المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : إعلان تفريغ شرح متن اصول في التفسير لابن عثيمين رحمه الله


إيمان مصطفى عمر
09-01-09, 01:06 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سيتم هنا وضع تفريغ أشرطة شرح مادة
اصول في التفسير


حياكن الله

إيمان مصطفى عمر
11-01-09, 08:13 AM
بسم الله الرحمن الرحيم


الشرح الصوتي

تفضلي (http://audio.islamweb.net/audio/index.php?page=audioinfo&audioid=138772)


شرح كتاب اصول في التفسير


للشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


ضمن دروسه التي يعقدها في الجامع الكبير في مدينة عنيزة


المتن :


المقدمة


الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ؛ صلى الله عليه وسلم ، وعلى آله وأصحابه ، ومن تبعهم بإحسان وسلم تسليماً ، أما بعد :


فإن من المهم في كل فن أن يتعلم المرء من أصوله ما يكون عونا له على فهمه وتخريجه على تلك الأصول ، ليكون علمه مبنياً على أسس قوية ودعائم راسخة ً، وقد قيل : من حٌرِم الأصول حرم الوصول .


ومن أجل فنون العلم ، بل هو أجلها وأشرفها ، علم التفسير الذي هو تبيين معاني كلام الله عز وجل وقد وضع أهل العلم له أصولاً ، كما وضعوا لعلم الحديث أصولاً ، ولعلم الفقه أصولاً .


وقد كنت كتبت من هذا العلم ما تيسر لطلاب المعاهد العلمية في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، فطلب مني بعض الناس أن أفردها في رسالة ، ليكون ذلك أيسر وأجمع فأجبته إلى ذلك .


وأسأل الله تعالى أن ينفع بها .


شرح الشيخ :



بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا


استمعتم الى هذه المقدمة وفيها :


ان علم التفسير هو أجل العلوم لان العلم يشرف بشرف الموضوع , وموضوع علم التفسير هو كلام الله عز وجل وكلام الله تعالى أشرف الكلام


وهو أحق الكلام ان يفهم واوجب الكلام ان يعمل به وعلى هذا فيكون علم اصول التفسير من أجل العلوم


والعلماء رحمهم الله وضعوا للعلوم كلها بأصنافها أصولا ترجع اليها , فأهل الفقه وضعوا أصول الفقه , واهل الحديث وضعوا مصطلح الحديث حتى يرجع الانسان الى أسس وأصول , لان الرجوع الى الاصول في نظري ونظر غيري هو العلم حقيقة , دون العلم بالجزئيات والمسائل المفردات , العلم هو العلم بالاصول حقيقة , ولذلك اذا من َّ الله عز وجل على الانسان بمعرفة الاصول انفتح له من ابوب العلم الشئ الكثير .,


لذلك وضعنا هذه الاصول على حسب منهج ثانوية معهد العلم لكن هي وان كانت لهذا المستوى من الطلاب لكنها مفيدة ان شاء الله .


فنقول :


القرآن الكريم



المتن :



القرآن في اللغة : مصدر قرأ بمعني تلا ، أو بمعني جمع ،لان قرأ تكون بعنى تلا


كقوله تعالى :


فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله


يعني إذا تلوت القرآن . وتكون بمعنى جمع , ومنه القرية لانها تجمع السكان وعليه يكون القرآن له معنيان :


- معنى المتلو تقول قرأ قرءاً وقرآناً، كما تقول : غفر غَفْراً وغٌفرانا ً ، فصارت كلمة القرآن مصدر , بمعنى اسم المفعول وبمعنى اسم الفاعل ان كان من التلاوة فهي بمعنى اسم المفعول , وان كان من الجمع فهي بمعنى اسم الفاعل ,


-فعلى المعني الأول ( تلا ) يكون مصدراً بمعني اسم المفعول ؛ أي بمعني متلوّ،


-وعلى المعني الثاني: ( جَمَعَ) يكون مصدراً بمعني اسم الفاعل ؛ أي بمعني جامع لجمعه الأخبار والأحكام (1) .


قال عندي في الحاشية:


ويمكن ان يكون اسم المفعول ايضا اي بمعنى مجموع لانه جمع بالمصاحف والصدور


والقرآن في الشرع وهذا الذي يهمنا


: كلام الله تعالى المنزل على رسوله وخاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم ، المبدوء بسورة الفاتحة ، المختوم بسورة الناس


--اذن القرآن كلام الله : لفظه ومعناه , نحن نؤمن بان الله تكلم بهذا القرآن الذي نقرأه , تكلم بقوله :


*الحمد لله رب العالمين * * الله لا اله الا هو الحي القيوم *


-- كلاما مسموعا منقولا الينا عن طريق رسولين كريمين :


رسول ملكي ورسول بشري


الرسول الملكي : جبريل عليه السلام


الرسول البشري : محمد صلى الله عليه وسلم


وقد نسب الله القرآن اليهما في الكتاب فقال الله عز وجل


* انه لقول رسول كريم ذي قوة عند ذي العرش مكين مطاع ثم أمين * هذا جبريل عليه السلام


* انه لقول رسول كريم وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون * هذا محمد صلى الله عليه وسلم


لانهما بلغا , لكن هل الكلام ينسب الى المبلغ ام المبلغ عنه ؟ نعم ينسب الى المبلغ عنه ابتداء والى المبلغ تبليغا . ولهذا نسبه الله تعالى الى جبريل والى محمد عليهما الصلاة والسلام , لكن الكلام بنسب حقيقة الى من قاله مبتدء لا الى من قاله مبلغا مؤديا .


-- فهو كلام الله المنزل على رسوله صلى الله عليه وسلم وخاتم أنبياءه : قال وخاتم أنبياءه ولم يقل وخاتم رسله ,؟


لانه اذا نفيت النبي نفيت الرسول من باب أولى , لكن اذا نفيت الرسول لا تنفي النبي , ولكن رسول الله وخاتم النبيين , هكذا نقول لانه لا يمكن أن ينبئ أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم لا برسالة ولا بغيرها .


-- المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس :


اذن اول القرآن هو الفاتحة , كتابة وتلاوة , وليس نزولا , نزولا اوله *لإقرأباسم ربك الذي خلق *


والمختوم بسورة الناس وليس بعدها شئ من القرآن , وهذا القرآن لله الحمد والمنة محفوظ في الصدرو مكتوب في السطور منقول بالتواتر القطعي اليقيني , ومن أنكر فيه حرفا مجمعا عليه بين القرّاء فإنه كافر , اما المخلف فيه فعلى الاختلاف .


. قال تعالى : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً) (الانسان:23)


وقال : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (يوسف:2) .


فهو نازل من عند الله سبحانه وتعالى وقد حمى الله تعالى هذا القرآن العظيم من التغيير والزيادة والنقص والتبديل ،


- التغيير بالنسبة للحركات والنقط .


-الزيادة هي زيادة كلمة او حرف .


-النقص : نقص كلمة او حرف .


-التبديل : ان تبدل كلمة بكلمة , وهذا غير التغيير .


حيث تكفل عز وجل بحفظه فقال : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) (الحجر:9)


وعليه فمن ادعى ان هناك شيئا من القرآن مكتوم , فهو كافر .مكذب لله عز وجل , لانه من اللازم ان يكون كذلك , ان الله اما عاجز عن حفظه او كاذب في قوله * انا له لحافظون *


ومن وصف الله بالعجز او الكذب فهو كافر , حلال الدم والمال


ولذلك مضت القرون الكثيرة ولم يحاول أحد من أعدائه أن يغير فيه ، أو يزيد ، أو ينقص ، أو يبدل ، إلا هتك الله ستره ، وفضح أمره . حتى التغيير المعنوي ييسر الله تعالى من عباده من يبين بطلانه , التغيير اللفظي ما حاول أحد ان يغير اللفظ , وهذا تعرفونه من كتب التاريخ ومن العلماء رحمهم الله .



وقد وصفه الله تعالى بأوصاف كثيرة ، تدل على عظمته وبركته وتأثيره وشموله ، وأنه حاكم على ما قبله من الكتب .


قال الله تعالى : (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) (الحجر:87). ( وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ)(ق: الآية 1) .


السبع المثاني : هي الفاتحة ونص عليها بانها ام القرآن وانها أعظم سورة في القرآن وهي رقية من كل داء بشرط ان يكون الراقي مؤمنا موقنا , والمرقي عليه كذلك مؤمنا موقنا .


القرآن المجيد , وردت في سورة ق وسورة النور , في كلتا السورتين فيها بيان قهر الله تعالى لأعدائه وبيان قوته ووصف القرآن بانه مجيد مناسب تماما لهذا , لان المجد والعظمة والسلطان لله تعالى وبيان هلاك من يعاند القرآن لان القرآن مجيد .



وقال تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص:29)


(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) (الأنعام:155)


والله جعل القرآن مبارك في كل وجه , مبارك في تأثيره على القلب ولا شئ يؤثر مثل القرآن .


قال تعالى :


-( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد )- [ق/37]


-( لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا متصدعا من خشية الله وتلك الأمثال نضربها للناس لعلهم يتفكرون )- [الحشر/21]


وما نتأثر به أحيانا اذا سمعنا قصيدة واعظة او كلام واعظا , نتأثر ونبكي وربما نقرأ شئ من القرآن ولا يحصل لنا هذا , والسبب كثرة ترداد القرآن .


لو صادفت انسانا لأول مرة احتشمت به وأكرمته واذا لقيته الثانية كالاولى او اقل واذا جاءك الثالثة أقل وهكذا ..


تقول له يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين لانه قد أتعبك .


لكن القرآن سبحان الله لا يقلق على كثرة الترداد لو تكرر الآية او السورة مئة مرة ما تمل , لكن لو تكرر غيره مهما كان من الفصاحة لمللته .


اذن فالقرآن مبارك في أثره , كم فتح به المسلمون من مدينة وبلد ؟


من المشرق الى المغرب , فتحوها بالقرآن الكريم وبآدابه وبأخلاقه وعقائده وشمائله وبكل ما يتضمنه , فهو مبارك في تأثيره وفي أثره .


قوله تعالى


* فاتبعوه لعلكم ترحمون *


اي ان اتباعه واتقاء مخالفته سبب للرحمة


**وقال تعالى


(إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ) (الواقعة:77)


وكرم كل شئ بحسبه فالقرآن كريم يفتح المدارك ويوسع العلوم , كما ان الكريم يعطي المال , والبحر كريم لان فيه من السمك والحيتان ما لا يحصى , القرآن ايضا كريم فيه من المعاني والعلوم العظيمة ما لا يوجد في غيره


يقول تعالى :


-( والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون )- [النحل/8]


كم تضمنت هذه الكلمة , من كل ما تعلمون من جميع انواع المركوبات , فالسيارات والطائرات والبواخر وغيرها كلها داخلة في قوله : * ويخلق ما لا تعلمون *


وقوله تعالى : * وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة *


القوة هي الرمي , كل ما يمكن ان يرمى به الى يوم القيامة من أسلحة عظيمة فتاكة ,


القرآن اذن كريم .اللهم اجعلنا ممن يتلو القرآن حق تلاوته .


من أوصافه ايضا


قوله تعالى :


(إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ ) (الإسراء : الآية 9) .


سبحان الله , ما قال يهدي الى الملة القيمة , قال : للتي هي أقوم , وأقوم اسم تفضيل , كل خلق فاضل فالقرآن يهدي الى أقومه , كل عبادة فالقرآن يهدي الى أقومها , وهكذا .


وقال تعالى : (لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعاً مُتَصَدِّعاً مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) (الحشر:21)


اللهم ارزقنا التفكر , لو نزل هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعا مساو للارض متصدعا من خشية الله


والقلوب ؟ نسأل الله السلامة أقسى من الجبال , الا ما شاء الله ,


وقال تعالى :


(وَإِذَا مَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (124) وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُون(125) (التوبة: 124-125)


فمنهم : اي من المنافقين , يسأل بعضهم بعضا ايكم زادته هذه ايمانا ؟ فلا احد , ما في فائدة


والاستفهام هنا في الآية للتحدي , ولهذا ارجو ان ننظر الى قلوبنا , هل نحن اذا قرأنا القرآن نزداد ايمانا ؟


ان كنا كذلك فنحن مؤمنين , لان الله تعالى يقول


*فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ*


وهم يستبشرون بما وعد به القرآن من النصر في الدنيا والفلاح في الآخرة , ويسبشرون لانهم موقنون به ,


واما الذين في قلوبهم مرض , نسأل الله اعافية , اي شك ونفاق , فزادتهم رجسا الى رجسهم , الله اكبر , كيف ذلك ؟


وهي نفسها الآية تبين نور وضياء , ولكنها تزيدهم رجسا الى رجسهم , لانهم يكذبون بها واذا كذبوا بها زادتهم رجسا الى رجسهم , وماتوا وهم كافرون والعياذ بالله , نسأل الله العافية ,


وقال تعالى :


( وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ)(الأنعام: الآية 19)


من أوحى به ؟ الله عز وجل , لأحذركم به من المخالفة , ومن بلغ , اي من بلغه القرآن , وهذا اشارة الى ان من لم يبلغه القرآن لم تقم عليه الحجة , وكذلك من بلغه القرآن على وجه مشوش , فالحجة لا تقوم عليه , لكنه ليس كعذر الاول , لانه يجب عليه ان يبحث , لكن قد يكون في قلبه من الثقة من بلغه ما لا يحتاج معه في نظره الى البحث ,


الآن الكفار هل بلغ عامتهم على وجه غير مشوش , لا ابدا , ولما ظهرت قضية الاخوان الذين يتصرفون بغير حكمة , ازداد تشويه الاسلام في نظر الغربيين وغير الغربيين وأعني بهم أولئك الذين يلقون المتفجرات في صفوف الناس زعما منهم ان هذا من الجهاد في سبيل الله والحقيقة انهم أساؤوا الى الاسلام وأهل الاسلام أكثر بكثير مما أنجزوا , ماذا أنجزوا ؟


هل أقبل الكفار على الاسلام أم ازدادوا نفرة منه ؟ , واهل الاسلام , يكاد الاسلام يغطي وجهه لئلا ينسب الى هذه الطائفة , المرجفة المروعة والاسلام برئ منهم , حتى بعد ان فرض الجهاد , ما كان الصحابة رضي الله عنهم يذهبون الى مجتمع الكفار ليقتلونهم , ابدا , الابجهاد له راية من ولي قادر على الجهاد , اما هذا الارهاب فهو والله نقص على المسلمين , لاننا نلاحظ نتائجه , ما في نتيجة ابدا , بالعكس في تشويه للسمعة , ولواننا سلكنا الحكمة واقينا الله في أنفسنا وأصلحنا أنفسنا اولا ثم حاولنا اصلاح غيرنا بالطرق الشرعية لكان نتيجته طيبة ,


وقال تعالى :


(فَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً) (الفرقان:52)


معنى جاهدهم به أي التمسك به , وبشرائعه , وعرض ما جاء فيه من الاداب والاخلاق , فان ذلك من أكبر الجهاد فيه , ومن المعلوم ان احد يفهم من قوله جاهدهم به : اي ارمهم بالقرآن , هذا مفهوم خاطئ ,


كيف اجاهدهم به ؟ بنشر تعاليمه وبيان آدابه وأخلاقه وعباداته , وأنه يحرر القلوب . هكذا يكون الجهاد .


. وقال تعالى : (وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ)(النحل: الآية 89) (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ )(المائدة: الآية 48) .


والقرآن الكريم مصدر الشريعة الإسلامية التي بعث بها محمد صلى الله عليه وسلم إلى كافة الناس ، قال الله تعالى : (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) (الفرقان:1) (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ(1)اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَوَيْلٌ لِلْكَافِرِينَ مِنْ عَذَابٍ شَدِيد(2ٍ) (ابراهيم: 1-2) .


وسنة النبيصلى الله عليه وسلم مصدر تشريع أيضاً كما قرره القرآن ، قال الله تعالى:(مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً) (النساء:80) (وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالاً مُبِيناً)(الأحزاب:الآية 36)(وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا)(الحشر:الآية 7) (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌرَحِيمٌ) (آل عمران:31)



-يتبع <<<<

إيمان مصطفى عمر
11-01-09, 08:25 AM
نزول القرآن



نزل القرآن أول ما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم في ليلة القدر في رمضان، قال الله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) (القدر:1) (إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ(3)فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ(4) (الدخان:3-4) . (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ)(البقرة: الآية 185) .


وكان عمر النبي صلى الله عليه وسلم أول ما نزل عليه أربعين سنة على المشهور عند أهل العلم ، وقد روي عن ابن عباس رضي الله عنهما وعطاء وسعيد بن المسيِّبوغيرهم . وهذه السِّن هي التي يكون بها بلوغ الرشد وكمال العقل وتمام الإدراك .


والذي نزل بالقرآن من عند الله تعالى إلى النبي صلى الله عليه وسلم، جبريل أحد الملائكة المقربين الكرام ، قال الله تعالى عن القرآن: (وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ(193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ(194)بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ(195) (الشعراء:192- 195) .


وقد كان لجبريل عليه السلام من الصفات الحميدة العظيمة ، من الكرم والقوة والقرب من الله تعالى والمكانة والاحترام بين الملائكة والأمانة والحسن والطهارة ؛ ما جعله أهلاً لأن يكون رسول الله تعالى بوحيه إلى رسله قال الله تعالى : (إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ "(19)ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ (20) مُطَاعٍ ثَمَّ أَمِين(21ٍ) (التكوير:19- 21) . وقال : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى(5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى(6)وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى(7) (لنجم:5-7) .


وقال : (قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ لِيُثَبِّتَ الَّذِينَ آمَنُوا وَهُدىً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ) (النحل:102) وقد بين الله تعالى لنا أوصاف جبريل الذي نزل بالقرآن من عنده وتدل على عظم القرآن وعنايته تعالى فإنه لا يرسل من كان عظيما إلا بالأمور العظيمة.



2- أول ما نزل من القرآن



أول ما نزل من القرآن على وجه الإطلاق قطعا ً الآيات الخمس الأولي من سورة العلق، وهي قوله تعالى : (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ(1) خَلَقَ الْأِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ(2) اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ(3) الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ(4) عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5) (العلق:1- 5) . ثم فتر الوحي مدة ، ثم نزلت الآيات الخمس الأولى من سورة المدثر ، وهي قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر (1) قُمْ فَأَنْذِرْ(2) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ(3) وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ(4) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ(5) (المدثر:1-5) . ففي ((الصحيحين)) : صحيح البخاري ومسلم (2) . عن عائشة رضي الله عنها في بدء الوحي قالت : حتى جاءه الحق ٌّ ، وهو في غار حراء ، فجاءه الملك فقال اقرأ ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أنا بقارئ ( يعني لست أعرف القراءة ) فذكر الحديث ، وفيه ثم قال:(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَق(1)َ) إلى قوله:(عَلَّمَ الْأِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ(5)) (العلق:1- 5). وفيهما(3) عن جابر رضي الله عنه ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدث عن فترة الوحي : ( بينا أنا أمشي إذ سمعت صوتاً من السماء .... ) فذكر الحديث ، وفيه ، فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّر (1) قُمْ فَأَنْذِرْ(2) إلى ( وَالرُّجْزَ فَاهْجُر(5ْ) (المدثر:1-5) .


وثمت آيات يقال فيها : أول ما نزل، والمراد أول ما نزل باعتبار شيء معين ، فتكون أولية مقيدة مثل : حديث جابر رضي الله عنه في ((الصحيحين ))(4) . إن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله: أي القرآن أنزل أول؟ قال جابر:(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1) قال أبو سلمة : أنبئت أنه


(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق:1) فقال جابر : لا أخبرك إلا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت ...) فذكر الحديث وفيه : ( فأتيت خديجة فقلت : دثروني ، وصبوا علي ماء بارداً ، وأنزل علي : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1) إلى قوله :(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:1-5) ).


فهذه الأولية التي ذكرها جابر رضي الله عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحي ، أو أول ما نزل في شأن الرسالة ؛ لأن ما نزل من سورة اقرأ ثبتت به نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وما نزل من سورة المدثر ثبتت به الرسالة في قوله ( قُمْ فَأَنْذِرْ) (المدثر:2)


ولهذا قال أهل العلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم نبئ ب(اقْرَأْ) (العلق:1) وأرسل ب الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1)



شرح الشيخ :


هناك بعض الاحاديث يقول اول ما نزل غير ما ذكرناه , فما الجواب ؟


ان نقول هذه اولية نسبية باعتبار شي معين , فمثلا اول ما نزل :


ياأيها المدثر ... كيف يمكن هذا ونحن نقول ان اول ما نزل : إقرأ ؟ لا بد من الجواب ,


قالوا ثمة آيات يقال فيها : أول ما نزل، والمراد أول ما نزل باعتبار شيء معين.


قد يكون أول مانزل : -( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين )- [البقرة/278]


يريد اول ما نزل من آيات الربا ....


اول ما نزل في المحرمات في النكاح : * حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم ...*


فتكون أولية مقيدة مثل : حديث جابر رضي الله عنه في ((الصحيحين ))(4) . إن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأله: أي القرآن أنزل أول؟ قال جابر:(يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1) قال أبو سلمة : أنبئت أنه


(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ) (العلق:1) فقال جابر : لا أخبرك إلا بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( جاورت في حراء فلما قضيت جواري هبطت ...) فذكر الحديث وفيه : ( فأتيت خديجة فقلت : دثروني ، وصبوا علي ماء بارداً ، وأنزل علي : (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ) (المدثر:1) إلى قوله :(وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ) (المدثر:1-5) ).


وجه الاستدلال :أنه قال جاورت في الحراء , فلما قضيت جواري هبطت فأتيت خديجة ....


وهذا ظاهره ان المدثر هي اول ما نزل , لكن يقول الأولية التي ذكرها جابر رضي الله عنه باعتبار أول ما نزل بعد فترة الوحي ، أو أول ما نزل في شأن الرسالة, لان الوحي لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم انقطع فترة , يقول بعضهم انه انقطع ثلاث سنوات , وقال بعضهم دون ذلك , والحكمة من هذا ليشتد شوق النبي صلى الله عليه وسلم الى تطلع الوحي ونزوله , وكان أمره كذلك , حتى كان يخرج الى غار حراء ويمتد بصره الى السماء يترقب ان ينزل عليه الوحي .


فنقول : اول ما نزل عليه بعد فترة الوحي هو المدثر , او اول ما نزل في شأن الرسالة , لان فيه تصريح *قم فأنذر * وهذه الرسالة .لأن ما نزل من سورة اقرأ ثبتت به نبوة النبي صلى الله عليه وسلم ، وما نزل من سورة المدثر ثبتت به الرسالة في قوله ( قُمْ فَأَنْذِرْ) (المدثر:2)


ولهذا قال أهل العلم : إن النبي صلى الله عليه وسلم نبئ بإقرأ وأرسل بالمدثر



ثم نقول :


3- نزول القرآن ابتدائي وسببي


ينقسم نزول القران إلى قسمين :


الأول : ابتدائي : وهو ما لم يتقدم نزوله سبب يقتضيه ، وهو غالب آيات القران،يعني الذي ليس له سبب


ومنه قوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ) (التوبة:75)


الآيات , فإنها نزلت ابتداء في بيان حال بعض المنافقين ، وأما ما اشتهر من أنها نزلت في ثعلبة ابن حاطب في قصة طويلة ، ذكرها كثير من المفسرين ، وروجها كثير من الوعاظ ، فضعيف لا صحة له .


يعني اشارة الى ان هذه لبقصة غير صحيحة , لانه من ذكر انه جاء الى رسول الله ورده ثم جاء الى ابي بكر ورده ثم جاء عمرا ورده ... هذا غير صحيح , لانه من تاب , تاب الله عليه ,حتى المنافقون ,


قال الله تعالى :


* ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا * الا الذين تابوا وأصلحوا واعتصموا بالله واخلصوا دينهم لله فأولئك مع المؤمنين *


فالتوبة مقبولة من كل انسان , ومن اي ذنب



القسم الثاني : سببي : وهو ما تقدم نزوله سبب يقتضيه . والسبب :


أ‌ إما سؤال يجيب الله عنه : مثل (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ ) (البقرة: الآية 189) .


هذا واضح انه سبب يقتضيه , الصحابة يسألون الرسول عليه الصلاة والسلام , عن الأهلة , لماذا خلقها الله عز وجل , فقال الله له : قل هي مواقيت للناس في معاملاتهم : يقول مثلا هذا عليه دين الى كذا , وما أشبه وذلك ...


وكذلك مواقيت الحج : يعني الحج أشهر معلومات .


وما اشتهر من ان الصحابة رضي الله عنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الاهلة لماذا تبدو صغيرة ثم تكبر فأجاب الله بفائدتها , دون سبب نقصان الهلال وزيادته , فهذا لا صحة له , وأهل البلاغة يدّعون هذا , ويقولون ان اجابتهم بغير ما سألوا من أسلوب الحكيم , وليس كذلك , الصحيح ان الصحابة سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عن الاهلة ما سببها , فأجابهم الله عز وجل


والله الموفق .


ومثله قوله تعالى : -( في الدنيا والآخرة ويسألونك عن اليتامى قل إصلاح لهم خير وإن تخالطوهم فإخوانكم والله يعلم المفسد من المصلح ولو شاء الله لأعنتكم إن الله عزيز حكيم )- [البقرة/220]


وايضا : -( ويسألونك عن المحيض قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين )- [البقرة/222]


وأيضا :


-( يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين والأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم )- [البقرة/215]




ب‌- أو حادثة وقعت تحتاج إلى بيان وتحذير مثل : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ






وَنَلْعَبُ)(التوبة: الآية 65) الآيتين نزلتا في رجل من المنافقين قال في غزوة تبوك في مجلس






: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب بطونا ، ولا أكذب ألسنا ، ولا أجبن عند اللقاء ، يعني






رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل






القرآن فجاء الرجل يعتذر النبي صلى الله عليه وسلم فيجيبه ( أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ






تَسْتَهْزِئُونَ)(التوبة: الآية 65) (6).





ج- أو فعل واقع يحتاج إلى معرفة حكمه مثل :(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا






وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1)






شرح الشيخ :






ب‌ أو حادثة وقعت تحتاج إلى بيان وتحذيرفيتحدث الله عنهم مثل





: (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ)(التوبة: الآية 65) الآيتين





الخطاب هنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والغيبة تعود على المنافقين , هؤلاء






المنافقون اجتمعوا في مجلس , ومجالس المنافقون تكون فيها استهزاء برسول الله صلى الله






عليه وسلم او بالصحابة او ما اشبه ذلك ... فكان رجل من المنافقين قال في غزوة تبوك في






مجلس : ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء(( يريد الرسول عليه الصلاة والسلام )) أرغب بطونا((






يعني أوسع وهو كناية عن كثرة الاكل وكذب المنافقون وصدق رسول الله صلى الله عليه






وسلم لان النبي صلى الله عليه وسلم كان أحيانا يعصب الحجر على بطنه من الجوع وينفق






المال , وحث على قلة الطعام والشراب , فقال حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه , فان كان لا






محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه , نسال الله ان يعيننا على هذا , اكثر الناس الآن






اذا جلس للاكل يحتاج الى احد يعمده حتى يقوم من كثرة الاكل , الا من شاء الله ,





ولذلك كثرت الامراض :الضغط والسكري والكسل , لو اننا مشينا على الحديث , لبقينا






أصحاء. والعجب ان غيرنا يطبق هذا , حدثني اناس كثيرون الغرب لا يشبعون عندما






يأكلون , ياكل الواحد قليلا ثم يقوم للعمل واذا جاع رجع واكل , وهكذا , اما نحن ما شاء الله ,






صحيح ينطبق علينا رغبة البطون , نسال الله ان يعيننا على قلة الاكل , وان نقتصر على






الاكل النافع , ))





، ولا أكذب ألسنا ،(( قاتلهم الله ,والله ما في الدنيا أكذب من المنافقين , )) ولا أجبن عند






اللقاء (( الله اكبر , من أحق الناس بهذه الاوصاف ؟ هم المنافقون هم الذين لا يريدون الا






الدنيا وشبع البطون وشهوة الفروج والرئاسة المذمومة , لكن محمدا صلى الله عليه وسلم






وأصحابه لا يريدون هذاوان ارادوه فتكون الارادة الثانوية لان الامر عندهم اعظم من هذا ,






يريدون الحياة الآخرة )) , ، يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ، فبلغ ذلك






رسول الله صلى الله عليه وسلم (( من أخبره ؟ الله سبحانه وتعالى , ونزل القرآن فجاء الرجل






يعتذر النبي صلى الله عليه وسلم فيجيبه





-( ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون )- [






التوبة/65]





فمن استهزأ بالله أو بآياته او رسوله فهو كافر , لقوله :





-( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين






)- [التوبة/66]






فمن استهزأ بالله فهو كافر حلال الدم والمال ولا ينبغي ان نقتصر على حبسه ثم نحابي الأمة






في إطلاقه . أبدا .





يجب ان نقتله . وهل تقبل توبته ؟ اختلف العلماء في ذلك , منهم من قال : لا تقبل لعظم ردته






والعياذ بالله .





ومنهم من قال : تقبل , وهو الصحيح , لقوله تعالى





-( لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين






)- [التوبة/66]





ولعموم قوله تعالى :





-( قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا






إنه هو الغفور الرحيم )- [الزمر/53]





ولكن التوبة هنا توبة مغلظة , لا بد ان يظهر من هذا الرجل الثناء على الله وآياته ورسوله ,






والا فهو كافر ما تاب








ج- أو فعل واقع يحتاج إلى معرفة حكمه مثل





:(قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ






سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1)





ما سببه ؟





هو ظهار اوس بن الصامت لزوجته ,





الظهار في الجاهلية طلاق بائن , فإذا قال الرجل منهم لزوجته : انت علي كظهر أمي , طلقت






منه طلاقا بائنا , بلا رجوع .





لما ظاهر أوس زوجته , جاءت تشتكي رسول الله صلى الله عليه وسلم , تقول :





لقد ظاهر مني بعد ان تقاسمني ورق عظمي وكبر ولدي ...





والنبي صلى الله عليه وسلم لم يجبها , بل في بعض الروايات انه قال : ما أرى الا زوجك قد






طلقك ,





فأنزل الله الآية في بيان حكم هذه الواقعة , التي أشكلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم .






حتى انزلها الله في آياته .

إيمان مصطفى عمر
11-01-09, 08:35 AM
المتن :




فوائد معرفة أسباب النزول :


معرفة أسباب النزول مهمة جدا ، لأنها تؤدي إلى فوائد كثيرة منها :




1- بيان أن القران نزل من الله تعالى ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم يسأل عن الشي



، فيتوقف عن الجواب أحيانا ، حتى ينزل عليه الوحي ، أو يخفى الأمر الواقع، فينزل الوحي




مبينا له . مثال الأول : قوله تعالى : (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ




مِنَ الْعِلْمِ إِلا قَلِيلاً) (الإسراء :85) . ففي صحيح البخاري "(7) عن عبد الله ابن مسعود رضي




الله عنه : أن رجلا من اليهود قال : يا أبا القاسم ما الروح ؟ فسكت ، وفي لفظ : فأمسك النبي




صلى الله عليه وسلم ، فلم يرد عليهم شيئا ، فعلمت أنه يوحى إليه، فقمت مقامي ، فلما نزل




الوحي قال (وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي) (الإسراء :85) الآية مثال الثاني


قوله تعالى (يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلّ)(المنافقون: الآية 8) وفي


صحيح البخاري (8) أن زيد ابن أرقم رضي الله عنه سمع عبد الله ابن أبى رأس المنافقين



يقول ذلك ، يريد أنه الأعز ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه الأذل ، فأخبر زيد عمه



بذلك ، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم زيدا فأخبره بما



سمع ثم أرسل إلى عبد الله ابن أبي وأصحابه ، فحلفوا ما قالوا ، فصدقهم رسول الله صلى الله



عليه وسلم ، فأنزل الله تصديق زيد في هذه الآية ؛ فاستبان الأمر لرسول الله صلى الله عليه



وسلم .



2- بيان عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه مثال ذلك قوله تعالى : (



وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً) (


الفرقان:32) وكذلك آيات الإفك ؛ فإنها دفاع عن فراش النبي صلى الله عليه وسلم وتطهير له



عمّا دنسه به الأفاكون .



3- بيان عناية الله تعالى بعباده في تفريج كرباتهم وإزالة غمومهم . مثال ذلك آية التيمم ، ففي



" صحيح البخاري " (9) أنه ضاع عقد لعائشة رضي الله عنها ، وهي مع النبي صلى الله



عليه وسلم في بعض أسفاره فأقام النبي صلى الله عليه وسلم لطلبه ، وأقام الناس على غير


ماء ، فشكوا ذلك إلى أبي بكر ، فذكر الحديث وفيه : فأنزل الله أية التيمم فتيمموا فقال أسيد بن



حضير : ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر . والحديث في البخاري مطولاً


4- فهم الآية على الوجه الصحيح . مثال ذلك قوله تعالى : (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ


اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا)(البقرة: الآية 158) أي يسعى



بينهما ، فإن ظاهر قوله : (فَلا جُنَاحَ عَلَيْه)ِ (البقرة: الآية 158 ) أن غاية أمر السعي بينهما ،


أن يكون من قسم المباح ، وفي صحيح البخاري " (10) عن عاصم بن سليمان قال : سألت



أنس بن مالك رضي الله عنه عن الصفا والمروة ، قال : كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية ، فلما


كان الإسلام أمسكنا عنهما ، فأنزل الله تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ (البقرة:



الآية 158) إلى قوله : (أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا) (البقرة: الآية 158) وبهذا عرف أن نفي الجناح


ليس المراد به بيان أصل حكم السعي ، وإنما المراد نفي تحرجهم بإمساكهم عنه ، حيث كانوا



يرون أنهما من أمر الجاهلية ، أما أصل حكم السعي فقد تبين بقوله:(مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )(البقرة:



الآية 158)




شرح الشيخ


طيب الآن :



هل العبرة بعموم اللفظ ام بخصوص السبب ؟



العبرة بعموم اللفظ , ثم قال المؤلف


فوائد معرفة اسباب النزول :



معرفة اسباب النزول مهمة جدا لانها تؤدي الى فوائد كثيرة , منها :



1" بيان ان القرآن نزل من الله تعالى , وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم , يسأل عن الشئ



فيتوقف عن الجواب أحيانا , حتى ينزل عليه الوحي . او يخفى عليه الامر الواقع فينزل




الوحي مبينا له . وهذا يدل على ان القرآن نزل من عند الله , لانه لو كان رسول الله صلى الله


عليه وسلم كاذبا وحاشاه من ذلك , ما انتظر نزول الوحي , لبت في الامر , ولهذا لما سألوه




عن اصحاب الكهف , قال اخبركم غد , لانه ما عنده علم , جاء الغد لم ينزل شيئا من القرآن




.... الى خمسة عشرة يوما لم ينزل شيئا , لانه صادق لا يمكن ان يتقول على الله . حتى نزلت




قصة فقصها على الناس


اذن معرفة اسباب النزول تبين ان القرآن من عند الله تبارك وتعالى ينزله على رسوله محمد


صلى الله عليه وسلم .


مثال الاول : قوله تعالى


-( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )- [



الإسراء/85]



ما المراد بالروح ؟ يعني روح الانسان , التي اذا كانت في البدن فان الانسان يتحرك واعي




... واذا غابت عن البدن صارت جثة , في صحيح البخاري , عن عبد الله بن مسعود رضي




الله عنه ان رجلا من اليهود قال : يا ابا القاسم , ما الروح ؟ فسكت رسول الله صلى الله عليه


وسلم , ولو كان كاذبا يريد ان يمشي نفسه , لقال الروح كذا وكذا .. لان السائل يهودي ,


واليهودي يسأل للاستفسار ام للتحدي ؟ للتحدي لا شك ,



وفي لفظ : فأمسك النبي صلى الله عليه وسلم فلم يرد عليهم شيئا , فعلمت انه يوحى اليه


فقمت مقامي , فلما نزل الوحي قال :



-( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )- [


الإسراء/85


فقطع الله العلم بها , الروح من أمرالله لا يعلمها الا هو , وما أوتيتم من العلم الا قليلا , هذا


توبيخ للسائل عن الروح , كأنه يقول : ما بقي عليك من العلم الا الروح ؟ , حتى تسأل عنها


وقد فاتك من العلم الشئ الكثير , وبهذه الآية يمكن ان نجيب هؤلاء الذين يسألون عن كيفية



اثبات الله او اي من امور الغيب , نقول : -( وما أوتيتم من العلم إلا قليلا )- [الإسراء/85]



اذا قال كيف كان الحر في الدنيا من فيح جهنم ؟ نقول : ما بقي عليك من العلم الا هذا , تعال




أيها الحريص على العلم أخبرني عن روحك , هل يستطيع ان يجيب ؟ ما يستطيع ابدا ,


فنقول اذا عجزت عن فهم ما بين جنبيك وهذه حالتك فكيف تسأل عن ما فوق ذلك ؟



المهم : قاعدة تنير القلب , وتشرح الصدر : ان الشئ الذي لا يمكن ادراكه لا تسأل عنه ونقول



لمن يسأل :



ما بقي عليك من العلم الا هذا تسأل عنه


اسأل عن الوضوء وعن الصيام والزكاة ....



المثال الثاني : قوله تعالى :



-( يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين



ولكن المنافقين لا يعلمون )- [المنافقون/8]



من هم ؟ المنافقون


المنافقون أغنياء , وهم أعزاء بأنفسهم وهم أذلة , ماذا قالوا ؟




قالوا لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا


-( هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا ولله خزائن السماوات


والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون )- [المنافقون/7]


يعني واذا انفضوا أنفقوا عليهم ؟ (حتى) هنا للتعليل وليست للغاية , لخلاف قوله تعالى :



-( قالوا لن نبرح عليه عاكفين حتى يرجع إلينا موسى )- [طه/91]


فهنا (حتى ) للغاية .


اذن , فأجابهم الله تعالى :


-( ولله خزائن السماوات والأرض ولكن المنافقين لا يفقهون )- [المنافقون/7]



والرزق ليس بأيديهم , وانما بيد الله , وما رزقهم الله المال الا فتنة لهم .



في صحيح البخاري ان زيد بن علقمة رضي الله عنه , سمع عبد الله ابن أبي ّ ( رأس




المنافقين , وله ولد هو عبد الله من صالح المؤمنين )يقول : سمعه يقول ذلك , لئن رجعنا الى


المدينة ليخرجن الاعز منها الاذل , يعني بالاعز نفسه وأصحابه , ويعني بالاذل رسول الله



صلى الله عليه وسلم واصحابه . فأخبر زيد عنه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك , فجاء النبي




بزيد يسأله ثم ارسل الى عبد الله بن أبيّ وأصحابه , فحلفوا ما قالوا , ويحلفون على الله الكذب




وهو يعلمون , وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحكم الا بما يسمع , مع ان زيد بن




علقمة أخبره . لكن رسول الله لا يقبل الدعوى الا بالبينة , فصدقهم عليه الصلاة والسلام وهذا




من الحكمة , فأنزل الله تصديق زيد في هذه الآية , فاستبان الامر لرسول الله صلى الله عليه




وسلم , المنافقون انزل الله فيهم سورة كاملة سورة المنافقون . كما انزل فيهم عدة آيات في



سورة التوبة , ولهذا كانت هذه السورة من أشد السور على المنافقين , لانها فضحتهم , وانزل




الله تعالى في واحد من الكافرين سورة كاملة , من هو ؟



ابو لهب , لانه عم الرسول كان يجب عليه ان يكون اول الناس المؤمنين به ويدافع عنه , لا



ان يكون من اشد الناس عداء له واشد كفرا به والعياذ بالله , فاستحق بفعله القبيح الشنيع ان



تنزل فيه سورة كاملة ,نسأل الله ان يعيذنا واياكم من النفاق .





_ من فوائد معرفة اسباب النزول ايضا :



بيان عناية الله سبحانه وتعالى برسوله صلى الله عليه وسلم في الدفاع عنه , مثاله ,


قوله تعالى :



-( وقال الذين كفروا لولا نزل عليه القرآن جملة واحدة كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا

)- [الفرقان/32]



الكتب التي تنزل على الرسل السابقين تنزل جملة واحدة , ومحمد صلى الله عليه وسلم ينزل


عليه القرآن جملة واحدة , فيقول الكافرون هلا ّ نزّل عليه القرآن جملة واحدة , وقصدهم في



ذلك التشكيك في ان هذا الوحي من عند الله , فأجاب الله تعالى عنه قال : انزلناه كذلك لنثبت




به فؤادك ونقويك . أرئيتم لو نزل عليه القرآن جملة واحدة لكان فيه مفاسد لكانت تنزل الاحكام




كلها من اولها الى آخرها جملة واحدة في أناس وثنيين لا يعرفون الحق , هل يكون هذا مقبولا


؟ او يتردد فيه الكثير ؟


طبعا يتردد فيه الكثير , يقولون هذه أوامر كثيرة , وحبس حريات كما يقولون , لكن اذا نزل


كاللبن للرضيع , يمتصه شيئا فشيئا , نفع أكثر . ولهذا قال تعالى :



-( كذلك لنثبت به فؤادك ورتلناه ترتيلا )- [الفرقان/32]


اي نقويك كلما فتر الوحي ازداد الرسول صلى الله عليه وسلم شوقا الى الوحي , فنزلت



الآيات تثبيتا لرسول الله عليه الصلاة والسلام . وقوله : -( ورتلناه ترتيلا )- اي أنزلناه عل


مهل وعلى مكث كما قال تعالى في آية أخرى :



-( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا )- [الإسراء/106]



وكونه يأتي شيئا فشيئا , مرتلا , لا شك انه اسهل على الناس في حفظه , وتعلمون ان


الصحابة لم يكن عندهم كتابة , فأكثر ما يكون عندهم الحفظ .


وفي قوله تعالى


-( أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا )- [المزمل/4]




اي اقرأه على مهل , واما زعم أهل التجويد ان يقرؤه مجودا فليس كذلك , فقد يقرأه مرتلا مع




الاسراع فيه , ولكن القصد هو قراءته على مهل


وكذلك آية الافك فانها دفاع عن النبي صلى الله عليه وسلم , وتطهيرا له ,لا يخفى علينا جميعا



ان رجلا يقال له في امراته , وهي أحب النساء اليه , انها بغاء , ماذا يكون الموقف ؟ سيكون




صعبا حرجا , ولهذا فتر الوحي واصاب النبي صلى الله عليه وسلم من الهم والغم ما لا يشعر



به أحد , زوجته وبنت صديقه وأحب النساء اليه , ترمى بهذا الفعل الشنيع والعياذ بالله , فكان




يدخل عليها وهي مريضة بالحمى فيسأل ويقول : كيف تيك ؟


وهو اسم اشارة للبعيد , ولا يتحدث اليها ولا يستانس بها . لان الامر عظيم , لو ان الانسان




ركن الى زوجته الباغية , لقيل هذا ديوس , ولهذا قال تعالى :


-( إذ تلقونه بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم




)- [النور/15]


-( ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم )- [النور/16]



اي ان زوجة نبي الله منزهة عن ذلك




-( لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرا وقالوا هذا إفك مبين )- [


النور/12]


اي يظنون بأم المؤمنين ما يظنون بأنفسهم , البراءة من كل هذا ,


فالمسألة عظيمة , فلما نزل الوحي والرسول في بيت عائشة رضي الله عنها , نزل بعشر



آيات محكمات عظيمات يتقرب المسلمون بهن الى الله عز وجل , ولهم بكل حرف منها حسنة



والحسنة بعشر أمثالها ,شوف الفرج من الله عز وجل , نزلت الآيات العظيمة , ولهذا أجمع



المسلمون على ان من قذف عائشة بما برأها الله منه فانه كافر مرتد يقتل على كل حال ,بل



قالوا لو قذفها بغير ذلك او قذف واحدة من أمهات المؤمنين فهو كافر مرتد لا تقبل منه توبة



يقتل على كل حال , وهو أذل عندنا من الجعلان, آيات الافك , نعرف سبب النزول , سبب



النزول هو خوض هؤلاء المنافقين ومن اغتر بهم في هذا الامر العظيم , اذن فيه بيان عناية



الله عز وجل برسوله صلى الله عليه وسلم ونعم المرسل ونعم الرسول , وعناية الله سبحانه



وتعالى بفراش الرسول ان يدنس , والله لو دنس فراش واحد من الناس لكان الامر عظيما ,



فكيف بفراش النبي صلى الله عليه وسلم , ولهذا انزل الله الآيات في الدفاع عن فراش الرسول



صلى الله عليه وسلم , وتطهيرا له عما دنسه به هؤلاء الأفاكون . هو تطهير لعائشة ,



وتطهيرا للرسول عليه الصلاة والسلام , فحصل بذلك طمأنينة الرسول الكريم وبيان عناية الله



به وخذلان هؤلاء الخبثاء , الذين قال الله فيهم :


-( إن الذين جاؤوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما



اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم )- [النور/11]


الذي تولى كبره هو عبد الله بن أبي ّ له عذاب عظيم في الآخرة , في الدنيا لم يحده الرسول



عليه الصلاة والسلام , ما أقام عليه الحد , مع انه أقام الحد على حسان بم ثابت وامراته , اقام



الحد على مصطة وامرأته , لكنه لم يقم الحد على عبد الله بن أبيّ مع انه تولى كبره , لماذا ؟


اكتفاء بقوله تعالى :


والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم )- [النور/11]


ثانيا : الحد تطهير , وعبد الله بن أبي ّ الخبيث ليس أهل للتطهير , بل هو رجس .


سبب ثالث : عبد الله بن أبي ّ زعيم قومه والنبي صلى الله عليه وسلم يحب التأليف وربما



يحصل من قومه ما لا تحمد عقباه لو أقيم عليه الحد , فتركه الرسول عليه الصلاة والسلام .


سبب رابع : ان الخبيث عبد الله بن أبي ّ مكار حاذق لا يصرح بالأمر بل يأتي المجالس



ويلمح للأمر , قيل ان عائشة كذا وكذا ... فهو يشي بالحديث لكن لا يصرح , وما كان كذلك



فإنه لا يحد .


فالمهم ان ترك حدّ النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الخبيث كانت تلك أسبابه .


المقصود مما سبق هو ان الامر عظيم يتفطر القلب منه وشاهده من درسنا هو بيان عناية الله



سبحانه وتعالى برسوله , والدفاع عنه .



نعود للمتن


ثالثا : بيان عناية الله تعالى بالدفاع عن عباده بتفريج كرباتهم وازالة غمومهم . مثال ذلك :


آية التيمم , ففي صحيح البخاري انه ضاع عقد لعائشة رضي الله عنها وهي مع النبي صلى



الله عليه وسلم في بعض أسفاره , فأقام النبي صلى الله عليه وسلم لطلبه , وأقام الناس على



غير ماء , فشكو ذلك الى أبي بكر , فذكر الحديث وفيه : أنزل الله آية التيمم فتيمموا , .


سبحان الله , فرج , الناس صعب عليهم الامر , ما عندهم ماء , ولا يمكن ان يعصوا الرسول



صلى الله عليه وسلم فيدفعوا عن هذا المكان , والنبي صلى الله عليه وسلم حبسهم على هذا



المكان , اولا لانه مال , والمال قليل , ثانيا ان عائشة تتحلى به لمن ؟ للنبي عليه الصلاة



والسلام أشرف الخلق , فهو عقد ذو قيمة , ثالثا : ان الرسول صلى الله عليه وسلم مربي لأمته



بمقاله وفعاله , حتى يعلموا ما للزوجات من حقوق , وانه تجب مراعاتهن , وحتى يعرفوا قدر



المال فلا يضيعوه بلا فائدة .


فالمهم ان الرسول قد حبسهم على هذا وليس معهم ماء والصلاة قد قامت , أنزل الله آية التيمم



فكان فيها فرج عظيم وهي مصداق قوله تبارك وتعالى :


-( فإن مع العسر يسرا )- [الشرح/5] -( إن مع العسر يسرا )- [الشرح/6]


ما اكثر الشواهد لهذه القاعدة العامة , في ارضاع المرأة المطلقة ولدها , يقول تعالى :


-( فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وأتمروا بينكم بمعروف وإن تعاسرتم فسترضع له



أخرى )- [الطلاق/6]


فإذا تعاسر الأبوان في ارضاع الولد , فالحل قريب جدا , فسترضع له أخرى , من أين ؟ من



فاطر السموات والارض , ييسر له ذلك , لان وعد الله حق .


قال أسيد بن الحضير , ما هي بأول بركتكم يا آل ابي بكر.


صدق رضي الله عنه , آل ابي بكر لهم بركات , لا على النبي صلى الله عليه وسلم فحسب ,



ولا على الامة فحسب , ولو لم يكن لهم بركات على الامة الا خلافة ابي بكر لكفى بها بركة.


حصل بها خير كثير , قتال اهل الردة , وعزة المسلمين , وتولية الفاروق , هذه من حسنات



ابي بكر , انه حسم النزاع بولاية العهد لعمر , وانه وضع الحق في نصابه تماما , ولهذا تعد



خلافة عمر من مناقب ابي بكر رضي الله عنه , وفي هذا الحديث دليل على انه لا بأس ان



تكون للانسان بركة علم , لكن ليست بركة الصوفية الذين يتبركون حتى بالنعال , لا,,



البركة بركة علم , بركة تيسير الامور , كثيرا ما تتيسر الامور بقدوم شخص ما , من باب



التفاؤل , وكثيرا ما يكون الانسان سببا لخير كثير , في اعانته لمظلوم او محتاج , او تعليمه



لجاهل ... كلها بركات ,


فقول الناس لشخص : هذه من بركاتك , هذا اذا صدق فهو حقيقة , هذا الشخص اذا حضر في



مجلس وعلم الناس وارشدهم , فهذه من البركة .


رابعا : فهم الآية على الوجه الصحيح : ان تفهم الآية على الوجه الصحيح لها , مثال ذلك ,



قوله تعالى :


-( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما



ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم )- [البقرة/158]


اي ان يسعى بينهما , الصفا يقع شرقا عن الكعبة , واعلاه جبل ابي قبيس , المروة يقع عنها



شرق الشمال واعلاه جبل يسمى قعيقعان.


ظاهر قوله تعالى ان غاية امر السعي بينهما ان يكون من القسم المباح وليس واجبا , لكن اذا



عرفت السبب يزول هذا الخلاف, ففي صحيح البخاري عن عاص بن سليمان قال سألت انس



بن مالك رضي الله عنه , عن الصفا والمروة , فقال : كنا نرى انهما من امر الجاهلية , فلما



كان الاسلام امسكنا عنهما , (فصاروا يطوفون بالبيت , ولا يسعون ) فأنزل الله تعالى الآية



فجعلهما من الشعائر ,


ويكون فلاجناح عليهما نفيا لما يتوهم من الاثم بالطواف بهما وليس نفيا لأصل الحكم , بل هو



نفي لما يتوهم من الاثم بالطواف بهما , والآية تدل على هذا لانه قال : من شعائر الله , وما



كان من شعائر الله فهل يقتصر بحكمه على ان يقال : لا جناح عليك ان تفعل , لا , بل هو



مطلوب .


اذن فوائد معرفة اسباب النزول اربعة

إيمان مصطفى عمر
11-01-09, 08:41 AM
المتن :


عموم اللفظ وخصوص السبب :

إذا نزلت الآية لسبب خاص ، ولفظها عام كان حكمها شاملا لسببها ، ولكل ما يتناوله لفظها ،


لأن القران نزل تشريعا عاما لجميع الأمة فكانت العبرة بعموم لفظه لا بخصوص سببه .

مثال ذلك : آيات اللعان ، وهي قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا


أَنْفُسُهُمْ) إلى قوله ( إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(النور: 6- الآية 9) ففي صحيح البخاري " (11)من


حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه


وسلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البينة أو حد في ظهرك ، فقال


هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق فلينزلن الله ما يبرء ظهري من الحد ، فنزل جبريل ،

وأنزل عليه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ)(النور: الآية6) فقرأ حتى بلغ (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)

(النور: الآية9)

فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال بن أمية لامرأته ، لكن حكمها شامل له ولغيره ، بدليل ما

رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن عويمر العجلاني جاء إلى النبي

صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف


يصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك . فأمرهما

رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنه بما سمى الله في كتابه ، فلاعنها . الحديث (12) .

فجعل البني صلى الله عليه وسلم حكم هذه الآيات شاملا لهلال بن أمية وغيره .




شرح الشيخ :


ثم قال : عموم اللفظ وخصوص السبب

اذا نزلت الآية لسبب خاص ولفظها عام كان حكمها شاملا لسببها ولكل ما يتناوله لفظها لان

القرآن نزل تشريعا عاما لجميع الامة فكانت العبرة بعموم لفظه لا بخصوص سببه

مثال ذلك : آيات اللعان ، وهي قوله تعالى :
(وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّاأَنْفُسُهُمْ) إلى قوله ( إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)(النور: 6- الآية 9)
ففي صحيح البخاري " (11)من

حديث ابن عباس رضي الله عنهما : أن هلال بن أمية قذف امرأته عند النبي صلى الله عليه

وسلم بشريك بن سحماء فقال النبي صلى الله عليه وسلم : البينة أو حد في ظهرك ، فقال

هلال: والذي بعثك بالحق إني لصادق فلينزلن الله ما يبرء ظهري من الحد ، فنزل جبريل ،

وأنزل عليه : (وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ)(النور: الآية6) فقرأ حتى بلغ (إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ)

(النور: الآية9)


فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال بن أمية لامرأته ، لكن حكمها شامل له ولغيره ، بدليل م

رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه ، أن عويمر العجلاني جاء إلى النبي

صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله ، رجل وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف

يصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك . فأمرهما

رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنه بما سمى الله في كتابه ، فلاعنها . الحديث (12) .

فجعل البني صلى الله عليه وسلم حكم هذه الآيات شاملا لهلال بن أمية وغيره .

وهذه قاعدة معروفة والحمد لله , واكثركم يجيدها ويجيد تطبيقها ,

واللعان يكون بين الزوجين , وسببه قذف الزوج زوجته بالزنى , وسمي لعانا لان الزوج

يقول فيه : وان لعنة الله علي .

ولم يسمى غضبا او ايات الغضب لان اللعان يبتدأ به أولا ولانه في حق الرجل والرجل

أشرف من المرأة

**ففي صحيح البخاري : من حديث ابن عباس رضي الله عنه , ان هلال بن أمية قذف امرأته

عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بشريك بن سهماء , كلاهما صحابي , لكن الصحابة ليسوا

معصومين من كبائر الاثم والفواحش , قد يوجد فيهم من يزني ويقتل النفس , وشرب الخمر .

لكن هذه الاشياء التي تقع منهم لا بد ان يكون لها ما يكفرها , وقد ذكر شيخ الاسلام ابن تيمية

رحمه الله في كتابه العقيدة الواسطية , اسبابا متعددة لتكفير ما وقع منهم , منها :

ان الله قال لأهل بدر , اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم .وتعلمون ما جرى في قصة حاطب ,

وجاسوسيته على رسول الله صلى الله عليه وسلم , عند اهل مكة لما قال عمر دعني أضرب


عنقه , قال له : لا (لان الجاسوس يقتل وجوبا حتى لو تاب , لان مضرته لا تفسد , بل يقتل

حتى لا يعود غيره الى ذلك , لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم منع عمر وقال له , ) : وما


يدريك ان الله تعالى اطلع الى اهل بدر فقال : اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم

فوقع هذا الذنب مغفورا من قبل**

بالعودة للقصة

فقال النبي صلى الله عليه وسلم لهلال : البينة او حد في ظهرك .

البينة يعني : أقم البينة على ان امرأتك زنت , والبينة هي أربعة شهود رجال عدول , يشهدون
انهم رأوا ذكر الزاني في فرج الزانية , من يشهد ؟ صعب .

ولهذا لما وقعت هذه القضية في زمن عمر , قوم شهدوا على أحد الصحابة بأنه زنى , ثلاثة

ثبتوا على هذه الشهادة , الرابع لما جاء يشهد قال له المشهود عليه : اتق الله , والله لو كنت

بين أفخاذنا ما شهدت هذه الشاهدة .

فقال الشاهد : والله يا امير المؤمنين انا رأيت أستا تنبو وذكرا ينزو

يعني الى حد ان ذكره في فرجها ما يستطيع ان يشهد , فكبر عمر تكبيرا عظيما ان نجا الله

أحد الصحابة من هذه الفرية , ثم جلد الثلاثة على ثمانين جلدة , وبرأ الرابع , وبرأ المكذوب


عليه , لقوله تعالى :

-( لولا جاؤوا عليه بأربعة شهداء فإذ لم يأتوا بالشهداء فأولئك عند الله هم الكاذبون )- [

النور/13]


هلال ابن امية رضي الله عنه , وتعرفون انه احد الثلاثة الذين نزلت توبتهم من عند الله , قال

له الرسول الكريم : البينة او حد في ظهرك , فقال هلال

والذي بعثك بالحق , اني لصادق , فلينزلن الله ما يبرأ ظهري من الحد


الله أكبر , ثقة بالله عز وجل وحسن ظن , أكد ان الله سينزل ذلك , بماذا أكد ؟

بالقسم واللام ونون التوكيد .

فنزل جبريل بقوله تعالى : والذين يرمون أزوجهم .... فقرأ عليه حتى بلغ
" ان كان من الصادقين "

قال فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال ابن امية لامراته لكن حكمها شامل له ولغيره , بدليل

ما رواه البخاري من حديث سالم بن سعد رضي الله عنه ان عويمر العجلاني جاء الى النبي


صلى الله عليه وسلم , فقال : يا رسول الله , جر لوجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه , ام


كيف يصنع ؟


نتابع في الشريط الثاني


يتبع >>>>

إيمان مصطفى عمر
13-01-09, 08:01 AM
عناصر الشريط :
تابع شرح العبرة بعموم اللفظ
المكي والمدني
ما يميز القسم المكي عن المدني
فوائد معرفة المكي والمدني
شرح عقوبة شارب الخمر
بيان نجاسة الخمر المعنوية وليس الحسية .


تابع شرح العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب

فنزل جبريل بقوله تعالى : والذين يرمون أزوجهم .... فقرأ عليه حتى بلغ " ان كانوا من
الصادقين "
قال فهذه الآيات نزلت بسبب قذف هلال ابن امية لامراته


لكن حكمها شامل له ولغيره بدليل ما رواه البخاري من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه : ان عويمر العجلاني جاء للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : يارسول الله رجل وجد مع امرأته رجلا , أيقتله فتقتلونه , ام ماذا يصنع ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : قد أنزل الله القرآن فيك وفي صاحبتك , فأمرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بالملاعنة , بما سمى الله في كتابه
: ( فلاعنها ) .
فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم حكم هذه الآية شامل لهلال بن أمية ولغيره .
طيب , كلام عويمر , أيقتله فتقتلونه , لو ان رجلا وجد رجلا على زوجته , أعوذ بالله , نسال الله لنا ولكم السلامة , فهل له أن يقتله ؟
هل هو قتل صائل ام قتل حد ؟ طبعا هو قتل حد
له ان يقتله حدا وانتقاما .
رجل قتل رجل فتخاصموا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه , فقال الرجل : يا أمير المؤمنين , والله ما ضربت الا بين فخذي زوجتي , فان كان بين فخذيها رجل فأنا قتلته , فقال عمر لأولياء المقتول : ما تقولون؟ قالوا : نعم فأخذ السيف من الرجل وهزه وقال : ان عادوا فعد .
فلهذا كان القول الراجح ان قتله من باب الحد وحماية العرض . فله قتله
لكن المشكلة ان ادعى أهل المقتول انه ما فعل , فينظر الى القضية والقرائن تؤيد .
ومثل ذلك لو ان رجلا قتل رجلا , وادعى انه صائل عليه , من المعلوم اننا لا نقبل دعواه , لو اننا قبلنا دعواه لكان كل شخص قتل آخر قال انه صال عليه , فيجب ان نقتله حماية للأنفس , لكن لو ثبت ان هناك قرائن قوية تدل على ان مدعي الصول صادق . هل نقبل قوله ؟ نعم نقبل , لان الحكم بالقرائن ثابت .لما تنازعت امرأتان عند داوود بالطفل , وكانتا خرجتا الى البر وأكل الذئب ولد احداهما , فتنازعتا عند داوود عليه السلام , فحكم به للكبرى , ثم حكم بينهما سليمان بحكم آخر , دعى بالسكين وجاء بالولد وقال نقسم الولد بينكما , فالكبيرة ليست أمه باركت هذا الحكم وووافقت عليه , لانه اذا راح فهو ليس ولدها , اما الصغيرة فقالت : يا نبي الله , الولد لها .
فحكم سليمان الولد للصغرى .
اذن القرائن بمنزلة البينات , فاذا ادعى رجل معروف بالصلاح ان المقتول الذي قتله معروف بالفساد وسبق ان توعده بالقتل , فلا شك اننا نصدق قوله بأنه قتله دفاعا عن النفس .
والواجب قول الحق ولو على أنفسنا.

المتن

المكي والمدني

نزل القران على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا في خلال ثلاث وعشرين سنة ، قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرها بمكة ، قال الله تعالى (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء :106) ولذلك قسم العلماء رحمهم الله تعالى القرآن إلى قسمين : مكي ومدني :
فالمكي : ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قبل هجرته إلى المدينة .
والمدني : ما نزل على النبي صلى الله عليه وسلم بعد هجرته إلى المدينة .
وعلى هذا فقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: الآية 3) من القسم المدني وإن كانت قد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعرفة ، ففي صحيح البخاري (13)عن عمر رضي الله عنه أنه قال : قد عرفنا ذلك اليوم ، والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ، نزلت وهو قائم بعرفة يوم جمعة .

شرح الشيخ :
سبق لنا معرفة انه اذا وردت آيات على سبب خاص فالعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب
فما هو الدليل الذي يؤيد هذه القاعدة ؟
قصة هلال بن أمية مع امرأته
وهناك دليل معنوي , ان هذه القرآن نزل للأمة , فالحكم لأي شخص فيه يكون ثابت له وللأمة جميعا .
طيب يقول الشارح
المكي والمدني
المكي نسبة الى مكة والمدني نسبة الى المدينة
ومقتضى النسبة ان يكون المكي ما نزل بمكة , سواء ان يكون قبل الهجرة ام بعدها
والمدني ما نزل بالمدينة
لكن العلماء اختلفوا في هذه المسألة وراجعوا , والذي عليه الجمهور ام المكي والمدني مقيد بالزمن لا بالمكان .
فما كان قبل الهجرة فهو مكي وما كان بعدها فهو مدني .
نزل القرآن على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا خلال ثلاث وعشرون سنة , ابتدأ نزوله وهو اربعون سنة وتوفي وله ثلاث وستون سنة
فيكون زمن انزال القرآن ثلاث وهشرين سنة
قضى النبي صلى الله عليه وسلم أكثرها بمكة . ثلاث عشرة سنة في مكة وعشر سنوات في المدينة ,
قال الله تعالى (وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء :106)
أي جعلناه مفرقا لتقرأه على الناس على مهل , يقرأوه شيئا فشيئا , فيرسخ في قلوبهم ويكون عملهم به أيضا ليس جملة واحدة , بل على التدريج , ونزلناه تنزيلا : قال العلماء التنزيل هو نزول الشئ بالتدريج , ولذلك قسم القرىن الى مكي ومدني
فالمكي ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل هجرته الى المدينة , والمدني ما نزل عليه بعد الهجرة
هذا هو الضابط , وهو ضابط جامع مانع , ولكن , هل السورة يمكن ان يكون فيها مكي ومدني ؟
نعم يمكن ذلك , وأكثر العلماء من ذلك .
وعلى هذا فقوله تعالى : الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإسلام دِيناً )(المائدة: الآية 3)
من القسم المدني وإن كانت قد نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع بعرفة
قوله اليوم : ( ال) هنا للعهد الحضوري , اكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي , اي جعلته كاملا ونعمتي عليكم تامة بإكمال الدين , رضيت لكم الاسلام دينا يعني لم أرض غيره , ويدل على هذا قوله تعالى :
-( ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين )- [آل عمران/85]
ففي صحيح البخاري (13)عن عمر رضي الله عنه أنه قال : قد عرفنا ذلك اليوم ، والمكان الذي نزلت فيه على النبي صلى الله عليه وسلم ، نزلت وهو قائم بعرفة يوم جمعة .

قال ذلك رضي الله عنه ردا على قول يهودي قال له : لقد نزلت عليكم آية لو نزلت على اليهود لاتخذوا ذلك اليوم عيدا , فبين عمر رضي الله عنه انها نزلت في عيد . يوم الجمعة هو يوم عيد . ويوم عرفة هو يوم عيد للحجاج .

المتن :

ويتميز القسم المكي عن المدني من حيث الأسلوب والموضوع :
أ- أما من حيث الأسلوب فهو :
1- الغالب في المكي قوة الأسلوب ، وشدة الخطاب، لأن غالب المخاطبين معرضون مستكبرون ، ولا يليق بهم إلا ذلك ، أقرأ سورتي المدثر ، والقمر .
أما المدني : فالغالب في أسلوبه البين ، وسهولة الخطاب ، لأن غالب المخاطبين مقبلون منقادون ، أقرا سورة المائدة .
2- الغالب في المكي قصر الآيات، وقوة المحاجة ، لأن غالب المخاطبين معاندون مشاقون ، فخوطبوا بما تقتضيه حالهم ، أقرا سورة الطور .
أما المدني : فالغالب فيه طول الآيات ، وذكر الأحكام ، مرسلة بدون محاجة ، لأن حالهم تقتضي ذلك ، أقرأ آية الدين في سورة البقرة .
ب- وأما من حيث الموضوع فهو :
1- الغالب في المكي تقرير التوحيد والعقيدة السليمة ، خصوصا ما يتعلق بتوحيد الألوهية والإيمان بالبعث ، لأن غالب المخاطبين ينكرون ذلك .
أما المدني : فالغالب فيه تفصيل العبادات والمعاملات ، لأن المخاطبين قد تقرر في نفوسهم التوحيد والعقيدة السليمة ، فهم في حاجة لتفصيل العبادات والمعاملات.
2- الإفاضة في ذكر الجهاد وأحكامه والمنافقين وأحوالهم في القسم المدني لاقتضاء الحال ، ذلك حيث شرع الجهاد ، وظهر النفاق بخلاف القسم المكي .


شرح الشيخ :

يعني ان لكل واحد منهما مميزات . حتى يكاد الانسان الذي يقرأ القرآن ويكرره دائما يعرف ان هذه السورة مكية او مدنية , وان لم يرجع الى التاريخ ,
ولهذا نجد العلماء الحفاظ ربما يحكمون على الحديث بأنه موضوع وان لم يراجعوا سنده , لماذا ؟ بسبب اسلوبه وموضوعه وما أسبه ذلك , لكن هذا يحتاج الى ان يكون الانسان دائما يكرر .
نجد ان بعض الناس يكثر من مطالعة كتب بعض المؤلفين كشيخ الاسلام ابن تيمية , فاذا مرّ عليه كلامه عرفه , واذت نسب اليه كلام ليس على اسلوبه , عرف انه ليس من كلامه , لكن لا بد من الممارسة الكثيرة في القرآن الكريم حتى تعرف المكي من المدني .

- الغالب في المكي قوة الأسلوب ، وشدة الخطاب، لأن غالب المخاطبين معرضون مستكبرون ، ولا يليق بهم إلا ذلك ، أقرأ سورتي المدثر ، والقمر .
تجد فيهما قوة الاسلوب وشدة الخطاب :
-( فإذا نقر في الناقور )- [المدثر/8]
-( فذلك يومئذ يوم عسير )- [المدثر/9]
-( على الكافرين غير يسير )- [المدثر/10]
كلها كلمات كانها شظايا نار من شدتها , كذلك سورة القمر , تجد ان قصص الانبياء التي تكون مطولة في بعض السور تجدها هنا مختصرة :
-( كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر )- [القمر/18]
-( إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر )- [القمر/19]
-( تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر )- [القمر/20]
كلمات عظيمة
-( إنا كل شيء خلقناه بقدر )- [القمر/49]
-( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر )- [القمر/50]
-( يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر )- [القمر/48]
هذا الاسلوب الشديد العظيم يناسب حال المشركين , لانهم اشداء على المؤمنين مستكبرون عن طاعة رب العالمي , ولكل مقام مقال , ولهذا انت بمخاطبتك للناس , تخاطب هذا باللين وهذا بالقسوة , حسبما يقتضيح الحال .

أما المدني : فالغالب في أسلوبه البين ، وسهولة الخطاب ، لأن غالب المخاطبين مقبلون منقادون ، أقرا سورة المائدة .
المدني يخاطب المهاجرين , المهاجرون عندهم استكبار ؟ لا , عندهم القبول والاذعان فصار المناسب لمخاطبتهم اللين , ولهذا تجد الآيات المدنية التي يخاطب بها اليهود تجدها شديدة
-( لعن الذين كفروا من بني إسرائيل على لسان داود وعيسى ابن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون )- [المائدة/78]
وهذا من بلاغة القرآن
2- الغالب في المكي قصر الآيات، وقوة المحاجة ، لأن غالب المخاطبين معاندون مشاقون ، فخوطبوا بما تقتضيه حالهم ، أقرا سورة الطور .
اسمع قوله تعالى :
-( أفرأيتم ما تمنون )- [الواقعة/58]
-( أأنتم تخلقونه أم نحن الخالقون )- [الواقعة/59]
-( نحن قدرنا بينكم الموت وما نحن بمسبوقين )- [الواقعة/60]
ولهذا لما سمع جبير بن مطعم رضي الله عنه هذه الآية قال : كاد قلبي يطير , لانه شديد , محاجة قوية .
-( أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون )- [الطور/35]
-( أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون )- [الطور/36]
-( أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون )- [الطور/37]
-( أم لهم سلم يستمعون فيه فليأت مستمعهم بسلطان مبين )- [الطور/38]
الى آخره
-( أم يريدون كيدا فالذين كفروا هم المكيدون )- [الطور/42]
انظر جملة اسمية مؤكدة بضمير الفصل , فالذين كفروا هم المكيدون
-( إنهم يكيدون كيدا )- [الطارق/15]
-( وأكيد كيدا )- [الطارق/16]
كيد أعظم منه , سبحان الله
تجد القرآن مناسب تمام لمقتضى الحال , وهذا غاية ما يكون من البلاغة
أما المدني : فالغالب فيه طول الآيات ، وذكر الأحكام ، مرسلة بدون محاجة ، لأن حالهم تقتضي ذلك ، أقرأ آية الدين في سورة البقرة .
آية طويلة , سهلة , ليس فيها الا احكام توجيه , لان فيها قول منقادون مستسلمون , لا يجادلون .
اذن هذا من حيث الاسلوب
ب- وأما من حيث الموضوع فهو :
1- الغالب في المكي تقرير التوحيد والعقيدة السليمة ، خصوصا ما يتعلق بتوحيد الألوهية والإيمان بالبعث ، لأن غالب المخاطبين ينكرون ذلك . ولهذا يعيد الله عز وجل في إثبات البعث , لان القوم منكرونه , حتى يجئ أحدهم الى سول الله صلى الله عليه وسلم بعظام بالية , يفتتها بين يديه ويقول , من يحي العظام وهي رميم ؟ فقال تعالى
-( قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم )- [يس/79]
لأن القادر على ابتدائها قادر على إحيائها كما قال عز وجل :
-( وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم )- [الروم/27]
-( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون )- [يس/80]
وجه الدلالة ان الشجر الاخضر فيه رطوبة وبرودة , تتولد من الرطوبة والبرودة حرارة ويبوسة , هذا من أعظم القدرات , ثم أكد بقوله أنتم منه توقدون , ولا يمكنكم انكار هذا , انتم تستعملونه ,
-( أو ليس الذي خلق السماوات والأرض بقادر على أن يخلق مثلهم بلى وهو الخلاق العليم )- [يس/81]
الجواب : بلا
-( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )- [يس/82]
وهذا دليل , لا يعجزه
وانظر الى القدرة الألهية : زجرة واحدة تقيم الناس من قبورهم
-( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون )- [يس/53]
-( وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر )- [القمر/50]
-( فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون )- [يس/83]
منزه عن العبد , سبحانه وتعالى وهذا دليل ,فلا بد من الرجوع الى الله عز وجل يحاسبنا على اعمالنا , فتجد انه في السور المكية يوجد محاجة , كذلك ايضا القدرة على البعث أدلة حسية :
-( ومن آياته أنك ترى الأرض خاشعة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت إن الذي أحياها لمحيي الموتى إنه على كل شيء قدير )-
[فصلت/39]

قيل ان علوها : اي قشرة الارض يدفعها النبات , وقيل ان علوها :علو النبات
-( فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير )- [الروم/50]

أما المدني : فالغالب فيه تفصيل العبادات والمعاملات ، لأن المخاطبين قد تقرر في نفوسهم التوحيد والعقيدة السليمة ، فهم في حاجة لتفصيل العبادات والمعاملات.

2- الإفاضة في ذكر الجهاد وأحكامه والمنافقين وأحوالهم في القسم المدني لاقتضاءحال ذلك, حيث شرع الجهاد ، وظهر النفاق بخلاف القسم المكي .
اذن احكام الجهاد والنفاق والمنافقين في السور المدنية لان المقام يقتضي هذا , قد يشير الله عز وجل في المكي الى النفاق لكن لا يسهب فيه , وانما يكون ذلك في المدني

إيمان مصطفى عمر
13-01-09, 08:04 AM
المتن :



فوائد معرفة المدني والمكي :


معرفة المكي والمدني نوع من أنواع علوم القرآن المهمة ، وذلك لأن فيها فوائد منها :


1- ظهور بلاغة القران في أعلى مراتبها ، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة ، أو لين وسهولة .


2- ظهور حكمة التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الأهم على ما تقتضيه حال المخاطبين واستعدادهم للقبول والتنفيذ .


3- تربية الدعاة إلى الله تعالى ، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القران في الأسلوب والموضوع ، من حيث المخاطبين ، بحيث يبدأ بالأهم فالأهم ، وتستعمل الشدة في موضعها والسهولة في موضعها .


4- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية ، يتحقق فيهما شروط النسخ ، فإن المدنية ناسخة للمكية ، لتأخر المدنية عنها .



شرح الشيخ :



1- ظهور بلاغة القران في أعلى مراتبها ، حيث يخاطب كل قوم بما تقتضيه حالهم من قوة وشدة ، أو لين وسهولة .


ولهذا فسر علماء البلاغة , ان البلاغة هي مطابقة الكلام بمقتضى الحال , هذه هي البلاغة , والفصاحة : موافقته لقواعد اللغة العربية




القرآن الكريم لا شك انه يأتي مطابقا لمقتضى الحال وذلك لمعرفة المكي والمدني ,



2- ظهور حكمة التشريع في أسمى غاياته حيث يتدرج شيئا فشيئا بحسب الأهم على ما تقتضيه حال المخاطبين واستعدادهم للقبول والتنفيذ .



وهذا من حكمة الله عز وجل لان الناس لو أتاهم الشرع جملة واحدة لشق عليهم ذلك فلا بد ان يأتيهم شيئا فشيئا , وهل الحكمة ان نبدأ بالأهم فالأهم او بالمهم دون الأهم ؟


الاول طبعا هو الحكمة , كذلك الاوامر نعطيها شيئا فشيئا وليس جملة , لو رجل ذهب الى قوم يدعوهم الى الله عز وجل ورأى ما هم عليه من البدع والخرافات , فأراد ان يتكلم بأشياء يطمئنون اليها اولا , مثل الصلاة والجنة .. حتى تلين قلوبهم . ام انه يبتدأ من الاول ويقول : ايها المبتدعون الضالون المخالفون ... ؟


طبعا الاول , انظر الى قوله تعالى :


-( ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون )- [الأنعام/108]



ابدأ اذن بالشئ المتفق عليه اولا الذي ليس فيه معارضة , وافتح لهم ابواب العلم التي اعطاك الله , حتى يعرفوا انك رجل عالم , ويقبلوا منك .



3- تربية الدعاة إلى الله تعالى ، وتوجيههم إلى أن يتبعوا ما سلكه القران في الأسلوب والموضوع ، من حيث المخاطبين ، بحيث يبدأ بالأهم فالأهم ، وتستعمل الشدة في موضعها والسهولة في موضعها .


يقول تعالى :


-( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب )- [البقرة/269]


فالانسان الحكيم يعرف كيف يتصرف , انظر الى حال رسول الله صلى الله عليه وسلم , ينزل الجاهل منزلته , وما يظهر منه عناد منزلته , جاء رجل اعرابي احتاج الى قضاء الحاجة , فتنحى ناحية المسجد وجعل يبول , يظن ان المسجد كالخلاء او البر , فصاح به الناس وزجروه فنهاهم النبي عليه الصلاة والسلام , فلما قضى بوله , امر النبي صلى الله عليه وسلم ان يراق على بوله ماء , فزالت المفسدة من هذا البول بتطهيره , ثم دعى الرجل وقال ان هذه المساجد لا يصلح فيها شئ من القذارة , انما هي للتسبيح والتكبير او قراءة القرآن,


الاعرابي انشرح صدره من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد ضاق صدره من زجر الصحابة له , فظهر ما بالباطن على اللسان وقال :


اللهم ارحمني ومحمدا ولا ترحم معنا احدا


ضيق الرحمة الواسعة التي وسعت كل شي لان هؤلاء ضيقوا صدره , لكن الصحابة معذورون لان هذا منكر , الا ان الحكمة فيما فعل النبي عليه الصلاة والسلام , يقول العلماء انه صار هناك مفسدة :


لانه اما ان يكون كاشفا عورته لئلا يصيبه البول , وهذه مفسدة , واما ان يغطي عورته فتصيب ثيابه البول , وهذه مفسدة , واذا قطع بوله فهذا ضرر عليه , لو قام فتتسع رقعة النجاسة .


فانظر الى الحكمة النبوية التي كانت مطابقة لحال هذا الاعرابي ,


ام الموضع الثاني موضع الشدة : فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجل يدعى عبد الله بن اللجبية على الصدقة , فلما رجع قال : هذا لكم وهذا لي .


غضب النبي صلى الله عليه وسلم وخطب بالناس قال :


ما بال احدكم نستعمله فيرجع ويقول هذا لي وهذا لكم , فهلا جلس في بيت ابيه فينظر ايجى له ام له .


كلمات قوية لان المقام يقتضي ذلك


ولما رأى رجل عليه خاتم ذهب والذهب محرم , فأخذ الخاتم ونزعه ورمى به .


وهذا اسلوب شديد وقال : ايعمد احدكم الى جمرة فيضعها بيده .


اذن ارجو من اخواني الدعاة ان نستعمل هذا الاسلوب وان نتأنى ونصبر , نصبر على ما ينالنا من أذى ونصبر على ما كان من إخواننا المدعوين من مخالفة , لا يمكن ان تأتي الامور بين عشية وضحاها .


4- تمييز الناسخ من المنسوخ فيما لو وردت آيتان مكية ومدنية ، يتحقق فيهما شروط النسخ ، فإن المدنية ناسخة للمكية ، لتأخر المدنية عنها .



النسخ ثابت في الشريعة الاسلامية وفيما قبلها ايضا , اقرأ قوله تعالى :


-( كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة )- [آل عمران/93]



-( فبظلم من الذين هادوا حرمنا عليهم طيبات أحلت لهم )- [النساء/160]




-( ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم )- [آل عمران/50]



فالنسخ اذن ثابت في الشريعة السماوية , لكن له شروط , من أهمها ان نعلم التاريخ , لان معنى النسخ ان الاول باطل وملغى , وتجد ان كثير من الماس اذا عجز احدهم عن الجمع بين آيتين يقول هذا منسوخ , وهذا خطأ خطير , لان قولك هذا منسوخ يتضمن الكذب على الله عز وجل انه نسخ هذا بهذا فأبطل الحكم الاول وأثبت الثاني .


يقول ابن القيم : ان النسخ لا يبلغ اكثر من عشر مواضع , مع انك لو اردت ان تنظر الى كلام كثير من العلماء لوجدت اشياء كثيرة , وذلك ان بعض الناس اذا عجز عن الجمع بين النصوص قال هذا منسوخ .

إيمان مصطفى عمر
13-01-09, 08:07 AM
المتن:



الحكمة من نزول القرآن الكريم


من تقسيم القرآن إلى مكي ومدني ، يتبين أنه نزل على النبي صلى الله عليه وسلم مفرقا . ولنزوله على هذا الوجه حكم كثيرة منها :


1- تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم ، لقوله تعالى : (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً (يعني كذلك نزلناه مفرقاً)كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً(32) وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ (ليصدوا الناس عن سبيل الله) إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً(33) (الفرقان:32-33)


2- أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به ، حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا ، لقوله تعالى : ( وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلاً) (الإسراء :106 )


3- تنشيط الهمم لقبول ما نزل من القران وتنفيذه ، حيث يتشوق الناس بلهف وشوق إلى نزول الآية ، لا سيما عند اشتداد الحاجة إليها كما في آيات الإفك واللعان.


4- التدرج في التشريع حتى يصل إلى درجة الكمال ، كما في آيات الخمر الذي نشأ الناس عليه وألفوه ، وكان من الصعب عليهم أن يجابهوا بالمنع منه منعا باتا ، فنزل في شأنه أولا قوله تعالى : (يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)(البقرة: الآية 219) فكان في هذه الآية تهيئة للنفوس لقبول تحريمه حيث إن العقل يقتضي أن لا يمارس شيئا إثمه أكبر من نفعه .




ثم نزل ثانيا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ)(النساء: الآية 43) فكان في هذه الآية تمرين على تركه في بعض الأوقات وهي أوقات الصلوات ، ثم نزل ثالثا قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (المائدة:90) ( إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ) (المائدة:91) (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (المائدة:92) فكان في هذه الآيات المنع من الخمر منها باتا في جميع الأوقات ، بعد أن هيئت النفوس ، ثم مرنت على المنع منه في بعض الأوقات .



شرح الشيخ :



تثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم : لا شك ان الوحي اذا نزل عليه كل يوم مرة او باليومين مرة او بالثلاثة مرة , لا شك انه يزداد ثبوتا , انت اذا كلمك صاحبك كل مرة ازددت تمسكا به ومحبة له , واذا بقي شهر او شهرين لا يكلمك الا مرة ماتت المودة .؟



يقول تعالى :


(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً)


هذه شبهة منهم يقولون الرسل كلهم تنزل عليهم الكتب مرة واحدة , فلما هذا الرجل ينزل عليه مفرقا , وهذه عند الجاهل شبهة . قال تعالى :


كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلاً


كذلك: يعني نزلناه مفرقا , لذلك يحسن الوقوف على قوله ( جملة واحدة ) , وهذا من عناية الله تعالى برسوله صلى الله عليه وسلم ان يثبت فؤاده بنزول القرآن مفرقا , ومن نعمة الله علينا نحن ان ترد على قلوبنا ما تكون سببا لتثبيت القلب وحياته بعد موته وذكره بعد غفلته , وذلك يحصل بالتأمل , احيانا انسان تأتيه ساعات يتأمل في مخلوقات الله , فيجد قلبه يزداد ايمانا, هذا التفكير بمنزلة سقي الشجرة اذا كانت عطشة , ولذلك يجب ان نلاحظ قلوبنا في هذه الناحية , حتى لا تستولي عليها الغفلة .


يقول تعالى :


وَلا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيراً(33) (الفرقان:32-33)


اللهم لك الحمد , هذا من نصر الله لنبيه , يعني اي مثل يأتون به ليصدوا الناس عن سبيل الله فإن الله تعالى يأتي بالحق وأحسن تفسيرا اي بيانا ووضوحا .


ثانيا :



أن يسهل على الناس حفظه وفهمه والعمل به ، حيث يقرأ عليهم شيئا فشيئا وهذه فائدة عظيمة , ان اذا نزل شيئا فشيئا سهل على الناس فهمه , وكذلك حفظه والعمل به , ( الحفظ والفهم والعمل به )


ايضا من الفوائد التدرج في التشريع , وهذا من الحكمة العظيمة , ان لا يجابه الناس بالشرائع مرة واحدة فانهم ان حصل لهم ذلك صعب عليهم الامر , ولكن بالتدريج , والشريعة كلها مبنية على هذا


ارايت قول النبي صلى الله عليه وسلم قال : مروا أبنائكم بالصلاة , لسبع واضربوهم عليها لعشر .


هذا تدريج , اولا الامر ثم الضرب .


اذن التدرج بالتشريع من الحكمة .


كذلك التدرج في الامر والنهي , فيما كمل تشريعه , كحالنا اليوم , الشريعة اليوم تمت , فاذا وجدنا أحدنا مقصرا في شئ من الامور وايمانه ضعيف , لو اوردنا عليه الامور جميعا لانتكس , فهل لنا ان ندرجه ؟ نعم , لاننا لا نحاول انسلاخه من الدين او اقراره على معصية , نحاول انتشاله من المعصية , لكن بطريق يسهل عليه , لو رأينا مبتلى بشرب الدخان وقلنا له اترك الدخان فانه لا يسهل عليه ان يتركه مرة واحدة , فاذا قال : اشرب باليوم مرتين , نقول له نعم . ثم بالتدريج ربما ينته ,فالمهم متى كان التدريج في تغيير المنكر انفع فاننا نفعل .


اما الواجب فلا نتساهل فيه , لو قال اسمحولي اصلي الظهر والعصر والمغرب , والعشاء والفجر صعب علي , ماذا نقول ؟


يلزمنا ان نقول ان تصلي الجميع .


وان كان جاء في الصحيح ان قوما أتوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلموا , فاشترطوا عليه على الا يصلوا , قال لكم هذا , فقيل يا رسول الله :كيف ؟ قال : انهم اذا اسلموا صلوا .


هذا الذي يشترط على ان لا يصلي العشاء والفجر , نقول اذا صلى الثلاث وهو عن ايمان ويقين فلا بد له ان يصلي العشاء والفجر .


لكن مع ذلك لا تقتنع نفسي ان أقول لا بأس ان نوافقه على هذا الشرط بل نقول ان الصلوات خمس وهي سهلة .


لكن في مسألة المحرمات فلا بد من التدريج في هواه .


كما في آيات الخمر الذي نشأ الناس عليه وألفوه , وكان من الصعب عليهم ان يجابهوا عليه بالمنع منه منعا باتا , يقول النبي عليه الصلاة والسلام : كل مسكر حرام .


والخمر هو مسكر


فما معنى الاسكار ؟ الاسكار هو تغطية العقل على وجه الطرب واللذة , ولذلك لا نقول ان البنج خمر لانه يغطي العقل لكن ليس على سبيل الخمر واللذة , السكران والعياذ بالله , يجد نشوة عظيمة كأنه يطير بين السماء والارض , كانه ملك من الملوك ,ويقول الشاعر الجاهلي :


ونشربها فتتركنا ملوكا


وانظر الى قصة حمزة عم الرسول عليه الصلاة والسلام , جاء علي يشكو عمه حمزة للرسول صلى الله عليه وسلم لان عليا كان له بعيرا فمر بحمزة وهو سكران , وعنده جارية تغنيه , فتقول : الا يا حمز للشرف النواعي .


تحثه على النحر , فقام وجب أسنتهما وبقر بطونهما وأكل من أكبادهما , فجاء علي الى النبي يشكو اليه عمه , فذهب النبي صلى الله عليه وسلم اليه ومعه الناس ,لما أقبل عليه فاذا هو ثمل , سكران , فقال : يا عم ماهذا ؟ فقال : اذهب فهل انتم الا عبيد ابي .


من يعني ؟ الرسول وأصحابه وعلي بن ابي طالب , فتراجع النبي عليه الصلاة والسلام , لان هذا القول لو قاله عن صحوة لكان كفرا ,لانه في غاية ما يكون عداء للرسول عليه الصلاة والسلام , لكنه لا يؤخذ بقوله .


اذن الخمر يغطي العقل على وجه اللذة والارتفاع والسلطان والنشوة , كان حلالا في اول الاسلام , لان الله أقرهم عليه , وقيل انه كان حلالا في قوله تعالى :


-( ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسنا إن في ذلك لآية لقوم يعقلون )- [النحل/67]


اي ان هذا اباحة صريحة لهم , انزل الله به قوله تعالى :


-( يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما )- [البقرة/219]


ولم يقل حرام , بل قال إثم كبير ومنافع للناس , وهذا ليس تحريما , لم يقل فاجتنبوهما , وتامل قوله ( ومنافع ) منافع : صيغة جمع , منتهى الجموع , والاثم واحد لكنه بالكيفية أشد من قول المنافع , لان المنافع من حيث الكمية أكثر , والاثم الكبير من الحيث الكيفية أعظم , ولهذا قال إثمهما أكبر من نفعهما ولم يقل أكثر لان هذا بالكيفية لا بالكمية .


فما هو الميسر ؟ الميسر هو القمار , وهو كل معاملة يقوم بها الانسان بين غارم او غانم , فكان في هذه الآيو تهيئة للنفوس لقبول تحريمه حيث ان العقل يقتضي ان لا يمارس شيئا إثمه أكبر من نفعه , فالعاقل امتنع عنه .


ثم نزل ثانيا قوله تعالى :


-( يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون )- [النساء/43]


فكان في هذه الآية تمرين على الترك في بعض الاوقات وهي أوقات الصلوات , وقوله حتى تعلموا ما تقولون , فيه دليل على ان السكران لا يعلم ما يقول , فستفاد منه فوائد كثيرة :


1" لو ان السكران اعتق جميع عبيده , هل يعتقون ؟ لا لانه لا يعلم ما يقول .


2" لو ان السكران لو طلق نساءه , هل يعق الطلاق ؟ لا لانه لا يعلم ما يقول


3" لو انه أوقف امواله , لا يقع ذلك ...


ويقاس عليه الغضبان اذا كان من شدة الغضب لا يعلم ما يقول , فإنه يلحق بذلك


ولهذا كان القول الراجح ان طلاق الغضبان الذي لا يعلم ما يقول لا يقع .


ويؤخذ من هذا , انه يجب ان يصلي وهو يعلم ما يقول ,فيكون في هذا دليل على وجوب الخشوع بالصلاة , وهو احضار القلب لانه لا يمكن ان يعلم ما يقول الا اذا كان قلبه حاضرا , فان لم يكن حاضرا صار ركوعه وسجوده وتسبيحه وقرآنه من غير قصد , بل آلة ميكانيكية , وقد ذهب الى هذا بعض العلماء وقال انه اذا غلب الوسواس ( الهواجيس ) على أكثر الصلاة فإنها تبطل .


هل نقول على هذا القول أنه يستلزم انه يجب ان تبطل صلوات الناس الآن ؟ ام لا ؟


لا , لا يلزم , بل يلزم على هذا القول ان الناس يستقيمون على احضار قلوبهم , لانه لو جاء يستفتيك وقال انه صلى لكن كل صلاته كان غائبا ما استحضر الا بالتشهد الاخير ,فنقول : أعد الصلاة , ولكن ما ظنكم بالصلاة المقبلة ؟


هل يوسوس ام لا ؟ لا طبعا , اذن هذا القول يحزم الناس على الخشوع , لكن القول الراجح انه لا تبطل الصلاة ,


لان النبي صلى الله عليه وسلم أخبر ان الشيطان اذا أذن المؤذن أدبر وله ضراط , فإذا فرغ من الأذان أقبل على الانسان فاذا أقيمت الصلاة ولى , فإذا انتهت الاقامة حضر وصار يقول للانسان في صلاته اذكر كذا وكذا ,,, يعني يذكره بالاشياء , ولم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم ان صلاته تبطل .



ثم نزل قوله تعالى :


-( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90]


يقول ابن مسعود رضي الله عنه : اذا سمعت الله يقول يا أيها الذين آمنوا , فارعها سمعا , فإنها اما خيرا تؤمر به وإما شر تنهى عنه .


قال تعالى : فاجتبنوه : اذا هو شر تنهى عنه ,


الانصاب : ما يعبد من دون الله


الأزلام : ما يستقسم به , وكانوا في الجاهلية يستقسمون بالازلام , بدل ان يصلي الاستخارة يستقسمون بها .


هنا انزل الله تعالى هذه الاربعة لحكم واحد , فهل هي متساوية في هذه الحكم ؟


الجواب : لا , معلوم ان الانصاب أشد من الخمر والميسر , اذ ان الانصاب كفر ,والازلام دون الانصاب والميسر والخمر دونهما , وعلى هذا فيكون الاشتراك في أصل الحكم لا في نوعه , وانما قرن الله تعالى ذلك بالانصاب التي هي عبادة الاصنام لشدة التحذير منها , وانها تنافي كمال التوحيد .


وقوله رجس من عمل الشيطان , الرجس : هو النجس , سواء حسيا او معنويا ,


الحسي هو النجاسة الحسية , المعنوي : هي النجاسة المعنوية


قوله تعالى :


-( قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به فمن اضطر غير باغ ولا عاد فإن ربك غفور رحيم )- [الأنعام/145]


هنا الرجس الحسي , ما قوله تعالى :


-( إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا )- [الأحزاب/33]


هنا الرجس المعنوي , وقوله تعالى :


-( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور )- [الحج/30]


هنا الرجس المعنوي .


بالعودة الى قوله تعالى :


-( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90]



هنا الرجس معنوي , ولهذا قرنت بانها من عمل الشيطان , بدليل هل في الميسر نجاسة حسية ؟


لا , فهي مغالبة بالاموال , والنصب هو اما حجرا او خشبة او غيرها


اذن نجاسة معنوية , والخمر هو نجاسة معنوية , ولو اصاب الثياب فانه لا ينجسها , فان قال قائل : أليس هو حرام ؟


نقول : بلا , لكن هل يلزم من التحريم النجاسة ؟ لا , لا يلزم .


فها هو السم حرام وليس بنجس كذلك الدخان , فإذا قال قائل ان الرسول الكريم سماه انه أم الخبائث .


نقول : أي الخبائث ؟ هي الخبائث المعنوية . اذن لا دليل على ان الخمر نجس نجاسة حسية , وقد جاءت السنة في بيان طهارته , حرمت الخمر وهي في أوان الصحابة فخرجوا بها الى السوق وأراقوها , ولم يغسلوها ولم يؤمروا بغسلها , ولو كانت نجسة لأؤمروا بغسلها .


ان قال قائل : حكم بنجاستها بعد ان تخمرت , فتكون في اول الامر طاهرة ولذلك لم يؤمروا بغسلها ,


نقول هذا ينتقض بلحوم الحمر , حرمت الحمر ولحمها يغلي في القدور , فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإراقتها وكسر القدور قالوا : يا رسول الله أو نغسلها ؟ قال : اغسلوها , فأمر بغسلها مع أنها لم تحرم الا بعد ان كانت في القدور ,


ثم نقول , الصحابة رضي الله عنهم , بعد ان حرمت أراقوها في الاسواق , وهل يمكن ان يراق الشئ النجس في اسواق المسلمين , لا يمكن فيلوث عليهم ثيابهم وابدانهم


ثم نقول , أتى رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم براوية من خمر , الراوية هي قربة كبيرة , يريد ان يتودد بها الى رسول الله , فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها حرمت , والمحرم لا يجوز قبوله , فتكلم معه أحد الصحابة سرا , مع الرجل , فقال له بما ساررته , قال : قلت له بعه . قال : لا ان الله اذا حرم شيئا حرم ثمنه , ففتح الرجل فم الراوية وأراق الخمر بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقل له اغسل الراوية , وهذا دليل واضح على عدم نجاستها , ولو كان الخمر نجس نجاسة حسية لوجب ان يعلمه الرسول عليه الصلاة والسلام لانه رجل جاهل .


وهذه أدلة واضحة على ان الخمر ليس نجس نجاسة حسية , والقول بانها نجاسة حسية لا يقتضي ان يلزم الناس بتجنبها , يكفي ان نقول انها نجاسة معنوية لمن كان مؤمنا , اما غير المؤمن لا يهمه , انك لترى أناسا يبولون ويقومون من البول دون استنجاء ولا استجمار لا يهمهم .


اذن الخمر طاهر طهارة حسية , ونجسة نجاسة معنوية لا شك في هذا , وكيف يطهر الناس منها ؟ يطهرون منها بالردع , يعني التأديب


كان الرجل يؤتى به على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شاربا , قيقوم النس اليه , هذا يضربه بيده وهذا بنعله ..... نحو اربعين جلدة


وفي عهد ابي بكر تقرر اربعين جلدة


وفي عهد عمر رضي الله عنه تقرر اربعين جلدة , ثم كثر شرب الناس للخمر لانهم حديثوا عهد بالاسلام , والفترحات بعهد عمر كثرت فدخل بالدين من ايمانه ضعيف فكثر شرب الخمر , وكان من عادة امي المؤنين عمر على كونه صائب الرأي , من عادته ان الامور العامة يجمع الناس لها , فجمعهم وقال : ان الخمر قد كثر كما ترون ,


فقال عبد الرحمن بن عوف : يا امير المؤمنين أخف الحدود ثمانين , ( يعني حد القذف ) فجعل عمر رضي الله عنه عقوبة الخمر ثمانون , وهذا مع ما سبق يدل على ان عقوبة شارب الخمر ليست حدا , وانما هي ردع وتعزير لان عبد الرحمن بن عوف طرح القضية وكل الصحابة وافقوا عليها , ولو كان عقوبة شارب الخمر حدا لكان أخف الحدود اربعين , فعلم بهذا على ان عقوبة شارب الخمر ليست حدا لكنها تعزير الا انه لا يقل عن الاربعين , هذا دليل واضح .


ويدل له ايضا , على ان شارب الخمر جلده عقوبة وليس حدا , انه لو كان حدا اربعين جلدة هل يمكن لعمر او غيره ان يرفعه اذا كثر الناس فيه ؟ لا طبعا , ولهذا لو كثر الزنى , هل نقول بدل المئة جلدة مئتين ؟ لا لان الحدود لا تتعدل .


آخر , ان الرسول صلى الله عليه وسلم قال في شارب الخمر , اذا شرب فاجلدوه ثم اذا شرب فاجلدوه , ثم اذا شرب فاجلدوه ثم اذا شرب فاقتلوه .


هل حدد الجلد ؟ لا , اجلدوه , يعني الجلد الرادع , اطلق الجلد ولم يرد عنه حديث صحيح في التحديد فهو اذن عقوبة


وفي الرابعة يقتل , يعني اذا جلد ثلاث مرات ولم يرتدع , ما بقي لبقاءه فائدة وبقاؤه في الدنيا ضرر على نفسه , واعدامه خير من ابقاءه فلهذا كان في الرابعة يقتل ,


وهل يقتل وجوبا او بحسب ما يراه الامام من المصلحة ؟


الثاني , لكن ابن حزم علي بن محمد رحمه الله , منجنيق العرب وسليط اللسان , عفى الله عنه , أبى ذلك , وقال يقتل في الرابعة وجوبا حدا , وكيف نخالف امر رسول الله عليه الصلاة والسلام , والخير بما أمر به , فيقتل بكل حال , وكلامه جيد في الواقع , اذا صححنا الحديث فليس لنا بد من العمل به , والحديث صحيح , لكنه عند الجمهور منسوخ والنسخ في هذه المسألة أبعد من الثريا عن الثرى , لماذا ؟


يحتاج الى العلم بالتاريخ , ويحتاج الى تعذر الجمع , فأين هذا .


اما شيخ الاسلام رحمه الله , حبر زمانه , فصل في الامر , قال اذا لم ينته الناس الا بالقتل في الرابعة قتلوا , فجعله تعزيرا راجعا الى الامام , كلام الشيخ رحمه الله كلام جيد ولا مانع ان يحمل الحديث على هذا , لان هذا الذي تكرر منه شرب الخمر ثلاثا مرات ويجلد في كل مرة , معناه انه ليس منته عما يفعله ,


والثلاث غاية لاشياء كثيرة :


الاستئذان , والسلام واعادة الكلام لمن يفهمه


فالذي يترجح هو كلام شيخ الاسلام رحمه الله , انه اذا لم ينته الناس من دون القتل في الرابعة قتلوا , واذا قتلناه أحيينا امة كثيرة , وخلصناهم من شرب هذا الخبيث , ومع الاسف الشديد انه يوجد في البلاد الاسلامية اليوم من يحلون الخمر بقولهم حلال , قد لا يستطيع الحاكم ان يقول حلال , لكن تمكينه بعلان هذا الخمر ووضعه في البقاليات وفي البرادات , هذا بمنزلة استحلاله , لكنه استحلال عملي لا قولي ,


وهذا يؤسف له , ولذلك كتب الذل على من جوازاتهم مسلم , لانه ما بقي من الاسلام الا اسمه ولا من القرآن الا اسمه , ولهذا كتب الذل والعار والخزي على هذه الامة التي تتسمى بالاسلام , لو كانت مسلمة حقيقة يلعب عليها نذل من الانذال ؟ لكن ذلوا فأذلهم الله عزوجل ,ويذكر عن عمر رضي الله عنه , انه كان يقول : نحن قوم أذلاء اعزنا الله بالاسلام فمتى ابتغينا العزة بدونه أذلنا الله .


يقول تعالى :


-( فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90]


لعل هنا : للتعليل , يعني لتفلحوا , والفلاح هو حصول المطلوب والنجاة من المرهوب .


انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة , اذن كل عمل يوجب العداوة بيننا هو من وحي الشيطان , وهو من مرادات الشيطان , الشيطان مراده ان يوقع العداوة والبغضاء في الخمر والميسر


العداوة ضد الولاية , والبغضاء ضد المحبة , فلا محبة ولا ولاية وانما هي عداوة


ولذلك تجد ان الشطان يلعب بابن آدم , اذا سمع من اخيه كلمة تحتمل الخير والشر , يوسوس له الشيطان ويقول له احملها على الشر .


وقوله في الخمر والميسر : اي بسببهما , اذن الفاء للسببية , وهل تاتي في للسببة ؟ نعم كثيرا , ومنه قوله صلى الله عليه وسلم :


دخلت النار امرأة في هرة حبستها


يعني بسبب هرة .


وقوله :(ويصدكم عن ذكر الله ) الله اكبر , ولهذا يقول بعض الناس انه يلحقه الارق عند النوم , فاذا شرع يسبح نام على طول , أتى الشيطان له بالنوم ليصده عن ذكر الله , فالشيطان حريص منا ان يصدنا عن ذكر الله , وقد لا يصدنا عن الذكر باللسان ولكن يصدنا عن الذكر بالجنان , بالقلب ,


وقوله : ( وعن الصلاة ) الصلاة من الذكر , بل هي افضل انواع الذكر , لان فيها قرآن , تسبيح , دعاء , هيئات تدل على التعظيم والذل , ونص عليها لشرفها , لان ذكر الخاص بعد العام يدل على شرفه .


ومنه قوله تعالى :


-( تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر )- [القدر/4]


المراد بالروح جبريل وهو منهم , ولكن التنصيص عليه يدل على شرفه .



طيب , هل الشيطان يصدنا عن الصلاة ؟ نعم كثيرا , اذا أذن والانسان يعمل شيئا يقول سانهي عملي بسرعة واذا به تفوته الصلاة , وهذا واقع كثيرا , ثم اذا قدر ان الانسان دحر الشيطان وذهب يصلي , صده من جهة اخرى وهي الوسوسة


ولهذا شكى رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسوسة , فقال له : ذلك شيطان يقال له خنزة .(علم هذا الاسم بالوحي ) فاذا احسست به فاتفل عن يسارك ثلاثا واستعذ بالله منه , ففعل الرجل , يقول : فذهب عني ما اجد ,.


لماذا ؟ لانه فعل ذلك عن ايمان , وتصديق فصار الدواء ناجعا , اما الواحد من الناس فقد يتفل عن يساره ثلاثا ويستعذ بالله من الشيطان الرجيم لكن لما يذهب الى الصلاة يأتيه , لان الايمان بهذا الدواء ضعيف .



يتبع الشريط الثالث

إيمان مصطفى عمر
01-02-09, 05:31 PM
بسم الله الرحمن الرحيم


محتوى الشريط :




تابع شرح الآية :


-( فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90]



ترتيب القرآن


مراحل جمع القرآن


الفرق بين جمع ابوبكر وعثمان رضي الله عنهما


- التفسير


- الواجب على المسلم في التفسير


- المرجع في التفسير : كلام الله تعالى




تابع شرح الآية :


-( فاجتنبوه لعلكم تفلحون )- [المائدة/90]






هل الشيطان يصدنا عن الصلاة ؟


نعم كثيرا , اذا أذن والانسان يعمل شيئا يقول سانهي عملي بسرعة واذا به تفوته الصلاة , وهذا واقع كثيرا , ثم اذا قدر ان الانسان دحر الشيطان وذهب يصلي , صده من جهة اخرى وهي الوسوسة


ولهذا شكى رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسوسة , فقال له : ذلك شيطان يقال له خنزة .(علم هذا الاسم بالوحي ) فاذا احسست به فاتفل عن يسارك ثلاثا واستعذ بالله منه , ففعل الرجل , يقول : فذهب عني ما اجد ,.


لماذا ؟ لانه فعل ذلك عن ايمان , وتصديق فصار الدواء ناجعا , اما الواحد من الناس فقد يتفل عن يساره ثلاثا ويستعذ بالله من الشيطان الرجيم لكن من حين ما يذهب الى الصلاة يأتيه , لان الايمان بهذا الدواء ضعيف .


ولهذا من أهم ما يكون ان يصدق الانسان بالدواء


ثم قال عز وجل :


-( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول فإن توليتم فإنما على رسولنا البلاغ المبين )- [التغابن/12]


ويقول عز وجل :


-( وأطيعوا الله والرسول لعلكم ترحمون )- [آل عمران/132]


لكن في بعض الاماكن يحتاج الى ذكر الطاعة للرسول بخصوص , كلما كان الامر اهم ذكرت طاعة الله ورسوله ,


يقول عزوجل :


-( وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فإن توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين )- [المائدة/92]


احذروا : اي احذروا مخالفتها , فان توليتم : ولم تحذروا المخالفة , فاعلموا انما على رسولنا البلاغ المبين : هذه تنبيه عظيم اي اعلموا ان الرسول لا ينفع , وانه ليس مسؤول عنكم , وهذا فيه حصر , اداته (انما ) يعني ما عليه الا البلاغ , اذا بلغ برأت ذمته , وقوله المبين :يعني البيّن , او المبين اي : الموضح , وبلاغ الرسول عليه الصلاة والسلام جامع بين الامرين , فهو بيّن لنفسه ومبين لمن يسمعه . ومن ورث الرسول عليه الصلاة والسلام من العلماء ماذا عليه ؟ ما عليه الا البلاغ المبين , يقول تعالى :


-( ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء وأنتم لا تظلمون )- [البقرة/272]


ولهذا ينبغي لطلبة العلم اذا وعظوا ونصحوا والناس لم ينصاعوا , عليهم الا يثوروا على الناس وان يقولوا :انتم بهائم ما تعرفون , لانهم اذا قالوا هذا أوغروا القلوب عليهم ولم يقبل احد منهم شيئا , وعليه ان يصبر ويقتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول :/ اذا كان رسولي ليس عليه الا البلاغ فانا من باب اولى .


فكان في هذه الآيات المنع من الخمر منعا باتا , في جميع الاوقات بعد ان هيأت النفوس ومرنت على المنع منه في بعض الاوقات , والله أعلم .


سؤال : حديث : ما أسكر كثيره فقليله حرام , لكن هل يقام عليه الحد ؟


جواب الشيخ : لا , اذا كان قليله حراما فلا يقام عليه الحد , ما يقام الحد الا على من سكر .



من سكر وقتل انسان , هل يقام عليه الحد ؟


جواب الشيخ : نحن نتكلم عن حد من حدود الله , قتل القاتل عمدا ليس حدا وانما هو قصاص , ولهذا لو ان السكران أحرق دكان انسان مثلا لضمنه لان هذا حق آدمي , ولاكلام على حق الله , على ان عثمان رضي الله عنه أحد الخلفاء الراشدين , قال : لا طلاق على سكران , مما استدل ؟ طبعا هناك أدلة , لكن بقي ان نسأل ما حجة القائلين بوجوب وقوع الطلاق ؟ قالوا : زيادة في الردع , فنجيبهم : بأمرين :


اولا انكم تقولون ان عقوبة الخمر هي حد , والحدلا يزاد عليه . ثانيا : ان ايقاع طلاقه ليس عقوبة عليه وحده , بل وعلى امرأته وأولاده , كيف نعاقبهم ؟ فالقول بان على السكران حد ضعيف جدا .


الصواب انه لا طلاق عليه , لكن ما يتعلق بحقوق الآدميين فانه يجب استيفاؤه , لكن هل يقتل فيما اذا قتل عمدا , او نقول ان هذه لا عقل له فلا حد له ؟ قول كثير من العلماء انه يقتل , وبعضهم قال لا يقتل الا اذا علمنا انه شرب الخمر ليقتل عمدا . لو كان فقيها وقال ما اريد ان اقتل عمدا ولكن يشرب خمرا لكي يسكر ويقتل , فهذا يقتل لان الحيل لا تبطل الاحكام الشرعية .



نتابع فوائد والحكمة من نزول القرآن مفرقا :


تنشيط الهمم , لقبول ما نزل من القرآن وتنفيذه , حيث يتشوق الناس اليها , فتنزل وهم أشد ما يكونون لها شوقا , ومعلوم اذا أتى الانسان على شئ بتلهف فانه يمكث في ذهنه ويرسخ ويجد له لذة وحلاوة ,


وقد تقدم الكلام عن الافك , وهمت في مسألة الذين خاضوا في الافك , وقلت انهما رجلان وامرأة , الرجلان هما مسطح وحسان بن ثابت مع انه كان يقول في وصف عائشة :


حصان رزان ما تشان بريبة,


والمرأة هي حمنة بنت جحش , أخت زينب بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم , ومع انها ضرة عائشة لكن حماها الله تعالى في الخوض في هذا.




المتن :


ترتيب القران :


ترتيب القرآن : تلاوته تاليا بعضه بعضا حسبما هو مكتوب في المصاحف ومحفوظ في الصدور .


وهو ثلاثة أنواع :


النوع الأول : ترتيب الكلمات بحيث تكون كل كلمة في موضعها من الآية ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، ولا نعلم مخالفا في وجوبه وتحريم مخالفته ، فلا يجوز أن يقرأ : لله الحمد رب العالمين بدلا من (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (الفاتحة:2)


النوع الثاني :ترتيب الآيات بحيث تكون كل آية في موضعها من السورة ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، وهو واجب على القول الراجح ، وتحرم مخالفته ولا يجوز أن يقرأ : مالك يوم الدين الرحمن الرحيم بدلا من : (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة:3) (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة:4) ففي صحيح البخاري (14)أن عبد الله بن الزبير قال لعثمان بن عفان رضي الله عنهم في قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ )(البقرة: الآية 240) قد نسختها الآية الأخرى يعني قوله تعالى: ( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )(البقرة: الآية 234) وهذه قبلها في التلاوة قال : فلم تكتبها ؟ فقال عثمان رضي الله عنه : يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه .


وروي الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي من حديث عثمان رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء ، دعا بعض من كان يكتب،فيقول ، ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (15)


النوع الثالث : ترتيب السور بحيث تكون كل سورة في موضعها من المصحف ، وهذا ثابت بالاجتهاد فلا يكون واجبا وفي " صحيح مسلم " (16)عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : أنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم البقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، وروى البخاري (17)تعليقا عن الأحنف : أنه قرأ في الأولى بالكهف ، وفي الثانية بيوسف أو يونس، وذكر أن صلى مع عمر بن الخطاب الصبح بهما .


قال شيخ الإسلام ابن تيميه : " تجور قراءة هذه قبل هذه ، وكذا في الكتابة . ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة رضي الله عنهم في كتابتها ، لكن لما اتفقوا على المصحف في زمن عثمان رضي الله عنه ، صار هذا مما سنه الخلفاء الراشدون ، وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب أتباعها " أهـ .



شرح الشيخ :



القرآن لا شك انه مرتب في السور والآيات والكلمات والحروف , و ترتيب القرآن : تلاوته تاليا بعضه بعضا حسبما هو مكتوب في المصاحف ومحفوظ في الصدور .


والترتيب معناه جعل الشئ بعد الشئ , فترتيب القرآن بالنسبة للانسان هو ان يتلوه كما ورد , مرتبا في آياته وكلماته وسوره


يقول هو ثلاثة أنواع :


النوع الأول : ترتيب الكلمات بحيث تكون كل كلمة في موضعها من الآية ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، ولا نعلم مخالفا في وجوبه وتحريم مخالفته , ومثال ذلك :


-( الحمد لله رب العالمين )- [الفاتحة/2]


هل يجوز ان يقول : لله الحمد رب العالمين ؟ لا يجوز مع لله فيها حصر ومع ذلك نقول لا يجوز , لانه خلاف ترتيب القرآن . والله تبارك وتعالى تكلم به على هذا الترتيب , فلا يحل لاحد ان يقدم كلمة على كلمة وهذا محل اجماع لا خلاف فيه



الثاني :


ترتيب الآيات بحيث تكون كل آية في موضعها من السورة ، وهذا ثابت بالنص والإجماع ، وهو واجب على القول الراجح ، وتحرم مخالفته ولا يجوز أن يقرأ : مالك يوم الدين الرحمن الرحيم بدلا من : (الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) (الفاتحة:3) (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) (الفاتحة:4)


وهو أقل من المخالفة في ترتيب الكلمات , لان هذا غايته ان يقدم آية على آية لكن ترتيب الكلمات في الآية حسبما جاء في القرآن ومع ذلك هو حرام لا تجوز مخالفته , وترتيب الآيات هو ترتيب توقيفي ,ففي صحيح البخاري (14)أن عبد الله بن الزبير قال لعثمان بن عفان رضي الله عنهم في قوله تعالى :


(وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ )(البقرة: الآية 240) يعني اذا توفى الانسان فانه يجب عليه ان ينصف لزوجته ان تبقى بالبيت , لمدة حول كامل , لا تخرج و لكن ان خرجت فلا بأس , انما على الورثة أن يبقوها بالبيت حولا كاملا , بوصية من زوجها المتوفى ,


يقول قد نسختها الآية الأخرى قوله تعالى :


( وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً )(البقرة: الآية 234)



وأيهما الاولى بالترتيب ؟ الثانية , مع انها ناسخة , قال : فلم تكتبها ؟ فقال عثمان رضي الله عنه : يا ابن أخي لا أغير شيئا منه من مكانه .


وهذا دليل على ان ترتيب الآيات توقيفي , ليس على حسب النزول ولا على حسب المعنى , انما هو توقيفي من عند الله عز وجل .


وروي الإمام أحمد وأبو داود والنسائي والترمذي 0من حديث عثمان رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينزل عليه السور ذوات العدد ، فكان إذا نزل عليه الشيء ، دعا بعض من كان يكتب،فيقول ، ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا


فلا يجوز ان يبدأ بآية قبل أخرى اذا كانت بعدها في التلاوة .


النوع الثالث : ترتيب السور بحيث تكون كل سورة في موضعها من المصحف ، وهذا ثابت بالاجتهاد, ممن ؟ من الصحابة رضي الله عنهم .


وبعضه ثابت بالتوقيف كما سيذكر , فلا يكون واجبا.


وفي " صحيح مسلم " (16)عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه : أنه صلّى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة ، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم البقرة ، ثم النساء ، ثم آل عمران ، وروى البخاري (17)تعليقا عن الأحنف : أنه قرأ في الأولى بالكهف ، وفي الثانية بيوسف أو يونس، وذكر أن صلى مع عمر بن الخطاب الصبح بهما .


وهذا مخالف في ترتيب المصحف , لكنه لا بأس به لانه من باب الاجتهاد


لكن بعضه توقيفي فانها توقيفية , فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ : قل أعوذ برب الفلق , قبل قل أعوذ برب الناس


كذلك : سبح والغاشية , فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما في الجمعة ويبدأ بسبح .


كذلك الجمعة والمنافقون فكان الرسول عليه الصلاة والسلام يقرأ بهما في الجمعة ويبدأ بالحمعة .


بمثل هذا نعرف انه توقيفي .


اذا قال قائل كيف خالف الصحابة رضي الله عنهم في تقديم آل عمران على النساء ؟


الجواب من وجهين :


الاول : ان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بينهما في الفرض , اي بين البقرة وآل عمران , كما في قوله : اقرؤوا الزهراوين فانهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان او فرقان من طير صافّ , يظللان صاحبهما يوم القيامة ., فجمع بينهما


الوجه الثاني : لعل العرضة الاخيرة التي عرض فيها الرسول صلى الله عليه وسلم على جبريل , لعل الترتيب تغير بعد ان سمعه حذيفة .


وحينئذ يزول الاشكال .


قال شيخ الإسلام ابن تيميه : " تجور قراءة هذه قبل هذه ، وكذا في الكتابة . ولهذا تنوعت مصاحف الصحابة رضي الله عنهم في كتابتها ، لكن لما اتفقوا على المصحف في زمن عثمان رضي الله عنه ، صار هذا مما سنه الخلفاء الراشدون ، وقد دل الحديث على أن لهم سنة يجب أتباعها "


لكن استثنى بعض اهل العلم ما اذا كان ذلك للتعليم .فانه لا بأس ان يقدم السورة المتأخرة لأن ذلك أيسر وأهون , وهذا هو المعمول به الآن , وأظنه من قديم الزمان , الصبيان في المدارس , يتعلمون من آخر القرآن فيقرأون الناس قبل سورة الفلق , وهكذا .


فيكون مخالفة الترتيب من أجل الحاجة الى تفهيم الصبيان .




يتبع .......

إيمان مصطفى عمر
01-02-09, 05:40 PM
المتن :


كتابة القرآن وجمعه


لكتابة القرآن وجمعه ثلاث مراحل :


المرحلة الأولى : في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان الاعتماد في هذه المرحلة على الحفظ أكثر من الاعتماد على الكتابة ، لقوة الذاكرة وسرعة الحفظ وقلة الكاتبين ووسائل الكتابة ، ولذلك لم يجمع في مصحف بل كان من سمع آية حفظها ، أو كتبها فيما تيسر له من عسب النخل ، ورقاع الجلود ، ولخاف الحجارة ، وكسر الأكتاف وكان القراء عددا كبيرا.


ففي " صحيح البخاري "([1]) عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا يقال لهم : القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم ، وفي الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء رضي الله عنهم .



شرح الشيخ :


كان الناس في عهد رسول اله صلى الله عليه وسلم يعتمدون على الحفظ اكثر من الكتابة , لاربعة اسباب


1" قوة الذاكرة , فانه لا شك ان عند العرب قوة ذاكرة عظيمة , يأتي الشاعر منهم الى المجلس ويتنشد القصيدة تبلغ خمسين بيتا او مئة بيت , مرة واحدة ثم يحفظونها ويتناقلونها


2" سرعة الحفظ , وبينهما فرق , قوة الذاكرة :انه اذا اراد شيئا استحضره بسرعة , اما سرعة الحفظ : يعني يحفظ بسرعة , والناس في هذا اقسام :


1-- سريع الحفظ والنسيان ,


2--بطئ الحفظ والنسيان


3-- بطئ الحفظ سريع النسيان


4--سريعالحفظ بطئ النسيان .


وأحسنهم الرابع ,


3" قلة الكاتبين , الكتبة في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قليلون , لان العرب امة أمية , قال تعالى :


-( هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين )- [الجمعة/2]


وقال رسول الله صلى اله عليه وسلم :


" انّا أمة أمية لا نقرأ ولا نكتب ,"


لكن بعد ذلك , بعد الاسلام , صاروا علماء , بل علماء العالم كله ,



4" قلة وسائل الكتابة , الاوراق قليلة والمداد قليل , ولهذا يكتبون في العظام ويكتبون في اللخاف وفي عسف النخل , كما سيأتي


ولذلك لم يجمع في مصحف , بل كان من سمع آية حفظها , أ, كتبها فيما يتيسر له , من عسف النخل ورقاع الجلود ولخاف الحجارة , وغيرها


وكان القرّاء عددا كبيرا , والقرّاء هم الذيم يحفظون القرآن عن ظهر قلب , ففي صحيح البخاري ,


عن أنس بن مالك رضي الله عنه : أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث سبعين رجلا يقال لهم : القراء ، فعرض لهم حيان من بني سليم رعل وذكوان عند بئر معونة فقتلوهم ، وفي الصحابة غيرهم كثير كالخلفاء الأربعة ، وعبد الله بن مسعود، وسالم مولى أبي حذيفة ، وأبي بن كعب ، ومعاذ بن جبل ، وزيد بن ثابت ، وأبي الدرداء رضي الله عنهم .


وهذا دليل على ان الصحابة يعتمدون على الحفظ أكثر ,



المتن :




المرحلة الثانية : في عهد أبي بكر رضي الله عنه في السنة الثانية عشرة من الهجرة . وسببه أنه قتل في وقعة اليمامة عدد كبير من القراء منهم ، سالم مولى أبي حذيفة ، أحد من أمر النبي صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن منهم .


فأمر أبو بكر رضي الله عنه بجمعه لئلا يضيع ، ففي صحيح البخاري" (19)أن عمر بن الخطاب أشار على أبي بكر رضي الله عنهما بجمع القرآن بعد وقعة اليمامة ، فتوقف تورعا ، فلم يزل عمر يراجعه حتى شرح الله صدر أبي بكر لذلك ، فأرسل إلى زيد بن ثابت فأتاه ، وعنده عمر فقال له أبو بكر : إنك رجل شاب عاقل لا نتهمك ، وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتتبع القرآن فاجمعه ، قال : فتتبعت القرآن أجمعه من العسب واللخاف وصدور الرجال ، فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ، ثم عند عمر حياته ، ثم عند حفصة بنت عمر رضي الله عنهما . رواه البخاري مطولا .


وقد وافق المسلمون أبا بكر على ذلك وعدوه من حسناته ، حتى قال على رضي الله عنه: أعظم الناس في المصاحف أجرا أبو بكر ، رحمة الله على أبي بكر هو أول من جمع كتاب الله .


شرح الشيخ :



الله أكبر . مولى من الموالي , امر الرسول صلى الله عليه وسلم بأخذ القرآن من أربعة منهم :


سالم مولى أبي حذيفة , وهو مولى , يؤخذ عنه كلام الله عز وجل , لكن الفضل يؤتيه الله من يشاء ,


وابو بكر الصديق امر بجمع القرآن , وهذا هو الجمع الاول في عهد ابو بكر رضي الله عنه , وقد وافق المسلمون ابا بكر علىذلك , وعدوه من حسناته , حتى قال علي بن ابي طالب رضي الله عنه : اعظم الناس في المصاحف أجرا ابو بكر


رحمة الله على ابو بكر ,وفي هذا وخزة وطعنة , في صدور الرافضة الذين يبغضون ابو بكر وبعضهم يلعنه والعياذ بالله , فهذا علي الذي يروا فيه انه إمام الأئمة , يقول فيه ذلك , لأن علي بن ابي طالب رجل مؤمن تقي عاقل عادل , فقال الحق , لكن الرافضة على العكس من ذلك , ولذلك يخالفون علي في مسائل , خالفوه في المتعة , وهو رضي الله عنه ممن روى تحريم المتعة , وخالفوه في المسح على الخفين , وهذا يدل على انه انما أتوا به للترويج على العامة وانهم ينتصرون لآل البيت .



المتن :



المرحلة الثالثة : في عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه في السنة الخامسة والعشرين ، وسببه اختلاف الناس في القراءة بحسب اختلاف الصحف التي في أيدي الصحابة رضي الله عنهم فخيفت الفتنة ، فأمر عثمان رضي الله عنه أن تجمع هذه الصحف في مصحف واحد ؛ لئلا يختلف الناس ، فيتنازعوا في كتاب الله تعالى ويتفرقوا.



شرح الشيخ :


جزاه الله خيرا , أحسن الى الأمة إحسانا لا مثيل له , لو بقيت الصحف وفيها بعض الاختلاف , لكان قتال بين الأمة , والقتال الآن واقع مع اتحاد الصحف لكن اختلفوا في الفهم , واختلفوا بالتأويل , لكن الحمد لله , ان الله حفظ هذا القرآن عزيز , كما قال تعالى :


-( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )- [الحجر/9]



المتن :


ففي " صحيح البخاري " (20)أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان من فتح أرمينية وأذربيجان ، وقد أفزعه اختلافهم في القراءة ، فقال : يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى ، فأرسل عثمان إلى حفصة أن أرسلي إلينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها إليك ، ففعلت ، فأمر زيد بن ثابت ، وعبد الله بن الزبير ، وسعيد بن العاص ، وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف . وكان زيد بن ثابت أنصاريا والثلاثة قرشيين - وقال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش ؛ فإنما نزل بلسانهم ، ففعلوا حتى إذا نسخوا الصحف في المصاحف ، رد عثمان الصحف إلى حفصة ، وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق .


شرح الشيخ :


ما هي الصحف التي عند حفصة ؟ الصحف التي جمعها ابو بكر ثم أخذها من بعده عمر رضي الله عنه , ثم جعلها عمر عند حفصة , لان حفصة رضي الله عنها امرأة عاقلة , وهي إحدى أمهات المؤمنين , ولهذا لما وقّف عمر رضي الله أرضه في خيبر جعل الناظر عليه حفصة ومن بعدها أولوا الرأي من آل عمر ,


وقال عثمان للرهط الثلاثة القرشيين : إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شئ من القرآن فاكتبوه بلسان قريش .


لماذا ؟ لان القرآن نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم بلسانه ورسول الله من قريش , فغلبت لغة قريش على غيرها .


النقطة الثانية :


يقول :وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا ، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق .


كيف يحرق القرآن ؟ نعم درء المفاسد أولى من جلب المصالح , لانه لو بقيت لكان الاختلاف وضلل قوم آخرين


وقد فعل عثمان رضي الله عنه هذا بعد أن استشار الصحابة رضي الله عنهم ، لما روي أبن أبي داود (21)عن على رضي الله عنه أنه قال : والله ما فعل الذي فعل في المصاحف إلا عن ملاء منا ، قال : أرى أن نجمع الناس على مصحف واحد ، فلا تكون فرقة ولا اختلاف، قلنا ، فنعم ما رأيت .


وهذا من عدل أمير المؤمنين رضي الله عنه ,لكي لا يظن الظان ان عثمان تصرف من نفسه , وقوله عن ملئ منا : يعني عن اتفاق منا معه .


وقال مصعب بن سعد(22): أدركت الناس متوافرين حين حرق عثمان المصاحف فأعجبهم ذلك ، أو قال : لم ينكر ذلك منهم أحد ،


طيب هل يمكن ان نأخذ من هذا دليلا على ان المصحف اذا لم يكن صالحا للتلاوة ان يحرق ؟


نعم . لكن ينبغي ان يحرق في مكان ويدفن , لان بعض المصاحف اذا احرقتها لا تذهب بعض الحروف , ولهذا ينبغي ان تدفن , وان لم يمكن دفنها فينبغي ان تدق حتى تكون رمادا .


يقول :


وهو من حسنان أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه التي وافقه المسلمون عليها ، وكانت مكملة لجمع خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبي بكر رضي الله عنه .



المتن :


والفرق بين جمعه وجمع أبي بكر رضي الله عنهما أن الغرض من جمعه في عهد أبي بكر الله عنه تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف ، حتى لا يضيع منه شئ دون أن يحمل الناس على الاجتماع على مصحف واحد ؛ وذلك أنه لم يظهر أثر لاختلاف قراءاتهم يدعو إلى حملهم على الاجتماع على مصحف واحد .


وأما الغرض من جمعه في عهد عثمان رضي الله عنه فهو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد ، يحمل الناس على الاجتماع عليه لظهور الأثر المخيف باختلاف القراءات.


وقد ظهرت نتائج هذا الجمع حيث حصلت به المصلحة العظمى للمسلمين من اجتماع الأمة ، واتفاق الكلمة ، وحلول الألفة ، واندفعت به مفسدة كبرى من تفرق الأمة ، واختلاف الكلمة ، وفشو البغضاء ، والعداوة .


وقد بقي على ما كان عليه حتى الآن متفقا عليه بين المسلمين متواترا بينهم ، يتلقاه الصغير عن الكبير ، لم تعبث به أيدي المفسدين ، ولم تطمسه أهواء الزائغين . فلله الحمد لله رب السماوات ورب الأرض رب العالمين .



شرح الشيخ :


اذن ابو بكر جمع المصحف لئلا يضيع , لا لاجل أن يتفقوا على مصحف واحد , ولهذا كان كل من الصحابة مصحفا يقرؤه كما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ,


ام في عهد عثمان فإن الغرض من جمعه , هو تقييد القرآن كله مجموعا في مصحف واحد يحمل الناس على الاجتماع عليه ,


أيهما أوجل ؟


الاول , لكي لا يضيع . والثاني ايضا فيه قوة , لانه لو بقيت هذه المصاحف واختلف الناس في القرآن , صار تفرقا عظيم , وصارت الأمم الأخرى تعيبنا , وتقول : انتم الذين تقولون ان اليهود حرفوا التوراة والنصارى حرفوا الانجيل, وانتم حرفتم القرآن بدليل اختلافكم فيه .









يتبع .....................

إيمان مصطفى عمر
01-02-09, 05:42 PM
المتن


التفسير


التفسير لغة : من الفسر ، وهو : الكشف عن المغطى .


وفي الاصطلاح . بيان معاني القرآن الكريم .


وتعلم التفسير واجب لقوله تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ) (ص:29) ولقوله تعالى : (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا) (محمد:24)


وجه الدلالة من الآية الأولى أن الله تعالى بين أن الحكمة من إنزال هذا القرآن المبارك ؛ أن يتدبر الناس آياته ، ويتعظوا بما فيها .


والتدبر هو التأمل في الألفاظ للوصول إلى معانيها ، فإذا لم يكن ذلك ، فاتت الحكمة من إنزال القرآن ، وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها .


ولأنه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه .


ووجه الدلالة من الآية الثانية أن الله تعالى وبخ أولئك الذين لا يتدبرون القرآن ، وأشار إلى أن ذلك من الإقفال على قلوبهم ، وعدم وصول الخير إليها .


وكان سلف الأمة على تلك الطريقة الواجبة ، يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لأنهم بذلك يتمكنون من العمل بالقرآن على مراد الله به فإن العمل بما لا يعرف معناه غير ممكن .


وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا .


قال شيخ الإسلام ابن تيميه : والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم ، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم . ويجب على أهل العلم أن يبينوه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى : ( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )(آل عمران: الآية 187) وتبيين الكتاب للناس شامل لتبيين ألفاظه ومعانيه ، فيكون تفسير القرآن ، مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه .


والغرض من تعلم التفسير هو الوصول إلى الغايات الحميدة والثمرات الجليلة ، وهي التصديق بأخباره والانتفاع بها وتطبيق أحكامه على الوجه الذي أراده الله ؛ ليعبد الله بها على بصيره .




شرح الشيخ :


التفسير : لغة من الفسر , وهو الكشف عن المغطى , ولذلك اذا كشف الانسان كمة انكشف ما تحتها , ويقال فسر ثوبه يعني : ابان ما تحته


في الاصطلاح : بيان معاني القرآن الكريم , فسر القرآن اي بين معناه , وبيان معاني القرآن واجب وتبينها واجب لان المقصود من انزاله هو فهم معناه والعمل به , واذا كنا لا نفهم المعنى صار القرآن بيننا كأنه عربي بين عجمي , لا يعرف معناه ولا المراد به , والانسان ول اراد ان يعمل بكتاب فقه من كتب الفقهاء فانه لا بد ان يعرف معناه . ولو ألقي اليه وهو يطلب علم الطب, كتاب فيه الطب وانواعه وما يتعلق به ولم يشرح له لم يستفد منه . اذن فلا بد من ان نفهم معنى القرآن . وهل فهم معنى القرآن صعب ؟ لا , قال تعالى :


-( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )- [القمر/17]


اي هل من متذكر ؟ وهلهنا للتشويق , لانهلما اخبر واكد انه يسره للذكر شوّق الى ادكاره وفهمه , فانت اذا اقبلت بصدق لتفهم معنى كلام ربك عز وجل , فانه لا بد ان ييسر لك , اما بفتح يفتحه الله عليك , واما بجلب عالم يبين لك معناه , واما بكتب تفسير توضح لك المعنى , لان الله تعالى أخبر واكد هذا الخبر بالآية الكريمة السابقة .


وتعلم التفسير واجب واستدل المؤلف بذلك , ولكن هل هو واجب عين , على كل واحد ؟


الجواب : اما ما يحتاجه الانسان فانه يجب عليه وجوب عين ان يفهم معناه واما ما لا يجب فان تعلمه فرض كفاية , اذا قام به احد سقط عن الباقي , واما ان يبقى المسلمون كلهم لا يفهمون معنى القرآن فهذا خطب عظيم , واننا لنأسف لقوم يعتنون غاية العناية بالحديث وليس في الحديث ايضا دراية بل هواية , في اسانيده واقسامه ورجاله وما أشبه ذلك . لكنك تجدهم في فقه الحديث ضعفاء , وفي تفسير القرآن أضعف وأضعف , وهذا لا شك انه حسن من وجه , لكنه فيه قصور عظيم , لانه كون الانسان يعتني هذه العناية التامة ويعرض عن القرآن ويقول في نفسه : القرآن والحمد لله ثابت ولا حاجة لان أبحث عن رجال سنده.... نقول نعم ولكن هل انت تفهم معناه ؟


كثير من هؤلاء لو عرضت عليهم آية ليست صعبة المعنى , عجز عنها ولم يعرفها ولا اعرابها ولا بلاغتها , وهذا قصور . وانا رأيي انه يجب ان نبدأ في طلب العلم بالقرآن , نفهم معناه ونعمل به , ثم بالسنة لان السنة تحتاج الى نظرين :


النظر الاول : ثبوتها عن النبي صلى الله عليه وسلم , فننظر في السند والرجال والاتصال وغير ذلك .


النظر الثاني : النظر في المعنى .


اذن علم التفسير واجب , لكن من كان يحتاج الى شئ معين منه فهو فرض عين عليه , مثل ان يكون رجلا عنده مال يريد ان يزكي , ويعطي الزكاة أهله , لا بد ان يفهم معنى الآية الكريمة :


-( إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم )- [التوبة/60]


من أجل ان يقوم بما أوجب الله عليه , وهكذا


ايضا الوضوء :


-( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )- [المائدة/6]


لابد ان يعرف ما معنى الغسل , ما هو حد الوجه ؟ ويعرف غسل الرجلين , متى يكون واجبا ومتى يجوز المسح على الخفين ... وما أشبه ذلك .


اما ما عدا هذا فهو فرض كفاية , يجب على المسلمين عموما ان يقومون به , ان قام به احد يكتفى به , لكونه مأمونا موثوقا ومرجعا للمسلمين في التفسير ...


قال تعالى :


-( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )- [ص/29]


يعني هذا كتاب وانما قدرنا هذا لان ما قبلها حروف هجائية , ليس لها محل من الاعراب , والقول الرجح ان هذه الحروف الهجائية ليس لها معنى في ذاتها , والقرآن نزل بلغة العرب والعرب لا يرون لهذه الحروف معنى , لكنها ليست لغو , لا , لها مغزى عميق بليغ , وهو ان هؤلاء العرب الذين هم أبسط الناس ركبوا كلامهم من هذه الحروف , وجاء القرآن بهذه الحروف , ومع ذلك أعجزهم , لا يستطيعون ان يؤلفوا مثله , هولو جاء بحروف جديدة لكان للعرب عذر ان لا يعارضوه, لكنه لم يأتي الا بالحروف التي هم يكونون كلامهم منها زلذلك لا تجد سورة مبدوءة بالحروف الهجائية الا وبعدها ذكر القرآن . هذا هو الغالب , وما ابرك من هذا القرآن ؟ لماكان المؤمنون يعملون به ظاهرا وباطنا , سرا وعلنا , عقيدة وعملا , وخلقا وأدبا , نالوا بركته وسادوا به العالم , وجاهدوا به أعداء الله . ولما تخلفوا عنه نزعت بركة القرآن منهم وصاروا يعظمون القرآن تعظيم طقوس , لا تعظيم عمل به , يكتبونه في الجدران وفي الاحراز والحجب , وما أشبه ذلك ....


تعظيم القرآن هو العمل به تصديقا بأخباره وعملا بأحكامه . ليدبروا آياته : كل الآيات سواء طالت ام قصرت , فمثلا يجب علينا ان نتدبر آية الدين في سورة البقرة , وهي أطول آية في القرآن , وكذلك قوله تعالى :


-( ثم نظر )- [المدثر/21]


وهي من الآيات القصار في القرآن . يجب ان نعرف من الذي نظر ؟ وهل نظر بفكره ام بعينه ؟ لا بد ان نعرف هذا , وقوله : وليتذكر أولوا الالباب .. أولوا العقول , يتعظون بالقرآن . ولذلك فاعلم انه اذا لم تتعظ بالقرآن فانه لا عقل لك .


لانه لا يتذكر بالقرآن الا اهل العقول . وقال تعالى :


-( أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها )- [محمد/24]


والاستعلام هنا للتوبيخ , (أم) هنا منقطعة , بمعنى بل أي :" بل على قلوب أقفالها " ووجه الدلالة من الآية الاولى ان الله تعالى بين ان الحكمة من انزال القرآن مبارك ان يتدبر الناس آياته ويتعظوا بما فيها , والتدبر والتأمل في الالفاظ , للوصول الى معانيها واذا لم يكن كذلك فاتت الحكمة من انزال القرآن , وصار مجرد ألفاظ لا تأثير لها , ولانه لا يمكن الاتعاظ بما في القرآن بدون فهم معانيه .


ووجه الدللالة من الآية الثانية ان الله تعالى وبخ أؤلئك الذين لا يتبرون القرآن واشار الى ذلك من الاقفال على قلوبهم وعدم وصول الخير اليهم .


وكان سلف الأمة على تلك الطريقة الواجبة ، يتعلمون القرآن ألفاظه ومعانيه ؛ لأنهم بذلك يتمكنون من العمل بالقرآن على مراد الله به فإن العمل بما لا يعرف معناه غير ممكن .


وقال أبو عبد الرحمن السلمي : حدثنا الذي كانوا يقرئوننا القرآن كعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وغيرهما ، أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي صلى الله عليه وسلم عشر آيات ، لم يجاوزوها ، حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل ، قالوا : فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعا .


تعلموا القرآن اي ألفاظه والعلم يعني معانيه , والعمل اي العمل بما فيه .


قال شيخ الإسلام ابن تيميه : والعادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في فن من العلم كالطب والحساب ، ولا يستشرحوه فكيف بكلام الله تعالى الذي هو عصمتهم ، وبه نجاتهم وسعادتهم وقيام دينهم ودنياهم


وصدق رحمه الله , الانسان اذا قرأ كتابا لا بد ان يفهم معناه , ولا لم يستفد منه , لو قرأت كتابا بالنحو كالآجرومية مثلا , هل تستفيد منها بدون معرفة المعنى ؟ لا . فكيف بكلام الله عز وجل ؟


ويجب على أهل العلم أن يبينوه للناس عن طريق الكتابة أو المشافهة لقوله تعالى :


( وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ )(آل عمران: الآية 187) وتبيين الكتاب للناس شامل لتبيين ألفاظه ومعانيه ، فيكون تفسير القرآن ، مما أخذ الله العهد على أهل العلم ببيانه .


اذن طريقة السلف في القرآن انهم يتعلمون ألفاظه , ومعانيه ويعملون به . اذا نزلت آيات في البيع تعلموها وعملوا بها


-( يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون )- [الجمعة/9]


أيظن الظان ان الصحابة يدعون الصلاة ويقبلون على البيع ؟


لا ابدا , بل هم عملوا بذلك , وهكذا بقية الآيات , حتى ان النبي صلى الله عليه وسلم لما خاطب النساء وأمرهن بالصدقة وقال انكن أكثر أهل النار , ماذا فعلن ؟


صارت المرأة تأخذ قرطا من أذنها وخاتمها من اصبعها وتلقيه الى بلال رضي الله عنه .


قال :


والغرض من تعلم التفسير هو الوصول إلى الغايات الحميدة والثمرات الجليلة ، وهي التصديق بأخباره والانتفاع بها وتطبيق أحكامه على الوجه الذي أراده الله ؛ ليعبد الله بها على بصيره .


تصديق الاخبار : هذه من غايات علم التفسير , ان تصدق الخبر , وتمتثل للخبر لا مجرد ان تفهمه فقط .


مثلا اذا قال الله تعالى " ان الله كان سميعا بصيرا "هذا خبر ام امر ؟


خبر طبعا .. الانتفاع ليس مجرد ان تعلم ان الله سميع بصير , الانتفاع ان تخشى الله , فلا تقل ما يسمع منك ما لا يرضاه , ولا تفعل ما يبصره ويراه وهو لا يرضاه . انتبه لهذا


لما قص الله علينا قصص الانبياء السابقين قال :


-( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق الذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون )- [يوسف/111]


عبرة ينتفع بها الانسان اذا كانت وعيدا , وينتفع بها ان كان بها فوائد وحكما , كما في قصة ذي القرنين وقصة أصحاب الكهف , وغيرها من القصص النافعة , كما قال تعالى :


-( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين )- [يوسف/3]

إيمان مصطفى عمر
01-02-09, 05:46 PM
المتن :

المرجع في تفسير القرآن


يرجع في تفسير القرآن إلى ما يأتي :


أ- كلام الله تعالى : فيفسر القرآن بالقرآن ، لأن الله تعالى هو الذي أنزله ، وهو أعلم بما أراد به . ولذلك أمثلة منها :


1-قوله تعالى : (أَلا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) (يونس:62)




فقد فسر أولياء الله بقوله في الآية التي تليها : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) (يونس:63)


شرح الشيخ :



لا يمكن ان تجد تفسيرا احسن من هذا , اللهم اجعلنا من أولياؤك , الذين آمنوا وكانوا يتقون , آمنوا بقلوبهم واتقوا بجوارحهم , هؤلاء هم أولياء الله , وقد قال شيخ الاسلام رحمه الله :


من كان مؤمنا تقيا كان لله وليا .


فاذا ادعى مدع انه ولي لله , وقال انا ولي لله , قلنا القرآن يكذبك , بماذا ؟ فالله تعالى يقول : (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ)


والله تعالى يقول : -( فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى )- [النجم/32]


وانت الآن زكيت نفسك ولم تتق الله فلست بولي .


واذا قال انه من اولياء الله وانه يحل له ان يتزوج خمسين امرأة وان يأخذ ما اصطفى له من أموال الناس , نقول انت الآن من أعداء الله , اين الايمان والتقوى الذي تستحق ان تكون بهما وليا لله ؟ وسمعت انه يوجد في بعض البلاد من يفعل ذلك , يدعي انه ولي لله , ولكن هؤلاء أشار اليهم شيخ الاسلام رحمه الله : بأنهم قوم من الصوفية يقولون ان هذه العبادات يؤمر بها العامة , فهي وسيلة حتى يصلوا الى الغاية , فإذا وصلوا الى الغاية سقطت عنهم كالانسان المسافر يشد الرحل ويدني البعير ويحمل الزاد فإذا وصل , باع البعير .


ذكر ان عبد الرحمن الجيلاني رحمه الله , رأى في المنام نورا عظيما عظيما وسمع منه صوتا , يقول :


يا عبد القادر , وصلت الى الغاية فلا صلاة عليك , فقال له : كذبت ولكنك شيطان ,


يقول : فتمزق من فوره . فصار هذا النور من تخيلات الشيطان .


بالعودة الى الآية نقول: ان تفسير أ,لياء الله هم الذين آمنوا وكانوا يتقون , واما جزاؤهم بانه لا خوف عليهم ولا يحزنون على ما مضى, لانهم قد ملؤوا ما مضى بالايمان والتقوى , ولاحزن يكون على فوات المحبوب اما هؤلاء فقد عمروا أوقاتهم بالايمان والتقوى . اللهم اجعلنا منهم .


المتن :



2- قوله تعالى : (وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ) (الطارق:2)


فقد فسر الطارق بقوله في الآية الثانية : (النَّجْمُ الثَّاقِبُ) (الطارق:3) .


شرح الشيخ :


قوله تعالى : -( والسماء والطارق )- [الطارق/1]


هل هو للقسم ام للعطف ؟ للقسم أحسن من كونه عطف , لانه لو كانت عطف صارما بعدها تابعا لما قبلها , واذا كانت قسما صار ما بعدها مستقلا , اما تفسير الطارق فقد فسرها بانها النجم الثاقب , الثاقب هو الثاقبة للظلام بنوره ولهذا لو انك في البر ليس به اي نور لوجدت ظلك بنور بعض النجوم , ومعنى الثاقب ايضا اي الثاقب للشياطين , كما في قوله تعالى :


-( إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب )- [الصافات/10]


لو قال قائل : الطارق هو الطارق الذي يطرق أهله ليلا , نقول كذبت , ان الله تعالى قال هو النجم الثاقب .


المتن :


3- قوله تعالى : (وَالأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا) (النازعـات:30) فقد فسر دحاها بقوله في الآيتين بعدها : (أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءَهَا وَمَرْعَاهَا) (النازعـات:31)(وَالْجِبَالَ أَرْسَاهَا) (النازعـات:32).


شرح الشيخ :


الله تعالى ذكر في سورة فصلت انه خلق السماوات بعد الارض , كما قال ز وجل :


-( قل أئنكم لتكفرون بالذي خلق الأرض في يومين وتجعلون له أندادا ذلك رب العالمين )- [فصلت/9]


-( وجعل فيها رواسي من فوقها وبارك فيها وقدر فيها أقواتها في أربعة أيام سواء للسائلين )- [فصلت/10]


-( ثم استوى إلى السماء وهي دخان فقال لها وللأرض ائتيا طوعا أو كرها قالتا أتينا طائعين )- [فصلت/11]


قال عز وجل :


-( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها )- [النازعات/27]


نقف بعد قولنا أأنتم أشد خلقا أم السماء ثم نقول بناها


لانه لو وصلنا اختلف المعنى , ثم فصل الله تعالى بقوله :


-( رفع سمكها فسواها )- [النازعات/28]


-( أخرج منها ماءها ومرعاها )- [النازعات/31]


-( والأرض بعد ذلك دحاها )- [النازعات/30]


بين الله تعالى الدحو بقوله : أخرج منها ماءها مرعاها والجبال أرساها , متاعا لكم ولأنعامكم .






يتبع الشريط الرابع .............

إيمان مصطفى عمر
11-02-09, 03:00 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

هذا تفريغ الشريط الرابع :



المتن :



المرجع في تفسير القرآن


يرجع في تفسير القرآن إلى ما يأتي :


ب - كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فيفسر القرآن بالسنة ، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله تعالى، فهو أعلم الناس بمراد الله تعالى كلامه .


ولذلك أمثلة منها :


1- قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )(يونس: الآية 26) ففسر النبي صلى الله عليه وسلم الزيادة بالنظر إلى وجه الله تعالى ، فيما رواه ابن جرير وابن أبي حاتم صريحا من حديث أبي موسى (1) وأبي بن كعب (2) . ورواه جرير من حديث كعب بن عجرة (3) في " صحيح مسلم " (4)عن صهيب بن سنان عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث قال فيه : " فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل " ، ثم تلا هذه الآية ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ) (يونس:26)


2- قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )(لأنفال: الآية 60) فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي . رواه مسلم (5) ، وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه


.


شرح الشيخ :


اذن يفسر القرآن بالسنة لان رسول الله صلى الله عليه وسلم مبلغ عن الله تعالى وهو اعلم الناس بمراد الله بكلامه


فاذا جاءت السنة تفسر القرآن وجب الرجوع اليها , ولكن أقول لكم :


قد يكون تفسير الستة للآية ذكر بعض انواع ما يدخل في الآية , لا أن المراد تفسير كل المعنى وهذه كما تأتي بالسنة تأتي ايضا في كلام الصحابة , قد يفسرون الشي ببعض انواعه


مثال ذلك :


قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ )(يونس: الآية 26)



الحسنى : مبدأ مؤخر


للذين أحسنوا : خبر


والحسنى : هي الجنة يعني الدار الحسنى , اما الزيادة فقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم بأنها النظر الى وجه الله تعالى ,


فهل نقول ان الزيادة هي زيادة النعيم كزيادة الاكل والشرب وغيره ؟


لا طبعا , الزيادة فوق ذلك, وهي النظر الى وجه الله الي هو من أحب الاشياء الى أهل الجنة, فيما رواه جرير وابن ابي حاتم حاتم صريحا من حديث أبي موسى (1) وأبي بن كعب (2) . ورواه جرير من حديث كعب بن عجرة (3) في " صحيح مسلم " (4)عن صهيب بن سنان عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث قال فيه : " فيكشف الحجاب فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل " ، ثم تلا هذه الآية ( لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)


وما حجاب الرب عز وجل ؟ حجابه النور .


وتلا النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية بعد ان قال انه يكشف الحجاب , يدل على ان معنى الزيادة هو النظر الى وجه الله.


- قوله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ )(لأنفال: الآية 60)



الضمير في كلمة (لهم ) يعود الى الكفار , وقوله أعدوا يعود الى المؤمنين , وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة هي الرمي , بما رواه مسلم من حديث عقبة بن نافع, قال :


ألا إن القوة الرمي (كررها ثلاثا )


هناك بما يعرف بالسلاح الابيض , السكاكين والخناجر ....


وهو قوة لا شك , لكن الرمي أقوى ,لان بالرمي يقتل الانسان عدوه من بعيد , فلا شك انه أقوى .


وهل الرمي يختلف ؟ نعم , في عصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الرمي كان بالنبال ,ثم جاءالرمي بالبندقية ثم جاء الآن في عصرنا الصواريخ العابرة للقارات , هل يدخل بالرمي ؟ نعم


فكلام الرسول عليه الصلاة والسلام عام ويكون الرمي في كل وقت بحسبه .



المتن :





ج- كلام الصحابة رضي الله عنهم لا سيما ذوو العلم منهم والعناية بالتفسير ، لأن القرآن نزل بلغتهم وفي عصرهم ، ولأنهم بعد الأنبياء أصدق الناس في طلب الحق ، وأسلمهم من الأهواء ، وأطهرهم من المخالفة التي تحول بين المرء وبين التوفيق للصواب . ولذلك أمثلة كثيرة جدا منها :


1- قوله تعالى:( وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ ) (النساء: الآية 43) فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما: أنه فسر الملامسة بالجماع(6).



شرح الشيخ :






بعد ان ننظر الى الآية ولم نجد تفسيرا لها في القرآن ولا في السنة الشريفة ننظر نرجع الى كلام الصحابة, وعلل ذلك بان القرآن نزل بلغتهم ومعلوم ان من نزل القرآن بلغته فهو اعلم الناس به .


ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم الجمعة بسورة (ق )


الآن لو خطب بالناس بسورة (ق) ما يكفي , لانهم لم ينتفعوا , غاية ما هنالك ان الآيات التي فيها ترقيق للقلوب قد يبكون منها ,لكن لا يستفيدون , في عهد الرسول اذا قرأ عليهم (ق) كانما يكون في عهدنا بخطبة الكلام العادي , يعني يفهمون المعنى تماما , وكذلك نزل القرآن في عصرهم فيعرفون القرائن التي يراد بها المعنى , لان الحوادث تنزل ويعرفونها , قال تعالى :


-( إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما ومن تطوع خيرا فإن الله شاكر عليم )- [البقرة/158]



لو قرأ الانسان هكذا لظن ان السعي جائز وليس بحرام , لقوله : لا جناح عليهم , لكن الصحابة يعرفون ان السبب في ذلك ان الناس كانوا يتحرجون من الطواف بينهما فنزلت الآية , اذن كان لنزول القرآن في عصرهم له أثر في معرفة المراد , ولانهم بعد الانبياء اصدق الناس في طلب الحق , لو سالك سائل : من اصدق الناس في طلب الحق بعد الانبياء ؟ لقلت الصحابة .


لهذا كان يرجع الواحد منهم لو كان اكبر واحد في المجتمع يرجع الى قول امرأة او قول صبي .


كان انس من الانصار يلومون الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه على كون جاز لعبد الله بن عباس وهو صغير ان يحضر مجالس الكبار ,فجمعهم ذات يوم وسألهم ما تقولون في قوله تعالى :


-( إذا جاء نصر الله والفتح )- [النصر/1]


-( ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا )- [النصر/2]


-( فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا )- [النصر/3]


قالوا : نقول ان الله يأمر نبيه اذا جاء النصر والفتح ان يسبح بحمده ويستغفره .


فقال : ما تقول يا ابن عباس ؟


قال : اقول ان هذا نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم , يعني االاشعار بقرب أجله .


قال عمر : والله ما فهمت منها الا ما فهمت .


اذن هو رجع الى قول ابن عباس


اذن الصحابة هم أشد الناس قبولا للحق وان كان من صغير , ولانهم أسلمهم من الاهواء


وأطهرهم من المخالفات التي تحول بين المرء وبين التوفيق للصواب , اي مخالفات امر الله , لان المعاصي تحول بين الانسان وبين التوفيق للصواب , اللهم إنا نستغفرك , والدليل على هذا :


قوله تعالى :


-( فبما نقضهم ميثاقهم لعناهم وجعلنا قلوبهم قاسية يحرفون الكلم عن مواضعه ونسوا حظا مما ذكروا به ولا تزال تطلع على خائنة منهم إلا قليلا منهم فاعف عنهم واصفح إن الله يحب المحسنين )- [المائدة/13]


اذن جمعوا بين التحريف فيما يعلموه وبين النسيان لما كانوا يعلموه من قبل


لماذا ؟


لانهم نقضوا الميثاق


وقال تعالى :


-( إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله ولا تكن للخائنين خصيما )- [النساء/105]


-( واستغفر الله إن الله كان غفورا رحيما )- [النساء/106]


قال بعض اهل العلم , اذا نزلت بك نازلة فقدم بين يدي حلها الاستغفار , لان المعاصي تحول بين الانسان وبين الحق والتوفيق للصواب , ويدل على هذا ايضا


-( إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين )- [المطففين/13]


-( كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون )- [المطففين/14]


هذا الرجل لم يصل حلاوة القرآن الى قلبه , بل قال ان هذا اساطير الاولين , بين الله السبب , ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون فلم يقدروا القرآن حق قدره .


قال تعالى :


-( يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج ولكن يريد ليطهركم وليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون )- [المائدة/6] ]


فقد صح عن ابن عباس رضي الله عنهما ,انه فسر الملامسة بالجماع , وبعض العلماء فسر الملامسة هي اللمس باليد , فاذا نأخذ بقول ابن عباس , ونقول المراد بالملامسة الجماع , وكما انه قول ابن عباس فيؤيده سياق الآية , الآية فيها ذكر الطهارتين الاصلية(فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برؤوسكم وأرجلكم إلى الكعبين وإن كنتم جنبا فاطهروا) والبدنية(فتيمموا صعيدا طيبا)


والكبرى والصغرى


وفيها ذكر الحدثين الاصغر(او جاء أحد منكم من الغائط ) والاكبر( او لامستم النساء ) .


وهذا قوة البلاغة , ولهذا كان القول الراجح والمتعين ان المراد بالملامسة هو الجماع ,




د- كلام التابعين الذين اعتنوا بأخذ التفسير عن الصحابة رضي الله عنهم ، لأن التابعين خير الناس بعد الصحابة ، وأسلم من الأهواء ممن بعدهم . ولم تكن اللغة العربية تغيرت كثيرا في عصرهم ، فكانوا أقرب إلى الصواب في فهم القرآن ممن بعدهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه (7) : إذا أجمعوا - يعني التابعين - على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة ، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن ، أو السنة ، أو عموم لغة العرب ، أو أقوال الصحابة في ذلك .
وقال أيضا : من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك ، كان مخطئا في ذلك ، بل مبتدعا ، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤة ، ثم قال : فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم ، فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا

شرح الشيخ :
التابعين خير الناس بعد الصحابة ، وأسلم من الأهواء ممن بعدهم . ولم تكن اللغة العربية تغيرت كثيرا في عصرهم ، فكانوا أقرب إلى الصواب في فهم القرآن ممن بعدهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيميه (7) : إذا أجمعوا - يعني التابعين - على الشيء فلا يرتاب في كونه حجة ، فإن اختلفوا فلا يكون قول بعضهم حجة على بعض ولا على من بعدهم ، ويرجع في ذلك إلى لغة القرآن ، أو السنة ، أو عموم لغة العرب ، أو أقوال الصحابة في ذلك
ذكر ذلك في رسالة له ( مقدمة التفسير ) وهي رسالة مختصرة مفيدة جدا ينبغي لطالب التفسير ان يرجع اليها
وقال أيضا : من عدل عن مذاهب الصحابة والتابعين وتفسيرهم إلى ما يخالف ذلك ، كان مخطئا في ذلك ، بل مبتدعا ، وإن كان مجتهدا مغفورا له خطؤة ، ثم قال : فمن خالف قولهم وفسر القرآن بخلاف تفسيرهم ، فقد أخطأ في الدليل والمدلول جميعا
اذن المرجع بعد الصحابة هو أقوال التابعين .


المتن :

هـ - ما تقتضيه الكلمات من المعاني الشرعية أو اللغوية حسب السياق لقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ )(النساء: الآية 105) وقوله : (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3) وقوله : (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ )(ابراهيم: الآية 4) .
فإن اختلف المعنى الشرعي واللغوي ، أخذ بما يقتضيه الشرعي ، لأن القرآن نزل لبيان الشرع ، لا لبيان اللغة إلا أن يكون هناك دليل يترجح به المعنى اللغوي فيؤخذ به .
مثال ما اختلف فيه المعنيان ، وقدم الشرعي : قوله تعالى في المنافقين : (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً )(التوبة: الآية 84) فالصلاة في اللغة الدعاء ، وفي الشرع هنا الوقوف على الميت للدعاء له بصفة مخصوصة فيقدم المعنى الشرعي ، لأنه المقصود للمتكلم المعهود للمخاطب ، وأما منع الدعاء لهم على وجه الإطلاق فمن دليل آخر .
ومثال ما اختلف فيه المعنيان ، وقدم فيه اللغوي بالدليل : قوله تعالى (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)(التوبة: الآية 103) فالمراد بالصلاة هنا الدعاء ، وبدليل ما رواه مسلم (8) عن عبد الله بن أبي أوفي ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قوم ، صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفي " .
وأمثلة ما اتفق فيه المعنيان الشرعي واللغوي كثيرة : كالسماء والأرض والصدق والكذب والحجر والإنسان


شرح الشيخ :

اذن تفسير القرآن بما تقتضيه اللغة , او بما يقتضيه الشرع
اذا اتفق الشرع واللغة فالامر واضح , وان اختلفا نقدم الشرع لان القرآن نزل لبيان الشرع لا لبيان اللغة الا ان يكون هناك دليل يترجح به المعنى اللغوي فيؤخذ به ,
مثال ما اختلف فيه المعنيان وقدم الشرعي :
قال تعالى:
-( ولا تصل على أحد منهم مات أبدا )- [التوبة/84]
الصلاة لغة هي الدعاء
شرعا : هنا , قوله هنا احترازا من الصلاة على غير جنازة فان لها معنى شرعيا غير هذا وفي الشرع هنا : الوقوف على الميت بالدعاء له بصفة مخصوصة
كيف الصلاة ؟
يقف المصلي عند راس الرجل وعندعجيزة المرأة ( هكذا جاء في السنة ) ولا فرق بين ان يكون الراس من الجانب الايمن او من الجانب الايسر , واما ما يظنه بعض العوام الآن انه لا بد ان يكون الراس من الجانب الايسر فهذا لا صحة له , بل لو اردنا ان نرجع الى عموم الميت لقنا يجب ان يكون الراس عن اليمين , لانه في القبر يكون الراس عن اليمين , لكن الامر واسع في هذا .
اذن قوله ( لا تصل على احد منهم مات ابدا )
هل المعنى لا تدعو لهم ؟
لا , لا تقوم عليه مصليا بالصفة المخصوصة , يقدم المعنى الشرعي لانه المقصود للمتكلم , واما منع الدعاء لهم على وجه الاطلاق فله دليل آخر , اي للكفار , ماهو ؟
الدليل قوله تعالى :
-( ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم )- [التوبة/113]
من السنة :
استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أعظم الناس جاها عند الله وأكرمهم عند الله - استأذن ربه ان يستغفر لأمه , فلم يأذن له , فاستأذنه ان يزور قبرها فأذن له , فزاره مرة واحدة ومعه من اصحابه من كان معه , وبكى عليه الصلاة والسلام , وأخبر انه بكى رحمة بأمه لانها من اهل النار , ومعلوم ان حنان الرحم والقربى لا شك ان الانسان يبكي ان فات امه او اباه الاسلام , فبكى الصحابة معه .
لكن هل وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبرها يدعو لها ؟
لا ابدا لم يقف لهذا لانه عليه الصلاة والسلام هو أشد الناس امتثالا لربه عز وجل , عبد الله ورسوله , لكنه زار القبر فقط وبكى رحمة لامه من النار .
وهل شفع لها او لابيه ؟
لا ابدا , جاءه رجل يقول : يا رسول الله أين أبي ؟
فقال : ابوك في النار , ثم ناداه فقال : ابي وابوك في النار .
حتى يسليه , ولا يمكن ان يكون الرسول قد قال هذا كذبا لاجل تسلية الرجل , بل نحن نشهد بما اخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام بان اباه في النار ,
-( إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )- [الحجرات/13]
ابو طالب , قال النبي له : لاستغفرن لك ما لم أنه عنك .
فنهاه الله , لكن هل أذن له أن يشفع فيه ؟ نعم أذن له ان يشفع فيه , فكان في ضحضاح من نار عليه نعلان يغلي منهما دماغه , اعوذ بالله , خفف عنه .
فاذا قال قائل : لماذا أذن له ان يشفع في عمه دون أبيه ؟وأيهما أحق ؟
الاب أحق . لا شك , لكن الله عز وجل لا يقرب احد عنده من نسب بل ان اكرمكم عند الله اتقاكم
اذن له ان يشفع لعمه لان عمه نصره , ودافع عنه وحصر معه في الشعاب وصبر على أذى قريش واعلن في قصائده المشهورة ان الرسول حق , قال
ولقد علمت ان دين محمد من خير اديان البرية دينا
لولا الملامة واحضار المسبة لرأتني سمحا بذلك مبينا

وقال
ولقد علموا ان ابننا لا مكذب لدينا ولا يعنى بقول الاباطل
سبحان الله اذنفهو صادق , هذا الكلام حصل له من الذود عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والدفاع عنه وحمايته , لهذا أذن الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم ان يشفع لعمه شفاعة ليست لاخراجه من النار , وانما لتخفيف العذاب عنه لانه ذب عن دين الاسلام وعن رسول الله عليه الصلاة والسلام , وليس لانه عم الرسول , عم الرسول الثاني ابو لهب انزل الله فيه آيه نتقرب الى الله تعالى بتلاوتها , وتقرأ في الصلوات , لانه ما فيه خير ولا نصر رسول الله بل قام ضد دعوته .
فالمهم نحن اطلنا في هذا ليتبين ان الامر هو امر الله , وان الله لا ينظر الى الانساب ولا الى القرابات , وكفى بذلك عزا وسلطانا لرب العالمين ان يكون ابن الكافر نبيه , ابراهيم عليه الصلاة والسلام ابوه كافر , حتى النبي لما امره بالتغيير قال له : ان لم تنته لارجمنك بالحجارة , وانا اعجب من بعض الناس من يقول ان هذا عم ابراهيم عليه السلام وليس اباه , لان العم يطلق عليه اب كما في قوله تعالى :
-( واتبعت ملة آبائي إبراهيم وإسحاق ويعقوب ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن أكثر الناس لا يشكرون )- [يوسف/38]

وهم اسحاق ويعقوب اعمامه , نقول نعم اذا كان عن طريق الاشتراك لا باس
لكن اما ان يسنى العم ابا ويصرح به , فهذا كذب على اللغة العربية , وما يهمنا نحن اذا كان ابا محمد او ابا ابراهيم كافرا هل يهمنا شي ؟ هل يضر الرسول شيئا , بل هو مما يدل على عظمة الله انه يخرج اصبياء الخلق من اراذل الخلق , في الكفر , لكن الحمد لله مسألة الخنا والاخلاق السافلة , هذا لا يوجد ولله الحمد لا في ابراهيم ولا محمد عليهما الصلاة والسلام , يعني انه ليس فيهم من تجرأ على الزنا والعياذ بالله , ابدا هم طاهرون مطهرون , لكن مسالة الكفر والايمان .
اذا قال احدهم لآخر : يا كافر , كم جلدة حده ؟
لا حد فيها . يضرب جلدات ليردع عن هذا القول , لكن لو قال يا زاني , ولم تقم البينة , يجلد ثمانين جلدة .
لان عيب الناس في الزنا اعظم من عيبهم في الكفر .

بالعودة الى التفسير .
مثال ما اختلف فيه المعنيان وقدم المعنى اللغوي
قوله تعالى :
-( خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم والله سميع عليم )- [التوبة/103]

الصلاة هنا الدعاء بدليل ما رواه مسلم عن عبد الله بن أبي أوفي ، قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقة قوم ، صلى عليهم ، فأتاه أبي بصدقته فقال : " اللهم صل على آل أبي أوفي
فالرسول عليه الصلاة والسلام أشد الناس امتثالا لامر الله عز وجل , اذا جاءه الناس بصدقة قال : اللهم صل عليهم . امتثالا لامر الله , ما قال دعاء آخر مثل : الله اخلف على من أنفق , ... يقول : الله صل عليه . لان الله يقول : فصل عليهم . فاراد ان يكون دعاؤه مطابقا للفظ النص .

وامثلة ما اختلف فيه المعنيان كثيرة
السماء :
لفة هو العلو وقد يراد من السماء التي هي السقف المرفوع , وكذلك في الشرع
قال تعالى :
-( أأمنتم من في السماء )- [الملك/16]
يراد به العلو .
قال تعالى :
-( وجعلنا السماء سقفا محفوظا وهم عن آياتها معرضون )- [الأنبياء/32]

المراد هو السماء المبنية
كقوله تعالى
-( والسماء وما بناها )- [الشمس/5]
-( أأنتم أشد خلقا أم السماء بناها )- [النازعات/27]

يتبع >>>>>>>>>

إيمان مصطفى عمر
11-02-09, 03:02 PM
تابع ,,,,


المتن :


الاختلاف الوارد في التفسير المأثور


الاختلاف الوارد في التفسير المأثور على ثلاثة أقسام :


الأول : اختلاف في اللفظ دون المعنى ، فهذا لا تأثير له في معنى الآية ، مثاله قوله تعالى : (وَقَضَى رَبُّكَ أَلا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) (الإسراء :23) قال ابن عباس : قضي : أمر ، وقال مجاهد : وصي ، وقال الربيع بن انس : أوجب ، وهذه التفسيرات معناها واحد ، او متقارب فلا تأثير لهذا الاختلاف في معنى الآية .


الثاني : اختلاف في اللفظ والمعنى ، والآية تحتمل المعنيين لعدم التضاد بينهما ، فتحمل الآية عليهما ، وتفسر بهما ، ويكون الجمع بين هذا الاختلاف أن كل واحد من القولين ذكر على وجه التمثيل ، لما تعنيه الآية أو التنويع ، مثاله قوله تعالى : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ) (الأعراف:175) (وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ (الأعراف:176) قال ابن مسعود : هو رجل من بني إسرائيل ، وعن ابن عباس أنه : رجل من أهل اليمن ، وقيل : رجل من أهل البلقاء.


والجمع بين هذه الأقوال : أن تحمل الآية عليها كلها ، لأنها تحتملها من غير تضاد ، ويكون كل قول ذكر على وجه التمثيل .


ومثال آخر قوله تعالى (وَكَأْساً دِهَاقاً) (النبأ:34) قال ابن عباس : دهاقاً مملوءة ، وقال مجاهد : متتابعة ، وقال عكرمة : صافية . ولا منافاة بين هذه الأقوال ، والآية تحتملها فتحمل عليها جميعاً ويكون كل قول لنوع من المعنى .


القسم الثالث : اختلاف اللفظ والمعنى ، والآية لا تحتمل المعنيين معا للتضاد بينهما ، فتحمل الآية على الأرجح منهما بدلاله السياق أو غيره .


مثال ذلك : قوله تعالى : (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:173) قال ابن عباس : غير باغ في الميتة ولا عاد من أكله ، وقيل : غير خارج على الإمام ولا عاص بسفره والأرجح الأول لأنه لا دليل في الآية على الثاني ، ولأن المقصود بحل ما ذكر دفع الضرورة ، وهي واقعة في حال الخروج على الإمام ، وفي حال السفر المحرم وغير ذلك .


ومثال آخر قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)(البقرة: الآية 237) قال على بن أبي طالب رضي الله عنه في الذي بيده عقدة النكاح : هو الزوج ، وقال ابن عباس: هو الولي ، والراجح الأول لدلالة المعنى عليه ، ولأنه قد روي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم



شرح الشيخ :



هل هناك تفسير مأثور ؟ وتفسير بالعقل والنظر ؟


نعم موجود, فامام المفسرين بالمأثور هو ابن جرير رحمه الله


وهو على اقسام


اولا :


اختلاف باللفظ دون المعنى


هذا لا تأثير له في معنى الآية , لان الاختلاف في اللفظ مع اتفاق المعنى لا تأثير له .


لان القولان قول واحد ولا خلاف


مثال


-( وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه )- [الإسراء/23]


قال ابن عباس : قضي : أمر ، وقال مجاهد : وصي ، وقال الربيع بن انس : أوجب


هل تختلف ؟ لا الامر الاصل فيه وجوب وهو وصية من الله عز وجل



ثانيا


الاختلاف في اللفظ والمعنى


الآية تحتمل المعنيان لعدم التضاد بينهما فتحمل الآية عليهما وتفسر بهما ,


مثال


-( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين )- [الأعراف/175]


-( ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون )- [الأعراف/176]


قوله فانسلخ منها : يعني تخلى , كما ينسلخ جلد الشاة عنها عند سلخها , فأتبعه الشيطان اي اتبعه.


ولو شئنا لرفعناه بها : لان الله عز وجل يرفع بآياته


-( يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات والله بما تعملون خبير )- [المجادلة/11]


العلم يرفع بيتا لا عماد له .... والجهل يهدم بيت العز والشرف


فالله تعالى يرفع بالعلم أقواما ويضع آخرين , والرفعة تكون في الدنيا والآخرة , او في الآخرة دون الدنيا . وربما يضع به آخرين يكونون من الذين علموا الحق ولكن اشتروا به ثمنا قليلا


قال ابن مسعود هو رجل من بني اسرائيل


وعن ابن عباس قال انه رجل من اهل اليمن


وقيل انه رجل من اهل البلقاء


هل بينها تنافي ؟ ابدا , الآية تحتمل المعاني , فهنا من بني اسرائيل قد يكون في اليمن وقد يكون في الشام ...


لكن الآية تعم هذا وهذا , وكلما وجدت اتساعا للمعنى في الآية فخذ به , حتى بما هو متضاد ,


-( والليل إذا عسعس )- [التكوير/17]


-( والصبح إذا تنفس )- [التكوير/18]


عسعس : يعني اقبل او ادبر ؟


الا يمكن ان نقول انه بمعنى اقبل وادبر ؟ يمكن لانه لا منافاة


والجمع بين هذه الاقوال ان تحمل الآية عليها كلها لانها تحتملها من غير تضاد ويكون كل قول ذكر على وجه التمثيل .



ومثال آخر


قوله تعالى


-( وكأسا دهاقا )- [النبأ/34]


قال ابن عباس ان دهاقا : كاس مملوءة


وقال ابن مجاهد : متتابعة


وقال عكرمة : صافية


والمعاني مختلفة لا شك , يعني اهل الجنة يشربون كاسا دهاقا


اي مملوءا , وكلما شربوا كاسا جئ اليهم بآخر متتابع , وقال عكرمة انها صافية


ولا منافاة بين هذه الاقوال والآية تحتملها جميعا .









تابع شرح التفسير بالمأثور




المتن :




القسم الثالث :


اختلاف اللفظ والمعنى ، والآية لا تحتمل المعنيين معا للتضاد بينهما ، فتحمل الآية على الأرجح منهما بدلاله السياق أو غيره .


مثال ذلك : قوله تعالى : (إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (البقرة:173) قال ابن عباس : غير باغ في الميتة ولا عاد من أكله ، وقيل : غير خارج على الإمام ولا عاص بسفره والأرجح الأول لأنه لا دليل في الآية على الثاني ، ولأن المقصود بحل ما ذكر دفع الضرورة ، وهي واقعة في حال الخروج على الإمام ، وفي حال السفر المحرم وغير ذلك .


ومثال آخر قوله تعالى : (وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ)(البقرة: الآية 237) قال على بن أبي طالب رضي الله عنه في الذي بيده عقدة النكاح : هو الزوج ، وقال ابن عباس: هو الولي ، والراجح الأول لدلالة المعنى عليه ، ولأنه قد روي فيه حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم




شرح الشيخ :


الآن القسم الثالث , اختلاف اللفظ والمعنى والآية لا تحتمل المعنيين جميعا


يعني ان التفاسير الواردة تختلف في اللفظ والمعنى ,والآية لا يكن ان نحتمل المعنيين جميعا , فتحمل الآية على الرجح منهما بدلالة السياق او غيره . ويلفى الثاني . لان الجمع غير ممكن


قال تعالى :


-( إنما حرم عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل به لغير الله فمن اضطر غير باغ ولا عاد فلا إثم عليه إن الله غفور رحيم )- [البقرة/173]


الميتة : يستثنى منها ما ميتته طاهرة , كالسمك والجراد


الدم : يستثنى منه ما يبقى منه في اللحم والعروق بعد الزكاة الشرعية ,فانه حلال , وعلى هذا فانه لو شق القلب بعد ان زكاها زكاة شرعية واكل الدم الذي فيه فانه حلال .


ففي الحديث :


أحلت لنا الميتتان والدمان , اما الميتتان فالجار والحوت , اما الدمان فالكبد والطحال .



ولحم الخنزير : لا يستثنى منه شيئا , كله حرام .


وما اهل لغير الله به : اي ما ذكر غير اسم الله عليه , مثل ان يقول باسم المسيح او اسم محمد...


فلا يجوز


فمن اضطر : اي ألئته الضرورة الى اكل هذه المحرمات


غير باغ ولاعاد:لياكل ما يسد به رمقه اي ما تبقى فيه الحياة , ولا يزيد الا ان يخاف ان لا يجد هذا المحرم فلا باس ان يزيد على ما يسد رمقه ,


قوله فمن اضطر : هذه في قضية معينة , ولكن هناك آية عامة وهي قوله تعالى :


-( وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه )- [الأنعام/119]



هذه تقضي على كل المحرمات اذا اضطر الانسان اليها صارت حلالا


قال ابن عباس رضي الله عنهما : غير باغ : في الميتة , وغير عاد : في أكلها .


يعني غير باغ : اي غير طالب لاكل الميتة


ولاعاد : اي زائد على ما تقتضيه الحاجة .


هذا تفسير ابن عباس واذا اتاك التفسير عن ابن عباس وصح عنه فحسبك به لان الرسول صلى الله عليه وسلم دعا له ان يعلمه الله التأويل .


وقيل : غير خاج على الامام ولا عاص في سفره , وهذا القول ضعيف , والارجح الاول , لانه لا دليل في الآية على الثاني , البغاة وجودهم نادر فلا تحمل الآيات على الشئ النادر القليل الوقوع , لان المقصود بحل ما ذكر دفع الضرورة , وهي واقعة في حال الخروج على الامام وفي حال السفر المحرم وفي غير ذلك .


فان قال قائل : هل يعقل ان انسانا يطلب اكل الميتة ؟


نقول نعم , قد تكون الميتة صغيرة او سمينة فتشتاق نفسه الى هذا , ممكن هذا



الذين يقولون ان المراد بالمعنى : هو غير عاص في سفره


اذا كان الانسان عاصيا في سفره مثل ان يكون سافر للزنا او للخمر او غيره , هذا عاص في سفره , فاضطر الى الاكل والا مات , فنقل له : تب ثم كل


هل تصح هذه التوبة التي الجأت اليها الضرورة ؟ في هذا نظر , فلا تنفعه التوبة من اكل الميتة


على كل حال متى اضطر الانسان الى اكل المحرمات فليأكل سواء كان عاصيا في سفره او خارجا على الامام او غير ذلك .




مثال آخر


قوله تعالى :


-( وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن وقد فرضتم لهن فريضة فنصف ما فرضتم إلا أن يعفون أو يعفو الذي بيده عقدة النكاح وأن تعفوا أقرب للتقوى ولا تنسوا الفضل بينكم إن الله بما تعملون بصير )- [البقرة/237]



طلقتموهن :الخطاب للازواج وضمير الغيبة للنساء


فريضة : هي المهر او الصداق


فنصف ما فرضم : اي لكم ويصح عليكم


الا ان يعفون : اذن نرجح التقدير عليكم , النون هنا ضمير تعود على النساء لا يجوز ان تحذف


او يعفو الذي بيده عقدة النكاح : قال علي ابن طالب رضي الله عنه ان الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج , وقال ابن عباس : هو الولي .


كلاهما ناهيك به علما وفقها وعمقا بالفهم , فمن نرجح ؟


نرجح ما دل عليه السياق , وهو الزوج , الذين قالوا انه الزوج لان الزوج هو الذي يستطيع ان يطلق .فيحل العقد .


والذين قالوا انه الولي : قالوا انه لا يمكن ان يتزوجها الا اذا عقد له الولي وأوجب , وقال زوجتك .


ولكل وجهة نظر , لكن الراجح ان المراد به الزوج , لانه في المقابل يعفون وهن الزوجات , ولان الولي قد لا يكون له الحق ان يسقط حق المرأة , لو فرضنا ان هذا ممكنا في الاب لم يكن ممكنا في ابن العم مثلا , ابن العم لا يمكلك ان يسقط حق المرأة في صداقها , فصار تفسير علي ابن ابي طالب ارجح من وجهين , الوجه الاول : التقابل (الا ان يعفون وهن الزوجات , او يعفو الذي بيده عقدة النكاح وهو الزوج )


الوجه الثاني ( الولي لا يملك ان يسقط حق الزوجة في الصداق الا ان يكون الاب , على خلاف في هذا ايضا )


الا ان يعفون : فيعود الصداق الى الزوج كاملا


او يعفو الذي بيده عقدة النكاح : فيكون الصداق كله للزوجة .


وقد روي حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيه ان الذي بيده عقدة النكاح هو الزوج .



يتبع >>>>>>>>>>

إيمان مصطفى عمر
11-02-09, 03:06 PM
تابع .......


المتن :



ترجمه القرآن



الترجمة لغة : تطلق على معانٍ ترجع إلى البيان والإيضاح . وفي الاصطلاح : التعبير عن الكلام بلغة أخرى . وترجمة القران : التعبير عن معناه بلغة أخرى


والترجمة نوعان :


أحدهما : ترجمة حرفية ، وذلك بأن يوضع ترجمة كل كلمة بازائها .


الثاني : ترجمة معنوية ، أو تفسيرية ، وذلك بأن يعبر عن معنى الكلام بلغة أخرى من غير مراعاة المفردات والترتيب .


مثال ذلك : قوله تعالى : (إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (الزخرف:3) فالترجمة الحرفية : أن يترجم كلمات هذه الآية كلمةً كلمة فيترجم (إنا ) ثم (جعلناه) ثم (قرآنا) ثم ( عربيا) وهكذا .


والترجمة المعنوية : أن يترجم معنى الآية كلها بقطع النظر عن معنى كل كلمة وترتيبها، وهي قريبة من معنى التفسير الإجمالي .



شرح الشيخ :



اردفنا التفسير بالترجمة لان الترجمة في الحقيقة هي التفسير


وهما رضيعا لبان واحد .


الترجمة لغة : تطلق على معانٍ ترجع إلى البيان والإيضاح .


وفي الاصطلاح : التعبير عن الكلام بلغة أخرى .


مثال ذلك :


ان يترجم عربي لغة عربي الى فارسية مثلا


او فارسي يترجم اللغة الفارسية الى العربية


وترجمة القرآن هو ان يعبر عن معنا وليس عن لفظه بلغة اخرى .


والترجمة نوعان :


1" حرفية :


وذلك بأن يوضع ترجمة كل كلمة بازائها


مثل :


قال الله هذا يوم ينفع الصادقين صدقهم .


ترجم قال , الله , هذا , ....


كل كلمة



2" ترجمة معنوية او تفسيرية : وهي ان يعبر عن معنى الكلام بلغة اخرى من غير مراعاة المفردات والترتيب


مثال :


-( إنا جعلناه قرآنا عربيا لعلكم تعقلون )- [الزخرف/3]


انا جعلناه : اي القرآن اي مقروءا او قارئا يعني جامع


عربيا : بلغة العرب


لعلكم تعقلون : اي لاجل ان تعقلوه وتفهموه .


استدلت الجهمية بهذه الآية على ان القرآن مخلوق وجعلوا لهذا نظيرا , وهو قوله :


-( وجعل الظلمات والنور )- [الأنعام/1]


اي خلق الظلمات والنور


ولكنهم أخطؤوا , لانهم لا يعرفون اللغة العربية لانه جعل متعدي الاثنين بمعنى صيَّر لا غير , والمتعدي للواحد بمعنى أوجد


في الآية الاولى : جعلناه قرآنا عربيا بمعنى :الاثنين, اي صيرناه قرآنا عربيا , اي بلغة العرب


الآية الثنية : بمعنى أوجد الظلمات والنور .


لانها لم تتعدى الا لواحد



فهنا نقول في الترجمة المعنوية :


يخبر الله ان القرآن بلغة العرب من اجل ان يعقله العرب .


وقد تكون الترجمة المعنوية اطول وقد تكون اقصر


ولهذا عندما يتكلم الانسان في محاضرة ثم يأتي مترجم بعده احيانا يشك في انه يترجم الكلام , لانه في اللغة العربية يقرؤها حوالي سطر ثم ذاك ياتي بها بكلمتين .



المتن :



حكم ترجمة القرآن :


الترجمة الحرفية بالنسبة للقرآن الكريم مستحيلة عند كثير من أهل العلم ، وذلك لأنه يشترط في هذا النوع من الترجمة شروط لا يمكن تحققها معها وهي :


أ- وجود مفردات في اللغة المترجم إليها بازاء حروف اللغة المترجم منها .


ب- وجود أدوات للمعاني في اللغة المترجم إليها مساوية أو مشابهة للأدوات في اللغة المترجم منها .


ج- تماثل اللغتين المترجم منها وإليها في ترتيب الكلمات حين تركيبها في الجمل والصفات والإضافات وقال بعض العلماء : إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها في بعض آية ، أو نحوها، ولكنها وإن أمكن تحققها في نحو ذلك - محرمة لأنها لا يمكن أن تؤدي المعنى بكماله ، ولا أن تؤثر في النفوس تأثير القرآن العربي المبين ، ولا ضرورة تدعو إليها؛ للاستغناء عنها بالترجمة المعنوية .


وعلى هذا فالترجمة الحرفية إن أمكنت حسا في بعض الكلمات فهي ممنوعة شرعا ، اللهم إلا أن يترجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها ، من غير أن يترجم التركيب كله فلا بأس .



شرح الشيخ :



العلماء الذين يتكلمون في اصول التفسير يقسمون الترجمة الى حرفية ومعنوية , هو تفسير فكري نظري لا واقعي , الترجمة الحرفية مستحيلة في القرآن الكريم لا يمكن , فهي مستحيلة واقعا محرمة شرعا , لانه يشترط في هذا النوع من الترجمة شروط لا يمكن تحققها معه :


وهي :


أ- وجود مفردات في اللغة المترجم إليها بازاء حروف اللغة المترجم منها .


وهل هذا متوفر ؟ لا , قد يكون في بعض اللغات حروف مفقودة .



ب- وجود أدوات للمعاني في اللغة المترجم إليها مساوية أو مشابهة للأدوات في اللغة المترجم منها .


هل كل ادوات الاستفهام الموجودة في اللغة العربية موجودة في اللغات الاخرى ؟ وقد تكون هناك ادوات اخرى لا توجد في اللغة العربية .



ج- تماثل اللغتين المترجم منها وإليها في ترتيب الكلمات حين تركيبها في الجمل والصفات


واللغات تختلف


وقال بعض العلماء : إن الترجمة الحرفية يمكن تحققها في بعض آية ، أو نحوها، ولكنها وإن أمكن تحققها في نحو ذلك - محرمة لأنها لا يمكن أن تؤدي المعنى بكماله ، ولا أن تؤثر في النفوس تأثير القرآن العربي المبين ، ولا ضرورة تدعو إليها؛ للاستغناء عنها بالترجمة المعنوية



الا ان تنرجم كلمة خاصة بلغة من يخاطبه ليفهمها من غير ان يترجم التركيب كله فلا باس .



المتن :



وأما الترجمة المعنوية للقرآن فهي جائزة في الأصل لأنه لا محذور فيها ، وقد تجب حين تكون وسيلة إلى إبلاغ القرآن والإسلام لغير الناطقين باللغة العربية ، لأن إبلاغ ذلك واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .


لكن يشترط لجواز ذلك شروط :


الأول : أن لا تجعل بديلا عن القرآن بحيث يستغني بها عنه ، وعلى هذا فلا بد أن يكتب القرآن باللغة العربية وإلى جانبه هذه الترجمة ، لتكون كالتفسير له .


الثاني : أن يكون المترجم عالما بمدلولات الألفاظ في اللغتين المترجم منها وإليها، وما تقتضيه حسب السياق .


الثالث : أن يكون عالما بمعاني الألفاظ الشرعية في القرآن . ولا تقبل الترجمة للقرآن الكريم إلا من مأمون عليها ، بحيث يكون مسلما مستقيما في دينه .



شرح الشيخ :


الترجمة المعنوية للقرآن فهي جائزة في الأصل لأنه لا محذور فيها ، وقد تجب حين تكون وسيلة إلى إبلاغ القرآن والإسلام لغير الناطقين باللغة العربية ، لأن إبلاغ ذلك واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب .


لكن لذلك شروط:


الأول : أن لا تجعل بديلا عن القرآن بحيث يستغني بها عنه , وهذا مهم , يعني ما نترجم القرآن ترجمة معنوية ولا نكتب القرآن باللغة العربية ,لاننا لو فعلنا ذلك لكانت بدلا عن القرآن بالنسبة للناطقين بهذه اللغة وهذا ضرره عظيم


وعلى هذا فلا بد أن يكتب القرآن باللغة العربية وإلى جانبه هذه الترجمة ، لتكون كالتفسير له



الثاني : أن يكون المترجم عالما بمدلولات الألفاظ في اللغتين المترجم منها وإليها، وما تقتضيه حسب السياق, وهذا ايضا مهم , لا بد ان يعرف المعنى في اللغتين



الثالث : أن يكون عالما بمعاني الألفاظ الشرعية في القرآن , مثل ان يعلم معنى الصلاة ومعنى الزكاة والطهارة وما اشبه ذلك , لئلا يترجم هذه المعاني بمقتضى اللغة العربية فيضل


ولا تقبل ترجمة القرآن الكريم الا من مأمون عليها , بحيث يكون مسلما مستقيما في دينه.


فالكافر لا تقبل ترجمته ولا ترجمة له , ايضا غير المستقيم في الدين لا تقبل .


لان من لا يؤمَن لا يمكن ان نلقي اليه بالشريعة .



المتن :



المشتهرون بالتفسير من الصحابة


اشتهر بالتفسير جماعة من الصحابة ، ذكر السيوطي منهم : الخلفاء الأربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا رضي الله عنهم ، إلا أن الرواية عن الثلاثة الأولين لم تكن كثيرة ، لانشغالهم بالخلافة ، وقلة الحاجة إلى النقل في ذلك لكثرة العالمين بالتفسير .


ومن المشتهرين بالتفسير من الصحابة أيضا : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس ، فلنترجم لحياة على بن أبي طالب مع هذين رضي الله عنهم .



شرح الشيخ :



الذي يظهر لي ان هؤلاء الاربعة اعلم الصحابة في كل شئ : في التفسير وفي الحديث وفي الفقه ...


وانهم اكثر الصحابة أخذا عن رسول الله صلى الله عليه سلم , ولاسيما ابو بكر رضي الله عنه الذي صحبه في اسفاره وفي اقامته وكان له منزلة عالية , الان الرواية عن الثلاثة الاولين لم تكن كثيرة لاشتغالهم بالخلافة وقلة الحاجة الى النقل في ذلك لكثرة العالمين بالتفسير , وهذه نقطة مهمة , يعني لو قال قائل :


ابو هريرة رضي الله عنه , هل هو اكثر أخذا للحديث من هؤلاء؟ لا , ولا سيما مع تأخر اسلامه رضي الله عنه , لكن كثرة الرواية عنه لانه متفرغ للحديث . واما ابو بكر وعمر وعثمان فلانهم مشتغلون بالخلافة , وكما تعلمون في عهدهم الفتوحات وشؤون الدولة عظيمة جدا , ثم انهم ليسوا بحاجة لذلك لان اكثر الموجودين في ذلك الوقت ما عدا الذين اسلموا في الفتوحات كل يعرف موقعه , فلذلك قل النقل عنهم .


ومن المشتهرين بالتفسير من الصحابة أيضا : عبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس


وقد خصصنا عليا لانه أكثر من الخلفاء الثلاثة قبله .

المتن :



1- على بن أبي طالب :


هو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وزوج فاطمة رضي الله عنه وعنها ، وأول من آمن به من قرابته ، اشتهر بهذا الاسم . وكنيته أبو الحسن ، وأبو تراب .


ولد قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين ، وتربي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهد معه المشاهد كلها ، وكان صاحب اللواء في معظمها ، ولم يتخلف إلا في غزوة تبوك ، خلفه النبي صلى الله عليه وسلم في أهله ، وقال له : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي " (9) ، نقل له من المناقب والفضائل ما لم ينقل لغيره ، وهلك به طائفتان : النواصب الذين نصبوا له العداوة ، وحاولوا إخفاء مناقبه ، والروافض الذي بالغوا فيما زعموه من حبه ، وأحدثوا له من المناقب التي وضعوها ما هو في غنى عنه ، بل هو عند التأمل من المثالب .


اشتهر رضي الله عنه بالشجاعة والذكاء مع العلم والزكاء حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن ، ومن أمثلة النحويين : قضية ولا أبا حسن لها ، وروى عن علي أنه كان يقول : سلوني سلوني وسلوني عن كتاب الله تعالى ، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أنزلت بليل أو نهار ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إذا جاءنا الثبت عن علي لم نعدل به ، وروي عنه أنه قال : ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب . كان أحد أهل الشورى الذي رشحهم عمر رضي الله عنه لتعيين الخليفة ، فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف فأبى إلا بشروط لم يقبل بعضها ، ثم بايع عثمان فبايعه علي والناس ، ثم بويع بالخلافة بعد عثمان حتى قتل شهيدا في الكوفة ليلة السابع عشر من رمضان ، سنة أربعين من الهجرة رضي الله عنه .



شرح الشيخ :



1- على بن أبي طالب :


هو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم ، وزوج فاطمة رضي الله عنه وعنها ، وأول من آمن به من قرابته ، اشتهر بهذا الاسم . وكنيته أبو الحسن( لان اكبر ابنائه هو الحسن ) ، وأبو تراب ( لان النبي صلى الله عليه وسلم أتاه يوما في المسجد فوجده نائما وقد اصابه العرق ولصق التراب على جنبه , فقال : قم ابا تراب , فكان رضي الله عنه يرغب بهذه الكنية اكثر من غيرها لان الذي كناه بها رسول الله صلى الله عليه وسلم .)


عثمان رضي الله عنه هو زوج ابنة رسول الله رقية ثم ام كلثوم , تنازع رافضي وسني , في علي وابوبكر , ايهما افضل , فاتفقا على ان يحكما ابن الجوزي رحمه الله صاحب التبصرة , فقال ابن الجوزي : افضلهما من كانت ابنته تحته .


هل المعنى من كانت ابنة الرسول تحته ؟ فيكون هو علي , ام المعنى من كانت ابنته من هذين الرجلين تحت الرسول ؟ فهو ابو بكر .


فذهب الرجلان يختصمان , وتخلص ابن الجوزي منهما .



ولد قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين ،اذن بينه وبين الرسول ثلاثون سنة ,. وتربي في حجر النبي صلى الله عليه وسلم ، وشهد معه المشاهد كلها ، وكان صاحب اللواء في معظمها ، ولم يتخلف إلا في غزوة تبوك ،الغزوة كانت بعيدة في أقصى الجزيرة , على حدود الشام , خلفه النبي صلى الله عليه وسلم في أهله ،فقال علي : يارسول الله أتخلف في النساء والصبيان ؟ فقال رسول الله له : " أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى ، إلا أنه لا نبي بعدي " (9) كيف ذلك؟ لان موسى لما اراد الى ان يذهب الى ميقات ربه , خلف هارون وقال : أخلفني في قومي . وهذا الحديث من المتشابهات التي استدل بها الرافضة على عليا أحق بالخلافة من ابي بكر , ولكن لا حجة لهم , لان الرسول خلفه في حياته كما خلف موسى هارون في حياته , ولم يقل الرسول انك الخليفة بعدي بل شبهه بخلافة موسى لهارون وذلك في حياته , فلا حجة لكن هكذا اهل الباطل ياخذون بالمتشابه ويدعون المحكم .


، نقل له من المناقب والفضائل ما لم ينقل لغيره ، والسبب انه هلك به طائفتان : النواصب الذين نصبوا له العداوة ، وحاولوا إخفاء مناقبه ، والروافض الذي بالغوا فيما زعموه من حبه ، وأحدثوا له من المناقب التي وضعوها ما هو في غنى عنه ، بل هو عند التأمل من المثالب


هذه المناقب التي وضعها له الرافضة هو في غنى عنها لانه له من المناقب الصحيحة ما يغني عنها , وربما تكون من المثالب , ذكروا من المناقب انه يصلي بين المغرب والعشاء الف ركعة , قال لهم شيخ الاسلام : اما تستحون , اذا كان يصلي بين المغرب والعشاء الف ركعة فكيف يقرأ وكيف يركع وكيف يطمئن , هل هذه منقبة ام مثلبة لو صحت ؟ مثلبة , ولكننا نحاشي امير المؤمنين عليا عن مثل هذا التلاعب . .


اشتهر رضي الله عنه بالشجاعة والذكاء مع العلم والزكاء فهو اشد الناس قوة وشجاعة وعلما حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه ليتعوذ من معضلة ليس لها أبو حسن ،وهذا يدل على علمه وذكائه. ومن أمثلة النحويين : قضية ولا أبا حسن لها ،راجعوا شرح ابن عقيل الألفية . يعني هذه قضية ليس لها ابو الحسن . وروى عن علي أنه كان يقول : سلوني سلوني وسلوني عن كتاب الله تعالى ، فوالله ما من آية إلا وأنا أعلم أنزلت بليل أو نهار .


وقال ابن عباس رضي الله عنهما : إذا جاءنا الثبت عن علي لم نعدل به .


وروي عنه أنه قال : ما أخذت من تفسير القرآن فعن علي بن أبي طالب .


كان أحد أهل الشورى الذين رشحهم عمر رضي الله عنه لتعيين الخليفة ، فعرضها عليه عبد الرحمن بن عوف فأبى إلا بشروط لم يقبل بعضها ، ثم بايع عثمان فبايعه علي والناس ، ثم بويع بالخلافة بعد عثمان حتى قتل شهيدا في الكوفة ليلة السابع عشر من رمضان ، سنة أربعين من الهجرة رضي الله عنه.



المتن:


2- عبد الله بن مسعود :


هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهزلي ، وأمه أم عبد كان ينسب إليها أحيانا (10) ، وكان من السابقين الأولين في الإسلام ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا ، وما بعدها من المشاهد .


تلقى من النبي صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة من القرآن ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام : " إنك لغلام معلم " (11) ، وقال : " من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد "(12) ، وفي " صحيح البخاري " (13) أن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله ، وقال: والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا ,أنا أعلم فيمن أنزلت ، ولو أعلم أحدا أعلم منى بكتاب


الله تبلغه الإبل لركبت إليه ، وكان ممن خدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان صاحب نعليه وطهوره ووساده حتى قال أبو موسى الأشعري : قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا ما نرى عبدالله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم (14) ، ومن أجل ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم تأثر به وبهديه ، حتى قال فيه حذيفة : ما أعرف أحدا أقرب هديا وسمتا ودلا بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد(15) .


بعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة ، ليعلمهم أمور دينهم ، وبعث عمارا أميراً وقال : إنهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فأقتدوا بهما ، ثم أمره عثمان على الكوفة ، ثم عزله ، وأمره بالرجوع إلى المدينة ، فتوفي فيها سنة اثنتين وثلاثين ، ودفن بالبقيع وهو ابن بضع وسبعين سنة .



شرح الشيخ :



هو عبد الله بن مسعود بن غافل الهزلي ، وأمه أم عبد كان ينسب إليها أحيانا ، وكان من السابقين الأولين في الإسلام ، وهاجر الهجرتين ، وشهد بدرا ، وما بعدها من المشاهد .


تلقى من النبي صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة من القرآن ، وقال له النبي صلى الله عليه وسلم في أول الإسلام : " إنك لغلام معلم " يعني ملهم وفاهم ،


وقال : " من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد "(12) ،


وفي " صحيح البخاري " أن ابن مسعود رضي الله عنه قال : لقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أني من أعلمهم بكتاب الله ، وقال: والله الذي لا إله غيره ما أنزلت سورة من كتاب الله إلا وأنا أعلم أين نزلت ، ولا أنزلت آية من كتاب الله إلا وأنا أعلم فيمن أنزلت ، ولو أعلم أحدا اعلم مني بكتاب الله تبلغه الإبل لركبت إليه


علم عظيم في كتاب الله عز وجل , وقوله لو اعلم احدا اعلممني .... هو لا يريد ان يزكي نفسه لكن يريد ان يبين انه وان بلغ هذا الحد فنه لم يبلغ العم وانه لو علم احدا اعلم منه لركب اليه ولو كانت الابل تبلغه , وهذا يقع كثيرا حتى من العلماء , ابن مالك مدح الالفية , قال


تقرب الاقصى بلفظ منزل


وتبسط البذل بواد منجز


وتقتضي رضا بغير سخط


فائقة الفية ابن ...


وهو بسبق حائز تفضيلا


مستوجب ثنائي الجميلا


والله يقضي بهبات وافرة


لي وله في درجات الآخرة



بعضهم قال ان ابن مالك أخطا , لماذا قال : لي وله , لماذا لم يقل وللمسلمين ؟


سبحان الله , الم تعلموا ان موسى قال : اللهم اغفر لي ولأخي , الم تعلموا ان الرسول عليه الصلاة والسلام احيانا يدعو لنفسه وحده ,


الاعرابي قال : اللهم ارحمني ومحمدا , ولاترحم معنا احدا


ام ابن مالك قال لي وله ولم يقل ولا تهب للمسلمين .



المهم ان الانسان اذا قصد بما يتحدث به عن نفسه حث الناس على العلم , وترغيبهم في ذلك فلا حرج عليه والله تعالى اعلم بالنيات .


وكان ممن خدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان صاحب نعليه وطهوره ووساده


صاحب نعليه : يعني يحمل النعلين اذا استغنى عنهما النبي صلى الله عليه وسلم .


وطهوره : اي الماء الذي يتطهر به الرسول عليه الصلاة والسلام


ووساده : اي الوسادة التي يتكأ عليها


حتى قال أبو موسى الأشعري : قدمت أنا وأخي من اليمن فمكثنا حينا ما نرى الا ان عبدالله بن مسعود رجل من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم لما نرى من دخوله ودخول أمه على النبي صلى الله عليه وسلم (14) ،


ومن أجل ملازمته النبي صلى الله عليه وسلم تأثر به وبهديه ، حتى قال فيه حذيفة : ما أعرف أحدا أقرب هديا وسمتا ودلا بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد


ولقد صدق حذيفة , تاتي الآن آثار عن ابن مسعود , تقول انها خارجة من مشكاة النبوة


كلامه رضي الله عنه يوشك ان يقول الانسان انه من كلام الرسول عليه الصلاة والسلام


بعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة ، ليعلمهم أمور دينهم ، وبعث عمارا أميراً وقال : إنهما من النجباء من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ، فأقتدوا بهما ، ثم أمّره عثمان على الكوفة ، ثم عزله ، وأمره بالرجوع إلى المدينة ، فتوفي فيها سنة اثنتين وثلاثين هـ ، ودفن بالبقيع وهو ابن بضع وسبعين سنة .


عبد الله بن العباس


هو ابن عم الرسول صلى الله عليه وسلم , ولد قبل الهجرة بثلاث سنين , يعني كم عمر الرسول , خمسون سنة .




تابع في الشريط الخامس

إيمان مصطفى عمر
13-02-09, 12:51 AM
الشريط الخامس :

بسم الله الرحمن الرحيم


المتن :

- عبد الله بن عباس :

هو ابن عم الرسول الله صلى الله عليه وسلم ولد قبل الهجرة بثلاث سنين لازم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ابن عمه، وخالته ميمونة تحت النبي صلى الله عليه وسلم ، وضمّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال : اللهم علمه الحكمة، وفي رواية : الكتاب (16) ، وقال له حين وضع له وضوءه : اللهم فقه في الدين (17) ، فكان بهذا الدعاء المبارك حبر الأمة في نشر التفسير والفقه ، حيث وفقه الله تعالى للحرص على العلم والجد في طلبه والصبر على تلقيه وبذله ، فنال بذلك مكانا عاليا حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يدعوه إلى مجالسه ويأخذ بقوله، فقال المهاجرون : ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ ! فقال لهم : ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول ، ثم دعاهم ذات يوم فأدخله معهم ليريهم منه ما رآه ، فقال عمر : ما تقولون في قول الله تعالى : (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) (النصر:1) حتى ختم السورة ، فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا فتح علينا ، وسكت بعضهم ، فقال عمر لابن عباس : أكذلك تقول ؟ قال : لا ، قال : فما تقول؟ قال : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أعلمه الله له إذا جاء نصر الله ، والفتح فتح مكة ، فذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك ، واستغفره إنه كان توابا ، قال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم ، وقال ابن مسعود رضي الله عنه : لنعم ترجمان القرآن ابن عباس ، لو أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد ، أي ما كان نظيرا له ، هذا مع أن ابن عباس عاش بعده ستا وثلاثين سنة ، فما ظنك بما اكتسب بعده من العلم .

وقال ابن عمر لسائل سأله عن آية : انطلق إلى ابن عباس فاسأله فإنه اعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ، وقال عطاء : ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس فقها وأعظم خشية ، إن أصحاب الفقه عنده ، وأصحاب القرآن عنده ، وأصحاب الشعر عنده ، يصدرهم كلهم من واد واسع .

وقال أبو وائل : خطبنا ابن عباس وهو على الموسم ( أي وال على موسم الحج من عثمان رضي الله عنه ) فافتتح سورة النور نجعل يقرأ ويفسر ، فجعلت أقول ما رأيت، ولا سمعت كلام رجل مثله ، ولو سمعته فارس والروم والترك لأسلمت ، ولاه عثمان على موسم الحج سنة 35 وولاه علي على البصرة فلما قتل مضى إلى الحجاز ، فأقام في مكة ، ثم خرج منها إلى الطائف فمات فيها سنة ثمان وستين عن إحدى وسبعين سنة .

شرح الشيخ :
هو ابن عم الرسول الله صلى الله عليه وسلم ولد قبل الهجرة بثلاث سنين, يعني كم كان عمر الرسول عليه الصلاة والسلام ؟
خمسون سنة .
لازم النبي صلى الله عليه وسلم لأنه ابن عمه، وخالته ميمونة تحت النبي صلى الله عليه وسلم ، وضمّه النبي صلى الله عليه وسلم إلى صدره وقال : اللهم علمه الحكمة، وفي رواية : الكتاب ، وقال له حين وضع له وضوءه :
اللهم فقه في الدين
فكان بهذا الدعاء المبارك حبر الأمة أو حبر الامة (بكسر الميم )
يقال انها مثلثة ( الحاء )
حُبر - حَبر - حِبر .
والأكثر : فتح الحاء .
فكان حبر الامة في نشر التفسير والفقه ، حيث وفقه الله تعالى للحرص على العلم والجد في طلبه والصبر على تلقيه وبذله ، فنال بذلك مكانا عاليا حتى كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب يدعوه إلى مجالسه ويأخذ بقوله، فقال المهاجرون : ألا تدعو أبناءنا كما تدعو ابن عباس؟ ! فقال لهم : ذاكم فتى الكهول له لسان سؤول وقلب عقول
الكهول : الذين بلغوا من الكبر شوطا بعيدا , فهو فتاهم , وان كان صغيرا فهو بمنزلة الكهول ,
له لسان سؤول : اي كثير السؤال , لكن فيما ينفع لا فيما يعنت الناس ويعجزهم .
وله قلب عقول : اي يعقل ويفهم .

، ثم دعاهم ذات يوم فأدخله معهم ليريهم منه ما رآه ، فقال عمر : ما تقولون في قول الله تعالى : (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ) (النصر:1) حتى ختم السورة ، فقال بعضهم : أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا فتح علينا ، وسكت بعضهم ، فقال عمر لابن عباس : أكذلك تقول ؟ قال : لا ، قال : فما تقول؟ قال : هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أعلمه الله له إذا جاء نصر الله ، والفتح فتح مكة ، فذلك علامة أجلك فسبح بحمد ربك ، واستغفره إنه كان توابا ، قال عمر : ما أعلم منها إلا ما تعلم .
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : لنعم ترجمان القرآن ابن عباس ، لو أدرك أسناننا ما عاشره منا أحد ، أي ما كان نظيرا له ، هذه شهادة ابن مسعود , وقد مات قبل ان يبلغ ابن عباس من العلم والفقه ما بلغ ,
هذا مع أن ابن عباس عاش بعده ستا وثلاثين سنة ، فما ظنك بما اكتسب بعده من العلم .
وقال ابن عمر لسائل سأله عن آية : انطلق إلى ابن عباس فاسأله فإنه اعلم من بقي بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ،
وقال عطاء : ما رأيت قط أكرم من مجلس ابن عباس فقها وأعظم خشية ، إن أصحاب الفقه عنده ، وأصحاب القرآن عنده ، وأصحاب الشعر عنده ، يصدرهم كلهم من واد واسع .
هذه لا شك من كرامات الله عز وجل يختص بها من يشاء ,
وقال أبو وائل : خطبنا ابن عباس وهو على الموسم ( أي وال على موسم الحج من عثمان رضي الله عنه ) فافتتح سورة النور نجعل يقرأ ويفسر ، فجعلت أقول ما رأيت، ولا سمعت كلام رجل مثله ، ولو سمعته فارس والروم والترك لأسلمت ،من وقة تأثيره ,
ولاه عثمان على موسم الحج سنة 35 وولاه علي على البصرة فلما قتل( علي ) مضى إلى الحجاز ، فأقام في مكة ، ثم خرج منها إلى الطائف فمات فيها سنة ثمان وستين عن إحدى وسبعين سنة .

هذا العلم الغزير , وهذه الروايات عن النبي صلى الله عليه وسلم من هذا الرجل الذي وفقه الله عز وجل
مات في الطائف وقبره يقال انه في المكان الذي يسمى مسجد ابن عباس , مشهور , في وسط الطائف , والله أعلم .




المتن :
المشتهرون بالتفسير من التابعين



اشتهر بالتفسير من التابعين كثيرون فمنهم :

أ- أهل مكة وهم أتباع ابن عباس كمجاهد وعكرمة وعطاء بن أبي رباح .

ب- أهل المدينة وهم اتباع أبي بن كعب ، كزيد بن أسلم وأبي العالية ومحمد بن كعب القرظي .

ج- أهل الكوفة وهم أتباع ابن مسعود ، كقتادة وعلقمة ، والشعبي . فلنترجم لحياة اثنين من هؤلاء : مجاهد وقتادة .


شرح الشيخ :


اشتهر بالتفسير من التابعين كثيرون فمنهم :

أ- أهل مكة وهم أتباع ابن عباس كمجاهد وعكرمة وعطاء بن أبي رباح . واشتهر هذا الثالث بفقه الحج حتى كان مرجع الناس في ذلك رحمه الله .

ب- أهل المدينة وهم اتباع أبي بن كعب ، كزيد بن أسلم وأبي العالية ومحمد بن كعب القرظي .

ج- أهل الكوفة وهم أتباع ابن مسعود ، كقتادة وعلقمة ، والشعبي . فلنترجم لحياة اثنين من هؤلاء : مجاهد وقتادة .



المتن :
1- مجاهد :

هو مجاهد بن جبر المكي مولى السائب بن أبى السائب المخزومي ولد سنة إحدى وعشرين من الهجرة ، وأخذ تفسير القرآن عن ابن عباس رضي الله عنهما ، روى ابن إسحاق عنه أنه قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عنها ، وكان سفيان الثوري يقول : إذا جاءت التفسير عن مجاهد فحسبك به، واعتمد تفسيره الشافعي والبخاري وكان كثيرا ما ينقل عنه في " صحيحه" وقال الذهبي في آخر ترجمته : أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به ، توفي في مكة وهو ساجد سنة أربع ومائة ، عن ثلاث وثمانين سنة .

قتادة :

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ولد أكمة أي أعمي سنة إحدى وستين ، وجد في طلب العلم ، وكان له حافظة قوية حتى قال في نفسه : ما قلت لمحدث قط أعد لي ، وما سمعت أذناي شيئا قط إلا وعاه قلبي ، وذكره الإمام أحمد فأطنب في ذكره فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير ووصفه بالحفظ والفقه ، وقال : قلما تجد من يتقدمه أما المثل فلعل ، وقال : هو أحفظ أهل البصرة، لم يسمع شيئا إلا حفظه ، وتوفي في واسط سنة سبع عشرة ومائة ، عن ستة وخمسين سنة .

شرح الشيخ :

1- مجاهد :

هو مجاهد بن جبر المكي مولى السائب بن أبى السائب المخزومي ولد سنة إحدى وعشرين من الهجرة ، وأخذ تفسير القرآن عن ابن عباس رضي الله عنهما ، روى ابن إسحاق عنه أنه قال : عرضت المصحف على ابن عباس ثلاث عرضات من فاتحته إلى خاتمته أوقفه عند كل آية وأسأله عنها ، وكان سفيان الثوري يقول : إذا جاءت التفسير عن مجاهد فحسبك به، واعتمد تفسيره الشافعي والبخاري وكان كثيرا ما ينقل عنه في " صحيحه"
وقال الذهبي في آخر ترجمته : أجمعت الأمة على إمامة مجاهد والاحتجاج به ، توفي في مكة وهو ساجد سنة أربع ومائة ، عن ثلاث وثمانين سنة .
نعم الرجال , اللهم ارضى عنهم .

قتادة :

هو قتادة بن دعامة السدوسي البصري ولد أكمه أي أعمي سنة إحدى وستين ،
سبحان الله , اعمى , مع هذا العلم الكثير عنده .
وجد في طلب العلم ، وكان له حافظة قوية حتى قال في نفسه : ما قلت لمحدث قط أعد لي ، وما سمعت أذناي شيئا قط إلا وعاه قلبي ، وذكره الإمام أحمد فأطنب في ذكره فجعل ينشر من علمه وفقهه ومعرفته بالاختلاف والتفسير ووصفه بالحفظ والفقه ، وقال : قلما تجد من يتقدمه أما المثل فلعل ،
من القائل ؟ احمد بن حنبل .
يقول : قلما تجد من يتقدمه , اما المثل ان يكون مثله , فلعل .
وقال : هو أحفظ أهل البصرة، لم يسمع شيئا إلا حفظه ، وتوفي في واسط سنة سبع عشرة ومائة ، عن ستة وخمسين سنة .
صغير رحمه الله.
هؤلاء من أئمة التفسير من الصحابة والتابعين ,رضي الله عنهم وألحقنا بآثارهم
انه على كل شئ قدير .


يتبع >>>>>>>>>>

إيمان مصطفى عمر
13-02-09, 12:55 AM
المتن :


القرآن محكم ومتشابه



يتنوع القرآن الكريم باعتبار الإحكام والتشابه إلى ثلاثة أنواع :



النوع الأول : الإحكام العام الذي وصف به القرآن كله ،


مثل قوله تعالى : ( كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ)(هود: الآية 1)


وقوله (الر تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْحَكِيمِ) (يونس:1)


وقوله (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ) (الزخرف:4) .



ومعنى هذا الإحكام الإتقان والجودة في ألفاظه ومعانيه فهو في غاية الفصاحة والبلاغة ، أخباره كلها صدق نافعة ، ليس فيها كذب ، ولا تناقض ، ولا لغو لا خير فيه ، وأحكامه كلها عدل وحكمه , ليس فيها جور ولا تعارض ولا حكم سفيه .



شرح الشيخ :



القرآن محكم ومتشابه :


النوع الاول :


احكام عام : بمعنى انه وصف به كل القرآن , مثل قوله تعالى :


-( الر كتاب أحكمت آياته ثم فصلت من لدن حكيم خبير )- [هود/1]


احكمت : أتقنت , أجملت, بدليل قوله : (( ثم فصلت ))


والتفصيل جعله الله تعالى مقابلا للاحكام ,


ولكن مع ذلك حق على هذا الرأي لا يمنع ان يكون المحكم..... فيكون محكما على سبيل الاجمال , والاتقان ومفصل ايضا .


من لدن حكيم خبير : وهو الله عز وجل


حكيم : ذو حكمة بالغة


خبير : اي ذو علم ببواطن الأمور , والعالم ببواطن الامور عالم بظواهرها .


وقوله تعالى :


-( تلك آيات الكتاب الحكيم )- [لقمان/2]


اي المحكم , وهذا واضح انه عام لكل القرآن


وهنا بحث في (( الر )) هذه الحروف هجائية , هل لها معنى في ذاتها ؟ لا , لان القرآن بلسان عربي , لا يرون للحروف الهجائية معنى بذاتها , لكن لها مغزى, وهوان هذا القرآن الذي أعجز العرب لم يأت بجديد عليهم بل أتى بما يركبون منه كلامهم , وهي الحروف , ومع هذا عجزوا ان يأتوا بمثله .


حتى ان مسيلمة الكذاب وغيره ممن ادعوا النبوة ارادوا ان يأتوا بمثله فأتوا بضحكة مجانية , كل من قرأ ما زعموا انه قرآنا , فانه يضحك منهم .


يقول عز وجل :


-( وإنه في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم )- [الزخرف/4]


اي عندنا , علي : ذو علو وارتفاع , وكل من أخذ بهذا القرىن فسيكون له علو ,


حكيم : ذو حكم .


فهو جامع بين العلو وبين الحكم والسلطان .


الشاهد قوله : حكيم : اي محكم , وحكيم : بمعنى حاكم اي عال على غيره .


ومعنى هذا الاحكام : الاتقان والجودة في ألفاظه ومعانيه , بدون استثناء .


فهو في غاية الفصاحة والبلاغة ,اخباره كلها صدق نافعة ليس فيها كذب , ولا تناقض , ولا لغو لا خير فيه .


وهذا يشمل كل آيات القرآن , واحكامه كلها عدل وحكمة ليس فيها جور ولا تعارض ولا حكم سفيه.


ولهذا قال تعالى :


-( وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم )- [الأنعام/115]


صدقا بالاخبار


وعدلا في الاحكام


هذا لا اشكال فيه , القرآن كله محكم متقن في غاية ما يكون من الجودة والفصاحة .



المتن :



النوع الثاني : التشابه العام الذي وصف به القرآن كله ، مثل قوله تعالى : (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَاباً مُتَشَابِهاً مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ) (الزمر:23) ومعنى هذا التشابه ، أن القرآن كله يشبه بعضه بعضا في الكمال والجودة والغايات الحميدة ( وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية 82)

شرح الشيخ :



التشابه العام الذي وصف به القرآن كله ، مثل قوله تعالى:


-( الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها مثاني تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله ذلك هدى الله يهدي به من يشاء ومن يضلل الله فما له من هاد )- [الزمر/23]



وهو القرآن , لان القرآن احسن الحديث في صدقه وفصاحته وعدله وغير ذلك .


كتابا متشابها : هذا بدل من أحسن .


مثاني : اي تثنى فيه المعاني والأحكام , مثلا تجد الله عز وجل في كتابه العزيز , اذا ذكر ثواب المؤمنين ذكر عقاب المجرمين , وأقرأ المطففين :


كتاب الفجار - كتاب الأبرار .


ثواب هؤلاء وثواب هؤلاء .


ايضا مثاني بالنسبة لصفات الخلق :


-( هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن والله بما تعملون بصير )- [التغابن/2]


وقس على هذا .


تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم : اي تقشعر خوفا وتعظيما , ثم تلين جلودهم وقلوبهم الى ذكر الله .


ومعنى هذا التشابه : اي ان القرآن كله يشبه بعضه بعضا في الكمال والجودة والغايات الحميدة . ولو كان من عند غير اللع لوجدوا فيه اختلافا كثيرا .


وهذان القسمان : الاحكام العام والاحكام الخاص : لا اشكال فيهما ولا منازعة , قد اتفق الناس عليه ,


النوع الثالث هو المعترك .



المتن :


النوع الثالث : الإحكام الخاص ببعضه ، والتشابه الخاص ببعضه ، مثل قوله تعالى : (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (آل عمران:7) .



ومعنى هذا الإحكام أن يكون معنى الآية واضحا جليا ، لا خفاء فيه ، مثل قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا) (الحجرات:13)، وقوله: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة:21) وقوله : ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ)(البقرة: الآية 275) وقوله (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ )(المائدة: الآية 3) وأمثال ذلك كثيرة .



ومعنى هذا التشابه : أن يكون معنى الآية مشتبها خفيا بحيث يتوهم منه الواهم ما لا يليق بالله تعالى ، أو كتابه أو رسوله ، ويفهم منه العالم الراسخ في العلم خلاف ذلك .



مثاله : فيما يتعلق بالله تعالى ، أن يتوهم واهم من قوله تعالى : (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)(المائدة: الآية 64) أن لله يدين مماثلتين لأيدي المخلوقين .



ومثاله فيما يتعلق بكتاب الله تعالى ، أن يتوهم واهم تناقض القرآن وتكذيب بعضه بعضا حين يقول : (مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ )(النساء: الآية 79) ويقول في موضع آخر : ( وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُل كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ)(النساء: الآية 78)



ومثاله فيما يتعلق برسول الله ، أن يتوهم واهم من قوله تعالى (فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ فَاسْأَلِ الَّذِينَ يَقْرَأُونَ الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكَ لَقَدْ جَاءَكَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) (يونس:94) ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان شاكا فيما أنزل إليه .



شرح الشيخ :



هذا النوع الاحكام الخاص في بعضه والتشابه الخاص في بعضه , يعني ان بعضه متشابه وبعضه محكم , مثل قوله تعالى :


-( هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات )- [آل عمران/7]


منه : من هنا معناها التبين .


وأخر متشابها : تختلف غير واضحة



-( فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب )- [آل عمران/7]


فاما الذين في قلوبهم زيغ : نحن نعلم ان (اما ) حرف تفصيل , فأين المفصل ؟


الذين في قلوبهم زيغ , والراسخون في العلم ثانيا , ولهذا قدره بعض الناس فقالوا : واما الراسخون في العلم .


اذا انقسم الناس بهذا الى قسمين :


قسم في قلوبهم زيغ : اي ميل عن الهدى والحق , فيتبعون ما تشابه منه : اي يتطلبون الآيات المتشابهة ويلقونها ليشبهوا على الناس , ابتغاء الفتنة : اي ابتغاء رد الناس عن الحق , والفتنة تاتي بمعان منها : الصد عن سبيل الله , قال تعالى :


-( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )- [البروج/10]


ايضا في ابتغاء تأويله : اي طلب تأويله اي تفسيره على ما يريدون , لا على ما يريده الله عز وجل .


وما يعلم تأويله الا الله والراسخون في العلم : في هذه الجملة اختلف السلف والخلف على انه هل يوقف على (الا الله ) او نوصل ويقال ( الا الله والراسخون في العلم )


فيها قراءتان , وأكثر السلف على قراءة الفصل , يعني نقول : ( وما يعلم تأويله الا الله ) نقف , ثم نقول والراسخون في العلم تكون مبتدأ , وجمله يقولون خبر , وبعض السلف يصل , يعني وما يعلم تأويله الا الله والراسخون : ايضا يعلمون , وتكونجمله يقولون حالا من الراسخين في العلم , اي في موضع النصب , ( كل من عند الله) وما يكون من عند الله فلن يكون فيه اختلاف , ويحمل المتشابه على المحكم فيقضي به الجميع محكما .


قال تعالى :


-( يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب )- [البقرة/269]



لا يتذكر بالقرآن ومواعظه الا اصحاب العقول , لقوله تعالى


-( كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب )- [ص/29]


ومعنى هذا الاحكام , ان يكون معنى الآية واضحا جليا لا خفاء فيه , اذن الاحكام هنا غير الاحكام السابق , الاحكام هنا يعني الوضوح والبيان الذي لا اشكال فيه , مثل قوله تعالى :


-( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم إن الله عليم خبير )- [الحجرات/13]


وقوله :


-( يا أيها الناس اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم لعلكم تتقون )- [البقرة/21]


وقوله :


-( وأحل الله البيع وحرم الربا )- [البقرة/275]


والأمثلة كثيرة .


هذا نسميه محكما واضح المعنى , هذا الاحكام الخاص يعني الذي يختص ببعض القرآن .


ومعنى هذا التشابه ان يكون معنى الآية مشتبها خفيا , بحيث يتوهم منه الواهم ما لا يليق بالله تعالى او كتابه او رسوله , ويفهم منع العالم الراسخ في العلم خلاف ذلك .


يكون المعنى خفيا فيفهم منه الذي في قلبه زيغ معنى , ويفهم الراسخ في العلم معنى آخر ,


فان قال قائل : ما الحكمة من وجود هذا في القرآن الكريم ؟


قيل الحكمة : الامتحان واختبار العباد , هل يردون المتشابه الى المحكم , او بالعكس , ولهذا يحصل النزاع بين العلماء في معنى هذه الآيات المتشابهة . فهذه الحكمة من كون بعضه متشابها وبعضه محكما .


مثاله فيما يتعلق بالله تعالى ان يتوهم واهم من قوله تعالى :


-( بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء )- [المائدة/64]


ان لله يدين مماثلتين لأيدي الخلوقين , هذا من المتشابه , من قال انه متشابه , الممثلة .


بعض الناس قال بالعكس , قال ان ليس لله يدين حقيقيتين , ولكن المراد باليدين النعمة , اي لله نعمتين , مبسوطتين . كيف نعمتين ؟ ان الله يقول :


-( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم )- [النحل/18]


قالوا : نعمتان باعتبار الجنس , اي نعمة الدين ونعمة الدنيا , وان كان كانت لا تعد , فيقال هذا من المتشابه .


ولهذا انقسم الناس فيه الى ثلاث اقسام , قسم مثل وقسم عطل وقسم اثبت مع نفي التنفيذ .


ايهم أخذ بالدلي ؟ الثالث , لان الذي اخبرنا ان له يدان هو الله عز وجل , وهو اعلم بنفسه وبغيره , وهو اعلمنا انه لا ند له , ولهذا ضل من ضل من الخلق بهذا .


مثال آخر بما يتعلق بكتاب الله , ان يتوهم واهم تناقض القرآن وتكذيب بعضه بعضا , حين يقول :


-( ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك )- [النساء/79]


اذن قسم الله عز وجل المصائب الى حسنة وسيئة


الحسنة من الله والسيئة من الانسان ,


وقوله تعالى :


-( وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا )- [النساء/78]


الحسنة والسيئة كل من عند الله


يقول القائل : هذا تناقض ,ويرد.


ولهذا أمثلة كثيرة


ذكر الله ان يوم القيامة تسود وجوه وتبيض وجوه , وذكر ان المجرمين يحشرون زرق ,


يقول قائل : اسود وازرق , كيف ؟ تناقض .


نقول :


اما الآية الاولى :فالمراد من قوله وما اصابك من سيئة فمن نفسك : يعني انك انت السبب , ويدل لهذا قوله تعالى :


-( وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير )- [الشورى/30]


واما الحسنة فهي فضل من الله عز وجل , تفضل بها عليك , وليس لك حق على ربك ان يتفضل عليك .


الآن هل حصل تناقض او لا ؟ لا طبعا , فما اصابك من حسنة فمن الله باعتبار ايجادها , والتفضل بها


وما اصابك من سيئة فمن نفسك فباعتبار السبب , يعني انك انت السبب .


وفي المثال الذي ذكرنا يوم القيامة وجوه سود وزرق ,


نقول :


كم يوم القيامة من وقت ؟ خمسون ألف سنة , تتغير الأمور في هذه الخمسين , تتغير , من زرقة الى سواد او من سواد الى زرقة , وبعضهم قال , ان الأزرق الشديد الزرقة يميل الى السواد .


والله أعلم .



ومثاله فيما يتعلق برسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتوهم واهم من قوله تعالى :


-( فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك فاسأل الذين يقرؤون الكتاب من قبلك لقد جاءك الحق من ربك فلا تكونن من الممترين )- [يونس/94]


يتوهم ان النبي كان شاكا فيما أنزل اليه , وهذه وصمة عظيمة , ان كنت في شك فاسأل ...


ومن المعلوم ان النبي صلى الله عليه وسلم لم يشك ولا يمكن ان يشك وقد شهد الله له بالايمان , في قوله تعالى :


-( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير )- [البقرة/285]



ما موقف الزائغين من هذه الآيات ؟


انهم يتبعون المهلكات , فيقولون في المثال الاول , ان الله تعالى له يدان مماثلتان لأيدي المخلوقين , وفي الثاني يقولون ان القرآن متناقض وفي الثالث يقولون ان محمدا شاك ....


فيطعنون بالله والقرآن وفي الرسول ,


إن موقف الراسخين في العلم من المتشابه وموقف الزائغين منه بينه الله تعالى فقال في الزائغين : (فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ)(آل عمران: الآية 7)


ابتغاء : اي طلب


الفتنة : الصد عن الحق ,


التأويل : التفسير على ما يريدون ,



وقال في الراسخين في العلم :


( وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا)(آل عمران: الآية 7)


فالزائغون يتخذون من هذه الآيات المشتبهات وسيلة للطعن في كتاب الله ، وفتنة الناس عنه ، وتأويله لغير ما أراد الله تعالى به ، فيَضِلُون ، ويُضِلُون


وأما الراسخون في العلم يؤمنون بأن ما جاء في كتاب الله تعالى فهو حق وليس فيه اختلاف ولا تناقض لأنه من عند الله


(وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية82)


وما جاء مشتبهاً ردوه إلى المحكم ليكون الجميع محكماً.


ويقولون في المثال الأول : إن لله تعالى يدين حقيقيتين على ما يليق بجلاله وعظمته ، لا تماثلان أيدي المخلوقين ، كما أن له ذات لا تماثل ذوات المخلوقين ، لأن الله تعالى يقول :


(ليس كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ)(الشورى: الآية 11) .



ويقولون في المثال الثاني : إن الحسنة والسيئة كلتاهما بتقدير الله عز وجل ، لكن الحسنة سببها التفضل من الله تعالى على عباده ، أما السيئة فسببها فعل العبد


كما قال تعالى


(وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) (الشورى:30)


فإضافة السيئة إلى العبد من إضافة الشيء إلى سببه ، لا من إضافته إلى مُقَدِّرِهِ ،


أما إضافة الحسنة والسيئة إلى الله تعالى فمن باب إضافة الشيء إلى مُقَدِّرِهِ ،


وبهذا يزول ما يوهم الاختلاف بين الآيتين لإنفكاك الجهة .



ويقولون في المثال الثالث :


أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقع منه شك فيما أنزل إليه ، بل هو أعلم الناس به ، وأقواهم يقينا


كما قال الله تعالى في نفس السورة :


( قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي شَكٍّ مِنْ دِينِي فَلا أَعْبُدُ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ )(يونس: الآية 104)


المعنى إن كنت في شك منه فأنا على يقين منه ، ولهذا لا أعبد الذين تعبدون من دون الله ، بل أكفر بهم وأعبد الله .


وكذلك كما ذكرنا ان الله تعالى شهد له بالايمان بقوله تعالى :


-( آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير )- [البقرة/285]



ولا يلزم من قوله :


(فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ مِمَّا أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ)(يونس: الآية 94)


أن يكون الشك جائزا على الرسول صلى الله عليه وسلم ، أو واقعا منه .


لان ان تدخل عل المستحيل وتدخل على الممكن .



ألا ترى قوله تعالى :


(قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ) (الزخرف:81)



هل يلزم منه أن يكون الولد جائزا على الله تعالى أو حاصلا ؟ كلا ، فهذا لم يكن حاصلا، ولا جائزا على الله تعالى ،


قال الله تعالى :


( وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً) (مريم:92)


(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً) (مريم:93)



ولا يلزم من قوله تعالى :


(فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ)(البقرة: الآية 147)


أن يكون الامتراء واقعا من الرسول صلى الله عليه وسلم ، لأن النهي عن الشيء قد يوجه إلى من لم يقع منه ،


ألا ترى قوله تعالى :


(وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آيَاتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (القصص:87)


ومن المعلوم أنهم لم يصدون النبي صلى الله عليه وسلم عن آيات الله ، وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقع منه شرك.


والغرض من توجيه النهي إلى من لا يقع منه : التنديد بمن وقع منهم والتحذير من منهاجهم ،


وبهذا يزول الاشتباه ، وظن ما لا يليق بالرسول صلى الله عليه وسلم .


اذن : لا تكونن من المشركين ليس معناه ان يكون مشركا , بل فيه التنديد بمن وقع منه , والتحذير منه .

يتبع <<<<<<<<<<

إيمان مصطفى عمر
13-02-09, 12:57 AM
بقي علي ان اقول : ذكرنا في الآية الكريمة , قولان في الوقف على (الا الله ) او الوصل , وليس بين القرائتين اختلاف

فالذين وقفوا على (الا الله ) : قالوا ان التأويل هو علم حقائق هذه المشتبهات , ومآلها في المستقبل , وهذا لا يهم عند الله والذين واصلوا قالوا ان المراد بالتأويل التفسير ,

وان كان المراد بالتأويل هو التفسير : هل يعلمه الراسخون في العلم ؟ نعم ولهذا قال ابن عباس رضي الله عنهما : انا من الراسخين في العلم الذين يعلمون تأويله .

في الآية :

-( قل إن كان للرحمن ولد فأنا أول العابدين )- [الزخرف/81]

قال بعضهم : ان (إن ) بمعنى ( ما ) , اي ما كان للرحمن ولد , ولكن هذا خلاف ظاهرها , لان إن شرطية , معناها : ان كان للرحمن ولدفأنا اول العابدين لهذا الولد , فهذا تنديد للنصارى الذين يعبدون عيسى , فيقول ان كان للرحمن ولد فانا اسبقهم الى عبادته , لكن لم يكن للرحمن ولد , فلاحق لعيسى في العبادة .


أنواع التشابه في القرآن


التشابه الواقع في القرآن نوعان :

أحدهما : حقيقي وهو ما لا يمكن أن يعلمه البشر كحقائق صفات الله عز وجل ، فإننا وإن كنا نعلم معاني هذه الصفات ، لكننا لا ندرك حقائقها ، وكيفيتها

لقوله تعالى :

( وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً)(طـه: الآية 110)

وقوله تعالى :

(لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ) (الأنعام:103)


حقائق الكتاب لا يمكن ادراكها , وهذا تشابه حقيقي , كل كان لا يمكن ان يدرك حقيقة صفة الله تعالى , وان ادعى انه يدرك فهو كاذب , ولهذا قال تعالى :

-( يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون به علما )- [طه/110]

وقال تعالى

(( لا تدركه الابصار وان رأته ))


لانه اعظم من ان تحيط به الابصار .

ولهذا لما سئل الإمام مالك رحمه الله تعالى عن قوله تعالى :

(الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى) (طـه:5)

كيف استوى

قال : الاستواء غير مجهول ، والكيف غير معقول ، والإيمان به واجب ، والسؤال عنه بدعة ، وهذا النوع لا يسأل عن استكشافه لتعذر الوصول إليه .

هذا الرجل أتى الى الامام مالك في المسجد النبوي , وقال له :

يا ابا عبد الله , الرحمن على العرش استوى , كيف استوى

فاطرق مالك برأسه وجعل يتصبب عرقا , لشدة هذا السؤال , وفظاعته , ثم رفع راسه وقال :

الاستواء غير مجهول (يعني انه معلوم ) والكيف غير معقول ( اي لا يمكن ان ندركه بعقولنا ) والعمل به (اي الاستواء ) واجب , والسؤال عنه (يعني عن كيفية الاستواء ) بدعة .

وما اراك الا مبتدعا , ثم أمر به فأخرج من المسجد , اخرج من مسجد الرسول ليتقي الناس شره .

فتأمل صرامة الامام مالك رحمه الله , في مثل هذا الامر الفظيع . وهكذا ينبغي لنا ان نكون صارمين في كل من سأل مثل هذا السؤال , لو قال : كيف اصابع الله ؟

نقول : الاصابع معلومة والكيف مجهول, والايمان بها واجب والسؤال عنها بدعة .


لا يجوز ان نقول ان آيات الصفات من المتشابه , لكن اذا اطلق عليها المتشابه فاننا نقول : ان اراد بالتشابه خفاء المعنى فهذا غلط , لان معناها واضح ظاهر , وان اراد خفاء الحقائق فهذا صحيح .

(يجيب الشيخ على بعض الاسئلة )




المتن :



النوع الثاني : نسبي وهو ما يكون مشتبها على بعض الناس دون بعض ، فيكون معلوما للراسخين في العلم دون غيرهم ، وهذا النوع يسأل عن استكشافه وبيانه ؛ لإمكان الوصول إليه ، إذ لا يوجد في القرآن شئ لا يتبين معناه لأحد من الناس ،


قال الله تعالى : (هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ) (آل عمران:138)


وقال : ( وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ)(النحل: الآية 89) وقال : (فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) (القيامة:18)


وقال : (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ) (القيامة:19)


وقال : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَكُمْ بُرْهَانٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ نُوراً مُبِيناً) (النساء:174) .



شرح الشيخ :



ذكرنا ان الاحكام والتشابه ثلاثة انواع :


الحكام العام والذي يوصف به جميع القرآن .


والثاني : التشابع العام الذي يوصف به جميع القرآن .


الثالث : الاحكام الخاص الذي يوصف به بعض القرآن والتشابه الخاص الذي يوصف به بعض القرآن ,


هذا التشابه ينقسم الى نوعين :


تشابه حقيقي : يشتبه على كل الناس , كحقائق صفات الله عز وجل , احوال اليوم الآخر ...


نحن نؤمن ان هذه الجبال العظيمة الشامخة تكون كثيبا مهيلا , انت لا تتصور كيف تكون بالضبط , نؤمن بان في الجنة فاكهة ونخلا ورمانا ولحم طير وعسلا ولبنا وخمرا وماء ... هل نعرف حقيقة ذلك ؟ لا


لان الله تعالى يقول :


-( فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين جزاء بما كانوا يعملون )- [السجدة/17]



ويقول في الحديث القدسي :


اعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر .


هذا نقول انه متشابه تشابها حقيقيا . تشابه مطلق لا يمكن لأحد ان يعلم به .



النوع الثاني : تشابه نسبي وهذا هو الذي يكون عند كثير من الناس


التشابه النسبي هو ما يكون مشتبها على بعض الناس دون بعض , فيكون معلوما للراسخون في العلم دون غيرهم , وهذا النوع يسأل عن استكشافه وبيانه, اما الاول الحقيقي لا يسأل , السؤال عنه لغو , واذا كان سؤال دين فهو بدعة .


هذا النوع المشتبه على بعض الناس دون بعض , يسأل عنه ويستكشف حتى يتبين للانسان معناه , لإمكان الوصول إليه ، إذ لا يوجد في القرآن شئ لا يتبين معناه لأحد من الناس ،


الدليل قوله تعالى :


-( هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين )- [آل عمران/138]



وهذا عام , وقال تعالى :


-( ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين )- [النحل/89]



فكل شي يحتاج الناس الى بيانه فانه في القرآن اما منصوص عليه واما مدلولا عليه بالاشارة ,



وقرأت لبعض العلماء المعاصرين انه كان في مطعم في احدى الدول الغربية واظنها باريس , والمطعم يعم الصالح والطالخ , وكان في هذا المطعم رجل من النصارى , ممن قرؤوا القرآن لكن لم ينتفعوا به , فأتى الى هذا العالم ليشبه عليه , وقال ان قرآنكم تبيان لكل شي , قال العالم : نعم هو تبيان لكل شئ , واذا بين يديه اشياء من المأكولات , فقال له النصراني : كيف نصنع هذا أرنيه في القرآن ,
فاستغرب الشيخ, سؤال ليس له وجه , هل القرآن نزل ليكون ارشادا للمطابخ ؟
لا , لاشك .
لكنه يريد ان يمتحن هذا الرجل ويشكك من حوله , فقال الشيخ : نعم يوجد في القرآن . فقال : اين هو ؟ فذهب به الى المطبخ , فقال لمن يعمل فيه : كيف صنعت هذا ؟
فأخبره , فقال : هكذا جاء في القرآن , قال الله تعالى :
(( فاسئلوا أهل الذكر ان كنت لا تعلمون ))
فما لم ينص عليه القرآن أرشدنا إليه كيف نتوصل اليه , فصار الآن مبينا او غير مبين ؟
نعم , لان الذي يرشدك الى الطريق الذي تصل به الى مقصودك قد تبين .
فبهت الذي كفر .


يتبع >>>>>>>>>>>

إيمان مصطفى عمر
15-02-09, 02:27 PM
فالمهم ان الله تعالى قال :
(( نزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شئ ))
مبين لكل شئ , لكن اما على وجه صريح او على وجه الايماء والاشارة .
وقال تعالى :
(( فاذا قرأناه فاتبع قرآنه ثم ان علينا بيانه ))
اذا قرآناه – فاتبع : يخاطب من ؟
الرسول عليه الصلاة والسلام
لكن هل الله تعالى هو من يقرؤه عليه ؟ لا , جبريل عليه السلام , لكن لما كان جبريل عليه السلام رسولا من رب العالمين صارت قراءته كقراءة الله تعالى
أطلق الله تعالى الفعل على نفسه والمراد هو الرسول , لان الرسول مبلغ عن ربه , ومن هنا نصل الى فائدة عظيمة في قوله تعالى :
((ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله يد الله فوق ايديهم ))
لو قال قائل : ان الله تعالى على العرش في السماء وهؤلاء في الارض تحت الشجرة , كيف الجمع ؟
كيف يبايعون الله ؟
نقول نعم يبايعون الله لانهم يبايعون الرسول ومبايعة رسوله مبايعة له جل وعلا ,
وكذلك قوله يد الله فوق ايديهم , يد من فوق ايديهم ؟
يد الرسول عليه الصلاة والسلام , لكن لما كانت يد رسوله صارت كأنها يد الله تعالى .
وحينئذ لا اشكال في الآية .
خلافا لمن لجلج وعجعج وقال ان هذه الآية مشكلة , هذه تدل على ان الله تعالى في كل شئ وفي كل مكان , فيقال : لما كانت يد رسوله اطلق عليها انها يده عز وجل , كما ان قراءة جبريل للقرآن : لما كانت بارسال من الله تاعالى انه هو الذي قرأ
(( ثم ان علينا بيانه )) بيانه لماذا ؟ لفظا ام معنى ؟. الاثنين معا .

وأمثلة هذا النوع كثيرة منها قوله تعالى :
( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)(الشورى: الآية 11)

حيث اشتبه على أهل التعطيل ، ففهموا منه انتفاء الصفات عن الله تعالى ، وأدعوا أن ثبوتها يستلزم المماثلة ، واعرضوا عن الآيات الكثيرة الدالة على ثبوت الصفات له ، وأن إثبات أصل المعنى لا يستلزم المماثلة .
هذه ال]ة استدل بها المعطلة على نفي الصفات عن الله تعالى , وقالوا : أي صفة تثبتها وفي المخلوق مثلها فقد مثلت , فلا تثبت العين ولا الوجه ولا الرجل ولا الساق ... ول فعلت ذلك لمثلت .
فاشتبه عليهم المعنى , ولم ينظروا الى الآيات الكثيرة التي فيها اثبات صفات الله تعالى .

ومنها قوله تعالى
( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)
حيث اشبته على الوعيدية ( وهم الخوارج والمعتزلة ) ، ففهموا منه أن قاتل المؤمن عمدا مخلد في النار ، لكن الخوارج أشجع من المعتزلة , قالوا انه كافر , والمعتزلة قالوا انه ليس كافر , بل هوفي منزلة بين منزلتين , كيف ؟ والله جعل الخلق قسمين :
(( فمنكم كافر ومنكم مؤمن ))
لكن هذا سببه الرجوع الى العقل والاعراض عن النص , ولهذا بعض العلماء يسمي المعتزلة : عقلاء المبتدعة .
وهل هذا صحيح ان المعتزلة هم عقلاء المبتدعة ؟
لا
1" المبتدعة لا عقل لهم , خالفوا العقل بقدر ما فعلوا من البدع
2" ان العقل يقتضي التزام النص لا مخالفته .
على كل حال ان هؤلاء الوعيدية فهموا ان قاتل المؤمن عمدا كافرا مخلدا في النار وطردوا ذلك في جميع أصحاب الكبائر ، واعرضوا عن الآيات الدالة على أن كل ذنب دون الشرك فهو تحت مشيئة الله تعالى .
والدليل قوله تعالى :
(( ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ))
ومن المناسبات الجيدة الطيبة ان هذه الآية ( وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93)
وقعت بين آيتين كلتاهما تدل على ان ما دون الشرك فهو تحت المشيئة .
قوله تعالى :
(( ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد افترى اثما عظيما ))
ثم جاءت آيات القتل , ثم قوله تعالى :
(( ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد ضل ضلالا بعيدا ))
اذن الآية لا تدل على ان قاتل النفس مخلدا في نار جهنم , لان الآيات الاخرى والنصوص الاخرى تدل على ان ما دون الشرك تحت المشيئة .
لكن في الواقع ان فيها اشكال :
قوله تعالى في الآية (( خالدا فيها ))
لان الاصل في الخلود هو الدوام , واذا ذكر التعبير فهو من باب التوكيد .
فيقال :
هذا من جنس النصوص التي فيها الوعيد , فالقتل سبب لهذا لكن اذا وجد المانع انتفى مفعول السبب .
وتجدونها ظاهرا في اسباب الارث والمواريث , القرابة من اسباب الارث واذا كان القريب كافرا والميت مسلما امتنع الارث .
فلا شهادة الا بوجود شروطها وانتفاء الموانع , فاذا قال قائل : ان كان هذا لا يتحقق بوجود المانع , ما الفائدة ؟
قلنا الفائدة امران :
1" التغليظ في الوعيد , اسلوب جرى على لسان العرب , وان لم تنزل العقوبة بالفاعل , حتى صار في عرفنا الآن تقول الام لولدها : والله ان فعلت هذا لاكسر رجلك ... هل تصدق بانه اذا فعل سوف تكسر رجله ؟ هذا التغليظ في الوعيد وهو مما جاءت به اللغة العربية .
2" انه ربما يكون قتله للمؤمن عمدا سببا لكفره واذا كفر استحق الخلود في النار
ولهذا جاء في الحديث ** لا يزال الرجل في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما **

يعني في سعة من دينه ما لم يصب دما حراما ضاق عليه الدين وربما فر منه .



ومنها قوله تعالى :
(أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) (الحج:70)
ألم تعلم : هذه تؤول الى : قد علمت .
لان الهمزة هنا للتقليل مثلها قوله تعالى :
(( ألم نشرح لك صدرك ))
يعني قد شرحنا لك صدرك .
في الآية كل ما هو في السماء والارض فهو معلوم عند الله تعالى من صغير وكبير ومن عظيم وحقير .
, ان ذلك في كتاب او ان ذلك العلم في كتاب وهو اللوح المحفوظ .
حيث اشتبه على الجبرية ، ففهموا منه أن العبد مجبور على عمله ، وادعوا أنه ليس له إرادة ولا قدرة عليه ، وأعرضوا عن الآيات الدالة على أن للعبد إرادة وقدرة ، وأن فعل العبد نوعان : اختياري ، وغير اختياري .

الجبرية استدلوا بنصوص القضاء والقدر على الجبر , والغريب ام نفس استدلالهم دليل عليهم .
نقول : انتم تخاطبونني , هل تشعرون انكم مجبورون ؟ ان كان كذلك فقولكم لا حكم له لان المكره لا حكم لقوله ولا لفعله , وانتم الآن خاصمتم انفسكم .
نقول : انتم الآن تحاجوننا بان الانسان مجبر على عمله لا اختيار له .
حجتكم الآن هل هي باختياركم او مجبورون عليها ؟
ان قالوا : باختيارنا , فانهم خاصموا انفسهم , وان قالوا :مجبرين , قلنا : ايضا هذا خصم لكم , لان المجبر لا حكم لقوله
ولهذا لو اكره الانسان على الكفر لم يكن كافرا .
وهناك نصوص كثيرة تدل على ان للعبد ارادة وقدرة , لكنها اشتبهت عليهم

والراسخون في العلم أصحاب العقول ، يعرفون كيف يخرجون هذه الآيات المتشابهة إلى معنى يتلاءم مع الآيات الأخرى ،فيبقى القرآن كله محكما لا اشتباه فيه .
والحمد لله .
ولهذا ينبغي للانسان ان يسأل الله تعالى دائما ان يهديه للحق
وانظر الى فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفتتح قيام الليل وهو اول صلاة يصليها بعد النوم . يقول :
اللهم رب جبريل وميكائيل واسرائيل فاطر السموات والارض عالم الغيب والشهادة انت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون اهدني لما اختلف فيه من الحق .
وهو الرسول عليه الصلاة والسلام
يسأل الله تعالى ان يهديه لما اختلف فيه من الحق
فأنت ايضا اسأل الله تعالى دائما ان يهديك لما اختلف من الحق , سواء في العقائد او في العمليات ,لان الانسان بشر يجهل كثيرا وينسى كثيرا
وقد قال تعالى :
(( وما أوتيتم من العلم الا قليلا ))
لا تعتمد على ذكاءك ولا على حفظك ولا على كثرة علومك , اعتمد على الله واسال الله ان يهديك لما اختلف الناس فيه من الحق .



المتن :

الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه

لو كان القرآن كله محكما لفاتت الحكمة من الاختبار به تصديقا وعملا لظهور معناه ، وعدم المجال لتحريفه ، والتمسك بالمتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، ولو كان كله متشابها لفات كونه بيانا ، وهدى للناس ، ولما أمكن العمل به ، وبناء العقيدة السليمة عليه ، ولكن الله تعالى بحكمته جعل منه آيات محكمات ، يرجع إليهن عند التشابه ، وآخر متشابهات امتحانا للعباد ، ليتبين صادق الإيمان ممن في قلبه زيغ ، فإن صادق الإيمان يعلم أن القرآن كله من عند الله تعالى ، وما كان من عند الله فهو حق ، ولا يمكن أن يكون فيه باطل ، أو تناقض لقوله تعالى: (لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42)

وقوله تعالى (لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية 82) .
وأما من في قلبه زيغ ، فيتخذ من المتشابه سبيلا إلى تحريف المحكم واتباع الهوى في التشكيك في الأخبار والاستكبار عن الأحكام ، ولهذا تجد كثيرا من المنحرفين في العقائد والأعمال ، يحتجون على انحرافهم بهذه الآيات المتشابهة .

شرح الشيخ :

الحكمة في تنوع القرآن إلى محكم ومتشابه

يقول لو كان القرآن كله محكما لفاتت الحكمة من الاختبار به تصديقا وعملا لظهور معناه .
وهذا صحيح لو كان القرآن كله محكما ما فيه تشابه لفاتت الحكمة من الاختبار , لان المتشابه يختبر به العبد , هل يأخذ به او يرده الى المحكم .
يقول :
وعملا لظهور معناه , وعدم المجال لتحريفه ، والتمسك بالمتشابه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله ، ولو كان كله متشابها لفات كونه بيانا ، وهدى للناس ، ولما أمكن العمل به ، وبناء العقيدة السليمة عليه ، ولكن الله تعالى بحكمته جعل منه آيات محكمات ، يرجع إليهن عند التشابه ، وآخر متشابهات امتحانا للعباد ، ليتبين صادق الإيمان ممن في قلبه زيغ ، فإن صادق الإيمان يعلم أن القرآن كله من عند الله تعالى ، وما كان من عند الله فهو حق ، ولا يمكن أن يكون فيه باطل ، أو تناقض
لقوله تعالى:
(لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ) (فصلت:42)

وقوله تعالى
(لَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)(النساء: الآية 82) .

اذن الحكمة هي الامتحان , امتحان الناس هل يؤمنون بالمحكم والمتشابه . او يهلكون عند المتشابه
وأما من في قلبه زيغ ، فيتخذ من المتشابه سبيلا إلى تحريف المحكم واتباع الهوى في التشكيك في الأخبار والاستكبار عن الأحكام ، ولهذا تجد كثيرا من المنحرفين في العقائد والأعمال ، يحتجون على انحرافهم بهذه الآيات المتشابهة .
قد يقول قائل : لماذا لم يجعل الله القرآن كله محكما ؟
نقول من أجل الامتحان والاختبار , لانه لا يمكن معرفة المؤمن حقا من غيره اذا كان القرآن كله محكما , لانه كلا سيؤمن به .
ولماذا لم يكن كله متشابها ؟
لانه لو كان كذلك لم يكن هدى للناس ولا فرقانا بين الباطل والحق , ولاصبح الناس في شك في عقائدهم وفي أعمال جوارحهم .

يتبع <<<<<<

إيمان مصطفى عمر
15-02-09, 02:29 PM
المتن :




موهم التعارض في القرآن



التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان ، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى ، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشئ والأخرى نافية فيه .



ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري ، لأنه يلزم كون إحداهما كذبا ، وهو مستحيل في أخبار الله تعالى ، قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)(النساء: الآية 87) (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)(النساء: الآية 122) ) ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي ؛ لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى قال الله تعالى (مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: الآية 106) وإذا ثبت النسخ كان حكم الأولى غير قائم ولا معارض للأخيرة .



وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك ، فحاول الجمع بينهما ، فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف ، وتكل الأمر إلى عالمه .



وقد ذكر العلماء رحمهم الله أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض ، بينوا الجمع في ذلك . ومن أجمع ما رأيت في هذا الموضوع كتاب " دفع إيهام الاضطراب عن أي الكتاب " للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى .



فمن أمثلة ذلك قوله تعالى في القرآن : ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة: الآية 2) وقوله فيه : (شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاس)(البقرة: الآية 185) فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصة بالمتقين ، وفي الثانية عامة للناس ، والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع ، والهداية في الثانية هداية التبيان والإرشاد .



ونظير هاتين الآيتين ، قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم : (إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56) وقوله فيه ( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الشورى: الآية 52) فالأولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين .



ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ) (آل عمران: الآية 18) وقوله (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّه)(آل عمران: الآية 62) وقوله :( فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (الشعراء:213) وقوله : ( فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(هود: الآية 101) ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريين إثبات الألوهية لغيره .



والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي الألوهية الحق ، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة ؛ لقوله تعالى : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62) .



ومن أمثلة ذلك قوله تعالى : ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ)(لأعراف: الآية 28) وقوله (وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً) (الإسراء :16) ففي الآية الأولى نفي أن يأمر الله تعالى بالفحشاء ، وظاهر الثانية أن الله تعالى يأمر بما هو فسق . والجمع بينهما أن الأمر في الآية الأولى هو الأمر الشرعي ، والله تعالى لا يأمر شرعا بالفحشاء لقوله تعالى : (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (النحل:90) والأمر في الآية الثانية هو الأمر الكوني ، والله تعالى يأمر كونا بما شاء حسب ما تقتضيه حكمته لقوله تعالى : (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (يّـس:82) .



ومن رام زيادة أمثلة فليرجع إلى كتاب الشيخ الشنقيطي المشار إليه آنفا .




شرح الشيخ :



موهم التعارض في القرآن



هذا مبحث هام يجب معرفته , لما قلنا موهم التعارض ولم نقل التعارض ؟


لانه لا تعارض في القرآن وانما يتوهم الواهم ان هناك تعارض .



التعارض في القرآن أن تتقابل آيتان ، بحيث يمنع مدلول إحداهما مدلول الأخرى ، مثل أن تكون إحداهما مثبته لشئ والأخرى نافية فيه .


يعني التقابل من كل وجه يسمى تعارض , لان كل واحد اعترض طريق الآخر ومنعه



ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري ،


التعارض بين آيتين مدلولهما خبري لا يمكن ان يكون , يعني لا يمكن ان يخبر الله بشئ ثم يخبر بضده , هذا مستحيل , لماذا ؟


لان الله تعالى عالم بكل شئ , ولايمكن ان يكون جاهلا ثم علم ,


ويقول هنا : ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما خبري ، لأنه يلزم كون إحداهما كذبا ، وهو مستحيل في أخبار الله تعالى ، ايضا يلزم شيئا آخر كما قلنا ان يكون الله تعالى جاهلا ثم علم .


فيلزم علينا الآن اما ان يكون الله (وحاشاه ) ان يكون كاذبا , واما ان يكون (وحاشاه ) ان يكون جاهلا , كلاهما ممتنع .


انا لو قلت : جاء زيد في الساعة التاسعة والنصف , هذا خبر مدلوله مجئ زيد في التاسعة والنصف , ثم قلت : لم يأت زيد في الساعة التاسعة والنصف , يلزم ذلك ان اكون كاذبا اما في الخبر الاول او في الخبر الثاني , او انني كنت جاهلا وتبين انه ليس كذلك , كنت جاهلا انه قدم الساعة التاسعة والنصف ثم تبين لي فقلت انه لم يأت .


اذن الله تعالى ليس في خبره كذب ولا جهل , بل هو جل وعلا اصدق القائلين واعلم العالمين .


اذن التعارض يلزم ان يكون كذب في اخبار الله او صادرة عن جهل وهو مستحيل في اخبار الله تعالى


قال الله تعالى : ( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)(النساء: الآية 87)


(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلاً)(النساء: الآية 122) )


نفى الله عز وجل ان يكون احد اصدق منه حديثا او قولا .




ولا يمكن أن يقع التعارض بين آيتين مدلولهما حكمي ؛ لأن الأخيرة منهما ناسخة للأولى , هذا ايضا ضابط آخر , لماذا لم يقل : نطلب التجيح اذا وقع التعارض؟


لانه لا ترجيح في القرآن , القرآ، كله ثابت .بطريق واحد عن طريق التواتر . ولكن تكون الاخيرة ناسخة للاولى . وهل يلزم ذلك من ذلك اثبات النسخ ؟ نعم , وقع النسخ في القرآن الكريم : اما نسخ اللفظ او المعنى او الحكم او اللفظ والحكم ,


قال الله تعالى


(مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا)(البقرة: الآية 106)


اذن اذا لم يأت بمثلها يأت بخير منها , فالنص واضح ان فيه فائدة , اذا اتى بمثلها ما الفائدة ؟


الفائدة امتحان العبد لانه اذا كان النسخ بالمماثل قد يقول قائل ما الفائدة ؟


فسأبقى على حكم الاولى ولا اقلب النص ,


فصار نسخ الحكم الى مماثل فيه فائدة عظيمة وهي اختبار الانسان .


اختبار المكلف هل يستسلم ويذعن ام لا .


واذا ثبت النص كان حكم الاول غير قائم وغير معارض للاخيرة .



قال تعالى :


((ان يكن منكم عسشرون صابرون يغلبوا مئتين وان يكن منكم مئة يغلبوا ألفا من الذين كفروا ))


اذا هنا الواحد يقابل عشرة امثال .


ثم قال تعالى :


((الآن خفف الله عنكم وعلم ان فيكم ضعفا ان يكن منكم مئة صلبرة يغلبوا مئتين وان يكن منكم ألف يغلبوا ألفين ....))


صار الواحد يقابل اثنين .


هل حكم الاولى باق ؟ لا , نسخت .


وحينئذ لا تعارض بين الآيتين لان احداهما نسخت الاخرى .



وإذا رأيت ما يوهم التعارض من ذلك ، فحاول الجمع بينهما ، فإن لم يتبين لك وجب عليك التوقف ، وتكل الأمر إلى عالمه .


ماقال وجب عليك الترجيح . المهم ان اذا رايت ما يوهم التعارض فاجمع بينهما قبل كل شي , فان لم يتبين الجمع فالواجب التوكل ونقول : سبحانك لا علم لنا الا ما علمتنا .




وقد ذكر العلماء رحمهم الله أمثلة كثيرة لما يوهم التعارض ، بينوا الجمع في ذلك . ومن أجمع ما رأيت في هذا الموضوع كتاب " دفع إيهام الاضطراب عن أي الكتاب " للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى .


كتاب صغير جمع فيه كل ما امكنه من آيات القرآن العزيز التي ظاهرها التعارض وجمع بينها .



فمن أمثلة ذلك قوله تعالى في القرآن


: ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)(البقرة: الآية 2)


وقوله فيه :


(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاس)(البقرة: الآية 185)


هدى للمتقين وهدى للناس , كيف الجمع ؟


أيهما أعم ؟ الناس أعم من المتقين , الناس يشمل المتقي وغير المتقي , فلا بد من الجمع .


1" اما ان نقول ان هدى للمتقين وهدى للناس معناهما واحد والمراد بالناس الخصوص , أي الناس المتقين , وحينئذ لا تعارض ما دمنا فصلنا الناس بالمتقين , فالآية الأخرى هدى للمتقين .


2"او نقول : الهدى نوعان :


هدى دلالة – هدى التزام .


فباعتباره هدى دلالة , يكون هدى الناس جميعا


وباعتباره هدى التزام , يكون هدى للمتقين لانهم هم الذين يلتزمون به ,


فجعل هداية القرآن في الآية الأولى خاصة بالمتقين ، وفي الثانية عامة للناس والجمع بينهما أن الهداية في الأولى هداية التوفيق والانتفاع ، والهداية في الثانية هداية التبيان والإرشاد .


يعني ان نجعل معنى الهداية في الآيتين مختلفا , فنقول هدى الناس هداية الدلالة والارشاد , وهدى للمتقين هي هداية التوفيق والتنفيذ زالقيام بشرعه .


فصار الآن وجه الجمع :


اما ان يكون في الهدى واما ان يكون في الناس والمتقين




ونظير هاتين الآيتين ، قوله تعالى في الرسول صلى الله عليه وسلم :


(إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (القصص:56)


وقوله فيه


( وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)(الشورى: الآية 52)


فالأولى هداية التوفيق والثانية هداية التبيين .


هداية التوفيق لا تكون للرسول ولا لغيره , وهداية التبيين والارشاد تكون للرسول ولغيره .




ومن أمثلة ذلك قوله تعالى :


(شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ)


(آل عمران: الآية 18)


وقوله (وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّه)(آل عمران: الآية 62)


وقوله :( فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَتَكُونَ مِنَ الْمُعَذَّبِينَ) (الشعراء:213)


وقوله :


( فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّكَ وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ)(هود: الآية 101)


ففي الآيتين الأوليين نفي الألوهية عما سوى الله تعالى وفي الأخريين إثبات الألوهية لغيره .



والجمع بين ذلك أن الألوهية الخاصة بالله عز وجل هي الألوهية الحق ، وأن المثبتة لغيره هي الألوهية الباطلة ؛


لقوله تعالى :


(ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) (الحج:62) .



قوله ان الله هو الحق : يعني ان الله تعالى هو الاله الحق الذي ليس في الوهيته باطل


وان ما تدعون من دونه هو الابطل .


هو : ضمير فصل لا محل له من الاعراب والشاهد قوله تعالى :


(( لعلنا نتبع السحرة ان كانوا هم الغالبين ))


فلو كان للضمير (هم ) محل من الاعراب لكانت الآية ( ان كلنوا هم الغالبون )


اذن هذا ضمير فصل ما فائدته ؟



** انني خاطبت رجلا من البلاد المجاورة , يكثر فيها الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم , فقال : والنبي أفتني . قولك : والنبي , هذا شرك , ما يجوز لكن ان شاء الله لن تعود اليه . فقال : والنبي لا اعود اليه .**



سبحان الله , فائدة ضمير الفصل ثلاث : التوكيد والحصر وتمييز الصفة من الخبر .





يتبع الشريط السادس <<<<<<<

إيمان مصطفى عمر
18-02-09, 11:57 PM
بسم الله الرحمن الرحيم

تابع شرح الشيخ :

انني خاطبت رجلا من البلاد المجاورة , يكثر فيها الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم , فقال : والنبي أفتني . قولك : والنبي , هذا شرك , ما يجوز لكن ان شاء الله لن تعود اليه . فقال : والنبي لا اعود اليه .
سبحان الله , فائدة ضمير الفصل ثلاث : التوكيد والحصر وتمييز الصفة من الخبر .
ونضرب مثلا نتبين به ذلك : اذا قلت زيد الفاضل : فهنا الفاضل يحتمل ان تكون صفة لزيد والخبر لم يأت بعد , فإذا قلت : زيد هو الفاضل , تعين ان تكون الفاضل خبر للمبتدأ . ايضا اذا قلت زيد هو الفاضل فقد حصرت الفضل فيه , دون غيره
قوله تعالى
-( يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو الحق المبين )- [النور/25]
,قوله ايضا :
-( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه هو الباطل وأن الله هو العلي الكبير )- [الحج/62]
,في آية أخرى : -( ذلك بأن الله هو الحق وأن ما يدعون من دونه الباطل وأن الله هو العلي الكبير )- [لقمان/30]

ومن أمثلة ذلك : قوله تعالى -( وإذا فعلوا فاحشة قالوا وجدنا عليها آباءنا والله أمرنا بها قل إن الله لا يأمر بالفحشاء أتقولون على الله ما لا تعلمون )- [الأعراف/28]
وقوله : -( وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا )- [الإسراء/16]
والفسق هو الفحشاء , ففي الآية الاولى نفى الله تعالى انه يأمر بالفحشاء , وظاهر الثانية ان الله يأمر بالفسق , فكيف الجمع بينهما ؟
ان الامر في الآية الاولى هو الأمر الشرعي , والله تعالى لا يأمر شرعا بالفحشاء لقوله تعالى :
-( إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون )- [النحل/90]
اما الامر في الآية الثانية هو الامر الكوني والله تعالى يأمر كونا بما شاء , حسبما تقتضيه حكمته , لقوله تعالى :
-( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )- [يس/82]
والآية السابقة من سورة الاسراء قال بعض العلماء ان الله اذا اراد ان يهلك قرية ارسل اليها الرسل فأمروهم ليفسقوا فيهلكهم وهذا معنى باطل لا يليق بالله عزوجل . هل يليق بالله اذا اراد ان يهلك قرية ان يرسل رسلا يأمروهم بعبادة الله ثم يفسقوا فيأخذهم ؟ لا ابدا هذا خلاف حكمة الله , ولا يليق بالله تعالى . لكن ان الله اذا اراد ان يهلك قرية أمر مترفيها امرا كونيا قدريا , والعباد يأتمرون بأمر الله القدري , اذا يأمرهم امرا قدريا فيفسقوا وحينئذ تحل بهم العقوبات
. وبهذه المناسبة أقول لكم :
بعض العلماء رحمهم الله عندهم المضايقة والمخاصمة والمجادلة , يحاولون ان يفروا من ذلك لاى منفذ وان كان ضيق , فهل من الممكن ان نقول ان الله تعالى يرسل الرسل من أجل ان يخالفوهم فيهلكهم ؟
انما ارسل الرسل مبشرين ومنذرين ليحكموا بين الناس بالحق . فالصواب اذن ان الامر امر كوني .
فاذا قال قائل : اين الدليل على ان الامر كوني ؟
الدليل قوله تعالى : -( إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون )- [يس/82]
اي بالارادة الكونية .

سؤال : ما هو الفرق بين التناقض والتعارض ؟
التناقض معناه انه لا يمكن ان يجتمع الحكمان ابدا , والتعارض ان يكون بينهما تعارض قد يكون بين العموم والخصوص او التقييد والاطلاق وما أشبه , فالتعارض أهون .

اجابة على سؤال :
يجب ان تعلم ان الصحابة لا يشكل عليهم شئ في القرآن لانه نزل بلغتهم وفي عصرهم ويعرفون معانيه بالقرائن والالفاظ واذا وقع في القرآن شئ مشكل فان الرسول صلى الله عليه وسلم يبينه
مثل قوله تعالى : -( للذين أحسنوا الحسنى وزيادة )- [يونس/26]
بين الرسول ان الزيادة معناها لوجه الله ... وهكذا ...


يجيب الشيخ على بعض الاسئلة من الدقيقة السادسة الى الدقيقة 16 تقريبا

المتن

القسم
القسم : بفتح القاف والسين ، اليمين ، وهو : تأكيد الشيء بذكر مُعَظَّم بالواو ، أو إحدى أخواتها ، وأدواته ثلاث :
الواو - مثل قوله تعالى : (فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقّ)(الذريات: الآية 23) ويحذف معها العامل وجوبا ، ولا يليها إلا اسم ظاهر .
والباء - مثل قوله تعالى (لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ) (القيامة:1) ويجوز معها ذكر العامل كما في هذا المثال ، ويجوز حذفه كقوله تعالى عن إبليس : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (صّ:82) ويجوز أن يليها اسم ظاهر كما مثلنا ، وأن يليها ضمير كما في قولك : الله ربي وبه أحلف لينصرن المؤمنين .
والتاء - مثل قوله تعالى : (تاللَّهِ لَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَفْتَرُونَ)(النحل: الآية 56) ويحذف معها العامل وجوبا ، ولا يليها إلا اسم الله ، أو رب مثل : ترب الكعبة لأحجن إن شاء الله .
والأصل ذكر المقسم به ، وهو كثير كما في المثل السابقة . وقد يحذف وحده مثل قولك : أحلف عليك لتجتهدن .
وقد يحذف مع العامل وهو كثير مثل قوله تعالى : (ثُمَّ لَتُسْأَلُنَّ يَوْمَئِذٍ عَنِ النَّعِيمِ) (التكاثر:8)
والأصل ذكر المقسم عليه ، وهو كثير مثل قوله تعالى : (قُلْ بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُن)(التغابن: الآية 7) وقد يحذف جوازا مثل قوله تعالى : (ق وَالْقُرْآنِ الْمَجِيدِ) (ق:1) وتقديره ليهلكن .
وقد يحذف وجوبا إذا تقدمه ، أو اكتنفه ما يغني عنه ، قاله ابن هشام في المغني ومثل له بنحو : زيد قائم والله ، وزيد والله قائم .

شرح الشيخ :
هنا نذكر صيغ القسم , لا حكم القسم , ولكن ينبغي ان نذكر الحكم للفائدة ,
اولا :لا ينبغي للانسان ان يكثر الحلف بالله , لقوله تعالى :
-( واحفظوا أيمانكم كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تشكرون )- [المائدة/89]
يقول بعض علماء التفسير : اي لا تكثروا الايمان , فلا يحلف الا عند الحاجة او الضرورة .
ثانيا : ينبغي لمن حلف ان يستثني , يقول : ان شاء الله
لانه يستفيد من ذلك فائدتين عظيمتين ,
1" تسهيل امره
2" ان لا كفارة عليه لو حنث .
فيقول مثلا : والله ان شاء الله لأفعلن كذا ...
ثالثا : لا يجوز الحلف بغير الله , مهما كانت منزلته , حتى النبي صلى الله عليه وسلم لا يجوز للانسان ان يحلف به , ولا بالشمس ولا بالقمر , فقد قال النبي صلى اله عليه وسلم : من قال واللات ( يعني حالفا بها ) فليقل : لا اله الا الله .
حتى ينفي عنه الشرك ويحقق التوحيد .
رابعا : الحلف بالله عز وجل يكون بهذا اللفظ ( الله ) ويكون بكل اسم يختص به الله , كالرحمن ورب العالمين ويكون بالصفات المعنوية كعلمه وسمعه وعزته وقدرته وقهره , وما اشبه ذلك . اما الصفات الخبرية فان كان يعبر بها عن ذاته جاز الحلف بها , والصفات الخبرية هي التي نظير مسماها اعضاء لنا , مثل الوجه والعين والقدم , هذه تسمى الصفات الخبرية , ان كانت تقوم مقام الذات جاز الحلف بها ,
مثل : ان الله يعبر بوجهه عن ذاته فيقول تعالى :
-( ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )- [الرحمن/27]
يعني نفسه .
وان كانت لا يعبر بها عن ذات الله , فانه لا يجوز الحلف بها , فلا يجوز ان تحلف وتقول : ويد الله . اي اليد التي يقبض بها ويأخذ , ولا عين الله ولا ساق الله
اذن يحلف بالصفات المعنوية كالعلم والسمع وما اشبه ذلك , وبالصفات الخبرية التي يعبر بها عن الذات .
خامسا : الحلف اما ان يكون على شئ ماضي واما ان يكون على شئ مستقبل , فالحلف على الماضي لا كفارة فيه مطلقا , سواء كان صادقا ام كاذبا لكن ان كان كاذبا فعليه الاثم , وان تضمن يمينه الكاذب اكل مال الغير بغير حق كانت اليمين الغموس التي تغمس صاحبها بالاثم ثم بالنار , وفيها قال النبي صلى الله عليه وسلم : من حلف على يمين هو فيها فاجر يقتطع بها مال امرئ مسلم لقي الله وهو عليه غضبان .
الحلف على المستقبل ينقسم الى قسمين : لغو , معقود .
اللغو هو الذي يجري على اللسان بلا قصد , ولا كفارة فيه , مثل قول الانسان في خلال حديثه : لا والله .او والله لا افعل ذلك ثم ذهبت , فلا كفارة فيه , هذا لانه لغو لم تعقده .
ومن ذلك قول الاب لابنائه او الام : والله ان فعلت كذا وكذا لاضربك ....
وما اشبه ذلك , هذا لغو لانه ما قصد ذلك
يقول تعالى
-( لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان )- [المائدة/89]
اليمين المنعقدة على شئ مستقبل : اما ان يريد بها الخبر في نفسه فهذه لا يحنث بها , واما ان يريد بها ايقاع الفعل الذي حلف عليه فهذه اذا خالف ما حلف عليه وجبت عليه الكفارة , وان حلف على مستقبل ظانا وقوعه ولم يقع فالصحيح انه لا كفارة عليه , كرجل قال : والله ليقدمن زيد غدا , ولم يأتي زيد فلا شئ عليه , لانه لم يحلف وانما اخبر عما في نفسه , انه يعتقد ان زيد يقدم غدا ولم يقدم زيد .
هذا خلاصة ما ينبغي ان نعرفه عن الايمان ,
اما ما يخص اصول التفسير فنقول
القسم بفتح القاف والسين وانما احتجنا الى ضبطها لانه لو كانت السين ساكنةوالقاف مكسورة لصار معناها الصنف او الجنس ...
ولو كانت بفتح القاف لكان بمعنى التقسيم .
ولو كانت بكسر القاف وفتح السين لصار معناها من قدر لبني آدم .
لكن بفتح القاف والسين هو اليمين
وهو تاكيد الشئ يليق بمعظّم بالواو او احدى أخواتها .
سواء كان المعظم ممن يستحق التعظيم او لا , فالذين يحلفون باللات والعزى ومناة , هؤلاء قسمهم صحيح من حيث انه قسم , لانهم يعظمونه .
-- وقولنا بذكر المعظم: اذا كان المقسم به سوى الله , فان اعتقد المقسم بانه يستحق من التعظيم كما يستحق الله فهذا شرك اكبر , والا فانه شرك اصغر ,
-- وقوله بالواو او احدى اخواتها : اخواتها هي الباء والتاء والهاء
كلمة اخواتها تشمل كل حرف يقسم به في اللغة العربية , ووالادوات المشهورة ثلاث:
اولا :
الواو ( وهي اكثر ما يقسم به ) , كما في قوله تعالى :
-( فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون )- [الذاريات/23]
وقد امر الله تعالى نبيه بالقسم في القرآن الكريم في ثلاث مواضع :
1" -( ويستنبئونك أحق هو قل إي وربي إنه لحق وما أنتم بمعجزين )- [يونس/53]
2" -( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير )- [التغابن/7]
3" -( وقال الذين كفروا لا تأتينا الساعة قل بلى وربي لتأتينكم عالم الغيب لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماوات ولا في الأرض ولا أصغر من ذلك ولا أكبر إلا في كتاب مبين )- [سبأ/3]
يعد ذلك لحنا وغلطا في العربية , لان العامل معها يحذف وجوبا
كذلك لا يليها الا اسم ظاهر , لا يمكن ان يليها ضمير مثلا , فان قال قائل ما الدليل ؟
قلنا الدليل هو التتبع , ان العلماء تتبعوا كلام العرب , فلم يجدوا واو القسم يذكر معه
وفي هذا دليل على ان الشئ المهم ولا سيما فيما يتعلق بالعقيدة انه يؤمر الانسان ان يقسم عليه لتثبيته في النفوس .
ويحذف معها العامل وجوبا ولا يليها الا الاسم الظاهر , لو قلت :
حلفت والله لأفعلن .
ا العامل ولا يليها ضمير .
ثانيا :
الباء : مثل قوله تعالى :
-( لا أقسم بيوم القيامة )- [القيامة/1]
اخترنا هذا المثال لسبب , ان فيه لا , فقد يتوهم الواهم ان فيه نفي للقسم وليس للقسم , ولكن الصحيح انه قسم , لكن كيف نصنع بـ (لا ) ؟؟؟
اختلف من خرجوا هذا على ثلاثة أقوال :
1" -- قالوا انها للتنبيه ,هذا القول سهل ويسير وليس بغريب ان يقع التنبيه بلا كما انه يقع بألا , وحينئذ تكون الجملة ثبوتية , والمعنى أقسم بيوم القيامة ,
2" --ان لا نافية , والمراد نفي القسم لانه هذا المقسم عليه لا يحتاج الى قسم , لكونه امرا واضحا , فكأنه قال : لا أقسم بان الامر أوضح من ان يقسم عليه , وهذا لا شك انه ضعيف , لانه قد يكون الشئ الواضح منكرا من قبل أقوام , فيحتاج الى اثبات بالقسم ,
3" --ان لا نافية لشئ محذوف والتقدير لا صحة لما تقولون من انكار البعث ,وهذا أضعفها , وأيسرها القول الاول .
ان تكون لا للتنبيه وان تكون الجملة ثبوتية لا سلبية .
يوم القيامة , سمي بذلك لوجوه ثلاث :
1" -- اليوم الذي يقوم فيه الناس من قبورهم لرب العالمين , كل الناس , قيام رجل واحد بصيحة واحدة وزجرة واحدة , قدرة الهية عظيمة : يقول تعالى :
-( إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون )- [يس/53]
-( فإنما هي زجرة واحدة )- [النازعات/13] -( فإذا هم بالساهرة )- [النازعات/14]
2" -- انه اليوم الذي يقام فيه العدل , كما فال تعالى :
-( ونضع الموازين القسط ليوم القيامة )- [الأنبياء/47]
3" -- انه اليوم الذي يقوم فيه الأشهاد , تشهد الرسل على أمتهم , وتشهد هذه الامة على امم الرسل ويشهد الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم على هذه الأمة : كما قال تعالى :
-( وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا )- [البقرة/143]
*****
قال : ويجوز مع الباء ذكر العامل , ويجوز حذفه كقوله تعالى عن ابليس :
-( قال فبعزتك لأغوينهم أجمعين )- [ص/82]
اي أحلف بعزتك , لماذا حلف الشيطان بالعزة ؟
ليتناسب المحلوف والمحلوف عليه , لان اغواء بني آدم يحتاج الى عزة وغلبة , فلهذا اقسم بعزة الله
لم يقسم بالله ولا بالرحمن ولا برب العالمين , ولكن اقسم بالعزة .
ويجوز ان يليها اسم ظاهر , كما مثلنا , وان يليها ضمير كما في قولنا :
الله ربي وبه أحلف لينصرن المؤمنين .
اذن أوسع هذه الحروف هي الباء. وأكثرها استعمالا هو الواو
ثالثا :
التاء , مثل قوله تعالى :
-( تالله لتسألن عما كنتم تفترون )- [النحل/56]
ويحذف معها العامل وجوبا , ولا يليها الا اسم الله او رب , فهي أضيق حروف القسم .
نقول : ترب الكعبة لأحجن ان شاء الله .
المقسم به وعليه متناسب , لان الطواف بالكعبة هو ركن من اركان الحج .
واعلم ان كل قسم في القرآن لا بد ان يكون بينه وبين المقسم عليه تناسب , هذه قاعدة .
لكن قد تكون ظاهرة وقد تكون خفية , والاصل ذكر المقسم به وهو كثير كما في المثل السابقة , وقد يحذف وحده كما قوله :
أحلف عليك لتجتهدن .
المحلوف به هو الله , التقدير : احلف بالله عليك لتجتهدن .
وقد يحذف مع العامل , وهو كثير , كقوله تعالى :
-( ثم لتسألن يومئذ عن النعيم )- [التكاثر/8]
العامل محذوف والمقسم به محذوف , وهذا كثير في القرآن , التقدير : ثم أقسم بالله لتسألن ...
والاصل ذكر المقسم عليه وهو كثير , لانه هو المقصود في الاصل فلا يحذف
وقد يحذف جوازا , مثل قوله تعالى :
-( ق والقرآن المجيد )- [ق/1]
وتقديره : ليهلكن .وهو جواب القسم .
واعلموا ان المقدر لا بد ان يكون متناسبا مع سياق الكلام , ولذلك يصعب أحيانا التقدير .
وقد يحذف وجوبا اذا تقدمه او اكتنفه ما يغني عنه , قاله ابن هشام في المغني .
ابن هشام هو احد أئمة النحو , وله مؤلفات في النحو كثيرة : ألفية ابن مالك ومنها المغني , كتاب جيد , سمع رجل طائف يطوف بالكعبة يقول : اللهم اني أسألك نحوا كنحو ابن هشام , وفقها كفقه شيخ الاسلام , لانه درس مؤلفاتهما فسأل ربه .
جملة : زيد قائم والله
وزيد والله قائم .
المقسم عليه محذوف وجوبا دل عليه السياق


يتبع <<<<<<<<<<<

إيمان مصطفى عمر
19-02-09, 12:06 AM
المتن :


وللقسم فائدتان :


إحداهما : بيان عظمة المقسم به .


والثانية : بيان أهمية المقسم عليه ، وإرادة توكيده ، ولذا لا يحسن القسم إلا في الأحوال التالية :


الأولى : أن يكون المقسم عليه ذا أهمية .


الثانية : أن يكون المخاطب مترددا في شأنه .


الثالثة : أن يكون المخاطب منكرا له .




شرح الشيخ :



الفائدة الاولى : بيان عظمة المقسم به , لاننا ذكرنا ان تعريف القسم هو تاكيد الشئ بذكر المعظم , فاذا اقسم الانسان بشئ علمنا انه عظيم عنده ,


الثاني : بيان اهمية المقسم عليه , وارادة توكيده ولهذا لا يحسن القسم الا في الاحوال التالية :


1"- ان يكون المقسم عليه ذا اهمية


2" - ان يكون المخاطب مترددا في شأنه ,


3" - ان يكون المخاطب منكرا له ,



اذا كان الشئ ذا اهمية فأكده بالقسم , حتى عند من يقر به , وذلك ليعرف المخاطب ان هذا الشئ ذو اهمية , ولذلك أُقسم عليه


اذا كان المخاطب متردد في شأنه , وهذا قال اهل البلاغة انه يحسن التوكيد ولا يجب , لان المتردد قد يأتيه الخبر مجرد ,


ان يكون المخاطب منكرا له , هنا يتعين ان تحلف حتى يكون المخاطب مطمئنا ,


مثلا الذين زعموا ان لن يبعثوا , قال الله تعالى لنبيه :


-( زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير )- [التغابن/7]


فان قال قائل : كلامك هذا منقوض بقوله تعالى


-( ثم إنكم بعد ذلك لميتون )- [المؤمنون/15]


هنا مؤكد من غير قسم مع انه لا احد ينكره , أجاب اهل البلاغة عن هذا , نزِّل المخاطب منزلة المنكر لانه لم يعلم بهذا اليوم الذي هو يوم موته , ولهذا يحسن ان نقرأ البلاغة .





المتن :



القصص



القصص والقص لغة : تتبع الأثر .


وفي الاصطلاح : الإخبار عن قضية ذات مراحل ، يتبع بعضها بعضا .


وقصص القرآن أصدق القصص ؛ لقوله تعالى: (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً)(النساء: الآية87) وذلك لتمام مطابقتها على الواقع وأحسن القصص لقوله تعالى: (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِمَا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآن) (يوسف: الآية 3) وذلك لاشتمالها على أعلى درجات الكمال في البلاغة وجلال المعنى .


وأنفع القصص ، لقوله تعالى : (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَاب)(يوسف: الآية 111) . وذلك لقوة تأثيرها في إصلاح القلوب والأعمال والأخلاق .





شرح الشيخ :


القص : لغة : تتبع الأثر , كما قال تعالى عن موسى وفتاه :


-( قال ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا )- [الكهف/64]


يعني يتتبعان الأثر .


وفي الاصطلاح : الاخبار عن قضية ذات مراحل يتبع بعضها بعضا ,


الاخبار عن قضية لها مراحل يتبع بعضها بعضا , وعلى هذا لو قلت جاء زيد ,


تكون قصة ؟ لو كل واحد من الناس قص عليك قصة سيشرد ويظن انها صفحات , لو قلنا : قام زيد , تكون قصة ؟ ما هي قضية وليس لها مراحل .


وقصص القرآن أصدق القصص , الدليل قوله تعالى :


-( الله لا إله إلا هو ليجمعنكم إلى يوم القيامة لا ريب فيه ومن أصدق من الله حديثا )- [النساء/87]



وذلك لتمام مطابقتها للواقع , والله ان ما اخبر الله به اوكد عندنا مما شاهدناه بأعيينا , لان ما اخبر الله به لا يعتريه لبس , وما شاهدناه بأعيينا قد يعتريه لبس , قد يرى الانسان الشئ المتحرك ساكنا او بالعكس , فلا احد أصدق من الله حديثا , اذا القصص الوارد بالقرآن حق وصدق ليس بها كذب بوجه من الوجوه , واحس القصص في اسلوبها وفي سياقها وفي آثارها وفي لذة قراءتها , قال الله تعالى :


-( نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين )- [يوسف/3]



وذلك لاشتمالها على أعلى درجات الكمال في البلاغة وجلال المعنى , وانفع القصص كقوله تعالى :



-( لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب [يوسف/111]



فهذا أثر عظيم ان يعتبر الانسان بقصص هؤلاءالحسن


اذن القصص اشتملت على ثلاثة اوصاف :


الصدق


النفع والتأثير


ولذلك يحسن الواحد منا ان يأخذ قصة من القصص , يتتبعها بتفسيرها ومعنها الاجمالي وفوائدها وما تتضمنه من احكام وحكم ,وذلك لقوة تأثيرها في اصلاح القلوب والاخلاق , انظر خطاب ابراهيم عليه السلام لابيه , قال ابراهيم لابيه : يا أبت اني قد جاءني من العلم ما لم يأتيك , معنى العبارة انك جاهل وانا اعلم منك ولكنه تحاشى ان يقول هذه العبارة لانها شديدة على الاب , وربما تنفره , والتفنن في الاسلوب ومراعاة الحال هذا له وزنه , ذكر ان احد الخلفاء رأى رؤية ان اسنانه قد انقلعت , فقال إيتوني بعابر , فأتوا له بعابر ,قال : ما تقول في هذه الرؤية التي أرقتني , قال : أقول ان حاشيتك ستموت كلها , ففزع الملك وقال اضربوه , هاتوا عابر آخر , وقال : ما تقول ؟ قال : اقول ان الملك سيكون اطول من حاشيته عمرا . فاعطاه جائزة , مع ان المعنى واحد .




المتن :



وهي ثلاثة أقسام :


*- قسم عن الأنبياء والرسل ، وما جرى لهم مع المؤمنين بهم والكافرين .


* - وقسم عن أفراد وطوائف ، جرى لهم ما فيه عبرة ، فنقلة الله تعالى عنهم ، كقصة مريم ، ولقمان ، والذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها ، وذي القرنين ، وقارون ، وأصحاب الكهف ، وأصحاب الفيل ، وأصحاب الأخدود وغير ذلك .


*- وقسم عن حوادث وأقوام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ، كقصة غزوة بدر ، وأحد ، والأحزاب ، وبني قريظة ، وبني النضير ، وزيد بن حارثة ، وأبي لهب ، وغير ذلك .



شرح الشيخ :



اذن القصص ثلاث أقسام :


قسم عن الانبياء والرسل وما جرى لهم مع المؤمنين والكافرين , وهذا كثير , وقد جاء في القرآن مبسوطا وجاء مختصرا , ومن اشده اختصارا وأعظمه تأثيرا ما جاء في سورة القمر , ذكر الله عز وجل مجمل قصص الانبياء ,المذكورين في الآية , لكنه على وجه مختصر الا انه مؤثر جدا جدا وقوي وصعب ,


2" قسم عن أفراد وطوائف ، جرى لهم ما فيه عبرة ، فنقلة الله تعالى عنهم ، كقصة مريم , قصة مريم جاءت مطولة ومختصرة ,في سورة مريم جاءت مطولة , وفي آل عمران , وقصة لقمان , ذكرت في سورة لقمان , وعلم ان لقمان ليس بنبي , وهو كذلك , والذي مر على قرية وهي خاوية على عروشها , اشجارها ميتة , فقال لنفسه : أنى يحيي الله هذه بعد موتها ؟ فأراه الله آية , اماته الله مئة سنة وكان معه حمار وطعام قابل للتغير كعنب او تين او غيره , ثم بعثه , فرأى عجبا , راى الطعام لم يتغير والحمار ميت تلوح عظامه , وسأله الله كم لبثت , قال يوما او بعض يوم , والظاهر انه لم حماره , لانه لو راى الحمار ما قال هذا , فأراه الله الحمار والطعام , واذا الطعام لم يتغير مع انه بقي مئة سنة , كانه الآن , قوال له الله انظر الى العظام كيف ننشزها ثم نكسوها لحما , فرأى العظام يجتمع بعضها مع بعض وينشزها الله عز وجل , ثم كسها لحما , ثم قام الحمار , أحياه الله بعد موته وأحيا حماره امام عينه , فلما تبين له قال : اعلم ان الله على كل شئ قدير , سبحان الله , وفي البقرة خمس قصص , كلها فيها احياء الموتى .


ايضا قصة ذي القرنين , ليست بعيدة عنا , صاحب القرنين او ذي القرنين اي انه ملك المشرق والمغرب . وقارون صاحب المال الخبيث الذي لم يشكر الله على نعمه , قال : انما أوتيته على علم عندي اي بالتجارة او الصناعة وغيرها , وليس من فضل الله , فخسف الله به وبداره الارض فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة , والعياذ بالله , من اي قوم هو ؟ من قوم موسى .


واصحاب الكهف وقصتهم ليست بعيدة منا , لبثوا نياما ثلاثمئة سنة وتسع سنوات , لم يحتجوا لاكل ولا لشرب ولا لباس ولا يقظة , يقلبهم الله ذات اليمين وذات الشمال لئلا تستقر الدماء في جانب واحد فيهلكوا .


اصحاب الفيل وما ادراك ما اصحاب الفيل , نزلت بهم سورة كاملة , جاؤوا بفيلهم وجنودهم يريدون ان يهدموا الكعبة , بيت الله , لئن بعض العرب ذهب الى اليمن وكان ملك اليمن قد بنى بيتا وقال انه كعبة يمنية , وطلب من الناس ان يحجوا اليها ليقطع الرزق عن قريش , فغضب رجل من العرب وذهب الى اليمن وقال : لأقذرن هذا البيت , فذهب الى هذا البيت وقضى حاجته فيه , الغرض اهانة البيت وبانيه , فأقسم ملك اليمن ان يهدم الكعبة , فجاء بفيل عظيم مع جنوده يريد هدم الكعبة الشريفة , ولكن الله تعالى حبسه في مكان يقال له المغمس , ارسل الله عليهم طيرا ابابيل , اي جماعات متفرقة وقيل ابابيل لمناسبة آخر الايات , اصحاب الفيل جعل كيدهم في تضليل, ترميهم بحجارة من سجيل ..


وابابيل : تكون امتحانا للعبد , اذا سمع ابابيل ما هي ابابيل ...


هذه الابابيل كل طير في منقاره حجر قوي جدا اشد من رصاصة , يقولون انها تضرب الواحد على راسه فتخرج من دبره , وجعلهم كعصف مأكول , والعجيب سبحان الله ان الفيل اذا أقاموه ووجهوه الى الكعبة ترك وأبى ان يمشي , فإذا أقاموه ووجهوه الى اليمن هرب وأسرع .


ووقع لناقة النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك في غزوة الحديبية , اذا وجهوا الناقة للكعبة تركت وأبت , واذا وجهوها للمدينة مشت , فقال الصحابة رضي الله عنهم : خلئت القصواء , اي حرنت , فتاب عنها النبي صلى الله عليه وسلم , تاب عنها وهي بهيمة لان الرسول عليه الصلاة والسلام لا يقر على الكذب , قال : والله ما خلئت وليس ذلك لها بخلق , وانما حبسها حابس .


قصة أصحاب الأخدود , فعلوا بالمؤمنين أفاعيل , شقوا الأخدود بالارض(سواقي عميقة وملئوها حطب ) وعرضوها على المؤمنين ومن بقي على ايمانه ألقوه في النار , وصبر المؤمنين في النار لانهم يعلمون انهم اذا احترقت اجسامهم تنعمت ارواحهم .


ومع ذلك قلوبهم أحجار والعياذ بالله , هم على النار قعود مترفين متنعمين , وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود , وما نقموا منهم الا ما يوجب الثناء والمدح الا ان يؤمنوا بالله العزيز الحميد . ومع هذا يقول الله عز وجل وهو ارحم الراحمين :


-( إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات ثم لم يتوبوا فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق )- [البروج/10]



سبحان الله , يفتنون عباده ويحرقونهم بالنار ثم يعرض عليهم التوبة , أتجدون ارحم من هذا , لا والله ,


اذن القصص ينبغي للانسان ان يتأملها , ويستخرج منها فوائد وحكما وأحكاما .



القسم الثالث عن حوادث وأقوام في عهد النبي صلى الله عليه وسلم , وهذا ايضا كثير , كقصة


غزوة بدر وأحد وبني قريظة وبنو نضير وزيد بن حارثة وابو لهب ..




يتبع <<<<<<<<<<<

إيمان مصطفى عمر
19-02-09, 12:17 AM
المتن :




وللقصص في القرآن حكم كثيرة عظيمة منها :


1- بيان حكمة الله تعالى فيما تضمنته هذه القصص ؛ قوله تعالى : (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنَ الْأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ) (القمر:4) (حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ) (القمر:5)


2- بيان عدله تعالى بعقوبة المكذبين ؛ لقوله تعالى عن المكذبين : ( وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَمَا أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ لَمَّا جَاءَ أَمْرُ رَبِّك)(هود: الآية 101)


3- بيان فضله تعالى بمثوبة المؤمنين ؛ لقوله تعالى : (إِلَّا آلَ لُوطٍ نَجَّيْنَاهُمْ بِسَحَر نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر ٍ) (القمر:34-35)


4- تسلية النبي صلى الله عليه وسلم عما أصابه من المكذبين له ؛ لقوله تعالى : (وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ) (فاطر:25) (ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) (فاطر:26) .


5- ترغيب المؤمنين في الإيمان بالثبات عليه والازدياد منه ، إذ علموا نجاة المؤمنين السابقين، وانتصار من أمروا بالجهاد ، لقوله تعالى : (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) (الأنبياء:88) وقوله : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ رُسُلاً إِلَى قَوْمِهِمْ فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (الروم:47)


6- تحذير الكافرين من الاستمرار في كفرهم ، لقوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا) (محمد:10) .


7- إثبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم فإن أخبار الأمم السابقة لا يعلمها إلا الله عز وجل ، لقوله تعالى: (تِلْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَيْبِ نُوحِيهَا إِلَيْكَ مَا كُنْتَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ وَلا قَوْمُكَ مِنْ قَبْلِ هَذَا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ) (هود:49) وقوله: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِنْ بَعْدِهِمْ لا يَعْلَمُهُمْ إِلَّا اللَّهُ )(إبراهيم: الآية 9) .




شرح الشيخ :




يقول : وللقصص في القرآن حكما كثيرة عظيمة منها ,


اولا : بيان حكمة الله تعالى فيما تضمنته هذه القصص لقوله تعالى :


-( ولقد جاءهم من الأنباء ما فيه مزدجر )- [القمر/4]


-( حكمة بالغة فما تغن النذر )- [القمر/5]


جاءهم : يعني قريش


من الانباء : اخبار الامم السابقة


مافيه مزدجر : ازدجار من المعاصي والتكذيب


حكمة بالغة : اي الذي نجاهم حكمة بالغة مؤثرة ,


فما تغن النذر : استفهام ام نفي ؟ الظاهر انه الثاني ,اما الاول يؤيده قوله تعالى :


-( وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب )- [هود/101]


لكن الاستفهام أقوى , يعني اي شئ أغنت النذر , لم تغنهم شيئا


ثانيا : بيان عظمة عدله تبارك وتعالى لعقوبة المكذبين , لقوله تعالى :


-( وما ظلمناهم ولكن ظلموا أنفسهم فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون الله من شيء لما جاء أمر ربك وما زادوهم غير تتبيب )- [هود/101]



بيان العدل التام .


الثالث : بيان فضله تعالى لمثوبة المؤمنين , لقوله تعالى :


-( إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل لوط نجيناهم بسحر )- [القمر/34]


-( نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر )- [القمر/35]



رابعا : تسلية النبي عليه الصلاة والسلام عما أصابه من الكذبين له , لقول الله تبارك وتعالى:


-( وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات وبالزبر وبالكتاب المنير )- [فاطر/25]


-( ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير )- [فاطر/26]


لا شك ان هذا تسلية , ومثل ذلك قوله تعالى :


-( كذلك ما أتى الذين من قبلهم من رسول إلا قالوا ساحر أو مجنون )- [الذاريات/52]


يعني لا تتعجب يا محمد , كذلك قوله تعالى :


-( ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبأ المرسلين )- [الأنعام/34]



خامسا : ترغيب المؤمنين بالايمان والثبات عليه , اذا علموا نجاة المؤمنين السابقين وانتصار من أمروا بالجهاد , لقوله تعالى :


-( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين )- [الأنبياء/88]


ولهذا من قال هذه الكلمة :


لا اله الا انت سبحانك اني كنت من الظالمين , وهو في غم وهو مؤمن ان الله ينجيه بها , الا نجاه الله , لقوله تعالى :


-( وذا النون إذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى في الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين )- [الأنبياء/87]


-( فاستجبنا له ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين )- [الأنبياء/88]


وقال تعالى


-( ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاؤوهم بالبينات فانتقمنا من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين )- [الروم/47]


اوجب الله على نفسه ان ينصر المؤمنين .


قد يقول قائل : ما الجمع بين هذه الآية وبين اخباره ان من الناس من قتل النبيين بغير حق ؟


نقول : النصر نوعان ,


نصر في الدنيا والآخرة


نصر في الآخرة دون الدنيا


فيكون هؤلاء الانبياء الذين قتلوا في الدنيا يكون نصرهم في الآخرة قطعا , وفي الدنيا ربما يكون نصرهم بنصر أقوالهم , وما دعوا اليه , لان هذا من أعظم النصر , الآثار التي تبقى بعد الانسان هي النصر


ولهذا قال أحد الشعراء :


ذكر الفتى عمره الثاني وحاجته ماقاته


سادسا: تحذير الكافرين من الاستمرار في كفرهم, لقوله تعالى :


-( أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم دمر الله عليهم وللكافرين أمثالها )- [محمد/10]


افلم يسيروا : سير اقدام ام سير قلوب ام الاثنان ؟


الاعم هو سير القلوب , لان سير القلوب تصل الى ما تصل اليه الاقدام ولان سير القلوب يكون حتى في الماضي ,


دمر الله عليهم : يعني أفسد عليهم أمرهم ولم ينجحوا


وللكافرين امثالها : يعني الكافرين الموجودين الآن أمثال ما كان للسابقين .



سابعا : اثبات رسالة النبي صلى الله عليه وسلم ,كيف ذلك ؟


لان اخبار الامم السابقة لا يعلمها الا الله عزوجل , لقوله تعالى :


-( تلك من أنباء الغيب نوحيها إليك ما كنت تعلمها أنت ولا قومك من قبل هذا فاصبر إن العاقبة للمتقين )- [هود/49]


وقوله :


-( ألم يأتكم نبأ الذين من قبلكم قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم لا يعلمهم إلا الله )- [إبراهيم/9]


فكون هذا النبي الأمي الذي لا يقرأ ولا يكتب يخبر عن امم سابقة خبرا صادقا مطابقا للواقع , دليل على صحة رسالته صلى الله عليه وسلم , وان رسالته ثابتة .



هذه سبع فوائد لقصص في القرآن الكريم .




المتن :



تكرار القصص


من القصص القرآنية ما لا يأتي إلا مرة واحدة ، مثل قصة لقمان ، وأصحاب الكهف ، ومنها ما يأتي متكررا حسب ما تدعو إليه الحاجة ، وتقتضيه المصلحة ، ولا يكون هذا المتكرر على وجه واحد ، بل يختلف في الطول والقصر واللين والشدة وذكر بعض جوانب القصة في موضع دون آخر .


ومن الحكمة في هذا التكرار ؟


1- بيان أهمية تلك القصة لأن تكرارها يدل على العناية بها .


2- توكيد تلك القصة لتثبت في قلوب الناس .


3- مراعاة الزمن وحال المخاطبين بها ، ولهذا تجد الإيجاز والشدة غالبا فيما أتى من القصص في السور المكية والعكس فيما أتى في السور المدنية .


4- بيان بلاغة القرآن في ظهور هذه القصص على هذا الوجه وذاك الوجه على ما تقضيه الحال


5- ظهور صدق القرآن ، وأنه من عند الله تعالى ، حيث تأتي هذه القصص متنوعة بدو تناقص .



شرح الشيخ :



قسم لا يتكرر مثل قصة لقمان واصحاب الكهف


ياجوج ومأجوج : مكرر


منها ما يأتي متكررا , والمتكرر لا يأتي بصيغة واحدة , لا بد ان يختلف


مثلا :


-( قال الملأ من قومه إنا لنراك في ضلال مبين )- [الأعراف/60]


-( قال للملأ حوله إن هذا لساحر عليم )- [الشعراء/34]


, القصة الاولى ذكر قول اصحاب فوعون , والثانية ذكر قول فرعون


اذن التكرار بحسب ما تكون اليه الحاجة وتقتضيه المصلحة , فهي تختلف في الطول والقصر واللين والشدة ,


والحكمة من هذا التكرار :


اولا :التكرار يدل على العناية بها , وهذا واضح , اذا اخبرت صاحبك بخبر جيد , ثم جلست في مجلس آخر تعيده لانه قد اهمك


ثانيا : توكيد تلك القصة لتثبت في قلوب الناس , كلما كررت واعيدت زادت ثباتا في قلوب الناس واهتماما بها


ثالثا : مراعاة الزمن وحال امخاطبين بها , ولهذا تجد الاجازة والشدة في القصص في السور المكية والعكس فيما اتى في السور المدنية .


لو كانت القصة فيما نزل بالمدينة تجد اسلوبها مبسوطا لان المقام يقتضي ذلك


رابعا : بيان بلاغةالقرآن في ظهور هذه القصص على هذا الوجه وذاك الوجه على ما تقتضيه الحال . ولهذا ذكرنا لكم فيما مضى ان البلاغة مطابقة الكلام لمقتضى الحال .


خامسا : ظهور صدق القرآن وانه من عند الله , حيث تأتي هذه القصص متنوعة بدون تناقض , لان الغالب ان الكاتب اذا اعاد الكلام وجدت في كلامه اختلافا وتناقضا , فاذا لم نجد ذلك في أصل القرآن دل على انها من عند الله وانها حق .





يتبع >>>>>>>>>

إيمان مصطفى عمر
19-02-09, 12:18 AM
المتن :


الإسرائيليات


الإسرائيليات : الأخبار المنقولة عن بني إسرائيل من اليهود وهو الأكثر ، أو من النصارى . وتنقسم هذه الأخبار إلى ثلاثة أنواع :

الأولى : ما أقره الإسلام ، وشهد بصده فهو حق .

مثاله : ما رواه البخاري وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع ، وسائر الخلائق على إصبع فيقول : أنا الملك ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم : (وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (الزمر:67) (1)

الثاني : ما أنكره الإسلام وشهد بكذبه فهو باطل مثاله ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها ، جاء الولد أحول ؛ فنزلت : (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ )(البقرة: الآية 223) (2)

الثالث : ما لم يقره الإسلام ، ولم ينكره ، فيجب التوقف فيه ، لما رواه البخاري (3) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ، وقولوا: ( آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ)(العنكبوت: الآية 46) الآية ، ولكن التحدث بهذا النوع جائز ، إذا لم يخش محذور ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " بلغوا عني ولو آية ، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج ، ومن كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده م النار " رواه البخاري (4) .

وغالب ما يروى عنهم من ذلك ليس بذي فائدة في الدين كتعيين لون كلب أصحاب الكهف ونحوه .

وأما سؤال أهل الكتاب عن شئ من أمور الدين ، فإنه حرام لما رواه الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ ؛ فإنهم لن يهدوكم ، وقد ضلوا ، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل ، أو تكذبوا بحق ، وإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني " (5).

وروى البخاري (6) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ ، وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله محضا ، لم يشب ، وقد حدثكم أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتاب الله ، وغيروا ، فكتبوا بأيدهم ، قالوا : هو من عند الله ؛ ليشتروا بذلك ثمنا قليلا أو لا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ؟ فلا والله رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أنزل إليكم.

شرح الشيخ :

الاسرائيليات منسوبة الى اسرائيل وهو احد الانبياء عليهم الصلاة والسلام , لكن سمي ما ينقله بنو اسرائيل بانه اسرائيليا , من باب النسبة الى المضاف اليه لا الى المضاف , وذكر علماء النحو ان النسبة الى المضاف اليه تكون اما لهما مركبين واما الاول اذا كان اشهر واما للثاني .


الاسرائيليات منقولة عن بنو اسرائيل من اليهود ام من النصارى ؟

لقوله تعالى

-( وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقا لما بين يدي من التوراة ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد فلما جاءهم بالبينات قالوا هذا سحر مبين )- [الصف/6]
فالنصارى هم من بنو اسرائيل , فما نقل عن بنو اسرائيل هو اسرائيلي

تنقسم الاسرائيليات الى ثلاثة اقسام :

1" ما أقره الاسلام وشهد بصدقه فهو حق , مثاله:
مثاله : ما رواه البخاري وغيره عن ابن مسعود رضي الله عنه قال : جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا محمد ، إنا نجد أن الله يجعل السماوات على إصبع ، وسائر الخلائق على إصبع فيقول : أنا الملك ، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقا لقول الحبر ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم :

(وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ)

اذا النبي ضحك سرورا بما قال الحبر وتصديقا لقوله , هذا النوع من قصص بني اسرائيل حق ومقبول بشهادة السنة

2" ما انكره الاسلام وشهد بكذبه , فهذا مردود , مثاله :
ما رواه البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: كانت اليهود تقول إذا جامعها من ورائها ، جاء الولد أحول ؛ فنزلت : (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ )(البقرة: الآية 223)

في هذه الآية اشارة الى ان المأذون فيه لا يمكن ان يحدث شرا , وهذا نشير الى الحديث الموضوع المكذوب عن الرسول عليه الصلاة والسلام ,ان لحم البقر داء , ولبنها شفاء

لايمكن ان يكون لحمها داء وقد احله الله تعالى , كيف يحله الله وهو يجلب الامراض ؟

3" ما لم يقره الاسلام ولم ينكره , مثاله :

رواه البخاري (3) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : كان أهل الكتاب يقرؤون التوراة بالعبرانية ، ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم ،

وقولوا: ( آمَنَّا بِالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَأُنْزِلَ إِلَيْكُمْ)(العنكبوت: الآية 46)

قوله يقرؤون التوراة بالعبرية ويفسرونها بالعربية دليل على ان الترجمة هي التفسير

وقوله : لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم , لانه لو صدقتموهم قد تصدقوهم بباطل , وان كذبتموهم فقد تكذبوهم بحق , ولكن قولوا :

-( ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن إلا الذين ظلموا منهم وقولوا آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزل إليكم وإلهنا وإلهكم واحد ونحن له مسلمون )- [العنكبوت/46]

ولكن التحدث بهذا النوع جائز اذا لم يخش المحذور , لقول النبي صلى الله عليه وسلم : بلغوا عني ولو آية وحدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج ومن كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار

الآن ما موقفنا مما يتحدث به بنو اسرائيل ولم يقره القرآن ولم ينكره ؟

التوقف , نتوقف فيه , لكن لا بأس ان نتحدث به بدون ان نعتقد مدلوله , لانه قد يكون فيع عبر وقصص قد تنفعنا
وغالب ما يروى عنهم ليس فيه فائدة بالدين , مثاله :
تعيين لون كلب اصحاب الكهف ونحوه ..

اذن هذه اخبار لا نصدقها ولا نكذبها . واما سؤال اهل الكتاب عن شئ في الدين فانه حرام , فان قيل اليس بعض الناس يذهب الى امريكا ليأخذ شهادة الدكتوراه في الفقه , عجيب , متى كانت امريكا تعرف الفقه الاسلامي حتى يؤخذ منها ,؟ يقولون ان فيها علماء مسلمين ساكنون هناك , يعلمون الناس الفقه , فان صح هذا فاننا لم نسأل بني اسرائيل وانما اخذنا عن رجل من امة محمد عليه الصلاة والسلام

لما رواه الإمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ ؛ فإنهم لن يهدوكم ، وقد ضلوا ، فإنكم إما أن تصدقوا بباطل ، أو تكذبوا بحق ، وإنه لو كان موسى حيا بين أظهركم ما حل له إلا أن يتبعني

اي لو كان موسى حيا فانه حرم عليه ان يخالف النبي صلى الله عليه وسلم

وروى البخاري (6) عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أنه قال : يا معشر المسلمين كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ ، وكتابكم الذي أنزل الله على نبيكم صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار بالله محضا ، لم يشب ،( لماذا هو احدث الاخبار ؟ لانه آخر ما نزل ) ( خالص ما فيه زيادة وتشويه ولا نقص )

وقد حدثكم أن أهل الكتاب قد بدلوا من كتاب الله ، وغيروا ، فكتبوا بأيدهم ، قالوا : هو من عند الله ؛ ليشتروا بذلك ثمنا قليلا أو لا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم ؟ فلا والله رأينا رجلا منهم يسألكم عن الذي أنزل إليكم.

هذا كلام عظيم , فيه التحذير وفيه الاغراء , هم ما يسألونكم عما انزل اليكم فكيف تسألونهم , وفي هذا نعي لعقول من في عصرنا


يتبع الشريط السابع .

والحمد لله رب العالمين ....

إيمان مصطفى عمر
01-03-09, 08:23 AM
بسم الله الرحمن الرحيم

تابع شرح الشريط السادس

وروى البخاري عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما , انه قال : يا معشر المسلمين , كيف تسألون أهل الكتاب عن شئ وكتابكم الذي انزل الله على نبيكم صلى الله عليه وسلم أحدث الأخبار

(لأنه آخر ما نزل , فهو أقرب الكتب الى الله عز وجل , أحدث الاخبار بالله , محضا لم يُشب , يعني انه خالص ما فيه شائبة لا زيادة ولا نقص ), وقد حدثكم الله ان اهل الكتاب قد بدلوا من كتاب الله وغيروا فكتبوا بأيديهم وقالوا هو من عند الله ليشتروا بذلك ثمنا قليلا , أولا ينهاكم ذلكم ما جاءكم من العلم عن مسألتهم , فلا والله ما رأينا رجل منهم يسألكم عن الذي أنزل إليكم .

هذا كلام عظيم , فيه التحذير وفيه الاغراء , يقول اذا كانوا هم لا يسالونكم عن ما أنزل اليكم , كيف تسألونهم وفي هذا نعي لعقول من في عصرنا ممن يذهبون ليأخذوا النظم والقوانين والحكم بين الناس ممن ؟ من الكفار الذين لا يسألوننا عما في ديننا من هذا , بل صاروا يجلبون القوانين من أمة الكفر ويحكمون فيها بين المسلمين , وهذا خطره عظيم , نسأل الله السلامة والهداية ,

المتن :
موقف العلماء من الإسرائيليات
اختلفت موافق العلماء ، ولا سيما المفسرون من هذه الإسرائيليات على ثلاثة أنحاء :
أ- فمنهم من أكثر منها مقرونة بأسانيدها ، ورأي أنه بذكر أسانيدها خرج من عهدتها ، مثل ابن جرير الطبري.
ب- ومنهم من أكثر منها ، وجردها من الأسانيد غالبا ، فكان حاطب ليل مثل البغوي الذي قال شيخ الإسلام ابن تيميه (7) عن تفسيره : إنه مختصر من الثعلبي ، لكنه صانه عن الأحاديث الموضوعية والآراء المبتدعة ، وقال عن الثعلبي : إنه حاطب ليل ينقل ما وجد في كتب التفسير من صحيح وضعيف وموضوع
ج- ومنهم من ذكر كثيرا منها، وتعقب البعض مما ذكره بالتضعيف أو الإنكار مثل ابن كثير .
د- ومنهم من بالغ في ردها ولم يذكر منها شيئا يجعله تفسيرا للقرآن كمحمد رشيد رضا

شرح الشيخ
ابن جرير الطبري امام المفسرين بالأثر , لكنه رحمه الله حطاب ليل في تفسيره , جاء بالاسرائيليات مقرونة بالسند ويرى رحمه الله انه بذكر سندها برئ من عهدتها لانه يقول انا اسوق لك القصة وهذا سندها , ان شئت فارددها وان شئت فلا تردها , وان شئت فابحث عن سندها .
ومنهم من اكثر منها وجردها من الاسانيد غالبا فكان حاطب ليل , مثل :البغوي
البغوي تفسيره جيد لكن فيه شئ من عدم التحرير .
ج- ومنهم من ذكر كثيرا منها، وتعقب البعض مما ذكره بالتضعيف أو الإنكار مثل ابن كثير .
د- ومنهم من بالغ في ردها ولم يذكر منها شيئا يجعله تفسيرا للقرآن كمحمد رشيد رضا.

المتن :
الضمير

الضمير لغة : من الضمور وهو الهزال لقلة حروفه أو من الإضمار وهو الإخفاء لكثرة استتاره .
وفي الاصطلاح : ما كني به عن الظاهر اختصارا وقيل : ما دل على حضور ، أو غيبة لا من مادتهما.
فالدال على الحضور نوعان :
أحدهما : ما وضع للمتكلم مثل : (وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّه)(غافر: الآية 44)
الثاني : ما وضع للمخاطب مثل : (صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ )(الفاتحة: الآية 7) .
وهذان لا يحتاجان إلى مرجع اكتفاء بدلاله الحضور عنه . والدال على الغائب ، ما وضع للغائب . ولابد له من مرجع يعود عليه

شرح الشيخ :
اكثر الناس يعبرون في الضمير عما في القلب , يقولون : فلان ما عنده ضمير اي ما عنده مروءة , وما اشبه ذلك , لكن هذه لغة عرفية .
اما الضمير في اللغة العربية فهو مأخوذ من الضمور وهو الهزال , لقلة حروفه او من الاضمار وهو الاخفاء لكثرة استتاره , الا يمكن ان يكون مأخوذا من الجميع ؟ يمكن ولا منافاة .

انظر الى قوله تعالى
-( إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات والقانتين والقانتات والصادقين والصادقات والصابرين والصابرات والخاشعين والخاشعات والمتصدقين والمتصدقات والصائمين والصائمات والحافظين فروجهم والحافظات والذاكرين الله كثيرا والذاكرات أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما )- [الأحزاب/35]

انظر كيف ان (لهم ) نابت عن عشرين كلمة , مما يدل على انه كلمة مختصرة تنوب عن كلمات كثيرة ,
في الاصطلاح : ما كني به عن الظاهر اختصارا , وقيل ما دل على حضور او غيبة لا بمادتهما ,
وهذا الاخير هو تعريف ابن مالك في الألفية ,فكلمة حضر وكلمة غاب لا تسمى ضمير لانها دلت على الغيبة والحضور بمادتهما ,

والضمير معروف لكل من قرأ اللغة العربية ,
الدال على الحضور نوعان :
1" -- احدهما ما وضع للمتكلم مثل : وأفوض أمري الى الله
( قالها مؤمن من آل فرعون هنا في قوله أفوض ضمير موضوع للمتكلم , وفيها أمري : فيها ضمير موضوع للمتكلم , الاول مستتر وجوبا , والثاني ظاهر )
** واعلم انه اذا كان تقدير الضمير انا او انت او نحن..مستتر فهو مستتر وجوبا .
وما كان تقديره هو او هي فهو مستتر جوازا .
مثلا :
أقوم : الفاعل مستتر وجوبا تقديره انا ...
اما لو قلت هند تقوم : فالضمير مستتر جوازا تقديره هي

2" -- موضع للمخاطب , مثل : صراط الذين أنعمت عليهم
هذه للمخاطب , والمخاطب هو الله عز وجل
وهذان لا يحتجان الى مرجع اكتفاء بدلالة الحضور عنهما

اذا قلنا : أنعمت , كلنا نعرف من المخاطب
وكذلك ضربت ُ لا يحتاج الى مرجع لان معروف انه انا الذي ضرب
اذن ما يكون موضوع المتكلم او المخاطب لا يحتاج الى مرجع اكتفاء بالخطاب او الحضور
والدال على الغائب ما وضع للغائب ولا بد له من مرجع ,لانه بدون مرجع لا تعرف من , فاذا قلت قام : تسأل من قام ؟

المتن :
والأصل في المرجع أن يكون سابقا على الضمير لفظا ورتبه مطابقا له لفظا ومعنى مثل : (وَنَادَى نُوحٌ رَبَّهُ )(هود: الآية 45) .
وقد يكون مفهوما من مادة الفعل السابق مثل : ( اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى )(المائدة: الآية 8) .

وقد يسبق لفظا لا رتبة مثل : (وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ ربُه)(البقرة: الآية 124) وقد يسبق رتبة لا لفظا مثل : (حمل كتابه الطالب ) .

وقد يكون مفهوما من السياق مثل : ( وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَد)(النساء: الآية 11) فالضمير يعود على الميت المفهوم من قوله : (مما ترك ) .
وقد لا يطابق الضمير معنى مثل : ( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين(12) ثم جعلناه نطفة)(المؤمنون 12،13) فالضمير يعود على الإنسان باعتبار اللفظ ، لأن المجعول نطفة ليس الإنسان الأول
وإذا كان المرجع صالحا للمفرد والجمع جاز عود الضمير عليه بأحدهما مثل : ( وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَيَعْمَلْ صَالِحاً يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقاً)(الطلاق: الآية 11)
والأصل اتحاد مرجع الضمائر إذا تعددت مثل : (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى(5) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى(6) وهو بالأفق الأعلي (7)ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى(8) فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى(9) فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى(10)(النجم:5-10) فضمائر الرفع في هذه الآيات تعود إلى شديد القوى وهو جبريل .
والأصل عود الضمير على أقرب مذكور إلا في المتضايفين فيعود على المضاف ؛ لأنه المتحدث عنه مثال أول : (وَآتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَجَعَلْنَاهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائيل)(الإسراء : الآية 2) .

ومثال الثاني ( وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوهَا )(إبراهيم: الآية 34) .
وقد يأتي على خلاف الأصل فيما سبق بدليل يدل عليه .

شرح الشيخ

**الاصل في المرجع اسم ان يكون سابقا على الضمير لفظا ورتبة , مطابقا له لفظا ومعنى , هذا الاصل ولهذا نسميه مرجع , ونقول الضمير يعود على كذا
اذن الاصل في المرجع
*سابقا للضميرلفظاورتبة
*مطابقا له لفظا ومعنى
لكن قد يختلف وقد يكون مفهوما من مادة الفعل السابق مثل

-( ونادى نوح ربه )- [هود/45
اين الضمير ؟الهاء في ربه تعود على نوح (نكرة ) ونوح سابق للضمير لفظا ورتبة , اي ملفوظ قبل الضمير ورتبة لان نوح فاعل والاصل في الفاعل ان يلي الفعل , فهو سابق على مرجعه لفظا ورتبة

***وقد يكون المرجع مفهوما من مادة الفعل السابق مثل :

-( اعدلوا هو أقرب للتقوى )- [المائدة/8]

اعدلوا : اي العدل المفهوم من اعدلوا .

** وقد يسبق لفظا لا رتبة , اي قد يسبق الفاعل مرجع الضمير لفظا لا رتبة , مثال

-( وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه )- [البقرة/124]

ابراهيم سابق على الضمير , لفظا لا رتبة , لان ابراهيم مفعول به , والاصل في الترتيب الفاعل ثم المفعول به , فهو اذا متقدم على الضمير لفظا لا رتبة

** وقد يسبق رتبة لا لفظا , مثال :
حمل كتابَه الطالبُ

الطالب بعد الضمير لفظا وقبله رتبة لان الطالب فاعل والاصل اولا الفعل ثم الفاعل
اذا مرجع الضمير هنا سابق رتبة لا لفظا

** وقد يكون مفهوما من السياق , مثل :
-( ولأبويه لكل واحد منهما السدس مما ترك إن كان له ولد )- [النساء/11]

اين المرجع ؟ الضمير في أبويه يعود على الميت المفهوم من قوله (مماترك )

** وقد لا يطابق الضمير معنىً مثل :

-( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين )- [المؤمنون/12]

-( ثم جعلناه نطفة في قرار مكين )- [المؤمنون/13]

جعلناه يعود على الانسان لفظا لان المخلوق من سلالة من طين هو آدم , اما المخلوق من النطفة هو بنو آدم فالضمير يعود على الانسان باعتبار اللفظ لان المجهول نطفة ليس الانسان الاول .

** اذا كان المرجع صالح للمفرد والجمع , جاز عود الضمير عليه لأحدهما

لانه اذا كان المرجع من الكلمات يصلح للمفرد والجمع جاز عود الضمير اليها باعتبار لفظها مفردا وباعتبار انها جمعا او مثنى حسب الحال
مثاله
-( ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا )- [الطلاق/11]

ومن يؤمن بالله : مطابقة الضمير للمرجع لفظا
خالدين : المطابقة معنى
قد احسن الله له رزقا : المطابقة لفظا
الآية ضمائرها تارة تعود على المعنى وتارة تعود على اللفظ , ومعلوم ان القرآن أبلغ الكلام .

** الاصل اتحاد الضمائر اذا تعددت , اي يكون مرجعها واحد اذا تعددت الضمائر , وقد تختلف

مثال :
-( علمه شديد القوى )- [النجم/5]
-( ذو مرة فاستوى )- [النجم/6]
-( وهو بالأفق الأعلى )- [النجم/7]
-( ثم دنا فتدلى )- [النجم/8]
-( فكان قاب قوسين أو أدنى )- [النجم/9]
-( فأوحى إلى عبده ما أوحى )- [النجم/10]

كلها فيها ضمائر :
علمه : الهاء تعود الى رسول الله صلى الله عليه وسلم
شديد القوى : هو جبريل
استوى : الضمير يعود على جبريل
وهو بالافق الاعلى : تعود الى جبريل
دنى فتدلى : جبريل
فكان قاب قوسين او ادنى : جبريل
فأوحى الى عبده ما أوحى :تعود الى الله تعالى
اذن ضمائر الرفع في هذه الآيات تعود الى شديد القوى وهو جبريل
الهاء في كلمة عبده : هذه لا تعود الى جبريل وانما تعود الى الله عز وجل ,والهاء في كلمة علمه تعود الى رسول الله صلى الله عليه وسلم .

خلافا لمن قال ان قوله تعالى :ثم دنى فتدلى , يعني الله تعالى , واعتدوا بذلك بقوله : فأوحى الى عبده , قالوا والعبد هنا ليس رسول الله صلى الله عليه وسلم لانه ليس عبدا لجبريل
فيقال الاصل في الضمائر اضطرادها واتحاد مرجعها ,
وهنا كلمة عبده لا يمكن ان تعود الى جبريل لان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد لله وليس لجبريل .

والاصل عود الضمير على أقرب مذكور الا في المتضايفين فيعود على المضاف , لانه المتحدَّث عنه
مثال :
-( وآتينا موسى الكتاب وجعلناه هدى لبني إسرائيل ألا تتخذوا من دوني وكيلا )- [الإسراء/2]
اقرب مذكور الى الضمير هو الكتاب ,
-( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم )- [النحل/18]
اقرب مذكور الى الضمير هو نعمة
وقد يأتي على خلاف الأصل فيما سبق بدليل يدل عليه.

وفائدة الضمير الاختصار وزوال اللبس ايضا ,لانك لو اتيت بالظاهر مكان المضمر ربما نجد اشكالا , ولذلك لايمكن ان يوتى بالظاهر مكان المضمر الا لسبب .

المتن :
الإظهار في موقع الإضمار
الأصل أن يؤتى في مكان الضمير بالضمير لأنه أبين للمعنى وأخصر للفظ ، ولهذا ناب الضمير بقوله تعالى ( أعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما )(الأحزاب 135) عن عشرين كلمة المذكورة قبله ، وربما يؤتى مكان الضمير بالاسم الظاهر وهو ما يسمى ( الإظهار في موضع الإضمار ) .
وله فوائد كثيرة ، تظهر بحسب السياق منها :
1- الحكم على مرجعه بما يقتضيه الاسم الظاهر .
2- بيان علة الحكم .
3- عموم الحكم لكل متصف بما يقتضيه الاسم الظاهر .

مثال ذلك قوله تعالى : ( من كَانَ عَدُوّاً لِلَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ)(البقرة: الآية 98) ولم يقل فإن الله عدو له ، فأفاد هذا الإظهار :
1- الحكم بالكفر على من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكائيل .
2- إن الله عدو لهم بكفرهم .
3- أن كل كافر فالله عدو له .

مثال آخر : قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) (الأعراف:170) ولم يقل أنا لا نضيع أجرهم

فأفاد ثلاثة أمور :
1- الحكم بالإصلاح للذين يمسكون الكتاب . ويقيمون الصلاة .
2- أن الله آجرهم لإصلاحهم .
3- أن كل مصلح وله أجر غير مضاع عند الله تعالى .
وقد يتعين الإظهار ، كما لو تقدم الضمير مرجعان ، يصلح عوده إلى كل منهما والمراد أحدهما مثل : اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانة ولاة أمورهم ، إذ لو قيل : وبطانتهم ، لأوهم أن يكون المراد بطانة المسلمين .
شرح الشيخ :

في المثال الأول : لو قيل مكان الضمير في ( اعد الله لهم ) قال :
(اعد الله للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات .....)
لكان هذا مخالفا للبلاغة , لكن لما جاء الضمير صار مع اختصاره اوضح للمعنى , فهو اخصر في اللفظ وأبين في المعنى .

وربما يؤتى مكان الضمير بالاسم الظاهر وهو ما يسمى ( الإظهار في موضع الإضمار ) . وله فوائد كثيرة ، تظهر بحسب السياق منها :
1- الحكم على مرجعه بما يقتضيه الاسم الظاهر .
2- بيان علة الحكم
3- عموم الحكم لكل متصف بما يقتضيه الاسم الظاهر
مثال ذلك
-( من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين )- [البقرة/98]

ما الذي يقتضيه الاصل ؟ فان الله عدو له
هذا ما كان متوقع , ولكن افاد هذا الاظهار

1"الحكم بالكفر على من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال
2" بيان علة الحكم ان الله عدو لهم لكفرهم , فلو قال الله عدو لهم : لم نعرف لماذا كان عدو لهم
لكن لما قال عدو للكافرين عرفنا علة الحكم .
3" ان كل كافر فالله عدو له , وهذا فائدة العموم .
اذن الاظهار في موضع الاضمار هو خلاف الاصل , ولا يعدل اليه الا لسبب

المثال الثاني :

-( والذين يمسكون بالكتاب وأقاموا الصلاة إنا لا نضيع أجر المصلحين )- [الأعراف/170]

ولم نقل إنا لا نضيع أجرهم
الذين يمسكون بالكتاب : الذين يتمسكون به تمسكا شديدا
وأقاموا الصلاة : أتوا بها مستقيمة
إنا لا نضيع أجر المصلحين : ولم نقل إنا لا نضيع أجرهم وذلك لفوائد وهي

1: الحكم بالاصلاح للذين يمسكون الكتاب ويقيمون الصلاة
2: ان الله آجرهم بإصلاحهم
3: ان كل مصلح له أجر غير مضاع عند الله .

*وقد يتعين الإظهار ، كما لو تقدم الضمير مرجعان ، يصلح عوده إلى كل منهما والمراد أحدهما مثل : اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانة ولاة أمورهم ، إذ لو قيل : وبطانتهم ، لأوهم أن يكون المراد بطانة المسلمين .
المتن :

وقد يتعين الإظهار ، كما لو تقدم الضمير مرجعان ، يصلح عوده إلى كل منهما والمراد أحدهما مثل : اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانة ولاة أمورهم ، إذ لو قيل : وبطانتهم ، لأوهم أن يكون المراد بطانة المسلمين .

ضمير الفصل

ضمير الفصل : حرف بصيغة ضمير الرفع المنفصل يقع بين المبتدأ والخبر إذا كانا معرفتين
ويكون بضمير المتكلم كقوله تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا )(طـه: الآية 14) وقوله (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) (الصافات:165) وبضمير المخاطب كقوله تعالى : ( كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِم)(المائدة: الآية 117) وبضمير الغائب كقوله تعالى : (وأولئك هم المفلحون)
وله ثلاثة فوائد :
الأولى التوكيد ، فإن قولك : زيد هو أخوك أوكد من قولك : زيد أخوك .
الثانية :الحصر ، وهو اختصاص ما قبله بما بعده ، فإن قولك المجتهد هو الناجح يفيد اختصاص المجتهد بالنجاح .
ثالثا :الفصل :أي التمييز بين كونه ما بعده خبرا ، أو تابعا ، فإن قولك : زيد الفاضل يحتمل أن تكون الفاضل صفة لزيد ، والخبر منتظر ، ويحتمل أن تكون الفاضل خبرا ، وإذا قلت : زيد هو الفاضل ، تعين أن تكون الفاضل خبرا ، لوجود ضمير الفصل .
شرح الشيخ :

سبق لنا دراسة وذكر فوائد الإظهار في موضع الاضمار ,
وقد يتعين الاظهار وذلك فيما اذا خيف اللبس .
واعلم ان لدينا قاعدتين مفيدتين في النحو
1" يجوز حذف المعلوم ويتعين ذكر المجهول : قال ابن مالك رحمه الله
وحذف ما يعلم جائز** كما تقول زيد بعد من عندكم

هذه القاعدة وان كانت في المبتدأ والخبر لكنها عامة , حذف ما يعلم جائز سواء في الخبر او الحال او في الصفة او في الموصوف او في أي شئ , في المثال
من عندكم ؟ زيد
المحذوف هو الخبر عندنا

2" كل ما يقتضي اللبس يجب اجتنابه
لانه عند الاشتباه لا بد من ازالته .

وقد يتعين الإظهار ، كما لو تقدم الضمير مرجعان ، يصلح عوده إلى كل منهما والمراد أحدهما مثل : اللهم أصلح للمسلمين ولاة أمورهم وبطانة ولاة أمورهم
البطانة : هم اصحاب السر الذين يكونون مع ولي الأمر في مجلسه الخاص , هنا نقول بطانة ولاة امورهم , الظاهر في موضع الضمير قوله ولاة , هنا يتعين ان اذكر ولاة , لانك لو قلت : وبطانتهم , لأوهم ان يكون المراد بطانة المسلمين


يتبع >>>>>>>>>>>>>

إيمان مصطفى عمر
01-03-09, 08:25 AM
ضمير الفصل
هو حرف بصيغة ضمير الرفع المنفصل , يقع بين المبتدأ والخبر اذا كانتا معرفتين
اذن هو حرف لا محل لها من الاعراب لان الحروف لا تعرب وانما يُعرب بها , فلا يمكن ان تجد حرفا يعرب ابدا , حتى النحويين قالوا في قول القائل :حضرت بلا كتاب ....الباء : حرف جر
لا : نافية وهي حرف لا يمكن ان تقول انها في محل جرولا يضاف .
الخلاصة إذا قيل المرلف لم يبين المؤلف هل لضمير الفصل محل من الإعراب أم لا؟

الجواب : قد بين لأنه قال هو حرف ، والحرف لا يمكن أن يكون معربا.
....................
يقع ضمير الفصل بين المبتدأ والخبر اذا كانا معرفتين سواء كانا منسوخين بأدوات النسخ ام لا , فتقول :
زيد كان هو الغاضب : منسوخين بـ ( كان )
يقول تعالى :
-( لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين )- [الشعراء/40]

وقوله اذا كانا معرفتين , علم من ذلك انه اذا لم يكونا معرفتين فانه لا يأتي ضمير الفصل , نقول
زيد قائم
لا يصح ان نقول : زيد هو قائم ,, لانه نعرب هو المبتدأ قائم : خبر
وجملة ( هو قائم ) صارت خبر للمبتدأ زيد .

ويكون بضمير المتكلم , كقوله تعالى :
-( إنني أنا الله لا إله إلا أنا فاعبدني وأقم الصلاة لذكري )- [طه/14]

القائل هو الله عز وجل يخاطب موسى , يقول :
انني انا الله : اي لا غيري ,
لا اله الا انا : اول ما كلمه بالتوحيد , لا : نافية للجنس
اله : اسمها , وخبرها محذوف , والتقدير (حق
الا : اداة حصر
انا : بدل من الخبر المحذوف
وكذلك ايضا :
-( وإنا لنحن الصافون )- [الصافات/165]
القائل هو الملائكة , وفي هذا يقول الرسول عليه الصلاة والسلام :
ألا تصفّون كما تصف الملائكة عند ربها .
الضمير في الآية : نحن ,
لو كانت الآية : ( وإنا للصافون ) كانت صحيحة , ولكن أضيف ضمير الفصل لفوائد .
...................
ويأتي بضمير المخاطب , كقوله تعالى :
-( كنت أنت الرقيب عليهم وأنت على كل شيء شهيد )- [المائدة/117]
كما يأتي بضمير الغائب , كقوله
-( وأولئك هم المفلحون )- [البقرة/5]

يقول تعالى :
-( وإن جندنا لهم الغالبون )- [الصافات/173]
والأصل ( وان جندنا للغالبون )
..................

لضمير الفصل ثلاثة فوائد

1" التوكيد
ان قلت زيد هو أخوك , تكون أوكد من قولك : زيد أخوك .

2" الحصر
وهو اختصاص ما قبله بما بعده ,
فان قولك المجتهد هو الناجح , يفيد اختصاص المجتهد بالنجاح .
المجتهد هو الناجح والمهمل ليس بناجح

3" الفصل
اي التمييز بين كون ما بعده خبرا او تابعا
فان قولك : زيد الفاضل تحتمل ان تكون الفاضل صفة لزيد والخبر ننتظر ان نقوله , اي مثلا نقول : زيد الفاضل قادم , وتحتمل ان تكون الفاضل خبرا للمبتدأ زيد , نقول : زيد ٌ الفاضل .
فان قلت : زيد هو الفاضل , تعين ان تكون الفاضل خبرا لوجود ضمير الفصل .




المتن :



الالتفات


الالتفات : تحويل أسلوب الكلام من وجه إلى آخر ، وله صور منها :


1- الالتفات من الغيبة إلى الخطاب كقوله تعالى : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ*مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ* إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)(الفاتحة) فحول الكلام من الغيبة إلى الخطاب في قوله : إياك .


2- الالتفات من الخطاب إلى الغيبة كقوله تعالى : ( حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ )(يونس: الآية 22) فحول الكلام من الخطاب إلى الغيبة بقوله وجرينا بهم .


3- الالتفات من الغيبة إلى التكلم ، كقوله تعالى (وَلَقَدْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرائيلَ وَبَعَثْنَا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً)(المائدة: الآية 12) فحول الكلام من الغيبة إلى التكلم في قوله وبعثنا .


4- الالتفات من التكلم إلى الغيبة ، كقوله تعالى : (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ(1)فَصَلِّ لِرَبِّكَ) فحول الكلام من التكلم إلى الغيبة بقوله : لربك .


وللالتفات فوائد منها :


1- حمل المخاطب على الانتباه لتغير وجه الأسلوب عليه .


2- حمله على التفكير في المعنى ، لأن تغيير وجه الأسلوب ، يؤدي إلى التفكير في السبب .


3- دفع السآمة والملل عنه ، لأن بقاء الأسلوب على وجه واحد ، يؤدي إلى الممل غالبا .


وهذه الفوائد عامة للالتفات في جميع صوره أما الفوائد الخاصة فتتعين في كل صورة ، حسب ما يقتضيه المقام .


والله أعلم . وصلي الله وسلم على بينا محمد ، وعلى آله وصحبه أجمعين . تم لله الحمد رب العالمين .





شرح الشيخ :




الالتفات هو ليّ العنق يمينا او يسارا , لكنه في الاصطلاه : هو تحويل اسلوب الكلام من وجه الى آخر


قال تعالى


-( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل )- [المائدة/12]


ولقد أخذ الله : غيب


بعثنا : حضور ,ضمير متكلم


هذا هو الالتفات


وله صور منها


الالتفات من الغيبة إلى الخطاب


مثال


-( الحمد لله رب العالمين )- [الفاتحة/2]


-( الرحمن الرحيم )- [الفاتحة/3]


-( مالك يوم الدين )- [الفاتحة/4]


كلها غيبة ثم قال :


-( إياك نعبد وإياك نستعين )- [الفاتحة/5]


صار خطاب , فهذا التفات , ولو لم يكن التفات لقال :


إياه نعبد وإياه نستعين


ما الفائدة من هذا الالتفات؟


انه لما أثنيت على الله بأنه رب العالمين ... كأنه استحضرته في قلبك وكأنه امامك تخاطبه ,


فقلت : إياك .


ثانيا : ايهما أبلغ في التأثير : إياه نعبد ؟ ام إياك نعبد ؟


طبعا إياك نعبد



2-الالتفات من الخطاب الى الغيبة


قوله تعالى :


-( هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين )- [يونس/22]


هنا حول الكلام من الخطاب الى الغيبة , في قوله : وجرين بهم


ولم يقل : حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بكم


لماذا ؟


من اجل ان يستحضر الانسان كونه في البحر , لانه لو قال (جرين بكم ) وانت بالبر ما تتصور الامر كما ينبغي


(جرين بهم ) أي براكبيها الذين في البحر



الالتفات من الغيبة الى التكلم


كقوله تعالى


-( ولقد أخذ الله ميثاق بني إسرائيل وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة وآمنتم برسلي وعزرتموهم وأقرضتم الله قرضا حسنا لأكفرن عنكم سيئاتكم ولأدخلنكم جنات تجري من تحتها الأنهار فمن كفر بعد ذلك منكم فقد ضل سواء السبيل )- [المائدة/12]


حول الكلام من الغيبة الى التكلم في قوله ( وبعثنا )



4-الالتفات من التكلم الى الغيبة


كقوله تعالى


-( إنا أعطيناك الكوثر )- [الكوثر/1]


-( فصل لربك وانحر )- [الكوثر/2]



حول الكلام من التكلم الى الغيبة, إنا أعطيناك : المتكلم


ثم قال : فصل لربك , ولم يقل فصل لنا ,لكنه تحول من التكلم الى الغيبة


وفائدته الاشارة الى عناية الله تعالى به


حيث قال فصل لربك , وان ربوبيته تبارك وتعالى لرسوله الكريم ربوبية خاصة تقتضي العناية


.....................


هذه اربعة انواع من الالتفات



وله فوائد منها


1-حمل المخاطب على الانتباه لتغير وجه الأسلوب عليه .


وهذه عامة في كل التفات ان الانسان ينتبه, لان الكلام اذا كان على وتيرة واحدة فربما يأتي انسان من النوم , فاذا تغير الكلام انتبه


قال تعالى


-( إن الذين آمنوا والذين هادوا والصابئون والنصارى من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون )- [المائدة/69]


الصابئون : لماذا صارت مرفوعة وهي معطوفة على منصوب ؟


حتى ينتبه


قال تعالى


-( لكن الراسخون في العلم منهم والمؤمنون يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك والمقيمين الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر أولئك سنؤتيهم أجرا عظيما )- [النساء/162]



يقول المقيمين : تاتي في طيات الكلمات المرفوعة وذلك للانتباه, فتغير الاسلوب لا شك انه يوجب انتباه المخاطب ,



2" حمله على التفكير في المعنى ،
لأن تغيير وجه الأسلوب ، يؤدي إلى التفكير في السبب


فيسأل لماذا التفت الله عز وجل في خطابه من كذا الى كذا ؟ ويحاول ان يلتمس العلة الموجبة



3" دفع السآمة والملل عنه
لأن بقاء الأسلوب على وجه واحد ، يؤدي إلى الممل غالبا



ومن ذلك ذهب بعض القراء الى تغيير الاسلوب بالصوت , بعضهم يكون على وتيرة واحدة واذا به ينتقل اما بالزجر الشديد واما بالترتيل واما بالسرعة ,


ومن ذلك ايضا ان بعض الناس صار في خطبة الجمعة اذا مر بالآية يقرؤها تلاوة مرتلة , وهذا ما فيه باس لانه يؤدي الى انتباه , ولكن قد يعارض هذا الانتباه مضرة وهي تشويش السامع , فاذا أتى بالآية مرتلة على غير وتيرة الخطبة , يتسائل السامعون هل هذا يجوز ؟



وهذه الفوائد عامة للالتفات في جميع صوره أما الفوائد الخاصة فتتعين في كل صورة ، حسب ما يقتضيه المقام


والله اعلم



نسال الله ان يختم لنا ولكم بخير وان يرزقنا علما نافعا وعملا صالحا ورزقا طيبا واسعا .