مشاهدة النسخة كاملة : صفحة تفريغ دروس سلسلةاسماء الله الحسنى للشيخ خالد السبت
الدرس الأول
بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم لك الحمد, أنت نور السموات والأرض ومن فيهن، و لك الحمد أنت قيوم السموات والأرض ومن فيهن، ولك الحمد أنت الحق, ووعدك حق, وقولك حق, ولقاؤك حق, والجنة حق, والنار حق, والساعة حق, والنبيون حق, ومحمد صلى الله عليه وسلم حق .
اللهم لك أسلمنا وعليك توكلنا وبك آمنا وإليك أنبنا وبك حاكمنا .
ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض, وملء مابينهما, وملء ما شئت من شيء بعد, أهل الثناء والمجد, أحق ما قال العبد, وكلنا لك عبد .
اللهم لامانع لما أعطيت, ولا معطي لما منعت, ولاينفع ذا الجد منك الجد .
اللهم أنت أحق من ذكر، وأحق من عبد ، وأنصر من ابتغى ، وأرأف من ملك ، وأجود من سئل ، وأوسع من أعطى ، أنت الملك لاشريك لك ، والفرد لاند لك ، كل شيء هالك إلا وجهك .
لم تطاع إلا بإذنك , ولم تعصى إلا بعلمك, تطاع فتشكر, وتعصى فتغفر, أقرب شهيد وأدنى حفيظ, حلت دون النفوس, وأخذت بالنواصي , وكتبت الأثار, ونسخت الآجآل القلوب لك مفضية, والسر عندك علانية, الحلال ما أحللت, والحرام ماحرمت, والدين ما شرعت, والأمر ما قضيت, والخلق خلقك وأنت الرؤف الرحيم.
أما بعد, أيها الأحبة الله تعالى أمرنا أن نسأله علما نافعا كما جاء في حديث جابر رضي الله تعالى عنه مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم (( سلو الله علما نافعا وتعوذوا بالله من علم لاينفع )).فهذا كلام من لا ينطق عن الهوى.
وكان صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك أمته عمليا فكان من دعائه: (( اللهم إني أعوذ بك من علم لاينفع ومن قلب لايخشع ومن نفس لاتشبع ومن دعوة لايستجاب لها)).
فإذا كان الإنسان مطالبا بأن يسعى إلى تحصيل العلوم النافعة, وأن يسأل ربه - تبارك وتعالى- أن يوفقه لذلك وأن يدله عليه, فلا شك أن العلم المتعلق بالمعبود- جل جلاله- أنه أشرف العلوم وأنفع العلوم؛ لأنه يتعلق بالرب المالك المعبود لاإله إلا هو, وقد قيل إن شرف العلم بشرف المعلوم, ولاريب أن الله -تبارك وتعالى- هو أشرف المعلومات,
فالعلم النافع أيها الأحبة : ماعرف العبد بربه, ودله عليه حتى عرفه, ووحده, فصار يـأنس به, ويستحي منه, ويستشعر رقابته, ويقبل على عبادته, كما يقول ابن رجب- رحمه الله: أن اصل العلم أيها الأحبة هو العلم بالله- عز وجل -الذي يوجب لنا الخشية والخوف, الذي يبعث في نفوسنا الشوق إلى لقاء الله جل جلاله.
فالعلم النافع مايدل على أمرين:
الاول: معرفة الله تبارك وتعالى وما يستحقه من الأسماء الحسنى والصفات العلى والأفعال الكاملة.
وذلك ولاشك يستلزم إجلاله, وإعظامه, وخشيته, ومهابته, ومحبته, ورجاءه, والتوكل عليه, والرضا بقضائه, والصبر على بلائه.
الثاني: يعرفنا مايحبه المعبود -جل جلاله- ما يرضاه منا, وما يكرهه, ويسخطه من الاعتقادات والأقوال والأعمال الظاهرة والباطنة.
أيها الأحبة متى كان العلم نافعا ومستقر في القلب فإن ذلك يوجب له ولابد خضوعا وانكسارا وخشية فتظهر اثاره على العبد إجلالا لله وتعظيما
بخلاف العلوم التي لاتورث القلب الا قسوة واعراضا وشرودا عن ربنا ومليكنا ومعبودنا جلا جلاله
ونحن أيها الأحبة في مثل هذه المجالس نتذاكر في أشرف العلوم في العلم المتعلق بأوصاف الله عز وجل واسمائه, العلم الذي يعرفنا بخالقنا وربنا وإلهناومعبودنا, والعبد بحاجة إلى هذا العلم؛ من أجل ان يعظم المعبود حق التعظيم, ومن أجل أن يعبده عبادة لائقة, فلا يقدم شيء على محاب الله -عز وجل- ولايوجد في قلبه ما يزاحم محبة الله, أو يكون شيء من المخلوقين أعظم في نفسه خوفا من الله جل جلاله أو يتوكل على الخلق الضعفاءولايثق بما عند الله - تبارك وتعالى. إلى غير ذلك من الأمور التي سنذكرها في موضعها إن شاء الله.
نحن في هذا المجلس بإذن الله تبارك و تعالى سنتحدث عن بعض المقدمات المتعلقة بالأسماء الحسنة, و سيكون المجلس الثاني إن شاء الله مكملا لهذا المجلس, فقد رأيت أن أفرقها في مجلسين؛ من أجل أن يكون ذلك أدعى لضبطها و فهمها و استيعابها لأنها قد تحتاج إلى شيء من التركيز و الإسراع في عرضها , ربما يفوت المقصود من ذكرها, في هذا المجلس أيها الأحبة أرجو أن يتسير الحديث عن تسع قضايا:الأولى: في الكلام عن الاسم و الصفة و الفرق بينهما.
الثانية: في ذكر ضابط يضبط ما يضاف إلى الله تبارك و تعالى من الأسماء.
الثالثة: في الكلام على الأركان, أركان الإيمان بأسماء الله الحسنى.
الرابعة: في الكلام عن إحصائها (إن لله تسعة و تسعين اسما, مائة إلا واحد, من أحصاها دخل الجنة), ما المراد بالإحصاء؟
الخامسة: في الكلام عن الروايات التي ورد فيها سرد الأسماء في هذا الحديث المخرج في الصحيحين, جاء في بعض رواياته في غير الصحيحين سرد للأسماء سأتكلم على ثبوت هذا الحديث و ما يتعلق بالكلام على رواياته و ضعفه.
السادسة: في ذكر مظان الأسماء الحسنى, أين نبحث عنها؟ أين نجدها؟
السابعة: في الأصول التي ترجع إليها, ماهي الأسماء التي ترجع إليها جميع الأسماء الحسنى؟
الثامنة: في تفاضل أسماء الله تبارك و تعالى.
التاسعة: في الكلام عن الاسم الأعظم.
هذه تسع قضايا في هذه الليلة نرجوا أن نتمكن من عرضها, و سأحرص بإذن الله -عز و جل- على أن يكون الكلام سهلا واضحا, لا يستشكله السامع.
أما أولا:
فالكلام عن الاسم , معنى الاسم و الصفة, و الفرق بين الاسم و الصفة, تعرفون أن النحاة يعرفون الاسم من حيث هو يقولون: مادل على معنى في نفسه و لم يقترن بزمن, زيد, مسجد, مصحف,و أن الفعل مادل على معنى في نفسه و اقترن بزمان,
ذهب: بالزمان الماضي, دل على معنى الذهاب, و دل على زمن, الزمن الماضي,
يذهب: دل على الذهاب, و دل على الزمان و هو المضارع,
اذهب: دل على الذهاب و دل على طلبه في المستقبل, و هكذا,
قرأ: دل على القراءة و دل على زمانها, أنه كان في الزمن الماضي,
يقرأ: في الزمن الحاضر المضارع,
فالفعل يدل على شيئين, على المعنى و يدل على الزمن, و أما الاسم, فيقولون : مادل على معنى في نفسه و لم يقترن بزمان,
و شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يقول: (بأن أسماء الأشياء هي الألفاظ الدالة عليها), فهذا كأس و هذه ساعة, و هذا الذي بيدك كتاب, أو دفتر, و هذه نظارة, و هذا مصحف, وتلك سيارة،
فهي الألفاظ الدالة على الأشياء إما
بالإشارة فنشير إليه, إما بالإشارة الحسية, أو بأسماء الإشارة, نقول: هذا أفضل من هذا, أو نقول: خذ هذا,
و قد نتعرف على الأشياء بما يدل عليها من الضمائر,حينما تكنى عنها بالضمير, فنقول: هو مسافر, يعني من؟ يعني زيد - مثلا -هو مسافر,
و نتعرف عليها بأسمائها, التي وضعت لها, فهذا زيد, و هذا عمرو, و هذا صالح, و هذا ثوب, و هذا منزل, دار, و هذه طائرة, و هكذا, هذا معنى الاسم.
و الصفة: هي الاسم الدال على بعض أحوال الذات,
و عبر عنها ابن فارس – رحمه الله – و هو من أئمة اللغة من المتقدمين من أهل السنة الذين لا نجد في كتبهم لوثة كلامية – رحمه الله رحمة واسعة – يقول عن الصفة: بأنها الأمارة اللازمة للشيء, هذا طويل و هذا قصير, هذا مريض و هذا صحيح, و هذا عالم و هذا جاهل, و هذا تقي و هذا فاسق, و هذا مؤمن و هذا كافر, فهذه أوصاف, هذه هي الصفة, و بهذا يمكن أن نعرف الفرق بين الاسم و الصفة|,
و في فتاوى اللجنة الدائمة ورد سؤال عن هذه القضية, و حاصل الجواب: أن أسماء الله كل مادل على ذات الله,مع صفات الكمال اللائقة به,
بناء على أي اعتبار؟
باعتبار – كما هو الراجح- أن أسماء الله عز و جل مشتقة مافيها اسم جامد, الاسم الجامد, يعني غير المشتق, فالمشتق معنى ذلك أنه يدل على صفة أو مشتق من صفة, فالرحيم من الرحمة و الغفور من الغفر, و الرزاق من الرزق, و الخالق من صفة الخلق, و الحي من صفة الحياة,فأسماء الله تبارك و تعالى تدل على أوصاف كلها مشتقة و لا شك أن المشتق أبلغ من الجامد؛ لأن الجامد لا يدل على صفة,
و سيأتي إيضاح هذا بإذن الله عز و جل بأكثر من هذه الجملة, لكن يقال: أسماء الله كل ما دل على ذات الله مع صفات الكمال القائمة به, نقول :
العزيز دل على ذات الله, و دل على صفة العزة,
الرحيم: دل على ذات الله و على صفة الرحمة,
الله: دل على ذات الله و على صفة الإلهية,
الخالق: دل على ذاته و على صفة الخلق,
الحي : دل على ذاته و على صفة الحياة,
إلى غير ذلك, فهذه أسماؤه تبارك و تعالى تدل على ذاته, و تدل على صفة تقوم به ملازمة للذات,
أما الصفات: فهي نعوت الكمال القائمة بالذات.
إذا الاسم يدل على أمرين, و الصفة تدل على شيء واحد,
الصفة : مثل العزة ليست اسم, الاسم هو العزيز, يدل على الذات و على صفة العزة, العزة صفة فهي تدل على معنى يقوم بالله عز و جل, هذه تسمى صفة معنوية, كما سيأتي بإذن الله,
و هكذا الصفات غير المعنوية, مثل صفة الوجه فهي صفة ثابتة لله تبارك و تعالى, لكنها ليست اسما,
و هكذا الصفات العقلية, مثل الاستواء, النزول, فالاستواء صفة فعلية, و هو علو خاص (استوى على العرش) أي علا و ارتفع,
الكلام صفة فعلية, لكن ليس من أسماء الله عز و جل, و لا من أسمائه المتكلم, و لا من أسمائه المستوي, لكن من صفاته الاستواء و الكلام و العلو و الفوقية, و ما إلى ذلك من أوصاف, إذا الصفة تدل على نعوت الكمال القائمة به, سواء كانت معنى أو صفة غير معنوية, أو كانت فعلا من الأفعال,
و يمكن أن نذكر ثلاثة فروقات- على سبيل الاختصار و التلخيص- بين الاسم و الصفة, حتى نفرق بينهما, فنقول:
الفرق الأول بين الاسم و الصفة:
أن الأسماء يشتق منها صفات, أما الصفات فلا يشتق منها أسماء,
هذه عقيدة أهل السنة و الجماعة, في هذا الباب الأسماء يشتق منها صفات, كل اسم , نحن قلنا كل الأسماء مشتقة و كل اسم يشتق منه صفة لله تبارك وتعالى,
الكريم, يشتق منه صفة الكرم, الكريم اسم و الكرم صفة,
العلي يشتق منه صفة و هي العلو, فالعلي اسم من أسماء الرب عز و جل¸
الرب اسم من أسمائه يشتق منه صفة الربوبية,
المعطي اسم من اسمائه جل و علا, يشتق منه صفة الإعطاء, و هكذا,
لكن هل تشتق من صفات الله - جل و علا- أسماء له؟
الجواب: لا؛ لأنه كما سيأتي أن أسماء الله - تبارك و تعالى- توقيفية, فلا نأخذ له أسماء نحن نفهمها من الصفات, لا نسميه إلا بما سمى به نفسه, أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم فقط,
فإذا رأيت صفة مثل الكلام فإنك لا تأخذ منها اسم لله عز و جل, و تقول من أسمائه المتكلم,
من صفات الله - عز و جل- الكيد (و أكيد كيدا) ليس من أسماء الله -عز و جل- الكائد,
من صفات الله - تبارك و تعالى- أنه ينزل إلى السماء الدنيا في ثلث الليل الآخر كل ليلة, فلا يمكن أن نأخذ من هذا اسما فنقول: من أسماء الله -عز و جل- النازل!
فالأسماء لا تشتق من الصفات,’ لكن الصفات تشتق من الأسماء, كلما رأيت اسما لله -عز و جل- فإنه متضمن لصفة, يمكن أن نأخذ منه صفة, فإنه يدل على أوصاف الكمال, قد يدل على صفة واحدة و قد يدل على أكثر, فأسماء ربنا - تبارك و تعالى- أوصاف,
كما قال ابن القيم رحمه الله في النونية:
أسماؤه أوصاف مدح كلها***مشتقة قد حملت لمعاني
يعني تحمل معاني كاملة و أوصاف لائقة بالله - تبارك و تعالى, نحن نحتاج هذه القضايا,
يعني عن الكلام على اسم الله الرحمن في موضعه, من أهل العلم من يقول: أنه جامد, الكلام على اسم الله - تبارك و تعالى-
الله هل هو جامد أم مشتق؟
إن قلنا أنه مشتق فمعنى ذلك أنه يدل على صفة, فالقاعدة من الآن أن كل أسماء الله عز و جل مشتقة, فهي دالة على أوصاف الكمال, فأسماؤه أسماء, و في نفس الوقت هي نعوت تدل على صفات الكمال له تبارك و تعالى, و لا تنافي فيها كونها علمية تدل على الذات, و بين الوصفية فالرحمن علم على الذات الإلهية, و هو أيضا يتضمن صفة و هي الرحمة, فإسميته و وصفيته لا تنافي بينها, لأن كل اسم يتضمن صفة, فإذا نظرنا إلى الاسم باعتبار أنه صفة, كالرحمن مثلا, فإنه يأتي تابعا لاسم الله عز و جل لفظ الجلالة (الله), و إذا ورد: تقول بسم الله الرحمن الرحيم, يراد به العلمية مع الصفة, فإنه يأتي: (قل ادعو الله و ادعو الرحمن), فنقول يارحمن يعني يا الله , فأنت تدعو الله عز و جل, فهو علم عليه تبارك و تعالى, هذا هو الفرق الأول.
الفرق الثاني :
اسماء الله عزوجل لا تشتق من أفعال الله - تبارك وتعالى- فالله من أفعاله أنه يحب ويكره ويضحك, وينزل إلى السماء الدنيا ويغضب، فلا نقول أخذاً من هذه الأفعال أن نسميه المحب الكاره الغاضب النازل, ما إلى ذلك, ( الأسماء لا تشتق من الأفعال ),
أما الصفات فإنها تشتق من الأفعال :
فمثلا : " يحبهم ويحبونه " هذا فعل, ونشتق منه صفة فنثبت لله - عز وجل- صفة المحبة,
الله - عز وجل- غضب على أقوام ( غضب يغضب ), إذا وردت هذه اللفظة في أفعال الله عز وجل يمكن أن نشتق منها صفة, فنقول من صفاته - سبحانه وتعالى- صفة الغضب ، ومن أفعاله أنه يغضب، فالصفات تشتق من الافعال، الأسماء لا تشتق من الأفعال؛ ولهذا قيل :
باب الأسماء أضيق من باب الصفات
وباب الأفعال أوسع من باب الصفات
باب الصفات أوسع من باب الأسماء
باب الأفعال أوسع من باب الصفات, إلا إذا أدخلنا الأفعال في جملة الصفات, وإذا أردنا أن نوضح هذا أكثر نقول:
باب الصفات أوسع من باب الأسماء
وباب الإخبار أوسع من باب الصفات
(باب الإخبار) بمعنى أنك تخبر عن الله عز و جل فتقول الله يقرر هذا المعنى " يقرر " هل هذا من أسماء الله عز وجل ( المقرر)؟ الجواب : لا . هل هو من الصفات ؟ فلا يلزم ، فأنت يمكن أن تعبر بعبارة لا تكون (هذه العبارة) تنقيصا من حق الله عز وجل ، ولا تكون غير لائقة لله عز و جل ، تعبر بها لا من باب الوصف ولكن من باب الخبر ، فالخبر أوسع فبعض الناس يستشكل عليه ، يقول : لماذا تقول أن الله يقرر هذا المعنى ؟ لابد أن نتأكد أن التقرير من صفات الله عز وجل أم لا؟!
نقول : لا يحتاج أن نتأكد فباب الأخبار أوسع من باب الصفات وباب الصفات أوسع من باب الأسماء فعندنا صفات لا يشتق منها أسماء لله عز وجل كما سمعتم .
الفرق الثالث:
إن أسماء الله تعالى وصفاته تشترك بالإستعاذة والحلف بها ، الأسماء مثل العزيز . تقول :أعوذ بالعزيز ..أعوذ بالله ..أعوذ بالرحمن فاتعذت بها .
فالأسماء والصفات تشترك بالإستعاذة و(الحلف) تقول:
والله والعزيز والرحمن والعظيم والعلىّ ، تحلف بأسماء الله عز و جل ، وأيضا تحلف وتستعيذ بالصفة ، تقول : وعزة الله وعظمة الله .... واضح.
هل يجوز للإنسان أن يحلف بالقرآن؟؟
يجوز . لماذا ؟ لأن القرأن كلام الله وكلام الله صفة من صفاته فتحلف بالقرآن .
لكن هل يجوز أن تحلف بالكعبة ؟ لا, لماذا؟ لأنها مخلوقة.
فنحن بالصفات نستعيذ بها, فنقول: (أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد وأحاذر), وتحلف بها فتقول: وعزة الله, و عظمة الله, وإلهية الله, وكلام ربي .
إذن تشترك الأسماء والصفات, لأنه يحلف بها ويستعاذ بها، ولكن تختلف في أمرين,
تختلف في :
1) التعبد بها 2) الدعاء بها
فالتعبيد والدعاء لا يكون إلا بالأسماء فقط.
تقول: عبد الله ، عبد الرحمن، عبد العظيم، عبد الكريم، ولا تقول عبد الكرم، الكرم صفة،
هل تقول : عبد العزة ؟ عبد الرحمة؟ ا
لجواب : لا، لا نعبد أسماءنا بصفات الله - عز وجل- وإنما بأسمائه ، لأن التعبد إنما يكون لله تبارك وتعالى .
وأما الدعاء :
فإنك تقول : يا الله يا رحمن، يا رحيم، يا عظيم.
لكن هل تقول: يا عزة الله؟ يا رحمة الله؟ يا عفو الله؟ هكذا تدعو الصفة ؟
الجواب: لا، لأن الصفة لا تدعى، إنما الذي يدعى الله عز وجل، تقول: يا عزيز، يا رحيم، يا عفو اعف عني، يا رحمن ارحمني, وهكذا .
إذن : اتفقت الأسماء مع الصفات في شيئين وافترقتا في شيئين.
هذه ثلاث فروقات .
ثــانـيـــــــــــا :
ضابط الأسماء الحسنى :
ما هو الضابط الذي نستطيع معه أن نُسمّي الله عز وجل، أو أن نتعرف به على أسمائه؟؟؟
ستجدون في كلام أهل العلم الذين عدوا الأسماء الحسنى تفاوتا- حتى الروايات التي سردت الأسماء الحسنى- تجدها متفاوتة،
وبعضهم يعد - مثل ذو الجلال والإكرام -من الأسماء,
وبعضهم يذكر أسماء قد لا تثبت لله عزوجل, مثل الباقي"ويبقى وجه ربك" هذه الصفة ، فبعضهم يأخذ منها اسم الباقي, فما هو الضابط الذي من خلاله نعرف الإسم ونقول هذا اسم من أسماء الله عز وجل ؟
العلماء في هذه القضية غير متفقين :
* فمنهم من يعتمد على العدد الوارد في الأسماء المسرودة في حديث أبي هريرة المشهور في الصحيحين، لكن كما قلت سرد الأسماء ليس في الصحيحين: "إن لله تسعة وتسعين اسماً مائة إلا واحد من أحصاها دخل الجنة" ثم جاء سردها في هذه الروايات، فأخذنا هذه الروايات - يعني من صحح هذا الحديث- وله بعض طرقة, كروايته عند الترمذي, وقالوا هذه اسماء لله –عزوجل- وهؤلاء سيبقى عندهم إشكالات لأن الروايات الواردة فيها أيضا مختلفة ليست متفقة.
* ومن أهل العلم من اقتصر على ما ورد بصورة الاسم فقط, كما فعل ابن حزم في عد أسماء الله – عزوجل- فيما ورد بصيغة الاسم, فقال:هذا الاسم لله عزوجل، وهذا منهج ضيق.
*ومنهم من قابله بتوسع فاشتقوا من كل صفة وفعل اسم لله تعالى، ولم يفرقوا بين باب الأسماء والصفات، بل أدخلوا أشياء وهي من باب الإخبار فجعلوها من أسماء الله تبارك وتعالى، وأضافوا إلى الله أسماء لا يصح أن تضاف إليه .
*والمنهج الرابع وهم الذين توسطوا بين منهج من ضيق ذلك- كابن حزم- واقتصر على ماجاء بصيغة التسمية, وبين منهج من توسع فأضاف إلى الله تبارك وتعالى كل ماجاء في الأفعال والصفات.
فهذا هو قول عامة أهل العلم وعليه المحققون فجعلوا شروطا لاشتقاق الاسم من الصفة أخذاً من النصوص؛ ولهذا يقول شيخ الإسلام ابن تيمية- رحمه الله- في بيان ضابط الأسماء :
الضابط الأول الأسماء الحسنى هي التي يدعى الله بها فيقال: ياالله، ياعزيز، يارحمن,هذه واحدة.
الضابط الثاني : ما جاء في الكتاب والسنة, يعني لا نركب أشياء ونولدها من عند أنفسنا.
الضابط الثالث ولا بد لهذه الاسماء أن تقتضي الثناء والمدح المطلق بنفسها :
مثلا : النزول، هل يقتضي من حيث هو نزول أن يدل على كمال في نفسه ؟
الجواب: لا، فالأسماء لا بد أن تدل على كمال بنفسها .
الضابط الرابع ومعنى حسن فهي حسنى والله -عز وجل- يقول : " ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها " فقال " ولله " يعني سمّى بها نفسه فنأخذها من الكتاب والسنة, وفي دعاء النبي عليه الصلاة والسلام : "أسالك بكل اسم هو لك, سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحداً من خلقك, أو استأثرت به في علم الغيب عندك, أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري, وجلاء حزني, وذهاب همي. ",
وكل هذه الله - تبارك وتعالى- سمّى بها نفسه ، فهي تقتضي معاني حسنة كاملة .
واما ما كان منقسما في معناه إلى كمال ونقص وخير وشر فإنه لا يدخل في أسمائه الحسنى, مثل الكيد : الكيد قد يكون بمعنى كمال, وذلك في مقابلة من يستحق الكيد ويكون نقصا بدون مقابلة .
المكر من صفات الله عز وجل ويكون كمالا عندما يوقع فيمن يستحق ذلك، قال الله جل شأنه : " ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين ",
ولكن هل يضاف ذلك إلى الله عز وجل على سبيل الإطلاق ؟ فنقول كائد مثلا ؟؟
الجواب: لا، لأنه لا يتضمن كمالا بهذا الإطلاق من كل وجه، وإنما يكون كمالا في موضعه .
فالله- عز وجل- اضافه إلى نفسه, لا من باب الأسماء, ولكن من باب الأفعال والصفات حيث يكون كمالا فقط .
فنقول : الله عز وجل يمكر بالكافرين، وبالمجرمين وبالظالمين.
ونقول : الله عز وجل يكيد للكافرين، للمنافقين فيملي لهم؛ ليزدادوا كفرا, ثم بعد ذلك يلقونه على شر حال، وتكون عاقبتهم إلى النار, وهكذا .
فهذا لا يكون بإطلاق وإنما يكون كمالا في موضعه الذي يحسن فيه، وهذا هو الذي يضاف الى الله تبارك وتعالى .
اذن في أسماء الله عز وجل لابد أن يكون الاسم ورد في الكتاب والسنة، ولابد أن يدل على معنىً حسن بإطلاق، وأن الله يدعى بها.
ثـالثـــــــــــــــا :
أركان الإيمان بأسماء الله الحسنى:
ويمكن أن أذكر تحته ثلاثة أركان :
الركن الأول : أنه يجب على المؤمن أن يؤمن بالإسم حقيقة, بحيث لا ينفي الاسم ولا ينكره أو يجحده, أو يقول: أن الله عز وجل ليس له أسماء، ولكن يجب الإيمان بالاسم الذي سمى الله به نفسه،
فالإيمان بالإسم يدخل تحته:
1-أن تثبت الاسم حقيقة لله تبارك وتعالى ، وقد نقل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- اتفاق جميع أهل الإثبات, الذين يثبتون الصفات من مختلف الطوائف- أن الله حىٌ حقيقة، سميعٌ حقيقة، بصيرٌ حقيقة، عليمٌ حقيقة،قديرٌ حقيقة.
فإذا أردنا أن نؤمن بالاسم نثبت هذه الأسماء حقيقة لله -عز و جل- هذا واحد.
2-ان ننزه الله عن مماثلة المخلوقين فالمخلوق يقال له عزيز، قال الله -عز وجل- : " وقالت إمرأة العزيز"، والله أيضاً يسمى بالعزيز، ولكن حينما نسمي الله -تبارك وتعالى- بالعزيز, فإنه لا يكون مماثلا لهذا المخلوق الذي سُميَّ بالعزيز .
فالتشابه أو التماثل لفظاً لا يوجب التماثل حقيقة ومعنى ، فلله من العزة ما يليق به، وللمخلوق من العزة ما يليق به، مثل ما تقول الله -عز وجل- يقال له الحي, والمخلوق يقال له الحي، وحياة الله عز جل غير حياة المخلوق، فحياة المخلوق مسبوقة بالعدم ويعقبها الموت والفوت، ويعتريها النقص والآفات، فالموت والمرض والتعب والإرهاق والضعف والنعاس والسنة ، كل ذلك نقص في الحياة لذلك يقول الله عز وجل: " الحي القيوم لا تأخذه سنة ولا نوم ", فتنفي عنه هذة العوارض التي تكون نقصا في الحياة، فحياته كاملة من كل وجه قال تعالى : " ليس كمثله شئ وهو السميع البصير" . ولاحظوا هنا أنه وصف نفسه بالسمع والبصر، والمخلوق له سمع وبصر، لكن سمع الله -عز و جل غير سمع المخلوق، وبصر الله عز و جل مغاير لبصر المخلوق، وإن تطابق الاسمان لفظاً، فهذا الأمر الثاني.
3-فيما يتعلق بالإيمان في الاسم، أن تؤمن بأن أسماء الله تبارك و تعالى بالغة في الحسن، فألفاظها في غاية الحسن, لا تجد لفظاً تنقبض منه الأسماع, وهي أيضا متضمنة للصفات الكاملة ( الحسنى)، فأحياناً قد تجد الإنسان يتسمى باسم ولكنه متضمن لصفة نقص, وقد لا يعلم أصحابه ذلك, ولا سيما بعض الأعاجم, ( فمنهم من يسمي نفسه خنزير لأنه لفظ ورد بالقرآن، ومن يتسمى جهنم، وأحيانا يتكلفون ويبحثون عن أسماء لا معنى لها وقد تكون أصوات لبعض الحيوانات المستهجنة, وهو عند نفسه أنه قد أتى باسم لم تأت به الأوائل, فهو اخترع اسم جديد فريد، ولا يدري أنه معناه صوت القرد, أو هو اسم نهيق الحمار، وغيره مما له معنى مستهجن (اسم غريب أعجبهم فسموا به).
المقصود: أن أسماء الله عزوجل حسنى في اللفظ وحسنى أيضا من جهة المعنى ، فهي تدل على صفات تتضمن أوصافا كاملة لا نقص فيها لا احتمالاً ولا تقديراً,
فهي كما يقول القرطبي صاحب التفسير : "حسنة في الأسماع والقلوب", فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وما إلى ذلك من صفات كماله .
والحسن في أسمائه تبارك وتعالى الحسنى يكون باعتبار كل اسم على انفراده،
العزيز اسم من أسماء الله الحسنى يدل على صفة العزة،
اسم الرحيم يدل على صفة الرحمة، حسنى لفظا ومعنى
وتكون حسنى باعتبار ضمّها إلى غيرها، فإذا قلت مثلا: العزيز الحكيم فهذا من أبلغ ما يكون, العزة غالبا تحمل على ماذا؟ تحمل على القهر والتسلط والعسف، فلربما تكون هذه الصفة موجودة عند الإنسان (العزة) ولكن تحمله على ما لايليق، أما الله عز وجل عزيز حكيم، يضع الأمور في مواضعها ويوقعها في مواقعها فعزته مقرونه بالحكمة لا يصدر عنه شيىء يخرج عن الحكمة بخلاف الإنسان، قد تكون عنده عزة, فيحمله ذلك على الظلم والعدوان والقهر للخلق،
وكل مثل ذلك، حينما يقترن اسم الغني باسمه الحميد الغنى يحمل على البطر والطغيان قال تعالى :"كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى".أما غنى الله تبارك وتعالى فهو غنىً مع حمد، الغني الحميد، فهو محمود في غناه .
الإنسان قد يغنيه الله عز وجل فيكون سبب ذلك الكبر والبطر والكفر والتعالي على الخلق، والإعراض عن الله جلّ جلاله والمعاصي والفجور, الله تبارك وتعالى غنيٌ حميد, وهكذا
السمع والبصر، السميع اسم يدل على صفة السمع ، والبصير يدل على صفة البصر، فإذا قال السميع البصير فهذا يدل على الإحاطة، فالأشياء إما أن تكون أصواتا مسموعة، وإما أن تكون مبصرة، فالله عز وجل يسمع الأصوات ويبصر وهو عظيم البصر سبحانه، لا يفوته شيء، لا تخفى عليه خافية، فيقرن بين السميع والبصير فهذا يكون كمالا مركب.
الركن الثاني من أركان الإيمان بالله عز و جل :-
أن تؤمن بما دلّ عليه الاسم من معنى، وهذا يتضمن أمرين:
الأول : الإيمان بأن للأسماء معاني فكل اسمٍ يتضمن معنى, وليس الاسم مجرد علم محض لا يدل على صفة، فأسماؤه أعلام وأوصاف بخلاف أسمائنا نحن, فالإنسان قد يسمى صالح وهو أبعد ما يكون عن الصلاح، وقد يسمى خالد وهو هالك لا محالة، ميتٌ مفارق، وهكذا قد يتسمى الإنسان بأي اسم من الأسماء التي قد تدل على صفة كمال وهو أبعد ما يكون؛ عنها لأن أسماءنا مجرد أعلام تدل على الذات فقط ، تدل على المسمى، ولكنها لا تدل معنى هذا الإسم .
فأسماء الله عز وجل وأسماء الرسول -عليه الصلاة والسلام- وأسماء القرآن فإنها أسماء وأوصاف،
فالجبار يدل على معنى الجبروت، واسم النبي صلى الله عليه وسلم محمد وهو يدل على صفة الحمد، ومن أسماء القرآن الفرقان، لأنه يفرق بين الحق والباطل، أما نحن بأسماؤنا فإنها لا تدل على أوصاف فينا،
فأسماء الله أعلام باعتبار دلالتها على ذاته المقدسة سبحانه, وأوصاف باعتبار ما دلت عليه من المعاني ،
فإذا نظرنا إلى أسماء الله عز وجل باعتبار دلالتها على الذات الإلهيه تكون مترادفة : العزيز، الرحمن، و الكريم, كلها تدعو إلى مسمى واحد " قل أدعوا الله أو ادعوا الرحمن ايا ما تدعوا فله الاسماء الحسنى ...."
وإذا نظرنا إليها باعتبار أن كل اسم يدل على معنى فهى بهذا الإعتبار متباينة متغايرة، العزيز يدل على القوة، والرحيم يدل على الرحمة .
الأمر الثاني: مما يتعلق بهذا الركن وهو:
أن فهم معاني هذه الأسماء والتفكر فيها لا يعني التفكر بذات الله عز وجل فإن هذا لا يجوز بأي حال من الأحوال، لأنه لا يمكن أن يصل إلى هذا، ولكن عندما نتفكر فإننا نتفكر في معاني هذه الأسماء، فمثلا أن الله هو الرازق فإننا نتوجه إليه بالدعاء بطلب الرزق، إذا تفكرنا بأنه الغني فإننا نتوجه إليه وحده في طلب الغنى، وإذا تفكرنا باسمه الكريم كذلك .
وبعد ذلك يأتي
الركن الثالث من أركان الإيمان بأسماء الله تعالى :-
الإيمان بما يكون لها من آثار سيكون في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.
الأسئلة
-هل يجوز الحلف برب القرآن أن نقول ورب القرآن؟
كلمة رب تأتي بمعاني متعددة, تأتي بمعنى صاحب وأنا رب الابل, بمعنى صاحب الابل, وتأتي بمعنى المربي, وتأتي بمعنى السيد, و تأتي بمعاني أخرى على كل حال فإذا قصد بها قال واحد ورب القرآن بمعنى صاحب القرآن, مثلاً من تكلم به.
فهذا معنى لا إشكال فيه ولكن لما كان العبارة, موهمة توهم معنى صحيح وآخر غير صحيح, فالإنسان لا يعبر بالألفاظ والعبارات التي قد توهم معنى باطل؛ ولهذا قال الله -عز وجل- :" لا تقولوا راعنا وقولوا انظرنا", مع أن كلمة راعنا قد يراد بها معنى صحيح, وقد يراد بها معنى فاسد, فالإنسان يجتنب العبارات الموهمة, فما نحتاج أن نستفصل هذا الإنسان, نقول: لا تقول ورب القرآن ماذا تقصد؟ تقصد صاحب القرآن او تقصد معنى آخر اذا يدفع بالإنسان ويستريح.
-يقول هل من باب التقرير تصح هذه العبارة ( الله يحاول أن يهدي الكفار ولكنهم لا يستجيبون),
مثل هذا ما يليق ولا من باب الخبر, نحن قلنا لكم في باب الخبراوسع, ولكنه بشرط لا يعبر بعبارة غير لائقه فيها نقص, فالذي يحاول كلمة يحاول تدل على المفاعلة, فكأن شيء يمنعه من ذلك ويحجزه عنه فهو يغالبه ليصل الى مطلوبه هذا معنى الكلمة, فالله تبارك وتعالى لا يعجزه شيء, فهو يهدي من يشاء ويظل من يشاء.
-هل هناك فرق بين هذه الدروس وتلك المسجله المنتشره في التسجيلات في موضوع الاسماء الحسنى.
تلك لم تكن دروساً في الاسماء الحسنى, تلك كانت ..كنا بعد العشاء نعلق على تفسير الآيات, فلما كان الكلام على آخر سورة الحشر بذكر الأسماء الحسنى في آخر السورة جاء بعض الاخوان وسجلوها وأخذوا كل مقدار كلمة تقريباً بعد الصلاة, مثل مانعلق على رياض الصالحين, كان تقريباً ربع ساعة إلى عشرين دقيقة فصاروا يحذفون المقدمة والحمد ومابعدها الخاتمة, ويلصقون هذه بهذه, فظهرت بهذا الشكل, ثم فوجئت أنها ظهرت في ألبوم, فهذا غير مراد, وإنما هذا الكلام عن الأسماء الحسنى في هذه الدروس, أما تلك فكان عرضاً في الكلام على التفسير ولم يكن كلام قصدا وهكذا خرجت عدد من الدروس بهذه الطريقة, مثل تتبع الرخص وهو عبارة عن عدة كلمات بعد صلاة العشاء ومثل المشكلات الاسرية ثلاث أشرطة هي هكذا كانت عبارة عن كلمات فضم بعضها الى بعض .
-يقول هل من حل لمشكلة المواقف التي تكرر مع كل درس ؟
هو الإنسان يقف في مكان لا يؤذي فيه أحد ولا يسد على أحد ولو كان بعيداً, لا تقف في مكان تتسبب فيه بالضرر وحبس الناس وإلحاق الأذى بهم, هذا هو الحل, وأنا أفضل دائما أن لا تقفوا أكثر من اللازم من هذه الجهة من أجل أن لا نضايق الجيران, مع أن الجيران جزاهم الله خير يرفضون هذا الكلام تماماً ويقولوا لا تقولوا للناس هذا نحن نسعد في وقوفهم, لكن هنا مواقف واسعة من هذه الجهة الجنوب فالتقفون بها وبذلك قد نفتح الباب الذي هناك على جهة المواقف .
-هل يجوز الحلف بآيات الله حيث أنه قد يشكل على المستمع معنى آيات الله , قد تدل على الليل والنهار والشمس والقمر وقد تدل على القرآن ؟
نقسم بآيات الله ماهو المتبادر إذا سمع الانسان هذا ؟
القرآن فهذا لا إشكال فيه, فهذا هو المتبادر, مع أن من آيات الله ماهو مخلوق مثل الشمس والقمر, ولكن ليس هذا المتبادر عند السامعين .
-يقول ماحكم قول القائل بحق أسماء الله ؟
هذا نوع من التوسل, فالتوسل يجوز أن يكون بالله عز وجل وأسمائه وصفاته ويجوز أن يكون أيضا بالعمل الصالح, مثل حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة توسلوا الى الله بصالح العمل, هذا ذكر من بره بأبويه وهذا, فيتوسل الإنسان بالأعمال الصالحة, ولكنه لا يتوسل بالمخلوقين بذواتهم كأن يقول مثلا أتوسل اليك بنبيك, لكن يمكن أن يتوسل بدعائهم, يقول اللهم اني أتوسل إليك بدعاء نبيك مثلا, ويدعولك النبي صلى الله عليه وسلم بهذا في حياته عليه الصلاة والسلام. تتوسل بدعاء النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لك أن تتوسل بأعمالك أنت تقول اللهم اني أتوسل اليك بإيماني بك وبمحبتي لرسولك – صلى الله عليه وسلم- ,أتوسل إليك بمحبتي لبيتك الكريم وما أشبه هذا, هذا لا إشكال فيه في أعمالك أنت الصالحة تتوسل فيها.
-يقول مارأيكم في تسمية بعض الناس بالعبد الجبار والعبد غفار والعبد العظيم والعبد الرحمن العبد الرحيم
مثل هذا لا إشكال فيه , إذا كانت الأسرة تنسب لهذا لعبد القادر, لعبد الرحمن, لعبد الله وما أشبه هذا فهذا لا أشكال فيه, فهو أصله عبد الله, عبد الرحمن, عبد العزيز, هذا الذي يفهم ولا يفهم سواه فدخلت عليه الـ فقط. ولا يفهم أحد أن المقصود العبد الجبار العبد الكريم واضح مع أن هذا لو قيل للمخلوق بما يصلح أن ينسب للمخلوق ويضاف اليه مايصلح أن يقال: والله هذا عبد كريم أو هذا العبد كريم, هذا العبد الشريف هذا العبد عزيز هذا العبد النظيف هذا العبد الجميل, والا لا..؟ المخلوق يوصف بهذا فالمقصود على كل حال أن هذه الأسماء أعني عبد الله وعبد الرحمن إذا نسب إليها فقيل العبد العزيز العبد لجبار,فهذا شكال فيه.
-يقول نرجوا إعادة أركان أسماء الله الحسنى كرؤوس أقلام .نؤمن بالاسم
ونؤمن بما تضمنه من الصفة.
ونؤمن بالأثر, وهذا ماسنتكلم عليه إن شاء الله .
-كيف نستطيع الحلف بالقرآن وماهو الضابط؟
القرآن كلام الله صفة من صفاته, وصفات الله غير مخلوقة, فيجوز أن تحلف بالقرآن.
-يقول شخص مصاب بالوسوسة في العقيدة جاهد نفسه, ما الحل؟
أنا أقول هذه الخواطر التي تنقدح عند الإنسان والأفكار المشوشة, لا تخلو من أمرين: إما أن تكون ناتجة من نظر أو سماع للشبهات فيقع عنده الشك, ويتزعزع, إيمانه, فهذا خطير,هذا يجلوه العلم, هو الذي يكشف الشبهات. الإنسان يقرأ في الإنترنت يدخل في مواقع البالتوك ويناقش بعض الناس المنحرفين, وتقع بقلبه شبه وشكوك ويصل ربما الى الحيرة, ما يعرف الحق من الباطل فهذا خطير .
أما الذي يقع فيه عامة الناس ويشتكون منه ويقلقون فهذا لا يضرهم ولا ينقص مرتبتهم عن الله عز وجل كما أخبر النبي – صلى الله عليه وسلم – أن الشيطان يأتي ويقول من خلق كذا؟ ومن خلق كذا؟...الخ , فعلمنا كيف نفعل – عليه الصلاة والسلام – ولما شكوا إليه أن أحدنا ليجدوا في نفسه مايتعاظم أن يتكلم به, حتى أن بعضهم صور ذلك أنه يود أن يتردى من شاهق ولا يتكلم بما وقع فيه. فماذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم- : " أوقد وجدتموه؟ ذاك صريح الإيمان " في روايه أخرى " الحمد لله الذي رد كيده الى الوسوسة "
مامعنى الجملتين؟
ذاك صريح الايمان, ماهو صريح الايمان؟ من أهل العلم من قال: أي الانزعاج والكراهية لذلك الشيء والقلق والخوف من مغبته, فهذه الكراهية له تدل على أن الإنسان مؤمن, يخاف الله ويتقيه ويحبه ويرجوه ويكره الكفر, وهذا هو الأقرب في تفسيره, وهو الذي مشى عليه شيخ الاسلام ابن تيمية وأكثر أهل العلم .
ذاك صريح الإيمان وبه قال الخطابي و القرطبي وابن القيم.
والقول الثاني : ذاك صريح الإيمان - يعني اللي هي الوساوس - ووجهوا ذلك بأنه مايفعل الشيطان بالبيت الخرب؛ لهذا قال النبي – صلى الله عليه وسلم- الحمد لله الذي رد كيده للوسوسة, عجز عن صرفه عن الإيمان, ولم يفلح في إيقاعه لربما في الكبائر فجاء ليقلقه ويزعجه والنبي- صلى الله عليه وسلم : إنما النجوى من الشيطان , والأرجح في تفسيرها, أي من عمله وتزيينه, قال: ليحزن الذين آمنوا فيوقع الحزن في قلوبهم هذا مطلوب لشيطان, وقال النبي – صلى الله عليه وسلم – عن الرؤى السيئة أخبر انها من الشيطان, فالشيطان يحرص على إيقاع الحزن في نفس المؤمن فما استطاع أن يصرفه إلى بحر الكفر والشرك, ولا أن يوقعه في بحر الكبائر فإنه يزعجه ويقلقه بهذه الخواطر, ولذلك غالبا ماتجد هذه الأشياء تقع عند الحديث العهد بالتوبة , استقام فوقع في هذه الاشياء, فإذا كان من حوله لا بصر لها ولا علم, يقول: شوف يوم تدين صار موسوساً وهذا ليس صحيح, هو الآن تحرك الشيطان مثل المسحور عافانا الله واياكم إذا بدأت رقيا جادة ما الذي يحصل ..؟؟ يحصل كوارث أحيانا, يجد أشياء غريبه في البيت, يجد احيانا دم, يخرج أحيانا من بطنه أشياء مثل الشعر, يجد آلام تعصره, يجد أغراض البيت منثورة, أحيانا يجد ثيابه مرمية في دورة المياه, ويزعجه هؤلاء الشياطين ازعاجاً, يحتاج إلى أن يصبر, تجيه كوابيس كثير, فهي مرحلة انتقالية, تحركوا أتاهم شيء مزعج, فهم الآن يحاولون أنهم يتماسكون ويثبتون فإذا ثبت على الرقية - بإذن الله- اندفعوا, ولم يستطيعوا البقاء, فإن ذلك يطردهم ويتأذون فيه غاية التأذي, فمثل هذا نفس القضية, فإذا كان الإنسان تاب إلى الله عز وجل جاءه الشيطان يقلقه: كيف أنت؟ منافق أنت؟ عندك ذنوب بالسر كيف تجي تظهر أمام الناس؟ فإذن يا إبليس ماذا تقترح؟أ قترح تفجر أمام الناس, ماتترك شيء إلا تفعله, عشان ماتطلع منافق فهذا شيء عجيب .
-يقول هل يجوز ان نقول يا رحمن يا الله يا عزيز تقديم الصفة على الذات في الدعاء..أي كأني عرفت الله بالصفة ؟
إذا قصدنا بالرحمن العلمية علم, فيمكن أن تأتي بعده بالأسماء لكن الذي عليه جرت العادة وطريقة القرآن أن هذه الأسماء تأتي بعد اسم الله عز وجل الله ولهذا يقال كما سيأتي في الكلام على اسم الله الأعظم, أن الأسماء الحسنى تعود إليه لفظاً ومعنى, معنى تعود إليه لفظاً تعطف عليه, ولا يعطف على شيء منها وهذا الاسم الكريم يتضمن الأسماء الحسنى ويدل عليها بأحد أنواع الدلالة, أما التضمن أو الالتزام على كل حال الإنسان يقول يا الله يا رحمن يا رحيم ونحو هذا .
أم أسماء
13-02-08, 12:21 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الثاني من سلسلة أسماء الله الحسنى ..
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد , فمرحباً بكم معاشر الأخوان والأخوات ونسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا..اقترح بعض الأخوان أن يكون في أول هذا المجلس مراجعة لما ذكر في الدرس السابق من أجل أن اخواننا الذين لم يحضروا يستطيع الواحد منهم أن يتابع ويعرف ما قيل وكذلك من حضر من أجل أن يربط بين ما سبق وما سيأتي ..وعلى كل حال رأيت أن أضمن ذلك بعض الإضافات والفوائد من أجل ألا تكون مجرد إعادة ...
تحدثنا أول ما تحدثنا عنه عن الفرق بين الاسم والصفة ذكرنا معنى الإسم وأنه ما دل على معنى في نفسه وأن أسماء الأشياء هي الألفاظ الدالة عليها وأن الصفة هي الإسم الدال على بعض أحوال الذات فهي أمارة لازمة للشئ كما يقول ابن فارس رحمه الله .
وذكرنا في هذا جواب لسؤال وُجِّه للجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء في الفرق بين الاسم والصفة, ثم حصرنا هذه الفروقات في أمور محددة
فأول ذلك: أن الأسماء يُشتق منها صفات ’ وأما الصفات لا يُشتق منها أسماء.
والفرق الثاني: أن الأسم لا يشتق من أفعال الله تعالى ومثّلنا لذلك بأمثلة:يقول تعالى(( والسماء بنيناها بأيدٍ )) أي بقوة, فالأيد هنا ليس جمع يدفاليد تُجمع على أيدي , والأيد هو القوة وليس هذا من قبيل التأويل’, هذا معناه في كلام العرب , كما قال الله عز وجل (( وداود ذا الأيد ..)) يعني القوة , والسماء بنيناها بأيد يعني بقوة , فلا يشتق من هذا الفعل بنيناها هو فعل ماض (بنى) فلا يُشتق منه اسم لله تعالى فيُقال مثلاً بأن الله باني أو بنّاء أو نحو ذلكالله تعالى أخبرنا أنه يسقي ((فأسقينا به بلدة ميتا )) أو قال (( فأسقيناكموه )) في ماء المطر فهذا لا يُؤخذ منه اسم لله تعالى , فلا يُقال بأن الله هو الساقي وهكذا أيضاً فقال تعالى (( فدمدم عليهم ربك بذنبهم فسواها )) دمدم , فلا يُقال بأن من أسماء الله المدمدم , وهكذا أيضاً لا يُقال بأن الله مدمر أو أنه طامس لأنه قال ((فطمسنا أعينهم)) ولا يُقال أنه المقطع لأنه قال عن بني اسرائيل (( وقطعناهم في الأرض أمما )) ولايُقال إنه المنسي لأنه قال (( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم )) وهكذا في سائر الأمثلة التي من هذا القبيل.
والفرق الثالث: أن أسماء الله و صفاته تشترك في الإستعاذة بها والحلف , لكن تختلف في التعبد والدعاء.
بعد ذلك مما يتصل في الفروقات فرق لم نتطرق له لكن يمكن أن يُضاف في هذه الليلة للفائدة من أجل أن لا يكون ذلك تكراراً محضاً ..
ما الفرق بين باب التسمية وباب الإخبار؟
-الفرق الأول: أن أسماء الله توقيفية فلا نسميه إلا بما سمى به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم أما باب الإخبار أوسع فيمكن أن نخبر عن الله أنه موجود, ومعلوم ان الموجود ليس من أسماء الله تعالى فنقول الله موجود , يمكن ان نقول عن الله تعالى أنه قديم كما يقول ابن تيمية وتلميذه ابن قيم لا على سبيل التسمية فليس من أسماءه القديم, وأحسن من هذا أن يُعبر بالأول (( هو الأول والآخر)) ولكن لو أن أحد في مقام الحجاج والرد على بعض المبطلين فقال : الله قديم يقصد أنه الأول الذي ليس قبله شئ مع أن ذلك لم يرد في الكتاب ولا في السنة فهذا من باب الخبر فباب الخبر أوسع من باب الأسماء.
الفرق الثاني: أن أسماء الله حسنى كاملة في الحسن فهي تحمل الحسن المطلقأما الخبر فيكفي أن لا يكون بعبارة غير لائقة كما أشرنا في المرة الماضيةقد لا تكون هذه العبارة بالغة في الحسن غايته لكن يكفي أنها لا تحمل معنى لا يليق بهذا القيد .. لذلك يمكن أن يُخبَر عن الله أنه موجود؛ وأنه ساتر لكن الستّير أبلغ لأنه هو الوارد عن النبي صلى الله عليه وسلم.
الفرق الثالث: أن أسماء الله الحسنى يُدعى بها أما الخبر عن الله فإنه لا يدعى به , فلا تقول يا قديم ويا موجود إنما تقول يا الله؛اللهم إني أسألك بأنك أنت الأول الذي ليس قبلك شئ وأنت الآخر الذي ليس بعدك شئ.هذه فروقات ثلاث بين باب التسمية وباب الخبر.
ثانياً .. ضابط الأسماء الحسنى
وهو تحدثنا عنه في المرة الماضية وذكرت مناهج العلماء فيما يطلقونه من الأسماء على الله تعالى
-وأن منهم من يعتمد على العد الوارد في بعض الروايات, حديث أبوهريرة رضي الله عنه.
-ومنهم من يقتصر على ما ورد من الأسماء بصورة الإسم فقط كابن حزم.
-ومنهم من اشتق من كل صفة أوفعل اسم من الأسماء وهذا توسع وهو مردود.
-ومنهم من يتوسط وأن عامة أهل العلم على هذا المنهج وهو الذي عليه كبار المحققين وهو طريق أهل السنة والجماعة.وذكرنا كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وأنه يتضمن أمور محددة.
فشيخ الاسلام يقول الأسماء الحسنى المعروفة هي
- التي يُدعى بها (تستطيع أن تجعل هذا قيداً)
- وهي التي وجائت في الكتاب والسنة.
- وهي التي تقتضي المدح والثناء بنفسها
- أن ما كان مسماه منقسماً الى كمال ونقص وخير وشر لم يدخل في جملة الأسماء الحسنى.
هذه أربعة أمور تضمنها كلام شيخ الإسلام في ضابط الأسماء الحسنى.
وممكن أن نضيف عليها ,ومن تتبع كلام أهل العلم في هذا:فمنهم من يُجمل ويذكر قيداً أو قيدين وهذا أغلب العلماءومنهم من يزيد على ذلك وإذا أردت أن تتبع ما قالوه فيمكن أن تخرج بجملة من الضوابط والقيود..فيقال:
الأول: أن يثبت الإسم بنص في الكتاب أو السنة , وهذا ينبغي أن لا يختلف فيه وهو من الوضوح بمكان.
الثاني: أن يكون الإسم صالحاً للعلميية , فالأسماء أو الأعلام لها علامات يمكن أن تُعرف بها في كلام العرب , النحاة مثلاً علامات للإسم منهم من يذكر بعضها في المختصرات ومنهم من يزيد عليها في الكتب المتوسطة ومنهم من يتوسع في المطولات.
فعلامات الاسم منها:
-1. أن يكون قابل لدخول حرف الجر (( وتوكل على الحي الذي لا يموت )) فالفعل لايدخل عليه حرف جر , فحتى نفرق بين الاسم وقسيميه, أعني الفعل والحرف لأن الكلام يقسم في العرب الى اسم وفعل وحرف الذي جاء لمعنى (حروف المعاني وليس حروف التهجية) فحتى نعرف نقيس هذه اللفظة هل هي اسم أم فعل أم حرف فهناك علامات ممكن أن نستعرضها على هذه اللفظة فنعرف, فقبول دخول حرف الجر هذه علامة أنه اسم .
.2. التنوين ((سلامٌ قولاً من ربٍ رحيمٍ )) فرب اسم ورحيم اسم وسلام اسم لكن هنا لفظة سلام ليس المقصود منها التسمية وهذا له مجال آخر في بيان المراد لكن الشاهد هنا في ربٍ رحيمٍ
.3. دخول ياء النداء ((يا حي يا قيوم)) كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم , أن يكون منادى
.4. أو يكون الاسم معرفاً بالألف و اللام ((سبح اسم ربك الأعلى)) فدخلت عليه أل
.5. أو يكون مضاف إليه معنى من المعاني , يعني قبول الإسناد , يكون مسند إليه , فتقول (( الرحمن فسئل به خبيرا)) فالرحمن اسم لوجود الإسناد إليهأو تقول محمد أعطاني كتاباً .. فالإعطاء مسند إلى محمد, لكن ما تقول ذهب أعطاني كتاباً إلا إذا الشخص سمي ذهب مثل يزيد لكن فعل هكذا ما يأتي , فلا بد أن يكون المسند إليه اسماً.
هذه خمس علامات كما قال ابن مالك في الألفية
الجر والتنوين والندا وأل ****ومسند للإسم تمييزٌ حصل
يتميز الإسم بهذه العلامات الخمس .
الثالث: ذكره بعض أهل العلم وهو ليس محل اتفاق وهو أن يأتي مطلقاً دون قيدٍ أو إضافة بحيث يفيد المدح والثناء على الله تعالى بنفسه لا بما قُيّد به , فما كان لا يفيد الثناء والمدح إلا بما وُضع له من قيد قالوا هذا لا يصلح في الأسماء ولا يكون اسم , أو كان لا يظهر منه الكمال إلا بالإضافة إلى غيره فلم يعدوه من الأسماء, وهذا كما قلت ليس محل اتفاق
فالذين اعتبروا هذا الشرط طبقوه على أمثلة كثيرة منها ما هو صحيح ومنها ما هو مردود عند من لم يعتبر هذا الشرط مثلاً لفظة بالغ اسم أم فعل أو حرف ؟بلغ فعل وبالغ اسم, طيب هل هو من أسماء الله تعالى ؟ هو اسم فتقول البالغ فتدخل عليه أل , بالغُ دخلت عليه التنوين, من بالغٍ دخلت عليه حروف جر, يا بالغ يمكن أن يدخل عليه ياء النداء , ويمكن الاسناد اليه , فعلامات التسمية تنطبق عليه لكن هل يُسمى الله به؟هناك علامات التسمية من أجل أن نميزه عن الفعل والحرف فقط فلا يعني أنها إذا انطبقت عليه يصلح أن يكون من أسماء الله فالكلام ليس فيه تناقض طيب : (( إن الله بالغ أمره )) لاحظ هنا الكمال بهذه اللفظة بمفردها وإنما بإضافتها إلى غيرها .كذلك المخزي مثلاً اسم (( وأن الله مخزي الكافرين )) فلفظة المخزي اسم لكنها لا تدل على الكمال بنفسها لكن حينما أُضيف ذلك إلى الكافر صار ذلك كمالاً , فهذا لا يكون من أسماء الله مع أنه اسم..كذلك لفظة عدو هي اسم ((فإن الله عدو للكافرين )) فلفظة عدو بمجردها لا تدل على كمال ..كذلك أيضاً الخادع (( إن المنافقين يخادعون الله وهو خادعهم )) هذا أيضاً اسم ..وكذلك أيضاً المتم (( والله متم نوره )) فالمتم بمجرده لا يدل على كمال , متم ماذا ؟ قد تقول فلان يتم ما بقي من الشر أو الفساد أو المنكر .وهكذا الفالق والمخرج (( إن الله فالق الحب والنوى .... )) إلى أن قال (( ومخرج الميت من الحي)) فالفالق والمخرج ليست من أسمائه تعالى.وهكذا أيضا الفاطر والجاعل والمتوفي والرافع والمطهر والمهلك والمنزل والسريع - سريع العقاب فكل هذا جاء في الآيات لكنه لم يأتٍ مطلقاً إنما جاء مقيد أو بالإضافة.فهذه إنما تذكر في حق الله تعالى على الوضع التي قُيدت به ويُدعى بها على ما ورد في النص مثل (( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك )) فلا نقول يا مقلب فقط .
الرابع: أن يكون هذا الاسم دالاً على صفة من صفات الكمال ,وكما نعلم أن أسماء الله تعالى أعلام وأوصاف فكل اسم فهو متضمن لصفة من صفاته الكاملة , وعرفنا أن جميع أسماء الله مشتقة وأنها ليست جامدة وقلنا أن هذا اأبلغ واللائق فيما نسمي الله تعالى به وإلا لم تكن الأسماء حسنى إذا ما كانت تدل على أوصاف الكمال, فالجامد لا مدح فيه ولا معنى له, لا يتضمن صفة , فإذا تعددت الأسماء وقيل إنها كثيرة لا يحصيها الخلق فإنما هو تعدد ألفاظ لو قلنا بأنها جامدة كما يقول ابن حزم وبعض أهل البدع يقولون هي مجرد أعلام لا تدل على أوصاف , فهؤلاء هم الذين ينفون صفات الكمال عن الله تعالى.لهذا قال ابن عبد الهادي عن ابن حزم بأنه جهمي جلْد في الصفات على ظاهرية في الفروع.الشاهد : الله عز وجل كما في الحديث القدسي يقول ((يؤذيني ابن آدم يسب الدهر وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار))هل الدهر من أسماء الله ؟ هل يصح أن يُقال فلان عبد الدهر؟الجواب : لا ليس من أسماء الله تعالىما وجه قوله تعالى وأنا الدهر؟ يبينه ما بعده (( أقلب الليل والنهار )) فالدهر زمان - وقت فالذي يسب الدهر لما وقع فيه من الأمور المكروهة بالنسبة إليه هو في الواقع يعود سبه إلى من يُقلب الليل والنهار, فالله تعالى هو الذي يُقدر الأقدار و يسبب الأسباب وهو الذي يدير الليل والنهار فمن سب الدهر فإن ذلك يعود إلى الله جل جلاله.إذن الدهر ليس من أسماء الله تعالى هو تدخل عليه علامات الاسم لكنه لم ينطبق عليه الشرط الرابع وهو أن يكون هذا الاسم دالاً على صفة من صفات الكمال وهو جامد فليس هناك صفة يتضمنها فلا يصح تسمية الله به.
الخامس: أن الوصف الذي يدل عليه هذا الاسم ويتضمنه لا بد أن يكون كامل من كل وجه , فصفاته تعالى كاملة لا يكون هذا منقسماً يكون في موضع كمال وفي موضع نقص فلابد أن يكون كاملاً من كل وجه..الآن كثير من الأشياء قد تكون كمالاً بالنسبة للمخلوق فالزواج بالنسبة للمخلوق كمال لكنها بالنسبة للخالق نقص ينزه عنه, السِنة والنوم كمال والذي لا ينام مريض يحتاج يذهب للطبيب ويقلق وينزعج لأنه لا ينام ولا يحصل له هذا الخلل أصلاً والاضطراب في النوم إلا لاختلال مزاجه يعني تغير عافيته وصحته أما للخالق نقص.وهناك أشياء قد تكون في موضع من قبيل النقص وفي موضع آخر من قبيل الكمال مثل الكيد فنقول فلان صاحب كيد يكيد لأصحابه وقراباته فهذا نقص , لكن لما يقال الله يكيد بالكافرين والمجرمين والظالمين فهذا كمال لله تعالى وهكذا..فهذا يكون منقسم في موضع كمال وفي موضع نقص , فما كان كذلك فلا يصح أن يسمى الله به , فلا يسمى الله تعالى بكائد أو نحوه ولهذا ليس من أسمائه الماكر مع أنه قال (( ويمكرون ويمكر الله )) كذلك ليس من أسمائه الفاتن مع أنه قال (( لنفتنهم فيه )) وليس من أسمائه المضل (( يضل من يشاء)) وليس من أسمائه المستهزئ ((الله يستهزئ بهم )) فهذا لأنه ليس بكمال مطلق وإنما يكون كمالاً في موضع فمثل هذا لا يقال الا في الموضع الذي يكون فيه من قبيل الكمال , ولا يكون هذا من باب التسمية وإنما من باب الوصف.
السادس: أن ما ثبت الدعاء به فهو اسم من أسماء الله الحسنى لقوله تعالى (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)) ولهذا عدّ شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله من جملة الأسماء الحسنى التي ليست مما جاء في الرواية التي ورد فيها سرد الأسماء (السبوح أنه من أسماء الله) وشيخ الاسلام يعتبر أن الأسماء المضافة من قبيل الأسماء ( أرحم الراحمين - خير الغافرين - رب العالمين - مالك يوم الدين - أحسن الخالقين - جامع الناس ليوم لا ريب فيه - مقلب القلوب) لأنها جاء الدعاء بها هذا عند شيخ الاسلام أما من اعتبر القيد السابق قال لابد أن تكون جائت بإطلاق من غير إضافة ولا تقييد ماعدوا هذه من الأسماء.
ولهذا حينما تستعرض تجد اختلاف بين العلماء في العد بسبب هذه القيود.فمثل شيخ الاسلام وكذلك ابن القيم وجماعة من أهل العلم من المعاصرين الشيخ محمد العثيمين رحم الله الجميع يعدون هذه من الأسماء لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا بها أو جاء الدعاء بها في القرآن , فالنبي قال : (( يا مقلب القلوب)) قالوا هذا اسم لأن الله قال (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها)) فما جاء الدعاء به صح أن يكون اسم لله تعالى..كذلك (( قل اللهم مالك الملك)) منادى..وهكذا في قوله تعالى(( جامع الناس ليوم لا ريب فيه)).
السابع: أن ما ورد في الكتاب والسنة بصيغة اسم الفاعل واسم الفاعل على وزن فاعل فإذا كان يدل على نوع من الأفعال ليس بعام شامل فلا يعد من الأسماء الحسنى, فإذا اعتبرنا هذا القيد يخرج اسم الزارع من أسماء الله الحسنى وأخرج به بعضهم المسعر مع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله هو المسعر)) , وكثيراً من المحققين من أهل العلم عدوا ذلك من أسماء الله تعالى (المسعر).
فالمقصود أيها الأحبة أن تعرف أن بعض هذه الضوابط لم يُتفق عليها فكانت هي السبب في إدخال بعض العلماء لبعض الأسماء وإخراج آخرين لبعض آخر من هذه الأسماء.وكنت حاولت أعمل مقارنة لما قيل إنه من أسماء الله فوضعت جداول اسم كل عالم والأسماء التي سردها وتظهر في الجدول من الذين عدوا هذا الإسم وأسماء العلماء فوق , فوجدت أن بعض الأسماء ما ذكره إلا واحد, والبعض ذكره جميع هؤلاء , ومنها مالم يذكره سوى العدد القليل , وهكذا يتفاوتون بسبب إختلافهم بمثل هذه الضوابط.
الشيخ عبد الرحمن ابن السعدي حينما ذكر الضابط قال: ضابطه أن كل اسم دال على صفة كمال عظيمة وبذلك كانت حسنى , ما ذكر بعده توضيح له وشرح ليس فيه زيادة ..
فلو أردنا أن ندقق نجد فيه قيدين الأول أنه اسم , والثاني أنه دال على صفة عظيمة .
وكلام شيخ الإسلام السابق تضمن أربعة أمور..
ويقول شيخ الإسلام ان المسلمين في أسماء الله على طريقتين:
-فكثير منهم من يقول على أنها سمعية شرعية فلا يُسمّى إلا بالأسماء التي جائت بها الشريعة يقولوا هذه قضايا توقيفية لا نسميه بغير ما سمى يه نفسه.
-ومنهم من يقول كل ما صح معناه في اللغة وكان معناه ثابت لله عزوجل لم يحرم تسميته به , فالشارع لم يحرّم علينا ذلك وما سكت عنه فعو عفو . وهذا الكلام طبعاً غير صحيح اطلاقاً فلو أن أحداً سماك باسم لم يسمك به أبوك فإنك تعتبر ذلك تعدياً وإساءةً فكيف بالله تبارك وتعالى.
-واختار شيخ الإسلام ابن تيمية التوسط في هذا وهو أنه يُفرَّق بين أن يُدعى بالأسماء أويُخبر به عنها, فإذا دُعي فلا ندعوه إلا بما جاء بتوقيف أي اللي هي الأسماء التي تنطبق عليها الضوابط المعروفة ولهذا نقول أسماؤه توقيفية, لكن يقول باب الإخبار فيكون ذلك بحسب الحاجة فيمكن أحد يأتي يحتاج أن يترجم لآخر أسماء لله عز وجل فهو ينقل له المعنى, هذا المعنى الذي ينقله باللغة الأعجمية ليس مطابق مئة في المئة للفظ العربي فهو يُقرب له بلفظ يفهمه , فهذا للحاجة مع أن الله لم يسمي نفسه بهذا الاسم الذي صيغ اليه بالأعجمية .. فهذا للحاجة.كذلك إذا أردنا أن نخبر عن الله عز وجل فنقول بأن الزارع الحقيقي هو الله, لا إشكال في هذا , ونقول بأن الله مذل من عصاه لا إشكال في هذا في باب الإخبار ؛ هذا بالنسبة للضوابط .
ثم تكلمنا
ثالثاً عن أركان الإيمان بالأسماء الحسنى
وقلنا أن الركن الأول هو الإيمان بالإسم وأن ذلك يتضمن ثلاثة أمور- أن نثبت حقيقة الاسم لله.- تنزيه الله عن مماثلة المخلوق, فالاشتراك بالاسم لا يعني الاشتراك بالصفة.- أن من تمام الإيمان بالإسم الإيمان بأن أسماء الله حسنى, وتحدثنا عن كون الأسماء حسنى.
ويمكن أن نضيف الى هذا زيادة إيضاح:فيقال بأن الله تعالى وصف أسمائه بأنها حسنى في القرآن في أربعة مواضع , في أربع آيات ::
*** الموضع الأول: في الأعراف (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يُلحدون في أسماءه))
***الموضع الثاني: في الإسراء (( قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياً ما تدعو فله الأسماء الحسنى ))
***الموضع الثالث: في طه (( الله لا اله إلا هو له الأسماء الحسنى ))
***الموضع الرابع: في الحشر (( هو الله الخالق البارئ المصور له الأسماء الحسنى)).
فالحسنى هي تأنيث الأحسن كما يقال الكبرى والصغرى هذا تأنيث للأكبر والأصغر.
وقد ذكر ابن الوزير اليماني رحمه الله ما يبين هذا المعنى بأن الحسن من صفات المعاني , فكل لفظ معنيان: حسن وأحسن ..والمراد هنا بالحسنى الأحسن من المعنين من أجل أن يصح الجمع على حسنى, ولا يُفسر بالحسن منهما إلا الأحسن لهذا الوجه.
وابن تيمية يوافقه في هذا يقول الحسنى هي المفضلة على الحسنة والواحد الأحاسن..فالشاهد أن الإسم إذا كان له أكثر من معنى وبعض هذه المعاني أحسن من بعض فنفسر الإسم بالأحسن.يعني مثلاً الخالق له عدة معاني , منها: المقدرفإذا قال هو الله الخالق البارئنفسر الخالق بالمقدر , والبارئ بالمنشيء من العدم لماذا فسرناه هنا بالمقدر ؟من أجل ألا يكون تكراراً محضاً لو فسرنا الخالق بالموجد من العدم فالبارئ هو الموجد من العدم, ما صار عندنا معنى جديد فالأبلغ والأحسن أن نقول الخالق ــ هنا في هذا الموضع فقط ــ هو المقدرفيقدر ثم يوجد بناءً على هذا التقدير.كذلك القدوس السلام فلو قلنا القدوس هو المقدس من كل عيب ونقص وقلنا السلام هو السالم من كل عيب ونقص فالمعنى واحد لكن من أهل العلم من يقول القدوس هو المنزه من كل عيب ونقص في الماضي والحاضر , والسلام هو السالم من كل عيب ونقص و آفة في المستقبل .. فصار في فرق أو من يقول القدوس هو الطاهر , والسلام هو السالم من كل عيب ونقص فهذه الألفاظ تحتمل أكثر من معنى فنحمل ذلك على أفضل هذه المعانيولا مانع لو كان لها أكثر من معنى كاملة أن نحمل ذلك مثل لفظة رب كما سيأتي إن شاء الله تعالى فلها ما يقرب من سبعة معاني وكلها صحيحةوالأكمل أن نحمله على جميع هذه المعاني , مثل اسم الجبار كما سيأتي ان شاء الله في موضعه فالجبار تأتي بمعنى العزيز القوي الذي يقسم ظهور الجبابرة , وتأتي لفظة الجبار بمعنى الذي يجبر كسر الضعيف ويقوي الكسير منكسر القلب نقول: اللهم اجبر كسرنا, فهو جبار بهذا الاعتبار للكثرة , ويأتي بمعنى أيضاً العالي لهذا يُقال للنخلة الطويلة جبارة ,فله العلو المطلق - علو الذات - علو المنزلة - وعلو القهرفلا إشكال أن نفسر الجبار بهذه جميعاً ويأتي ان شاء الله تعالى في موضعه.
قامت بهذا التفريغ الطالبة بدر الدجى جزاها الله خيرا.
سمية ممتاز
11-03-08, 12:11 PM
[بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد عليه وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد..
فمرحباً بكم معاشر الأخوان والأخوات وأسأل الله تعالى أن يجعل هذا المجلس خالصاً لوجهه الكريم ومقرباً إلى مرضاته, وأن يرزقنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح..
كان حديثنا أيها الأحبة ؛ آخر ما تحدثنا عنه هو ما يتصل بأركان الإيمان بالأسماء الحسنى , وقلنا إنه يجب على المسلم أن يؤمن بكل اسم سمى الله به نفسه أو سماه به رسوله صلى الله عليه وسلم , أن يؤمن بالإسم.
والأمر الثاني : أن يؤمن بما تضمنه هذا الاسم من صفة لله تعالى
والركن الثالث : هو ما سنتحدث عنه هذه الليلة إن شاء الله وهو ما يتعلق بالآثار التي تتعلق بالأسماء الحسنى.
وهذا الركن له تعلق بما قبله , فالإنسان اذا آمن بالإسم لا بد أن يؤمن بما تضمنه هذا الاسم من صفة , ولا يمكن أن يؤمن بالأثر المترتب على ذلك إلا إذا آمن بالصفة؛ وآمن قبل ذلك بالاسم, فلا بد من فهم معاني الأسماء, أن نعرف معانيها وما دلت عليه, فأسماء الله تعالى لها آثار في هذا الخلق الذي نشاهده , ولها آثار أيضاً فيما يتصل بأمر الله عز وجل وحكمه الشرعي وما شرّعه لعباده فمن نظر في هذا وهذا رأى آثار الأسماء الحسنى ظاهرة جلية لا خفاء فيها..
انظروا أيها الأحبة وحديثنا إنما هو عن الأسماء التي لها أثر, الأسماء المتعدية وتعلمون أن من أسماء الله عز وجل ما ليس بمتعدٍ , فاسم الله تعالى: الحي – العظيم؛ هذه من أسماءه غير المتعدية , فهذا نؤمن بالاسم ونؤمن بما تضمنه من الصفة, وقلنا كل اسم يتضمن صفةً, وهناك أسماء متعدية يعني لها آثار متعدية فلا بد من الإيمان بتلك الآثار مع الإيمان بالإسم والإيمان بالصفة التي تضمنها ذلك الاسم.
ولذلك نقول بأن هذه الآثار التي يجب أن نؤمن بها يجب على كل مسلم أن يؤمن بها إجمالاً وأما ما يتعلق بالتفصيل فإن ذلك لا يجب على كل أحد ولكن الناس يتفاضلون في هذا و يتفاوتون تفاوتاً كبيرا وهذا فضل الله تعالى يؤتيه من يشاء, فكل بحسبه والله لا يكلف نفساً إلا وسعها.
أيها الأحبة ..
إذا تأملت أسماء الله تعالى التي تكون متعدية وجدت أن آثارها تترتب عليها ترتُّب الملزوم على لازمه, والمقتضى على مقتضيه, والمرحوم وأسباب الرحمة على الراحم, وكترتب المرزوق والرزق على الرازق, وكترتب المرئيات والمسموعات على السميع والبصير ... وهكذا.
فلا بد من ترتب الآثار على هذه الأسماء المتعدية
ولهذا فإن الحافظ ابن القيم رحمه الله اعتبر العلم بالأسماء الحسنى أنه أصل للعلم بكل معلوم , ووجه ذلك أن كل المعلومات لا تخرج عن أمرين:
إما أن تكون هذه الأشياء التي نعلمها هي من قبيل خلق الله عز وجل فيدخل في ذلك جميع أنواع العلوم التجريبية , العلوم المادية.
وإما أن يكون ذلك من قبيل العلم بأمره جل جلاله فيدخل في هذا العلم بالله عز وجل وأسمائه وصفاته وأحكامه, كل ذلك داخل فيه.
فهذه العلوم إما علم لما كوَّنَه الله عز وجل وخَلَقًه
أو علم بما شرَّعه , فمصدر الخلق إنما هو عن أسماءه تعالى
وهكذا أيضاً مصدر الحُكم والشرع
كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله:
أسماءه على دلت على أوصافه **** مُشتقة ٌ منها اشتقاق معاني
وصفاته دلّت على أسمائه **** والفعل مرتبط ٌ به الأمران
والحُكم نِسبتُها إلى متعلقاتٍ **** تقتضي آثارها ببيان
فأنت لو تصورت الآن في هذا العالـَم , هذا الخلق الذي تشاهده
لو كان الحيوان بِجُمْلَته معدوماً, الله يرزق من؟
( الحيوان يقصدون به كل ما هو نامي فيُدخلون في جملته الإنسان , يعني الأشياء الحية التي فيها روح )
فالله عز وجل يقيمها ويرزقها فأقواتها وقيامها إنما هو بإقامة الله عز وجل لها, فهو الذي يرزق الحيتان في البحر , والديدان تحت الأرض, وهو الذي يرزق سائر المخلوقات بجميع أنواعها ..
فلو تُصُوِّر أنها معدومة فالله يرزق من ؟!
وإذا فُرِضت المعصية والخطيئة منتفية عن العالم
الناس في عِصمة عن المعاصي , فالمغفرة لمن؟؟
عمن يعفو الله تعالى وعلى من يتوب؟
وهكذا أيضاً لو فُرِض أن جميع الناس أغنياء, أنهم مستغنون عن رازق يرزقهم فأين السؤال والتضرع والإفتقار إلى الله عز وجل والإنطراح بين يديه؟ وأين ما يترتب على ذلك من إجابة سؤال السائلين ودعاء الداعين, وجبر كسر الضعيف, أصحاب القلوب المنكسرة؟
وهكذا أيضاً ظهور إفضاله وإنعامه على عبيده
الله تبارك وتعالى من أسماءه العفو الغفور الرحيم الرازق , كل هذه أسماء لله عز وجل , فلو أن الناس كلهم قد استغنوا عن العطاء والرزق , أو أن كلهم ما يعصون الله عز وجل فلمن تكون المغفرة؟ ولمن تكون الرحمة؟ ولمن تكون التوبة؟؟ فمن أسمائه تعالى التواب..
فلن تظهر آثار الأسماء الحسنى وإنما اقتضت حكمته تبارك وتعالى أن يوجد ذلك جميعاً في الخليقة من أجل أن تظهر آثار أسمائه وكمالاتِه عز وجل.
فاسمه الخالق يقتضي مخلوقاً, والبارئ يقتضي مبروءاً , والمصور يقتضي مُصَوَّراً, فلا بد من ذلك أصلاً, فهذه كلها من الأسماء المتعدية التي تقتضي أثراً ينتج عنها
ولذلك يُقال أيها الأحبة : إن أسماءه الغفار والتواب يقتضي مغفوراً له ومن يُتاب عليه .. وهكذا أيضاً أموراً يُتاب منها لا بد من أمور يتوب العبد منها , وهكذا أيضاً من تأمل ارتباط الخلق والأمر بهذه الأسماء الثلاثة كما يمثل الحافظ ابن القيم على الأسماء الأولى التي وردت في أول سورة الفاتحة (( الحمد لله رب العالمين * الرحمن الرحيم * مالك يوم الدين )) فهو يقول الله والرب والرحمن , يقول هذه الأسماء الثلاثة نشأ عنها الخلق والأمر والثواب والعقاب , وهي التي جمعت الخلق وفرقتهم فلها الجمع والفرق , يقول اسم الرب له الجمع
الجامع لجميع المخلوقات
هل يخرج أحد من ربوبية الله؟
الجواب: لا, فهو رب للجميع, للمؤمن وللكافر, وهو رب للجماد والحيوان والنبات , لا يخرج أحد عن ربوبيته تعالى, واجتمع الخلق بهذا الإعتبار تحت صفة الربوبية, وأما صفة الإلهية فقد افترقوا فيها إلى مؤمنين وكفار فلها الفرق , الربوبية لها الجمع
والإلهية لها الفرق.. فصار الناس إلى طائفتين, سعداء وأشقياء , انقسموا إلى مؤمنين وكفار
فالدين والشرع والأمر والنهي مظهره وقيامه من صفة الإلهية
والخلق والإيجاد والتدبير صفة من صفات الربوبية
والجزاء بالثواب والعقاب والجنة والنار من صفة الملك
فالله تعالى أمرهم بإلهيته وأعانهم ووفقهم وهداهم وأضلهم بربوبيته
وعاقبهم بملكه وعدله
وأما الرحمة فهي التعلق والسبب الواصل بين الله عز وجل وبين العباد لا ينفكون عن رحمته بحالٍ من الأحوال, لو تخلى عنهم لهلكوا جميعاً , فالتأليه منهم له والربوبية منه لهم والرحمة هي السبب الواصل بين الخالق والمخلوق بها أرسل إليهم الرسل وأنزل عليهم الكتب ووفق من شاء إلى الهدى, وبها أسكنهم دار الكرامة الجنة
وبها رزقهم وعافاهم وأعطاهم وأنعم عليهم..... وهكذا..
فهذه الآثار وهذه الأسباب التي خلقها الله عز وجل هي من لوازم كماله وملكه وقدرته وحكمته , فظهور تأثيرها وأحكامها في عالم الشهادة هو تحقيق لهذا الكمال.
كيف نعرف أن الله تعالى القادر, العزيز, القوي والمتين, يُهلك أقواماً من العُتاد من الضالين من المكذبين من المحادِّين له ولرسله عليهم السلام
فيظهر من ذلك آثار هذه الأسماء
إذا أجدب الخلق تضرعوا إليه فأغاثهم وأعطاهم؛ فتظهر آثار جملة من الأسماء .. الرازق , الرحمن , الرحيم وهكذا... إذن ظهور آثار هذه الأسماء الحسنى هو من جملة كماله المُقدَّس
ولا يمكن أن نُثبت لله أو أن يَثبت لله عز وجل أو أن يثبت العبد الكمالات لله إلا إذا أثبت هذه الآثار في الخلق والأمر , في قضاء الله وقدره , في وعده ووعيده , ومنعه وإعطاءه , وإكرامه وإهانته, وعدله وفضله , كل هذه الأشياء تظهر وتعرِّفنا بالمعبود جل جلاله وهي ناشئة وناتجة بل هي من مقتضيات أسمائه الحسنى
فيظهر نتيجة لذلك أنه العفو المنعم ويظهر سعة حلمه ويظهر أيضاً شدة بطشه , وهكذا اقتضى كماله أنه في كل يوم له شأن
فمن جملة شؤونه أنه يغفر ذنباً ويفرج كرباً ويشفي مريضاً ويفك عانياً وينصر مظلوماً ويُغيث ملهوفاً ويُجير مستجيراً ويجبر كسيراً ويغني فقيراً ويُجيب دعوة ويُقيل عثرة ويُعز ذليلاً ويذل متكبراً ويقسم جباراً ويميت ويحيي ويُضحك ويُبكي, يضحك أقواما ويبكي آخرين, ويخفض ويرفع ويعطي ويمنع .
فإذا عطـّل العبد الرب تبارك وتعالى عن أسمائه الحسنى وصفاته العليا فإنه بذلك يكون معطلاً لإلهيته وربوبيته ورحمته وملكه, قد عطـّله عن كمالاته المقدسة , وبهذا تعرفون شُئم مذاهب المُعَطـِّله الذين نفوا الأسماء والصفات, أو الذين أثبتوا الأسماء وقالوا إنها لاتدل على أوصاف لله تعالى, فهذا تعطيل للربوبية والإلهية والملك والعزة والرحمة الحكمة , كل هذه تتعطل وتنتفي , ولهذا أنكر الله عز وجل على أولئك الذين قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ فقال تعالى(( وما قدروا الله حق قدره إذ قالوا ما أنزل الله على بشر من شئ)) فإن حكمته ورحمته تقتضي أن يُرسل للعباد رسلاً يبينون لهم ما يحتاجون إليه من الحلال والحرام ويُعرِّفونهم بالمعبود جل جلاله ويُعرَِّفونهم ويشرحون لهم الطريق التي توصلهم إلى ربهم وباريهم وخالقهم تبارك وتعالى..
هذا كله من مقتضيات أسمائه,
والله تعالى قال في حق أولئك الذين أنكروا البعث والمعاد والعقاب (( وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه))
لأنهم اعتقدوا أن هذا الخلق هذا الانسان إذا تحول إلى تراب أنه لا يستطيع أحد أن يعيده مرة أخرى إلى هذا الخلق الذي نشاهده (( فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة))
((أئذا كنا عظاماً ورفاتاً أئنا لمبعوثون خلقاً جديدا * قل كونوا حجارة أو حديدا أو خلقاً مما يكبر في صدوركم فسيقولون من يعيدنا قل الذي فطركم أول مرة ))
فلتكونوا أقوى ما يمكن أن يتصوره العقل البشري, حجارة صلبة أو حديد , الله قادر على أن يعيدكم مرة أخرى, فهؤلاء ما قدروا الله حق قدره , أولئك الذين قالوا إنه لا يقدر على إعادة الإنسان بعد أن صارت عظامه رميماً وتحول إلى تراب, وأنكر أيضاً على أولئك الذين جوزوا عليه التسوية بين المختلفين , بين أهل الإيمان وأهل الكفر , بين الأبرار والفجار, بين المجرمين والأخيار
((أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون))
فإن مقتضى الأسماء الحسنى يأبى ذلك , وأخبر أن هذا حكم سئ لا يليق بالله عز وجل ((أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لاإله إلا هو رب العرش العظيم))
نزه نفسه عن هذا الحكم والظن السئ والحسبان الذي تأباه أسماؤ&ه الحسنى وصفاته العلى جل جلاله
وهذا نظائره في القرآن كثيرة
انظر إلى أسمائه تبارك وتعالى : الحميد - المجيد فإن هذه الأسماء تأبى أن يترك الإنسان مهملاً معطلاً سدى لا يُؤمر ولا يُنهى ولا يُثاب ولا يُعاقب , وهكذا أيضاً اسمه الحكيم , فكما أن اسمه الملك يقتضي مملكة وتصرفاً وتدبيراً وإعطاءً ومنعاً وإحساناً وعدلاً وثواباً وعقاباً؛
وهكذا اسمه البر - المحسن - المعطي - المنان, كل هذه تقتضي آثارها وموجباتها, فتصور أولئك الذين فسدت عقائدهم فلا يؤمنون أصلاً بأسماء الله وصفاته , أوأولئك الذين يثبتونها ويقولون هي مجرد أعلام جامدة لا تدل على صفات الكمال
كيف هؤلاء يكون نظرهم واعتقادهم بربهم جل جلاله؟
كيف تقبل عليه قلوبهم؟ وكيف تتوق نفوسهم إلى ألطافه و رحماته وعطائه وبره وكرمه وجوده؟
إذا أصابت الواحد الفاقة أو المرض أو وقع في بلية فإن قلبه كيف يتحرك إلى مولاه ليُخلصه ويرفعه ويُعافيه
وبهذا تعرفون أيها الأحبة أثر فساد الإعتقاد على سلوك الإنسان وعمله وعبادته وتفكيره ونظره في الأمور كلها والمقصود أن الخلق مرتبط بقدرته تعالى تمام الارتباط وهذا يقتضي أن لا يخرج شئ موجود عن قدرته كما أنه مرتبط بعلمه, فعلمه يقتضي أنه تبارك وتعالى قد أحاط بكل شئ علما, وهو أيضاً مرتبط بحكمته وذلك يقتضي أن يقع على أحسن الوجوه وأكملها, كل ما يقع في هذا الكون فإنه وقع على وفق حكمة الله عز وجل وليس ذلك يقع اتفاقاً أو يقع لمجرد مشيئةٍ قد رجحت مِثلاً على مثلٍ بلا رُجحان
كما يقول بعض القدرية الذين لم يُقدِّروا الله عز وجل حق قدره وما عرفوه حق معرفته
تأمل في هذا العالم وأجزاءه كيف صار منتظماً هذا الإنتظام, فإن ذلك يدل على كمال قدرة الخالق سبحانه وتعالى وكمال علمه وكمال حكمته وكمال لطفه .
الحافظ ابن القيم رحمه الله تعالى يمثل هذا العالم هذه الدنيا بالبيت المبني المعد , فيه جميع ما يحتاج إليه ساكنه , فيه مصالحه وآلاته, فالسماء سقفه المرفوع والأرض مهاد و بساط وفراش ومستقر لهؤلاء الساكنين , والشمس والقمر سراجان يُضيئان, والنجوم مصابيح وزينة,
والجواهر والمعادن مخزونة فيه كالدخائر, وظروفالنبات مُهئ لمآربه , وصروف الحيوان مصروفة لمصالحه فمنها الركوب ومنها الحلوب ومنها الغذاء ومنها اللباس والأمتعة والآلات ومنها الحرس الذي يحرسه , كيف ركبه الله عز وجل وكونه وأوجده بهذه الطريقة وبهذا الإنتظام؟؟, وتتحقق بذلك مصالح العباد ويكون محلاً صالحاً لإقامة العبودية لله تعالى وعمارة الأرض , هذا كله لا شك مرتبط بقدرته وحكمته وعلمه ومشيئته وأسمائه وصفاته..
سمية ممتاز
11-03-08, 12:28 PM
الركن الرابع
الذي لا بد منه حتى يكون العبد محققاً للإيمان بأسماء الله الحسنى : هو أن يدعو ربه بها
والدعاء هنا يشمل النوعين : دعاء العبادة - ودعاء المسألة
1-دعاء العبادة يقتضي أن يتعبد العبد لربه بمقتضى هذه الأسماء فتؤثر معرفة هذه الأسماء في عبوديتنا الظاهرة والباطنة.
هناك أسماء لله عز وجل أيها الأحبة يحب من عباده أن يتصفوا بموجبها فهو تعالى عفو يحب العفو وأهله , جواد يحب الجود وأهله, جميل يحب الجمال , رحيم يحب من عباده الرحماء , وتر يحب الوتر, رفيق يحب الرفق, حكيم كريم ماجد محسن ودود صبور شكور, يُطاع فيشكر ويُعصى فيغفر , ولا أحد أحب إليه الثناء من الله تعالى, والله محسن يُحب المحسنين, طيب يحب كل طيب, عليم يحب العلماء من عباده , كريم يحب الكرماء, قوي والمؤمن القوي أحب إليه من المؤمن الضعيف, بر يحب الأبرار, عدل يحب أهل العدل, حيي ستير يحب أهل الحياء والستر, عفو غفور يحب من يعفو عباده ويغفر لهم ويتجاوز عن زلاتهم وأخطائهم و إساءاتهم, وهو صادق يحب الصادقين, ولمحبته تعالى لمقتضيات أسمائه جل جلاله أمر عباده بموجبها ومقتضاها فأمرهم بالعدل والإحسان والبر والعفو والجود والصبر والمغفرة والرحمة والصدق والعلم والشكر والحلم والأناة والتثبت وما إلى ذلك ’ وهذا كله يرجع إلى الأسماء التي يليق بالعبد أن يعمل بمقتضاها أو كما يعبر بعضهم أن يتعبد الله عز وجل بها, فالكبر مثلاً؛ الله من أسمائه المتكبر فلا يليق بالعبد أن يقول أريد أن أحقق هذه الصفة لأن الله عفو يحب العافين عن الناس وكريم يحب الكرماء فهو المتكبر يحب المتكبرين!
لا , الكبر لا يصلح إلا للخالق جل جلاله , وهكذا ما كان من الصفات التي لا تليق بالمخلوق أن يتصف بها
والمقصود أيها الأحبة أن أكمل الناس عبودية لله عز وجل هو المتعبد بجميع الأسماء والصفات التي يطلع عليها البشر مما يصلح لمثلهم أن يتصفوا به, فلا تحجبه عبودية اسم من هذه الأسماء عن عبودية اسم آخر, كمن يحجبه مثلاً التعبد لله باسمه القدير عن التعبد باسمه الحليم الرحيم,, أو التعبد بأسماء التودد والبر واللطف والاحسان عن أسماء العدل والجبروت والعظمة ونحو ذلك
هذا بالنسبة للتعبد بأسمائه تعالى.
2-والنوع الثاني مما يتصل بالتعبد بها أيضاً وهو السؤال .
فيسأل العبد ربه والله يحب الداعين والسائلين (( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم)) فيسأل ربه تعالى بهذه الأسماء الحسنى في كل مقام بما يناسبه ويليق به, فالله تبارك وتعالى يحب من عبده أن يفعل ذلك ,
فيقول الداعي: اللهم اغفرلي وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم
كما جاء في الأدعية التي ذكرها الله تعالى في كتابه (( ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم * وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم))
(( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب))
وسليمان عليه السلام (( قال رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي إنك أنت الوهاب))
والخليل وإسماعيل عليهما السلام كان من دعائهما (( وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم))
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول: رب اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور.
ولما سألته عائشة رضي الله عنها عما تدعو به في ليلة القدر علمها أن تقول : اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني
فلا يقول اللهم إنك أنت القوي العزيز الجبار فاغفر لي!
وإنما يقول يا غفور اغفر لي ويا رحيم ارحمني ويا رزاق ارزقني ويا جبار اجبرني... وهكذا في كل مقام بحسبه.
وإذا تأملت الثناء والدعاء على الله في القرآن: وجدت أن الثناء غالباً يأتي مضافاً لأسماء الله الحسنى الظاهرة دون الضمائر , نقول الحمد هذا ثناء , إضافة المحامد إلى الله عز وجل, وتكريره ثانياً هو الثناء, وذكره ثالثاً هو التمجيد
كما قال ابن تيمية رحمه الله
الحمد لله , أضافه إلى اسمه تبارك وتعالى الظاهر هنا , يعني ما أضافه إلى الضمير ما قال الحمد له , قال الحمد لله رب العالمين
الرحمن الرحيم أضاف الحمد بأسمائه الظاهرة
وسر ذلك - والله أعلم - كما يقول الحافظ ابن القيم: بأن تعليق الثناء بأسمائه الحسنى لما تضمنته معانيها من صفات الكمال ونعوت الجلال فيأتي بالإسم الظاهر ولا يأتي بالضمير- لماذا؟ لأن الإسم الظاهر له دلالات لا يؤديها الضمير, لو تقول الحمد له فإن الضمير هنا لا يدل على صفة , لكن حينما تقول الحمد لله ( الله تعالى) هذا الاسم الكريم متضمن لصفة الإلهية وصفة الإلهية تتضمن كثيراً من الصفات
فإنه لا يكون إلهاً إلا من كان رباً, إلا من كان قادراً حكيماً عليماً مدبراً لهذا الكون يفعل ما يشاء, لا راد لحكمه ولا معقب لقضاءه ’ هذا هو الإله, ولهذا تقول الحمد لله الحمد لربي الحمد لخالقنا الحمد للكريم الحمد للعزيز الجبار المتكبر
فأنت تضيف الحمد أو الثناء للأسماء الظاهرة من أسماء الله الحسنى ولا تضيفه إلى الضمائر وذلك لأن هذه الأسماء تدل على أوصاف الكمال التي استحق الرب جل جلاله الحمد من أجلها ..
وأما الدعاء فإنه يأتي غالباً متعلقاً باسم الرب تبارك وتعالى
لماذا؟
أكثر دعاء الأنبياء كما قال الشاطبي وقال ذلك أيضاً الحافظ ابن القيم يأتي مع اسم الرب إذا تأملت ((ربنا ظلمنا أنفسنا)) (( ربنا فاغفر لنا ذنوبنا)) (( رب إني أعوذ بك أن أسألك ما ليس لي به علم ))
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين : رب اغفر لي رب اغفر لي , وسر ذلك والله أعلم أن العطاء والتدبير والمنع والتصريف كل ذلك من معاني الربوبية, فإذا قال العبد رب اغفر لي فإنما يصدر من الرب تعالى من غفرٍ أو رزق أو إحياءٍ أو إماتة أو غير ذلك كل هذا من معاني ربوبيته
فإذا دعا العبد قال رب ارزقني, رب انصرني, رب اغفر لي وهكذا والله تعالى أعلم , فنحن نثني على الله تعالى بإلهيته المتضمنة بإثبات جميع ما يجب له من الصفات العُلى والأسماء الحسنى, ونسأله تعالى بربوبيته , وعلى كل حال انظر وتأمل ما في القرآن ((سبحان الله ))
((سبحان ربك رب العزة عما يصفون)) ((سبح لله ما في السماوات والأرض)) ((تبارك الله رب العالمين)) وما شابه ذلك.
هذه أربعة أركان لا بد منها للعبد حتى يؤمن بأسماء الله تبارك وتعالى وقد ذكر الحافظ ابن القيم في نونيته معتقد أهل السنة والجماعة في هذا الباب, قال:
واشهد عليهم أنهم قد أثبتوا **** الأسماء والأوصاف للديان
وكذلك الأحكام أحكام الصـ **** ـفات وهذه الأركان للإيمان
قالوا عليمٌ وذو علم ويعلم **** غاية الإسرار والإعلان
إلى أن قال :
والوصف معنىً قائم بالذات **** والأسماء أعلام له بمزان
أسمائه دلت على أوصافه **** مشتقة منها اشتقاق معاني
وصفاته دلت على أسمائه **** والفعل مرتبط به الأمران
والحكم نسبتها إلى متعلقات **** تقتضي آثارها ببيان
هذه أمور أربعة..
سمية ممتاز
11-03-08, 12:29 PM
رابعاً: وهو ما يتعلق بإحصاء الأسماء الحسنى
الحديث الذي ذكرناه في أول هذه الدروس (( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة))
ما معنى هذا الإحصاء ؟
هذه اللفظة في كلام العرب تأتي بمعنى العد - تقول مثلاً حصيت الحصى إذا عددته
ومن ذلك قول الأعشى:
ولست بالأكثر منهم حصى *** وإنما العزة للكاسر
ويقولون للعد يقولون له إحصاء , فهذا معناه
ومن المعاني التي تأتي لهذه اللفظة العقل ، يُقال حَصاة العقل
ومنه قول الشاعر:
وأن لسان المرء ما لم تكن له *** حصاة على عوراته لدليل
يقول أن اللسان إذا مافي عقل يحجزه من الإنفلات و الإنطلاق فيتكلم الإنسان في كل شئ ويحرف بما لا يعرف فإنه بذلك يدل على عوراته
وهناك معنى ثالث أيضاً: وهو الإطاقة (( علم أن لن تحصوه)) يعني تطيقوه فيما يتعلق بقيام الليل (( فتاب عليكم ))
طيب إذا كانت هذه معاني الإحصاء في كلام العرب فما المراد بقول النبي صلى الله عليه وسلم (( من أحصاها دخل الجنة)) ؟
هل المراد به العد ؟ أو المراد عقل معانيها ؟ أو المراد بذلك معنى آخر؟
***- من أهل العلم من قال المراد بها العد, من أحصاها يعني استطاع أن يعدها, يعني جمعها, حفظها, أحاط بها والمقصود بالإحاطة عند هؤلاء يعني أنه استطاع أن يستقرأ هذه الأسماء وأن يجمعها يعني أن يعرف ألفاظها. فهذا معنى ذهب إليه كثير من أهل العلم بالحديث واحتجوا برواية للحديث عند البخاري في الصحيح
وهي قوله صلى الله عليه وسلم (( من حفظها دخل الجنة))
***وهناك من قالوا إن كلمة أحصاها تحتمل عدة معاني وهذه الرواية تبين الإجمال الذي وقع فيها , من أحصاها أي حفظها,
وهذا ذهب إليه الإمام البخاري رحمه الله وقال به جماعة كالخطـّابي والنووي وعزاه النووي لأكثر أهل العلم وهو اختيار عبد الرحمن ابن الجوزي ,
قال: إن الناس يتفاوتون في ذلك؛ وهذا المعنى التفاوت قد صرّح به القرطبي رحمه الله يقول إن مقتضى رحمة الله عز وجل أن يحصل هذا الإفضال والعطاء دخل الجنة على أقل ما يصدق عليه هذا اللفظ , من أحصاها , وهو مجرد حفظ بالألفاظ , يقول: فضل الله عز وجل عظيم؛ والله كريم؛ لماذا نُعقِّد هذه القضية ونقول الإحصاء أصعب مما تتخيلون وأمره ليس بالسهل وأمره شديد ولا يقع إلا للواحد بعد الواحد , لا , فنقول يصدق على أقل ما يمكن أن يُراد بهذه اللفظة , فمن عدّها فقد أحصاها ثم الكمال على درجات
يأتي فوقه من عرف معانيها, ويأتي فوقه من تعبد الله تعالى بهذه الأسماء وتعبده بالدعاء وتعبده أيضاً كما ذكرنا من ألوان العبوديات التي تقتضيها هذه الأسماء الحسنى , وهذا القول له وجه .
***- ومن أهل العلم من قال إن الإحصاء هنا المراد به الإطاقة ،قالوا إن قوله من أحصاها مفسراً بقول الله تعالى ((علم أن لن تحصوه )) أي أن لن تطيقوه
والنبي صلى الله عليه وسلم قال : (( استقيموا ولن تُحصوا))
يعني لن تقدروا ولن تطيقوا أن تأتوا بالإستقامة على الوجه الكامل لكن سددوا وقاربوا
وقالوا المراد هنا أن العبد أن يطيق الأسماء الحسنى بمعنى أنه يُحسن المراعاة لها بعد أن يعرف ألفاظها هذه الأسماء المحصورة التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله(( إن لله تسعاً وتسعين اسماً )) فإذا استطاع العبد أن يستقرأها عرف ألفاظها وأحسن المراعاة لها وعمل بمقتضاها
فإذا قال الله سميع بصير يعلم أن الله يسمعه ويراه وأنه لا تخفى عليه خافية فيخاف من الله عز وجل في سره وعلانيته , قالوا هذا هو المراد بالإحصاء.
***- وذهبت طائفة أخرى من اهل العلم إلى أن المراد بالإحصاء هو المعرفة وعقل المعاني
فيكون المراد((من أحصاها)) أي عرفها وعَقل معانيها وآمن بها دخل الجنة..
وهذا قال به أبو نعيم وقال به المفسر أبو عطية .
***- ومن أهل العلم من حمله على أكمل معانيه وهو الذي ذهب إليه الحافظ ابن القيم رحمه الله
قال( إن الإحصاء لا يكون إلا بمعرفة الأسماء بأن يجمعها العبد ويعرف ألفاظها وأن يعرف معانيها وأن يتعبد لله تعالى بمقتضاها, لا بد من هذه الأمور الثلاثة .)
-*** ومن أهل العلم من قال بأن المقصود بالإحصاء هو أن يقرأ القرآن كاملاً ,, وهذا يمكن أن يوجه كما قال الحافظ ابن الحجر رحمه الله أنهم قصدوا بذلك أن هذه الأسماء موجودة في القرآن فإذا قرأ العبد كتاب الله فإنه يكون بذلك قد مر على جميع الأسماء الحسنى
يعني أنه يتتبع ذلك من القرآن ..
* * *
وعلى كل حال لا شك أنه من تمام المعرفة بأسماء الله وصفاته التي يستحق بها ما ذكر في الحديث دخل الجنة, نعم , هو أن يعرف العبد الألفاظ وأن يعرف مدلولات هذه الألفاظ وإذا كان ذلك لا يؤثر فيه عملاً ولا إيماناً فإن هذا العلم من العلم الذي لا يُنتفع به فيحتاج العبد إلى أن تظهر آثارها عليه بقلبه ولسانه وجوارحه وهذا الذي ذكره كثير من أهل العلم , كالطلمنكي من أهل السنة وطائفة
ومثل القرطبي قال هذه مراتب ثلاث لأهل الإيمان كما يُقال مثلاً بأن هناك مرتبة للسابقين ومرتبة للصديقين ومرتبة لأصحاب اليمين, فمن عرف ألفاظها فقط فهذا من أهل اليمين , ومن عرف المعاني فهذا من الصديقين, ومن عمل بمقتضاها فهو من السابقين.
وعلى كل حال هذا المعنى ذكره جماعة ولا حاجة للتطويل فيه أكثر من هذا.
خامساً: هل أسماء الله تعالى محصورة بعدد معين ؟
الحديث يقول (( إن لله تسعةً وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة )) ما المقصود ؟
هل المقصود أن أسماء الله محصورة في التسعة وتسعين؟
أو المقصود أن هذه الأسماء التي أشار إليها النبي صلى الله عليه وسلم لها مزية معينة وهي أن من أحصاها دخل الجنة؟
العلماء مختلفون في عدد أسماء الله الحسنى
فعامة أهل العلم الذي عليه الجمهور يقولون: أن أسماء الله الحسنى لا تدخل تحت حصر ولا تحد بعدد يمكن أن يصل إليه الخلق و أسماء الله أكثر من أن نحيط بها , هذا الذي عليه عامة أهل العلم وهو القول الذي لا ينبغي العدول عنه وهو مذهب سلف هذه الأمة , بل إن من أهل العلم كالنووي قال إنه محل إجماع !
والصحيح إن الإجماع لا يثبت في هذا لأن هناك من خالف كابن حزم والسهيلي والرازي قالوا إنها محصورة , والذين قالوا إنها محصورة اختلفوا في العدد..
** فبعضهم قال إنها محصورة بثلاثمائة اسم؛؛ وهذا لا دليل عليه.
** ومنهم من قال ألف .
** ومنهم من قال ألف وواحد .
** ومنهم من قال أربعة آلاف.
** ومنهم من يقول مائة ألف و أربعة وعشرون ألفاً {عدد الأنبياء} وهذا لا دليل عليه.
** ومنهم من يقول أسماء الله تسعة وتسعون اسماً فقط , هكذا فهموا من الحديث.
ومجموع ما ذكره العادون مما يصلح أن يكون اسماً لله عز وجل أو ألا يكون يعني الذين حاولوا جمع الأسماء كثير , خلق من العلماء , بعضهم من ألّف بذلك مصنفاً مستقلاً وبعضهم ذكرها ضمن كتاب من كتبه...
فلو استقرأنا , حاولنا أن نستقرأ كل ما ذكروه مما يصلح أن يكون اسم لله وما لا يصلح فإن ذلك يزيد على مائتين وثمانين اسماً, هذا جملة ما عده العادون .
وعلى كل حال مما يدل على أن أسماء الله عز وجل لا تُحصر بعدد
ما جاء في حديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم (( اللهم اني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك أنت كما أثنيت على نفسك ))
وجه الإستدلال أنه لو كان يُحصي جميع الأسماء الحسنى لأحصى الثناء على الله تبارك وتعالى ,هكذا استدل به أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في درء التعارض وغيره, وكذلك حديث الشفاعة الطويل وفيه: (( ثم يفتح الله عليّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحدٍ قبلي )) وكذلك أيضاً حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ما أصاب عبداً همٌ ولا حَزَن فقال اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك .......... إلى أن قال ......... أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو علمته أحداً من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك ..))
هذا أوضح الأدلة على أن من أسماء الله عز وجل ما لم يُطلع عليه أحداً من الخلق لا ملكاً مقرباً ولا نبياً مرسلا ..
فالنبي صلى الله عليه وسلم جعل الأسماء على هذه الأقسام الثلاثة
-قسم أنزله في كتابه
-وقسم علمه أحد من خلقه
- وقسم استأثر به في علم الغيب عنده ,
وبهذا نعرف أن الواجب علينا إزاء أسماء الله عز وجل وصفاته التي استأثر بها في علم الغيب عنده أن نقر بالعجز والوقوف عند ما أُذن لنا فيه من ذلك , نؤمن بالأسماء التي أخبرنا عنها ونكل علم مالم نعلم إلى عالمه .
وأما الحديث قول النبي صلى الله عليه وسلم (( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة))
فإن قوله صلى الله عليه وسلم من أحصاها دخل الجنة هذه صفة وليست بخبر يعني إن لله تسعة وتسعين اسم لها شأن خاص {فهمتم هذا؟} إن لله تسعة وتسعين اسماً من بين أسمائه لها مزية خاصة كما تقول مثلاً{لفلان خمسة دور قد أعدها للضيوف}وكما تقول {لفلان ألف ريال قد أعدها للصدقة }
هل تفهم من هذا أن كل ما يملك هو ألف؟ أو أن كل الدور التي عنده هي خمسة فقط ؟
لا .. وإنما هذه الألف من شأنها كذا.
فالله تعالى له تسعة وتسعون اسماً لها مزية وشأن خاص وهو أن من أحصاها دخل الجنة , وهذا لا ينفي عنه أن يكون له أسماء أخرى غير هذه الأسماء, كما قال المحققون كشيخ الإسلام ابن تيمية والخطابي والحافظ ابن حجر والقرطبي صاحب المفهم والبيهقي , بل نقل الامام النووي أن هذا الحديث المذكور ليس للحصر قال إن هذا باتفاق العلماء وهو الذي قال به الحافظ ابن كثير رحم الله الجميع.
نحن لا زلنا في المقدمات ولمّا ندخل بعد في الكلام عن كل اسم على حده و لكن أرى أن هذه المقدمات في غاية الأهمية وهي توطئة لما سيذكر في الكلام عن الأسماء فنحن سنتكلم عن معنى كل اسم وسنتكلم عن ما يتعلق به من حكم وسنتحدث عن آثاره الإيمانية وما أشبه هذا, فإذا عرفنا هذه القضايا التي نذكرها الآن بعد ذلك يمكن للإنسان أن يُدرك ما يُقال ويربط بين هذه القضايا ويعلم أن هذا كله يدخل تحت الإيمان بهذه الأسماء الكريمة , وكنت أريد أن أذكر كل هذه المقدمات في درس واحد في الدرس الأول ثم رأيت أن مثل هذا ربما يُجهض الفكرة ولا يحصل منه المقصود
فأسأل الله تعالى أن يوفقنا وإياكم لما يُحب ويرضى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
سمية ممتاز
11-03-08, 12:30 PM
* أسئلة *
يقول السائل: ورد في الحديث ( أو علمته أحداً من خلقك ) وورد أن أسماء الله توقيفية ؟
الأخ فهم الحديث على غير المراد, أو علمته أحد من خلقك ليس بمعنى ذلك أنه أنشئه هذا المخلوق الذي علمه الله إياه ليس هذا المراد وإنما علمه الله إياهُ أن يوحي به إلى نبي من الأنبياء فأسماء الله توقيفية ليس لأحد أن يسمي الله باسم من عند نفسه فليس هذا هو المراد في الحديث قطعاً
هل التعرف على أسماء الله وصفاته ودراستها يجعل الإنسان يخشى الله كثيراً وتقربه منه ؟
الجواب نعم وسيأتي الكلام على هذا ان شاء الله تعالى في الآثار
وهل هي تساعد على الإخلاص؟
الجواب نعم
أي كتاب تنصحنا بقراءته؟
سأذكر لكم ان شاء الله كثيراً من الكتب التي أ ُلفت في هذا الموضوع, وقد أتحدث ان شاء الله إذا في سعة من الوقت عن هذه الكتب ما هو الجيد منها وما هو الذي يستحق أن يُقتنى وما هي الأشياء التي هي عبارة عن تكرار لمؤلفات أخرى .
هل من حرج في الإعتقاد بمخلوقية النطق بكلام الله كصفة من صفاته؟
لا تشتغل بهذا.. لا تشتغل بهذا.
قال تعالى (( الله نور السماوات والأرض )) هل النور من أسماء الله عز وجل؟
النور: من أهل العلم من أثبته لله , شيخ الاسلام رحمه الله يقول بأن الله نور السماوات والأرض ويثبت هذا في الأسماء وكذلك أيضاً من أثبته الحافظ ابن القيم وأثبته جماعة على كل حال آخرون
ومن أهل العلم من لم يثبته , ولما ذكرنا لكم الضوابط فيما يُطلق على الله عز وجل من الأسماء ذكرنا منها ما يتعلق بالإضافة
فمن أهل العلم من يقول إن الأسماء التي تكون لله عز وجل لا تكون جائت بصيغة الإضافة أو التقييد , ما تكون مقيدة ولا مضافة
فقالوا هذا جاء بصيغة الإضافة ( الله نور السماوات والأرض)
وأما ما جاء في الحديث ( نور أنى أراه) فما حملوه على أنه من أسماء الله عز وجل , وفي رواية أخرى ( رأيت نوراً) فقالوا إن هذا ليس من باب التسمية , وعلى كل حال المسألة لا شك محتِمِلة .
ومن أهل العلم من يعد ما كان بصيغة الإضافة من جملة الأسماء,
يقولون مثلاً اسم الرب جميع المواضع في القرآن ما جاء إلا مضافاً ( رب العالمين ) ومع ذلك هو من أوضح الأسماء الحسنى, وكما أشرت لكم عند الكلام عن هذا القيد أنه ليس محل اتفاق, ولذلك فإن عد أسماء الله عز وجل كما ذكرنا في المرة الماضية اختلف العلماء في العد فمنهم من يذكر بعض الأسماء ومنهم من لا يذكره الا واحد ومنهم من يتفقون عليه ومنهم يذكره أكثرهم فهي مسالة متعلقة بالاجتهاد.
هل هناك صفات مشتقة وغير مشتقة مع المثال؟
لا. جميع الصفات مشتقة , يعني إذا قلنا أن جميع الأسماء مشتقة وان هذا هو القول الراجح اللي عليه عامة أهل العلم ومذهب أهل السنة فالقول بأن الصفات مشتقة من باب أولى لأن الصفة لا تكون إلا مشتقة.
ما حكم قول: اللهم إني أسألك بغناك وفقري وقوتك وضعفي وعزتك وذلي بين يديك , وغير هذا مما يتضمن التذلل؟
مثل هذا يُعتبر من قبيل التوسل لله عز وجل بأسمائه الحسنى فهذا لا إشكال فيه .
يسأل عن كتاب شرح أسماء الله الحسنى للدكتورة حصة الصغير يقول في أسماء لم نسمع بها من قبل فما رأيك بهذا الكتاب؟
لعلي أذكره إن شاء الله وأتحدث عنه
هو كتاب على كل حال إلى الإختصار أقرب ويستفيد منه من قرأه وإن كان في جملته هو نقلٌ نقدٌ عن غيره إما عن الحافظ ابن القيم أو عن آخرين كالدكتور عمر الأشقر مثلاً وبعض من كتبوا في الأسماء الحسنى وكثير من هذه النقولات بدون إحالة ولا أقواس ولا شئ يعرف من قارن أو من يعرف أساليب أهل العلم, أحياناً نقرأ كلاماً نعرف أن هذا الكلام لإبن القيم , أحياناً نقرأ كلاماً نعرف أنه لإبن تيمية , بل حتى بعض المعاصرين أحياناً نقرأ ونعرف أن هذا كلام فلان , فإذا قارنت مع الكتب أحياناً تجد هذه النقولات معزوة
على كل حال الكتاب مفيد.
هناك أشرطة واسطوانات شرح أسماء الله الحسنى للداعية عمرو خالد بعنوان (باسمك نحيا) وهي بسيطة وواضحة وسهلة ؟
الأسماء الحسنى تحتاج إلى كلام يعني لا بد أن يُزم بزمام العلم سواء في نفس الإسم يعني ما هو الإسم , هل هذا اسم لله أو لا؟ هذه واحدة , ثم بعد ذلك ما يتعلق به من الصفة , ماهي الصفة اللي نثبتها؟ , ثم بعد ذلك ما يتعلق بالأثر , كل هذه الأشياء الثلاثة لا بد فيها من علم , فلا يؤخذ هذا ممن لم يتحقق بالعلم , هذه قضايا تتعلق بالإعتقاد.
ما حكم دعاء الله بقوله يا نور النور؟
هذا من التكلف, ما هذا , الله تعالى يقول ( الله نور السماوات والأرض) مثل هذه العبارات التي لم ترد في الكتاب والسنة .
إذا كان الساتر ليس من أسماء الله فما حكم قولنا يا ساتر ؟
لا نقول يا ساتر , نقول يا ستير ( إن الله حيي ستير ).
ما حكم اسم جلال وملاك وهل يجب عليه تغيير الإسم ؟
جلال ليس من أسماء الله عز وجل ومن عد من أسماء الله عز وجل شئاً يتعلق بهذه اللفظة قالوا ذو الجلال, أما اسم جلال هكذا ليس من أسماء الله ولا أعلم أحداً من أهل العلم أثبته في الأسماء.
وأما لفظة ملاك فإن هذه اللفظة تتعلق بمعنى آخر أو بمحظور آخر وهو التزكية, فإنه حينما يُقال ملاك يُقصد به أن هذا الإنسان قد بلغ مرتبة لا يقع منه فيها الخطأ والذنب والزلة والمعصية تقول فلان ملاك , يعني أنه إنسان لا يُخطئ ولا يزل ولا يعتدي على أحد ولا يحصل منه ما لا يليق وهذا تزكية والنبي صلى الله عليه وسلم كان يغير الأسماء التي فيها تزكية فيُغيَر مثل هذا الإسم.
ما حكم اسم جار الله؟
يقصد هنا بجار الله ليس المجاورة بالمعنى أنه المقاربة وإنما يقصد به جار الله من الإجارة فمثل هذا ان شاء الله أنه لا محظور فيه.
يقول إذا كنت في المسجد هل أقول إني ضيف الله ضيف عنده ؟
أنت في بيت من بيوته, والحجاج ضيوف الله ودعوا التكلف .
هل يجوز التسمية غرم الله؟
لو سألنا من سمى ولده بغرم الله ماذا يقصد , هل يقصد أنه في ذمة الله؟ أنا سألت عدد من الناس ما يعرفون ما المعنى ,
هل المقصود من الغرام وهو المحبة الشديدة ؟
عبد رب الرسول هذا لا إشكال فيه.
هل يجوز التسمية بهذه الأسماء: عبد الحنّان ؟
إذا أثبتناه نعم لأنه ورد في الحديث, ومن ضعّف الحديث قال لا يثبت, أكثر أهل العلم ما أثبتوا الحنان وقد ثبت في الحديث , فلا إشكال .
فضل الرحمن؟
لا إشكال .
رحمة الله؟
لا إشكال .
لكن هذه الأسماء متَكلَفة , هذه من أسماء الأعاجم , وإنما الانسان يُعبِّد, تُعبد الأسماء لله نقول عبد الله وعبد الرحمن .
صفي الرحمن - رحمة علي؟
هذه كلها جائت من العجم , صفي الرحمن يعني الذي اصطفاه الرحمن قد يصدق عليه إذا كان مسلماً لكن لا يخلو من تزكية .
رحمة علي , يسمون شوكة وعزة ومدحة وهذه أسماء أعجمية فهي أسماء رخوة كما يقول الشيخ بكر أبو زيد , رحمة علي لا محظور فيه .
هل الجميل من أسماء الله؟
نعم ( إن الله جميل يحب الجمال )
من أسماء الله الحسنى الهادي { وتكلمنا عليه من قبل} فهل لنا أن نقول هي هداية كلية للبشر أم جزئية ؟ بمعنى أن الله يهدي البشر والناس ؟
هذا وهذا.. الله هداهم إلى معايشهم وما تقوم به حياتهم ( أعطى كل شئ خلقه ثم هدى ) كما أنه تعالى أيضاً أرسل إليهم الرسل هداية الإرشاد كما أنه هو الذي يملك هداية التوفيق فوفق من شاء للهدى .
انتــــــــــــــــــــهى
سمية ممتاز
12-03-08, 02:54 AM
الشريط الخامس ..
أمابعد فالرابع عشر وهو ما نذكر فيه بعض القواعد والضوابط المتصلة بأسماء الله وصفاته ومن هذه القواعد والضوابط ما مر معنا في ثنايا الشرح و التوضيح للقضايا السابقةولكن ذكرها مسرودةً يسهل حفظها وفهمها بإذن الله تبارك وتعالى ..
القاعدة الأولى ..
فأول ذلك أهل السنة يثبتون ما أثبت الله لنفسه في كتابه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم من غير تحريف ولا تعطيل ومن غير تكييف ولا تمثيل .
من غيرتحريف أي أنهم لا يحرفون معانيها فيحملونها على معاني غير مراده لله تبارك وتعالى وذلك تحت دعاوى التنزيه أو غير ذلك مما سموه تأويلا ليقبل فيقولون مثلا :
الرحيم لا يتضمن صفة الرحمة ويفسرون صفة الرحمة بإرادة الإحسان .
ويقولون مثلا : في صفة الاستواء بأن معنى ذلك الاستيلاء استولى على العرش فهذا هو التحريف.
وأما التعطيل فهو تعطيله تبارك وتعالى من أسماءه الحسنى أو من صفاته الكاملة فيقولون الله تبارك وتعالى ليس له أسماء مثلا أو يقولون ليس له أوصاف أو أنهم يعطلونه من بعض أوصاف الكمال ويثبتون بعضا مما يدعون أن العقل أثبته فيقولون مثلا كالمعتزلة يقولون الله تبارك وتعالى لا يتصف بصفة إطلاقا وطوائف من أهل الكلام أثبتوا له بعض الصفات كالأشاعره أثبتوا سبعا و منهم أثبت أكثر من ذلك على تفاوت فيما بينهم .
وكل أولئك الذين حرفوا فقد وقعوا في التعطيل لأنه حينما يحرف الصفة عن معناها الذي دلت عليه فهو عطل أولا ثم حرف ثانيا .
من غير تكييف ولا تمثيل .
من غير تكييف أي لا نكيف الصفة لا نقول كيف يد الله كيف وجه الله كيف ينزلربنا الى السماء الدنيا وكيف استوى على العرش ، فالكيف ممنوع لأن ذلك من أمور الغيب ولا نحيط بالله تبارك وتعالى علما ولكننا نثبت المعاني على وجه اللائق بجلاله وعظمته من غير تكييف ولا تمثيل .
يعني أننا لا نمثل صفات الله تبارك وتعالى بصفة المخلوقين فلا نقول سمعه كسمعنا وبصره كبصرنا واستواءه كاستواء المخلوق ونحو ذلك فهذا لا يجوز ومن سلم مما هذا فقد سلم من العلل والآفات التي أوقعت طوائف من أهل الضلال والبدع فيما وقعوا فيه من الانحرافات .
القاعدة الثانية ..
أن ننفي ما نفاه لله عن نفسه في كتابه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم مع اعتقادثبوت كمال ضده لله جل وعلا .
فالله نفى عن نفسه مثلا السنة والنوم (( لا تأخذه سنة ولا نوم )) فنحن ننفي عنه السنة والنوم ونفى عن نفسه الظلم فالله لا يظلم الناس شيئا ونفى عن نفسه تبارك وتعالى التعب واللغوب (( وما مسنا من لغوب )) فننفي كل ذلك وهذا النفي يتضمن ثبوت كمال عنده .
المخلوق قد ينفي عنه بعض النقائص ولكن هذا لايعني أن نثبت له كمال الضد ، فتقول فلان مثلا أو تقول هذه السارية مثلا لا تجهل لكن هل هذا فيه إثبات للعلم لها ؟ الجواب لا تقول هذه السارية لا تنام هل في هذه أثبات كمال اليقظة لها ؟ الجواب لا تقول هذه سارية لا تظلم هل في هذا إثبات كمال العدل لها ؟ الجواب لا .
أما الله تبارك و تعالى فإنه إذا نُفى عنه النقص فإن ذلك يستلزم أو يتضمن ثبوت كمال ضده .
تقول فلان لا يظلم الناس هل معنى هذا لكمال عدله ؟ قدلا يظلم لأنه يخاف أو لأنه عاجز كما قال الشاعر ..
قبيلة لا يغدرون بذمة ...... ولا يظلمون الناس حبة خردل
هو يهجو قبيلته أنهم ضعفاء لا يستطيعون الظلم عجزاوضعفا ولوا قدروا فإنهم يظلمون كغيرهم ، أما الله تبارك وتعالى فحينما ينفى عنه شيءمن هذه النقائص فحينما تقول :
((لا تأخذه سنة ولا نوم)) فإن ذلك فيه نفي السنة والنوم وهو يتضمن ثبوت كمال حياته وقيوميته .
وحينما تقول لا يظلم الله الناس شيئا فإن هذا يتضمن ثبوت كمال عدله مع إنه نفي للظلم عنه وحينما يقول ((ومامسنا من لغوب)) فإن ذلك يتضمن ثبوت كمال قوته وقدرته سبحانه وتعالى خلق السموات والأرض وهذه الأفلاك العظيمة وما مسه تعب هذا لكمال قوته وقدرته فالمقصود أيهاالأحبة أن هذه الأمور المنفية عن الله عز وجل أو عن كتابة أو عن رسوله صلى الله عليه وسلم فإن ذلك يتضمن ثبوت كمال أضدادها .
فإذا قال الله سبحانه وتعالى عن القرآن مثلا ((ذلك الكتاب لا ريب فيه)) فهذا يتضمن كما إنه صريح في نفي الريب عنه فهو يتضمن انه متضمن لكمال اليقين فمن أراد اليقين فعليه بهذا القرآن ، ليس فيه مايوجب الريب وليس فيه تناقض ولا تعارض وليس فيه أمور واهنة إذا نظر إليها الإنسانارتاب وإنما فيه البراهين الساطعة والواضحة والأدلة القوية الدالة على وحدانية الله عز وجل وكماله وصدق ما جاء به رسله عليهم الصلاة والسلام وما إلى ذلك من الحقائق الكبرى وهكذا .
القاعدة الثالثة ..
وهي أن ما يطلق على الله عز وجل في باب الأسماء و الصفات توقيفي وما يطلق عليه في باب الأخبار لا يجب أن يكون توقيفيا كما سبق ومعنى توقيفي كما بينا أن ذلك يتلقى من الوحي لا مجال للإجتهاد ولاللعقول في إثباته استقلالا مع أن العقل قد يدرك إثبات بعض أوصاف الكمال ، فالعقل يدرك أن الله تبارك وتعالى حي وأنه عليم وأنه قدير وأن له المشيئة الكاملة وما إلى ذلك من أوصاف الكمال التي للعقل فيها مدخل .
فهذا الكون بأتساعه ودقته وما يحصل فيه من تكوير الليل على النهار والنهار على الليل كل ذلك على نسق عجيب دقيق يدل على خالق قدير عليم حي يفعل ما يشاء ونحو ذلك من الأوصاف التي تدركها العقول .
ولكن هناك أشياء كما سيأتي لا تدركها العقول.. المقصود أن نفهم في هذه القاعدة أن باب الأسماءوالصفات مبني على التوقيف لا نثبت لله لا اسما ولا وصفا بالعقل على سبيل الاستقلال,لكن يمكن أن نتحدث عن بعض الصفات ونقول هذه ثابتة بالنقل والعقل والفطرة .
نتحدث عن العلو مثلا : عن علو الله عز وجل ونقول هذا ثابت بالنقل (( يخافون ربهم من فوقهم)) - ((الرحمن على العرش استوى )) أنواع الأدلة الموجودة في القرآن والسنة تدل على علو الله عز وجل على خلقه (( وهو العلي العظيم )) ونثبت ذلك أيضا بالعقل ،فالعقل له مدخل في هذا وكذلك الفطرة مادعى داعِ فقال يا الله إلا وجد في نفسهضرورة لطلب العلو ، فالفطر تدرك ذلك .
إذا أسماءه وصفاته توقيفية كما قال السفاريني رحمة الله في منظومته المعروفة
لكنها في الحق توقيفية *** لنا بذا أدلة وفية
القاعدة الرابعة ..
منهج السلف _ أعني أهل السنة والجماعة رضي الله عنهم _
هو التوقف في الألفاظ المجملة التي لم يرد إثباتها ولا نفيها ، فلايطلقونها ابتداءً ولا يقبلونها ممن أطلقها بإطلاق يعني ما يقبلونها قبولا مطلقاولا يردونها بإطلاق ، وإنما يستفصلون من القائل
هم لا يستعملونها ولا يطلقونهاولا يعبرون بها ، وإنما يعبرون بالألفاظ الشرعية الواردة في الكتاب والسنة ، لكن إذا أطلقها غيرهم كما يفعل طوائف من أهل الكلام فان أهل السنة لا يردونها بإطلاق ولا يقبلونها بإطلاق وإنما يستفصلون من القائل,هذا اللفظ المجمل يحتمل أن يراد به معنى صحيح ويحتمل أن يراد به معنى باطل ، فهم لا يستعملون هذا اللفظ ولكنهم لا يبادرون في قبوله ولا رده فيستفصلون ممن أطلقه فينظرون ، فإن أريد به باطل ينزه ربنا تبارك وتعالى عنه رُد ، وان أريد به حق لا يمتنع عن الله سبحانه وتعالى قُبل، مع بيان ما يدل على المعنى الصواب من الألفاظ الشرعية والدعوة إلى استعماله مكان هذا اللفظ المجمل الحادث .
مثال ذلك :
لفظ ( الجهة ) تجد كثير من المتكلمين يقولون الله ليس في جهه يقولون نحن ننفي الجهه عن الله سبحانه وتعالى ،أهل السنة لا يقولون نحن نثبت الجهه لكن حينما يقول قائل نحن ننفي الجهه يقولون : ماذا تقصد ؟ إن كنت تقصد بالجهة أي العلو فهذا باطل ومردود لأن الله متصف بالعلو ولكن هذه اللفظة التي استعملتها لفظة محدثة تحتمل الحق وتحتمل الباطل ، وإن قصدت بالجهة جهة مخلوقة تحصره فالله اجل وأعظم من أن يحيط به شيء من خلقه ، فالجهة أهل السنة والجماعة إذا قبلوها من قائلها _ ممن أطلقا _ إذا قصد بها ما فوق العالم أن الله فوق خلقه بائن منهم لا يحيط به شيء من المخلوقات فهذا معنى صحيح ، لكن يقولونله هذا اللفظ لا يستعمل ، هذا اللفظ لم يرد ، هذا اللفظ يحتمل الحق والباطل ،ويرشدونه إلى الألفاظ الشرعية ،كأن يقول بأن الله متصف بالعلو والفوقية .
القاعدة الخامسة ..
أن الإثبات فيما يتعلق بالصفات يكون على سبيل التفصيل ، وأما النفي فيكون على سبيل الإجمال .
إثبات مفصل ونفي مجمل وهذا هوغاية الكمال والمدح ، وذلك أن التفصيل في الإثبات تقول إن الله سميع عليم حكيم رحيم قدير .....إلى آخر أوصاف الكمال ، فهذه كمالات كثيرة جدا ، والمخلوق لا يحصي ثناءا على الله لكثرة أوصاف الكمال, منها ما نطلع عليه ومنها ما لم نطلع عليه .
أما في النفي فإنهم ينفون نفيا مجملا (( ليس كمثله شيء))وأما الإثبات ((وهو السميع البصير)) ...فيه تفصيل ، يذكرونها مفصلة يعددون أوصاف الكمالولكن في النقص لايحتاج أن ينفي عنه, يقول بأن الله عز وجل ليس بظالم _ ولاكذا ، ولاكذا ..............ولا أحب أن أعبر بهذا فمثل هذا لا يكون مدحا.
والعلماء رحمهم الله قالوا لو جاء رجل إلى عظيم من العظماء إلى ملك من الملوك وأراد أن يمدحه بالنفي على سبيل التفصيل فقال له : لست بزبال ولا كناس ولا ظالم ولا جبار ولا مريض ولا دنيءولا سيء ، هل يقبل منه مثل هذا المدح ؟ لا هذا غير مقبول ، هذا إزراء به وإساءة إليه . لكن يقول له ليس في الملوك مثلك ، ليس في الناس مثلك ، أو نحو ذلك من النفي المجمل ليس فيك وصف يعاب مثلا من أوصاف الناس ، طبعا فيه مبالغات في هذا الكلام لكن اقصد لو أراد أحد أن يمدح فانه يتكلم بهذه الطريقة .
لكن أن يأتي إليه وينفي عنه أوصاف النقائص بهذا التفصيل الذي ذكرته آنفا ، فهذا ذم ،وإن ظن و توهم بجهله أنه مدح . كالذي جاء من الصحراء إلى الخليفة وقال له :
أنت كالكلب في وفائك للود ...... وكالسيف في قِراعِ الخطوب
يمدح الخليفة بهذا ، طبعا هذا ليس بنفي لكنه يثبت له أوصاف كمال بحسب ظنه فهكذا لو جاءجاهل مثل هذا وأراد أن يمدح الملك بأوصاف هي من قبيل السلوب يعني النفي ويقول له أنت لست بكذا ولا كذا سيسكته ويأمر بإخراجه عنه يقول لا تمدحني أنت لا تحسن الكلام حقك السكوت .
فأهل السنة في هذا الباب منهجهم هو الإثبات المفصل والنفي المجمل ،وما ورد في الكتاب والسنة من النفي المفصل فهو قليل مثال (( لا تأخذه سنة ولا نوم)) ومبناه كما ذكرت على قاعدة ( أن كل نفي في هذا الباب فهو متضمن لثبوت كمال ضده)
القاعدة السادسة..
كل اسم ثبت لله عز وجل فهو متضمن لصفة, دون العكس .
عرفنا أن جميع الأسماء مشتقه وقلنا معنى كون الأسماء مشتقة أنها تتضمن أوصافا كاملة إذا قال الرحمن الرحيم يتضمن صفة الرحمة ، العزيزيتضمن صفة العزة ، المتكبر يتضمن صفة الكبرياء ، كل اسم فهو متضمن لصفة كمال لكن دون العكس هل كل صفة يؤخذ منها اسم ؟ الجواب لا ، فالله تبارك وتعالى من صفاته مثلاأنه استوى على العرش (( استوى على العرش )) الاستواء هل نقول : من أسماءه المستوي ؟ الجواب لامن صفاته الإرادة (( يريد الله بكم اليسر )) هل نأخذ منها اسما فنقول : من أسمائه المريد ؟ الجواب لا .
يقول الله عز وجل مثلا في المشيئة((وما تشاؤن إلا أن يشاء الله)) فهل من أسمائه تقول مثلا الشائي ؟ الجواب لا,وهكذاوذكرنا من قبل أن باب الصفات أوسع من باب الأسماء
القاعدةالسابعة..
دلالة الكتاب والسنة على ثبوت الصفة إما تصريحاً – التصريح بها – أو بتضمن الاسم لها ، أو التصريح بفعل أو وصف يدل عليها مثال :
التصريح ((الرحمة ، العزة ، القوة , الوجه ، الأصابع )) ونحو ذلك من أوصافه تبارك وتعالى..فهذه دلت عليه النصوص على إثباتها صراحة لله عز وجل أو بتضمن الاسم لها مثال: ((البصير متضمن لصفة البصر )) و(( السميع متضمن لصفة السمع )) وهكذا .
أو التصريح بفعل أو وصف دال عليها مثال :
((الرحمن على العرش استوى )) استوى هذا فعل ،فهذا الفعل يدل على صفة ثابتة لله سبحانه وتعالى وهي صفة الاستواء((إنا من المجرمين منتقمون )) فهذا يدل على إثبات صفة الانتقام لله تبارك وتعالى وهكذا .
القاعدة الثامنة..
أن صفات الله عز وجل يستعاذ بها ويحلف بها وقدمضى في الفروقات بين الأسماء والصفات .
والبخاري رحمه الله عقد باب في الصحيح في كتاب الأيمان والنذور قال (( باب الحلف بعزة الله وصفاته وكلماته )) وقد مضى الكلام على هذا تقول (( أعوذ بعزة الله وقدرته )) وتقول (( أعوذ بوجه الله ))تحلف وتقول (( وكلام ربي )) وتقول (( وعزة الله )) ، (( وقدرة الله )) فالصفات يحلف بها، لكنها لا يدعى بها لا تقول (( ياعزة الله )) ، (( ياكلام الله )) ، (( يارحمة الله )) وإنما تقول : (( يا لله ))(( يا رحيم)
)القاعدة التاسعة .
.أن الكلام في الصفات كالكلام في الذات فذات الله عز وجل ثابتة ، وصفاته ثابتة فكما أننا لا نعرف كنه الذات ولا كيفيتها فكذلك لا نعرف كنه الصفات ولاكيفياتها .
نحن نعلم معاني الصفات ومعاني الأسماء لكن الكيفية - الكنه - الحقيقة - هذاإلى لله تبارك وتعالى فهو من أمر الغيب .
فمن تلكأ في شيئا من صفات الله عز وجل وتردد في إثباته أو اشتبه عليه فإنه يحتج عليه بهذه القاعدة , الذي ينفي الصفات نقول له : تثبت الذات أو لا ثبت الذات ؟ يقول : أثبت الذات نقول المخلوق له ذات فسيقول ذات الله تعالى ليست كذات المخلوق ، نقول فصفات الله تعالى ليست كصفات المخلوق . فالقول في الصفات كالقول في الذات .
القاعدة العاشرة..
أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخروهذا نحتاج إليه حينما يأتي إنسان يؤمن ببعض ويكفر ببعض يؤمن ببعض الصفات وينكر البعض الآخر
سمية ممتاز
12-03-08, 02:54 AM
القاعدة العاشرة..
أن القول في بعض الصفات كالقول في البعض الآخر
و هذا نحتاج إليه حينما يأتي إنسان يؤمن ببعض الصفات وينكر البعض الآخر فيقول مثلا أنا أثبت الحياة والإرادة والمشيئة والقدرة ، مثلا يقال له لماذا أثبتها ؟ يقول : لأن العقل دل عليها .طيب والرحمة ؟ قال : لا الرحمة إرادة الإحسان, والغضب ؟ قال : لا الغضب هو إرادة الانتقام ، ما يثبت هذه الأوصاف ، نقول له: إذا :! اذا كنت تقول بإثبات بعض الصفات فقل فيما نفيته كقولك فيما أثبته ، أنت تقول له مشيئة ونقول المخلوق له المشيئة ، قال : لا هذه المشيئة تليق بجلاله وعظمته ، طيب والإرادة ؟ قال: تليق بجلاله وعظمته, والقدرة ؟ قال : تليق بجلاله وعظمته, والحياة المخلوق حي ؟ قال : لاحياة تليق بجلاله وعظمته لا تشبه حياة المخلوق ، نقول له : قل فيما نفيته كما قلت فيما أثبته فهذا باب واحد لماذا تفرق؟ ،فنحن نثبت لله عز وجل الرضى على ما يليق -بجلاله وعظمته, والرحمة على ما يليق بجلاله وعظمته, والغضب على ما يليق بجلاله وعظمته,وغضبه تبارك وتعالى ليس كغضب المخلوق ورحمته تبارك وتعالى ليس كرحمة المخلوق كما أن إرادته ومشيئة وقدرته ليست كإرادة ومشيئة وقدرة المخلوق .
سمية ممتاز
12-03-08, 03:02 AM
القاعدةالحادية عشر..
أن ما أضيف إلى الله تبارك وتعالى مما هو غير بائن عنه فهوصفة له غير مخلوقه
وكل شيء أضيف إلى الله بائن عنه فهو مخلوق .
الأشياء التي تضاف الى الله وهي نوعان :
- نوع لا قيام له في الخارج على سبيل الاستقلال,ليس له محل يقوم به فهذا يكون من باب إضافة الصفة ، فالكلام يضاف إلى الله , يقال الكلام الله ، كلام الله لا يقوم بمخلوق لا يقوم بمحل منفصل ، فهذا يكون من باب إضافة الصفة حينما نقول رحمة الله فهذا من باب إضافة الصفة..
لكن حينما نقول ناقة الله فهذا قائم مستقل في الخارج ولا غير قائم ؟
- قائم في الخارج .. فهذا من باب إضافةالمخلوق أضيف إلى الله هذه الإضافة إما أن تكون إضافة تشريف أو إضافة خلق, حينما تقول (( الخلق عبيد الله )) أضفتهم إلى الله لأنه هو الذي خلقهم و أوجدهم ، تقول ((هذا خلق الله)) فأضفته إلى الله لأنه هو الذي أوجده
وحينما تقول بيت الله مامعناه ؟ مستقل قائم بالخارج أو لا ؟ قائم بالخارج مستقل فهذه إضافة تشريف , إضافة مخلوق وليس بإضافة صفة إلى الله تبارك وتعالى
وحينما تقول (( عيسى كلمة الله)) عيسى ذات موجود متشخصه في الخارج فهذه الإضافة هي إضافة تشريف أنه وجد بالكلمة(( كن ))
وحينما يقال بأن جبريل هو روح الله أو روح القدس ، فجبريل ذات قائمة مستقلة في الخارج فهذا من باب إضافة التشريف فهذه هي القاعدة .
لكن إذا قلت سمع الله وبصر الله فهذا من باب إضافة الصفات .
والحافظ ابن القيم رحمه الله نظم هذا في النونية يقول :
فإضافة الأوصاف ثابتة لمن *** قامت به كإرادة الرحمن
وإضافة الأعيان ثابتة له *** ملكاً وخلقاً ما هما سيان
هذه مخلوقة وتلك صفة ليست بمخلوقة
فانظر إلى بيت الإله وعلمه *** لما أضيف كيف يفترقان
وكلامه كحياته وكعلمه فيها ***بالإضافة إذ هما وصفان
لكن ناقته وبيت إلهنا *** فكعبده أيضا هما ذاتان
الآن الحياة والعلم إضافة صفة وناقة الله وبيته إضافة مخلوق من باب التشريف .
القاعدة الثانية عشر..
كل اسم من أسماء الله الحسنى له ثلاث دلالات ،الأولى: المطابقة – الثانية: التضمن – الثالثة: الالتزام
ما معنى المطابقة؟
دلالة المطابقة هي دلالة اللفظ على تمام معناه ، فإذا قلت مثلا السميع هذااللفظ إذا قصدت به الذات التي سُميت بهذا والصفة التي تضمنها هذا الاسم فإن هذه يقاللها دلالة المطابقة ، لان هذا الاسم دل على الذات وتضمن أيضا صفة السمع .
إذاقلت العزيز وقصدت به الدلالة على الذات وقصدت به أيضاً ما تضمنه من الصفة - المعنى - وهوالعزة فهذه دلالة مطابقة ..
دلالة اللفظ على تمام معناه – تقال لها دلالة مطابقة .
دلالته على بعض معناه يقال لها دلالة التضمن
تقول مثلا العزيز وتقصد بهالذات التي سميت بهذا, يعني إذا قصدت به أحد مدلوليه فان هذه دلالة تضمن ، يعني إذاقصدت به بعض ما دل عليه فهي دلالة تضمن .
وأما دلالته على لازم معناه: معنى ذلك أنهيقتضي امراً آخر ، فإذا قلت مثلا الله تبارك وتعالى العزيز هل تكون العزة من غيرحياة ؟ إذاً دل على صفة الحياة ، هل تكون العزة من غير قوة ؟ أبداً ، فدل على صفةالقوة هذه تسمى دلالة التزام
وإذا قلت بأن الله عز وجل هو الرب دل على صفةالربوبية بالتضمن بدلالة الالتزام هل يمكن أن يكون ربا وهو لا يخلق ؟
إذاً دل على صفة الخلق ، وهل يمكن أن يكون ربا وهو عاجز ؟ إذاً دل على صفة القدرة .
وهكذايقال لها دلالة التزام ، إذا قلت الله سميع هل يمكن أن يكون سميعا وهو فاقد الحياة؟ لا إذاً السميع دل بدلالة الالتزام على وصف آخر لا يقوم ولا يحصل إلا به أو لابدمنه وهو الحياة لا يمكن أن يكون سميعا وهو غير حي ، مع أن الحياة ما ذكرت في السميع وليست مما يدل عليه لا مطابقة ولا تضمن .
دعوني اقرب لكم المعنى:
الآن حينما نقول : هذه قارورة .. إذا أطلقنا القارورة على هذا الكل الذي ترونه بما فيه هذا الغطاء وهذا الجرم الذي يحوي المائع فإن هذه يقال لها قارورة ، وإذا أطلقنا القارورة على الغطاء فقط .. مثلا تقول: كسرت القارورة وأنت كسرت الغطاء ,,, إذا أطلقت القارورة على هذا وهذا يقال لها دلالة مطابقة .. وإذا أطلقت هذا اللفظ وقصدت به بعض المعنى فهذه دلالة تضمن .. واضح؟؟
الآن حينما أقول لكم :
لما أقول لونت القارورة .. هذي دلالة ماذا ؟؟ تضمـن .. أنا لم ألون كل القارورة إنما لونت الغطاء فقط .. فهذه دلالة تضمن ..طيــب ..
حينما نقول : سيارة .. إطلاق السيارة على الكل المعروف هذي دلالة مطابقة .. لما تقول : أصلحت السيارة .. وأنت أصلحت العجل .. عجله من عجلاتها.. فهذه تسمى دلالة تضمن .. حينماتقول : سيارة .. فإن هذا يستلزم مـاذا؟؟ إنها يركب فيها وأنها ينتقل فيها من محل إلى محل .. هذه يقال لها دلالة التزام ..
حينما نقول: المسجد .. ونقصد به جميع مرافق المسجد .. أو نقول : منزل ..ونقصد به جميع المرافق .. هذه تسمى دلالة مطابقة .. حينما أقول: أصلحت المنزل .. وأنا أصلحت المطبخ فقط .. فهذه يقال لها دلالة تضمن .. وحينما نقول : منزل .. فهذا يستلزم ماذا ؟؟ .. أو أقول حجرة .. غرفة .. يستلزم أن يكون هذا محلا قابلا للسكن .. ويستلزم حينما يقول : حجرة . أن يكون لها سقف هذه بدلالة الالتزام ..
بخلاف ما لو قلت : حائط .. فالحائط قيل له حائط كأن يطلق على البساتين ..يقال : حائط .. لماذا ؟؟ لأنه ليس له سقف .. لكن لما تقول: غرفة .. فإن ذلك يقتضي أن يكون لها سقف ..
المقصود هو التقريب ، حينما تقول مثلا إنسان فهو يطلق على هذا المخلوق الذي نحن منه ، وحينما تقول زيد مريض والذي مرض هوعينه فقط هذه دلالة تضمن لأن هذا زيد يطلق على كل هذا الإنسان المسمى بذلك ، فإذاأطلقته على بعض معناه أو بعض ما دل عليه فان ذلك يقال له دلالة تضمن .
طيب ،أرجوا أن يكون اتضح .
فالأسماء لها ثلاث دلالات
دلالة مطابقة: تدل على الذات والصفة
دلالة تضمن : وهي دلالتها على احد هذين الأمرين
ودلالة التزام: وهي أن تدل على أمر ثالث غير الذات وغير الصفة التي تضمنتها
كما قلنا السميع يدل على انطباق صفة الحياة أيضاً لأنه لا يكون سميعاً إلا من كان حياً ، طيب هذه المعاني ذكرها الحافظ ابن القيم رحمه الله في النونية يقول :
ودلالة الأسماء أنواع ثلاثٌ ***كلها معلومة ببيان
دلالة مطابقةً كذاك تضمناً*** وكذا التزاما واضح البرهانِ
أمامطابقة الدلالة فهي أن ***الإسم يفهم منه مفهومانِ
ذات الإله وذلك الوصف الذي*** يشتق منه الإسم بالميزانِ
لكن دلالته على إحداهما بتضمنٌ ***فافهمه فهم بيانِ
وكذا دلالته على الصفة التي*** ما اشتُقَّ منها فالتزام داني
وإذا أردت لذا مثالاً بيناً***فمثال ذلك لفظة الرحمن
ذات الإله ورحمةٌ مدلولها فهما*** لهذا اللفظ مدلولان
إحداهما بعض لذا الموضوعِ فهي*** تضمنٌ ذا واضح التبيان
لكن وصف الحي لازم ذلك ***المعنى لزوم العلم للرحمن
فلذا دلالته عليه بالتزامٍ بينٍ ****والحق ذو التبيان
يعني أنا قلت الرحمن يستلزم منه أن يكون حيا ويستلزم منه أن يكون عليماً يعلم حال الناس حال المرحومين وهكذا
القاعدة الثالثة عشر..
إن الصفة إذاكانت منقسمة إلى كمال ونقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه بل يطلق عليه منها كمالها .
مثال : المريد : الإرادة تارة تكون كمالا وتارة تكون نقصاً
فالله يريد كماقلنا في هذه الأشياء يطلق على الله عز وجل منها الأكمل فنقول:
الله يريد بكم اليسر ولا يريد بكم العسر ، ((يريد الله أن يخفف عنكم)) ، لكن قد يريد الإنسان الشر- قديريد المعصية- قد يريد المنكر ((ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيما))
فهذه الصفات المنقسمة إلى كمال ونقص لا تدخل بمطلقها في أسمائه الله تبارك وتعالى وإنما يطلق عليه منها كمالها .
القاعدة الرابعة عشر..
انه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل مقيدا أن يشتق له منه اسم مطلق .
مثل المثال إلي أخذناه قبل قليل:
الإرادة جاء هذا الفعل مضاف إلى الله عز وجل بقيد ، يعني جاء مقيداًيريد الله بكم اليسر ، فلا نطلق ذلك على الله عز وجل ، لا نشتق له منه اسم مطلق فباب الإخبار أوسع من باب الصفات وباب الصفات أوسع من باب الأسماء فإذا أخبر الله عز وجل عن نفسه أنه يريد ، فإن ذلك يثبت لله عز وجل على الوجه الذي جاء ولكن من غيرأن نشتق له منها اسم فلا نقول من أسمائه المريد .
سمية ممتاز
12-03-08, 03:03 AM
القاعدة الخامسة عشر..
وهي أن الاسم إذا أطلق على الله عز وجل جاز أن يشتق منه المصدر والفعل فيخبر به عنه فعلا ومصدرا ، خذ مثلا السميع – البصير – القدير – هذه أسماء أطلقت على الله عز وجل يجوز أن يشتق منه المصدر فنقول سمع الله ، هذا مصدر ( سمع يسمع سمعا)(أبصر يبصر إبصارا )فنقول: سمع الله - بصر الله - قدرة الله .
ونخبر عنه أيضا بالأفعال من ذلك فنقول الله يسمع – الله يبصر – الله يقدر – إذاً هذه الأسماء إذا أطلقت عليه جاز أن يُشتق منها المصدر فنقول سمع الله الاسم هوالسميع فنقول سمع الله والفعل نقول الله يسمع, هذا متى ؟ هذا إذا كان الفعل متعديا ،فإن كان لازما لم يخبر عنه به بل يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل الحياة مثلا يتضمن الحي يتضمن صفة الحياة, وذلك لازم أو متعدي ؟ لازم, فهل يصح أن نعبربالفعل هنا ونقول يحيى الله ؟ لا يجوز أن نقول هذا . العظمة فمن أسمائه العظيم.. يتضمن صفة العظمة هل يصح أن نعبر عنه بالفعل ونقول الله يعظم ؟ الجواب لا، هو له العظمة كاملة بل يطلق عليه الاسم والمصدر فنقول العظيم ونقول في المصدر العظمة عظمة الله حياة الله.
القاعدة السادسة عشر..
أن أفعال الرب تبارك وتعالى صادرة عن أسمائه وصفاته, وأسماء المخلوقين صادرة عن أفعالهم واقصد هنا بأسماء المخلوقين لا أقصد ما يسمى به الإنسان (( زيد وعمر )) ونحو ذلك ممايدعى به وإنما اقصد ما يضاف إليه من أسماء بناءا على مكتسباته ، الله تبارك وتعالى أفعاله صادره عن كمالاته عن أسمائه وصفاته ما هي أسمائه ؟ العليم ،فأفعاله تبارك وتعالى صادرة عن كمالاته فالله يعلم السر وأخفى فهذا صادر من اسمه العليم المتضمن لصفة العلم.اسم الله عز وجل الرزاق يتضمن صفة الرزق, فحينما نقول الله تبارك وتعالى هو الذي يرزق الخلائق ونحو ذلك فهذا المدح والثناء الذي نثني به على الله تبارك وتعالى ونذكره به صادرٌ من ماذا ؟ هذه الأفعال انه يرزق صادر من أين ؟ من أسمائه وصفاته فهي كاملة .
فنحن نعرفه تبارك وتعالى من خلال أسمائه وصفاته أما المخلوق فإنه يحصل على الأسماء بحسب أفعاله .
الآن حينما يكون الإنسان يمارس أشياء مدة طويلة نقول عنه انه خبير أليس كذلك ؟ لكن حين يخرج من بطن أمه هل نقول له خبير؟ لا ، حينما يكون هذا الإنسان حديث الولادة أو جاهل ما تعلم هل يقال عنه عالم وعليم؟ أبدا ، متى يقال عنه عالم ؟ إذا تعلم ورسخ في العلم يقال له ذلك .
وهكذا حينما يكون غنيا أو يقال عنه بأنه كريم هل يقال عنه كريم وهو لم ينفق درهم ؟ الجواب لا يمكن أن يستحق هذا الاسم أو الوصف الذي هو الكرم إلا ببذل ،لولا المشقة ساد الناس كلهم ،فلابد من بذل وتصبير للنفس على العطاء من محبوباتها وشهواتها ومطلوباتها والتنازل عن كثير من حقوقها فبهذا يستحق الأوصاف التي تطلق عليه أو الأسماء التي تضاف إليه فيقال فلان كريم فلان حليم فلان لطيف فلان كذا .... وهكذا بحسب الممارسات التي تصدر عنه أما الله سبحانه وتعالى فان أفعاله صادرة عن كمال الأسماء والصفات التي هي أصل لكل كمال.
القاعدةالسابعة عشر..
الأسماء التي تطلق على الله وعلى العباد مثل الحي والسميع والبصيروالعليم والقدير والملك ونحو هذا ، هذه حقيقة في هذا وفي هذاحينما تطلق على الله عز وجل فهي حقيقة , وحينما تطلق على المخلوق فهي أيضاً حقيقة حقيقة في الخالق وحقيقة في المخلوق ، واختلاف الحقيقتين فيهما لا يخرجها عن كونها حقيقة .في هذاوفي هذا ....
فللرب تبارك وتعالى منها ما يليق بجلاله وللعبد منها ما يليق بجلاله ، فإذا قلت مثلا المخلوق يوصف أو يسمى بالملك ويسمى أيضا بالقدير وبالسميع وبالبصير فهذه حقيقة والله يقال له ذلك فلله من القدرة والملك والسمع والبصر مايليق بجلاله وعظمته ، وللمخلوق من ذلك ما يليق بضعفه ونقصه وعجزه ، فأين سمع الله من سمع المخلوق ؟ لا وجه للمقارنة أين ملك الله من ملك المخلوق ؟ أين حياة الله من حياة المخلوق؟الله يقال له حي والمخلوق يقال له حي لكن أين هذا من هذا فهذاحقيقة وهذا حقيقة لكن شتان ما بين الحقيقتين .
فألفاظ التي يقال مثلا : حينمايقال فاعل, مكتسب, كاسب صانع, موجد, خالق, بارئ, مصور, قادر, مريد .
هذه الألفاظ ثلاثةأقسام :
- قسم لم يطلق إلا على الله عز وجل : مثل البارئ ، الرحمن ، الله ، هذا لايطلق على المخلوق.
- قسم لا يطلق إلا على العبد مثل : الكاسب ، لا يقال على الله عز وجل المكتسب
- قسم يطلق على العبد وعلى الرب مثل : يخبر عن الله عز وجل بأنه صانع ، وورد هذا في السنة والمخلوق يقال له صانع والله عز وجل يخبر عنه بأنه فاعل((ما يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وأمنتم )) .. ويقال : عامل من باب الإخبار يقال((مما عملت أيدينا أنعاما )).. ويقال ذلك على المخلوق ويقال :قادر والمخلوق يقال له قادر فيكون لله عز وجل ما يليق به وللمخلوق من هذا ما يليق به.
وبهذا الاعتبارصح أن يطلق على المخلوق يقال له خالق ((فتبارك الله أحسن الخالقين )) أي أحسن المصورين المقدرين لأن كلمة خالق تأتي بعدة معاني :الموجد من العدم هذا لا يقال للمخلوق لكن المقدر أو المصور ،المشكل، هذا يقال للمخلوق ولهذا يُذكرذلك مقيد ، تقول مثلا والله هذه فكرة خلاقه, لاحظ مبالغة خلاقة بعض الناس ينقبض إذاسمع هذا, تقول مثلا لنجتمع لنخلق أفكار ونتدارسها, هل هذا حرام ؟ الجواب لا فمثل هذايقال للمخلوق لكن يعني نقدر .
القاعدة الثامنة عشر..
أن الاسم والصفة من هذا النوع له ثلاث اعتبارات:
- الاعتبار من حيث هو مع قطع النظر عن تقييده بالرب تبارك وتعالى أو العبد .
- الاعتبار الثاني باعتباره مضافاً إلى الله عز وجل مختصاً به .
- الثالث عكسه يعني باعتبار الإضافة إلى المخلوق واختصاصه وتقييده به .
هذه الأقسام الثلاثة.طيب الأول ما لزم الاسم لذاته وحقيقته, فهذا يكون ثابت للرب وللعبد, وللرب منه ما يليق بكماله وللعبد ما يليق بضعفه، حينما تقول مثلا السمع,السمع هكذا ما أضفتها إلى الله ولا أضفتها إلى المخلوق, السميع يدل على صفة السمع ماتقصد به الله عز وجل حينما تقول السمع, الكلام, البصر من حيث هو فهذا يدل على حقيقةيدل على معنى فالسمع غير البصر غير الحياة غير الكلام الإرادة فدلالته من غير تقييدوإضافه لله عز وجل دلالته على معنى, يعني هو يدل على معنى بمجرده عند الإطلاق وحقيقة,معنى يتميز عن غيره فالسمع غير البصر فهذا أمر ثابت ولا إشكال فيه ، فإذا قلت سمع الله هنا اختلف الوضوع وإذا قلت سمع المخلوق فهذا يختلف بمعنى الآن حينما نطلق نقول السمع فهذا له وجود في الذهن وهو ما دلت عليه هذه اللفظة من حيث هي ، عرفنا إن السمع غير البصر غير الحياة غير اليد, واضح؟. طيب هناك وجود خارجي وهذا ما يحصل إلابالتقييد فإذا قلت سمع الله هذا ما يمكن أن يدل على الحقيقة من حيث هي ، لا وإنما سمع كامل يليق بجلال الله وعظمته وسمع غيرمخلوق, باب إضافة الصفة إلى الموصوف ، وإذا قلت سمع زيد فهنا تَقَيَّد بأمر في الخارج فالوجود أنواع: هناك وجود ذهني يعني هذا من غير إضافة ولا تقييد فتقول السمع العلم, العلم غير السمع, العلم غيرالحياة فإذا قلت العلم فهذا يدل على حقيقة يفهمها كل أحد فإذا أضفتها فهنا يكون الوجودالخارجي, قبل قليل الوجود الذهني فهذا مشترك, الوجود الخارجي عند الإضافة فتقول سمع الله إذا هذا غير مخلوق سمع يليق بجلاله وعظمته, علم الله وتقول علم زيد فبحسب ماقيد وأضيف إليه هذا يسمى وجود خارجي وهناك وجود ذكري وهو حينما نذكر ذلك باللسان وهناك وجود يسمونه الوجود الرسمي الذي هو في الكتابة فالوجود على هذه الأنواع الأربعة: وجود ذهني - وجود خارجي - وجود ذكري - وجود رسمي (الرسم يعني الكتابة ), الذي يهمنا هو الوجود الذهني والوجود الخارجي فإذا أطلقنا وقلنا الحياة هذا معنى مفهوم لكل احد وهو مشترك بين كل ما يوصف بالحياة لكن حينما تضيفه فهنا يكون الوجود خارجي فتقول حياة الله, حياة زيد فهنايفترق فحياة الله غير حياة المخلوق.. اتضح؟؟فما لزم الصفة لإضافتها إلى العبد- انتبهوا- وجب نفيه عن الله إذا قلت حياة زيد تقول والله يلزم انه يأكل ويشرب كيف يكون حي وينام لازم ليرتاح وإلا أنه سيموت فهذا من لازم الصفة لما أضفناها إلى المخلوق هذا ننفيه عن الله ، وما لزم الصفة من جهة اختصاص الله عز وجل بها فانه لايثبت للمخلوق فإذا قلت علم الله فهذا يلزم منها الإحاطة بكل معلوم وقلت علم زيد هل نثبت ما لزم من إضافته إلى الله نثبته للمخلوق ؟ الجواب لا فحينما نضيفه اللوازم التي تكون بالنسبة لله أو بالنسبة للمخلوق لا نثبت لازم ما ثبت للمخلوق لا ثبته لله واللازم الذي ثبت للخالق عند الإضافة لا نثبته للمخلوق.
سمية ممتاز
15-03-08, 03:13 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الشريط السادس من سلسلة أسماء الله الحسنى للشيخ خالد بن عثمان السبت
قامت بالتفريغ أختنا في الله وقد طلبت مني عدم ذكر اسمها فجزاها الله خيرا
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ..........
أما بعد
فمرحبا بكم معاشر الإخوان والأخوات واسأل الله تبارك وتعال أن يجعل هذا المجلس مباركا نافعا مقربا إلى وجهه الكريم وان يعيننا جميعا على ذكره وشكره وحسن عبادته
أيها الأحبة مازال الحديث عن القواعد التي يُطلب معرفتها في باب الأسماء والصفات
القاعدة التاسعة عشر ::
أن الصفة متى قامت بموصوف لزمها أمور أربعة :
- أمران لفظيان
- وأمران معنويان
فاللفظيان ثبوتي وسلبي
والثبوتي أن يشتق للموصوف منها اسم .
والسلبي أن يمتنع الاشتقاق لغيره .
والمعنويان أيضا ثبوتي وسلبي
فالثبوتي أن يعود حكمها إلى الموصوف ويخبر بها عنه
والسلبي ألا يعود حكمها إلى غيره ولا يكون خبرا عنه
اللفظيان أن نشتق للموصوف منها اسم ، والسلبي أن يمتنع الاشتقاق لغيره والمقصود أن نشتق للموصوف منها اسم هذا من حيث العموم والإطلاق .
فإذا قامت صفة بإنسان مثل الكتابة فنقول انه كاتب وهذا اسم، وإذا قامت بالإنسان صفه مثل الكرم نقول هو كريم، وإذا قام به وصف مثل السرقة نقول هو سارق فهذا الوصف يرجع إليه هو . وهذا القاعدة يُحتاج إليها في تقرير اعتقاد أهل السنة والرد على المعتزلة فمثلاً صفه الكلام ، هنا يقال أن الله عز و جل متكلم على سبيل الإخبار ولكن ليس المقصود بأن يشتق له منها اسم يعني أننا نسميه بما لم يسمى به نفسه وإنما من حيث الإخبار ، وباب الإخبار كما قلنا أنه يتوسع فيه ، ففرق بين هذا وهذا .
إنما نقصد بالاسم هنا ما هو مغاير أو ما هو قسيم للفعل والحرف ، فنقول الله عز وجل متكلم لكن ليس من أسمائه المتكلم لكن متكلم ليست فعل وليست بحرف هذا هو المقصود
بينما المعتزلة ماذا يقولون؟ – أنا لا أريد أن أدخلكم في خلافات أهل البدع لكن فقط نوضح أهمية هذا الجانب هذا القاعدة – المعتزلة يقولون الله كلم موسى لكنه خلق الكلام في الشجرة ، أهل السنة يقولون: لا, إذا ثبتت الصفة اُشتق له منها اسم فيقال: متكلم لكن نحن نعلم إن باب الصفات أوسع من باب الأسماء فهنا نقول بان الله تبارك وتعالى متكلم وانه يتكلم ..
وحينما نقول متكلم لا يعني أننا نسميه باسم لم يسمي به نفسه فليس من أسمائه المتكلم ولكن من باب الإخبار عنه ، فهذا الذي أطلقناه في باب الإخبار هل هو اسم أو فعل أو حرف ؟ اسم ..
وهكذا حينما تقول عن المخلوق مثلا كما قال في المراقي
فما لي سارقٍ حال التلبس ** حقيقةٌ لدى المؤسسِ
ولكن لا شأن لنا بالمؤسس الذي هو الرازي لكن هؤلاء من أهل البدع عموماً مثل المعتزلة يرد عليهم من يرد من أهل الكلام ومن أهل السنة ممن خالفهم ، يقولون لا يمكن أن يتصور أن يوصف بصفه تقوم في محل منفك عنه, فيقولون: خَلَق الكلام في الشجرة !
هذا غير صحيح إطلاقا فإنما الصفة تقوم بالموصوف وهي ملازمة له ويصح أن يُخبر عنه يُشتق يعني اسم له منها فيقال فلان سارق وفلان كاتب وفلان قارئ إذا قامت به صفه القراءة تخبر عنه بذالك وإن كان ليس من أسماء فلان اسمه زيد ليس من أسمائه قارئ أو كاتب, اسمه زيد أو عمرو , فلا نسميه بأسماء بمعنى أن هذه الأسماء يمكن أن تكون كاسمه الذي سماه به أبوه .
الله تبارك وتعالى له المثل الأعلى سمى نفسه بأسماء لا يجوز للمخلوق أن يسميه بما لم يُسَمِّ به نفسه فلا نشتق له من عند أنفسنا من أوصافه أسماء نسميه بها فنقول الله عز وجل قال مثلاً : بأنه يكتب ((سنكتب ما قالوا)) ، فلا نقول إن من أسمائه كاتب لكن يمكن في باب الإخبار نقول أن الله كاتبٌ ما يقوله هؤلاء أو ما يعمله هؤلاء, فقولنا كاتب هذا اسم هذا معنى يشتق له منها اسم, وإلا كما سبق لا يجوز لنا أن نشتق لله أسماء نسميه بها ونقول هذه من أسمائه الحسنى وهو لم يُسَمِّ نفسه بذلك هذا هو الفرق بين البابين, .. الذي نتحدث عنه هنا هو باب أوسع هو باب الإخبار عنه إما بالفعل أو بالاسم فنقول الله تبارك وتعالى مثلاً موجود ، {موجود} اسم نقول الله {شيء} الله {ذات} فهذه كلها أسماء لكن ليس ذلك من أسمائه الحسنى,, فَرِّق بين البابين.. أرجو أن يكون اتضح ...
إذاً من قامت به صفة يشتق له منها اسم فيقال هو كاتب هو قارئ ؛؛ في الناس يعني..
ولا يضاف ذلك إلى غيره ممن لم يكن به هذا الوصف ، وهكذا أيضاً كذلك في الأمرين المعنويين أن يعود حكمها إلى الموصوف ويخبر بها عنه ، ولا يعود حكمها إلى غيره ولا يكون خبرا عنه . ومَثَّلتُ لهذا على كل حال بما يوضحه إن شاء الله..
القاعدة العشرون ::
أن الأسماء الحسنى تنقسم باعتبار إطلاقها على الله تبارك وتعالى إلى ثلاث أقسام :
- الأول الأسماء المفردة: حينما نقول الله, العزيز, الرحمن, المتكبر, الجبار,,, فنطلق عليه الاسم بمفرده وهذا يكون في عامة الأسماء الحسنى لله تبارك وتعالى فنقول يا الله يا عزيز , يا رحمن ,, تذكر الاسم بمفرده .
- الثاني وهي الأسماء المقترنة:
وضابطها ما يطلق عليه مقترناً بغيره من الأسماء
وهذا أيضا يقع في غالب الأسماء الحسنى هذا مثل الأول ، لكنه جاءت بعض الأسماء مقترنة مثل الرحمن الرحيم ، العزيز الحكيم ، الرؤوف الرحيم ، العليم الخبير ، اللطيف
الخبير ، فجاءت مقترنةً ، لو أنك أفردت واحداً فقلت: يا لطيف ، الله لطيف ، الله خبير الله عليم ، فلا إشكال,, لكن نجد في القرآن مثلاً وفي السنة في كثير في المواضع جاءت مقترنةً مع غيرها وذلك كما أشرنا في بعض المناسبات يعطي كمالا أو وصفا ثالثاً فإذا قلنا هو اللطيف الخبير فاللطيف الذي يعلم دقائق الأشياء, والخبير هو الذي يعلم بواطن الأشياء وخفاياها ، فإذا اجتمع هذا وهذا,,, العزيز الحكيم فالعزة إذا اقترنت مع الحكمة فهذا كمال ثالث,, في المخلوقين العزة إذا وجدت وحدها تحمل على كثير من العسف والظلم والقسوة والقهر والتسلط بغير حق وما أشبه ذالك فيضع الأمور في غير مواضعها ويوقعها في غير مواقعها ، أما الله تبارك وتعالى فهو عزيز حكيم , عليم حكيم , إنما يتخلف الوقوع على الحق والصواب ، إما بسبب نقص العلم وإما بسبب نقص الحكمة.. قد يكون عنده علم لكنه لا يضع الأشياء في مواضعها فالله عز وجل عليم حكيم فهذا يعطي وصفا ثالثاً وهكذا... وتجدون هذا في كثير عند ختم الآيات في كتاب الله تبارك وتعالى
فهذا لك أن تفرد الاسم و لك أن تقرنه بغيره سواء في حالة الدعاء أو في حال الثناء عليه أو الإخبار عنه.. فأنت مخير .
- القسم الثالث وهي الأسماء المزدوجة:
وذلك عند من يثبت لله عز وجل الأسماء التي تكون متقابلة ولابد فيها من الاقتران وقد ذكرنا لكم من قبل الكلام في هذه القضية - عند الكلام على ضوابط ما يطلق على الله عز وجل من الأسماء ، من أهل العلم من لا يعتبر هذا من الأسماء ومنهم من أثبته من الأسماء كشيخ الإسلام ابن تيميه وابن القيم ، ,
وابن القيم رحمه الله يقول في هذا النوع في نونيته :
هذا ومن أسمائه ما ليس يفرد بل يقال إذا أتى بِقُرَانِ
لابد من الاقتران ولا يكون كمالاً إلا مع الاقتران
وهي التي تدعى بمزدوجاتها إفرادها خطرٌ على الإنسان
إذ ذاك – يعني إذا أفردتها– موهم نوع نقصٍ جل رب العرش عن عيب وعن نقصانِ
كالمانع المعطي وكالضار الذي هو نافع وكماله الأمران
ونظير ذا القابض المقرون باسم الباسط اللفظان مقترنان
وكذا المعز المذل وخافض مع رافع لفظان مزدوجان
الخافض الرافع ، المعز المذل ، النافع الضار ، عند من أثبت هذا في باب الأسماء والمسألة ترجع إلى الضابط الذي ذكرناه .
والعلماء مختلفون في هذه هل تعد من الأسماء الحسنى أم لا ؟
فمن أثبتها قال لا بد من الاقتران ، لا تقول الله الضار هكذا فقط ، تقول الله هو النافع الضار ، وما تقول الله هو المذل ، تقول هو المعز المذل ، ما تقول الله هو المانع ، تقول الله هو المعطي المانع . ما تكون كمالا إلا مع ذكر ما يقابلها ، هذه هي المزدوجات .
وضابطها :
ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقرونا بمقابله .
لأن الكمال في اقتران كل اسم منها بما يقابله ولهذا ما جاءت مفرده ولم تطلق عليه إلا مقترنة .
القاعدة الحادية والعشرين ::
أن الصفات أربعة أنواع :
نحن نتكلم عن الصفات من حيث هي ، الأوصاف من حيث هي ، بصرف النظر عن صفات الله عز وجل ، الصفات التي تطلق على الموصوفين
- منها ما هو صفات كمال مثل الكرم ، العزة ، الحكمة ، العلم ، وما شابه ذلك هي صفة كمال من كل وجه .
- ومنها ما يكون نقصا مثل : الظلم .
- ومنها ما لا يقتضي كمالا ولا نقصا من حيث هو
- ومنها ما يكون كمالا ونقصا باعتبارين :
1 – في حال يكون من قبيل الكمال
2 – وفي حال يكون من قبيل النقص .
فالله تبارك وتعالى منزه عن صفات النقص كلها ، وفيما يتعلق بالأوصاف نحن نثبت له الأوصاف الكاملة من كل وجه ، ويُثبت له من الأوصاف التي تكون كاملة من وجه وناقصة من وجه يُثبت له الكامل منها فقط ، مثل ما يقال مثلاً : في الكيد (( إنهم يكيدون كيدا وأكيد كيدا )) فالكيد في محله يكون كمالا ، وقد لا يكون كمالا في بعض المواضع فكما ذكرنا من قبل في معاني كون أسماء الله عز وجل الحسنى أن ما تحتمله من المعاني والأوصاف أننا نثبت لله عز وجل منها الأكمل ، أما ما كان ناقصا فإنه لا يثبت لله ، والله تبارك وتعالى ينزه عنه ، فهذه أربعة أنواع .
سمية ممتاز
15-03-08, 03:15 PM
القاعدة الثانية والعشرون ::
أن من أسمائه الحسنى ما يكون دالا على عدة صفات ، ويكون ذلك الإسم متناولا لجميعها تناول الاسم الدال على الصفة الواحدة لها
مثل :
الكريم يدل على صفة واحدة وهي الكرم ، الرحيم يدل على صفة الرحمة .
لكن هناك أسماء تدل على مجموعة من صفات الكمال ، من هذه الأسماء ما يدل على ثلاث صفات كمال ومنها ما يدل على أربع ومنها ما يدل خمس ومنها ما يدل على أكثر من ذلك .
فمن أسمائه مثلا التي تدل على مجموعة من الأوصاف العظيم ، المجيد ، الصمد ،
كما قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير (( الصمد )) هو السيد الذي قد كمل في سؤدده ، والشريف الذي قد كمل في شرفه ، والعظيم الذي قد كمل في عظمته ، والحليم الذي قد كمل في حلمه ، والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته ، وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده وهو الله سبحانه وتعالى ، وهذه صفة لا تنبغي إلا له ليس له كفواً احد (( ليس كمثله شيء )) سبحانه وتعالى لا يكافئه شيء ليس له كفوا وليس له نظير . أهـ
فانظروا كيف فسر ابن عباس رضي الله عنهما (( الصمد ))
بهذه المجموعة من الأوصاف الكاملة ، فما تستطيع أن تقول أن الصمد مثلاً مثل صفة الرحيم يدل على صفة الرحمة فقط ، وإنما يدل على مجموعة من الصفات الكاملة .
وقل مثل ذلك بالنسبة للرب : هو السيد الذي قد كمل في سيادته ، والمربي لخلقه ، والمتصرف فيهم ، وما إلى ذلك من المعاني .
*********
بعد ذلك ننتقل إلى قضية أخرى وهي ما يطلق على الله تبارك وتعالى من الصفات أو الأخبار
والمقصود بالصفة : هي تلك الاطلاقات التي وردت بها نصوص شرعية تدل على وصف الله تبارك وتعالى بها
وأما الخبر : فالمقصود به تلك الاطلاقات العامة الكلية التي لم يرد لوصف الله تبارك وتعالى بها دليل لا من الكتاب ولا من السنة وشرط جوازها كما ذكرنا من قبل أنها لا تحمل معاني غير لائقة بالله تبارك وتعالى, لا تشعر بذم ولا بنقص ولا عيب .
فهذه الاطلاقات على الله تبارك وتعالى من جهة الصفة والخبر تنقسم إلى ستة أقسام :
الأشياء التي نطلقها على الله عز وجل
- منها ما يرجع إلى الذات سواء كان ذالك في باب الصفات أو في باب الإخبار الذي هو أوسع من باب الصفات .. مثلا: حينما تقول الله ذات أو الله شيء هذا من باب الخبر ليس من أسماءه تبارك وتعالى ذلك ، لكن هذا من باب الإخبار تقول: الله موجود فهذه الأشياء ترجع إلى الذات .
- منها ما يرجع إلى صفات معنوية مثل: العلم .. القدرة.. السمع ..
- ومنها ما يرجع إلى الأفعال مثل : الخالق.. الرازق ..
- ومنها ما يرجع إلى التنزيه المحض مثل : القدوس ..السلام .. المقدس عن كل عيب ونقص, الطاهر من كل عيب لكن هذه كما قلنا يجب أن تكون متضمنة بثبوت كمال أضدادها فإذا قلت هو المنزه عن كل عيب هذا يقتضي أنه الكامل من كل وجه يعني الذي ثبتت له صفات الكمال .
- النوع الخامس : وهو الاسم الدال على جملة أوصاف متعددة لا تختص بصفة معينه كما مثلنا بالصمد أي مثل الصمد.
- النوع السادس : وهي الصفة الثالثة التي تحصل من اقتران الاسمين كما أشرت قبل قليل .. حينما يقول العزيز الحكيم نخرج بوصف ثالث ’’’ وهذا اتضح.
*****
أيضا من المسائل التي تُذكر في هذا الباب ما يتعلق بأنواع الصفات التي يوصف ربنا تبارك وتعالى بها.
يمكن أن نقسم الصفات باعتبارات مختلفة يعني أنت إذا نظرت إلى الشيء من جانبٍ معين تستطيع أن تقسمه إلى أقسام كما نقول في كثير من الدروس بأننا يمكن أن نقسم
الإنسان مثلا: فنقول بالنسبة إلى الجنس ينقسم إلى ذكر وأنثى ، وبالنسبة للدين ينقسم إلى مؤمن وكافر ، وبالنسبة للصحة والاعتلال ينقسم إلى صحيح وعليل وهكذا ..
فنحن حينما نقسم الشيء ننظر إليه من زوايا متعددة فينقسم باعتبارات مختلفة .
فالصفات يمكن أن تنقسم باعتبارات مختلفة متعددة
*** من حيث الإثبات والنفي :
- هناك عندنا صفات ثبوتيه – وهي ما أثبته الله عز وجل لنفسه أو أثبته له رسوله صلى الله عليه وسلم – مثل العزة , العلم , الحكمة , القدرة ، والضحك ، والكلام وما أشبه ذالك .
- وهناك صفات سلبية – وهي ما نفاه الله عز وجل عن نفسه أو نفاه عنه رسوله صلى الله عليه وسلم – وهذه أوصاف نقص ينزه عنها تبارك وتعالى مثل : السنة و النوم (( لا تأخذه سنة ولا نوم )) ولكن هذا كما قلنا يقتضي ثبوت كمال ضده ، فإذا قلت (( لا تأخذه سنة ولا نوم )) فهذا يتضمن كمال حياته وقيوميته فالحياة التي تعتريها السِنَة والنوم حياة ناقصة والله تبارك وتعالى منزه عن ذلك ..
النوع الثاني: من حيث التعلق بذات الله وأفعاله:
الاعتبار الثاني الذي يمكن أن نقسم به الصفات نقسمها من حيث التعلق بذات الله وأفعاله :
- فهناك صفات يقال لها الصفات الذاتية وهي التي لم يزل ولا يزال متصفاً بها مثل : العلم و القدر و الحياة والسمع و البصر و الوجه وهكذا اليدين فالله تبارك وتعالى هذه من صفاته الذاتية ..
- وهناك صفات فعليه وهذه تتعلق بمشيئته وإرادته إن شاء فعلها وان شاء لم يفعلها كالمجيء و النزول و الغضب و الفرح و الضحك كل هذا ثبت بالأحاديث وبعضة ثبت في القران وهذه تسمى بالصفات الاختيارية .
وأفعاله تبارك وتعالى نوعان :
نوع لازم – نوع متعدي ..
- فالاستواء على العرش و النزول ينزل ربنا إلى السماء الدنيا وهكذا الإتيان كل ذلك ثابت لله عز وجل وهو في الأفعال اللازمة ..
- وهناك أفعال متعديه مثل : الإعطاء والخلق والرزق .. فهذه تتعدى إلى معطى – إلى مرزوق – إلى مخلوق ، الخلق يقتضي مخلوقا وهكذا .
النوع الثالث: من حيث ثبوت الصفات والأدلة التي ثبتت بها :
الاعتبار الثالث الذي يمكن أن نقسم الصفات بالنظر إليه هو من حيث ثبوت الصفات والأدلة التي ثبتت بها ..
هناك ما يسمى بالصفات الخبرية وهذه التي تكون متوقفة على الخبر ,على الوحي , لا مدخل للعقل في إثباتها,, مثل ماذا ؟؟ حينما يخبرنا الله عز وجل بأن له وجه يليق بجلاله وعظمته – أو بأن له يدين – أو بأن له صفات : كالفرح – الضحك – الغضب ونحو ذلك .. هل يمكن أن نعرف هذا بالعقل ؟ أن الله يضحك مثلا ؟ لا .. هذا متوقف على النقل على السماع من الكتاب والسنة فقط .
وهناك صفات يقال لها سمعيه عقليه بمعنى أن العقل يدركها لكن نحن لا نثبت لله عز وجل صفة لمجرد العقل وإنما طريق ذلك الوحي, لكن من الصفات ما يدركه العقل مثل ماذا ؟؟ الآن الحياة أليس ذلك قد جاء في المنقول وهو أيضا العقل يدل عليه ؟ العقل يدل عليه أن الله متصف بالحياة العلم القدرة الإدارة الخلق الرزق الإعطاء أليس ذلك
كله يعرف بالعقل ؟ ما الذي خلق هذه السموات والأرض والجبال والناس وهذا الخلق العجيب الدقيق بهذه التفاصيل ؟ هو الله تبارك وتعالى فالعقل يدل على ذلك وهو ثابت أيضا في الكتاب والسنة فهذه يقال لها سمعيه عقليه يعني من جهة الدليل الذي عرفت به تنقسم بهذه الاعتبارات ...
******
والألفاظ لتي يعبر بها عن الله تبارك وتعالى في هذا الباب أيضا أقسام :
1 - منها ما يكون كمال مطلق لا نقص فيه بوجه من الوجوه فهذا يسمى الله به ويوصف به , طبعا لابد أن يكون ثابت في الكتاب أو السنة فهو كامل في ذاته وفي موضوعه ومتعلقه مثل السميع البصير فهذا ثابت في الكتاب والسنة وهي أوصاف كاملة من كل وجه في ذاتها وفي موضوعها ومتعلقها فهذه ثابتة لله تبارك وتعالى ويسمى الله بالسميع والبصير.
2 - وإما أن تدل على كمال في ذات اللفظ لا في موضوعه ومتعلقه لان الموضوع المتعلق منه ما هو محمود ومنه ما هو مذموم فيحتمل النقص بالتقدير فهذا لا يسمى الله به وإنما قد يوصف به أو يخبر به عنه ، فمثلًا الكلام هذا اللفظ من حيث هو يعتبر كمال لكن بالنظر إلى متعلقه قد يكون نقص وقد يكون كمال يتكلم بماذا ؟
الإنسان يوصف بأنه يتكلم ، لكن هذا الكلام قد يكون نقص بالنظر إلى متعلقه يعني ما يقع عليه الكلام ما يتكلم به الموضوع الذي يتحدث عنه قد يكون غيبه قد يكون كذب قد يكون نميمة فالكلام لا يكون كمال بالنظر إلى متعلقه في كل الحالات .
فمثل هذا لا يسمى الله به مثل الإرادة ، الإرادة من حيث هي كمال أليس كذلك ؟ لكن بالنظر إلى متعلقها قد يكون يريد الخير وقد يريد الشر هذا بالنسبة للموصوف بها بإطلاق لا نتحدث عن الله عز وجل ، فإذا كان الوصف بالنظر إلى متعلقه أو موضوعه يكون تارة كمال وتارة نقصا فإن الله لا يسمى به فلا يقال الله من أسمائه المريد .
المشيئة كمال من حيث هي لكن بالنظر إلى متعلقها قد تكون المشيئة للخير وقد تكون المشيئة للشر وقد تكون نقصا وقد تكون كمالا بالنظر إلى موضوعها ولهذا لا نسمى الله عز وجل بالشائي وهكذا ...
وقد تكون دالة على الكمال والنقص في ذاتها فهي تحتمل الكمال والنقص في معناها نفسه فهذا لا يطلق على الله عز وجل وإنما يذكر مقيداً مثل المكر والكيد والاستهزاء والمخادعة (( يخادعون الله وهو خادعهم )) (( يمكرون ويمكر الله ))
(( الله يستهزئ بهم ))
فهذه إنما تكون كمال بما قيدت به فقط ولهذا لا يسمى الله تبارك وتعالى بشيء من ذلك .
انتهينا من القواعد .
******************************************************
ننتقل إلى الخامس عشر وهي لفته وفي ضمنها دعوة إلى التأمل فيما يذكره الله تبارك وتعالى لنا في كتابه مما نجده في كثير من الآيات من تذييل الآيات الأسماء الحسنى وهذا له دلالة ينبغي أن يتدبر الإنسان وان يتفطن لهذا المعنى فإذا تأملت هذه الأسماء التي تختم بها الآيات فانك يمكن أن تستخرج جملة أمور
الأمر الأول أن ذلك يكون تارةً للدلالة على أن الشرع والأمر والخلق كله صادر عن أسمائه الحسنى ومرتبط بها وإليكم هذا المثال من سورة الحج من الآية ( من 59 إلى 65 ) انظر ما ذكر الله تبارك وتعالى فيها الله عز وجل يقول لما ذكر الذين هاجروا في سبيله ثم قتلوا أو ماتوا وعد بأنه سيرزقهم رزقا حسنا قال (( ليدخلنهم مدخلا يرضونه وان الله لعليم حليم )) فختم هذه الآية بالعليم الحليم ، وهذا يقتضي علمه بنياتهم الجميلة وأعمالهم الجليلة هؤلاء هاجروا ثم قتلوا أو ماتوا ومقاماتهم العالية الشامخة فيجازيهم على ذلك بالفضل العظيم ويعفوا ويحلم عن سيئاتهم فكأنهم ما فعلوها ، ولهذا قال وان الله لعليم حليم ، عليم بأعمالهم وما خرجوا من اجله وما لاقوا من الشدائد والمشقات والأذى في سبيله ، وهو حليم لا يعاجل عدوهم بالعقوبة وإنما يمهل وهو أيضا يحلم عن سيئاتهم وتقصيرهم وجناياتهم .
ثم قال الله تبارك وتعالى بعدها (( ذلك ومن عاقب بمثل ما عوقب ثم بغي عليه لينصرنه الله إن الله لعفو غفور )) هؤلاء الذين أوذوا واُخرجوا من ديارهم وأخذت أموالهم وأصيبوا في أبدانهم إذا حصل منهم انتقام فليس عليهم في ذلك حرج (( لينصرنه الله إن الله لعفو غفور )) فختم بهذين الاسمين فانه أباح المعاقبة بالمثل وندب إلى مقام الفضل وهو العفو وعدم معاقبة المسيء وانه ينبغي لكم أن تعبدوا الله بالاقتداء والعمل بهذين الوصفين لتنالوا عفوه ومغفرته فهو العفو الغفور ، يقول من انتقم لا حرج عليه ثم قال لهم في أسمائه إن الله لعفو غفور يرشدهم إلى العفو الغفر وإنها لمرتبه أعلى .
ثم قال بعدها (( ذلك بأن الله يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وأن الله سميع بصير )) وهذا يقتضي سمعه لجميع أصوات ما سكن في الليل والنهار وبصره بحركاتهم على اختلاف الأوقات وتباين الأحوال, ثم قال (( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير )) وذلك لأن علوه المطلق وكبريائه وعظمته ومجده تضمحل معها جميع المخلوقات ويبطل معها كل ما عبد من دونه وبإثبات كمال علوه وكبريائه يتعين أنه هو الحق و ما سواه هو الباطل هو الكبير العلي وما دونه فزيف أو زيوف لا اعتداد بها من الآلهة المدعاة ما يعبد من دون الله تبارك وتعالى .
ثم قال بعده (( الم ترى أن الله انزل من السماء ماء فتصبح الأرض مخضرة إن الله لطيف خبير )) فذكر هذين الاسمين اللطيف و الخبير الدالين على سعة علمه ودقيق خبرته بالبواطن كالظواهر.
ثم قال (( له ما في السموات وما في الأرض وان الله لهو الغني الحميد )) فختم بهذين الاسمين الغني الحميد بعدما ذكر ملكه للسموات والأرض وما فيها من المخلوقات وانه لم يخلقها لحاجة منه فإنه الغني غناً مطلق .. خلقها لا ليتكمل بها سبحانه وتعالى فهو الحميد الكامل ليدل خلقه على أنهم جميعاً فقراء إليه من جميع الوجوه وذلك يستوجب عليهم أن يعرفوه بأنه الحميد في أقداره والحميد في شرعة والحميد في جزاءه فله الحمد المطلق ذاتاً وصفاتا وأيضا وأفعالا, ثم قال (( ألم تر أن الله سخر لكم ما في الأرض والفلك تجري في البحر بأمره ويمسك السماء أن تقع على الأرض إلا بإذنه إن الله بالناس لرؤوف رحيم )) ختم بهذين الإسمين الرؤوف والرحيم فإن من رأفته ورحمته تسخيره المخلوقات لبني آدم وحفظ السموات والأرض وإبقائها وإمساكها لئلا تزول فتختل مصالحهم ..
ومن رأفته ورحمته أن سخر لهم البحار لتجري الفلك في منافعهم ومصالحهم فرحمهم حيث خلق لهم المسكن وأودع لهم فيه كل ما يحتاجونه وحفظه عليهم وأبقاه وهكذا انظر إلى الآيات عموما في كتاب الله عز وجل تجد أشياء من هذا ..
الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله في القواعد الحسان ذكر ذلك وتكلم عليه بكلام جميل فليراجع .
أمر آخر مما يمكن أن نستخرجه من النظر والتأمل في ختم الآيات بالأسماء الحسنى :
إن الله يذكر ذلك ليبين أن الحكم المذكور بالآية له تعلق بالاسم فيكون هذا الاسم كالتعليل للحكم انظروا مثلاً لقوله تعالى حينما قال موسى لقومه (( يا قومي إنكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا إلى بارئكم فاقتلوا أنفسكم ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم إنه هو التواب الرحيم )).
وإن هنا تشعر بالتعليل تاب عليكم . كـأنه يقول لأنه هو التواب الرحيم
أمر ثالث :
إن الله قد يذكر الاسم في آخر الآية دون ذكر الحكم والجزاء فيها تنبيهاً لعباده أنهم إذا عرفوا الله بذلك الاسم العظيم عرفوا ما يترتب عليه من أحكام وان ذلك الحكم من آثار هذا الاسم. مثال :
بعدما ذكر الله جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا قال : (( إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فأعلموا أن الله غفور رحيم ))ما قال إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاتركوهم أو فأعفوا عنهم ما ذكر الحكم في هؤلاء الذين تابوا قبل التمكن منهم لكنه قال (( فأعلموا أن الله غفور رحيم )) بمعنى اتركوهم.. وهذا ظاهر على كل حال من الآية ..
أمر الرابع : يمكن أن نستنبطه
وهو أن الله قد يختم بعض الآيات بالأسماء الحسنى تعليلا للأمر الوارد في الآية أو تعليلا للنهي الوارد فيها ، مثالا على تعليل الأمر (( فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم )) والله عز وجل يقول (( واستغفروا ربكم ثم توبوا إليه إن ربي رحيم ودود )) لماذا نستغفره ونتوب إليه ؟؟ من اجل أن يرحمنا فختم الآية بهذين الاسمين ليكون ذلك تعليلا للأمر بالاستغفار والتوبة وفيه حث عليهما .
الأمر الخامس :
وهو أن الله قد يختم بعض الآيات التي فيها دعاء باسم واحد أو اسمين يتناسبان مع الدعاء المطلوب وهذا من الأدب في دعاء الله عز وجل بأسمائه الحسنى.. الله يقول
(( وإذ يرفع إبراهيم القواعد من البيت وإسماعيل ربنا تقبل منا انك أنت السميع العليم * ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا امة مسلمة لك وأرنا مناسكنا وتب علينا انك أنت التواب الرحيم )) وقال تعالى (( ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب )) هبنا إنك أنت الوهاب .
الأمر السادس :
إن بعض الآيات تختم باسمين مختلفين تماما في المعنى وذلك لإفادة حكمين مختلفين وردا في الآية فيتعلق مقتضى الاسمين بكل من الحالتين والحكمين المختلفين كل اسم بما يناسبه ، انظر مثلا الله سبحانه وتعالى يقول بعد ما يذكر قصص الأنبياء في سورة الشعراء : (( وإن ربك لهو العزيز الرحيم )) فكل قصة من قصص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تضمنت نجاة النبي وأتباعه وهذا بلطف الله ورحمته وتضمنت إهلاك المكذبين لهم وذلك من آثار عزته فإذا ذكر قصة نبي قال (( وإن ربك لهو العزيز الرحيم )) بعزته قهر هؤلاء المكذبين وبرحمته نجا المؤمنين فذكر العزة والرحمة مع إن الغالب إن الذي يذكر مع الرحمة المغفرة هنا ذكر معها العزة لان الآيات تضمنت هذا وهذا .
الأمر السابع :
إن بعض الآيات قد تختم أحيانا ببعض الأسماء التي قد يتوهم السامع أنه لا مناسبة بينها وبين موضوع الآية أو الدعاء الوارد فيها إن كان فيها دعاء أو نحو ذلك ، لكن الواقع انه في غاية المناسبة فمثلاً : في سورة المائدة فيما قص الله عز وجل من خبر عيسى صلى الله عليه وسلم في الآخرة ، فعيسى عليه الصلاة والسلام حينما يسأله ربه تبارك وتعالى
(( أأنت قلت للناس اتخذوني وأمي إلهين من دون الله قال سبحانك ما يكون لي أن أقول ما ليس لي بحق ........ إن تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فانك أنت العزيز الحكيم )) قد يتبادر إلى كثير من الأذهان أنه هنا يقال الغفور الرحيم فلماذا قال العزيز الحكيم ؟؟ قد أجبنا عن هذا في بعض المناسبات بان هذا المقام مقام يغضب فيه الرب تبارك وتعالى غضباً لم يغضب قبل مثله ولن يغضب بعده مثله وهؤلاء نسبوا له الصاحبة والولد وجاءوا بهذا الإجرام العظيم , فعيسى صلى الله عليه وسلم لا يريد أن يجعل نفسه مدافعا عنهم محاميا عنهم في ذلك المقام ويطلب لهم المغفرة والرحمة وإنما يقول هؤلاء عبادك بين يديك إن غفرت فأنت الغفور الرحيم وان عذبت فانك أنت العزيز الحكيم وهناك معنى آخر وهو أنك إن غفرت فليس ذلك عن عجز بالمؤاخذة و إن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم تغفر وأنت قادر عليهم وعلى معاقبتهم وأخذهم ..
الأمر الثامن والأخير :
وهو أن من ألطف مقامات الرجاء أن يذكر الله أسباب الرحمة وأسباب العقوبة ثم يختمها بما يدل على الرحمة وهذا تجدونه في مواضع كثير في القران الله سبحانه وتعالى يقول (( يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء )) لم يقل مثلا العزيز القوي لا قال (( والله غفور رحيم )) يقول مثلا (( ليعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات ويتوب الله على المؤمنين والمؤمنات وكان الله غفورا رحيما )) فهذا يدل على أن رحمة الله عز وجل قد سبقت غضبه جل جلاله ..
***********************
سمية ممتاز
15-03-08, 03:16 PM
ننتقل بعد ذلك إلى السادس عشر
وهو ما يتعلق بأهمية معرفة الأسماء الحسنى والصفات العلى .
أقول أولاً أيها الأحبة العلم بذلك هو اشرف العلوم ، الناس قديماً وحديثا أولعوا بالعلم والمعرفة والاكتشاف والبحث حتى الصغير يكسر اللعبة وما يقع في يده.. ليكتشف ما الذي يحصل , ويضع يده على النار ويضع في فمه كل ما يقع في يده ليكتشف هذا الذي وجده ما هو ، فهذه غريزة في الإنسان . والناس يتنافسون في مراكز الأبحاث في العالم الذين يقدرون البحث والعلم والمعرفة وينفقون عليها الأموال الطائلة المليارات كل ذلك من أجل المزيد من العلوم والمعارف ، فينقبون ويبحثون ويرسلون الآلات والمراكب الفضائية والغواصات ويجوبون القفار ويبحثون في باطن الأرض وفي كل مكان من أجل الاكتشاف والمعرفة والوصول الى العلم والحقيقة وما إلى ذلك .
وتفرعت العلوم وتنوعت وكثرت التخصصات وانتسب إليها الخلائق الذين لا يحصيهم إلا الله تبارك وتعالى بألوان المعارف الدقيقة حتى صار التخصص ينقسم إلى تخصصات فرعية جزئية يمكن أن ينقسم الواحد منها أيضا إلى تخصصات .
وهذه علوم تتفاوت في شرفها تفاوتا عظيما .
أقول إذا كان الأمر كذلك أيها الأحبة والناس يتسابقون في العلم والمعرفة فالعلم بالله وأسمائه وصفاته هو أشرف العلوم على الإطلاق ومع ذلك نجد الخلق عنه في غفلة إلا من رحم الله تبارك وتعالى فأين الذين يتنافسون في هذا ؟؟ ليتعرفوا على الله عز وجل من خلال ما ذكره من أسمائه وصفاته وما ذكره رسوله صلى الله عليه وسلم .
أين الانكباب على دراسة هذه الأشياء ومعانيها وما لها من الآثار العظيمة في النفس والخلق والشرع ؟! فهذا العلم أيها الأحبة مطلوب لنفسه مرادٌ لذاته ، فالله عز وجل يقول : (( الله الذي خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علما )) فأخبر أنه خلق السموات والأرض ونزل الأمر بينهن لِيُعْلَم أنه بكل شيء عليم.. ليعلمنا أنه عالم عليم بكل الأشياء وانه على كل شيء قدير فهذا العلم هو غاية الخلق المطلوبة : أن يعلموا أن الله هو الواحد الأحد الفرد الصمد الذي يفعل ما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه فهو الذي يستحق التأليه وحده والعبادة فالله يقول (( فاعلم انه لا اله إلا الله )) فالعلم بوحدانيته تعالى وأنه لا إله إلا هو مطلوب لذاته وإن كان لا يُكتفى به وحده بل لابد معه من عبادته وحده لا شريك له فهما أمران مطلوبان لأنفسهما أن يُعرف المعبود بأسمائه وصفاته وأفعاله وأحكامه وأن يُعبد بموجب ذلك ومقتضاه .
وعلى كل حال كما ذكرنا بأن شرف العلم بشرف المعلوم وشرف العلم بشرف متعلقه فلما كان الطب مثلا الذي يتعلق ببدن الإنسان أشرف من الطب الذي يتعلق ببدن الحيوان فالطبيب البشري أشرف من الطبيب البيطري بالمهنة , والذي يعمل بالمعادن و يشتغل بالذهب غير الذي يشتغل بالحديد فهذا حداد وهذا صائغ للذهب فصنعة هذا أفضل من صنعة هذا , والذي يشتغل الطب ويشتغل بطبابة القلوب اشرف من الذي يشتغل بطبابة مثلا الجلد أو اشرف من الذي يشتغل بطبابة الركبة وهذا أمر معلوم والأطباء يعرفون هذا على كل حال هذا في كل التخصصات وفي كل العلوم فشرف العلم تابع لشرف معلومه .
ولا ريب أن أشرف معلوم وأعظمه وأكبره وأكرمه هو الله تبارك وتعالى الذي لا اله إلا هو رب العالمين وقيوم السموات والأرضين فأصل كل معلوم ومنشأه هو العلم بالله تبارك وتعالى فمن عرف الله عرف ما سواه ومن جهل ربه فهو لما سواه أجهل كما قال الله تعالى (( ولا تكونوا كالذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم )) والقرآن كما نشاهد لا تكاد تخلوا آية من آياته من صفة لله سبحانه وتعالى أو اسم من أسمائه الحسنى كما يقول الشيخ تقي الدين ابن تيميه رحمه الله بأن القرآن فيه من ذكر أسماء الله وصفاته وأفعاله أكثر من ما فيه من ذكر الأكل والشرب والنكاح في الجنة مثلا والآيات المتضمنة لذكر أسماء الله وصفاته أعظم قدراً من آيات المعاني لان أعظم آية في القران هي آية الكرسي المتضمنة لجملة من أسماء الله وصفاته الكاملة، وذلك ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم لما قال لأبي بن كعب أتدري أي آية في كتاب الله أعظم ؟ قال : الله لا اله إلا هو الحي القيوم وقال له النبي صلى الله عليه وسلم ليهنك العلم أبا المنذر يعني هنيئا لك بالعلم حينما عرفت ووقعت على هذا المعلوم على هذه المعرفة التي ميزت بها هذا التمييز .
وأفضل سورة في القران هي أم القران الفاتحة كما في حديث أبي سعيد ابن المعلى في الصحيح لما قال له النبي صلى الله عليه وسلم انه لم ينزل في التوراة ولا في الإنجيل ولا في الزبور ولا في القران مثلها وهي السبع المثاني والقران العظيم الذي أوتيته وفيها من ذكر أسماء الله وصفاته أعظم مما فيها من ذكر المعاد كما لا يحفى .
وقد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قل هو الله احد تعدل ثلث القران وقل هو الله احد إنما هي في صفة المعبود جل جلاله.
والأمر الثاني مما يدل على أهميتها ، أهمية معرفة الأسماء والصفات أن ذلك هو أساس الإسلام ، الإيمان بأسماء الله وصفاته هو أساس الإسلام ، وهو الطريق إلى معرفة الله عز وجل فهذا هو أصل الدين وسر العبودية كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية وأساس الهداية وأفضل ما اكتسبته القلوب وحصّلته النفوس وأدركته العقول وذلك أن معرفة الله جل جلاله هو غاية المعارف وعبادته اشرف المقاصد والوصول إليه غاية المطالب بل هذا كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية :خلاصة الدعوة النبوية وزبدة الرسالة الإلهية .
كما إن سر العبودية وغايتها وحكمتها إنما يطلع عليها من عرف صفات الرب جل جلاله ولا نعطلها وعرف معنى الإلهية وحقيقتها كما يقول ابن القيم , وبهذا نعرف أن أجل الفوائد أيها الأحبة وأشرفها ما دل عليه الكتاب العزيز من معرفة الله بصفات كماله ونعوت جلاله وآياته ومخلوقاته ومعرفة ما يترتب على ذلك من عبادته وطاعته وتعظيم أمره ونهيه فهذان الأصلان هما زبدة الرسالة ومقصود النبوة ومدار الأحكام عليهما ، وإذا شاء العباد أن يعرفوا ربهم ومعبودهم ويزدادوا به علماً فليس أمامهم من طريق إلا التعرف عليه عبر النصوص الواصفة له والمصرحة بأفعاله وأسمائه ، لان الله غيب لا يرى في الدنيا ، كيف نعرفه إلا عن طريق النظر في معاني الأسماء الحسنى والصفات الكاملة ، والله تبارك وتعالى أوجز في القرآن خلاصة الرسالات السماوية في آية واحدة وهو قوله : (( وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه انه لا اله إلا أنا فاعبدون )) وقال أيضا موجزاً خلاصة ما أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم في قوله (( قل إنما يوحى إلي إنما إلهكم إله واحد فهل أنتم مسلمون )) فمفتاح الدعوة الإلهية معرفة الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى لأنه كما قال شارح الطحاوية _ لا حياة للقلوب ولا نعيم ولا لذة ولا سرور ولا أمان ولا طمأنينة إلا بأن تعرف ربها ومعبودها وفاطرها بما سمى به نفسه أو وصف به نفسه ويكون أحب إليها مما سواه ويكون سعيها فيما يقربها إليه ويدنيها من مرضاته فبعث ربنا تبارك وتعالى الرسل وجعل مفتاح دعوتهم وزبدة رسالتهم معرفة المعبود الحق بأسمائه وصفاته وأفعاله - فهو سبحانه وتعالى مستو على عرشه كما يقول ابن القيم يكلم ملائكته ويدبر مملكته ويسمع أصوات خلقه ويرى أفعالهم وحركاتهم ويشاهد بواطنهم كما يشاهد ظواهرهم يأمر وينهى ويرضى ويغضب ويحب ويسخط ويضحك من قنوطهم وقرب غِيَرِه يجيب دعوة مضطرهم ويغيث ملهوفهم ويعين محتاجهم ويجبر كسيرهم ويغني فقيرهم ويميت ويحيي ويمنع ويعطي ويؤتي الحكمة من يشاء مالك الملك يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء بيده الخير وهو على كل شيء قدير ,,كل يوم هو في شأن,, يغفر ذنبا ويفرج كربا ويفك عانيا وينصر مظلوما ويرحم مسكينا ويغيث ملهوفا ويسوق الأقدار إلى مواقيتها ويجريها على نظامها ويقدم ما يشاء تقديمه ويؤخر ما يشاء تأخيره فالأمور كلها بيده وكيف تصمد القلوب إلى من ليس كما يقول أهل الكلام من ليس بداخل العالم ولا خارجه ولا متصلاً به ولا منفصلاً عنه ، وكيف تأله القلوب من لا يسمع كلامها ولا يرى مكانها ولا يُحِبُّ ولا يُحَبُّ تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا .
وقد ذكر أبو القاسم الاصبهاني صاحب كتاب الحجة نقل عن بعض أهل العلم يقول لو أن رجلا أراد أن يتزوج إلى رجل أو يزوجه أو يعامله طلب أن يعرف اسمه وكنيته واسم أبيه واسم جده وسأل عن صغير أمره وكبيره ، فالله الذي خلقنا ورزقنا نرجو رحمته ونخاف من سخطته أولى أن نعرف أسمائه ونعرف تفسيرها .
فالمقصود أيها الأحبة انه لا يستقر للعبد قدمٌ في المعرفة بل ولا في الإيمان حتى يؤمن بصفات الرب جل جلاله ويعرفها معرفة تخرجه عن حد الجهل بربه ، فالإيمان بالصفات وتعرّفها هو أساس الإسلام وقاعدة الإيمان وثمرة شجرة الإحسان كما قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في المد ارج .
والتوحيد الذي جاءت به الرسل عليهم الصلاة والسلام نوعان :
1 – نوع في العلم والاعتقاد
2- ونوع في الإرادة والقصد
ويسمى الأول التوحيد العلمي والثاني التوحيد القصدي والإرادي
لتعلق الأول بالإخبار والمعرفة والثاني بالقصد والإرادة ،
ومدار النوع الأول من التوحيد على إثبات صفات الكمال لله تبارك وتعالى وعلى نفي التشبيه والمثال عنه وتنزيهه عن العيوب والنقائص .
بل قال الشيخ عبد الرحمن ابن السعدي رحمه الله بأن الإيمان بأسماء الله الحسنى ومعرفتها يتضمن أنواعا من التوحيد الثلاثة
توحيد الإلوهية
توحيد الربوبية
توحيد الأسماء والصفات
وهذه الأنواع هي روح الإيمان وروحه وأصله وغايته ، فكلما ازداد العبد معرفة بأسماء الله وصفاته ازداد إيمانه وقوي يقينه .
والمقصود أيها الأحبة أنه على أساس العلم الصحيح بالله وبأسمائه وصفاته يقوم الإيمان الصحيح والتوحيد الخالص وتُبنى مطالب الرسالة فهذا التوحيد هو أساس الهداية والإيمان وهو أصل الدين الذي يقوم عليه ، ولذلك فانه لا يُتصور إيمان صحيح ممن لا يعرف ربه فهذه المعرفة لازمة لإنعقاد أصل الإيمان وهي مهمة جداً للمؤمن لشدة حاجته إليها لسلامة قلبه وصلاح معتقداته واستقامة أعماله .
وقد جعل الله عز وجل منكر صفاته مسيء الظن به وتوعده بما لم يتوعد به غيره من أهل الشرك والكفر والكبائر فقال(( وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ))
ظنوا أن الله لا يعلم كثيرا مما يعملون فأرداهم هذا الظن وقد قال الله عز وجل في الظانين به ظن السوء (( عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا )) الذي لا يعرف الله معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته قد يسيء الظن به ، ولمّا كان أحب الأشياء إليه تبارك وتعالى حمده ومدحه والثناء عليه بأسمائه وصفاته وأفعاله كان إنكارها وجحدها أعظم الإلحاد والكفر به وهو شرٌ من الشرك كما يقول الحافظ ابن القيم : المعطل شَرٌّ من المشرك لأنه لا يستوي من جحد صفات الملك وجحد ملكه وجحد أوصافه الكاملة لا يستوي هذا مع من أشرك به غيره ، فهذا الأول الذي جحد أوصاف الكمال عطله من كل شيء وذاك المشرك أثبت له أوصافا ولكنه جعل له شريكا آخر
على كل حال يذكر ابن القيم رحمه الله أن جميع الشرك الموجود في العالم أن أصله يرجع إلى التعطيل وهذا إذا تأملته تجده صحيحا ، ويقول الإمام الدارني: لن يدخل الإيمان قلب رجل حتى يعلم أن الله لم يزل إلها واحدا في جميع أسمائه وصفاته .
بل إن ابن القيم رحمه الله يقول وهذا باب حرام على الجهمية المعطل أن يلجه إلى الجنة حرام عليه ريحها .
ذكرنا هنا قضيتين مما يبين أهمية معرفة الأسماء والصفات .
الأسئلة:
في الدرس الماضي قال أحد الأخوان بأن اسم الستير بفتح السين وذكرت أني سأراجعه وقد راجعته..
فيه رويتان : بكسر السين وتشديد التاء مكسورة (سِتِّير) قال المناوي: ستير بالكسر والتشديد.
وبعضهم فتح السين وكسر التاء مخففة (سَتِير).
هل البديع من أسماء الله؟ (( بديع السماوات والأرض))
البديع هكذا بإفراده ليس من أسماء الله عز وجل
وبعضهم قال إن من أسمائه كما ذكرنا بعض العلماء يثبت بالإضافة أو بالتقييد بعض الأسماء مثلا بديع السماوات والأرض بعضهم جعله من الأسماء.
ما جاء مضافاً كـ ((خير الوارثين)) ؟
أخذ بعض العلماء منه اسم الوارث , الله عز وجل يقول ((ونحن الوارثون)) فكثير من أهل العلم ذكر هذا في أسماء الله الحسنى ولكن هذا يرجع الى ما ذكرته قبل في الضابط, فمن قال إن المضافة أو المقيدة أو نحو ذلك لا تدخل في الأسماء لم يعتبره .
وهكذا ((أسرع الحاسبين)) فهل يُقال الحاسب؟
لا , كثير من أهل العلم ذكر الحاسبين والله عز وجل يقول (( وكفى بنا حاسبين )) بصيغة الجمع المفيدة للتعظيم (( وكفى بالله حسيبا)) الافراد
فذكروا الحسيب ذكره كثير أكثر من تكلم عن الأسماء الحسنى يذكر الحسيب في جملة الأسماء.
و كـ (( إنا من المجرمين منتقمون)) هل المنتقم ؟
المنتقم ليس من أسماء الله عز وجل .
و كـ (( نور السماوات والأرض)) ؟
هذا ذكره بعض أهل العلم كما ذكرت في إجابات سابقة
ذكره شيخ الإسلام وابن قيم والشيخ عبد الرحمن ابن سعدي
وفي كتاب الشيخ سعيد بن وهب القحطاني الأسماء الموجودة فيه قال أنه قرأها على الشيخ بن عبد العزيز بن باز وأقرها وما قال إنه ليس من أسمائه أزلتها , فهي مُقرة من الشيخ رحمه الله , فالحاصل أنه ذكر من جملة الأسماء نور السماوات والأرض بهذا القيد
على كل حال ابن قيم صرح في عدد من كتبه منها النونية أن النور من أسماء الله تبارك وتعالى
هل لابد في الأسماء المضافة أن يطلق الإسم كاملاً بالإضافة؟ هذا تكلمنا عليه
أم يجوز الإقتصار على المضاف والمضاف إليه؟
من قال إن المضافات تطلق على الله عز وجل فهو بالإضافة
جاء عن الإمام أحمد يا دليل الحائرين , هل هذا من الأسماء أم لابد أن يكون الدعاء في كتاب الله؟
بالنسبة للدعاء الأفضل والأكمل أن يكون مما ورد في الأسماء الحسنى, لكن من الناس من يتوسع في هذا فيذكر ما يصح إطلاقه في باب الخبر , فيقول مثلاً يا واهب ومعطي ويا مانح الخير امنحني أو يا مانح الذرية امنحني ذرية , بعض الناس يقول هذا والأحسن أن يدعو الله بأسمائه الحسنى الثابتة في الكتاب والسنة والله تعالى يقول : (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها ...))
تبقى شيء يسير سنأتي به قريباً بإذن الله
أم أسماء
17-03-08, 04:11 PM
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الأنبياء والمرسلين نبينا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين .
أما بعد ...
فسلام الله عليكم ورحمته وبركاته
وأسال الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا المجلس نافعا مباركا مقربا إلى وجهه الكريم ، وان يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته .
أيها الأحبة :
ذكرنا في المجالس الثلاثة السابقة خمس قضايا مما يتعلق بهذه المقدمات وفي هذه الليلة نذكر القضية السادسة وما يتيسر ذكره بعدها بإذن الله تبارك وتعالى .
فالسادس أيها الأحبة :
هو في الكلام على الحكمة على من حصر الثواب المخصوص الوارد في الحديث الذي اشرنا إليه سابقا (( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة )).
ما الحكمة من حصر الثواب المخصوص بهذا العدد المعين ؟
العلماء تكلموا في هذه المسألة ، وحاول بعضهم أن يستنبط توجيها لذلك . ولكن ذلك لا ينبني على دليل ، ومثل هذه الأمور إنما تؤخذ عن المعصوم صلى الله عليه وسلم .
والله تبارك وتعالى لم يخبرنا عن شيء من هذه العلل التي ذكرها العلماء رحمهم الله .
ولهذا يقال وهو قول الأكثرين بان ذلك تعبد لا يُعْقلْ معناه كما في عدد الصلوات الخمس ، لا يُعْقلْ معناه بالنسبة إلينا وإلا فلا شك أن له معنى وان الله تبارك وتعالى يعلمه ولكن نحن لا نعقل ذلك لا تصل إليه عقولنا والتعليلات كما هو معلوم
- منها ما يكون خفيا على العباد أي أن العلة يقال عنها تعبدية لا تظهر للناس فهذه الواجب فيها التسليم والانقياد والتصديق وتفويض ما خفي علينا إلى عالمه جل جلاله .
والنوع الثاني وهي العلل المستنبطة وهذه أيضا على مراتب
- منها ما يكون ذلك ظاهرا
- ومنها ما يكون ظهوره اقل ، فتارة نجزم بان هذه هي العلة كعلة مثلا تحريم الخمر – نقول العلة في ذلك الإسكار – لا للونه ولا لرائحته ولا لأنه يلقي بالزبد وإنما لأنه يسكر فحيث وجدت العلة وجد التحريم في كل مشموم أو مطعوم أو مشروب أو يتعاطى بطريقة أخرى كالوخز بالإبر فهذا كله يحرم مما يحصل به تغيير العقل .
- وهناك علل أبانها الشارع ونص عليها وهذه لاشك إننا نعلمها من بيان الشارع لها .
سابعاً : في ذكر الروايات التي سردت الأسماء الحسنى .
حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه الذي يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم
: (( إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة )) رواه عن أبي هريرة رضي الله عنه خمسة من التابعين والكلام فيه وفي تخريجه يطول ، ولكن ذلك لا حاجة إليه ، لإن الحديث مُخَرَجٌ في الصحيحين .
والحديث إذا أخرجه الشيخان – أعني البخاري ومسلم – رحمهم الله فإنه يكون قد جاوز القنطرة . لا نحتاج أن نذكر إسناده أو نتكلم على هذه الطرق أو نشرحها فهو مخرج في الصحيحين .
لكن الكلام أيها الأحبة على الروايات التي جاء فيها بعد هذا الحديث سرد للأسماء الحسنى فتلك في غير الصحيحين .
وهذه الروايات لاسيما رواية الترمذي ، انتشرت بين الناس وصار بعض المصنفين يضع ذلك في أول كتابه ، وطبعها آخرون وصارت تعلق على الجدران ، وأعتمدها بعضهم فيما يضعه في أول العام من التقاويم والرزنامات ونحو ذلك .
وصارت بذلك السياق يقرأها الصغير والكبير ، العامة والخاصة ، وكثير من الناس لا يميز .
فهذه الروايات حديث أبي هريرة الذي جاء فيه سرد هذه الأسماء ، جاء من ثلاثة طرق
الأول هو طريق عبد العزيز ابن الحصين
وهذا أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات ، والحاكم في المستدرك
الطريق الثاني وهو طريق عبد الملك ابن محمد الصنعاني
وهذا الطريق أيضا هو عن أبي هريرة ، فهذا أخرجه ابن ماجه
الطريق الثالث وهو المشهور جدا وهو طريق الوليد ابن مسلم الدمشقي وهذا مخرج عند الترمذي وابن مندى في التوحيد والبيهقي في السنن والاعتقاد وفي كتابه أيضا في الأسماء والصفات ، وهكذا أخرجه الحاكم والبغوي في شرح السنة وغير هؤلاء.
فهذه الطرق الثلاثة أيها الأحبة ليس شيء منها في الصحيحين .
الطريق الأول مداره على عبد العزيز أبن الحصين ، وعبد العزيز أبن الحصين هذا ضعّفهُ أهل العلم في الرواية ، حتى قال الأمام مسلم صاحب الصحيح قال عنه : ذاهب الحديث ، وضعفه أيضا ابن معين وآخرون بل قال الحافظ أبن حجر رحمه الله : متفقٌ على ضعفه .
والطريق الثاني وهو عن عبد الملك بن محمد الصنعاني وهذا أيضا لا يحتج بحديثه كما قال ذلك الأئمة النقاد .
والطريق الثالث مداره على الوليد بن مسلم الدمشقي .
والوليد بن مسلم الدمشقي معروف بالتدليس ، بل اشتهر وعرف وكثُرَ تمثيل العلماء به على شر أنواع التدليس وهو تدليس التسوية .
قال عنه الحافظ أبن حجر رحمه الله ثِقَةٌ لكنه كثير التدليس والتسوية . فهو عندهم ثقة إذا صرح بالسماع ، وهو في هذا الحديث قد صرح به حيث عبر ( بـ... أخبرنا ) .
والوليد أبن مسلم الذي جاء في روايته عند الترمذي وغيرها كما عرفتم سرد الأسماء الحسنى ، جاء في بعض الروايات عنه الحديث مجرداً عن ذكرها .
إذا ليست كل الروايات عن الوليد أبن مسلم فيها سرد الأسماء الحسنى ، وإنما ذلك في بعضها ، فكان تارةً يرويه مع سرد الأسماء وتارةً يرويه من غير هذا السرد .
الحديث ضعّفه أهل العلم من جهات متعددة ، تكلموا عليه من جهة المتن ، وذكروا أموراً قادحة ، فمن ذلك ما ذكره الحافظ أبن حجر رحمه الله في الفتح يقول : وليست العلة عند الشيخين – يعني البخاري ومسلم – تفرد الوليد فقط بل الاختلاف فيه – في الحديث – والاضطراب ، كما سيأتي الاضطراب في المتن وتدليسه واحتمال الإدراج وغيرها من العلل .
أما الاختلاف بين الروايات والاضطراب بينها فهذا حاصل بين الطرق الثلاثة التي أشرت إليها – التي فيها سرد الأسماء الحسنى – فلم تتفق روايتان على الأسماء المذكورة اتفاقا كاملا بل تفاوتت ، كما أن الروايات عن الوليد بن مسلم نفسه بينها اختلاف واضطراب .
فالرواية المشهورة عن الوليد بن مسلم وهي التي أخرجها الترمذي قد خالفها رواية أخرى عند الطبراني عن الوليد بن مسلم ، ففي رواية الطبراني وقع اختلاف بينها وبين رواية الترمذي في عدة أسماء فمثلاً : القائم الدائم بدل من القابض الباسط في رواية الوليد نفسه أختلف الشديد بدل الرشيد ، الأعلى ، المحيط ، مالك يوم الدين ، بدل من الودود المجيد الحكيم ، وهكذا أيضا عند أبن حبان الرافع بدل المانع وفي صحيح أبن خزيمة في رواية صفوان أيضا مخالفة في بعض الأسماء قال الحاكم بدل الحكيم ، القريب بدل الرقيب ، المولى بدل الوالي ، والأحد بدل المغني هذا كله عن الوليد أبن مسلم .
أما رواية الوليد أبن مسلم عن زهير أبن محمد التميمي وقع فيها مخالفة في 23 أسما ليس في رواية زهير أبن محمد التميمي - الفتاح ، القهار ، الحكم ، العدل ، الحسيب ، الجليل ، المحصي ، المقتدر ، المقدم ، المؤخر ، البر ، المنتقم ، المغني ، النافع ، الصبور،البديع ، الغفار ، الحفيظ ، الكبير ، الواسع ، الأحد ، مالك الملك ، ذو الجلال والإكرام – وذكر بدلاً منها
الرب ، الفرد ، القاضي ، القاهر ، المبين ، السابق ، الجميل ، البادي ، القديم ، البار ، الوفي ، البرهان ، الشديد ، الواقي ، القدير ، الحفاظ ، العادل ، المعطي ، العالم ، الأحد ، الأبد ، الوتر ، ذو القوة – هذا كله من روايات الوليد أبن مسلم ، الرواية جاءت عنه بهذا الاختلاف والتفاوت ، فضلا عن الروايات الأخرى .
ولهذا ذكر بعض أهل العلم أن هذا السرد في رواية الوليد أبن مسلم أنها من جمعه هو هو الذي جمع هذه الأسماء وكان سردها بعد رواية الحديث فتارةً يتغير اجتهاده فيذكر بعض الأسماء بدلاً مما ذكره في مقام آخر فجاءت متفاوتة .
الشاهد أن هذه الأسماء المسرودة الراجح أنها ليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هي مدرجة .
ومعنى مدرجة أنها جاءت بعد صياغة الحديث أي بعد رواية الحديث من غير فاصل يبين أنها ليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم أي من قول الراوي مثلاً
تعرفون الإدراج فيلتبس على السامع هل هذا من جملة قول النبي أو هذا من إضافة الراوي .
حديث أبي هريرة رضي الله عنه مثلاً المشهور في الوضوء لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم : (( أن أمته يأتون يوم القيامة غراً محجلين من أثر الوضوء )) قال فمن أستطاع منكم أن يطبل غرته فليفعل . هل هذا القول من أبي هريرة أو من قول النبي صلى الله عليه وسلم ؟ بعض أهل العلم قالوا هذا مدرج من قول أبي هريرة رضي الله عنه هو الذي فهم هذا ولذالك كان يغسل اليد حتى الإبط والقدم حتى الركبة فهم هذا وهذا الفهم رده عامة أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم فهذا يقال له إدراج ، وهكذا حينما يذكر الراوي الحديث ثم بعد ذلك يذكر جملة من عنده فيسمعها بعض من يسمعها ويظنونها من جملة الحديث مثال : ((من طال قيامه بالليل حسن وجهه بالنهار ))فظن بعضهم أنها من الحديث فرواها معه .
فالحاصل أن العلة الأساسية عند بعض أهل العلم كالحافظ أبن القيم رحمه الله هي الإدراج ، قال هذا مدرج ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا الذي عليه عامة أهل العلم أن ذلك من قبيل المدرج وبذلك قال الداوودي و البيهقي والشيخ تقي الدين ابن تيمية وأبن كثير والحافظ أبن حجر وأبن الوزير اليماني الصنعاني ومن المعاصرين الشيخ ناصر الدين الألباني رحمه الله ، مع أن هذا الحديث قد صححه جماعة من أهل العلم كالقرطبي والنووي والشوكاني .
إذا الخلاصة التي نخرج بها هو أن سرد الأسماء الحسنى بعد الحديث المخرج في الصحيحين هي مدرجة وليست من قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا تصح عنه صلى الله عليه وسلم ولا تعتمد هذه الأسماء على أنها من أسماء الله وإنما ينبغي أن تجرى عليها القواعد التي ذكرت في ضوابط الأسماء على اختلاف في بعض الضوابط كما ذكرنا ، وبهذا اختلف أهل العلم في بعض الأسماء المذكورة في هذه الروايات هل هي من أسماء الله أم لا .. وهل الرشيد والبار والعادل والباقي من أسماء الله أم لا إلى غير ذلك .
ثامنا : مظان الأسماء الحسنى ::
إذا كان هذا الحديث الذي فيه السرد لا يثبت أين نجد هذه الأسماء الحسنى ؟
هل نجتهد ؟ وفي ماذا نجتهد ؟ هل نجتهد باستنباط الأسماء من معانٍ تمليها علينا عقولنا أنها معانٍ كاملة ؟ أو نجتهد في تتبعها من الكتاب والسنة ؟
الجواب هذا هو المتعين أن تطلب في الكتاب والسنة فهي مخبوءةٌ فيها كما يقول أبن العربي المالكي رحمه الله : (( كما خبئت الساعة التي في يوم الجمعة وليلة القدر في شهر رمضان من أجل الاجتهاد في طلبها وهكذا )) هذه الأسماء الحسنى يحتاج العبد أن يجتهد يتتبع في القرآن يبحث عن هذه الأسماء وكذلك أيضا يتتبع ما جاء عن الرسول صلى الله عليه وسلم من الأسماء .
وأكثر ما كان يفعله أهل العلم قديماً أنهم كانوا يتتبعون من القرآن أما السنة فيصعب عليهم تتبع الأسماء لكثرة دواوين السنة وما إلى ذلك .
أما اليوم فيمكن أن يجد الإنسان على الأقل الأسماء التي وردت في القرآن يمكن أن يطلبها عن طريق هذه البرامج في الحواسيب ويأتي هذا الاسم أين ورد في الأحاديث ثم بعد ذلك يتطلب الأسماء الأخرى التي لم ترد في القرآن مثل ( الستير ، الحيي ، السبوح ) فذلك يؤخذ من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . وبهذا نكون أيضا عرفنا العلة في عدم التنصيص عليها ، لماذا لم تذكر لنا هذه الأسماء ؟ من أجل أن نجتهد في طلبها وتحصيلها .
تاسعا : ما هي الأصول التي ترجع إليها هذه الأسماء ؟ ::
الحافظ أبن القيم رحمه الله لما تكلم عن سورة الفاتحة في مدارج السالكين ، ذكر أن الأسماء الواردة في أولها وهي الثلاث في أولها (( الله ، الرحمن ، الرب )) أن هذه الأسماء يرجع إليها جميع الأسماء الحسنى والصفات العلى ، فهو يقول :
بأن اسم الله متضمن لصفات الإلهية
وأن اسم الرب متضمن لصفات الربوبية
وأما اسم الرحمن متضمن لصفات الإحسان والجود والبر
ويقول ومعاني الأسماء الحسنى جميعا ترجع إلى هذه الأشياء الثلاثة .
هذا ما قاله في كلامه عن التفسير في سورة الفاتحة
وسيأتي في الكلام على بعض هذه المقدمات إن شاء الله كلاما آخر له في ذكر بعض الأسماء مثل (( الحي القيوم ))لما أختار أنه الاسم الأعظم ، قال بأن هذين الأسمين ترجع إليهما جميع معاني السماء الحسنى .
وعلى كل حال يمكن أن يقال كما قال بعض أهل العلم أن اسم الله ترجع إليه جميع الأسماء كما سنذكر في الكلام عن الاسم الأعظم ، ترجع إليه لفظاً ومعنى وهذه أحد وجوه الترجيح التي ذكرها من اختار أنه الاسم الأعظم .
القضية العاشرة ::
وهي تفاضل هذه الأسماء ....
تكلم من تكلم في كلام الله عز وجل هل هو متفاضل أو غير متفاضل ؟
والذين شغبوا على هذه المسألة هم طوائف من أهل الكلام غالبا ، فكلام الله عندهم لا يتفاضل وهذا غير صحيح فتعرفون الأحاديث الواردة في (( قل هو الله أحد )) أنها تعدل ثلث القرآن وما جاء في أعظم آية في القرآن وأفضل سورة إلى غير ذلك ، فلا شك أن سور القرآن وآيات القرآن تتفاضل وهذا الذي عليه أهل السنة والجماعة إلا من شذ .
أسماء الله تبارك وتعالى القول فيها كالقول في سور القرآن وآياته فالذين اعترضوا هناك على التفاضل اعترضوا أيضا على الأسماء هنا وزيادة ، وأعني بالزيادة هو أن من علماء أهل السنة والجماعة من توقف في هذه القضية أيضا وقال لا تتفاضل ، لا لأن كلام الله لا يتفاضل ولكن لمعنً آخر سيتبين
فالذين اعترضوا وقالوا إن أسماء الله لا تتفاضل هؤلاء عامتهم من أهل الكلام والذي عليه جمهور أهل العلم وهو اعتقاد أهل السنة في الجملة أن أسماء الله تتفاضل وان أوصافه أيضا تتفاضل ، وهذا هو قول الصحابة رضي الله تعالى عنهم والتابعين وأهل الحديث وهو قول كثير من أتباع الأئمة الأربعة وهو مقتضى ما جاءت به النصوص
الحافظ ابن القيم رحمه الله حينما يشرح هذه المسألة يبين عن أمور ينبغي أن يتفق عليها ، يقول مثلاً : فالمستعاذ به أفضل من المستعاذ منه (( أعوذ برضاك من سخطك )) فالرضا أفضل من السخط .
ويقول وهذا كما أن صفة الرحمة أفضل من صفة الغضب ولذلك كان لها الغلبة والسبق كما ذكرنا في الليلة الماضية في التعليق على رياض الصالحين في قول النبي صلى الله عليه وسلم : أن رحمتي سبقت غضبي .
وهكذا أيضا كلامه تبارك وتعالى فهو صفته فكلامه الذي يثني به على نفسه تبارك وتعالى ويذكر أوصاف الكمال ويذكر توحيده أفضل من كلامه الذي يذم به أعداءه ويذكر أوصافهم ، ولهذا كانت سورة الإخلاص أفضل من سورة المسد ( تبت ) كله بالغ درجة الكمال ليس فيه نقص ولكن مراتب الكمال يتفاضل وكانت سورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن وكانت آية الكرسي أفضل آية في القرآن . بأي اعتبار ؟الموضوع الذي تتحدث عنه هذه الآية ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية بأنه لا يُعرف عن الصحابة والتابعين أحدٌ ينازع في هذه القضية ، بل قال بأن الآثار متواترة عنهم في تقرير هذا الأصل .
يقول وإنما اشتهر القول بإنكار تفاضله بعد المائتين ، يعني بعد انقراض زمان القرون المفضلة .
وشيخ الإسلام أبن تيمية رحمه الله وهكذا أبن القيم يذكرون بأن الناس تنازعو في كثير من آيات الأحكام اختلفوا في الأحكام الشرعية ولم يتنازعوا في آيات الصفات والمقصود بالناس الذين بهم العبرة من الصحابة رضي الله عنهم السلف الصالح ما تنازعوا في آيات الصفات وأخبارها بل اتفق الصحابة والتابعون على إقرارها مع فهم معانيها واثبات حقائقها فهو يستنبط من هذا ... أن هذا النوع الذي لم يختلفوا فيه هو أعظم النوعين ، يعني بهذا الاعتبار هي أعظم من آيات الأحكام هذا استدلال من جهة النظر ، الأدلة النقلية مضت وهذا دليل من جهة النظر .
والعناية بآيات الصفات أعظم لأن ذلك من تحقيق الشهادتين واثبات الأسماء الحسنى من لوازم التوحيد ، فالله تبارك وتعالى بينها بياناً شافياً لا يقع فيه لبس أما آيات الأحكام فيقول عنها بأنها لا يكاد يفهم معانيها - كما ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله في مختصر الصواعق – إلا الخاصة من الناس ، استنباط الفقيه
من الذي يستنبط الحكام ؟ الفقهاء وليس كل أحد ، ويقول وأما آيات الصفات فيشترك في فهم معناها العام والخاص ، إذا سمع أن الله سميع بصير ما يلتبس عليه ، إن الله قوي عزيز ، رحيم .
ففهم أصل المعنى لا يلتبس أما الكنه والكيفية فهذه قضايا غيبية لا تصل إليها عقول الناس .
الصحابة رضي الله عنهم أشكل عليهم قوله تبارك وتعالى (( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر )) ولم يشكل عليهم (( وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعان)) .
وهكذا سائر آيات الصفات ، ثم إن آيات الأحكام فيها إجمال (( أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة )) ما هي الأنصبة وما هي الأوقات ما هي المقادير ما هي الأموال الزكوية وهكذا الصلوات ما أوقاتها ما شروطها ما أركانها على وجه التفصيل فهذا فيه كثير من الإجمال والله عز وجل يقول (( فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك )) لم يبين هنا قدر الصيام ولا قدر الصدقة الإطعام قال أو نسك ذبيحة لكن السنة بينت هذا الإجمال صيام ثلاثة أيام أو إطعام ستة مساكين أو ذبح شاة
أما آيات الصفات وأحاديث الصفات فليس فيها مجمل يحتاج إلى بيان من خارج .
الحادي عشر :
وهو الكلام على الاسم الأعظم :::
ما هو الاسم الأعظم لله عز وجل ؟
الكلام في هذه القضية مرتبط بالكلام على ما قبلها من تفاضل الأسماء الحسنى .
*فالذين نفوا التفاضل نفوا وجود الاسم الأعظم ، فقالوا كيف يقال هذا اسم أعظم وكل أسماء الله موصوفة بذلك فليس بعضها بأفضل من بعض ، الذين نفوا كالأمام الطبري على الأقل نحن نذكر قول من يعتد به هذا شيخ المفسرين أبو جعفر أبن جرير رحمه الله نفى أن يكون لله عز وجل أسما أعظم ، وقال كل أسماء الله عز وجل موصوفة بذلك ومن قال بهذا أيضا أبو حاتم أبن حبان هؤلاء الذين قالوا بهذا إضافة طبعا إلى أئمة بعض الطوائف المبتدعة من أهل الكلام فالذين قالوا بهذا من أهل السنة قلةٌ قليلة .
*والذي عليه جماهير أهل العلم أن لله اسم أعظم ، كما سيتبين وذلك لورود النص الصريح بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولهذا صرح به الأئمة بذكره في مصنفاتهم كابن ماجة وابن أبي شيبة والبغوي والطحاوي وشيخ الإسلام ابن تيمية وابن مندى وابن القيم وغير هؤلاء بل منهم من عقد له باباً مستقلاً اسم الله الأعظم ، والأحاديث التي وردت في هذا منها أحاديث صحاح ثابتة :
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كحديث بريده الأسلمي عن أبيه أنه قال (( سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يدعوا وهو يقول : اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد سألت الله باسمه الأعظم الذي إذا سأل به أعطى ، فصرح النبي صلى الله عليه وسلم بالاسم الأعظم .
الثاني حديث أنس رضي الله تعالى عنه أنه كان مع النبي صلى الله جالسا ورجل يصلي ثم دعى هذا الرجل – اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت الحنان المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم )) فقال النبي صلى الله عليه وسلم : لقد دعى باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سأل به أعطى .
الحديث الثالث : حديث أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين (( وإلاهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم )) وفاتحة سورة آل عمران (( الم * الله لا إله إلا هو الحي القيوم ))
وهناك حديث آخر وهو حديث أبي أمامه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إن اسم الله الأعظم لفي سور من القرآن ثلاث ، البقرة وآل عمران وطه ))
هذه الأحاديث تثبت أن لله اسما يوصف بذلك الاسم الأعظم ولكن ما هو هذا الاسم الأعظم من بين هذه الأسماء ما تحديده ؟
* العلماء اختلفوا فيه على نحو أربعين قولا كما اختلفوا في ليلة القدر فقد ذكر الحافظ في الفتح في ليلة القدر أربعين قولا مع أن الشهر ثلاثون يوما لا يزيد عن الثلاثين ، اختلفوا فيها على أربعين قولا .
ما هذا الاسم الأعظم ؟
هناك أقوال بعيدة جدا ، لكن الأقوال القوية المشهورة ثلاثة :
القول الأول :- هو الذي اختاره ابن القيم رحمه الله بان الاسم الأعظم هو الحي القيوم.
القول الثاني : - انه لفظ الجلالة الله هو الاسم الأعظم وهذا ما قال به جماعة كثيرة من أهل العلم كابن المبارك الدارني والطحاوي والطرطوشي من المالكية وابن العربي المالكي .
الذين قالوا بأنه ( الحي القيوم ) كابن القيم رحمه الله استدل بأدلة منها ما هو ضعيف فلا حاجة لإراده ، ومنها ما له وجه من النظر فمن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا حزبه أمر اشتد عليه أمر أو كرب كان يقول يا حي يا قيوم برحمتك استغيث فيقول في الكرب سيدعو بالاسم الأعظم .
طبعاً كما تعلمون هذا ليس بالضرورة وإنما هذا جواب من قال إن الاسم الأعظم هو الله
أو غير ذلك مما ذكر ليس بالضرورة أن يكون هذا الدعاء بالاسم الأعظم .
وكذلك أيضا قال بأن مدار الأسماء الحسنى هذا دليل من النظر حين نقول هذا دليل من النظر هذا ليس من المنقول ليس من قال الله وقال رسوله وإنما دليل من جهة المعقول استنتاجي استنباطي يقول مدار الأسماء الحسنى كلها على هذين الاسمين الذي أشرت إليه حينما ذكرت مدار الأسماء الحسنى ، حين ذكر لنا على الأسماء الثلاثة بسورة الفاتحة هنا قال على هذين الاسمين الحي القيوم
ويقول واليهما ترجع معاني الأسماء الحسنى
الحي يقول الحياة مستلزمه لجميع صفات الكمال طبعا المقصود أي حياة ؟ الحياة الكاملة أما حياة المخلوق الضعيف فلا تستلزم جميع صفات الكمال ، أما حياة الله كاملة من كل وجه فهي تستلزم حتى تكون حياة لائقة بجلالة وعظمته تكون مستلزمه لجميع صفات الكمال فلا يتخلف صفة من صفات الكمال عن الحياة إلا ويكون ذلك لضعفها لضعف الحياة .
انظر إلى الصفات التي تتخلف صفات الكمال التي تتخلف عن حياتنا لتعرف بذلك عجزنا وضعفنا ، وأما القيوم فهو يرى أنه متضمن لكمال غناه ولكمال قدرته فهو القائم بنفسه فلا يحتاج إلى غيره بوجه من الوجوه غني عن المخلوقين ، ثم هو مقيم لغيره فلا قيام لغيره إلا بإقامته يقول فأنتظم هذان الاسمان جميع صفات الكمال بهذا الاعتبار
طبعا احتج بهذا بأن الاسم القيوم ورد مكرر في بعض الأحاديث السابقة يعني الأحاديث التي ذكرناها آنفا
الحي القيوم إذا نظرت إليها .. في حديث عبد الله أبن بريده عن أبيه ماذا قال ؟
قال (( اللهم أني أسألك بأني أشهد أن لا إله إلا أنت ..........إلى آخر الحديث )) هل ذكر الحي القيوم ؟ لا هذا نقض من المعارضين لهذا القول ، قالوا لم يرد لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم لقد سال الله باسمه الأعظم فما جاء في هذا ،
إذاً (الحي القيوم ) ليس هو الاسم الأعظم .
لكن حديث أنس جاء فيه الحي القيوم (( يا حي يا قيوم ) )
و حديث أسماء قالت اسم الله الأعظم في هاتين الآيتين (( وإلاهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم ))وآية آل عمران (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) الآية الأولى ليس فيها الحي القيوم فهذا أيضا يضعّف القول بأنه الحي القيوم لاحظ مع أن من أشهر الأقوال في الاسم الأعظم أنه الحي القيوم ، وحديث أبي امامة لم يحدد قال إن اسم الله الأعظم لفي سور القرآن ثلاث البقرة ، وآل عمران ، وطه مثل ابن القيم رحمه الله يقول كل الآيات التي في السور التي ذكرت فيها الحي القيوم ، في سورة البقرة آية الكرسي ، وفي آل عمران (( الله لا إله إلا هو الحي القيوم )) وفي سورة طه (( وعنت الوجوه للحي القيوم )) لكن هل النبي صلى الله عليه وسلم نص على هذه الآيات الثلاث ؟ لا هُمْ استخرجوها باجتهادهم ولهذا خالفهم آخرون كما سيأتي كالطحاوي رحمه الله في استخراج هذه الآيات .
فالذين قالوا إن اسم الله الأعظم هو الله قالوا إنه المذكور في جميع هذه الأحاديث لاحظتم ..!
وهل هذا الكلام فعلا دقيق ؟ هل هذا هو المذكور في كل هذه الأحاديث ؟ الآن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث أسماء بنت يزيد لما قال بأن الاسم الأعظم في هاتين الآيتين (( وإلاهكم إله واحد لا إله إلا هو الرحمن الرحيم )) هل فيها لفظ الجلالة الله ؟ اسم إله غير اسم الله هذا اسم آخر الآية ليس فيها لفظ الجلالة الله ، فالذين اعترضوا قالوا هذا الاسم غير موجود هنا في هذه الآية .
استدل أيضا من قال بأنه لفظ الجلالة الله قالوا هذا الذي قاله جماعة من الصحابة كابن عباس وجابر ابن زيد وقال به جماعة من السلف ومن بعدهم كالشعبي وابن المبارك وعليه جمهور العلماء . طبعا هذا يجاب عنه أنه خالفهم آخرون ولم يجمع الصحابة على هذا الاسم وقالوا أيضا احتجوا بدليل من النظر قالوا هذا الاسم له خصائص ومزايا معنوية ولفظية لا توجد في غيره منها :
- أن هذا الاسم مختص لم يطلق ولا يجوز أن يطلق على غير الله عز وجل فهو مختص لفظا ومعنى .
ما معنى مختص لفظا ومعنى ؟
يعني من حيث التسمية اللفظ لا حظ ولا نصيب للمخلوق أن يسمى بهذا الاسم الله
لكن المخلوق ممكن أن يسمى حكيم عزيز (( وقالت امرأة العزيز ))
ومن جهة المعنى لا نصيب للمخلوق في صفة الإلهية .
هل المخلوق له شيء من الإلهية ؟ أبدا فليس للمخلوق حظ في هذا الاسم لا من جهة اللفظ ولا من جهة المعنى .
- وقالوا أيضا أن جميع الأسماء الحسنى والصفات ترجع إليه لفظا ومعناً
ما معنى ترجع إليه لفظا ومعناً ؟
قالوا لفظا تأتي دائما معطوفةً عليه ولا يُعْطف على شيء منها تبدأ به تقول هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن .
وأيضا من جهة المعنى قالوا كل معاني الأسماء الحسنى ترجع إلى هذا الاسم فالربوبية هي من أوسع الصفات لكن الذي يكون إلهاً لابد أن يكون ربا
ولهذا قالوا بأن الإلهية متضمنة للربوبية فالذي يكون إلها لابد أن يكون هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر المعطي المانع ، فترجع إليه لفظا ومعناً
والله عز وجل يقول : (( ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها )) فأضاف سائر الأسماء إليه وهذا القول كما ترون هو أقواها أدله لكن يبقى الإشكال عليه انه لم يرد في الآية في حديث أسماء لم يرد في الآية الأخرى .
وعلى كل حال من هنا قال ابن جرير رحمه الله بأنه لا يوجد دليل على الاسم الأعظم هذا رجل دعى بدعاء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم دعى الله باسمه والأعظم ورجل آخر دعى بدعاء آخر فقال الرسول صلى لله عليه وسلم دعى الله باسمه الأعظم وقال في هاتين الآيتين وقال في ثلاث سورة فيمكن أن يكون الاسم الأعظم لا يقصد به واحد من الأسماء وإنما في كل مقام ما يناسبه فإذا دعى الإنسان وتخير من أسماء الله الحسنى ما يناسب المقام فهو دعاء بالاسم الأعظم هكذا قال بعض أهل العلم هذه الأدلة إذا تأملتها لا نجد اسم محدد اتفقت عليه ولا اسم ..
وإذا جمعت الأسماء الواردة فيها فانك لا تجد اسم متكررا في جميعها . وجملة الأسماء التي وردت في الأحاديث , حديث بريده , انس , حديث أسماء لفظ الجلالة الله و الأحد الصمد المنان والحنان وبديع السموات والأرض على انه من الأسماء ذو الجلال والإكرام والحي القيوم و الرحمن و الرحيم با الإضافة إلى ذكر كلمة التوحيد وفيها لا اله فلفظة إله إلا الله ولهذا هل نستطيع أن نجزم أن الاسم الأعظم هو الاسم المعين الفلاني ؟ بناءا على ما سمعنا من الأدلة ؟ الجواب لا لا نستطيع ..
هل لله اسم يمكن أن يقال عنه بأنه الاسم الأعظم بعينه من بين سائر الأسماء ؟ الجواب نعم هذا الذي دلت عليه الأدلة .
فيستطيع الإنسان إذا أراد أن يدعوا أن يجمع هذه الأسماء التي وردت في هذه النصوص ويدعو ربه بها فيقول مثلا : يا الله , يا احد , يا صمد , يا منان , يا بديع السموات والأرض , يا ذا الجلال والإكرام , يا حي , يا قيوم , يا رحمن يا رحيم , يا حنان
فإذا جمع هذه التي وردت في الأحاديث الذي جاء التصريح معها بالاسم الأعظم فيكون فد أصاب الاسم الأعظم وذا شي ليس بالعسير ..
ومن الاعتراضات التي ذكرها بعض العلماء أن الله هذا الاسم لفظ الجلالة انه الاسم الأعظم قالوا هذا لا يكاد يدعوا احد إلا يقول : اللهم يعني يا لله , فلو كان هذا هو الاسم الأعظم لصار على لسان كل داعي ولكن الشارع أخفاه من اجل الاجتهاد في طلبه ..
وكما أشرت أن من أهل العلم كالطحاوي من قال : إن الآية التي في طه ليست (( وعنت الوجوه للحي القيوم )) وإنما (( وان تجهر في القول فانه يعلم السر وأخفى الله لا اله إلا هو له الأسماء الحسنى )) هذا مرتبط بالأسماء الحسنى فقال هذا أولى في أن يكون هذا هذه هي الآية المقصودة (( الله لا اله إلا هو له الأسماء الحسنى )) وعلى كل حال يمكن أن يقال ما سبق والعلم عند الله تبارك وتعالى ..
الثــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــاني عشــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــر :
الأدب في مراعاة هذه الأسماء الحسنى :
الله تبارك وتعالى يوصف من كل صفة كمال بأكملها واجلها وأعلاها هذا هو الواجب واللائق فيوصف من الإرادة بأكملها وهو الحكمة وحصول كل ما يريد بإرادته كما قال (( فعال لما يريد )) نحن نتكلم عن إرادة الله عز وجل فإننا نثبت له أكمل ما يكون من المعاني الداخلة تحتها هذا هو اللائق انه فعال ما يريد ..
الإنسان يريد لكن هل تبلغ إرادته إلى تحصيل كل مراد ؟ أبدا ، فقد يريد أشياء فلا يستطيع تحقيقها فيعيش في أماني وان الله تبارك وتعالى يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر
(( يريد اله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر )) وان الله يريد الإحسان وإتمام النعمة على عباده (( والله يريد أن يتوب عليكم ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما )) (( ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )) وهكذا الكلام ، فالله تبارك وتعالى يصف نفسه من الكلام بأعلى أنواعه مثل ماذا ؟ الكلام فيه صدق وفيه كذب وحق وباطل فالله يصف نفسه من الكلام بأعلى أنواعه بالصدق (( ومن اصدق من الله حديثا )) والعدل ( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا )) والحق وهكذا أيضا الفعل ؟
يصف نفسه منه بأكمله أفعال الرب تبارك وتعالى الفعل يكون حسنا ويكون قبيحا فالأفعال التي تصدر من الله عز وجل هي أحسن الأفعال العدل الحكمة النعمة وما إلى ذلك وهكذا المحبة
المحبة أنواع وهي درجات كثيرة فالله تبارك وصف نفسه منها بأعلاها وأشرفها فقال
(( يحبهم ويحبونه )) ((يحب التوابين ويحب المتطهرين)) يحب المحسنين ويحب الصابرين ولن يصف نفسه تبارك وتعالى بغيرها من العلاقة والميل والصبابة والعشق والغرام وما إلى ذلك مما يدخل تحت أنواع وصور المحبة .
ولهذا الذين يقولون الله عاشق ومعشوق وما إلى ذلك من أهل البدع هؤلاء لم يتأدبوا مع أسماء الله تبارك وتعالى وصفاته الأدب اللائق ، فصفة المحبة هي اشرف وأكمل من هذه المسميات فجاءت في حقه بهذه اللفظة المحبة وهكذا ....
جميع ما أطلقه على نفسه من صفاته العلى تجده إذا نظرت فيه وتأملته أكمل من جهة اللفظ والمعنى مما لم يطلقه , العليم الخبير أكمل من الفقيه العارف ولهذا تقول الله عليم , هل تقول : الله عارف ؟ لا .. فالمعرفة كما ذكر بعض أهل العلم هي علم حادث طارئ لم يكن ..
يقول عرفت أما العلم فلا يلزم فيه ذلك وهكذا ، الكريم ابلغ من السخي كما اشرنا في المرة الماضية , وقد ذكر بعض أهل العلم فروقات بين الكريم والسخي قالوا السخاء لا يكون دائما في المنزلة العالية بخلاف الكرم ولهذا ما جاء ذلك في أسمائه السخي ..
والكلام في الأدب اللائق الذي يجب على الإنسان أن يتأدبه مع أسماء الله تبارك وتعالى الحسنى وصفاته العلى مرتبط كل الارتباط بما يأتي بعده من ذكر الإلحاد فيها فان الإلحاد فيها يتنافى تماما م التأدب معها ..
أم أسماء
17-03-08, 04:15 PM
الثـــــــــــــــــــــــــــالث عــــــــــــــــــــــــــــــشر :
الإلحاد في أسمائه وصفاته :
أصل الإلحاد في اللغة من اللحد وهو الشق الذي يكون في جانب القبر كما هو معلوم ومن معانيه في اللغة الميل والجور والظلم .
وفي الاصطلاح يمكن أن يعبر عنه ويقال : هو العدول بأسماء الله الحسنى وحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها ..
فالإلحاد في أسماء الله عز وجل أنواع :
1- أن تسمى الأصنام بهذه الأسماء كما قيل بأنهم سموا اللات من الإلهية , والعزة من العزيز , وكذا يسمون الصنم والشجر والحجر الذي يعبدونه يقولون له اله ..
طبعا هنا ليس محل اتفاق أن المناة من المنان وان العزة من العزيز , من أهل العلم من قال غير ذلك لكن على هذا الاعتبار ..
الإلحاد هنا : عدول بأسماء اله عز وجل إلى أوثانهم سموها اله وسموها بهذه الأسماء اللات والعزة ومناة ، وهكذا من الإلحاد أن تسمي احد باسم مختص لله تبارك وتعالى , لو احد سمى نفسه الرحمن مثل : مسيلمة الكذاب الذي يلقب نفسه برحمن اليمامة .. لا يجوز هذا اسم مختص ..
وهكذا أيضا من قال بل سمعت في هذه الأوقات أن رجل اسمه الرحمن في بعض النواحي في هذه البلاد في البادية وهذا عجيب لأنه لا يتجرأ احد على أن يسمي نفسه بهذا الاسم فهذا مختص بالله تبارك وتعالى وهكذا ما يعبر به بعضهم يقول عن طبيب الأطفال مثلا : اله الأطفال .. بعض من لا خلاق لهم يعبرون بمثل هذه العبارات وهكذا ,, مثل ملك الملوك , قاضي القضاة , حاكم الحكام , سلطان السلاطين , وذكر بعض أهل العلم أمير الأمراء
2- النوع الثاني من الإلحاد في أسمائه تبارك وتعالى أن يسمى بما لم يسمي به نفسه ولا سماه به رسوله صلى اله عليه وسلم .
فأسمائه توقيفية وتسميته بغير ما سمى به نفسه لا شك انه إساءة أدب مع الله تبارك وتعالى .. الآن لو جاء احد وسماك باسم لم يسميك به أبوك فهل تقبل هذا منه ؟ الجواب لا ، فالفلاسفة مثلا يسمونه بالعلة الفاعلة ، النصارى يسمونه الأب ، الماسونيون يسمونه المهندس الأعظم أو بعض الناس يقول الله فنان مثلا ، فهذا كله لا يجوز وهكذا أيضا إذا سمي بما لا يليق مثل : الفاتن المظل المستهزئ الكايد كما ظن بعضهم انه يشتق من كل فعل من أفعال الله أسماء فسموه بهذه الأسماء فهذا خلاف الأدب .
3- الثالث من الإلحاد فيها وصفه تعالى بما يتقدس ويتعالى عنه من النقائص مثل قول اليهود انه فقير أو انه استراح بعد خلق الخلق وكقولهم يد الله مغلولة ..
4- الرابع من الإلحاد في أسمائه أن ينكر شيئاً من هذه الأسماء أو ينكرها جميعا أو ما دلت عليه من الصفات والأحكام ، وهكذا أيضا من يثبت الأسماء ولكن ينكر ما تضمنته ودلت عليه من اللوازم والصفات الكاملة ..
5- الخامس من الإلحاد أيضا في أسمائه هو أن تشبيه الأوصاف التي تضمنتها هذه الأسماء بصفات المخلوقين فالله (( ليس كمثله شي وهو السميع البصير )) الحافظ ابن القيم رحمه الله جمع الكثير من هذه الإلحاد النونية يقول :
أسمائه أوصاف مدح كلها مشتقه قد حملت لمعاني
إياك والإلحاد فيـــــها انه كفــر معــاد الله من كفران
وحقيقة الإلحاد فيها الميل بالإشراك والتعطيل والنكران
فالملحدون إذا ثلاث طوائف فعليهم غضب من الرحمن
المشركون لأنهم سموا بها أوثانهم قالوا : اله ثاني
هم شبهوا المخـــلوق بالخلاق عكــس مشبــه الخلاق بالإنسان
......
و الملحــد الثــاني فـذو التعطــيل إذا ينفي حقائقــها بـلا برهــان
مــا ثم غير الاســم أوله بمــا ينفــي الحقيقة نفي ذي بطــلان
.....
هذا وثـالثهم فـنـافـــيها ونـافي مـا تدل عــليه بالبهتان
هذا ما يتعلق بالإلحاد وبالأسماء والصفات .
أم كلثوم
21-03-08, 06:41 PM
الشريط السابع
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
مرحبا بكم أيها الأحبة واسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل هذا المجلس خالصا لوجهه الكريم ومقربا إلى مرضاته وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته . . .
مازلنا أيها الأحبة نتكلم عن أهمية الإيمان بأسماء الله الحسنى وذكرنا في ذلك أمرين . . .
و أما الأمر الثالث مما يدل على أهميتها : فإن إحصائها والعلم بها أصل للعلم بكل معلوم . . .
فإن المعلومات سوى الله تبارك وتعالى إما أن تكون خلقا له وإما أن تكون أمراً ،،،
ومصدر الخلق والأمر جميعا ناشئ عن أسمائه الحسنى ومرتبط بها.
فالأمر كله مصدره أسماء الله جل جلاله والخلق كله كذلك فإذا أحصى الإنسان أسماء الله كما ينبغي للمخلوق أحصى جميع العلوم بهذا الاعتبار ، وذلك كما ذكرت أن إحصاء أسمائه وإحصاء لكل معلوم لأن المعلومات من مقتضاها ومرتبطة بها .
فما نشاهده في هذا الكون مما يتعلق بالخلق فإنه ناتج عن أسمائه تبارك وتعالى ...وإذا تأملت هذا ظهر لك كل الظهور وإذا نظرت إلى ما أمر به وشرعه ، فإنه ناتج أيضا عن أسمائه الحسنى ، انظر إلى اسم الله مثلا الخالق أو الرازق أو الكريم و انظر إلى ما تشاهده من هذه المخلوقات .
انظر إلى أسمائه العليم والخبير واللطيف ، انظر إلى أسمائه تبارك وتعالى التي تدل أيضا على علمه كالسميع والبصير ، فتجد ذلك الأمر الذي ذكرته ظاهرا في هذا كله ،فكل ما شرعه تبارك وتعالى يدل على أنه عليم ، وأنه حكيم يضع الأمور في مواضعها ويوقعها في مواقعها .
وإذا تأملت في أحوال هذا الخلق الدقيق والجليل سواء في العالم العلوي كسير الأفلاك والكواكب وما جرى مجرى ذلك أو نظرت إلى خلق الإنسان وما فيه من الدقة العجيبة ، أو نظرت إلى تصريف أمر الكائنات ، من الدواب بجميع أشكالها وأنواعها وصنوفها رأيت أن ذلك صادر من أسمائه تيارك وتعالى ، من الذي يرزقها ، من الذي يقيمها ، من الذي يدبر شئونها ،من الذي أوجدها ابتداء ، من الذي يعلم أحوالها وتقلبها ، ومن الذي أعطى هذا العطاء ومنح هذا المنح ، فصار الخلق يتقلبون بألوان الأفضال والنعم التي يغدقها الله عز وجل عليهم صباح مساء.
من الذي علمهم العلوم والمعارف ، حتى صار الإنسان يسخر كثيرا مما في هذا الكون ولا يزال يكتشف أشياء وأشياء فيكون ذلك سبيلا إلى مزيد من الانتفاع بما وهب الله عز وجل ومنح ، كل هذا صادر عن أسمائه الحسنى جل جلاله.
الأمر الرابع مما يدل على أهمية معرفتها:
أن معرفتها وفهمها وسيلة إلى معاملته ، بثمراتها من الخوف والرجاء والمحبة والمهابة إلى غير ذلك مما يمكن أن نعبر عنه بتحقيق العبودية كما سيأتي شرحه وإيضاحه في الكلام عن الثمرات بشيء من البسط لكن هنا نشير إلى جانب يتعلق بما يدل على أهمية معرفة الأسماء الحسنى ، فالله تبارك وتعالى خلق الخلق من أجل أن يعبدوه "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"
ولا يمكن للخلق أن يعبدوه إلا بعد أن يعرفوه ، فلا بد من معرفته لتتحقق الغاية المطلوبة من الخلق والحكمة من إيجادهم وهي أن يعبدوا ربهم وفاطرهم جل جلاله فالاشتغال بمعرفته سبحانه وتعالى اشتغال العبد بما خلق له، وإذا ترك العبد هذا و ضيعه فإنه يكون قد أهمل ما خلق له، والوسائل لها أحكام المقاصد، وكثير من الناس يسألون عن سؤالات تتعلق بإصلاح أحوالهم وقلوبهم وأعمالهم، وتتعلق بسيرهم إلى الله عز وجل والجد و التشمير في طاعته، فنقول لهم : اعرف ربك معرفة صحيحة بأسمائه و صفاته.
أولئك الذين يتعلقون بالمخلوقين تعلقاً لا يصلح إلا أن يكون لله تبارك وتعالى، فيشغلهم ذلك التعلق عن ربهم و يصير ذلك المخلوق يهيمن على تفكيرهم ويجدون من انشغال القلب وألمه ما لا يقادر قدره ، مثل هؤلاء يقال لهم العلاج بمعرفة الله عز وجل معرفة صحيحة بأسمائه و صفاته.
الذين يخافون من المخلوقين خوفاً لا يصلح إلا لله عز وجل مهما كان هذا المخلوق .
لكن من الناس من يقول أخاف من الظلام، ما السبيل؟؟
أذهب إلى الأطباء النفسيين، أو أحضر في هذه الدورات التي تعالج جوانب الشخصية، أو أقرا في الكتب المنتشرة في المكتبات التي يقولون أنها تعالج هذه الجوانب السلبية في نفس الإنسان، يقول مع أن قرأت الكثير من هذه الكتب ولا أجد كتابا ًفي المكتبات إلا قرأته، ومع ذلك يقول لم أنتفع بشيء، فالسبيل هو أن يعرف الله جل جلاله، ولهذا وجد بعض السلف وهو نائم في مكان خالٍ موحش، في ظلام الليل في البرية، فقيل: أتنام هنا وحدك؟ فقال : من عرف الله لم يلتفت إلا ما سواه، ملأ الخوف من الله عز وجل قلبه فلم يعد فبه محل لهذه المخاوف والأوهام، التي يتوهمها كثير من الناس.
أولئك الذين يتحسسون أبدانهم فإنه مريض كأنه فيه علة فيه مرض فيه ورم و ليس به بأس.
من الناس لايكاد و يمر يوم إلا و هو يرسل رسالة يطلب الدعاء من أشياء موهومة ليست حقيقية، ليس به علة ولا بأس ولكنه يتوهم هذا ويبكي، هؤلاء يحتاجون إلى معرفة الله عز وجل ، وان الله إذا أراد أن يمس العبد بضر فلا كاشف له إلا هو، وإذا أراده بخيرٍ فلا راد لفضله،إلى غير ذلك ما يطول وصفه، ولعلي أتحدث عنه بشيء من البسط كما ذكرت إن شاء الله في الكلام على ثمرات الإيمان بأسماء الله الحسنى .
فالمقصود أيها الأحبة: أن معرفة هذه الأسماء الحسنى، والصفات العلى، تحدث خشية ورهبة في قلب العبد، من علم أن الله بكل شيئ عليم وأنه لاتخفى على الله خافيه من أعمال العباد وآمن بذلك ، فإنه يكون أكثر مراقبة لله عز وجل وخوفاً و رجاءً ممن لا يعلم هذا.......
أولئك الذين يعانون من ذنوب في الخلوات , كيف السبيل بالتخلص منها ؟
إنه بمعرفة الله معرفة صحيحة بأسمائه و صفاته، فمن عرفه اتقاه، ولهذا قال الله تعالى:
{ إنما يخشى الله من عباده العلماء}
وقد فسر ذلك كبير المفسرين " أبوجعفر الطبري" رحمه الله ، بأن هؤلاء العلماء هم علماء بقدرته على مايشاء من شيء، وأنه يفعل ما يريد ، لان من علم ذلك ، وأيقن بعقابه على معصيته، خافه ورهبه خشية منه أن يعاقبه .
ولهذا قالوا: العلم الخشية، يعني الذي يورث العبد خشية المعبود تبارك وتعالى.
كما ذكر" العز بن عبد السلام " ، رحمه الله قريبا من هذا المعنى وهو أن فهم معاني أسماء الله تبارك وتعالى يكون وسيلة إلى معاملته بثمراتها من الخوف والرجاء والمهابة و المحبة والتوكل.
الامر الخامس ( مما يدل على اهميتها وينبئ عن شدة الحاجة إليها ) :
هو انه لا شيء اطيب للعبد ولا أهنا ولا انعم لقلبه وعيشه من محبتة فاطره وباريه ودوام ذكره والسعي في مرضاته ، وهذا كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله :
هو الكمال الذي لا كمال للعبد بدونه ، وله خلق الخلق ولأجله نزل الوحي وأرسلت الرسل وقامت السموات والارض ووجدت الجنة والنار ووضع البيت الحرام ووجب حجه على الناس إقامة لذكره الذي هو من توابع محبته والرضا به وعنه ، وعلى هذا الأمر العظيم أسست الملة ونصبت القبلة ، فكل من عرف الله احبه ، وكلما كان حبه اقوى كانت اللذة اعظم كما سياتي إيضاحه اكثر في الثمرات أكثر من هذا إن شاء الله ........
والحب نابع من العلم بالمحبوب ومعرفة جماله الظاهر والباطن ، فاعرف الخلق بالله أشدهم حبا له ، ولا سبيل للحصول على هذه المعرفة إلا من باب العلم بأسماء الله وصفاته ........
ومن كان في قلبه أدنى حياة ومحبة لربه ، وإرادة لوجهه فطلبه لهذا العلم بالاسماء والصفات وحرصه على معرفته وزيادة التبصر به فيه وسؤاله واستكشافه عنه يكون اكبر مقاصده واعظم مطالبه واجل غاياته ، فهو كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله : ليست القلوب الصحيحة والنفوس المطمئنة إلى شيء من الأشياء أشوق منها إلى معرفة هذا الأمر ولا فرحها بالظفر بمعرفة الحق فيه وكل ذلك يضفي على القلب النور والبصيرة التي تحصنه من الشبهات والشهوات .......
فأين أصحاب القلوب المشوشة والقلوب الفارغة والقلوب المشغولة عن الله تبارك وتعالى غما بحب المال أو بحب إمراة أو بغير ذلك مما تتعلق به القلوب فيصرفها ويشغلها عن المالك المعبود جل جلاله .
الامر السادس :
أن معرفة أسماء الله وصفاته هي الأساس الذي يبنى عليه عمل الإنسان ومن خلالها تتحدد العلاقة التي تربط بين العبد وربه وعلى ضوئها يعبد المسلم ربه ويتقرب إليه .......
ولهذا كان اصل علم السلف وعملهم يقوم على امرين :
- العلم بالله تعالى
- العمل له
الامر السابع :
إن هذا الطريق وهو طريق معرفة الله عز وجل معرفة صحيحة بأسمائه الحسنى وصفاته العلى هو طريق الكمّل من الناس ، ولهذا كان ذلك طريق الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ....... وهم اكمل الخلق واعلمهم بالملة ثم على نهجهم سار الصديقون والسابقون والمقربون والعلماء وكل من سلك صراط الله المستقيم ......
فكل من سلك صراط الله المستقيم فإنه على هذه الجادة وهذا المنهج وهذا الطريق الموصل لله جل جلاله .
فهذه طريقة الكمّل من السائرين إلى الله كما يقول الحافظ ابن القيم ، وهي طريقة مشتقة من قلب القرآن ، فالله عز وجل يقول " ولله الاسماء الحسنى فادعوه بها " والدعاء بها كما سبق يتناول دعاء المسالة ودعاء العبادة والثناء .
والله تبارك وتعالى يدعو عباده على ان يعرفوه بأسمائه وصفاته ويثنوا عليه بها و يأخذوا بحظهم من عبوديتها .
يقول ابن القيم رحمه الله :
أما الخواص فعمدة إيمانهم محبة تنشأ من معرفة الكمال ، ومطالعة الأسماء والصفات ...........
ويقول في موضع آخر : باب الأسماء والصفات غنما يدخل منه إليه خواص عباده واوليائه وهوباب المحبين حقا الذي لا يدخل منه غيرهم ولا يشبع من معرفته أحد منهم ، بل كلما بدا لهم علم ازداد شوقا ومحبة وظمأً ... وهذا هو سلوك الأكياس الذين هم خلاصة العالم والسالكون على هذا الدرب أفراد من العالم .........
إنه طريق سهل قريب موصل آمن ، أكثر السالكين في غفلة عنه ولكنه يستدعي رسوخا في العلم ومعرفة تامة به ، وبالجملة أيها الأحبة : فالإيمان بالصفات ومعرفة الاسماء وإثبات حقائق ذلك وتعلق القلب بها وشهوده لها هو مبدأ الطريق ووسطه وغايته ، وهو روح السالكين وحاديهم إلى الوصول ومحرك عزائمهم اذا فتروا ، وهو منير الطريق ومثير الهمم إذا قصروا فإن سيرهم إنما هو على الشواهد فكما أن من لا شاهد له فلا سير له ولا طلب ولا سلوك له .واعظم الشواهد صفات محبوبهم ونهاية مطلوبهم وذلك هو العلم الذي رفع لهم في السير فشمّروا كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله .
وبهذا نكون قد انتهينا من القضايا الدالة على اهمية معرفة الاسماء الحسنى .
ننتقل إلى الأمر السابع عشر وهو الأمر الأخير من هذه المقدمات وهو ما يتصل بثمرات الإيمان بالأسماء الحسنى .
وهذا من اجل واهم ما يذكر في هذه المقدمة .
.............................
يتبع إن شاء الله
أم كلثوم
21-03-08, 11:52 PM
أيها الأحبة :
للتعبد باسماء الله وصفاته آثار كثيرة على القلب ، قلب العبد وعمله ، فمعرفة الذات والصفات مثمرة لجميع الخيرات العاجلة و الىجلة ، ومعرفة كل صفة من الصفات تثمر حالا عليّة وأقوالا ثنيّة وأفعالا رضيّة ، ومراتب دنيوية ودرجات أخروية ...........
فمثل معرفة الذات والصفات كشجرة طيبة أصلها ثابت وهو معرفة الذاتثابت بالحجة والبرهان وفرعها وهو معرفة الصفات في السماء مجدا وشرفا تؤتي أكلها كل حين من الاحوال والأقوال والأعمال .
منبت هذا الشجرة بالقلب الذي إن صلح بالمعرفة والاحوال صلح الجسد كله كما يقول العز بن السلام رحمه الله ......
أشرع بعد ذلك في ذكر هذه الثمرات :
فأولها تحقيق التوحيد :
وقد ذكر الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمه الله في كتابه التوحيد بابا قال فيه :
باب من حقق التوحيددخل الجنة من غير حساب :
وذلك ايه الأحبة من اعطى هذه الأسماء حقها على التوحيد فإنها تقوده إلى التوحيد ولا بد .
ثم هو أيضا سيأتي بلوازمها ومقتضياتها فالألوهية والربوبة من مقتضيات تلك الاسماء الحسنى ، وتحقيق التوحيد هو معرفته والاطلاع على حقيقته والقيام بها علما وعملا ، وحقيقة ذلك هو انجذاب الروح إلى الله محبة وخوفا وإنابة وتوكلا ودعاء وإخلاصا وإجلالا وهيبة وتعظيما وعبادة .......... وبالجملة فلا يكون في قلبه شيئا لغير الله ، ولا إرادة لما حرم الله ، ولا كراهة لما امر الله به وذلك حقيقة لا إله إلا الله ............ فإن الإله هو المألوه المعبود ..
الامر الثاني من ثمراتها :
هو زيادة الإيمان :
ومن عقيدة اهل السنة والجماعة ان الإيمان يزيد وينقص ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، يزيد بالعلم والعمل ، فكلما علم العبد عن الله وآياته ازداد إيمانا ..
وكذلك ايضا إذا استجاب العبد لما امره الله به ازداد إيمانا ، وينقص الإيمان بنقص العلم والعمل كما قال الله تبارك وتعالى :" وإذا ما انزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا فاما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا وهم يستبشرون وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجسا إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون " .
ولا شك ان من اعظم ما جاءت به النصوص وبينته كما ذكرنا سابقا هو اسماء الله وصفاته فمن آمن بها وفهم معناها وعمل بمقتضاها ازداد إيمانه زيادة عظيمة ولا بد .
وذلك أن معرفة الأسماء والصفات من أعظم روافد الإيمان وأجل الموصلات لحلاوته وإذا كان من تحقق بمعانيها ووعاها بقلبه ووجدانه فإنه يجد لها من التأثيرات المختلفة على قلبه ما يهذب روحه ويسمو بنفسه حتى يصير كأنه في رياض من الجنة.
ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فيما يوجِد حلاوة الإيمان :"أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما".
وقد ذكر الشيخ عبد الرحمن بن السعدي-رحمه الله-: من أعظم روافد الإيمان كما يعبر يقول : معرفة أسماء الله الحسنى الواردة في الكتاب والسنة والحرص على فهم معانيها والتعبد لله فيها ثم ذكر حديث إن لله تسعا وتسعين اسما، ثم قال : الجنه لا يدخلها إلا المؤمنون فَعُلِم أن ذلك أعظم ينبوع و مادة لحصول الإيمان وقوته وثباته .
"من أحصاها دخل الجنة"
الكافر لو عرف عدها وحفظ هذه الأسماء فإنه لا يدخل الجنة ، فدل ذلك على أن المؤمن يرتقي بمعرفة هذه الأسماء ، سواء قيل أن المراد هو حفظها ، أو قيل فهم المعاني أو قيل العمل حسب مقتضاها ، فهذا كله يدل على أن أعظم روافد الإيمان ، ويكون ذلك أيضا سببا لقوته وثباته ، فمعرفة الأسماء أيها الأحبة هو أصل الإيمان و الإيمان يرجع إليها.
ومن انفتح له هذا الباب انفتح له باب التوحيد الخالص والإيمان الكامل الذي لا يحصل إلا للموحدين ، فالعلم بهذه الأسماء والاشتغال بفهمها والبحث عنها هو اشتغال بأعلى المطالب وحصول للعبد من أشرف المواهب.
وكلما ازداد العبد كما سبق معرفةً بربه ازداد إيمانه وكلما نقص نقص ، فعلى المسلمين أن يعرفوا أسماء الله وتفسيرها فيعظموا الله حق تعظيمه.
ومن أيقن بهذا الباب ولم يتأثر إيمانه بالشبه الباطلة ، والإيرادات المبتدعة ، فقد وصل إلى درجات البصيرة بالأسماء والصفات ، والبصيرة نور يقذفه الله على بقلب العبد، يرى به حقيقة ما أخبرت به الرسل عليه الصلاة والسلام، كأنه يشاهده رأي عين ،وبذلك ينتفع بما دعا إليه الشرع من الاعتناء بهذا الباب العظيم ، ومن أعرض عن الإيمان بهذا الباب وعطل أسماء الله عز وجل وصفاته كان من أعظم الصادين عن معرفة الله وعبادته والقاطعين طريق الوصول إليه .
كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله :" الجهال بالله بأسماء الله وصفاته المعطلون لحقائقها يبغضون الله إلى خلقه ويقطعون عليهم طريق محبته ، التودد إليه بطاعته من حيث لا يعلمون".
يعني ، كأنه يقول ربكم لا يوصف بالرحمة ، ولا يحب ، ولا يرضى ، إلى غير ذلك من أوصاف الكمال التي يعطلونها ، ولا يتكلم ولا ينزل إلى السماء الدنيا ، فيقول :من يدعوني فأستجيب له ، من يسألني فأعطيه ، فهؤلاء لا شك أنهم قطاع طريق ، يصدون عن الله عز وجل وعن صراطه المستقيم .
-الثالث من هذه الثمرات:
أن العبد يبلغ بذلك ويصل إلى مرتبة الإحسان :
وهي أعلى المراتب وقد فسرها النبي عليه الصلاة والسلام بقوله :"أن تعبد الله كأنك تراه فأن لم تكن تراه فإنه يراك " وقد ذكرنا في بعض المناسبات في غير هذا المجلس ، أن العلماء اختلفوا في ذلك على قولين:
(الكلام عن الأعمال القلبية)
فمنهم من يرى أنهما مرتبتان : " أن تعبد الله كأنك تراه " هذه هي المرتبة الأعلى ، ثم انحط به ونزل إلى المرتبة التي دونها ؛ يعني لم تصل إلى هذا المستوى أن تعبد الله كأنك تراه ، كأنك تشاهده ، فاعلم أنه يراك ، واستشعر رقابته عليك .
ومن أهل اعلم من فهم أنها مرتبة واحدة لكنه ذكره بهذا المعنى الثاني ، أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تراه فاستشعر نظره إليك ورؤيته لك .
والحافظ ابن القيم رحمه الله مشى على أنهما مرتبتان وعّد المرتبة الأولى وهي مرتبة الاستحضار؛ استحضار مرتبة مشاهدة الله ، واطلاعه عليه وقربه منه وإحاطته بأمره ، وهو مرتبه الإخلاص ، لأن استحضار ذلك في عمله يمنعنه إلي الالتفات إلى غير الله وإرادته بالعمل .
يلتفت إلى من وهو يستشعر هذا المعنى؟
يرائي من؟
وإذا كان من أعظم ما يخلص العبد من دنس الرياء ملاحظة أسماء الله وصفاته ، فمن لاحظ اسم الله الغني دفعه ذلك إلى الإخلاص ، لماذا ؟ وكيف ؟
لأن الله غني عن عملك وأنت فقير إلى الله عز وجل ، والله جلّ جلاله أغنى الشركاء عن الشرك ، من عمل عملا آشرك فيه معه سواه تركه الله عز وجل وشركه ، فإذا عرف العبد هذا المعنى وتأمله أخلص لله جلّ جلاله .
إذا تذكر أن الله هو الغني وأن العباد فقراء " يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد".
فكيف يتوجه إليهم ويلتفت إليهم ويطلب المحمدة منهم كيف يتصور يقوم يعبد ربه تبارك وتعالى بذكره أو الصلاة أو قراءة القرآن أو نحو ذلك ، ثم هو يطلب من مخلوق ضعيف لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً، يطلب منه أن يرفعه أو أن ينفعه ، أو أن يعظمه أو يجلّه أو ما أشبه ذلك ، تطلب من الفقير العاجز وتنصرف عن الغني الكامل جلّ جلاله.
وهكذا من تأمل اسم الله العليم فإنه يعلم أن ما أخفاه هو عن الله تبارك وتعالى عن أعين الناس ونظرهم ومشاهدتهم فإن الله تبارك وتعالى يراه ويشاهده .
فإذا استحضر العبد أن الله يراه وأنه يعلم السر وأخفى وأنه سميع بصير فإنه يستحي أن يقارف مالا يليق والله جلّ جلاله يرى ذلك منه ، والملك يشاهده ويكتب عمله ذاك .
وهكذا من تأمل اسم الله الحفيظ حمله ذلك على ترك الرياء ،لأن من معاني الحفيظ أنه يحفظ على العباد أعمالهم ، يحصيها ويكتبها ثم يوافيهم بعد ذلك بها ، وإذا صنع ذلك في سائر الأعمال كلها كان العمل كله أيها الأحبة كله لله تبارك وتعالى.
فحُبُه لله وبغضه لله وقوله لله ولحظه لله وعطاؤه لله ومنعه لله فلا يريد من الناس جزاءً ولا شكوراً .
وماذا عن المخلوقين ؟ هذا دواء أيها الأحبة في كثير من القضايا التي يسأل عنها الناس وإنما يجابون عنها بمثل هذا : اعرف ربك معرفة صحيحة بأسماء الله وصفاته .
بعض الناس يقول : أقوم بأعمال دعوية وأشياء ولكن أجد قلبي يتفلّت على ونيتي في شرود، فنقول له: اعرف ربك معرفة صحيحة فإذا عرفته بأسمائه وصفاته لم تلتفت إلى الآخرين .
ماذا ترجو وماذا تنتظر عند هؤلاء الناس العجزة المساكين الفقراء إن أحبوك مدحوك بما ليس فيك وإن أبغضوك رموك بما ليس فيك ، وما قيمة ثناء الناس وما قيمة محبة الناس وما قيمة تقدير الناس إذا كان العبد يتقلب بسخط الله جلّ جلاله ؟!
لهذا يحتاج العبد أن يراعي هذه المعاني ، لو قلت أن جميع المشكلات التي نقع فيها فيما يتعلق بالسلوك ، وما يتعلق بالإخلاص............
ما يتعلق بعلاقاتنا يرتبط بهذا المعنى لم يكن ذلك مبالغة ، كيف لا وقد ذكرنا أن العلم بالأسماء والصفات أصل للعلم بكل العلوم ، فإذا علم الإنسان قدر النفس وأنه عبد لا يصلح له إلا ما يصلح للعبد ، وعرف الرب جل جلالة وعرف الخلق فإنه لا بأس عليه ، يجتهد في طاعة الله ولا يلتفت إلى المخلوقين أن يعطوه أو يمنعوه أو يكرموه أو يمنحوه أو يرضوا عنه أو يسخطوا عليه ، لكن من لم يعرف ربه معرفة صحيحة ، تضخمت عليه نفسه وتعاظم وصار يطلب من الناس أن يبرزوه أو يقدموه ، أن يكرموه ، أن يعطوه الدروع ، أن يجعلوه في صدر المجالس ، أن ينوهوا بذكره في كل مناسبة بل وبدون مناسبة ، وإلا فإنه يغضب عليهم ويسخط أو يلومهم وربما حقد عليهم ، لماذا تتعاظم النفس؟ إذا تلاشت معرفة الرب تبارك وتعالى في القلب.
لماذا يتعاظم الناس في عين الإنسان؟
تجده دائما ملهوف يريد أن يعرف ماذا قال الناس عن عمله ومشروعه الفلاني ، ماذا قال الآخرون حينما ألقى كلمة في هذا الحفل أو حينما تصدق بصدقة أو حينما قام بعمل معين ، فهذا يجعله يقبل أو يحجم ، باعتبار نظر الناس فهذا انحراف وخلل كبير بسبب ان هذا الإنسان ما عرف الله ، فتعاظم المخلوق في عينه فاشتغل به وصوب نظره إليه فصار عطاؤه ومنعه من أجل رضا المخلوق أو اتقاءً لسخطه ولا يبالي بعد ذلك أسخط الله عليه أو رضي عليه ، وتأملوا هذا في أنفسكم ويمكن أن تعالج جميع أدواء القلوب بمثل هذا النظر والمعرفة والعلم الصحيح الذي هو من أجل العلوم.
فالعبد إذا قصد في معرفة الله عز وجل وقع في الرياء وضعف عنده الإخلاص فيقصد غير الله عز وجل و لربما عبد غير الله أصلا فيعبد حجرا أو شجرا أو بشرا ، فمن امتلأ قلبه أيه الأحبة بعظمة الله فإنه يستصغر كلمن سواه ، فلا يرجو منه قربى بعلمه أو رزقا بقوله ولم يتعلق بغير المالك المعبود جل جلاله ، والله له الأمر كله ، فلا يكون شيء في الكون إلا بأمره وعلمه ، فلماذا نلتفت إلى المخلوق ؟ ولماذا نشتغل في المخلوق؟ والأمر الثاني فيما ذكره الحافظ ابن القيم رحمه الله فيما يتعلق بمرتبة الإحسان :
الأولى الاستحضار ، والثانية المشاهدة .
وفسرها بأن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه ، فيستنير قلبه بالإيمان وتنفض البصيرة بالعرفان حتى يصير الغيب كالعيان . . . هذه عبارة الحافظ ابن القيم رحمه الله فمن عرف الله بأسمائه وصفاته تحصلت له مرتبة الاستحضار فإن ترقى إلى المعرفة بالحق تحصلت له مرتبة المشاهدة باعتبار الانقسام الذي ذكرته آنفا وأن ذلك مرتبتين وهذه المرتبة مرتبة المشاهدة هي التي يوصف الإنسان فيها بالتعبد المطلق بجميع الأسماء والصفات كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله بأن مشهد الإحسان هو مشهد المراقبة وهي أن يعبد الله كأنه يراه وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الإيمان بالله تعالى وأسمائه وصفاته حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سماواته مستويا على عرشه يتكلم عن أمره ونهيه ويدبر أمر الخليقة فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه وتعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة عليه ،ويشهد ذلك كله بقلبه ويشهد أسمائه وصفاته ويشهد قيوما حيا سميعا بصيرا عزيزا حكيما ، آمرا ناهيا ، يحب ويبغض ويرضى ويغضب ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو فوق عرشه لا يخفى شيء عليه من أعمال العباد ولا أقوالهم ولا بواطنهم بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ومشهد الإحسان : أصل أعمال القلوب كلها فإنه يوجب الحياء والإجلال والتعظيم والخشية والمحبة والإنابة والتوكل والخضوع لله تبارك وتعالى .
والذل له ويقطع الوسواس وحديث النفس ويجمع القلب والهمم على الله ، وحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مشهد الإحسان وبحسبه تتفاوت الأعمال حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والارض وركوهما وسجودهما واحد كما يعبر الحافظ ابن القيم رحمه الله .
هذا معنى شريف أيه الاحبة ويحتاج إلى عناية أن نعالج هذه النفوس ونسعى أيضا إلى رفع الآخرين إلى هذه المرتبة مرتبة الإحسان .
ولا يمكن أن يصل إليها إنسان لا يعرف الله عز وجل معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته .
ارفع نفسك تتخلص من كثير من ( ؟) إذا أردت ان تعالج الآخرين فارفعهم ، علق قلوبهم بالله عز وجل عرفهم به فتنتهي كثير من الأمور التي تقلق النفوس ويضطرب على الإنسان فيها قصده ونيته ، وعند ذلك تفسد أعماله ولربما يقع الصراع والنزاع بين كثير من الناس وهم في خير ودعوة ويتفرق الجمع الواحد ولا يلتئم اثنان على شيء ، كل ذلك بسبب الفساد الذي يعشعش في القلوب ويريد أن يكون له حضرة ، يريد أن يكون له وجود يريد ان يكون في الامام ، لماذا أهمش ؟! لماذا أحيد ؟! لماذا أبعد ؟! لماذا لا يبقى على البال ؟ لماذا الذكر والتنويه لغيري ؟ وانا الذي أقمت هذا وفعلت هذا وانا صاحب الفكرة والاقتراح .
كل هذا امراض تععش فتجد بعد ان كان راسا في هذا الباب من الخير ويدعوا الناس أليه ويحثهم عليه أصبح معوقا ومثبطا ومنتقدا ، يذكر عيوبهم وييتتبع أخطاءهم ويلمزهم ويعوق الناس عن الانتفاع بهذا المشروع ،،، وهذا العمل الذي كان هو اول الداعين إليه ........
ما الذي تغير ، لماذا تحولت اعمالهم الجيدة إلى أخطاء ، ولماذا ضخمت هذه الاخطاء ؟
الاخطاء موجودة في كل مكان لكن لماذا تتبع ؟
ولماذا النجوى ؟ يبحث عن اناس يوافقونه ويرخون له آذانهم ويسمعوا ما يلقيه في قلوبهم ، فإذا وافقه الواحد بعد الواحد ، ما يلبث إلا أصبحت حوله مجموعة إما من السذج او من الذين في قلوبهم شيء على إخوانهم ويظنون انهم إنما يقومون لله وبالله غيرة على دينه وهم إنما يقومون انتصارا لأنفسهم وحظوظهم وذواتهم .
وما اكثر هذا !
هذا الذي فرق الناس وهذا الذي شتتهم ، ويتحول بسبب هذا البر التقي الصالح الذي هو من افضل العباد إلى شيطان رجيم في نظر هؤلاء .
ولربما يتحول الطالح البطال الذي لا ينهض بعمل من اعمال الخير ، يتحول إلى رمز وإلى منظر وإلى كبير وإلى قدوة يتكلم ويهرف بما لا يعرف .......
من اين هذا أيها الأحبة ، من هذه الامور والبلايا والآفات والشوائب التي تعشعش في القلوب .........
فتجد الإنسان في نفسه أشياء كثيرة على إخوانه وإذا سنحت له الفرصة قام وتحركت عزيمته وهمته ووثب وثوب الاسد على الفريسة وصار – نسأل الله العافية – فتنة لغيره وصادا عن سبيل الله جل جلاله ..
وهذه البلية لا يسلم منها إلا من خلص قلبه من هذه الشوائب وعرف ربه معرفة صحيحة وعند ذلك لا يبالي بأحد .
فيكون المهم ان ينتشر الخير ، وان يكثر البر والمعروف على يدي او على يدي غيري ، كل من سار في هذا الطريق فانا عون له ، وإذا أساء الناس تكف عن إساءتهم ، ولا اريد لاحد ان يعرف اني قدمت في هذا قليلا او كثيرا ولا يعرف احد اني تصدقت او اقترضت أو أنني صاحب الفكرة الاساسية كما يقول في المشروع بعض الناس من غذا جلست معه تستحي : تريد ان تصلح بينه وبين إخوانه فتستحي من كلامه ( كلام أطفال ) يحتاج ترضية ...... ترضيه الكلمة وتسخطه الكلمة فإذا أعطيته بعض الاعتبار مثل (فانتم ، ومثلكم ، ما شاء الله ، وجرى على يديكم كثير من الخير والنفع ) انشرح صدره واستراح ووجد من مثل هذا أعظم ما يقويه ويدفعه إلى مزيد من العمل ،،، نعم يمكن ان يستمر في هذه الطريقة وإذا وجد فتورا أو انقباضا أو لم يذكر أو مثل ذلك او شعر ان احدا ينافسه سخط وغضب واشغل الناس بمشكلاته وإزعاجد وقلقه ، وما يريده عليهم ويشوش أعمالهم به .
هذا كثير ....... تجلس مع ناس احيانا مثل الاطفال تماما كمن عمره خمس او ست سنوات تحاول ترضيه تطيب خاطره ( لا لم ينسك احد ، كيف تُنسى ، مثلك لا ينسى ، ما شاء الله تبارك الله ، أنت أصل في هذا العمل ) يفرح ينبسط ويسر ، ترضيه الكلمة وتسخطه الكلمة لكن لو كان الأمر لله عز وجل لم يحتج لمثل هذا ، كان يقول أنا المكدى وابن المكدى كما يقول شيخ الاسلام ابن تيمية رحمه الله ، ما انتظر منكم شيء " لا نريد منكم جزاء ولا شكورا "
إذا جئت اجلس في آخر المجلس وإذا اقمت تعريفا بهذا العمل أو بغيره لا أُذكر فيه ، هذا هو الصحيح ، لكن يحتاج إلى مجاهدات وصبر ، يحتاج غلى معرفة بالنفس وبالناس ومعرفة بالخالق جل شأنه .
المقصود ايها الاحبة أنه الأمر الرابع من الثمرات :
هو ان العلم بالله تبارك وتعالى على هذا المنهج يرسخ العقيدة الصحيحة والمعرفة الصادقة بقلب الإنسان ويسلك به صراط الله المستقيم وهذا يقرب العباد من ربهم وباريهم الله جل جلاله فينزل عليهم من رضوانه وتتنزل عليهم بركاته ، ويكون سببا لرفعتهم ونصرهم وتأييدهم وتمكينهم في الارض " وعد الله الذين آمنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم في الأرض كما استخلف الذي من قبلهم وليمكنن لهم دينهم الذي ارتضى لهم وليبدلنهم من بعد خوفهم امنا يعبدونني لا يشركون بي شيئا " وشيئا نكرة في سياق النفي فتنفي كل إشراك بجميع صوره واشكاله وانواعه ، أما الذين لا زالت حظوظ النفوس قائمة فقد يجاهدون لحظوظ هذه النفوس ، فلا يكون جهاده او امره بالمعروف أو نهيه عن المنكر لا يكون لله وإنما يكون لهذه النفس وهؤلاء قد يحصل لهم خلاف مقصودهم كما ذكر أهل العلم كابن القيم والذهبي بان هؤلاء يسلط عدوه عليه إذا امر بالمعروف او نهى عن المنكر ونفسه حاضرة إما ام ينتصر لنفسه أو يعرف بهذا أو يعرف بانه جريء وشجاع فقد يسلط هؤلاء عليه فيحصل له من الاذى والإذلال والضرر ما لم يحسب له حسابا........ والله المستعان
وإذا حاد العباد عن الدين الذي ارتضاه الله عز وجل لهم فإن ذلك سببا لانقراض ملكهم وسلطانهم وإدالة عدوهم عليهم ........
الخامس من الثمرات :
...................................
أخواتي وصلت للدقيقة 49 إذا استطاعت إحدى الأخوات ان تكمل فجزاها الله خيرا وإلا فسأكمله بعون الله لكن بعد يومين إن أحيانا الله لان عندي شغل آخر أريد ان اتفرغ له ............ وجزاكم الله خيرا
.....................
جوزيت الجنة أختي الساعية للفردوس الاعلى انالك الله ما تطلبين
سمية ممتاز
23-03-08, 02:36 AM
الثـــــــــــــــــــــالث من هــذه الثمــــــرات :
أن العبد يبلغ بذلك ويصل إلى مرتبة الإحسان
وهي أعلى المراتب وقد فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (( أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك )) وقد ذكرنا في بعض المناسبات في غير هذ المجلس أن العلماء اختلفوا في ذلك على قولين , الكلام عن الاعمال القلبية: منهم من يرى أنهما مرتبتان منهم من يقول (( ان يعبد الله كأنك تراه )) هذه هي المرتبه الأعلى ثم انحط به ونزل الى المرتبه التي دونها يعني إن لم تصل الى هذا المستوى أن تعبد الله كأنك تراه , كأنك تشاهده, فأعلم أنه يراك, استشعر رقابته عليك,,,
و من أهل العلم من فنهم أنها مرتبه واحده لكنه ذَكَّره بهذا المعنى الثاني أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فاستشعر نظره اليك ورؤيته لك ..
والحافظ ابن القيم رحمه الله مشى على أنهما مرتبتان , وعدَّ المرتبة الأولى وهي مرتبه الاستحضار ..
استحضار مرتبة مشاهدة الله وإطلاعه عليه وقربه منه وإحاطته بأمره .
وهو مرتبة الإخلاص لأن استحضاره ذلك من عمله يمنعه من الإلتفات إلى غير الله وإرادته بالعمل , يلتفت الى من وهو يستشعر هذا المعنى؟ يرائي من ؟ ولذا كان من أعظم ما يُخَلـِّص العبد من دنس الرياء ملاحظة أسماء الله وصفاته فمن لاحظ من أسماء الله الغني دفعه ذلك إلى الإخلاص , لماذا وكيف ؟ لأن الله غني عن عملك وأنت فقير إلى الله عز وجل والله جل جلاله أغنى الشركاء عن الشرك من عمل عملا أشرك فيه معه سواه تركه الله عز وجل وشركه,, فإذا عرف العبد هذا المعنى وتأمله اخلص لله جل جلاله .. إذا تذكر أن الله هو غني وأن العباد فقراء (( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد )) فكيف يتوجه إليهم ويلتفت إليهم ويطلب المحمدة منهم؟؟؟!
كيف يُتَصور أن يقوم يعبد ربه تبارك وتعالى بذكره أو بالصلاة أو بقراءة القرآن أو نحو ذلك ثم هو يطلب من مخلوق ضعيف لايملك لنفسه ضرا ولانفعا .. يطلب منه أن يرفعه وأن ينفعه وأن يعظمه وأن يجله أو ما أشبه هذا تطلب من الفقير العاجز وتنصرف عن الغني الكامل جل جلاله .
وهكذا من تأمل اسم الله (العليم )فانه يعلم أن ما أخفاه عن أعين الناس وعن نظرهم ومشاهدتهم فإن الله تبارك وتعالى يراه ويشاهده فإذا استحضر العبد أن الله يراه وأنه يعلم السر و أخفى وأنه سميع بصير فإنه يستحي أن يقارف مالا يليق والله جل جلاله ير ى ذلك منه والمَلَكْ يشاهده ويكتب عمله هذا .
و هكذ ا من تأمل اسم الله (الحفيظ )حمله ذلك على ترك الرياء لأن من معاني الحفيظ أنه يحفظ على العباد أعمالهم يحصيها ويكتبها ثم يوافيهم بعد ذلك بها,, وإذا صنع ذلك في سائر الأشياء كان العمل – أيها الأحبة - كله لله تبارك وتعالى, فحبه لله وبغضه لله وقوله لله ولحظه لله وعطاؤه لله ومنعه لله, فلا يريد من الناس جزاء أو شكورا , ولسان حاله ( (إنما نطعمكم لوجه ا لله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا ) ) وماذا عند المخلوقين؟، وهذا دواء أيها الأحبة في كثير من القضايا التي يسأل عنها الناس إنما يجابون عنها بمثل هذا: اعرف ربك معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته,, بعض الناس يقول: أقوم بأعمال دعوية وأشياء ولكن أجد قلبي يتفلت عليَّ ونيتي شَرُود! فنقول: اعرف ربك معرفة صحيحة فإذا عرفته بأسمائه وصفاته لم تلتف إلى الآخرين,, ماذا ترجو وماذا تنتظر عند هؤلاء الناس العجزة المساكين الفقراء ؟؟! إن أحبوك مدحوك بما ليس فيك وإن أبغضوك رَمَوكَ بما ليس فيك وما قيمة ثناء الناس ؟ وما قيمة تقدير الناس ؟ وما قيمة محبة الناس إذا كان العبد يتقلب في سخط الله جل جلاله!!, ماقيمة هذا ؟؟
لهذا يحتاج العبد أن يراعي هذه المعاني ، لو قلت إن جميع المشكلات التي نقع فيها فيما يتعلق بالسلوك و فيما يتعلق بالإخلاص و ما يتعلق بعلاقاتنا: ترتبط بهذا المعنى.. لم يكن ذلك مبالغة, كيف لا وقد ذكرنا أن العلم بالأسماء والصفات أنه أصل للعلم بكل معلوم فإذا عرف الإنسان قدر النفس وأنه عبد لا يصلح له إلا ما يصلح للعبد وعرف الرب جل جلاله وعرف الخلق فإنه لا بأس عليه,, يجتهد في طاعة الله ولا يلتفت إلى المخلوقين أن يعطوه أو يمنعوه أو يكرموه أو يمنحوه أو يرضوا عنه أو يسخطوا عليه .
لكن من لم يعرف ربه معرفة صحيحة تضخمت عليه نفسه فتعاظم وصار يطلب من الناس أن يبرز وه أن يقدموه أن يكرموه أن يعطوه الدروع أن يجعلوه صدر المجالس وينوهوا بذكره في كل مناسبة أو بدون مناسبة وإلا فإنه يغضب عليهم ويسخط عليهم ويلومهم و لربما حقد عليهم .
لماذا تتعاظم النفس؟ إذا تلاشت معرفة الرب تبارك وتعالى من القلب .
لماذا يتعاظم الناس في عين الإنسان؟ تجده دائما ملهوف يريد أن يعرف ماذا قال الناس عن عمله ومشروعه الفلاني ,, ماذا قال الآخرون حينما ألقى كلمة في هذا الحفل أو حينما تصدق بصدقة أو حينما قام بعمل معين فهذا يجعله يُقبِل أو يُحجِم باعتبار نظر الناس,, فهذا انحراف وخلل كبير بسبب أن هذا الإنسان ما عرف الله فتعاظم المخلوق في عينه فاشتغل به وصوب نظره إليه فصار عطاؤه ومنعه من أجل رضا المخلوق أو اتقاء لسخطه ولا يبالي بعد ذلك أسخط الله عليه أم رضي عليه..
وتأملوا هذا في أنفسكم وقد يمكن أن تعالج جميع أدواء القلوب بمثل هذا النظر و والمعرفة والعلم الصحيح الذي هو من أجلّ العلوم,, فالعبد إذا قصّر في معرفة الله عز وجل وقع في الرياء وضعف عنده الإخلاص فيقصد غير الله عز وجل و لربما عبد غيره أصلاً .. يعبد حجر أو شجرا أو بشرا فمن امتلأ قلبه_ أيها الأحبة _ بعظمة الله فانه يستصغر كل من سواه.. فلا يرجو منه قربا بعمله او رزقا بقوله ولم يتعلق بغير المالك المعبود جل جلاله فالله له الأمر كله فلا يكون شيئا في الكون كله إلا بأمره وعلمه فلماذا نلتفت ا الى لمخلوق ولماذا نشتغل بالمخلوق ؟؟!.
والأمر الثاني ماذكره الحافظ ابن القيم رحمه الله فيما يتعلق بمرتبة الاحسان
الأولى: الاستحضار
والثانية:المشاهدة
وفسرها {بأن يعمل العبد على مقتضى مشاهدته لله تعالى بقلبه فيستنير قلبه بالإيمان وتنفذ البصيرة في العرفان حتى يصير الغيب كالعيان} هذه عبارة الحافظ ابن القيم رحمه الله فمن عرف الله باسمائه وصفاته تحصلت له مرتبة الاستحضار
فان ترقى الى المعرفة الحق تحصلت له مرتبة المشاهدة باعتبار الانقسام الذي ذكرته آنفا وان ذلك على مرتبتين.. وهذه المرتبة مرتبة المشاهدة هي التي يوصف الإنسان فيها بالتعبد المطلق بجميع الأسماء والصفات كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله بان مشهد الإحسان هو مشهد المراقبة وهو أن يعبد الله كأنه يراه وهذا المشهد إنما ينشأ من كمال الايمان بالله و اسمائه وصفاته حتى كأنه يرى الله سبحانه فوق سمواته مستوياً على عرشه يتكلم بأمره ونهيه ويدبر أمر الخليقة فينزل الأمر من عنده ويصعد إليه وتُعرض أعمال العباد وأرواحهم عند الموافاة إليه فيشهد ذلك كله بقلبه ويشهد أسمائه وصفاته ويشهد حياً قيوماً يحب ويبغض ويغضب ويفعل ما يشاء ويحكم ما يريد وهو فوق عرشه لا يخفى عليه شيء من أعمال العباد ولا أقوالهم و لا بواطنهم بل يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور ومشهد الإحسان أصل أعمال القلوب كلها فانه يوجب الحياء و الإجلال والتعظيم والخشية والمحبة والإنابة والتوكل والخضوع لله تعالى والذل له ويقطع الوسواس وحديث النفس ويجمع الهم و القلب على الله,, فحظ العبد من القرب من الله على قدر حظه من مقام الإحسان وبحسبه تتفاوت الصلاة حتى يكون بين صلاة الرجلين من الفضل كما بين السماء والأرض وقيامهما وركوعهما وسجودهما واحد كما يعبر الحافظ ابن القيم ..
هذا معنى شريف أيها الأحبة يحتاج إلى عناية أن نعالج هذه النفوس ونسعى أيضا إلى رفع الآخرين إلي أن يصلوا لهذه المرتبة ولا يمكن أن يصل إليها إنسان لا يعرف الله معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته . ارفع نفسك وتخلص من كثير من الأوضام,, إذا أردت أن تعالج الآخرين فأرفعهم علق قلوبهم بالله عز وحل عرفهم به ستنتهي من كثير من الأمور التي تقلق النفوس و يضطرب على الإنسان فيها قصده ونيته وعند ذلك تفسد أعماله و لربما يقع النطاح والصراع بين كثير من الناس وهم في عمل واحد في خير ودعوة ويتفرق الجمع الواحد ولا يلتئم اثنان على شيء كل ذلك بسبب الفساد الذي يعشعش في القلوب .
هو يريد أن يكون له حضرة.. يريد أن يكون له وجود.. يريد أن يكون في الأمام.. لماذا أهمش؟؟ لماذا أحيد؟؟ لماذا أُبعد؟؟ لماذا لا يُلقى لي بال؟؟ لماذا الذكر لغيري والتنويه لغيري؟؟ وأنا الذي أقمت هذا وفعلت هذا وأنا صاحب الفكرة والاقتراح كل هذه أمراض تعشعش,,, فتجد بعد أن كان رأساً في هذا الباب من أبواب الخير ويدعو الناس إليه ويحثهم عليه أصبح معوقاً ومثبطاً ومنتقداً يذكر عيوبهم ويتتبع أخطاؤهم ويلمزهم ويعوق الناس عن الإنتفاع بهذا العمل وبهذا المشروع الذي كان هو أول الداعين إليه... ما الذي تغير ؟؟ لماذا تحولت أعمالهم الجيدة إلى أخطاء؟؟ لماذا ضُخِّمت هذه الأخطاء ؟؟ الأخطاء موجودة في كل مكان ولكن لماذا تتبع؟؟ ولماذا النجوى؟؟ يبحث عن أناس يوافقونه ويسمعوا لما يلقيه في قلوبهم فإذا وافقه الواحد بعد الواحد ما يلبث أن يتجمع حوله مجموعة إما من مجموعة السُذَّج أو ممن في قلوبهم شيء على إخوانهم ويظنون أنهم إنما يقومون بالله ولله غيرة على دينه وهم إنما يقومون انتصارا لأنفسهم وحظوظهم وذواتهم,, وما أكثر هذا الذي فرق الناس وهذا الذي شتتهم .. ويتحول بسبب هذا البَر التقي الصالح الذي هو من أفضل العباد يتحول شيطان رجيم في نظر هؤلاء ولربما يتحول الطالح البطال الذي لا يظهر في عمل من أعمال الخير إلى رمز والى منظم والى كبير والى قدوة يتكلم و يهرف بما لا يعرف ,,, من أين هذا ؟ هالأمور وهالبلايا و هالآفات ا وهالشوائب التي تعشعش في القلوب فتجد الإنسان في نفسه أشياء كثيرة على إخوانه وإذا سنحت له الفرصة قام وتحركت عزيمته وهمته ووثب وثوب الأسد على الفريسة,, فصار _ نسأل الله العافية _ فتنة لغيره وصادا عن سبيل الله جل جلاله,, وهذه بلية لا يسلم منها إلا من خلَّص قلبه من هذه الشوائب وعرف ربه معرفة صحيحة وعند ذلك لا يبالي بأحد.. يقول المهم أن ينتشر الخير أن يكثر البر والمعروف على يدي أو على يد غيري.. كل من سار في هذا الطريق فأنا عوناً له, وإذا أساء الناس أكف عن إساءتهم ولا أريد أن أحداً يعرف أنني قدمت في هذا قليلا ولاكثيرا ولا يعرف أحد أنني تصدقت أو أنني اقترحت أو أني صاحب الفكرة الأساسية كما يقول في المشروع,, من الناس من إذا جلست معه تستحي,, تريد أن تصلح بينه وبين بعض إخوانه تستحي كلام أطفال ترضيه الكلمة وتسخطه الكلمة فإذا أعطيته بعض الإعتبار وأنت ومثلكم ما شاء الله وجرى على يده كثير من الخير والنفع وأنتم وأمثالكم انشرح صدره واستراح ووجد من مثل هذا من أعظم ما يقويه ويدفعه لمزيد من العمل نعم ممكن أن يستمر بهذه الطريقة .. وإذا وجد فتورا وانقباضا أو أنه لم يُذكر أو شعر أن أحد ينافسه سخط وغضب وأشغل الناس بمشكلاته و إزعاجه وقلقه ما يورده عليهم ويشوش على أعمالهم به.. مثل هذا كثــــير,, تجلس مع أناس مثل الأطفال تماما خمس سنوات وست سنوات تحاول ترضيه وتطيب خاطره وأنت لا ما احد نسيك كيف تنسى مثلك ما ينسى ما شاء الله تبارك الله أنت أصل في هذا العمل... يفرح ويسر ,,ترضيه الكلمة وتسخطه الكلمة لكن لو كان الأمر لله كان ما احتاج لمثل هذا كان قال : ( أنا المكدى وابن المكدى )كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية ما أنتظر منكم شيئاً ( لا نريد منكم جزاءا ولا شكورا ) إذا جئت أجلس في آخر المجلس وإذا أقمتم تعريف بهذا العمل أو بغيره لا أُذكر فيه.. هذا هو الصحيح,, لكن هذا يحتاج إلى مجاهدات وصبر ويحتاج إلى معرفة بالنفس ومعرفة بالخلق و معرفة بالخالق جل جلاله .
الأمر الرابع من الثمرات :
هو أن العلم بالله تبارك وتعالى على هذا المنهج يرسخ العقيدة الصحيحة والمعرفة الصادقة في قلب الإنسان ويسلك به صراط الله المستقيم وهذا يقرب العباد من ربهم وخالقهم وبارئهم جل جلاله فينزل عليهم رضوانه و تنزل بركاته ويكون هذا سبب لرفعتهم ونصرهم وتأييدهم وتمكينهم في الأرض ((وعد الله الذين آمنوا وعملو ا الصالحات ليستخلفنهم في الارض كما استخلف الذين من قبلهم وليمكنن لهم دينهم وليبدلنهم من بعد خوفهم أمنا يعبدونني ولايشركون بي شئيا ))
شيئا نـكرة في سياق النفي ،نفي لكل إشراك بجميع صوره وأشكاله وأنواعه أما الذين لازالت حظوظ النفوس قائمة فقد يجاهدون لحظوظ هذه النفوس.. فلا يكون جهاده أو أمره بالمعروف و نهيه عن المنكر لا يكون لله وإنما يكون لهذه النفس .. وهؤلاء قد يحدث لهم خلاف مقصودهم كما ذكر أهل العلم كابن القيم والذهبي لأن هؤلاء قد يُسلط عدوه عليه إذا أمر بالمعروف أو نهى عن المنكر ونفسه حاضرة, يريد إما أن ينتصر لنفسه أو يعرف بهذا ويعرف انه جريء وشجاع فقد يسلط هؤلاء عليه فيحصل له من الأذى والإذلال والضرر مالا يحسب له حسابا _ والله المستعا ن _ وإذا حاد العباد عن الدين الذي ارتضاه الله لهم فإن ذلك يكون سببا لإ نقراض ملكهم وسلطانهم وإدالة عدوهم عليهم .
الخامس من الثمرات :
تنزيه الله عزوجل عن كل ما لايليق به
فلا يظن بربه ظناً سيئا ولا يصفه بما لا يليق ولا يسميه بغير الأسماء التى سمى بها نفسه تبارك وتعالى فالله جل جلاله من أسمائه القدوس و السبوح وهذه تدل على التنزيه.. على تنزيه الله عن كل عيب ونقص . يعلم أن الله ليس كمثله شئ فلا ينسب إليه نقيصة, ولايسئ الظن به ولا يقول لماذا يارب؟ ما ذنب هذا يارب؟! .
الأمر السادس من هذه الثمرات :
وهو أمر جليل يحتاج العبد أن يتفطن له وهو
الاستدلال بما عُلم من صفاته وأفعاله على ما يفعله ويشرعه
هذه طريقة الخواص من أهل الإيمان أهل المراتب العالية,, يعني أكثر الناس يستدلون بما يشاهدونه ويرونه على أمور تتعلق بالله عز وجل يستشهدون بهذا الخلق على وجود الخالق,, يستشهدون بانتظام هذا الخلق وبسيره هذا السير الدقيق على أن المدبر واحد,, فلا يشركون به أحدا سواه هذه طريقة أكثر الخلق,, وهي الطريقة الشائعة في القرآن لأن مدارك غالب الناس إنما تدور عليها ،لكن الطريقة الثانية هي طريقة راقية أكمل من هذه ..لا يصل إليها إلا القلة من الناس الأفذاذ .. من فتح الله بصيرته فهولاء لسان حالهم هؤلاء الذين وصلوا إلى المرتبة العالية يقول افي الله شك ،
يقول :
وليس يصح في الأذهان شئ *** إذا أحتاج النهار إلى دليل
مثل المرأة التي مر بجوارها رجل من أهل الكلام وأظنه الرازي ومعه كوكبة من تلامذته ، امرأة عامية جالسة في الطريق قالت : من هذا؟ قالوا : هذا الذي يعرف على وجود الله ألف دليل فقالت على البديهة: لو لم يكن في قلبه ألف شك لما عرف على وجود الله ألف دليل، قضية وجود الله قضية بدهية قضية لاتحتاج إلى استدلال ونظر وإثبات و لهذا لاتجد الأدلة في القرآن تقرر هذا المعنى وإنما ينتقل منها لأنها بدهية وهذا من خصائص الاستدلال القرآني ينتقل منها مباشرة إلى تقرير الإلهية .. ما يحتاج يقول لهم الله موجود وإنما مباشرة يقررهم بما يقرون به,, هذا تقرون بأنه خلق السموات والأرض .. وهو الذي يرزقكم ويعطيكم يجب أن تعبدوه وحده وتوحدوه ,, تفردوه بالعبادة لا تشركوا معه أحدا سواه.. هذه الطريقة التي جرى عليها القرآن,, لكن هؤلاء من المتكلمين يتعبون أنفسهم في إثبات قضية لا ينكرها الذين بعث النبي صلى الله عليه وسلم من العرب.. أهل الإشراك كان يعرفون أن الله موجود, وهو الخالق , الرازق , المعطي, المانع, وإنما يعبدون هذه الآلهة لأنهم يقولون إنها تقربنا إلى الله زلفى .
الطريقة الأعلى من هذه: هو أن من عرف الله معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته استدل بهذه الأسماء والصفات وعرف منها على ما يجري في هذا الخلق و ما يكون أيضا في الشرع .
فالعالم بالله تبارك وتعالى يستدل بما علم من صفاته وأفعاله على ما يفعله وعلى ما يشرعه من الأحكام لأنه لا يفعل إلا ما هو مقتضى أسمائه وصفاته فأفعاله دائرة بين العدل والفضل والحكمة كذلك لا يشرع ما يشرعه من الأحكام إلا على حسب ما اقتضاه حمده وحكمته وفضله وعدله، فأخباره كلها حق وصدق وأوامره ونواهيه عدل وحكمة .
نعطيك مثالين: الأول يتعلق فيما يفعله الله في هذا الخلق والثاني فيما يشرعه الله تبارك وتعالى ...
أما الأول: فهو موقف خديجة رضي الله عنها ،الموقف المشهور ، لما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يرتعد لمارأى الملك ونزل عليه الوحي أول مرة فجاء وهو في غاية الخوف فقال لها ((إني قد خشيت على نفسي ))،
فماذا قالت خديجة ؟ قالت : كلا ، والله لا يخزيك الله أبدا ، كيف حكمت وحلفت أن الله لا يمكن إن يخزيه قالت : ( إنك لتصل الرحم ، وتصّدْق الحديث ،وتحمل الكلَّ ، وتقري الضيف وتُكسب المعدوم ، وتعين على نوائب الحق )
انظروا إلى هذه الأشياء التي ذكرتها0 وهو ما كان مجبولاً عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الأخلاق ومحاسن الشيم كما قال شارح الطحاوية .. وقد علم من سنة الله أن من جبله على الأخلاق المحمودة ونزهه عن الأخلاق المذمومة فإن الله لا يخزيه.. ترى إنسان محسن إلى الآخرين وتقي وصالح يقوم الليل ويصوم النهار ونحو ذلك ,, هل يمكن أن الله يخذل هذا إذا كان له نية صحيحة في هذه الأعمال؟؟ لا يمكن.. نعم قد يُبتلى فترة يمحص ويرفع لكن أن يخذل هذا لا يكون .
الكفار الذين يظلمون وأكثروا الفساد في البلاد وقارفوا ألوان الجرائم التي أهلك الله عز وجل من أجل واحدة منها أمة من الأمم.. مثل هؤلاء الناس نحن نعلم بما نعرف وما نعلم من أسماء الله وصفاته أن هؤلاء لا يُمَكنون ,, إنما يكون لهم ظهور مؤقت لحكمة وأمر يعلمه الله عز وجل ثم بعد ذلك ينكسرون و ينتهون و يتلاشون,, نحن نعرف أن من سنة الله كما أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم (حقا على الله انه ما ارتفع في هذه الدنيا شيئا إلا وضعه ) كل ما ارتفع سيأتي يوم ويتضع إلا ما كان لله وفي الله وفي سبيل الله فهذا الذي لا يوضع وإنما يُرفع .
وأما فيما يتعلق بالتشريع :
فقد ذكر الحافظ ابن القيم رحمه الله مسألة فقهية وهي مسألة بطلان التحليل في التحليل مثلا حيلة على تحليل الزوج بعد الطلقة الثالثة (المحلل) وكذلك أيضا الحيل الربوية يقول يستحيل على الحكيم أن يحرم الشئ ويتوعد على فعله بأعظم أنواع العقوبات ثم يبيح التوصل إليه بنفسه بأنواع التحيلات فأين ذلك الوعيد الشديد وجواز التوصل إليه بالطريق البعيد.. إذ ليست حمكة الرب تعالى وكمال علمه وأسمائه وصفاته تُنتقض بإحالة ذلك وامتناعه عليه فهذا استدلال بالفقه الأكبر في الأسماء والصفات على الفقه العملي في باب الأمر والنهي ،اولئك الذين يقولون مافي شئ هذا يجوز أن تتوصل لهذه المعاملة بهذه الطريقة , بالربا، الحيل الربوية الكثيرة التي يتعامل بها من يتعامل...
الله عز وجل يحرم الربا ويقول ( فأذنوا بحرب من الله ورسوله ) والنتيجة هي النتيجة لكن بطريقة ملفوفة بإدخال سلعة أو نحو ذلك ثم تقولون هذا حلال .
فحكمة الله تأبى ذلك، وإلا لما حرم الربا ,, فنحن نعرف من حكمتة سبحانه وتعالى الله في تشريع هذا ومن مقاصد الشريعة في تحريم الربا أن هذا موجود في المعاملة الأخرى التي احتالوا بها على هذا الربـــــــــــــــــا .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات
...........................................................................................................
هنا انتهى الدرس وتبقى الأسئلة فقط
لكن غلبني الوقت اليوم, وبإذن الله غداً الأحد سأنزل الأسئلة
وكذلك سأرفق لكم ملف الوورد لمن أحبت ذلك ..
وأعتذر على التأخير.
..........................................................................................................
سمية ممتاز
24-03-08, 05:52 PM
الأســــــــئلة
*هل الشاكر والشكور من أسماء الله تعالى؟ وهل ندعو بهما ؟؟
نعم الشاكر والشكور من أسماء الله تعالى .
*ما الدعاء الذي يناسب الدعاء بهذا الإسم ( السبوح ) ( مالك الملك) ؟؟
ممكن أن يقول الإنسان يا سبوح طهر قلبي من كل دنس مثلاً, طهر عملي من كل شائبة
يا قدوس نقي عملي .. نقي قلبي , ونحو ذلك .
لكن يُلاحظ أنه ينبغي أن لا يتكلف الإنسان في الدعاء, لأن المقصود هو حضور القلب.. فإذا وُجد التكلف إما بمثل هذا: بتتبع الأسماء الحسنى كما يفعل بعضهم في ما سمعت في بعض البلاد في القنوت في الوتر في رمضان .. يأتي بجميع الأسماء الحسنى التي ذُكرت مثلاً أو التي وجدها في ورقة ثم يأتي يركب على كل واحدة دعاء,,, و النوع الثاني من التكلف وهو ما يحصل عند الدعاء من التكلف في العبارة بحيث كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : من كان عادته أنه يلحن مثلاً فإذا أراد أن يقيم ذلك فإن ذلك يكون سبباً لانصراف القلب عن الدعاء
كما يكون في قراءة القرآن فيما ذكر من التكلف في قضايا تتعلق بمخارج الحروف ونحو هذا فالقلب ينصرف مباشرة إليها ولا يُحضِر قلبه عندئذٍ عند قراءة القرآن في التدبر .
بالنسبة لمالك الملك , من أسماء الله الملك والمالك أما مسألة الأسماء المضافة ذكرنا الكلام فيها وخلاف أهل العلم.
*كيف نقول إن لله اسم أعظم معين مع تضارب الأدلة وهي غير متفقة؟؟
ولهذا اختلف العلماء على كل حال فمنهم من نظر لما نظر لهذه الأدلة كابن جرير فقال يوجد اسم أعظم , لكن هؤلاء ماذا يقولون كابن جرير يقول كل الأسماء يقال لها اسم أعظم ,, لكن إذا تأملت الأدلة تدرك أن هذا القول ليس بصحيح ,, النبي صلى الله عليه وسلم يقول (( دعا الله باسمه الأعظم )) لماذا خص هذا الدعاء ؟؟ باسمه الأعظم
بعضهم خرج من هذا الإشكال وقال: إن الإسم الأعظم يكون بهذه الأسماء إذا استعمل واحداً منها في مقامه المناسب فيكون هذا من قبيل الاسم الأعظم .. فالإسم الأعظم في هذا الدعاء غير الاسم الأعظم في الدعاء الثاني غير الاسم الأعظم في الثالث ولهذا جائت الأدلة متفاوتة .. هذا غير القول الأول بأنها كل الأسماء يقال لها اسم أعظم .. وأكثر من قال بهذا هم الذين نفوا التفاضل بين أسماء الله عز وجل .
*هل يسمى الإنسان عزيز بدون أل التعريف ؟؟
الذي يظهر والله أعلم أنه لا إشكال في هذا ,, والله عز وجل قال: (( وكان ورائهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا)) فقال ملك دون أل التعرف
وقال في أل التعرف: (( وقالت امرأت العزيز ))
لكن هناك أسماء مختصة بالله عز وجل لا يُسمى بها غيره ,, وهناك ما يكون مختصاً إذا لوحظ المعنى .. ويأتي إن شاء الله في مواضعه في الكلام عن الأسماء .
*ذُكر أن اسم الله الأعظم المشهورة ثلاثة - الحي القيوم , الله- ما هو الثالث ؟؟
من أهل العلم من قال يقول الإنسان يا حي يا قيوم يا واحد وأحد يا الله .
*هل اسم محي فقط بدون إضافة يصح أن يسمى به الإنسان أم لا بد من إضافة مثل محي الدين ونحو هذا ؟؟
لا أعرف .. لا أدري .
ابن القيم رحمه الله تكلم على بعض الأسماء مثل لفظة الخلق وذكرها غير ابن القيم أيضاً, وأكثر من هذا مثل كلمة بارئ .. قال أن مثل هذه الأسماء منها ما يمكن أن يطلق على المخلوق مثل لفظة خَلَقَ,, لكنه لا بد أن يكون مقيدا فيقول فلان عنده فكرة خلاقة , أو خلق فكرة , أو نخلق أفكاراً ..
فالخلق يأتي بمعنى التصيير والتصوير والتشكيل ويأتي بمعنى الإيجاد من العدم .. فابن القيم رحمه الله يقول : مثل هذه الأسماء لا يصح أن تُقال بإطلاق فتقول فلان خالق , فلان محي , فلان بارئ .. وإنما تقولها مقيدة , ومنها ما لا يصح إلا لله عز وجل.
*ما حكم ما ورد عن بعض العباد كرابعة العدوية وغيرها الذين كانوا يعرفون بالعشق الإلهي ؟؟
لا يصح مثل هذا , وذكرت من قبل أنه يكون لله عز وجل من ذلك الأكمل , وقلنا الله عز وجل يوصف بالمحبة واتخذ ابراهيم خليلا ولكن لا يوصف بالعشق .
*هل يكفر من نفى عنه اسم ه الأعظم مع ثبوته له؟
لا ما يكفر, كيف؟
ذكرنا لكم وجه هذا.
*هل يسمى الله بنافخ الروح؟ وهل يُدعى الله بهذا الاسم ؟؟
يُخبر عنه بهذا وليس هذا من أسمائه .
*نريد أن توضح لنا الفرق بين أفعال الله ومفعولاته مع بيان حديث ؟؟
تكلمنا عليه, الشر ليس اليك
فعل الله الذي هو الفعل نفس الفعل صفة الفعل نفس الخلق عملية الخلق هذا فعل الله عز وجل , وهذا لفظة خلق كغيرها من المصادر يطلق ويراد به معنى المصدر , ويطلق أحياناً ويراد به المفعول أو معنى المفعول
لفظة الخلق يمكن أن يراد بها نفس العملية ويمكن أن يراد ما نتج عنها ..
يعني الآن عندما أقول: خَلْق الله : صفة خلق صفة لله عز وجل , ما المقصود بها؟ الفعل أليس كذلك .. نفس الصفة الفعلية
لكن لما أقول هؤلاء خَلْق الله ,, هل هذه نفس الصفة ولا هذا المفعول المخلوق ؟
أنتم خلق الله .. في فرق بين الإستعمالين ولا ما في فرق؟
في فرق ,
طيب الكلام .. أنا أتكلم الآن, هذا الذي أفعله الذي أزاوله الآن يُقال له: كلام ,,,, وحينما تأتيني بكلام مسجل أ مكتوب وتقول لي هذا كلام زيد , في فرق بين الإستعمالين ولا ما في فرق ؟
في فرق ,, فالأول أطلقته على نفس فعلي , والثاني أطلقته على المفعول .. ما وُجِد من هذا الكلام.. المُتَكَلَم به.
حينما تقول مثلا الكتابة يمكن تطلق الكتابة على نفس العملية (كتابة) ويمكن أقولك هذا أيضا كتابة هذا المفعول وذاك هو نفس الفعل، المصدر (كتابة) يطلق على نفس الفعل نفس العملية ويطلق على المفعول هذه كتابة. واضح.
حينما أقول الآن هذا شُرب- العملية نفسها _ وحينما اقو ل لك هذا شُرب أو شراب يصلح أو لا ؟ يصلح,, يعني مشروب.
حينما أقولك مثلا هذا أكل والذي يأكل يمارس نفس هذه العملية والعملية نفسها ماذا يقال لها ؟ أكل والمأكول يقال له أكل . واضح
فحينما نقول فِعْلُ الله فهو فعله الذي يوجد منه المفعول .. حينما نقول خلق الله يعني نريد بذلك فعله سبحانه وتعالى الذي هو نفس عملية الخلق,, فأفعاله كلها خير,, الله عليم حكيم ما يوجد شيء إلا لعلم وحكمة وكذا .. لكن المخلوق الذي يوجد من جراء هذا قد يكون بالنسبة لبعض الناس شر.. شر نسبي بالنسبة له هو، فهذا الإنسان الذي مثلا لدغته الحية أو سقط في نار احترق أوغرق ماله ونحوه بالنسبة له يرى انه شر لكن بالنسبة لفعل الله حينما قدره وقضاه هذا خير أو شر؟ هذا خير ( والشر ليس إليك). اتضح لكم؟؟
*هل يجوز إن نقول أكثر من ذكر أثناء السجود والركوع كأن نقول سبحان ربي الأعلى, سبوح قدوس رب الملائكة.. إلى آخره ؟؟
لابأس بهذا..ومن ذلك ماورد في قيام الليل كما في حديث عوف بن مالك الأشجعي لما ذكر صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في قيام الليل وذكر ما يقوله في ركوعه وسجوده, يقول:((سبحان ذي الجبروت والملكوت والكبرياء والعظمة)) هذا في قيام الليل.
*يقول (والله خير الماكرين)هل يجوز تسمية الله ماكر, مكار, خير الماكرين ؟
لا، ذكرنا هذا من قبل.
*هل يجوز تعليق الأسماء الحسنى على الجدار أو كتابتها على جدران المساجد ؟؟
لا يفعل الإنسان مثل هذا .
*هل يثبت لله اسم الصانع أو القديم ؟ أو أول الموجودات ؟؟
لا ، ليس ذلك من أسمائه, لكن الله عز وجل هو الأول - بدون هذا القيد أول الموجودات- هو الأول وهو الآخر.
*ما الضابط في إثبات الأسماء ؟
ذكرنا الضابط .
*هل نستطيع تعداد الأسماء الحسنى مطبقين عليها القواعد من غير خلاف ؟؟
مهما ذكرنا سيأتي من يخالف في هذا, لأن المسألة يختلف في نفس الضوابط وإذا اتفقت مع غيرك في نفس الضابط تختلف في تحقيق المناط هل هذا منه أو لا .
*هل هناك من العلماء المعاصرين من تكلم في الأسماء الحسنى واجتهد في تعدادها ؟
نعم يوجد الشيخ ابن عثيمين يوجد كثير وسأذكرها لكم وأعطيكم إياها إن شاء الله في الجداول ل سترونها إن شاء الله تعالى في كل اسم من الذي ذكره.
*في حديث أبي أمامة أن اسم الله الأعظم في هذه السور الثلاث على القول بأنه ليس الحي القيوم فما وجه تخصيص هذه السور الثلاث؟
هذه السور الثلاث ليس الاسم الوحيد الذي فيها هو الحي القيوم فيُلتَبس ، لكن لذلك قلنا من أقوى الأقوال الحي القيوم لأنه موجود في هذه السور الثلاث .
*الذين قالوا بأن الله ليس له اسم أعظم بماذا أجابوا عن الأحاديث التي تصرح بان لله اسما أعظم؟؟
ذكرت الإجابة قبل قليل .
*أين نجد تصريح ابن القيم بان لله اسما أعظم وهو الحي القيوم؟؟
ما رجحه ابن القيم ان الاسم الأعظم الحي القيوم .
ذكره في عدد من الكتب مثل في زاد المعاد وفي النونية أيضا وكذلك أيضا في كتب أخرى كالصواعق المرسلة.
*في بعض الأفراح تزف العروس بأسماء الحسنى مع الدف؟؟
لا يشرع هذا ولا ينبغي فعله .
*هل الرب من أسماء الله الحسنى؟ طبعا
فان لم يكن هل يجوز تسمية عبد ا لرب؟ هو من أسماء الله الحسنى ...
وهل يجوز التسمية باسم بصير؟ تكلمنا عن هذا
*هل أدعو بـ:يا أرحم الراحمين ارحمني؟
نعم.
*على هذا الخلاف بين العلماء هل يجوز قول :اللهم إني أسألك باسمك الأعظم؟
نعم .. قلنا الراجح انه يوجد اسم أعظم لكن الله أخفاه ليتطلبه الناس كما اخفى ليلة القدر والساعة التي تكون في الجمعة.
*هل قول لو كان الدهر اسما لله لكان قول المشركين صحيحاً ( وما يهلكنا إلا الدهر )
المهم ان الدهر ليس من أسماء الله عز وجل وحينما قالوا : ( وما يهلكنا إلا الدهر ) ما قصدوا أن الله هو الذي يهلكهم,يرد على من قال بان الدهر من أسماء الله بهذا الرد, والذي قال به إنما هم شذوذ لا عبرة بذلك القول .
*من سب الدهر فكأنما سب الله,, لكن ما الجواب على قوله صلى الله عليه وسلم (الدنيا ملعونة ملعون ما فيها ...)؟؟
لا ليس المقصود لعن الدهر الدهر زمن و إنما الذي يشغل عن الله وذكره ومايقرب إليه .
*الحديث الذي يقو ل (لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر ) كيف نعلل هذا الحديث؟
بمعنى فسره النبي صلى الله عليه وسلم بأن الله يقلب يصرف الليل والنهار,, فالدهر زمن لماذا يسب ؟ ليس هو الذي يوقع الحوادث .
*لو كان هناك كتاب أو مرجع في ذلك
سأعطيكم إن شاء الله مراجع.
*هناك أناس مما يحرصون على حضور مثل هذا الدرس يتأخرون في المجئ للمساجد ا لتي فيها الدروس يفوت تكبيرة الإحرام وربما فاتتهم صلاة الجماعة فهل ذلك لائق بطلاب العلم نرجو التعليق .
لاشك أن الصلاة أولى ينبغي الحرص على هذا .
*اعرف من زملائي من هو حريص على طلب العلم لكن وضع صلاته سئ يفوت صلاة الجماعة ويتأخر دائما وينام أحيان كثيرا عنها وتفوته صلاة الجماعة مرات ثم ينسب نفسه لطلب العلم اكتب مثل هذا لإرادة النصيحة؟
أقول مثل هذا لو عرف الله بأسمائه الحسنى كان ما تأخر عن طاعته وما نام والناس يصلون والداعي إلى الله يقول حي على الصلاة حي على الفلاح .
*هل ممكن لإدراك جزء من عظمة الله القول ان سمعه جزء منه ( بقية السؤال غير واضح)؟؟
نقول إن الله يسمع هذه اللغات جميعا وان الله تبارك وتعالى يبصر هذه المخلوقات جميعا لكن ليست هي جزء من سمع الله تبارك وتعالى.فسمعها مخلوق وسمع الله صفة من صفاته
*ما هو تدليس التسوية ؟
هو يسأل خارج الموضوع لكن لما ذكرنا الوليد بن مسلم وانه لما تُكلم عليه وأنه يدلس تدليس التسوية .
تدليس التسوية هذا الإنسان يروي عن شيخ ثقة والشيخ الثقة يروي عن ضعيف والضعيف يروي عن ثقة لقيه شيخ المدلس شيخ المدلس ثقة روى هذا الحديث عن شيخ الضعيف الشيخ الضعيف روى عن ثقة, الثقة الأخير التقى بالثقة الأول، واضح، فيأتي هذا ويُسقط الضعيف الذي بينهما ويروي الحديث ثقة عن ثقة لكن الإسناد متصل ثقات .. هذا لقي هذا وهذا شيخه ما فيه ضعفاء والواقع ان هذا تدليس التسوية اسقط هذا بينهما هذه مشكلة لا يعرفها إلا الحذق.
انتهى..
جزاكم الله خيرا
أعتذر عن تأخري لكن حصلت عندي ظروف,, فساعدتني الأخت نور الصباح جزاها الله خير.
سمية ممتاز
31-03-08, 02:14 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
تفريغ الدرس الثامن من دروس سلسلة أسماء الله الحسنى ..
ذكرنا ستة أمور
والسابع من الثمرات
هو تزكية النفوس
وهذا الدين أيها الأحبة يهدف إلى صلاح الإنسان ,وإنما يكون صلاحه بإقامة العبادة على قاعدة العبودية الحقة وعلى طريقها الذي شرّعه الله تبارك وتعالى..
وكان المفتاح لذلك والجادة التي يسلكها من أراد أن يصلح قلبه و حاله ونفسه هو النظر في آيات الله عزوجل التي تحدثنا عن المعبود جل جلاله وأسمائه وصفاته وتربط القلوب به وبهذا تتجه القلوب والوجوه إلى الرب المالك المعبود سبحانه وتعالى..
وقد كان الأصل والمحور الذي يدور حوله القرآن هو الحديث عن الله عزوجل وصفاته وفعله في الكون . القرآن يتحدث مبيناً عظمة الله عزوجل ويدعو الناس إلى الإستجابة إليه, والأخذ بما بأمرهم به ويشرعه لهم , ومجانبة ومجافات ما يوقعهم في مسا خطة , وأسباب غضبه, وهكذا يبين لهم فعله بأهل طاعته وفعله بأهل معصيته في الدنيا والآخرة,, وهذا الحديث هو الذي يحرك النفوس ويستثير الهمم ويجعل العبد مشمراً في طاعة الله عزوجل سالكاً صراطه المستقيم.. وبذلك تزول الأدناس والأرجاس التي تعوقه عن فعل الخير والتعلقات في الأمور الدنية التي تشغله عن التعلق بربه جل جلاله .
((الله نزل أحسن الحديث كتاباً متشابهاً مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله)) .. فالعلم بأسماء الله عزوجل وصفاته - أيها الأحبة - هو العاصم بإذن الله عزوجل لهذه النفوس عن الخطأ والزلل والانحراف وهو المقيل من العثرة وهو الفاتح لباب الأمل .. وبذلك تعرف النفوس أن ربها غفور رحيم تواب يتوب على من تاب وأناب, كما يعينهم على الصبر كما سيأتي إيضاحه بإذن الله تبارك وتعالى.. وإذا تمكنت الأسماء والصفات من قلب العبد خلّصت قلبه من كل شائبة شركية أو بدعية وطهرت نفسه من كل دنس .
إن اسم الله تبارك وتعالى { الــــلــــــــه } إذا تمكن من القلب طرد منه كل شرك وبدعة.. لأن الله هو المألوه أي المعبود, فلا تتوجه النفوس إلى عبادة غيره ,, وإنما يكون تألهها وتعبدها له وحده لاشريك له, وبهذا يكون العبد قريب من ربه مطيعاً له ممتثلاً مستجيبا .
الثــامن من هذه الثمـرات : -
تحقيق السعادة .
فالعلم بالأسماء والصفات والتعبد بها هو قطب السعادة ورحى الفلاح والنجاح, من رام السعادة -أيها الأحبة- وابتغاها فليأخذ نفسه بأسماء الله وصفاته, فبها الأنس كله والأمن كله وما راحة القلوب وسعادته إلا بها لأنها تتعلق بمن طبُّ القلوب بيديه وسعادتها بالوصول إليه وكمال إنصباب القلب إليه.. ولهذا قال النبي "صلى الله عليه وسلم" : ( إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة ) وعرفنا أن أعلى منازل الإحصاء هو :التعبد , فهذا كما يقول ابن القيم "رحمه الله" : (هو قطب السعادة ومدار النجاح و الفلاح ) وكان يقرر "رحمه الله" أن من تعلق بصفة من صفاته أخذته بيده حتى تدخله عليه ومن سار إليه بأسمائه الحسنى وصل إليه.. ومن أحبه أحب أسمائه وصفاته وكان آثر شيء لديه ,فحياة القلوب بمعرفته و محبته وكمال الجوارح في التقرب إليه بطاعته وكمال الألسنة بذكره والثناء عليه بأوصاف مدحته . وماذا عسى أن تلهج به الألسنه أفضل من لهجها بالثناء على الله عزوجل؟ وبماذايمكن أن تُعمر القلوب أيها الأحبة أعظم من تعظيم الله عزوجل ومحبته والخوف منه ورجائه؟ وما إلى ذلك من الأمور التي بها حياتها وراحتها وأنسها , فالقلب -أيها الأحبة- إذا لم يعرف ربه فإنه يستوحش , تغمره الوحشة ويظلم الصدر ويضيق.. ولو كانت الدنيا بأسرها بيديه.. فإنه لا أُنس لهذه القلوب إلا بأن تعرف الرب المعبود معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته , فالسير إلى الله -كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله "- عن طريق الأسماء: ( والصفات شأنه عجيب وفتحه عجب , صاحبه قد سيقت له السعادة وهو مستلقي على فراشه غير تعب ولا مكدود ولا مشتت عن وطنه ولامشرد عن سكنه ) .
والتعرف على الله بالأسماء والصفات -أيها الأحبة- هو من أعظم السبل الموصلة للأنس لله والتعظيم لشأنه جل وعلا , وهذه هي العبودية الحقة التي قال عنها شيخ الإسلام تقي الدين ابن تيمية "رحمه الله" (من أراد السعادة الأبدية فليلزم عتبة العبودية ) هذه القلوب -أيها الأحبة- لا يمكن أن تجد طعم الراحة وتذوق طعم السعادة إلا إذا عرفت المعبود معرفة صحيحة بأسمائه وصفاته وتعبدته بمقتضى ذلك,, وعلى قدر هذه المعرفة والتعبد على قدر ما يحصل لنا من الانشراح واللذة والسرور ولو كان الإنسان يعيش في مكان بعيد عن الناس منقطع عنهم فإن سعادته لايمكن أن تُقدَّر.. وراحة قلبه لايمكن أن تنقطع بانقطاعه عن الناس , ولهذا كان أهل المعرفة بالله عزوجل يستَروِحون
بالخلوة به سبحانه وتعالى عند مناجاته في صلاة الليل أو صلاة النهار أو قراءة القران , ولهذا كان بعضهم يقول:
( إني لأدخل في الليل فيهولني فينقضي وما قضيت منه أَرَبي) .
وكان الأخر يقول :
( أهل الليل في ليلهم يعني أهل قيام الليل والمناجاة أعظم لذة من أهل اللهو في لهوهم ) فأهل اللهو تنقبض قلوبهم وتستوحش نفوسهم ويجدون عصرة وألماً بقدر ما في هذه القلوب من الأنس بغير الله والاشتغال بحطام الدنيا .
فمن أراد أن يبتعد عن الآفات التي عصفت بكثير من أهل الزمان من الاكتئاب والحزن والآلام التي تقع في النفوس والوحشة والظلمة التي تقع في الصدور.. فعليه بالإقبال على الله عزوجل.. أن يعرفه , ولهذ ينبغي على الإنسان أن يدمن النظر من هذا الباب, وأن يلاحظ نفسه وحركات هذه النفس وعلى أي شيء تقبل .. وما الذي تميل إليه.. فيداويها بهذه الأدوية النافعة حتى تستقيم على هذه الجادّة .
التـاسع من هذه الثمرات :-
وهو التلذذ بالعبادة .
والتلذذ بالعبادة -أيها الأحبة- من أعظم المنح الربانية , كثير من الناس يسمع عن هذه اللذة ولا يعرف حقيقتها ولم يجد طعمها .. إنما حظه منها السماع فحسب .
وقد رأينا أيها الأحبة في الحج أناساً كان بعضهم يقول :( كأني لم أسلم إلا اليوم ) وسمعنا عدداً منهم ونُقل عن بعضهم أنه يقول : (إنه يعيش في لذة وسعادة وانشراح وفرحة غامرة لم يجدها طيلة حياته) . وكان بعضهم يقول : (ينتهي الحج ويملأ قلبي الحزن على فراق هذه الأعمال والمشاعر التي وجدت قلبي فيها . وبعضهم كان يرسل برسائل بعد الحج ولعل بعضهم يحضر معنا الآن يذكر مثل هذه المشاعر , بعضهم يذكر حزنه بعد الحج وبعد فراق تلك الأعمال والمشاعر مع أنه يعيش في الخيمة وليس له من الأرض إلا ما يكون للعارية من المستعير على قدر ما ينام عليه , ومع ذلك يجد هذه اللذة والفرحة ., فليست اللذة بالقصور وسعت الدور ,, وليست اللذة بكثرة الطعام , فهو يقف في طابور إذا أراد أن يأكل, ولربما وقف في طابور إذا أراد -أعزكم الله- الخلاء.. وينام على مكان صغير لايستطيع أن ينقلب يمين ويسرة لأن الناس لم يتركوا شبراً حوله من أجل أن يتقلب فيه.
لكن أين وجد هؤلاء اللذة ؟ في طاعة الله عزوجل
وهؤلاء ربما لم يعرفوا ذلك قبل حجهم!! ولكن الكثيرين أيها الأحبة ممن عرفوا الله عزوجل يجدون ذلك في ليلهم ونهارهم طيلة العام.. في صلاتهم وصيامهم وفي قراءتهم وفي دعائهم وفي تقلباتهم, استشعر أن الله عزوجل يراه وأنه يراقبه وأنه يرى عمله وأنه يجازيه وأن الله يحب عابديه ومن ينيب إليه ومن يقبل عليه.. فيستشعر هذه الأمور جميعاً...
فالمقصود أيها الأحبة من وجد هذه اللذة صارت العبادة هي راحة نفسه , وطرب قلبه , فيكون لسان حاله {أرحنا بالعبادة يابلال} كما كان النبي "صلى الله علي وسلم " يقول : ( قم يا بلال فأرحنا بالصلاة).. فتكون الصلاة لما فيها من القرب لله عزوجل والمناجاة له والتلذذ بكلامه والتذلل له والتعبد بأسمائه قرة العين وسلوة الفؤاد.. ولذا كان النبي "صلى الله عليه وسلم " يقول : ( وجعلت قرة عيني في الصلاة ) وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله" ( أن اللذة والفرحة والسرور وطيب الوقت والنعيم الذي لايمكن التعبير عنه إنما هو في معرفة الله سبحانه و تعالى وتوحيده والإيمان به وانفتاح الحقائق الإيمانية والمعارف الربانية المعارف القرآنية كما قال بعض المشايخ : ( لقد كنت في حالٍ أقول فيها : إن كان أهل الجنة في هذه الحال إنهم لفي عيش طيب )
وقال آخر : ( إنه لتمر على القلب أوقات يرقص فيها طرباً وليس في الدنيا نعيم يشبه نعيم الآخرة إلا نعيم الإيمان والمعرفة , لذة غامرة , انشراح, هؤلاء قد تكون أبدانهم تعاني الأمراض والأسقام.. وأحوالهم تتقلب في الفقر والجوع ومع ذلك يجدون هذه الراحة والسرور ,, وآخرون يعيشون في بحبوحةٍ من الدنيا ومع ذلك قلوبهم مظلمة لا يفتأ الواحد منهم يشتكي من ضيق الصدر والحزن وما قد ينتابه من نوبات البكاء التي قد لايعرف لها سبباً .
المقصود أيها الأحبة أن الإنسان إذا حصّل هذه اللذة لذة العبادة خفّت عليه التكاليف.. وقد تزول عنه المشقّـات وهو يزاول العبادات الشاقة فتكون برداً وسلاماً على قلبه لأنه يشتغل بشيء فيه رضا المحبوب سبحانه وتعالى فيُقبل على ذلك بانشراح وفرح فينسيه ذلك التعب كله.. ومن أعظم ما يحصل به هذه اللذة هو النظر في أسماء الله وصفاته وأن نتعبد الله عز وجل بها وأن نستحضر ذلك قي كل عمل نزاوله وفي كل عبادة نتعبد بها.. فإذا أعطى العبد القليل من الصدقة يتذكر أن ربه شكور يجزي الجزاء الكبير على العمل القليل وأن الله لا يضيع عمله فيكون ذلك سبباً لمزيد من الإقبال والتلذذ بهذه الصدقة والعمل الصالح الذي يعمله.. فيجد حلاوة في قلبه لايمكن أن توصف,,
وهكذا من صلى وتذكر حينما قام لله عز وجل بين يديه صافاً قدميه تذكر قيّوميته -كما يقول الحافظ ابن القيم- وأن الله قائم بذاته وأن عباده لا يقومون إلا به تبارك وتعالى فإذا كبير ورفع يديه استشعر أن الله أكبر من كل شيء وشاهد كبرياء اله وعظمته وجلاله وإذا قرأ دعاء الاستفتاح استشعر مافيه من تنزيه المعبود عن كل نقص.. وإذا استعاذ وبسمل التجأ بقلبه إلى الركن الركين وتبرأ من كل حول واعتصم بالله من عدوه واستعان به لا بغيره.. ثم إذا قرأ الفاتحة استشعر في ذلك ما فيها من استحقاق الله عزوجل لكل المحامد , استشعر ألوهيته وربوبيته ورحمته بخلقه وملكه لكل شيء , واستحضر أنه يناجي ربه وأن ربه يجيبه على مناجاته,, ثم تذكر عظمة الله وعلوه وتذكر خضوعه وتذللـه بين يدي ربه بركوعه وسجوده وانكساره وتأمل ذلك وهو يقول سبحان ربي العظيم , سبحان ربي الأعلى . وإذا صنع ذلك في صلاته , كيف لا يصلي صلاة مودع ؟! وكيف لا يتلذذ بصلاته وعبادته ؟!
وكان شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله" يذكر قريبا من هذا المعنى وأن العبد يستحضر أته مناجي لله تعالى كأنه يراه , فإن المصلي إذا كان قائماً فإنما يناجي ربه . والإحسان: أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك ,
ثم كلما ذاق العبد حلاوة الصلاة كان انجذابه إليها أوكد.. وهذا يكون بحسب قوة الإيمان,, والأسباب المقوية للإيمان كثيرة جداً وهي معلومة ,,, فهذا باب واسع أيها الأحبة,, فإن مافي القلب من معرفة الله ومحبته وخشيته وإخلاص الدين له وخوفه ورجائه والتصديق بأخباره وغير ذلك مما يتباين الناس فيه ويتفاضلون تفاضلاً عظيماً ويقوى ذلك كلما ازداد العبد تفكراً للقران وفهماً ومعرفة بأسماء الله وصفاته وعظمة وتفقره إليه في عبادته واشتغاله به.. بحيث يجد اضطراره إلى أن يكون تعالى معبوده ومستغاثه أعظم من اضطراره إلى كل شيء سواه كالأكل والشرب كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية "رحمه الله " :(فإنه لا صلاح له إلا بأن يكون الله هو معبوده الذي يطمئن إليه ويأنس به ويلتذ بذكره ويستريح به ) ولا حصول بهذا إلا بإعانة الله عزوجل . وما سبق أيها الأحبة من العبادة هو نماذج تدل على غيرها, وكل عبادة من العبادات نقدم عليها مستشعرين هذه المعاني وقد امتلأ القلب بالحب للخالق العظيم سبحانه وتعالى فإنه لابد أن نجد لذتها وأن نأنس بها..
والنبي "صلى الله عليه وسلم" يقول : ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان, أن الله ورسوله أحب مما سواهما , وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار ) .فهذه ثلاثة أمور توجد بها اللذة.. فكما أن الإنسان يجد لذة حسـية بذوق الطعام الذي يستلذه فكذلك أيضاً يجد لذة أخرى إذا تعاطى أسبابها.. وكل من زاول شيئاً واستعان بالله عزوجل فإنه يُحصِّـله بإذن الله تبارك وتعالى..
ومن أكثِر طرق الباب فإن ذلك مؤذن بأن يفتح له .
العــاشر من هذه الثمرات :-
هو أن العبد إذا عرف هذه الأسماء والصفات سعى إلى الإتصاف والتحلي بها على ما يليق به.
ومن المعلوم أن المُحِبْ يحب أن يتصف بصفات محبوبة كما أن المحبوب يحب أن يتحلى محبه بصفاته . فالله تبارك وتعالى له المثل الأعلى.. ربنا جل جلاله كريم يحب الكرماء.. رحيم يحب الرحماء.. رفيق يحب الرفق.. فإذا عرف العبد ذلك سعى إلى التحلي بصفات الكرم والرحمة والرفق وهكذا في سائر الصفات التي يحب الله أن يتحلى بها العبد على مايليق بذات العبد كما قدمنا.
وقد عرفنا من قبل أن الاتصاف بموجب أسماء الله تعالى مقيد بشرط: وهو أن بعض أسماء الله تبارك وتعالى إنما تكون كمالاً في حقه فحسب كالمتكبر فإن الكبر لا يكون ويصلح في حال من الأحوال للمخلوق فمثل ذلك لا يطلب الاتصاف به وإنما يكون صالحاً للعبد على ما يليق به ويناسب مرتبته.. فهذا القيد لابد من مراعاته.
سمية ممتاز
31-03-08, 02:22 AM
الحادي عشـر من هذه الثمرات :-
هو ما تثمره من ألوان العبوديات .
والمقصود بالأثر أيها الأحبة هو ثمرة العبادة التي يجدها العبد عندما يقوم بموجبها من العلم والمعرفة كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله " وذلك أن لكل صفة من صفات الله عبودية خاصة بها.. فمتى ما تعلمها العبد وأتى بموجبها من العمل تحقق له مراده منها.. وأثمرت له أنواعاً من العبودية الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه . فالأسماء الحسنى أيها الأحبة والصفات العلى مقتضية لأثارها من العبودية والأمر اقتضاءها لأثارها من الخلق والتكوين كما نشاهد اسم الخالق وصفة الخلق اقتضت لآثارها فوجد هذا الخلق .. فهكذا ا تقتضي أيضاً هذه الأسماء والصفات آثاراً من جهة العبودية لله تبارك وتعالى.. فلكل صفة عبودية خاصة هي من موجباتها ومقتضياتها,,, وهذا مُطِّرد في جميع أنواع العبودية التي تقع على القلب واللسان والجوارح ,, وإليك بعض النماذج من هذه العبوديات:
فمن ذلك الدعاء
-فمن تأمل شيئاً من أسماء الله عزوجل وصفاته فإنها ولابد ستقوده إلى أن يتضرع إلى الله بالدعاء ويبتهل عليه بالرجاء,
- من تأمل قربه تبارك وتعالى من عبده المؤمن وأن الله تعالى هوا لقريب المجيب والبر الرحيم والمحسن الكريم , فإن ذلك سيفتح له باب الرجاء.. وإحسان الظن بالله.. وسيدفعه إلى الاجتهاد في الدعاء والتقرب إلى الله به .
- بل من تأمل وتعبد بالأسماء والصفات فإنه لا يقتصر على مجرد الدعاء بل سيفيض عليه ذلك الأمر حضور القلب وجمعيته بكليتيه على الله تعالى.. فيرفع يديه ملحاً على الله بالدعاء والسؤال والطلب والرجاء..
وإنما كان الدعاء من أجل ثمرات العلم بالأسماء والصفات وكان هو سلاح المؤمن وميدان العارف ونجوى المحب وسلم الطالب وقرة عين المشتاق وملجأ المظلوم لما فيه في المعاني.. الإلهية العظيمة.. ولهذا ذكر ابن عقيل الحنبلي "رحمه الله " من هذه المعاني في الدعاء (لا شك أن الذي لا يؤمن بوجود الله عزوجل فإنه لايدعوه.. وكذلك أيضا الدعاء إنما يلجأ إليه من يوقن بأن الله هو الغني , فالفقير لايطلب.. وهكذا أيضاً لايمكن أن يدعو إلامن يعتقد أن ربه سميع فإن الذي لايسمع لايُدعى,, وهكذا أيضاً لابد من إيقانه بأن الله كريم , فإن البخيل لا يُعطي ولا يُطلب.. وهكذا أيضاً يؤمن برحمته سبحانه وتعالى .. ففي ضمن الدعاء لابد أن توجد مثل هذه الأمور مجتمعة ..أن الله رحيم فهذه الرحمة لها آثارها فيرحم عباده بذلك فينزل عليهم الغيث ويرفع مابهم من ضر ويُدِرُّ عليهم الأرزاق ويعطيهم سؤلهم وينجيهم من المخاوف والمكاره ,, وهكذا أيضاً القدرة فإن العاجز لايدعى .
من هذه العبوديات التي يؤثرها الإيمان بالأسماء والصفات ( التوكل ) على الله تبارك وتعالى فيعتمد القلب على ربه جل جلاله ويفوض أمره إليه,,
وقد تكلمنا عن التوكل طويلاً أيها الأحبة وبينا حقيقته وأنه من أعظم العبادات تعلقاً بالأسماء والصفات وذلك أن مبناه على أصلان : -
الأول : علم القلب.. وهو يقينه بعلم الله وكفايته وكمال قيامه بشأن خلقه.. فهو القيوم سبحانه وتعالى الذي كفى عباده شئونهم , فبه يقومون وله يصمدون .
الثاني : عمل القلب.. وهو سكونه إلى العظيم الفعال لما يريد وطمأنينته إليه وتفويض أمره إليه ورضاه وتسليمه بتصرفه وفعله, إذ كل شيء يمضي ويكون فبحكمه وحكمته وقدرته وعلمه , لا يمد شيء في الأرض ولا في السماء عن قدرته , فله الحكم وإليه يرجع الأمر كله ,, فإذا عرف العبد هذا رَكَنَ إلى الله عزوجل وفوض أمره إليه وصار واثقاً بتدبيره وتصرفه فهو عليم حكيم يضع الأمور في مواضعها ويوقعها في مواقعها,, وهكذا يصير العبد مستسلم لله عزوجل.. راضياً بأقداره وأحكامه.. إلى غير ذلك من المعاني .
ولهذا يقول ابن القيم "رحمه الله " : ( كل من كان بالله أعرف كان توكله عليه أقوى ) ويقول شيخه تقي الدين " رحمه الله" (لايصح التوكل ولا يتصور من فيلسوف ولا من القدرية النفاة القائلين بأنه يكون في ملكه مالا يشاء .. ولا يستقيم أيضاً من الجهمية النفاة لصفات الرب جل جلاله .. ولايستقيم التوكل إلا من أهل الإثبات) . الذي لايؤمن أصلاً بالصفات أو لا يؤمن بالأسماء أو يعتقد أنها مجرد أعلام جامدة لاتدل على أوصاف الكمال !! كيف يتوكل عليه؟
من لايؤمن بأن الله و القدير و الغني والقوي وأن الله فعال لما يريد وأن الله عليم رزاق !! كيف يتوكل عليه ؟
المقصود أيها الأحبة أن العبد إذا علم بتفرد الرب تبارك وتعالى بالضر و النفع والعطاء والمنع والخلق والرزق والإحياء والإماتة.. فإن ذلك يثمر له عبادة التوكل على الله باطناً.. ويثمر له ذلك أيضاً لوازم التوكل وثمراته ظاهراً.. وإذا تجلى الله عز وجل بصفات الكفاية والحسب والقيام بمصالح العباد وسوق أرزاقهم إليهم ودفع المصائب عنهم ونصره لأوليائه وحمايته لهم ومعيته الخاصة لهم انبعثت من العبد قوة التوكل عليه والتفويض إليه والرضا به , كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله " وقد ضرب في بعض كتبه لذلك مثالاً يبين فيه الآثار المترتبة على عبودية الله تعالى باسمي الأول والأخر ((هو الأول والأخر)) يقول : ( فعبوديته باسمه الأول تقتضي التجرد عن مطالعة الأسباب والوقوف أو الالتفات إليها وتجريد النظر إلى مجرد سبق فضله ورحمته , فالله قبل الأسباب.. وأنه هو المبتدأ بالإحسان من غير وسيلة من العبد إذا لا وسيلة له في العدم قبل وجوده.. وأي وسيلة كانت هناك إنما هو عدم محض.. وقد أتى عليه حين من الدهر لم بكن شيئاً مذكوراً.. فمنه سبحانه الإعداد ومنه الإمداد وفضله سابق على الوسائل .. والوسائل من مجرد فضله وجوده.. لم تكن بوسائل أخرى,,
الذي يعتمد على الدواء أو يعتمد على سيارته أو مركبه أن جيد وجديد وقوي ويوصله إلى مطلوبه.. أو يعتمد على أمواله وأرصدته.. أو يعتمد على حذقه و ذكائه ومهارته.. كل هؤلاء إنما يركنون إلى أسباب خلقها الله وأوجدها.. فهو مصرف الأمور وخالق الأسباب والمُسَبَّبَات.. فمن عرفه معرفه صحيحه ركن قلبه اليه )
يقول : من نزل اسمه الأول على هذا المعنى أوجب له فقراً وعبودية خاصة.. وذكر عبوديته باسمه الأخر وأنها أيضاً تقتضي عدم ركونه ووقوفه بالأسباب والوقوف معها فإنها تنعدم لامحالة . الله هو الآخر.. كل شيء هالك إلا وجهه سبحانه وتعالى.. فتنقضي بالآخرية ويبقى الدائم الباقي بعدها.. فالتعلق بها تعلق بما ينعدم وينقضي ويتلاشى ويزول.. والتعلق بالأخر سبحانه تعلق بالحي الذي لايموت ولا يزول.. فالمتعلق به حقيق أن لايزول ولاينقطع . بخلاف التعلق بغيره مما له آخر يفنى به.. وهكذا انظر العارف إليه بسبق الأولية حيث كان قبل الأسباب كلها,, فإذا جمع العبد بين التعبد بين الأسمين وتعبد الله عزوجل بمقتضاهما لم يتعلق بشيء .. هذا الإنسان الذي قد يكون مسؤلاً عنه في العمل فربما يركن إليه وأن علا قته به وثيقة وما إلى ذلك ثم ما يلبث هذا الإنسان أن يموت أو يزول أو يفارق هذا المحل,, وإنما يكون الركون إلى الله جل جلاله,, وذلك يحصل به أيها الأحبة يوجب لنا الاضطرار إلى الله تبارك وتعالى ودوام الفقر إليه دون كل شيء سواه, فالأمر إليه يرجع إليه الأمر كله فنعامله بمقتضى ذلك فهو السابق بالإحسان والعطاء والفضل.. فنثق به دون ما سواه ولهذا يقول الحافظ ابن القيم (رحمه الله) عند كلامه على هذا المعنى يقول:(من ذا الذي شفع لك في الأزل حيث لم تكن شيئا مذكوراَ ؟حتى سماك باسم الإسلام ووسمك بسمة الإيمان وجعلك من أهل قبضة اليمين.. وأقطعك في ذلك الغيب عمالات المؤمنين.. فعصمك عن العبادة للعبيد وأعتقك من التزام الرق لمن له شكل ونديد.. ثم وجه وجهة قلبك إليه سبحانه دون ما سواه قدّر الله مقادير الخلق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة .. أين كنا ؟
الله عزوجل قد أعطى ومنح قبل أن توجد هذه الأسباب وقبل أن توجد هذه التعلقات التي تتعلق بها كثير من القلوب , فينبغي أن تُعاد الأمور إلى نصابها وأن تربط القلوب بمعبودها وأن نوجِد هذه الثقة وأن نحيها في النفوس فيكون الركون إليه دون ما سواه,,
وهكذا أيضاً من هذه الآثار التعبدية وهو الثـالث : التي تؤثرها هذه الأسماء الحسنى
( الرضا ) فهو من ثمرات المعرفة بالله وقد تكلمنا عليه بشيء من التفصيل في الأعمال القلبية .. فمن عرف الله بعدله وحلمه وحكمته ولطفه أثمر ذلك في قلبه الرضا في حكم الله وقدره في شرعه وكونه . فلا يعترض على أمره ونهيه ولا على قضائه وقدره.. ما تقول المرأة لماذا لنا نصف الميراث ؟ لماذا القوامة للرجل ؟ إذا كانت تعلم أن الله عليم حكيم عدل.. أن الله متصف بالعدل وأنه لا يظلم الناس شيئاً فإنها ترضى بحكمه الشرعي وهكذا أيضاً إذا أصاب العبد مكروه فإنه لا يقول لماذا يارب ؟ أنا ماذا عملت يارب ؟ ومن الناس من يقول هذا ونسأل الله العافية.. لو تذكرت لأخرجت لكم رسالة يذكر صاحبها كلاماً في غاية السوء يقول في محصلة هذه الرسالة الطويلة يقول: دعوته ثم دعوته ثم دعوته فلم يستجيب لي حتى يقول عن نفسه صرت كالحمار المبعد.. ويذكر كلاماً في غاية القبح عن الله عزوجل.. فأظن أن هذا مبتلى لأني إن لم تخني الذاكرة أنه أرسل رسائل متعددة قبلها يطلب الدعاء ثم بعد ذلك ذكر وهذا كان في أيام الحج لا أذكر في يوم عرفه أو في يوم النحر.. رسالة في غاية القبح.. فأقول هؤلاء أيها الأحبة ماعرفوا الله عزوجل معرفة صحيحة.. لو عرفوه وأنه حكم ,عدل, عليم,حكيم لايقضي للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له.. فإن من عرف ذلك رضي بأحكامه الشرعية وبأحكامه القدرية .. الله ساق له ذلك ليرفعه ويختبر صبره ويستخرج عبوديته.. ومن الناس من يصدر منه مثل هذه الأقوال والأفعال القبيحة إذا ابتلاه ربه وهو الذي أعطاه هذه الأبعاض والعافية.. فإذا سلب شيئاً يسيراً منها حصل هذا التبرم والتسخط نسأل الله العافية..
وكثير من الناس يظن أنه على مستوى من التحقق بهذه المعاني فإذا وقع له المكروه تلاشى وانكشف.. فنسأل الله عز وجل أيها الأحبة ألا يفضحنا,, وقد كان من سؤال النبي" صلى الله عليه وسلم" : (أسألك الرضا بعد القضاء ).. فالعبد المؤمن الذي عرف الله بأسمائه وصفاته يرضى لأنه يعلم أن تدبير الله خير من تدبيره لنفسه.. وأنه تعالى أعلم بمصلحته من نفسه.. وأرحم به من نفسه.. وأبر به من نفسه ,, ولذا تراه يرضى ويسلم.. بل أنه يرى أن هذه الأحكام القدرية والكونية أو الشرعية إنما هي رحمة وحكمة وحينئذ لا تراه يعترض على شيء منها بل لسان حاله رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله علي وسلم نبيا.. وهذا هو محض الإيمان .
وأمر رابع : من العبوديات تثمرها هذه الأسماء والصفات (اليقين والسكينة والطمأنينة ) فاليقين أيها الأحبة كما عرفنا من الكلام عليه في الأعمال القلبية هو الوقوف على ماقام بالحق من أسمائه وصفاته ونعوت كماله وتوحيده ,, وباليقين مع الصبر تُنال الإمامة في الدين (( وجعلنا منهم أئمة يهدون بأمرنا لما صبروا وكانوا بآياتنا يوقنون )) وهذه المنزلة العالية الرفيعة اليقين هي روح أعمال القلوب التي هي أروح أعمال الجوارح كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله" في بعض كتبه,, وهو حقيقية الصديقية ومتى وصل اليقين إلى القلب إمتلأ نورا وإشراقا وانتفى عنه كل ريب وشك وسخط وغم .. وامتلأ محبة لله عز وجل وخوفا منه ورضا به وشكرا له وتوكلا عليه وإنابة إليه كما قال بعضهم : اليقين ملاك القلب وبه كمال الإيمان , وباليقين عُرف الله ,, فإذا تيقن القلب أيها الأحبة نزلت السكينة وهي الطمأنينة والسكون الذي ينزل في القلب عند اشتداد المخاوف والبلاء.. فيزداد ذلك القلب إيمانا وثباتا ويكسوا الجوارح خشوعا ووقارا ويضفي على اللسان حكمة وصوابا ,
لماذا تنقشع هذه المعاني والأعمال القلبية عنا في أوقات الأزمات ؟؟ لأننا لم نصل لمرتبة اليقين.. نحفظ معلومات ونسمع في الخطب والمحاضرات أشياء عن الله عز وجل أنه هو الحافظ هو الغني هو الرزاق هو الكريم لكن لم يصل ذلك إلى حد اليقين في النفوس,, فإذا جاء الخوف صار الإنسان يتلفت يمنة ويسرة ويتطلع إلى المخلوقين علّه يجد طبه في أيديهم أو خلاصه عندهم فيكون رجاءه ويصرف عبوديته إليهم يتوسل بهم ويتضرع إليهم ويصدر منه أمور لاتليق نحو المخلوقين,, ربما يرى الإنسان من هذا أشياء عجيبة من ألوان الضراعة التي لا تصلح إلا لله عز وجل تصرف لمخلوق , هل هذا يفعله إنسان عرف ربه تبارك وتعالى معرفةً لائقة ؟؟!
كثير من الناس يظن أنه واثق بالله عز وجل متوكل عليه ولو أنه فقد وظيفته فإنه لربما يذهب كل معنى من معاني التوكل في نفسه .. ويكون فقره بين عينيه نسأل الله العافية , أين الرزاق ؟ أين الإيمان بهذه الأسماء ؟ هو يعلم أن الله الرزاق لكن لم يصل إلى مرتبة اليقين بهذا ,, إذا مرض تعلق بالطبيب والدواء ولربما يعتقد أنه لو مات هذا الطبيب لمات معه ! الطبيب يموت والمريض يبقى والله حي لا يموت , أين الأطباء في القرون السابقة أين هم ؟ ذهب المرضى والأطباء لكن الإنسان ينسى هذه المعاني أيها الأحبة إذا جاءت الشدائد.. وكثير منا لا يعرف نفسه إلا في وقت الشدة إن كان له بصر صحيح وإلا من الناس حتى في وقت الشدة يغفل عن نفسه ولا يلاحظ قلبه وإلى أين يتجه حتى في وقت الشدة يغفل عن نفسه ولا يلاحظ قلبه وإلى أين يتجه .. كثير من الناس لا يلاحظ ..حتى في وقت الشدة.. لما تنقشع عنه هذه الأوهام التي يظن أنه على ثقة بربه وأنه يقف على أرض صلبة من العبودية والتربية الصحيحة وما أشبه ذلك .. فإذا زالت عنه هذه الأمور وتبين ضعفه وظهر لكل أحد فربما هو لم يتفطن لهذا نسأل الله العافية .. ومن الناس من يعرف بأنه يلاحظ قلبه ويدرك عجزه والخلل الذي مُني به فسبب ذلك له مثل هذه التصرفات والآثار السيئة.. ولذلك أقول يمكن أن يُجَّرب هذا حتى في الأمور الحسية , كثير من الناس يظن أن عنده قوة وأنه يستطيع أن يمتنع من أشياء كثيرة ولكن إذا جاء الجد ربما يعرف أنه أضعف ما يكون ,, من الناس من يظن أنه يستطيع أن يواجه الأعداء وأن يقاتل وأن يقتل الأبطال وأن يفعل ولربما لو أنه خلع ضرسا و جرح جراحة بسيطة لأصابه من الارتعاش والاضطراب ولم تحمله ركبه مايستطيع يمشي خطوات .. هذا ترى موجود.. ولربما أغمي عليه وتحول لونه إلى لون الصفرة والشحوب كلون العصفر أو الكركم من شدة الخوف.. لماذا ؟؟ وهو يظن قبل ذلك أنه يستطيع وأنه يفعل ويستطيع ويستطيع ويستطيع.. ربما يظن الإنسان أنه لا يخاف من الله عز وجل فإذا قدر له أن يمشي في مكان خالٍ أو نحو ذلك فقفز عليه ذويبة فربما اضطرب غاية الاضطراب وين أين القوة وأين الشجاعة وأين ؟ لاتظهر.. هو لايعرف نفسه.. لكن قد تنكشف له هذه في بعض المواقف.. وكثير من الناس لا يوفق أيضا إلى معرفة نفسه ولا يزال يكابر ويغفل وأنه يمتلك من القدرات والصفات والكمالات الشيء الكثير والموفق من وفقه الله عز وجل,, ومن الجيد أيها الأحبة أن الإنسان يلاحظ نفسه قبل وقوع المكروه.. فيعرف درجة التوكل , يعرف الرضا عنده إلى أي حد.
ولذلك كثير من الناس إذا وقعت لهم المصيبة لربما حصل مهم تصرفات غير لائقة ..إذا مات لهم أحد بعد مدة يفيق ويقول إنا لله وإنا إليه راجعون . لكن أثناء المصيبة تذكره بهذه تقول هذا أوان الصبر وهو في حال لا يكاد يسمع , حتى أن بعضهم لربما طلب بعد أيام قال ماذا قلت ذاك اليوم؟؟ , قال سفيان : من لم يعد البلاء نعمة فليس بفقيه.
أحدهم سألني عنها بعد خمسة أيام .. قال: لا أدري ما قلت في وقت المصيبة.. يقول لم أدري ما تقول لكن تكلمت بشيء لم أدري ما هو فأعده علي بعد خمسة أيام.. لماذا ؟
بعض الناس يكون طالب علم يبتلى ببلية ولربما ينكسر ويحصل له من الانهيار واليأس ونوبات بكاء ربما لا يخبر عنه الناس لكن يخبر الطبيب أقرب الناس إليه أو من يطلب منهم أن يعينوه على معالجة هذه القضية وهالمشكلة , نوبات شديدة من البكاء ليه ؟ لماذا ؟ أين الرضا ؟ هذا أوان الرضا , تبكي بهذه الطريقة مثل الطفل لماذا؟ وهل هذا البكاء سيرد لك مافقدته؟؟ لا سيم اللذين يبتلون عافانا الله وإياكم بالحريق فهؤلاء إذا نظر الواحد منهم إلى وجهه في المرآة بعد الحريق في كثير من الأحيان إن لم يكن على درجة عالية من الرضا عن الله عز وجل .. فإنه يصيبه حالات من الانهيار وحالات من الاكتئاب وحالات من المشاعر السيئة والبكاء الذي ينتابه حين بعد حين .
ومن هذه العبوديات التي يثمرها الإيمان بالأسماء الحسنى (الخشية ) .
كلما ازدادت المعرفته بالله عز وجل ازدادت هيبته وخشيته في القلوب [ إنما يخشى الله من عباده العلماء ] ,, ليس العلماء بالصناعات والحرف وإنما العلماء بالله عز وجل , والنبي "صلى الله عليه وسلم " يقول : ( أنا أعرفكم بالله وأتقاكم له خشية ) وقد فسر ابن عباس الآية قال : ( إنما يخافني من خلقي من علم جبروتي وعزتي وسلطاني ) وفي كلام ابن كثير رحمه الله: إنما يخشاه حق خشيته العلماء العارفون به.. لأنه كلما كانت المعرفة للعظيم القدير العليم الموصوف بصفات الكمال المنعوت بالأسماء الحسنى كلما كانت المعرفة به أتم والعلم به بأكمل كانت الخشية له أعظم وأكثر,, وكيف لايخشع القلب ويهاب إذا امتلأ بالحب والتعظيم والمعرفة بالخالق العظيم.. فإن من عرف الله صفا له العيش وطابت له الحياة وهذا هو كل شيء وذهب عنه الخوف من المخلوقين وكان خوفه من الله لا شريك له .
ومن هذه الثمرات أيضا (الذل والتعظيم) من العبوديات التي يثمرها أيضا معرفة الأسماء الحسنى الذل والتعظيم فمن تتحقق في معاني الأسماء والصفات شهد قلبه عظمة الله تبارك وتعالى فأفاض على قلبه الذل والانكسار بين يدي الله جل جلاله , والعبودية لا يمكن أن تحصل أو تتم إلا بكمال الذل والتعظيم كما هو معلوم .. فالتعبد هو التذلل , هو الطريق المعبد, هو الطريق المذلل , كما نعرف في تعريف العبودية ,, فأكمل الخلق عبودية أكملهم ذل وافتقار وخضوعاً .. بحيث يحصل للقلب انكسار خاص لا يشبهه شيء,, وحينئذ يستكثر العبد القليل من الخير على نفسه كأنه لا يستحقه,, يفرح بعطاء الله عز وجل.. ويستكثر قليل معاصيه لعظمة الله تبارك وتعالى في قلبه .. وهذا هو سجود القلب, وقد سُئِل بعضهم : أيسجد القلب ؟ قال : نعم سجد سجدة لا يرفع رأسه منها إلى يوم اللقاء.. ومن سجد هذه السجدة سجدت معه جميع جوارحه وعنَّ الوجه للحي القيوم.. ووضع خده على عتبة العبودية.. وإذا تأمل العبد وشهد بقلبه الرب تبارك وتعالى مستوي على عرشه- كما يقول الحافظ ابن القيم رحمه الله- متكلماً بأمره ونهيه.. بصيراً بحركات العالم علويه وسفلية.. وأشخاصه وذواته.. سميعاً لأصواتهم.. رقيب على ضمائرهم وأسرارهم.. وأمر الممالك تحت تدبيره نازل من عنده وصاعد إليه.. وأملاكه بين يده تُنَفِّذُ أوامره في أقطار الممالك.. موصوف بصفات الكمال منعوت بنعوت الجلال منزه عن العيوب والنقائص والمثال .. وهو كما وصف نفسه في كتابه وفوق مايصفه به خلقه.. حي لا يموت قيوم لا ينام.. عليم لا يخفى عليه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض.. بصير يرى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء في الليلة الظلماء.. سميع يسمع ضجيج الأصوات باختلاف اللغات على تفنن الحاجات,,, فإذا تأمل العبد ذلك فإنه يدعوه لا محالة إلى تعظيم الله عز وجل فلا يستصغر في حقه معصية قط مهما صغرت ولا يستعظم في حقه طاعة قط مهما عظمت .
ولهذا أقول أيها الأحبة بأن القرافي رحمه الله ذكر في سر تحريم العُجب.. لماذا يحرم ؟ قال: لأنه سوء أدب مع الله عز وجل.. وذلك أن العبد لا ينبغي له أن يستعظم ما يتقرب به إلى سيده بل يستصغره بالنسبة لعظمة الله تبارك وتعالى.. ولهذا قال الله تعالى : ( وما قدروا الله حق قدره ) أي ماعظموه حق تعظيمه فالذي يصيبه العجب هو يتعاظم بما يبذل وما يقدم.. إذا صلى صلاة أو صام يوم أو نحو ذلك أصابه التعاظم والزهو والغرور والعُجب .. يستكثر ما يبذله في التعبد لله جل جلاله.. فمثل هذا مايليق,, الذل هو ألا يستكثر تعبده بالنظر إلى عظمة الله عز وجل وكماله وسعة أفضاله . فإذا حصل عند العبد مثل هذا العجب فإن هذا يدل على أنه قد حصل له خلل عظيم في هذا الباب,, والمقصود أيها الأحبة أن العبد متى عرف ربه بجلاله وعظمته وعزته فإن ذلك يثمر له الخضوع والإستكانه والمحبة وتثمر له تلك الأحوال الباطنة أنواع من العبودية الظاهرة هي موجباتها كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله" .. وإذا تجلى بصفات ا لعز والكبرياء أعطت نفسه المطمئنة ما وصلت إليه من الذل لعظمته .. والانكسار لعزته.. والخضوع لكبريائه.. وخشوع القلب والجوارح له.. فتعلوه السكينة والوقار في قلبه ولسانه وجوارحه وسمته, ويذهب طيشه وقُوَّته وحِدَّتِه .
ومن العبوديات التي تثمرها معرفة الأسماء الحسنى ( الرجاء ) .. وذلك بمعرفة العبد بغنى الله جل جلاله وكرمه وجوده وبره وإحسانه ورحمته , فهذا يوجِد عنه سعة الرجاء ويثمر له ذلك أنواع من العبوديات الظاهرة والباطنة بحسب معرفته وعلمه , إنسان إذا احتاج إلى مخلوق وعرف أن هذا المخلوق كريم واسع العطاء غني إلى غير ذلك من الأوصاف التي يحصل بها البذل فإن رجائه يكون أوسع, فإذا ذهب إلى مخلوق يعلم أنه لا يملك شيء , فأين الرجاء ؟؟ إذا ذهب إلى مخلوق يعلم إنه لا يعطي شيء أصلاً : فإنه لايرجوه لا يحصل عنده الرجاء أصلاً.. فلابد من معرفة بالله عزوجل صحيحة إن الله هو الغني , الكريم ,الجواد , المحسن , البر , الرؤوف , الرحيم , فيقبل العبد على الله عزوجل ويوجد عنده الرجاء .
أيضاً من هذه العبوديات ( المراقبة والحياء ) وقد تكلمنا عن المراقبة وتكلمنا عن الحياء أيضاً .. وذلك إذا علم العبد أن الله سميعٌ , بصير , عليمٌ , شهيدٌ , محيط , خبير , لطيف , حفيظ , فكل هذه الأسماء التي يعلم بها العبد أن الله لا يحفى عليه خافية في الأرض ولا في السماء .. وأنه يعلم السر و أخفى.. ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور . فهذا يثمر له مراقبة الله عز وجل فيحفظ لسانه فلا يغتاب الناس ويحفظ عينه فلا ينظر.. بعضهم يقول أتوب مرارا من النظر ثم أعود , أحدهم يقول لي سنة كاملة أجدد التوبة في النظر ولم أفلح.. لماذا ؟ إذا وجدت المراقبة , إذا عرف أن نظر الله إليه أسبق إلى نظره لهذا الشيء فإنه يخاف,, الإنسان قد لا ينظر إلى النساء أو إلى الحرام إذا كان بحضرة المخلوقين ولو أدنى المخلوقين.. من الذي يجترئ وينظر إلى النساء هكذا مكاشفة وبحضرته ناس ينظرون إليه؟؟!
يستحي منهم ولربما يخاف , فإذا كان يتأدب مع المخلوقين هذا التأدب فكيف بالله عز وجل؟! والملائكة ينظرون إليه ويكتبون ذلك.. والله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور .
فتحفظ هذه الجوارح ويحفظ القلب من أن يوجد فيه شيء لا يحبه الله عز وجل من الإلتفات والركون إلى غيره أوالتعلق بشيء من هذا الحطام والشهوات أو امرأة تتعلق بمثلها أو برجل أو رجل يتعلق بامرأة أو مثل ذلك!! هذه الأوهام كلها تنقشع إذا علم أن الله يطلع على ما في قلبه.. ويرى أفعله ويسمع أقواله .. فلا يتكلم إلا بما يليق وإذا سمع الناس يغتابون نهاهم قال سبحوا كفوا عن هذا هذا لا يجديكم شيئا لأنه استشعر أن الله ينظر إليهم ويستمع كلامهم وما هو موقفه وماذا سيقول لهم ؟ فهذه المراقبة نحن أحوج م ما نكون إليها في الأيام اللي أصبحت فيها الرقابة مهما كانت هذه الرقابة سواء كانت رقابة الدولة أو رقابة الأسرة أو رقابة الوالدين أو رقابة المدرسة أو غير ذلك ما يمكن أن تحول بين الإنسان وبين ما يريد أن يصل إليه من معصية الله عز وجل ما يمكن .. الآن يمكن عن طريق جهازه وفي وسط بيته يستطيع أن يشاهد أشياء كثيرة لا يحبها الله ولا يرضاها.. والناس لا يشعرون به.. أقرب الناس إليه لا يعلمون عن حاله شيئا , أصبح عن طريق هاتفه الجوال أو عن طريق الوسائل الكثيرة التي تعرفونها يمكن أن يحصل كثيرا من مطالبه , فهذا يحتاج إلى أن نغرس رقابة الله عز وجل في قلوبنا جميعا.. فإذا تهيأت أسباب المعصية وتوافرت تذكر الإنسان أن الله يراه فخاف واستحى فيكف عن فعل لا يليق .
ومن هذه الثمرات التعبدية : (المحبة) فمعرفة الأسماء والصفات هي طريق المحبة . الإنسان لماذا يحب غيره ؟ لماذا يحب مخلوق ؟ الآن لو سألنا أحدا ..كلنا يوجد في قلبه محبة لمخلوقين . لماذا تحب فلان ؟؟ قال أحبه لما عنده من كرم أو شجاعة , الجود , الإحسان , أو العلم أو كمال الرأي وحسن النظر في الأمور, أو اللطف, أو أحبه لغناه , أو لإحسانه إلي, أو لجمال وجهه, أو غير ذلك من الأمور , فهو تعلق بالكمالات فيما يتوهمه الإنسان ... الإنسان لا يحب النقائص ولا يحب من استجمع النقائص, يعني لو قيل لإنسان لامرأة تتعلق برجل أو بشاب لماذا تحبينه هل هو يتصف بجمال الوجه ؟ فإذا قالت: لا . هل يتصف بالغنى؟ قالت :لا . بالعلم ؟ لا . بحسن الرأي والنظر في الأمور ؟ لا . بالنسب والحسب والشرف ؟ لا . ولا صفة من الصفات !, لحسن هيئته وشكله ؟ لا هو قبيح . طيب لماذا تحبينه؟ لا يوجد مبرر لهذه المحبة أليس كذلك ؟ فكل من أحب غيره فلا بد أن يكون هذه المحبة لكمال يتوهمه في هذا المحبوب فإذا عرف العبد صفات الكمال والأسماء الحسنى وأن كل صفات الكمال المُطلق أن الله متصف بها .. فالله جميل لا يدانيه شيء في الحسن والجمال, والله تبارك وتعالى غني وكريم وقوي ومحسن وبَر ولطيف ورؤوف ورحيم.. وأرحم بنا من الوالدة بولدها.. إلى غير ذلك من أوصاف الكمالات.. فإن القلب لابد تأسره هذه الأوصاف أسراً فينجذب إلى هذا المحبوب المعبود الموصوف بهذه الصفات الكاملة فيحبه محبة لا تدانيها محبة .. أليس كذلك أيها الأحبة ؟!
لكن لماذا تتلاشى هذه المحبة في قلوبنا؟؟! لأن معرفته معرفة صحيحة بأسمائه وصفات غير متحققة على الوجه اللائق .. قد يعرف الإنسان معرفةً سطحية لكنه لا يستشعر هذا بقلبه.. معرفة لا تلامس القلب وإذا كانت المعرفة لا تلامس القلب فإن الإنسان لا ينتفع بها.. ولهذا قيل العلم الخشية , فمجرد حفظ المعلومات وحده لا يكفي إنما هو وسيلة إلى العمل بموجبها ومقتضاها وهذا العمل بموجبها ومقتضاها ما يأتي لكل أحد . كثير من الناس يحفظ أشياء كثيرة جدا لكنه أبعد ما يكون عن الله عز وجل, ولهذا يقول عز بن عبد السلام " رحمه الله " : أحب عباد الله تعالى إليه وأكرمهم عليه العارفون بما يستحقه مولاهم من أوصاف الجلال ونعوت الكمال, فهم في رياض معرفته حاضرون وإلى كمال صفاته ناظرون إن نظروا إلى جلاله هابوه وإن نظروا إلى جماله أحبوه وإن نظروا إلى شدة نقمته خافوه وإن نظروا إلى سعة رحمته رجوه ,, ولما ذكر ابن القيم "رحمه الله " مشهدي الحكمة والأسماء والصفات ذكر أن هذين المشهدين يطرحان العبد على باب المحبة ويفتحان له من المعارف والعلوم أموراً لا يُعَبُّر عنها , فمن عرف الله أحبه .. ومن أحب الله أحبه الله ..وهذا هو الفوز الأكبر والغنم الأعظم والنعيم .. فالمحبة هي المنزلة التي تنافس فيها المتنافسون وإليها شخص العاملون وإلى علمها شمر السابقون وعليها تفانى المحبون وبروح نسيمها تروح العابدون فهي قوت القلوب -كما يقول الحافظ ابن القيم "رحمه الله " - وغذاء الأرواح وقرة العيون , وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات, والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلامات, والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام, واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام, وهي روح الإيمان والأعمال والمقامات والأحوال والتي متى خلت منها فهي كالجسد الذي لا روح فيه,, ومحبة الله عز وجل أيها الأخوة فطرة فطر الله القلوب عليها كما قال الشيخ تقي الدين ابن تيمية "رحمه الله " فالقلب إنما خلق لأجل حب الله تعالى.. وهذه الفطرة التي فطر الله عليها عباده .. يقول: فالله تعالى فطر عباده على محبته وعباده وحده فإذا تركت الفطرة بلا فساد كان القلب عارفا بالله محباً له عابداً له وحده,, ومن لاحظ الأسماء والصفات كان حب الله عز وجل أعظم شيء لديه,,
إذا نظر الإنسان إلى الإحسان والإنعام والكمالات والجمال وما إلى ذلك لم يتخلف قلبه عن محبة الله وإنما يكون هذا التخلف كما قال ابن القيم لأردأ القلوب وأرذلها وأخبثها ويكون ذلك للقلوب البطالة, وعلى كل حال الكلام في هذا يطول.. كل محبوب سوى الله سرف وهموم وغموم وأسف.. كل محبوب فمنه خلف ما خلى الرحمن ما منه خلف , فليس للقلوب أيها الأحبة سرور ولا لذة تامة إلا في محبة الله والتقرب إليه بما يحبه , ولا تمكن محبته إلا بالاعراض عن كل محبوب سواه وهذا حقيقة لا إله إلا الله كما قال شيخ الإسلام ابن تيمية " رحمه الله " , وعلى كل حال لعلي أكتفي بهذا وفيما يتعلق بالمحبة لأنا قد تكلمنا على ذلك كثيراً في الكلام عليها عند ذكر الأعمال القلبية.
والمقصود أن القلوب مفطورة على محبة المحسن الكامل ,, الله عزوجل له الكمال المطلق نحتاج أن نعرف هذه الحقيقة معرفة تلامس القلوب فيثمر ذلك بإذن الله عزوجل محبته والتعلق به ,, والمقصود أيها الأحبة أن الإنسان إذا شَهِد هذه الصفات صفات الكمال عموماً وعرفها أوجب له ذلك ألوان العبوديات وأقبل على الله عزوجل إقبالاً صحيحاً.. وصار نشط للعبادة ولا يستكثر شيئاً يبذله في سبيل الله عزوجل وسخر سمعه وبصره وماله وجوارحه ووقته في البذل والسعي في مرضاة الله جل جلاله.. فأسأل الله عزوجل أن يبارك لنا أيها الأحبة فيما نسمع وأن يجعل ذلك حجة لنا لاحجة علينا وأن يجعله سبيلاً لصلاح قلوبنا وأعمالنا وأحوالنا وأن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.. وأن يلطف بنا وأن يرحمنا وألا يشغلنا عن ذكره بذكر من سواه ,,
وعلى كل حال كان بقى خاتمة في هذا الموضوع فيما يتعلق بمراتب التعبد بأسماء الله وصفاته خاتمة يسيرة ولكن الوقت لم يسعف إليها فإن وجدت فرصة سامحة للكلام عليها بين الأذان والإقامة في أحد الأيام ذكرتها وإلا تركت ذلك,, ومن أحسن من تكلم على هذه القضية فيما وقفت عليه وقرأته الشيخ وليد الودعان في بحث اسمه التعبد با لا سماء والصفات لمحات علمية إيمانية هو نقل كما نقل غيره وتكلموا عن هذه القضية كثيرون نقلوا لشيخ الإسلام وابن القيم ولغيرهما لكن هذه الكتابة مختصرة وأبعد ماتكون عن التكلف ومُرتبة وهي أفضل ماقرأته في هذا الجانب فيما يتعلق بالتعبد في الأسماء والصفات .. لا أدري هو كتاب مطبوع أو لا لكنه موجود في الإنترنت -التعبد بالأسماء والصفات لمحات علمية إيمانية- حتى إني لما قرأته وكانت لربما آخر ماقرأته في هذا الجانب لم بدا من كتابة شكرٍ إليه لهذه الكتابة الجيدة الرصينة التي لا تجد فيها تكلفاً البتة,, وإلا فالكتابات كثيرة جداً منها ماهو مطبوع ومنها ماهو في الإنترنت وهي متفاوتة غاية التفاوت لكن هذا من أفضل ما وقفت عليه في هذا الجانب وهي مثال جيد للكتابات الحسنة التي تتسم بالاختصار والجودة والتأصيل والبعد عن التكلف وهذا من أهم الأشياء البعد التكلف,, من الناس من تقرأ صفحة واحدة له في كتاباته ترى التكلف ظاهر فيصرفك ذلك عن بقية الكتاب.. حتى أني تمنيت لو أنه كتب في كل الأسماء الحسنى بهذه الطريقة.
فأسأل الله عزوجل التوفيق والقبول للجميع
وصلى الله على نبيه محمد وصحبه
وفي الدرس القادم إن شاء الله سأتكلم عن الله عزوجل (اللـــه والإله)
و إن شاء الله نجتهد أن يكون في كل درس اسم واحد أو الأسماء المتقاربة يعني في معناها بحيث مايزيد عن درس واحد نعم
بالنسبة للمصادر أنا رأيت أني لا أستعجل في الكلام عليها
أقرأ منها أكثر لأن بعض الكتب جديدة علي فيكون الكلام عن الجميع بعد قراءة , وأكثر تأنياً , سأتكلم عليها ما نسيتها إن شاء الله .
vBulletin® v3.8.11, Copyright ©2000-2025, Developed By uaedeserts.com