل الله أن يعفو عنا لنمضي كثيرًا من مجالسنا غير ملاحظين لهذه الفائدة، فنسأل الله أن يعفو عنا ما سلف وأن يرزقنا الانتباه لما يستقبل وأن يعيننا على نشر العلم في كل فرصةٍ سانحة، إنه جوادٌ كريم .
أيها الناس، مَن لم يستطع الاستماع إلى العلم والجلوس إلى أهله فلا أقل من أن يسأل عن الأمور التي لا يسعه جهلها في دينه ودنياه، ومَن استفتى عالِمًا واثقًا بعلمه وأمانته فأفتاه فليأخذ بما أفتاه به ولا يتبع هواه في هذا فيرفض ما أفتاه به إذا لم يناسبه؛ فإن بعض الناس إذا استفتى عالماً فأفتاه فلم تناسبه الفتوى ذهب إلى عالِمٍ آخر وإلى ثانٍ وثالث حتى يفتى بما يهوى ومَن كانت هذه حاله فإنه ممن يتتبع الرخص وهذا تلاعبٌ بدين الله واتباعٌ للهوى دون الهدى، ولكن إذا استفتى عالماً فأفتاه ثم تبيَّن له بعد ذلك بمجالسة العلماء والسماع منهم أن ما أفتاه به الأول مخالفٌ لما دلَّ عليه الكتاب والسنة فله حينئذٍ أن يعدل عن فتواه بل يجب عليه حينئذٍ أن يعدل عن الفتوى السابقة إلى ما دلَّ عليه الكتاب والسنَّة، وكذلك لو استفتى شخصًا ليس في بلده مَن هو أولى منه وأعلم ومَن نيته أنه إذا حصّل مَن هو أعلم منه استفتاه ولكنه استفتى مَن في بلده للضرورة؛ لأنه لا يجد أحدًا أولى منه بالاستفتاء، فلا بأس حينئذٍ أن يستفتي مَن هو أعلم منه؛ لأن استفتاءه الأول كان للضرورة فهو كما قيل بمنزلة أكل الميتة تحلُّ للضرورة فإذا وجد المزكاة فليأكلها .
أيها المسلمون، انتبهوا لفضل العلم والتفرغ له واحرصوا على تناوله ما استطعتم؛ فإنه - واللهِ - سعادة الدنيا والآخرة .
أيها المسلمون، استمعوا إلى قول الله تبارك وتعالى: +اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ (1) خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ (2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ (3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" [العلق: 1-5]، ثم قوله تعالى: +الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآنَ (2) خَلَقَ الإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ" [الرحمن: 1-4]، كل هذه الآيات ونحوها فيها دلالةٌ على فضيلة العلم، اللهم إنا نسألك في مقامنا هذا أن ترزقنا علمًا نافعًا وأن تنفعنا بما علمتنا وأن تزيدنا من فضلك والعلم، إنك على كل شيءٍ قدير .
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولكافة المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم .
الخطبة الثانية
الحمد لله +الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ (4) عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ" [العلق: 4-5]، فهو +الرَّحْمَنُ (1) عَلَّمَ الْقُرْآَنَ (2) خَلَقَ الإِنْسَانَ (3) عَلَّمَهُ الْبَيَانَ" [الرحمن: 1-4]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك الكريم المنَّان، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى على الإنس والجان، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان، وسلَّم تسليمًا كثيرًا .
أما بعد:
أيها الناس، فإننا في هذه الأيام على أبواب عامٍ دراسي جديد، أسأل الله - تعالى - أن يجعله عام خير وبركةٍ وتحصيلٍ للعلم النافع .
وإنني بهذه المناسبة أوجه خطبتي هذه إلى ثلاثة أصناف من الناس، أوجهها إلى المعلمين وإلى المتعلمين وإلى أولياء أمور المتعلمين .
أما المعلمون: فإن من أهم ما يتعلق بهم أن يحرصوا على إدراك العلوم التي يلقونها إلى الطلبة وأن يهضموها هضمًا جيدًا قبل أن يقفوا أمام الطلبة لئلا يقع الواحد منهم في حيرةٍ عند الشرح أو المناقشة؛ لأن من أعظم مقومات شخصية المدرس أمام طلبته أن يكون قويًّا في علمه وملاحظته ولا تنقصه قوته العلمية في تقوية شخصيته عن قوة ملاحظته؛ إن المعلم إذا قام أمام الطلبة دون أن يهضم المادة كان ذلك نقصًا في أداء أمانته وسببًا في ارتباكه حين الشرح أو المناقشة وإذا ارتبك المعلم أمام الطلبة فلا تسأل عن انحطاط منزلته بينهم ثم إن أجاب بالخطأ فلن يثقوا به بعد ذلك مع جنايته العظيمة على العلم وإن تعسَّف وانتهرهم عند مناقشتهم إياه وسؤاله كما يفعله بعض الأساتذة الفاشلين إذا سئلوا انتهروا الطلبة وتعسَّفوا وأمروهم بالجلوس والسكوت، فإذا فعل ذلك فلن ينسجم مع الطلبة وستضيع الفائدة بينهم .
إذًا: لابد للمعلم من إعدادٍ واستعدادٍ وتحمّلٍ وصبر .
وعلى المعلم أيضًا أن يحرص على حسن الإلقاء فيسلك أقرب الطرق في إيصال المعاني إلى أذهان الطلبة ويضرب الأمثال ويناقشهم فيما ألقاه إليهم سابقًا ليكونوا على صلةٍ بالماضي ويبنوا عليه الحاضر ويعلموا أن هناك حرصًا ومتابعة من المعلم، وإن على المعلم أيضًا أن يكون حسن النية والتوجيه فينوي بتعليمه الإحسان إلى طلبته وإرشادهم إلى ما ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم وليجعل نفسه لهم بمنزلة الأب الرفيق الرحيم ليكون لذلك أثرٌ بالغٌ في نفوسهم ومحبةٌ في قلوبهم .
وعلى المعلم أيضًا أن يظهر أمام الطلبة بالمظهر اللائق من الأخلاق الفاضلة والآداب العالية التي أساسها التمسك بكتاب الله - تعالى - وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ليكون قدوة لتلاميذه في العلم والعمل وينال الأجر بذلك من الله عزَّ وجل، وإن التلميذ ليتقلى من معلمه الأخلاق والآداب أكثر مما يتلقاه من العلم من حيث التأثر؛ لأن أخلاق المعلم وأعماله صورةٌ مشهودة معبرةٌ عما في نفسه ظاهرةٌ في سلوكه فتنعكس هذه الصورة تمامًا على إرادات التلاميذ واتجاهاتهم، وأما المتعلمون فإن المطلوب منهم أن يبذلوا غاية جهدهم في التعلم من أول العام حتى يدركوا المعلومات إدراكًا حقيقيًّا ناضجًا ثابتًا في قلوبهم راسخًا في نفوسهم .
أيها المتعلمون، إنكم إذا حرصتم من أول العام أدركتم العلوم شيئًا فشيئًا فسهلت عليكم ورسخت في نفوسكم واسترحتم في آخر العام، أما إذا أهملتم أول العام فسوف تتراكم عليكم الدروس ويوشك ألا تدركوها في آخر العام فتضيع عليكم السنة بأكملها، وإذا كان على المعلمين والتلاميذ واجباتٌ تجب مراعاتها فعلى عمداء دور العلم ومديريها ورؤسائها أن يرعوا مَن تحت أيديهم من المعلمين والتلاميذ وغيرهم في تطبيق الواجب؛ لأنهم مسؤولون عنهم أمام الله - عزَّ وجل - ثم أمام حكومتهم وأمام مواطنيهم وأما أولياء أمور المتعلمين من الآباء والأمهات والإخوة وغيرهم من أهل الولاية، فعليهم أن يتفقدوهم وأن يراقبوا سيرهم ونهجهم العلمي والعملي والفكري والخلقي وألا يتركوهم هملاً فيضيعوا؛ فإن إهمالهم ظلمٌ وضياع وغفلةٌ عما أمر الله به في قوله تعالى: +يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَاراً وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلائِكَةٌ غِلاظٌ شِدَادٌ لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ" [التحريم:6]، وإن في إهمالهم تخلِّيًا عن المسؤولية التي حمّلها النبي - صلى الله عليه وسلم - أمته في قوله: «الرجل راعٍ في أهله ومسؤول عن رعيته» .
فاتقوا الله - عباد الله - وليؤدِ كل منكم ما ائتمنه ربه عليه فإن ذلك خيرٌ له، وإنه إذا أضاع الأمانة فسيسأل عنها يوم القيامة .
اللهم وفقنا جميعًا لأداء الأمانة وأعنَّا على القيام بمسؤوليتنا من غير خداعٍ ولا خيانة، اللهم إنا نسألك القيام في حقوقك وحقوق عبادك على الوجه الذي ترضاه عنا يا رب العالمين، اللهم يسِّرنا للهدى ويسِّر الهدى لنا، اللهم اغفر لنا ولوالدينا، إنك أنت الغفور الرحيم .
اللهم صلِّ وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين .

(1) أخرجه الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- في كتاب: الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، رقم (4867) .
http://www.ibnothaimeen.com/all/khot...icle_487.shtml



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 06-01-10, 11:33 AM   #2
أم ايمان
|نتعلم لنعمل|
افتراضي

الله يرضى عليك أختي أم حاتم الأثرية

رائعة من روائع الشيخ الجليل ابن العثيمين رحمه الله تعالى

اللهم فقهنا في ديننا وثبت أقدامنا وارزقنا العلم النافع
أم ايمان غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع
إبحث في الموضوع:

البحث المتقدم
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
اعلام السلفيين بفضل تلاوة القران الكريم من كلام سيد المرسلين دلال روضة القرآن وعلومه 2 07-07-07 02:30 PM


الساعة الآن 02:43 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .