المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : كيف ينشأ الخير والشر


الحياة الطيبة
01-07-08, 07:46 PM
كيف ينشأ الخـــــــير والشر



أصل الخير والشر من قبل التفكر، فإن الفكر مبدأ الإرادة والطلب في الزهد والترك والحب والبغض، وأنفع الفكر الفكر في مصالح المعاد، وفي طرق اجتلابها، وفي دفع مفاسد المعاد، وفي طرق اجتنابها.
فهذه أربعة أفكار هي أجل الأفكار.
ويليها أربعة: فكر في مصالح الدنيا وطرق تحصيلها، وفكر في مفاسد الدنيا وطرق الاحتراز منها.
فعلى هذه الأقسام الثمانية دارت أفكار العقلاء.
التفكر في آلاء الله:
ورأس القسم الأول الفكر في آلاء الله ونعمه وأمره ونهيه، وطرق العلم به وبأسمائه وصفاته من كتابه وسنة نبيه وما والاهما.
وهذا الفكر يثمر لصاحبه المحبة والمعرفة، فإذا فكر في الآخرة وشرفها ودوامها، وفي الدنيا وخستها وفنائها: أثمر له ذلك الرغبة في الآخرة والزهد في الدنيا، وكلما فكر في قصر الأمل وضيق الوقت أورثه ذلك الجد والاجتهاد وبذل الوسع في اغتنام الوقت.
وهذه الأفكار تعلي همته وتحييها بعد موتها وسفولها، وتجعله في واد والناس في واد.
وبإزاء هذه الأفكار الأفكار الرديئة التي تجول في قلوب أكثر هذا الخلق، كالفكر فيما لم يكلف الفكر فيه ولا أعطي الإحاطة به من فضول العلم الذي لا ينفع، كـ :
الأفكار القبيحة:
ومنها الفكر في الصناعات الدقيقة التي لا تنقع، بل تضر، كالفكر في الشطرنج والموسيقى وأنواع الأشكال والتصاوير.
ومنها الفكر في العلوم التي لو كانت صحيحة لم يعط الفكر فيها النفس كمالا ولا شرفا، كالفكر في دقائق المنطق والعلم الرياضي والطبيعي، وأكثر علوم الفلاسفة، التي لو بلغ الإنسان غاياتها، لم يكمل بذلك ولم يزك نفسه.
ومنها الفكر في الشهوات واللذات وطرق تحصيلها، وهذا وإن كان للنفس فيه لذة لكن لا عاقبة له، ومضرته في عاقبة الدنيا قبل الآخرة أضعاف مسرته.
ومنها الفكر فيما لم يكن لو كان كيف يكون، كالفكر فيما إذا صار ملكا أو وجد كنزا أو ملك ضيعة ماذا يصنع؟؟ وكيف يتصرف ويأخذ ويعطي وينتقم؟! ونحو ذلك من أفكار السفل.
ومنها الفكر في جزئيات أحوال الناس وما جراياتهم ومداخلهم ومخارجهم، وتوابع ذلك من فكر النفوس المبطلة الفارغة من الله ورسوله والدار الآخرة.
ومنها الفكر في دقائق الحيل والمكر التي يتوصل بها إلى أغراضه وهواه، مباحة كانت أو محرمة.
ومنها الفكر في أنواع الشعر وصروفه وأفانينه في المدح والهجاء والغزل والمراثي ونحوها، فإنه يشغل الإنسان عن الفكر فيما فيه سعادته وحياته الدائمة.
ومنها الفكر في المقدرات الذهنية التي لا وجود لها في الخارج ولا بالناس حاجة إليها البته، وذلك موجود في كل علم حتى في علم الفقه والأصول والطب.
فكل هذه الأفكار مضرتها أرجح من منفعتها، ويكفي في مضرتها شغلها عن الفكر فيما هو أولى به وأعود عليه بالنفع عاجلا وآجلا.



فوائد الفوائد/ابن القيم

أم كلثوم
06-07-08, 02:50 PM
جزاك الله خيرا الحياة الطيبة ........ على هذا المقال الطيب

وقد صدق ابن القيم رحمه الله فقد علق الله عز وجل الفلاح على التفكر في نعمه وآلائه

قال الحق جل شأنه : " فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون "


بوركتِ اخية

جنان الرحمن
09-07-08, 09:56 PM
مشكورة وجزاك الله الخير على الموضوع المفيد