المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إشكال في أمر المشيئة الإلهية في الهداية .


سمية ممتاز
15-01-08, 10:48 PM
عندي موضوعين أشكلوا عليّ فأرجوا أن تبدوا برأي فضيلتكم
جزاكم الله خيرا.... مقدما



أولا:يقول تعالى(( فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقا..........)) وقوله((......ولكن الله يهدي من يشاء))
وقول النبي((اعملوا فكل ميسر لما خلق له))
ما معنى هذا؟؟؟ وما الصحيح في فهمه؟؟؟
يعني كيف أن الله عز وجل يهدي من يريد ثم يحاسب الكفار؟؟(أعلم أن الله عادل لكن أريد توضيح الموضوع)

ثانيا: كيف نجمع بين قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف
رضي الله عنه: نعم المال الصالح للرجل الصالح
وبين أن النبي صلى الله عليه وسلم ما اجتمع عنده إزارين قط وأنه كان ينام على الحصير وغير ذلك من صور زهده ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

جزاكم الله الجنة

سمية ممتاز
03-02-08, 12:54 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كثيراً ما أشعر بشعور يزعجني كثيراً ويخيفني وهو بخصوص ما كتبه الله تعالى على كل انسان
أرجو أن توضحوا لي الأمر
جزاكم الله خيرا

عبد السلام بن إبراهيم الحصين
03-02-08, 10:43 PM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته:
جواب السؤال الأول:
هذا الموضوع من أهم عقائد المسلم وأخطرها، ولأهميته وخطورته فقد أبانه الله تبارك وتعالى في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم إبانة تزيل عنه الإشكال والغموض، وهو ركن من أركان الإيمان، لا يتم إيمان العبد إلا به.
وقد ضل بسببه عدد من الناس، وانحرفوا عن سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وصاروا بين طرفي نقيض؛ فطرف ألغى القدر كله، وجعل العبد هو الخالق لأفعاله، وأن الله لا يقدر على هداية ولا إضلال أحد، وطرف آخر جعل القدر حجة له على سيء أفعاله، وأن العبد مجبور على كل فعل يفعله.
ودين الله جل وعلا الذي بينه في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم وسط بين هذين الطريقين.
وهو إثبات المشيئة العامة والقدرة النافذة لله جل وعلا، وإثبات مشيئة خاصة للعبد داخلة ضمن مشيئة الله تعالى.
وقد جمع الله بين هاتين المشيئتين في كثير من الآيات، فقال تعالى: {لمن شاء منكم أن يستقيم، وما تشاؤن إلا أن يشاء الله رب العالمين}، وقال تعالى: {إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا، وما تشاؤن إلا أن يشاء الله إن الله كان عليمًا حكيمًا، يدخل من يشاء في رحمته والظالمين أعد لهم عذابًا أليمًا}.
والمخلوقات على نوعين:
النوع الأول: من ليس له إرادة مستقلة، ولا تدبير خاص، بل هو ممتثل لله جل وعلا مطيع له مطلقًا.
والنوع الثاني: له إرادة مستقل، وتدبير خاص.
فالنوع الأول قد كشف له عالم الغيب، فلم يستر عنه شيء، ولهذا كان مسيرًا غير مخير، سائرا في تدبير الله جل وعلا لا يخالفه، يفعل ما أمر به من غير تعب ولا نصب، ولا ملل ولا كلل، يذكر الله ويحمده ويسبح بحمده، كما قال تعالى: {وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم}، وقد عرض الله على أكبر مخلوقات هذا النوع أن يحمل التكليف فأشفق منه، وخشي ألا يقوم بحقه، فطلب من الله أن يعفيه من حمله، قال تعالى: {إنا عرضنا الأمانة على السموات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها}
وأما النوع الثاني؛ فقد حجب عنه عالم الغيب، وأعطي القدرة على التفكير الحر، والنظر والتأمل، والاختيار وتقرير المصير، وقد عرضت عليه أمانة التكليف فحملها، فجرى عليه قلم الاختبار والابتلاء بحسن العمل أو عدمه.
ومعنى التفكير الحر والإرادة المستقلة: أنه يستطيع أن يتأمل وينظر ويتفكر فيما حوله، ثم يتخذ القرار الذي يراه مناسبًا، دون أن يكون مجبورًا عليه من أحد، قال تعالى: {ألم نجعل له عينين، ولسانًا وشفتين، وهدينه النجدين}، وقال تعالى: {والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئا، وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون}، وقال تعالى: {وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة قليلا ما تشكرون}، وقال تعالى: {فلينظر الإنسان مم خلق}، وقال تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه}.
ثم إن الله تعالى قد أحاط علمه بكل شيء، ومن ذلك علمه بما العباد فاعلون، فهو يعلم ما سيكون عليه حال كل واحد من الخلق، وما هو موقفه من دعوة الرسل له، وبماذا سيقابل آيات الله وبراهينه، وقد كتب كل ذلك في كتاب قبل خلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وقدر على كل واحد منا ما سيكون له من دقيق الأمور وصغيرها.
وهذا من كمال علمه وقدرته وقوته وإحاطته بكل شيء.
وهذا العلم والتقدير مخفي عن العباد، لا يعلمونه، ولا يطلعه الله إلا على من شاء من عباده، كما قال تعالى: {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا، إلا من ارتضى من رسول فإنه يسلك من بين يديه ومن خلفه رصدا}
والظلم هو عدم إيصال الحق إلى صاحبه، أو وضع الشيء في غير موضعه، والله تعالى قد حرم الظلم على نفسه، وجعله بين عباده محرمًا، قال تعالى: {وما ربك بظلام للعبيد}، وقال: {وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين}، وقال تعالى: {وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم..}، وقال تعالى: {وما ظلمناهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون}.
ومثال ذلك: لو أن معلمًا بذل جهده في شرح الدرس لطلابه، وأعلمهم ضرورة المراجعة والحفظ والمتابعة، ثم أهمل بعضهم، واجتهد بعضهم، فعلمه المسبق بنجاح المجتهد، ورسوب المهمل لا يكون حجة على المدرس في ذلك.
والهداية التي يختص بها الله من شاء من عباده ليست خارجة عن قدرة البشر، أي أن كل واحد من الخلق يمكنه أن يتعلم العلم النافع، وينظر في ملكوت السموات والأرض ليرى براهين الحق والصدق شاهدة على وجود الله، ولكن بعض الناس يغلق قلبه عن الوصول إلى هذه الحقيقة، ويغرق في دنياه، ويعجبه رأيه وهواه، وبعض الناس يفتح قلبه لهذه البراهين فيستجيب لداعي الله جل وعلا، وكل ذلك بعلم الله وقدرته.
وقد حكى الله في كتابه احتجاج الكفار بهذه الحجة، وهي التي ذكرتيها في السؤال، كيف يهدي من يشاء ثم يحاسب الكفار؟! فقال تعالى: {وقالوا لو شاء الرحمن ما عبدناهم}، وقال تعالى: {سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا ولا آباؤنا}، فرد الله عليهم بقوله: {ما لهم بذلك من علم}، وقوله: {قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا} أي ليس عندكم علم بأن الله قد كتب هذا عليكم وقدره، فليس لكم قدرة على تغييره وعدم فعله، ودليل ذلك: أننا خلقنا لكم السمع والبصر والفؤاد، وأرسلنا لكم الرسل، وجعلنا لهم العاقبة، وأهلكنا الأمم المخالفة التي كذبت الرسل، فكل هذا يدل على صدق ما جئناكم به، وأنكم خالفتموه بمحض إرادتكم، ولستم تعلمون ما كتبناه عليكم في اللوح المحفوظ.
ودليل ذلك: أنكم لا تحتجون بهذه الحجة في أمور دنياكم، فلو أن أحدًا اعتدى عليكم، وقال: إن الله هو الذي أجبرني على ذلك، وأني لا فعل لي؛ لما قبلت منه هذه الحجة، وعاقبته بالعقوبة التي يستحقها.
ولو أن شخصًا لم يتزوج،وقال إن الله لم يكتب لي الولد، لقيل له: تزوج ثم انظر هل يأتيك الولد أم لا.
ولهذا لما قال النبي صلى الله عليه وسلم لأصحابه: ((ما منكم من أحد إلا كتب مقعده من الجنة والنار))، قالوا له: ففيم العمل؟، أي: ما الفائدة من العمل وقد فرغ من أمرنا، أجابهم بقوله: ((اعملوا فكل ميسر لما خلق له، فأهل السعادة ميسرون لعمل أهل السعادة، وأهل الشقاوة ميسرون لعمل أهل الشقاوة))، قال تعالى: {فأما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى}
أي إن الجزاء لا يكون إلا على عمل، وكل واحد ميسر لما خلق له، وهو قادر على الفعل وعدمه.
وهذا التقدير الذي كتبه الله على عباده، مع مطالبتهم بالعمل فيه حكم عظيمة، منها:
1- كمال علم الله وقدرته وإرادته النافذة، فيتصاغر العبد أمام هذه القوة والعظمة، ويعرف قدر ربه جل وعلا.
2- الإكثار من الحمد والشكر على نعمة الهداية، التي وفقك الله لها، وصد عنها كثيرًأ من الناس، فمع أنك قد اهتديت إلى الله بعقلك، إلا أن الله هو الذي وفقك لهذه الهداية.
3- ظهور عجز العبد وفقره وأنه غير خارج عن إرادة الله.
4- إقامة الحجة على العباد حيث مكنهم من التفكير، ومن الاختيار.
وغير ذلك من الحكم.

جواب السؤال الثاني:
لا تعارض بين الحديث وواقع النبي صلى الله عليه وسلم، فالزهد الحقيقي هو أن تترك المال مع قدرتك عليه ووجوده بين يديك، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم عنده مال، ولكنه كان يصرفه في وجوه الخير، ويتقلل من الدنيا وزينتها؛ لأنه كان عبدا رسولا، وأما ا لحديث فمعناه أن المال قوام الحياة، وبه تحصل المنافع الكثيرة العظيمة، ولهذا إذا وقع في يد العبد الصالح فإنه سيضعه في موضعه الصحيح، فتكون له آثار حميدة طيبة.
والله أ‘علم

سمية ممتاز
04-02-08, 01:17 AM
جزاك الله خيرا كثيرا
لكن بالنسبة للسؤال الأول إجابتكم كانت مقنعة
بس أنا الذي أقلقني من البداية هو هذا الحديث: الذي بما معناه:
ما سبقكم أبو بكر بكثرة صيام ولا صلاة ولكن لشيء وقر في قلبه.
فالقلب بيد الله والخشوع بيده والطمأنينه بالصلاة بيده وليس للإنسان علاقة بذلك
طيب من الذي جعل هذا في قلب أبو بكر؟
وهل له علاقة هو ؟

بالنسبة للإجابتكم على المشيئة فقد اقتنعت وأزلتم الشك الذي في قلبي فرفع الله درجتكم وأجزل لكم الثواب.
أرجو توضيح النقطة المذكورة عن أبو بكر
وفقكم الله.

عبد السلام بن إبراهيم الحصين
13-02-08, 10:01 PM
إن الكون كله بتقدير الله وتدبيره، ومن هذا الكون القلب الذي خلقه الله في جوف بني آدم وجعله محلا للعبادة والطاعة والمعصية، فهو المحرك للجسد كله.
ولعظيم أمر هذا القلب وأهميته فإن الله تعالى بعث إلى نبينا محمد صلى الله عليه وسلم من يغسل قلبه في جوفه، ويخرج ما فيه من الأخلاق الرديئة الفاسدة، ويحشو علمًا وحكمة ورحمة..
وهذا خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم..
وأما سائر العباد فإن الله تعالى جعل في قلوبهم مادة الخير والشر، وهداهم طريق الحق والهدى، وبين لهم ما يدلهم على الصلاح والفوز والنجاة، ثم ترك لهم حرية الاختيار.
فمن انصاع قلبه لداعي الحق، واستجاب لنداء الصدق، وأيقن بهذه الحجج والبراهين استنار قلبه بالهدى والنور، وأضاء فيه مصباح العلم والإيمان، فأثر ذلك على جوارحه طاعة وإنابة وإقدامًا على الخير وبعدًا عن الشر.
ومن أعرض عن سماع الحق والاستجابة له، وأغلق قلبه عن التفكر في البراهين والحجج أظلم قلبه وانطفأ مصباح العلم والإيمان، فصار ضائعا تائها حائرا، يتثاقل عن الطاعة، ويسرع إلى المعصية.
وكل ذلك ذلك بعلم الله وقدره.
قال تعالى عن إبراهيم: {إذ جاء ربه بقلب سليم}، وقال: {إذ قال له ربه أسلم، قال أسلمت لرب العالمين}.
وقال عن أهل الجنة: {هذا ما توعدون لكل أواب حفيظ من خشي الرحمن بالغيب وجاء بقلب منيب}
وقال تعالى: {يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم}
فالله جل وعلا خلق لأبي بكر قلبًا كما خلق لسائر الخلق قلوبًا، ولكنه وفقه لاستعماله في اشرف الأمور، فصار قلبه مرآه صافية، وجوهرة نيرة، لم يداخله شك ولا ريب، ولا تردد ولا تلعثم، كلما جاء عن الله شيء، أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم بادر بالامتثال، وصدق الله ورسوله بالغيب والشهادة.
وهذا بتوفيق الله جل وعلا، وإلا فلو لا توفيق الله تعالى ما حصل له شيء من ذلك، كما قال تعالى: {وقالوا الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله}، ثم قال بعد ذلك مباشرة: {لقد جاءت رسل ربنا بالحق}
فأخبر أن الهداية من عند الله، ثم إن هذه الهداية إنما كانت استجابة لأمر الرسل، الذين جاءوا بالحق.
وأما من أراد الله إضلاله؛ فإنه يقطع عنه العون والمدد، ويكله إلى نفسه، فيضل ويهلك.
وليس هذا ظلمًا ولا جورا؛ فإن الله تعالى أعلم بحال هذا العبد، وأنه ليس أهلا للهداية، كما قال تعالى: {إن شر الدواب عند الله الصم البكم الذين لا يعقلون، ولو علم الله فيهم خيرًا لأسمعهم، ولو اسمعهم لتولوا وهم معرضون}، وهؤلاء لا ينفع معهم حتى معاينة العذاب يوم القيامة؛ لأنهم لو ردوا إلى الدنيا لعادوا إلى ما كانوا عليه، قال تعالى: {ولو ترى إذ وقفوا على النار فقالوا: يا ليتنا نرد ولا نكذب بآيات ربنا ونكون من المؤمنين، بل بدى لهم ما كانوا يخفون من قبل ولو ردوا لعادوا لما نهوا وإنهم لكاذبون}.
فالله أعطى كل واحد منا أداوات التعلم، وهداه إلى طريق الحق، وأضاء له السبل، ثم اصطفى من شاء من عباده إلى الاستجابة والطاعة؛ لعلمه بسلامة قلوبهم ورغبتهم في الخير، ثم أثابهم على ذلك ثوابًا جزيلا.
فما أعظمها من رحمة ونعمة ومنة.
والله أعلم.