العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . معهد العلوم الشرعية . ~ . > ๑¤๑ أقسام معهد العلوم الشرعية الدراسية ๑¤๑ > || المستوى الأول || > حلية طالب العلم > أرشيف الفصول السابقة

الملاحظات


موضوع مغلق
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 26-03-15, 12:27 AM   #1
صوفيا محمد
|علم وعمل، صبر ودعوة|
|طالبة في المستوى الثاني 1 |
افتراضي

[frame="10 10"]
✿الدرس الثاني ✿


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجميعين أما بعد :
شرع المصنف في الكلام على الأمر الأول وهو ما يتعلق بـ "آداب الطالب في نفسه" وذكر منها في المرة الماضية أدبين:
الأدب الأول : عنون لها بقوله "العلمُ عبادة" وعلى هذا فلا يملّ الطالب من طول طريق التعلم و لا يتشوّف إلى الانتهاء منه لأنه عبادة ؛فبقدر مُكثِه في هذا السبيل هو في عبادة يتعبد الله ويتقرب إلى الله عزوجل.

ثم ذكر الأدب الثاني وقال : "كن على جادة السلف الصالح " يعني به القرون الأولى الصحابة و التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؛ فطريقتهم هي الطريقة المرجوة ،إذا ثبتَ شيء عنهم فينبغي للطالب أن لا يتركه و أن لا يتجاوزهُ إلى غيره.. لماذا ؟
لأن طريقتهم هي الطريقة المرضية التي رضي الله عنها ، وبِسببها حَل عليهم الرضوان وكانوا من أهل الجنة .
ثم تكلم على لزوم خشية الله وعلقنا عليها سريعا في المرة الماضية ثم قال المصنف رحمه الله بعد ذلك قال في الأدب الرابع المندرج تحت آداب الطالب في نفسه قال : "دوام المراقبة"
المراقبة من راقب ، هذه المادة الراء و القاف و الباء تدل على مراعاة الشيء و على ملاحظته ،و لذلك يعرّف العلماء المراقبة بأنها ملاحظة الرقيب و تيقن العبد بأن الله مطلعٌ عليه ظاهراً و باطناً،يسمع كلامه ويرى أفعاله و يعلم ما في نفسه و قد فُسرت المراقبة
بقوله صلى الله عليه وعلى اله وسلم : "أن تعبد الله كأنك تراه " في حديث جبريل المشهور في الصحيح ، سأله عن الإحسان :"قال أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك".
قال المصنف: " تحلَّ بدوام المراقبةِ لله تعالى في سرك وعلانيتك"
لماذا ؟

لأنه سبحانه وتعالى مطلع على باطنك و ظاهرك يستوي عنده السر و العلانية قال تعالى {يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى }، وقال تعالى:{سَوَاء مِّنكُم مَّنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَن جَهَرَ بِهِ وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ}"آيات تقرع القلوب ، ولذلك بعض العلماء فسر السر هنا بما لم يتحدث به بلسانه ؛ فقط ما خطر على قلبه قال السر هو ما خطر على القلب "{يَعْلَمُ السِّرَّ} " و بناء على هذا ما هو الأخفى ؟
قالوا الأخفى هو ما لم يخطر بعدُ على قلب العبد ، يعلم ربُّ العزة و الجلال صفته ويعلمُ وقته ، و إذا تأمل العبدُّ هذا العلم وسعته امتلأ قلبه إجلالا و عظمة وهيبة ،و لنا أن نتخيل لو كُشِف لنا الحجاب ورأينا الملائكة من حولنا ، يعني ترى الكَتبة و نرى الحافظين معنا في الغرف ومعنا إذا ركبنا على الدواب ، ومعنا إذا أكلت وإذا شربت وإذا تكلمت و إذا ذهبت إلى مكان العمل و إذا دخلت إلى منزلك و إذا كنت مع أهلك و أولادك الملائكة معك في كل مكان تراهم بعينك ، كيف سيكون حالنا هل سنجرأ على معصية الله ؟!!
الجواب : لا ! إذن فلنعلم أن الله لا يخفى عليه شيء، و أنه يحصي أعمالنا و أعمال الملائكة فهو لايحتاج إليهم أصلا .
قال :"تحلَّ بدوام المراقبة لله تعالى في سرِّك و علانيتك و سِرْ إلى ربك بين الخوف و الرجاء" يمثّل العلماء لها بجناحي الطائر، قالوا الطائر لا يطير إلا بجناحين ، فكذلك العبد عليه أن يسير بهذين الجناحين فيرجو رحمة الله و يخاف عقابه. وعلامة ذلك أن يعمل لأنه بدون العمل لا يسمى رجاءً ، بل كما ورد يقال له تمنى و هو الذي يتمنى حصول المطلوب من النجاة والجنة و لكن مع ترك العمل .الذي يتمنى حصول ذلك مع ترك العمل هذا اسمه تمنّي ؛ يترك العمل و يُصِّر على المعصية و يعطي نفسه شهواتها ولا يردعها ولا يتوب ومعَ هذا يقول: أنا أرجُو رحمة الله! هذا عاجز وليس راجيا
قال : " و سر إلى ربك بين الخوف و الرجاء "
الخوف و الرجاء في الحقيقة مُتلازمَان؛ فالمؤمنُ يرجو رحمة الله ويعمل ويخاف من فوات هذا المطلوب ولذلك يقولون: الخوف يستلزم الرجاء والرجاء يستلزم الخوف لأن الراجي يترقب و ينتظر و هذا فيه تعلق بمن يرجوه و فيه انكسار له ، وهذا من معاني الخوف و لوازمه .

قال : "و أقبل عليه بكُلِّيتك و املأ قلبك بمحبته و لسانك بذكره ، و استبشر بأحكامه وحكمه سبحانه"
يعني افرح بها فالله سبحانه و تعالى رحيم و حليم وعليم وهذا مما يوجب حمده و يوجب شكره لكمال حكمته و جميل صنيعه و لطيف فعله و يسر أمره .

قال :" خفض الجناح و نبذ الخيلاء و الكبرياء "
النبذ: بمعنى الطرح و الترك ، لكنه مع الإهانة و الاستغناء عنه ، ومنه
.قوله تعالى :" فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ "يعني طرحوه استهانة منهم
.
قال :" إياك و الخيلاء " هذا يسمونه تحذير يعني احذر الخيلاء . قال :" و هي الإعجاب بالنفس مع إظهار ذلك بالبدن". هذا تفسير الخيلاء عند جمع من العلماء ، يقولون الفرق بين الخيلاء و الفخر هو القول و الفعل ، الفخر يُغلب فيه جانب القول ، والخيلاء غلب فيه جانب الفعل و لذلك قال المصنف "مع إظهار ذلك بالبدن "، فتظهر هذا في التصرفات؛ يظهره طالب العلم في تصرفاته أو في مشيته و نحو ذلك . قال :" فإنه نفاق وكبرياء " نفاق لأنه خلاف الحقيقة و لذلك الخيلاء في الأصل مشتق من الخيال صورة مجردة لاحقيقة لها يتصنع. .
قال : "و احذر داء الجبابرة الكِبر،و هو بطر الحق و غَمطُ الناس " .
هذا تفسير
النبي صلى الله عليه وعلى اله وسلم للكبر كما جاء في الصحيح قال: " الكبر بطر الحق وغمط الناس " . " بطر الحق " بمعنى دفعه ورد الحق وعدم قبوله وعدم الانقياد له. ومعنى "غمط الناس" : يعني احتقارهم.

قال :" وهو مع الحرص و الحسد أول ذنب عُصِيَ الله به" . يشير إلى قصة إبليس لعنهُّ الله مع أبينا آدم عليه الصلاة والسلام لما أبى أن يسجد له ، و حسدَ أبَانا أدم على ما حَباه الله من إكرام ،فالله خلقه بيديه ونفخ فيه من روحه و أسجد له ملائكته فتكبر إبليس و قال أنا خير منه .
وقوله :"أولُّ ذنب عصي الله به" . يعني مما أخبرنا به على وجهِ التفصيل و الإخبار و إلا فقد جاء في القرآن إشارة إلى وجود المعاصي قبل ذلك في قوله تعالى : {وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ }قال بعض أهل العلم أن الجن كانت تعصي الله قبل الإنسان قبل خلقِ آدم عليه الصلاة والسلام .
قال :"فلا تتطاول على معلمك ولاتستنكف عمن يفيدك ممن هو دونك " التطاول بمعنى التفاخر و الترفع و التكبر يعني يظهر ذلك ؛يظهر أنه أطول و أرفع منه ، ومعنى قوله : "ولا تستنكف عمن يفيدك" يعني لا تأنف و تمتنع استكبارا ومنه قوله تعالى :{لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ۚ.} يعني لايمتنع ويرغب عنها ،أن يكون عبد الله استكبارا و إعراضا .
قال :" ولا تقصِّر في العمل بالعلم ، فكل ذلك كبر وعنوان حرمان " صدق رحمه الله فمن لم يعمل بالعلم ولم ينتفع به فقد حرم ؛هذه علامة الحرمان ، نسأل الله السلامة والعافية ، و أن يجعلنا و إياكم من العالمين العاملين، فهذه أعلى درجة، هذه من الدرجات العالية أن يكون الإنسان عالمًا عاملا بعلمه ،وهذا الذي يسمونه " العالم الرباني".
قال :"فعليك أن تلتصق بالأرض" . يعني يشير إلى التواضع و التذلل و الخضوع .
قال :" وأن تهضم نفسك "،يعني تضع من قدرها تواضعا ،"و ترغمها عند الاستشراف لكبرياء" ترغمها أي تكرهها هذا يقال كناية على الإذلال لأن الرَغام بمعنى التراب فقولهم :أرغم الله أنفه يعني ألصقه بالتراب إهانة وجبرا .
قال : "وترغمها عند الاستشراف لكبرياء أو غطرسة"
الغطرسة بمعنى الإعجاب و التكبر و التطاول على الأصحاب .

قال: "أو حب ظهور أو عجب فإن هذه آفات العلم القاتلة له" يعني أنه يكره نفسه على التواضع و الخضوع و يجبرها على ذلك . ووصف هذه الصفات بأنها قاتلة للعلم لماذا ؟
لأن العلم نور من الله وهذه الصفات مما توجب غضب رب العزة و الجلال فوجب اجتنابها.
قال : "وتحلَّ بآدابِ النفس من العفافِ و الحلم و الصَّبر و التواضع للحقِ ذليلا له مع الوقار و الرزانة" .
العفاف: في الأصل الكفّ عما لا ينبغي ولا يليق ،و المراد به هنا الكف عن الحرام و عن مطامع الدنيا و عن سؤال الناس وعن خوارم المروءة ونحو ذلك ، و الحلم بمعنى العقل والتثبت و الأناة و عدم العجلة ، ويقول الحكماء : الحلم زينة العبد. وقوله :الوقار هي السكينة، لكن الوقار يكون في الهيئة كغض البصر وعدم الالتفات و خفض الصوت ونحو ذلك ، و الرزانة : بمعنى الوقار و الثقة ، ونقول رجل رزين بمعنى ثقيل ، لكنهم يقولون الرزانة أعم ؛ الرزانة تستعمل في الإنسان وفي غير الإنسان بخلاف الوقار .

قال :"متحملا ذل التعلم لعزةِ العلم "
أولا لماذا قال المصنف: " تحلَّ بأداب النفس مع العفاف والحلم إلى أن قال مع الوقار و الزانة "؟ لأن الكلام السابق أراد أن يدفع فهما خاطئًا، و توهما قد يتوهمه القارئ ! قد يظن أن معنى تواضع و
اهضم نفسك .و التصق بالأرض قد يفهم معنى ذلك أن يكون ذليلا مهينا ،ينظر إلى سفاسف الأمور ، ويتشوَّف لما في أيدي الناس ، فنفى هذا التوهم فقال:" مع العفاف والحلم والصبر" و ذكر الوقار و الرزانة ، قال : "متحملا ذل التعلم لعزة العلم" ، لأن العلم عزيز، فمن أراد العلم فلا بد أن يتذلل له ويصبر حتى يناله وفي ذلك يقول الحكيم:
حياة الفتى والله بالعلم و التقى*** إذا لم يكونا لا اعتبار لذاته .
ومن لم يذق التعلم ساعة *** تجرَّع ذل الجهل طول حياته .
وفي بعض الروايات :
ومن لم يذق ذل التعلم ساعة*** تجرع كأس الذل طول حياته
.

وقال آخر :
إن المعلم والطبيب كلاهما ***لاينصحان إذا هما لم يكرما .
فاصبر لدائك إن جفوت طبيبه*** و اقنع بجهلك إذا جفوت معلما.
وهذا كلام صحيح و مجرب لأنهم بشر، نفوس بشرية وهذه طبيعتها وفي الحقيقة هناك كلام كثير حول معنى العفاف؛ طالب العلم لابد أن يكون عفيفا لا ينظر إلى ما في أيدي الناس ولا يتشوق إلى الدنيا وزينتها ، وتأملوا معي
قول الله جل وعلا " تأملوا قول الله لنبيه صلى الله عليه وعلى اله وسلم في سورة الحجر: {
لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ} .طالب العلم يتعلق بما عند الله و يعلم أن الخلق كلهم فقراء ضعفاء و أن الله عنده خزائن كل شيء هو الغني وهو الكريم ، أما الإنسان فقد وصفه الله في القرآن بصفات تستحق أن يتأملها الإنسان و أن يتدبرها :{ وكان الانسان قتورا} يعني بخيلا ". وظلوما وجهولا"، فالإنسان لا ينظر إلى ما في أيدي الناس ولا يتعلق بالخلق و إنما يتعلق بالخالق.

ونقف عند هذا الحد ونكمل في المرة القادمة إن شاء الله .
هذا والله تعالى أعلم وصلَّ اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين
[/frame]
الملفات المرفقة
نوع الملف: docx تفريغ الدرس الثاني من الحلية.docx‏ (169.7 كيلوبايت, المشاهدات 473)



توقيع صوفيا محمد
اللهم آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة و قنا عذاب النار
اللهم ارزقنا حسن الخاتمة

التعديل الأخير تم بواسطة فاطمة سالم ; 01-04-15 الساعة 12:30 AM
صوفيا محمد غير متواجد حالياً  
موضوع مغلق

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:54 PM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .