العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة السنة وعلومها

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-06-11, 02:30 PM   #1
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي الأمر بالاتباع وذم الابتداع

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الأمر بالاتباع وذم الابتداع
أولاً: أهمية الشباب:
1- أهمية مرحلة الشباب في التكوين الفكري وسلامة المنهج:
قال أيوب السختياني: "إن من سعادة الحَدَث والأعجميّ أن يوفقهما الله لعالمٍ مِنْ أهل السنة"[1].
وقال عبد الله بن شوذب: "إن من نعمة الله على الشابّ إذا تنسّك أن يواخي صاحب سنة يحمله عليها"[2].
وقال عمرو بن قيس الملائي: "إذا رأيت الشاب أوّل ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارْجُه، وإذا رأيته مع أهل البدع فايْأس منه؛ فإنّ الشاب على أوّل نشوئه"[3].
وقال أيضًا: "إن الشاب لينشأ فإن آثر أن يجالس أهل العلم كاد أن يَسْلَم، وإن مال إلى غيرهم كاد يَعْطَب"[4].
2- أهمية العناية بالشباب والحرص على توجيههم وتعليمهم وسبب ذلك:
قال مالك بن دينار: "إنما الخير في الشباب"[5].
وقال الحسن البصري: "قدّموا إلينا أحداثكم؛ فإنهم أفرغ قلوبًا، وأحفظ لما سمعوا، فمن أراد الله أن يُتِمّه له أتمّه"[6].
وقال يوسف بن الماجشون: قال لي ابن شهاب الزهري ولابن عمٍّ لي ولآخر معنا: "لا تستحقروا أنفسكم لحداثة أسنانكم؛ فإن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا أعياه الأمر المُعْضل دعا الأحداث فاستشارهم؛ لحِدَّة عقولهم"[7].
وقال أبو بكر بن عياش: كنا عند الأعمش ونحن حوله نكتب الحديث فمرّ به رجلٌ فقال: يا أبا محمد، ما هؤلاء الصبيان حولك؟ فقال: "هؤلاء الذين يحفظون عليك دينك"[8].
وقال هشام بن عروة: كان أبي يقول: "أي بني، كنا صغار قومٍ فأصبحنا كبارهم، وإنكم اليوم صغار قوم ويوشك أن تكونوا كبارهم، فما خير في كبيرٍ ولا علم له؟! فعليكم بالسنة"[9].
وقال إبراهيم بن المنذر الحزامي: "ما رأيت شابًا قط لا يطلب العلم ولا سيما إذا كانت له حِدّة إلا رحمتُه"[10].

[1] شرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي (1/66).

[2] الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لابن بطة (1/205–206)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي (1/67).

[3] الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لابن بطة (1/205–206)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي (1/67).

[4] الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية لابن بطة (1/205 – 206)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة لللالكائي (1/67).

[5] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (1/484، 487).

[6] الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع للخطيب البغدادي (1/484، 487).

[7] المدخل إلى السنن الكبرى للبيهقي (2/157) وحلية الأولياء لأبي نعيم (3/364).

[8] المحدّث الفاصل للرامهرمزي (ص 193-194).

[9] المحدّث الفاصل للرامهرمزي (ص 193-194).

[10] جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (1/370).



توقيع رقية مبارك بوداني

الحمد لله أن رزقتني عمرة هذا العام ،فاللهم ارزقني حجة ، اللهم لا تحرمني فضلك ، وارزقني من حيث لا أحتسب ..


رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-11, 02:34 PM   #2
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

ثانيا: تعريف السنة والبدعة:

1- تعريف السنة لغة:
السنة الطريقة والسيرة[1].
قال الأزهري: "السنة الطريقة المحمودة المستقيمة"[2].

2- تعريف السنة شرعا:
قال الشاطبي: "ويطلق ـ أي: لفظ السنة ـ في مقابلة البدعة؛ فيقال: فلان على سنة إذا عمل على وفق ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما نص عليه في الكتاب أو لا، ويقال: فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك"[3].
قال ابن رجب: "السنة هي الطريق المسلوك؛ فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة، ولهذا كان السلف قديمًا لا يطلقون السنة إلاّ على ما يشمل ذلك كله، وروي ذلك عن الحسن والأوزاعي والفضيل بن عياض"[4].
قال محمد رشيد رضا: "المراد بالسُنة هنا معناها اللغوي، وهي الطريقة المخصوصة للسلوك المتبعة بالفعل في أمر الدين ـ فعلاً وتركًا ـ من عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فالتعريف فيها للعهد، وليس المراد بها ما اصطلح عليه علماء الحديث من إطلاقها على أقوال النبي صلى الله عليه وسلم وأفعاله وتقريراته وشمائله، ولا ما اصطلح عليه الفقهاء من إطلاقها على ما واظب عليه صلى الله عليه وسلم على غير سبيل الوجوب؛ فإن جميع فرق المبتدعة في الإسلام يأخذون بالسنة بمعنييها الأخيرين على اصطلاحات لهم وقواعد في إثباتها ونفيها وتأويلها وتعارضها..."[5].

3- تعريف أهل السنة:

قال ابن حزم: "وأهل السنة الذين نذكرهم أهل الحق، ومن عداهم فأهل البدعة؛ فإنهم الصحابة رضي الله عنهم، وكل من سلك نهجهم من خيار التابعين، ثم أصحاب الحديث ومن اتبعهم من الفقهاء جيلاً فجيلاً إلى يومنا هذا، ومن اقتدى بهم من العوام في شرق الأرض وغربها رحمة الله عليهم"[6].
قال ابن الجوزي: "ولا ريب في أن أهل النقل والأثر المتبعين آثار رسول الله صلى الله عليه وسلم وآثار أصحابه هم أهل السنة؛ لأنهم على تلك الطريق التي لم يحدث فيها حادث وإنما وقعت الحوادث والبدع بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه"[7].
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في تعريفه لأهل السنة: "هم المتمسكون بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وما اتفق عليه السابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان"[8].
وقال: "فمن قال بالكتاب والسنة والإجماع كان من أهل السنة والجماعة"[9].
قال عبد الرحمن بن ناصر السعدي: "فأهل السنة المحضة السالمون من البدع الذين تمسكوا بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في الأصول كلها، أصول التوحيد والرسالة والقدر ومسائل الإيمان وغيرها، وغيرهم من خوارج ومعتزلة وجهمية وقدرية ورافضة ومرجئة ومن تفرع عنهم كلهم من أهل البدع الاعتقادية"[10].

4- تعريف البدعة لغة:
قال ابن فارس: "الباء والدال والعين أصلان لشيئين:
أحدهما: ابتداء الشيء وصنعه لا عن مثال سابق مثال، والله بديع السموات والأرض.
الثاني: الانقطاع والكلال كقولهم: أبدعت الراحلة إذا كلت وعطبت"[11].
وفي اللسان:"بدع الشيء يبدعه بَدْعًا وابتدعه: أنشأه وبدأه، وبدع الركيّة: استنبطها وأحدثها.
والبدعة: الحدث، وما ابتدع من الدين بعد الإكمال.
ابن السكيت: البدعة كلّ محدثة"[12].

5- تعريف البدعة شرعًا:
قال الشاطبي: "طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشرعية، يقصَد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله سبحانه"[13].
قال ابن رجب: "والمراد بالبدعة ما أحدِث مما لا أصل له في الشريعة يدلّ عليه، وأما ما كان له أصل من الشرع يدلّ عليه فليس ببدعة شرعًا وإن كان بدعة لغة"[14].
قال السيوطي: "البدعة عبارة عن فعلةٍ تصادم الشريعة بالمخالفة أو توجب التعاطي عليها بزيادة أو نقصان"[15].
قال ابن تيمية: "البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ورسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب، فأما ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب وعلم الأمر به بالأدلة الشرعية فهو من الدين الذي شرعه الله، وإن تنازع أولو الأمر في بعض ذلك، وسواء كان هذا مفعولاً على عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يكن"[16].

ـــــــــــــــــــــــــــــ
[1] النهاية لابن الأثير (2/409).

[2] تهذيب اللغة (12/301).

[3] الموافقات (4/4).

[4] جامع العلوم والحكم (ص 262).

[5] انظر: مقدمة صيانة الإنسان للسهسواني (ص 7).

[6] الفصل لابن حزم (2/271).

[7] تلبيس إبليس (ص 21)، وعنه مقرّاً له السيوطي في الأمر بالاتباع (ص 88).

[8] مجموع الفتاوى (3/375).

[9] مجموع الفتاوى (3/346).

[10] الفتاوى السعدية (ص 63).

[11] مقاييس اللغة (1/209).

[12] لسان العرب (9/ 351).

[13] الاعتصام (1/37).

[14] جامع العلوم والحكم (ص 265).

[15] الأمر بالاتباع (ص 88).

[16] مجموع الفتاوى (4/ 107-108).

التعديل الأخير تم بواسطة رقية مبارك بوداني ; 23-06-11 الساعة 02:37 PM
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-11, 02:43 PM   #3
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي



1- النصوص من كتاب الله سبحانه وتعالى:


1- قال الله تعالى: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِيناً فَمَنِ ٱضْطُرَّ فِى مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجَانِفٍ لإِثْمٍ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ} [المائدة: 3].
قال ابن عباس: (أخبر الله نبيه صلى الله عليه وسلم والمؤمنين أنه أكمل لهم الإيمان فلا يحتاجون إلى زيادة أبدًا، وقد أتمه الله فلا ينقصه أبدًا، وقد رضيه فلا يسخطه أبدًا)[1].
2- وقال تعالى: {قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} [آل عمران: 31].
3-وقال تعالى: {وَمَن يُشَاقِقِ ٱلرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ ٱلْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ ٱلْمُؤْمِنِينَ نُوَلّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءتْ مَصِيراً} [النساء: 115].
4- وقال تعالى: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام: 153].
5- وقال تعالى: {ٱتَّبِعُواْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ وَلاَ تَتَّبِعُواْ مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء قَلِيلاً مَّا تَذَكَّرُونَ} [الأعراف:3].
6- وقال تعالى: {وَرَحْمَتِى وَسِعَتْ كُلَّ شَىْء فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَـوٰةَ وَٱلَّذِينَ هُم بِـئَايَـٰتِنَا يُؤْمِنُونَ (156) ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلرَّسُولَ ٱلنَّبِىَّ ٱلأمّىَّ} [الأعراف: 156، 157].
7- وقال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَوَلَّوْاْ عَنْهُ وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ} [الأنفال: 20].
8- وقال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱسْتَجِيبُواْ لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24].
9- وقال تعالى: {قَالَ ٱهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعاً بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مّنّى هُدًى فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَىٰ} [طه: 123].
10- وقال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].
11- وقال تعالى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَهْدِى ٱلْقَوْمَ ٱلظَّـٰلِمِينَ} [القصص: 50].
12- وقال تعالى: {وَٱتَّبِعُـواْ أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُـمْ مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُـمُ ٱلْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ} [الزمر: 55].
13- وقال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ ٱللَّهُ عَلَىٰ عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَىٰ سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَىٰ بَصَرِهِ غِشَـٰوَةً فَمَن يَهْدِيهِ مِن بَعْدِ ٱللَّهِ أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ} [الجاثية: 23].
14- وقال تعالى: {وَمَا ءاتَـٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَـٰكُمْ عَنْهُ فَٱنتَهُواْ} [الحشر: 7].


2- النصوص من السنة النبوية:


1- عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله))[2].
2- عن أبي شريح الخزاعي قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((أبشروا وأبشروا، أليس تشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله؟!)) قالوا: نعم، قال: ((فإن هذا القرآن سببٌ طرفُه بيد الله وطرفه بأيديكم، فتمسّكوا به، فإنّكم لن تضلّوا ولن تهلكوا بعده أبدًا))[3].
3- عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا خطب: ((أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة))[4].
4- عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله، كأن هذه موعظة مودّع فماذا تعهد إلينا؟ قال: ((أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبدًا حبشيًا، فإنه مَنْ يعش منكم فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل مُحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة))[5].
5- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: خطّ لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً خطاً ثم قال: ((هذا سبيل الله))، ثم خطّ خطوطاً عن يمينه وعن شماله ثم قال: ((هذه سبل على كل سبيل منها شيطان يدعو إليه))، ثم تلا: {وَأَنَّ هَـٰذَا صِرٰطِي مُسْتَقِيمًا فَٱتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ ٱلسُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذٰلِكُمْ وَصَّـٰكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [الأنعام:153][6].
6- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إنَّ لكل عمل شِرة، ولكل شِرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنّتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك))[7].
7- عن أنس رضي الله عنه في قصة الثلاثة الذين جاؤوا بيوت النبي صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم: أصلي الليل أبداً، وقال الآخر: أصوم الدهر ولا أفطر، وقال الآخر: أنا اعتزل النساء فلا أتزوج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم: ((أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني))[8].

رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-11, 02:46 PM   #4
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

3- النصوص المنقولة عن السلف الصالح وأتباعهم:


1- قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إياكم وأصحاب الرأي، فإن أصحاب الرأي أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يحفظوها، فقالوا بالرأي، فضلوا وأضلوا)[9].
2- وقال أيضاً: (سيأتي قوم يجادلونكم بشبهات القرآن، فخذوهم بالسنن، فإن أصحاب السنن أعلم بكتاب الله)[10].
3- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (إنها ستكون أمور مشتبهات، فعليكم بالتؤدة، فإن الرجل يكون تابعاً في الخير، خير من أن يكون رأساً في الضلالة)[11].
4- وقال ابن مسعود أيضاً: (إنكم أصبحتم على الفطرة، وإنكم ستحدثون ويحدث لكم، فإذا رأيتم محدثة فعليكم بالهدي الأول)[12].
5- وقال أيضاً: (إياكم وما يحدث الناس من البدع، فإن الدين لا يذهب من القلوب بمرّة، ولكن الشيطان يحدث له بدعاً، حتى يخرج الإيمان من قلبه، ويوشك أن يدع الناس ما ألزمهم الله من فرضه في الصلاة والصيام والحلال والحرام، ويتكلمون في ربهم عز وجل، فمن أدرك ذلك الزمان فليهرب)، قيل: يا أبا عبد الرحمن، فإلى أين؟ قال: (إلى لا أين)، قال: (يهرب بقلبه ودينه، لا يجالس أحداً من أهل البدع)[13].
6- وعنه أيضاً قال: (اتبعوا ولا تبتدعوا، فقد كفيتم، وكل بدعة ضلالة)[14].
7- وعن عنه أيضاً قال: (كيف أنتم إذا لبستكم فتنة يربو فيها الصغير ويهرم فيها الكبير، إذا ترك منها شيء قيل: تركت السنة)، قيل: متى ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ قال: (ذلك إذا ذهب علماؤكم، وكثرت جهالكم، وكثرت قراؤكم، وقلّت فقهاؤكم، والتمست الدنيا بعمل الآخرة، وتفقّه لغير الدين)[15].
8- وقال رجل لابن عباس: الحمد لله الذي جعل هوانا على هواكم، فقال ابن عباس رضي الله عنهما: (إن الله لم يجعل في هذه الأهواء شيئاً من الخير، وإنما سمي هوى لأنه يهوي بصاحبه في النار)[16].
9- وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه أخذ حجرين فوضع أحدهما على الآخر، ثم قال لأصحابه: (هل ترون ما بين هذين الحجرين من النور؟) قالوا: يا أبا عبد الله، ما نرى بينهما من النور إلا قليلاً، قال: (والذي نفسي بيده، لتظهرن البدع حتى لا يُرى من الحق إلا قدر ما ترون ما بين هذين الحجرين من النور. والله، لتفشونّ البدع حتى إذا ترك منها شيء قالوا: تركت السنة)[17].
10- ودخل ابن مسعود على حذيفة فقال: اعهد إليّ، فقال له: ألم يأتك اليقين؟! قال: بلى وعزّة ربي، قال: (فاعلم أنّ الضلالة حقَّ الضلالة أن تعرف ما كنت تُنكر، وأن تنكر ما كنت تعرفُ، وإياك والتلوُّن، فإن دين الله واحد)[18].
11- وعن سعيد بن المسيب قال: "إذا تكلم الناس في ربهم وفي الملائكة ظهر لهم الشيطان، فقدّمهم إلى عبادة الأوثان"[19].
12- وقال أبو العالية: "وعليكم بسنة نبيكم والذي كان عليه أصحابه، وإياكم وهذه الأهواء التي تلقي بين الناس العداوة والبغضاء"[20].
13- وقال شريح القاضي: "إن السنة قد سبقت قياسكم، فاتبع ولا تبتدع، فإنك لن تضل ما أخذت بالأثر"[21].
14- وعن إبراهيم النخعي قال: "كانوا يكرهون التلون في الدين"[22].
15- وعنه أيضاً: {فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ ٱلْعَدَاوَةَ وَٱلْبَغْضَاء} [المائدة:41]، قال: "الخصومات والجدال في الدين"[23].
16- وقال عمر بن عبد العزيز: "السنة إنما سنّها من علم ما جاء في خلافها من الزلل، ولهم كانوا على المنازعة والجدل أقدر منكم"[24].
17- وقال أيضاً: "من جعل دينه غرضاً للخصومات أكثر التنقّل"[25].
18- وعنه أيضاً قال: "إذا رأيت قوماً يتناجون في دينهم دون العامة فاعلم أنهم على تأسيس ضلالة"[26].
19- وسأل رجل عمر بن عبد العزيز عن شيء من الأهواء، فقال: "الزم دين الصبي في الكُتَّاب والأعرابي، وَالْه عما سوى ذلك"[27].
20- وقال الشعبي: "إنما الرأي بمنزلة الميتة، إذا احتجت إليها أكلتها"[28].
21- وقال الزهري: "من الله الرسالة، وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم البلاغ، وعلينا التسليم"[29].
22- وقال سفيان الثوري: "البدعة أحب إلى إبليس من المعصية، المعصية يُتاب منها، والبدعة لا يُتاب منها"[30].
23- وسُئل سفيان الثوري عن الكلام فقال: "دع الباطل، أين أنت عن الحق، اتبع السنة، ودع البدعة". وقال: "وجدت الأمر الاتباع"، وقال: "عليكم بما عليه الجمّالون والنساء في البيوت والصبيان في الكُتَّاب من الإقرار والعمل"[31].
24- وقال الأوزاعي: "بلغني أن الله إذا أراد بقومٍ شراً ألزمهم الجدل ومنعهم العمل"[32].
25- وعن الفضيل بن عياض قال: "أدركت خيار الناس كلهم أصحاب سنة، وينهون عن أصحاب البدع"[33].
26- وقال أيضاً: "لا تجالسوا أهل الخصومات؛ فإنهم يخوضون في آيات الله"[34].
27- وعن العوام بن حوشب قال: "إياكم والخصومات في الدين؛ فإنها تحبط الأعمال"[35].
28- وكان مالك بن أنس يقول: "الكلام في الدين أكرهه، ولم يزل أهل بلدنا يكرهونه وينهون عنه، نحو الكلام في رأي جهم والقدر، وكل ما أشبه ذلك، ولا أحب الكلام إلا فيما تحته عمل، فأما الكلام في دين الله عز وجل فالسكوت أحبّ إلي؛ لأني رأيت أهل بلدنا ينهون عن الكلام في الدين إلا فيما تحته عمل"[36].
29- وقال مالك أيضاً: "لو كان الكلام علماً لتكلم فيه الصحابة والتابعون، كما تكلموا في الأحكام والشرائع، ولكنه باطل يدلّ على باطل"[37].
30- وقال أيضاً: "إياكم والبدع"، قيل: يا أبا عبد الله، وما البدع؟ قال: "أهل البدع الذين يتكلمون في أسماء الله وصفاته وكلامه وعلمه وقدرته، ولا يسكتون عما سكت عنه الصحابة والتابعون لهم بإحسان"[38].
31- وجاء رجل إلى مالك فسأله عن مسألة، فقال له: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كذا وكذا، فقال الرجل: أرأيت؟ قال مالك: {فَلْيَحْذَرِ ٱلَّذِينَ يُخَـٰلِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [سورة النور:63][39].
32- وقال الشافعي: "لأن يلقى الله العبد بكل ذنب ما خلا الشرك خير له من أن يلقاه بشيء من الأهواء"[40].
33- وقال أيضاً: "لأن يُبتلى المرء بما نهى الله عنه خلا الشرك بالله خير له من أن يبتليه بالكلام"[41].
34- وقال أيضاً: "ما ارتدى أحدٌ بالكلام فأفلح"[42].
35- وقال أحمد بن حنبل: "إنه لا يفلح صاحب كلام أبداً، ولا تكاد ترى أحداً نظر في الكلام إلاَّ وفي قلبه دَغَل"[43].
36- وقال البغوي: "واتفق علماء السلف من أهل السنة على النهي عن الجدال والخصومات في الصفات، وعلى الزجر عن الخوض في علم الكلام وتعلمه"[44].
37- وقال ابن عبد البر: "أجمع أهل الفقه والآثار من جميع الأمصار أن أهل الكلام أهل بدع وزيغ، ولا يعدون عند الجميع في جميع الأمصار في طبقات العلماء، وإنما العلماء أهل الأثر والتفقه فيه، ويتفاضلون فيه بالإتقان والميز والفهم"[45].
38- وقال أيضاً: "ونهى السلف رحمهم الله عن الجدال في الله جل ثناؤه في صفاته وأسمائه، وأما الفقه فأجمعوا على الجدال فيه والتناظر؛ لأنه علم يحتاج فيه إلى رد الفروع على الأصول للحاجة إلى ذلك، وليست الاعتقادات كذلك؛ لأن الله عز وجل لا يوصف عند أهل السنة والجماعة إلا بما وصف به نفسه أو وصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أجمعت الأمة عليه، وليس كمثله شيء، فيدرك بقياس أو بإمعان نظر، وقد نهينا عن التفكر في الله، وأمرنا بالتفكر في خلقه الدال عليه، وللكلام في ذلك موضع غير هذا، والدين قد وصل العذراء في خدرها والحمد لله"[46].
39- وقال الشاطبي في بيان ذم البدع وأنه عام لا يخص بدعة دون غيرها: "فاعلموا ـ رحمكم الله ـ أن ما تقدم من الأدلة حجة في عموم الذم من أوجه:
أحدها: أنها جاءت مطلقة عامة على كثرتها لم يقع فيها استثناء ألبتة، ولم يأت فيها ما يقتضي أن منها ما هو هدى، ولا جاء فيها: (كل بدعة ضلالة إلا كذا وكذا) ولا شيء من هذه المعاني، فدل على أن تلك الأدلة بأسرها على حقيقة ظاهرها من الكلية.
الثاني: أنه قد ثبت في الأصول العلمية أن كل قاعدة كلية أو دليل شرعي كلي إذا تكررت في مواضع كثيرة، وأتي بها شواهد على معان أُصولية أو فروعية، ولم يقترن بها تقييد ولا تخصيص، مع تكررها وإعادة تقريرها، فذلك دليل على بقائها على مقتضى لفظها من العموم.
وقد جاء في الأحاديث المتعددة أن كل بدعة ضلالة، وأن كل محدثة بدعة. وما كان نحو ذلك من العبارات الدالة على أن البدع مذمومة، ولم يأت في آية ولا حديث تقييد ولا تخصيص ولا ما يفهم منه خلاف ظاهر الكلية فيها، فدل ذلك دلالة واضحة على أنها على عمومها وإطلاقها.
الثالث: إجماع السلف الصالح من الصحابة والتابعين ومن يليهم على ذمها كذلك، وتقبيحها والهروب عنها وعمّن اتسم بشيء منها، ولم يقع منهم في ذلك توقف ولا مثنوية، فهو بحسب الاستقراء إجماع ثابت، فدل على أن كل بدعة ليست بحق، بل هي من الباطل.
الرابع: أن متعقد البدعة يقتضي ذلك بنفسه؛ لأنه من باب مضادة الشارع واطّراح الشرع، وكل ما كان بهذه المثابة فمحال أنه ينقسم إلى حسن وقبيح وأن يكون منه ما يمدح ومنه ما يذم، إذ لا يصح في معقول استحسان مشاقة الشارع.
وأيضاً لو فرض أنه جاء في النقل استحسان بعض البدع أو استثناء بعضها عن الذم لم يتصور، لأن البدعة طريقة تضاهي المشروعة من غير أن تكون كذلك، وكون الشارع يستحسنها دليل على مشروعيتها، إذ لو قال الشارع: (المحدثة الفلانية حسنة) لصارت مشروعة"[47].

[1] جامع البيان (4/419).

[2] صحيح مسلم: كتاب الحج، باب: حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1218)، ورواه أبو داود (1905)، وابن ماجه (3074).

[3] رواه ابن حبان في صحيحه (122)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (1/169): "رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح"، وقد صححه الألباني في صحيح الترغيب (1/93).

[4] صحيح مسلم: كتاب الجمعة، باب: تخفيف الصلاة (867).

[5] رواه أحمد (4/126)، وأبو داود (5/13)، والترمذي وقال: "حسن صحيح"، وابن ماجه (1/15)، والدارمي (1/57)، والحاكم (1/95) وقال: "صحيح ليس له علة"، وقال الألباني: "سنده صحيح"، ونقل تصحيحه عن الضياء المقدسي في مشكاة المصابيح (165).

[6] رواه الإمام أحمد في المسند (1/435)، والدارمي في السنن (202)، والمروزي في السنة (ص5)، والحاكم في المستدرك (2/318) وقال: "صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، ورواه ابن أبي عاصم في السنة (17)، وابن بطة في الإبانة الكبرى (127)، واللالكائي في شرح السنة (94)، وقد حسّنه الألباني. انظر: حاشية المشكاة (1/59)، وظلال الجنة مع كتاب السنة (17).

[7] أخرجه أحمد (2/188، 210، 158، 165)، وابن أبي عاصم في السنة (51)، وابن حبان (11)، قال الألباني: "صحيح على شرط الشيخين". انظر: ظلال الجنة مع كتاب السنة (ص28)، وصحيح الترغيب والترهيب (1/98).

[8] رواه البخاري في كتاب النكاح، باب: الترغيب في النكاح (5063)، ومسلم في كتاب النكاح، باب: استحباب النكاح (1401).

[9] سنن الدارقطني: الوصايا (4/146)، وجامع بيان العلم (2/123)، وشرح اعتقاد أهل السنة (1/123).

[10] سنن الدرامي (1/49)، وجامع بيان العلم (2/123)، وشرح اعتقاد أهل السنة (1/123)، والإبانة لابن بطة (1/250) وقال المحقق: "إسناده صحيح".

[11] الإبانة (1/329)، والبدع لابن وضاح (80).

[12] الإبانة (1/329).

[13] شرح اعتقاد أهل السنة (1/121).

[14] الإبانة (1/327، 328).

[15] البدع لابن وضاح (34، 89)، وسنن الدارمي (191، 192)، وشرح اعتقاد أهل السنة (1/91، 92).

[16] البدع لابن وضاح (123).

[17] البدع والنهي عنها (58).

[18] شرح السنة للبغوي (1/216).

[19] الإبانة (1/121، 122).

[20] الإبانة (1/199).

[21] شرح السنة (1/216).

[22] جامع بيان العلم وفضله (2/93).

[23] الشرح والإبانة (141)، وجامع بيان العلم وفضله (2/93)، وتفسير ابن كثير (2/68).

[24] الشرح والإبانة (123).

[25] جامع بيان العلم (2/93)، وشرح السنة للبغوي (1/217).

[26] شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/135)، وجامع بيان العلم وفضله (2/93).

[27] جامع بيان العلم (2/93)، وشرح السنة للبغوي (1/217).

[28] شرح السنة للبغوي (1/216).

[29] شرح السنة (1/217).

[30] شرح السنة للبغوي (1/216).

[31] شرح السنة (1/217).

[32] شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/145)، وجامع بيان العلم وفضله (2/93).

[33] شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/138).

[34] سنن الدارمي (406)، وشرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/129)، ولفظه: "لا تجادلوا...".

[35] جامع بيان العلم وفضله (2/93)، وأخرجه اللالكائي (1/29) عن معاوية بن قرة، ومثله الآجري في الشريعة (56).

[36] جامع بيان العلم وفضله (2/95)، وانظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/148، 149).

[37] شرح السنة (1/217).

[38] شرح السنة (1/217).

[39] شرح السنة (1/216).

[40] شرح السنة (1/217).

[41] جامع بيان العلم (2/95)، وشرح السنة (1/217).

[42] شرح أصول اعتقاد أهل السنة (1/146)، وشرح السنة (1/217).

[43] جامع بيان العلم وفضله (2/95).

[44] شرح السنة (1/216).

[45] جامع بيان العلم وفضله (2/95).

[46] جامع بيان العلم وفضله 2/92.

[47] الاعتصام (1/141-142) باختصار.
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-11, 02:48 PM   #5
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

رابعا: من أسباب الوقوع في الابتداع:
1- الخلل في منهج التلقي:
أ- قلّة العلم بالشرع المُنزّل، والاعتماد على غيره:
ومن صوره:
·الجهل بحديث النبي صلى الله عليه وسلم وترك التفقه فيه:
"ثم إن من عجيب الأمر أن هؤلاء المتكلمين المدعين لحقائق الأمور العلمية والدينية المخالفين للسنة والجماعة يحتج كل منهم بما يقع له من حديث موضوع، أو مجمل لا يفهم معناه، وكلّما وجد أثراً فيه إجمال نزّله على رأيه"[1].
"وهؤلاء المبتدعون يجهلون حقائق ما جاء به الرسول ويعرضون عنه، ثم يحكمون بموجب جهلهم أن ليس في ذلك من البراهين من جنس ما في كلامهم، ولو أوتوا العقل والفهم لما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم لتبيّنوا أنه الجامع لكل خير"[2].
·الاعتماد على الحكايات والرؤى والمنامات:
"وأضعف هؤلاء احتجاجاً قوم استندوا في أخذ الأعمال إلى المنامات، وأقبلوا وأعرضوا بسببها، فيقولون: رأينا الرجل الصالح فقال لنا: اتركوا كذا، واعملوا كذا، ويتفق مثل هذا كثيراً للمترسمين برسم التصوف، وربما قال بعضهم: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال لي كذا وأمرني بكذا، فيعمل بها ويترك بها، معرضاً عن الحدود الموضوعة في الشريعة"[3].
·الجهل بآثار السلف وأقوالهم:
"عامة هؤلاء المختلفين في الكتاب لم يعرفوا القول السديد قول السلف، بل ولا سمعوه ولا وجدوه في كتاب من الكتب التي يتداولونها، لأنهم لا يتداولون الآثار السلفية... ولهذا إنما يذكر أحدهم أقوالاً مبتدعة إما قولين وإما ثلاثة وإما أربعة وإما خمسة، والقول الذي كان عليه السلف ودلّ عليه الكتاب والسنة لا يذكره، لأنه لا يعرفه"[4].
·الاعتماد في تفسير القرآن على العقل واللغة دون الحديث وآثار السلف:
"ولهذا تجد المعتزلة والمرجئة والرافضة وغيرهم من أهل البدع يفسّرون القرآن برأيهم ومعقولهم وما تأوّلوه من اللغة. ولهذا تجدهم لا يعتمدون على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين، فلا يعتمدون لا على السنة ولا على إجماع السلف وآثارهم، وإنما يعتمدون على العقل واللغة، وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة والحديث وآثار السلف، وإنما يعتمدون على كتب الأدب وكتب الكلام التي وضعتها رؤوسهم"[5].
·الأخذ بالأحاديث والآثار المنقولة الواهية والمكذوبة:
"وأما أهل الأهواء ونحوهم فيعتمدون على نقلٍ لا يعرف له قائل أصلاً، لا ثقة ولا معتمداً، وأهون شيء عندهم الكذب المختلق، وأعلم من فيهم لا يرجع فيما نقله على عمدة، بل إلى سماعات عن الجاهلين والكذابين، وروايات عن أهل الإفك المبين"[6].
ب- ترك تلقي العلم الشرعي عن العلماء وترك مجالستهم:
قال أبو معاذ البلخي خلف بن سليمان: "كان جهم على معبر ترمذ، وكان رجلاً كوفيّ الأصل فصيح اللسان، لم يكن له علم ولا مجالسة لأهل العلم، كان تكلم كلام المتكلمين وكلّمه السُّمنيّة"[7].
ج- التلقي عن أهل البدع ومخالطتهم والجلوس معهم:
يقول الله عز وجل: {وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِى ءايَـٰتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِى حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنسِيَنَّكَ ٱلشَّيْطَـٰنُ فَلاَ تَقْعُدْ بَعْدَ ٱلذِّكْرَىٰ مَعَ ٱلْقَوْمِ ٱلظَّـٰلِمِينَ} [الأنعام:68].
"وفي هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتسمّح بمجالسة المبتدعة الذين يحرّفون كلام الله، ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله، ويردون ذلك إلى أهوائهم المضلة وبدعهم الفاسدة... ومن عرف هذه الشريعة المطهّرة حقّ معرفتها علم أن مجالسة أهل البدع المضلّة فيها من المفسدة أضعاف أضعاف ما في مجالسة من يعصي الله بفعل شيء من المحرمات، ولا سيما لمن كان غير راسخ القدم في علم الكتاب والسنة، فإنه ربما ينفق عليه من كذباتهم وهذيانهم ما هو من البطلان بأوضح مكان، فينقدح في قلبه ما يصعب علاجه ويعسر دفعه، فيعمل بذلك مدة عمره، ويلقى الله به معتقداً أنه من الحق، وهو ـ والله ـ من أبطل الباطل وأنكر المنكر"[8].
وقال أبو قلابة الجرميّ التابعي: "لا تجالسوا أهل الأهواء ولا تجادلوهم؛ فإني لا آمن أن يغمسوكم في الضلالة، أو يلبسوا عليكم في الدين بعض ما لُبّس عليهم"[9].
وقال الشيخ موفق الدين ابن قدامة: "كان السلف ينهون عن مجالسة أهل البدع والنظر في كتبهم والاستماع لكلامهم"[10].
وقال أبو الوفاء بن عقيل: "وكان أصحابنا الحنابلة يريدون مني هجران جماعة من العلماء، وكان ذلك يحرمني علماً نافعاً"، فعلّق الذهبي قائلاً: "قلت: كانوا ينهونه عن مجالسة المعتزلة، ويأبى حتى وقع في حبائلهم، وتجاسر على تأويل النصوص، نسأل الله السلامة"[11].
وعن أبي أميّة اللخمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن من أشراط الساعة ثلاثاً، واحدتهن أن يلتمس العلم عند الأصاغر))[12].
قال ابن المبارك: "الأصاغر أهل البدع"[13].
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-11, 02:51 PM   #6
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

2- الخلل في منهج الاستدلال:
أ- عدم التسليم للنصوص الشرعية وعدم الانقياد لها:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (إياكم وأصحاب الرأي؛ فإنهم أعداء السنن، أعيتهم الأحاديث أن يعوها، وتفلّتت منهم أن يحفظوها، فقالوا في الدين برأيهم).
قال أبو بكر بن أبي داود: "أهل الرأي هم أهل البدع"[14].
ومن صور عدم التسليم:
·ردّ الأحاديث التي لا توافق بدعهم وأهواءهم:
· بالقدح في رواتها الثقات العدول.
· أو بنفي حجية خبر الآحاد.
· أو بتحريف الأدلة عن مواضعها وصرفها عن ظواهرها بتأويلات فاسدة[15].
·اتباع المتشابه من الأدلة وترك المحكم[16].
·معارضة النصوص الشرعية بالأهواء (الكشف، الذوق، الرأي، المنامات، المصلحة...)[17].
ب- الاستدلال ببعض النصوص دون النظر في غيرها:
قال وكيع بن الجرّاح: "أهل السنة يروون ما لهم وما عليهم، وأهل البدعة لا يروون إلا ما لهم"[18].
ج- الاحتجاج على صحّة ومشروعية البدعة بالعادة والعُرف:
" فكيف يعتمد المؤمن العالم على عادات أكثر من اعتادها عامة أو مَنْ قيّدته العامة أو قوم مترئّسون بالجهالة... والاحتجاج بمثل هذه الحجج والجواب عنها معلوم أنه ليس من طريقة أهل العلم، ولكن لكثرة الجهالة قد يستند إلى مثلها خلق كثير من الناس حتى من المنتسبين إلى العلم والدين"[19].
د- الاحتجاج على صحّة ومشروعية البدعة بعمل بعض ذوي العلم والفضل بها:
"ومِنْ هنا يغلظ كثير من الناس، فإنهم يبلغهم أن بعض الأعيان من الصالحين عبدوا عبادة أو دعوا دعاء ووجدوا أثر تلك العبادة وذلك الدعاء، فيجعلون ذلك دليلاً على استحسان تلك العبادة والدعاء، ويجعلون ذلك العمل سنة كأنه قد فعله نبيّ، وهذا غلط"[20].
هـ- الاحتجاج باختلاف العلماء[21].
و- الاحتجاج بحصول منفعة هذه البدعة بالتجربة[22].

التعديل الأخير تم بواسطة رقية مبارك بوداني ; 23-06-11 الساعة 02:59 PM
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-11, 02:53 PM   #7
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

3- الجهل بكلام العرب وأساليبهم في الخطاب:
قال الإمام الشافعي: "وإنما بدأت بما وصفت من أن القرآن نزل بلسان العرب دون غيره لأنه لا يعلم مِنْ إيضاح جمل علم الكتاب أحدٌ جَهِل سعة لسان العرب وكثرة وجوهه وجماع معانيه وتفرّقها. ومن علمه انتفت عنه الشبه التي دخلت على من جهل لسانها"[23].
قال الشاطبي: "ومنها تخرّصهم على الكلام في القرآن والسنة العربيين مع العُرُوّ عن علم العربية الذي يفهم به عن الله ورسوله، فيفتاتون على الشريعة بما فهموا ويدينون به ويخالفون الراسخين في العلم، وإنما دخلوا في ذلك من جهة تحسين الظن بأنفسهم واعتقادهم أنه من أهل الاجتهاد والاستنباط، وليسوا كذلك"[24].
4- اتباع الهوى:
قال وكيع بن الجراح: "من طلب الحديث كما جاء فهو صاحب سنة، ومن طلب الحديث ليقوّي هواه فهو صاحب بدعة"[25].

قال البخاري: "يعني أن الإنسان ينبغي أن يلغي رأيه لحديث النبي صلى الله عليه وسلم حيث ثبت الحديث، ولا يعلل بعلل لا تصح ليقوّي هواه"[26].
"وأصل الضلال اتباع الظن والهوى، كما قال الله تعالى في حق من ذمهم: {إِن يَتَّبِعُونَ إِلاَّ ٱلظَّنَّ وَمَا تَهْوَى ٱلأنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مّن رَّبّهِمُ ٱلْهُدَىٰ} [النجم:23]"[27].
"وكان السلف يسمّون أهل الآراء المخالفة للسنة وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم في مسائل العلم الخبرية وأهل مسائل الأحكام العملية، يسمونهم أهل الشبهات والأهواء؛ لأن الرأي المخالف للسنة جهلٌ لا علم، وهوى لا دين، فصاحبه ممن اتبع هواه بغير هدى من الله"[28].
"الشرع قد دلّ على أن الهوى هو المتبع الأول في البدع، وهو المقصود السابق في حقهم، ولذلك تجدهم يتأوّلون كل دليل خالف هواهم، ويتبعون كل شبهة وافقت أغراضهم".
"والأدلة على هذا كثيرة تشير أو تصرّح بأن كل مبتدع إنما يتبع هواه، وإذا اتبع هواه كان مذموماً وآثماً، والأدلة عليه أيضاً كثيرة:
كقوله: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ ٱتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مّنَ ٱللَّهِ} [القصص:50].
وقوله: {وَلاَ تَتَّبِعِ ٱلْهَوَىٰ فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدُ بِمَا نَسُواْ يَوْمَ ٱلْحِسَابِ} [ص:26].
وقوله: {وَلاَ تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَن ذِكْرِنَا وَٱتَّبَعَ هَوَاهُ} [الكهف:28]"[29].
5- الغلو والتعصب:
قال الشاطبي: "والثالث من أسباب الخلاف: التصميم على اتباع العوائد وإن فسدت أو كانت مخالفة للحق، وهو اتباع ما كان عليه الآباء والأشياخ وأشباه ذلك، وهو التقليد المذموم، فإن الله ذم ذلك في كتابه، كقوله: {بَلْ قَالُواْ إِنَّا وَجَدْنَا ءابَاءنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ ءاثَـٰرِهِم مُّهْتَدُونَ} [الزخرف:23]".
"وهذا الوجه هو الذي مال بأكثر المتأخرين من عوام المبتدعة إذا اتفق أن ينضاف إلى شيخ جاهل أو لم يبلغ مبلغ العلماء، فيراه يعمل عملاً فيظنه عبادة فيقتدي به كائناً ما كان ذلك العمل، موافقاً للشرع أو مخالفاً، ويحتج به على من يرشده، فيقول: كان الشيخ فلان من الأولياء، وكان يفعله وهو أولى أن يقتدى به من علماء أهل الظاهر، فهو في الحقيقة راجع إلى تقليد من حسُن ظنه فيه أخطأ أو أصاب، كالذين قلّدوا آباءهم سواء"[30].
"ومن سالكي طريق الإرادة والعبادة والفقر والتصوّف من يجعل شيخه كذلك، بل قد يجعله كالمعصوم، ولا يتلقى سلوكه إلا عنه، ولا يتلقى عن الرسول سلوكه"[31].

[1] مجموع الفتاوى (4/82-83).

[2] درء التعارض (7/381-382).

[3] الاعتصام للشاطبي (1/331)، وانظر: مجموع الفتاوى (19/5).

[4] مجموع الفتاوى (12/309).

[5] مجموع الفتاوى (7/119).

[6] مجموع الفتاوى (27/479). وانظر: الاعتصام للشاطبي (1/287-293).

[7] شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي (2/423).

[8] فتح القدير للشوكاني (2/128).

[9] أخرجه عبد الله بن أحمد في السنة (1/137)، والدارمي في السنن (1/90)، والآجري في الشريعة (1/435-436) وغيرهم بإسناد صحيح.

[10] الآداب الشرعية لابن مفلح (1/251).

[11] سير أعلام النبلاء (19/447).

[12] أخرجه ابن المبارك في الزهد (61)، والطبراني في الكبير (22/361-362) وغيرهما، وحسّنه الحافظ عبد الغني المقدسي كما في السلسلة الصحيحة (695).

[13] ذم الكلام وأهله للهروي (5/76).

[14] جامع بيان العلم وفضله (2/1042)، وأثر عمر هذا مروي من وجوهٍ كثيرة يثبت بها.

[15] انظر: الاعتصام (1/294-301)، ومجموع الفتاوى (17/415).

[16] انظر الإبانة لابن بطة (2/501-الإيمان)، وإعلام الموقعين (2/293-306).

[17] انظر: اقتضاء الصراط المستقيم (2/687)، ودرء التعارض (5/245)، والنبوات (1/420-421).

[18] رواه الدارقطني في السنن (1/26)، وأبو نعيم في أخبار أصبهان (2/18-19).

[19] اقتضاء الصراط المستقيم (2/587-588، 585 –586)، وانظر: الحوادث والبدع للطرطوشي (ص69)، والباعث لأبي شامة (ص84).

[20] اقتضاء الصراط المستقيم (2/700-701).

[21] انظر: مجموع الفتاوى (22/366-367).

[22] اقتضاء الصراط المستقيم (2/695-700)، وسنن أبي داود (3883).

[23] الرسالة (ص50 فقرة 169).

[24] الاعتصام (1/301).

[25] رفع اليدين في الصلاة للبخاري (ص105).

[26] رفع اليدين في الصلاة (ص105).

[27] مجموع الفتاوى (3/384).

[28] إغاثة اللهفان (2/170).

[29] الاعتصام (1/190-191).

[30] الاعتصام (2/688-691).

[31] مجموع الفتاوى (19/272-273).
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
قديم 23-06-11, 02:57 PM   #8
رقية مبارك بوداني
|تواصي بالحق والصبر|
مسؤولة الأقسـام العامة
افتراضي

خامساً: أخطار البدع على دين المرء[1]:
1- اتخاذ الشركاء مع الله عز وجل:
قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُواْ لَهُمْ مّنَ ٱلدّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ ٱللَّهُ} [الشورى:21].
وقال الشافعي: "من استحسن فقد شرّع"[2].
وقال الشافعي أيضًا: "وإنما الاستحسان تلذُّذ، ولا يقول فيه إلا عالم بالأخبار، عاقل بالتشبه عليها، وإذا كان هذا هكذا كان على العالم أن لا يقول إلا من جهة العلم ـ وجهة العلم الخبر اللازم ـ بالقياس بالدلائل على الصواب، حتى يكون صاحب العلم أبدًا متبعًا خبرًا وطالب الخبر بالقياس، كما يكون متبع البيت بالعيان وطالب قصده بالاستدلال بالأعلام مجتهدًا"[3].
وقال أيضًا: "ولم يجعل الله لأحد بعد رسول الله أن يقول إلا من جهة علمٍ مضى قبله، وجهة العلم بعد الكتاب والسنة والإجماع والآثار، وما وصفتُ من القياس عليها"[4].
ويبين هذا الخطر ويوضحه تفسير النبي صلى الله عليه وسلم لآية التوبة: {ٱتَّخَذُواْ أَحْبَـٰرَهُمْ وَرُهْبَـٰنَهُمْ أَرْبَاباً مّن دُونِ ٱللَّهِ} [التوبة: 31]، فقد دخل عدي بن حاتم رضي الله عنه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه الآية، فقال عدي: يا رسول الله، إنا لسنا نعبدهم، فقال صلى الله عليه وسلم: ((أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرّم الله فتحلونه؟!)) قال: بلى، قال: ((فتلك عبادتهم))[5].
2- مخالفة وتكذيب لصريح القرآن:
يقول المولى عز وجل: {مَّا فَرَّطْنَا فِى ٱلكِتَـٰبِ مِن شَىْء} [الأنعام: 38]، ويقول: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِى وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلإسْلاَمَ دِيناً} [المائدة: 3].
يقول الشوكاني: "فإذا كان الله قد أكمل دينه قبل أن يقبض نبيه صلى الله عليه وسلم، فما هو الرأي الذي أحدثه أهله بعد أن أكمل الله دينه، إن كان من الدين في اعتقادهم فهو لم يكمُل عندهم إلا برأيهم، وهذا فيه ردٌّ للقرآن، وإن لم يكن من الدين فأي فائدة بالاشتغال بما ليس من الدين؟!"[6].
3- مخالفة وتكذيب لصريح السنة الصحيحة:
قال صلى الله عليه وسلم: ((ما تركت شيئًا مما أمركم الله به إلا وقد أمرتكم به))[7].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((إنه لم يكن نبيٌ قبلي إلا كان حقًا عليه أن يدلّ أمته على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم))[8].
قال أحمد شاكر: "وهذا معلوم من الدين بالضرورة"[9].
4- اتهام النبي صلى الله عليه وسلم بالخيانة:
يؤثر عن الإمام مالك رحمه الله قوله: "من أحدث في هذه الأمة شيئًا لم يكن عليه سلفها فقد زعم أن رسول الله خان الرسالة؛ لأن الله يقول: {ٱلْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: 3][10].
وقال تعالى: {يَـٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ} [المائدة: 67].
قالت عائشة رضي الله عنها لمسروق: (ومن حدّثك أن محمدًا كتم شيئًا مما نزل عليه فقد كذب)[11].
5- عمل المبتدع مردود:
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))[12]، وفي رواية: ((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد))[13].
وهذه خسارة ما بعدها خسارة، يقول الله تعالى: {قُلْ هَلْ نُنَبّئُكُم بِٱلأخْسَرِينَ أَعْمَـٰلاً (103) ٱلَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا} [الكهف: 103، 104].
6- الهلاك والوعيد للمبتدع:
عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((إني تركتكم على مثل البيضاء، ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك))[14].
وقال صلى الله عليه وسلم: ((لكل عمل شرة[15]،ولكل شرة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك))[16].
وقال ابن مسعود رضي الله عنه حين رأى حِلقًا في المسجد، وعلى كل حلقة رجل وفي أيديهم حصى، فيقول: كبروا مائة، ثم يقول: هللوا مائة، وسبحوا مائة، فقال رضي الله عنه: (عدّوا سيئاتكم. ويحكم يا أمة محمد، ما أسرع هلكتكم، هؤلاء صحابة نبيكم صلى الله عليه وسلم متوافرون، وهذه ثيابه لم تبل، وآنيته لم تُكسر، والذي نفسي بيده إنكم لعلى ملة هي أهدى من ملة محمد، أو مفتتحو باب ضلالة...)[17].
7- المبتدع يحمل أوزار من تبعه:
يقول تعالى: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} [النحل: 25].
قال مجاهد: "يحملون وزر من أضلوه، ولا ينقص من إثم المضلّ شيء"[18].
قال ابن كثير: "أي: إنما قدرنا عليهم أن يقولوا ذلك فيتحملوا أوزارهم ومن أوزار الذين يتبعونهم ويوافقونهم، أي: يصير عليهم خطيئة ضلالهم في أنفسهم، وخطيئة إغوائهم لغيرهم واقتداء أولئك بهم، كما جاء في الحديث ((من دعا إلى هدى...)). ثم قال: وقال تعالى: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ وَلَيُسْـئَلُنَّ يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ عَمَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ} [العنكبوت:13].
وهكذا روى العوفي عن ابن عباس قال: {لِيَحْمِلُواْ أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ ٱلْقِيَـٰمَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ ٱلَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ} إنها كقوله: {وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ وَأَثْقَالاً مَّعَ أَثْقَالِهِمْ}"[19].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال صلى الله عليه وسلم: ((من دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيء))[20].
8- المبتدع يحجب عن الحوض:
عن سهل بن سعد وأبي سعيد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إني فرطكم[21]على الحوض من مرّ علي شرب، ومن شرب لم يظمأ أبدًا، ليردن عليّ أقوام أعرفهم ويعرفوني، ثم يحال بيني وبينهم، فأقول إنهم مني، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول سحقًا لمن غيرّ بعدي))[22].

[1] جمع هذه الأخطار الشيخ وجدي غزاوي، وألقاها في خطبة جمعة، قبيل المولد لعام 1422هـ.

[2] هذا القول مشهور ومستفيض عن الشافعي رحمه الله بهذا اللفظ، ولم نجده في مصدر ينسبه إلى الشافعي بسند، وجزم الألباني رحمه الله بنسبته إلى الإمام الشافعي. انظر: السلسلة الضعيفة (2/ 19).

[3] الرسالة (ص507-508).

[4] الرسالة (ص508).

[5] أخرجه الطبري في تفسيره (6/114)، والطبراني في المعجم الكبير (17/92)، وأخرجه الترمذي بنحوه في كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة التوبة (3095).

[6] القول المفيد من الرسائل السلفية (ص38).

[7] أخرجه الشافعي في مسنده (1/14)، وفي الأم (7/289، 299)، والبيهقي في سننه (7/76)، وانظر تعليق أحمد شاكر على الرسالة (ص93-103)، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (4/417)

[8] أخرجه مسلم: كتاب الإمارة، باب: وجوب الوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول (1844) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

[9] تعليقه علىالرسالة للشافعي (ص95).

[10] ذكره ابن حزم في الإحكام مسندًا (6/225).

[11] صحيح البخاري: كتاب التفسير، باب: {يٰأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ} (4612)، صحيح مسلم: كتاب الإيمان، باب: معنى قول الله عز وجل {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى} (177).

[12] أخرجه مسلم: كتاب الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (1718).

[13] أخرجه البخاري: كتاب الصلح، باب: إذا اصطلحوا على صلح جور فالصلح مردود (2697)، ومسلم: كتاب الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور (1718).

[14] أخرجه بهذا اللفظ أحمد (4/126)، وابن ماجه: المقدمة، باب: اتباع سنة الخلفاء الراشدين المهديين (44) وغيرهما، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة (937).

[15] الشرة: النشاط والرغبة. لسان العرب (4/401) [شرر].

[16] أخرجه أحمد (2/188)، وابن أبي عاصم في السنة (51)، وحسن إسناده الألباني في التعليق على السنة.

[17] سنن الدارمي: المقدمة، باب: كراهية أخذ الرأي (1/79).

[18] تفسير القرطبي (10/96).

[19] تفسير ابن كثير (4/484).

[20] أخرجه مسلم: كتاب العلم، باب: من سن سنة حسنة أو سيئة (2674).

[21] فرطكم: الفارط والفَرَط ـ بالتحريك ـ: المتقدم إلى الماء، يتقدم الواردة فيهيئ لهم الأرسان والدلاء، ويملأ الحياض ويستقي لهم. لسان العرب (7/366) [فرط].

[22] أخرجه البخاري: كتاب الرقاق، باب: في الحوض (6583، 6584).
رقية مبارك بوداني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مسألة مهمة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حسناء محمد كوني داعية 4 07-08-15 10:21 PM


الساعة الآن 06:11 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .