العودة   ملتقى طالبات العلم > . ~ . أقسام العلوم الشرعية . ~ . > روضة العلوم الشرعية العامة > روضة الفقه وأصوله

الملاحظات


إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 23-07-09, 05:04 PM   #1
أم عبيدة
جُهدٌ لا يُنسى
Icon56 من بدع شهر رجب

من بدع شهر رجب

إنّ شهرَ رجبٍ الذي نعيشه هذه الأيام هو أحد الأشهر الحرُمُ الأربعة وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم ثلاثة متوالية، ورجب الفرد ولهذه الأربعة خصائصُ معلومةٌ تشترك فيها، وقد سمِّيت حُرُمًا لزيادة حرمتها قال الله –تعالى-: {إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ} [التوبة: 36]
والواجب على كلِّ مسلم تجاه هذه الأشهر وغيرها أن يقوم فيها بما دلَّت عليه الشريعة وثبت في السنة دون تجاوز أو تعدٍّ لذلك، إذْ ليس لأحدٍ من الناس أن يُخَصِّصَ شيئًا من هذه الأشهر بشيء من العبادات والقربات دون أن يكون له مستندٌ على ذلك من أدلة الكتاب والسنة.
وقد كان المشركون في الجاهلية يُعظِّمون شهر رجب، ويخصُّونه بالصّوم فيه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: وأمَّا صوم رجب بخصوصه؛ فأحاديثه كلُّها ضعيفة، بل موضوعة لا يَعتَمِد أهل العلم على شيءٍ منها، وليست من الضعيف الذي يُرْوى في الفضائل، بل عامَّتُها من الموضوعات المكذوبات..." إلى أن قال -رحمه الله-: "صحَّ أن عمر بن الخطاب- رضي الله عنه- كان يضرب أيديَ الناس ليضعوا أيديهم في الطعام في رجب ويقول "لا تُشَبِّهُوه برمضان"، ويقول: "إنَّ رجب كان يعظمه أهل الجاهلية، فلما كان الإسلام؛ تُرِك".
وفي شهر رجب يصلي بعضُ الناس صلاةً معينة بصفة غريبة يسمُّونها صلاةَ الرَّغائب، يفعلونها في أوّل ليلة جمعة منه بين المغرب والعشاء وهي بِدعَةٌ منكرة باتفاق أهل العلم، لم تُعرف إلَّا بعد القرن الرابع الهجري، وليس لها وجودٌ أو ذكر قبل ذلك، قال الإمام النووي -رحمه الله- وقد سُئِل عن صلاة الرَّغائب هل هي سنة وفضيلة أو بدعة؟ فقال: -رحمه الله-: "هي بدعةٌ قبيحة منكرة أشدّ الإنكار مشتملة على منكرات، فيتعيَّن تركها، والإعراض عنها، وإنكارها على فاعلها، ولا يُغتَرْ بِكثرة الفاعلين لها في كثير من البلدان، ولا بكونها مذكورةً في "قوت القلوب" و"إحياء علوم الدّين"، ونحوهما من الكتب، فإنَّها بدعة باطلة.
وقد صحَّ عن النبي-صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: (من أحدثفي ديننا ما ليس منه فهو ردّ)، وفي الصّحيح أنَّه-صلى الله عليه وسلم- قال: (من عمل عملًا ليس عليه أمرنا؛ فهو ردّ)، وفيصحيح مسلم وغيره أنَّه-صلى الله عليه وسلم- قال: (كلُّ بدعة ضلالةوقد أمر الله -جلّ وعلا- عند التنازع بالرجوع إلى كتابه وسنة رسوله-صلى الله عليه وسلم- فقال: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِنكُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [النساء: 59]، ولم يأمر باتباع الجاهلين، ولا بالاغترار بغلطات المخطئين" انتهى كلام الإمام -رحمه الله-
وقال الحافظ ابن رجب -رحمه الله-: "لم يصحْ في شهر رجب صلاةٌ مخصوصة تختصُّ به، والأحاديث المرويّة في فضل صلاة الرّغائب في أوّل ليلة جمعة من شهر رجب كذبٌ وباطلٌ لا تصح، وهذه الصلاة بدعة عند جمهور العلماء، وممَّن ذكر ذلك من أعيان العلماء المتأخرين من الحفاظ: أبو إسماعيل الأنصاريّ، وأبو بكر بن السمعانيّ، وأبو الفضل ابن ناصر، وأبو الفرج بن الجوزيّ وغيرهم، وإنَّما لم يذكرها المتقدِّمون؛ لأنَّها أُحْدثت بعدهم، وأوّل ما ظهرت بعد الأربعمائة، فلذلك لم يعرفها المتقدمون ولم يتكلموا فيها" انتهى، والنقول عن أهل العلم في هذا المعنى كثيرة.
وفي شهر رجب يَفِدُ بعض الناس إلى المدينة النبويّة المنورة بزيارة يسمّونها الرَّجَبِية يرون أنَّها من السنن! وليس لها أصلٌ في كلام أهل العلم، ولا ريب أنَّ المسجد النّبويّ تُشَدُّ إليه الرِّحال في كلِّ وقت وحين، لكن تخصيصُ شهر معين أو يوم معين لهذا العمل يحتاج إلى دليلٍ خاص، ولا دليلَ هنا على تخصيصِ رجب بذلك، وعلى هذا؛ فاتخاذ هذا سنةً يُتقَرَّبُ بها إلى الله في هذا الشهر بخصوصه أمر مُحدث ليس عليه دليلٌ في الشّريعة.
وفي ليلة السابع والعشرين من شهر رجب يقيمُ بعضُ الناس احتفالًا لذلك، ويعتقدون أنَّ تلك الليلةَ هي ليلةُ الإسراء والمعراج، وفي ذلك الاحتفال تُلقَى الكلماتُ، وتُنْشَد القصائدُ وتُتْلَى المدائح، وهو أمرٌ لم يكن معهودًا ولا معروفًا في القرون المفضلة خيرِ القرون وأفضلِها، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: "ولا يُعرفُ عن أحدٍ من المسلمين أنَّه جعل لليلة الإسراء فضيلةً على غيرها، لا سيما على ليلة القدر، ولا كان الصّحابة والتابعون لهم بإحسان يقصدون تخصيص ليلة الإسراء بأمر من الأمور ولا يذكرونها".
وقال أيضًا: "هذا إذا كانت ليلةُ الإسراء تعرفُ عينها، بل النقول في ذلك منقطعةٌ مختلفةٌ ليس فيها ما يُقطع به، ولا شُرِعَ للمسلمين تخصيصُ الليلة التي يظن أنَّها ليلة الإسراء لا بقيام ولا بغيره" انتهى كلامه -رحمه الله-
ولْيُعلَم أنَّ حقيقة اتّباع النبي-صلى الله عليه وسلم- هي التّمسك بسنته فعلًا فيما فعل، وتركًا فيما تَرك، فمن زاد عليها أو نقص منها؛ فقد نقصَ حظُّه من المتابعة بحسب ذلك، لكن الزيادة أعظم؛ لأنَّها تقدُّم بين يدي الله ورسوله –صلى الله عليه وسلم- والله –تعالى- يقول: {يَا أَيُّهَاالَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِوَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌعَلِيمٌ} [الحجرات: 1].
وليُعْلَم أنّ النبي-صلى الله عليه وسلم- ثبت عنه في أحاديث كثيرةٍ الحثُ على لزوم السنة والتحذيرُ من البدعة بجميع أنواعها وكافّة صورها، منها ما رواه الإمام أحمد في "مسنده" وابن حبان في "صحيحه" وغيرهما عن العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: صلى لنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الفجر، ثم أقبل علينا، فوعظنا موعظةً بليغة، ذرفت لها الأعين، ووجِلت منها القلوب، قلنا: يا رسول الله كأنّ هذه موعظة مودِّع، فأوصنا، قال: (أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدًا حبشيًّا، فإنّه من يعش منكم يرى بعدي اختلافا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسَّكوا بها، وعضُّوا عليها بالنّواجذ، وإيَّاكم ومحدثاتِ الأمور،فإنَّ كلَّ محدثة بدعة وإنَّ كل بدعة ضلالة).
وتأمَّل قول النبي-صلى الله عليه وسلم- في هذا الحديث: (فإنَّه من يعش منكم يرى بعدي اختلافًا كثيرًا)، فهذا فيه إشارة إلى أنّ الاختلاف سيقع، والتفرّقَ سيوجد في الأمة، وأنَّ المخرجَ من التفرُّقِ والسلامةَ من الاختلاف إنَّما يكون بأمرين عظيمين وأساسين متينين لابد منهما:
الأول: التمسكُ بسنته-صلى الله عليه وسلم- ولهذا قال: (فعليكم بسنَّتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين).
والثاني: مجانبة البدع والحذرُ منها ولهذا قال: (وإيَّاكم ومحدثاتِالأمور، فإنَّ كلَّ محدثة بدعة، وإنَّ كل بدعة ضلالة).
ولِعِظم هذا الأمر وجلالةِ قدره وشدة أهميته وضرورة الناس إلى فهمه وشدة العناية به كان -صلوات الله وسلامه عليه- في كلِّ جمعة إذا خطب الناس أكَّد على هذا الأمر العظيم، ونوَّهَ به وذلك في قوله: (أمَّا بعد، فإنَّ خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشرّ الأمور محدثاتها، وكلّ بدعة ضلالة).
فالواجب علينا ملازمة سنة النبي-صلى الله عليه وسلم-، والتمسُّك بهديه، ولزوم غرزه، واقتفاء أثره، والحذرَ الحذرَ من كلِّ البدع والضّلالات بجميع أنواعها وكافَّةِ صورها.



نقلًا من موقع الشيخ: عبد الرزاق البدر -حفظه الله-




توقيع أم عبيدة
عَنْ أبي مالك الحارث بن عاصم الأشعري رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال، قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: ....، كل الناس يغدو فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها رَوَاهُ مُسْلِمٌ
::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::::
أم عبيدة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

(View-All Members who have read this thread in the last 30 days : 0
There are no names to display.

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
" ملف شهر رجب " العَجَبْ مما أَحْدَثَ النَّاسُ في رَجَبْ رقية مبارك بوداني روضة الفقه وأصوله 14 25-05-13 02:58 AM
نختار رجب ونرفض البدع " رجب وصل " غريبة في دنياي النشرات الدعوية 3 17-05-13 07:02 PM
حول شهر رجب oum youssouf روضة الفقه وأصوله 4 02-08-07 07:43 AM
شهر رجب... اختكم فى الله روضة الفقه وأصوله 6 25-07-07 12:11 PM


الساعة الآن 06:16 AM.


Powered by vBulletin® Version 3.8.11
Copyright ©2000 - 2024,Jelsoft Enterprises Ltd.
هذه المنتديات لا تتبع أي جماعة ولا حزب ولا تنظيم ولا جمعية ولا تمثل أحدا
هي لكل مسلم محب لدينه وأمته وهي على مذهب أهل السنة والجماعة ولن نقبل اي موضوع يثير الفتنة أو يخالف الشريعة
وكل رأي فيها يعبر عن وجهة نظر صاحبه فقط دون تحمل إدارة المنتدى أي مسؤلية تجاه مشاركات الأعضاء ،
غير أنَّا نسعى جاهدين إلى تصفية المنشور وجعله منضبطا بميزان الشرع المطهر .