تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : يُتَوِّبُونَ العُصَاة بالأناشيد والقَصَصْ! الشيخ/ عبد الكريم الخضير


الحياة الطيبة
14-03-09, 10:39 AM
يُتَوِّبُونَ العُصَاة بالأناشيد والقَصَصْ!
الشيخ/ عبد الكريم الخضير

الحافظ ابن رجب ذكر في كتابٍِ لهُ اسمُهُ أهوالُ القُبُور قَصَص نَدُلُّ على عذاب القبر، وهناك رُؤى ومنامات وقَصَص، يقول بعضهم: نَسِيَ الفَأْس فَنَبَشَ القبر، فإذا بِيَدَيْهِ ورِجْلَيْهِ قَدْ غُلَّتا إلى عُنقِهِ وأُدْخِلا في حَلْقَة الفَأْس، ذَكَرُوا من هذا الشَّيء الكثير؛ لكنْ لَسْنَا بحاجة إلى مِثْلِ هذهِ الأخْبَار، لسنا بِحَاجة، عندنا نُصُوص صَحِيحة ثابِتة عن النَّبي -عليه الصلاة والسلام- لا نَتَرَدَّدْ ولا نَشُكّ، ولا نَرْتَابْ، هُناك أشياء تُذْكَر للاعْتِماد، وهناك أشياء تُذكر للاعتضاد؛ يعني ما يُعوَّل عليها ولا يُعتمد عليها، مثل ما ذكر شيخ الإسلام بالنِّسبةِ للأخبار الضَّعِيفة، وما يُذكر عن بني إسرائيل، وما يُذكر من حوادث العالم، وما يُذْكر من الوقَائِع المُشاهدة، هذه لا يُعتمد عليها ولا يُعوَّل عليها في تقرير مسائل عِلْمِيَّة، وإنما تُذكر للاعتضاد، ما فيها إشكال يعني مُجرَّد ذِكر لا إشكالَ فيه، اللهم إلاَّ إذا أدَّى الذِّكر إلى تَعَلُّق النَّاسِ بها، بِحيث لا يُؤِّثر فيهم إلاَّ مثلها، فإذا ذُكِرَت النُّصُوص ما تَأثَّر، مثل هذا يُعْرَض عنها، ومُعَوَّل القُصَّاص في القديم والحديث على مِثْل هذهِ الأُمُور، تَجِدُهُم يُذكِّرُونَ النَّاس بها، وكم سَمِعنا أنَّ شَخْصاً رَأَى شَخْصاً يُحْتَضَر وهو من يَشْرَبْ الدُّخان؛ فانْقَلَبَ وَجْهُهُ عن القِبْلَة!!! وصار وَجْهُهُ أسْوَد!! وما أشْبَه ذلك، نقول: هذه الأُمُور إذا ذُكِرَتْ تَبَعاً بعد ذِكْرِ النُّصُوص، وتَعْظِيم النُّصُوص في نُفُوس النَّاس، اللهُ -جل وعلا- يقول لِنَبيِّه: {فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ} [(45) سورة ق]، ومَنْ أَرادَ كَيْفِيَّة التَّذكيرِ بالقُرآن؛ فَلْيَقْرَأْ أوَّل الفَوائد لابن القَيِّم، كيف يُذَكَّرْ المُؤمن بالقُرآنْ، كلامٌ نفِيس لا يُوجد عند غيرهِ فيما أعلم، وتَجِدْ النَّاس يَتَعَلَّقُون بِأُمُور، القُرآن يُسْمَع ويُتْلَى، ومع ذلك لا يُحَرِّك ساكِن، فإذا ذُكِر قِصَّة وإلا منام وإلاَّ رُؤيا وإلاَّ شيء؛ تأثَّر النَّاس! ولاشكَّ أنَّ هذا خلل في الإتِّبَاعْ، النبي -عليه الصلاة والسلام- يَقْرَأُ القرآن في صلاتِهِ ولصَدْرِهِ أزِيزْ كَأَزِيزْ المِرْجَلْ، وبَكى لمَّا سَمِع قِراءة ابن مسعود، وتَأَثَّر لما سَمِع قِراءة أبي مُوسى وهكذا، يسمع طالب العلم - مع الأسف - ما يصحّ عن النبي -عليه الصلاة والسلام- فلا يَتَأَثَّر! فإذا سَمِع قِصَّة أو حادِثة تأثَّر! تَجِدْ القرآن يُتْلَى في كُلِّ ليلة من ليالي رمضان؛ فَيَنْدُر أنْ تجد من يَتأثَّر به ويبكي، ثُمَّ إذا جاء دُعاء الخَتم، تَأَهَّب النَّاسُ للبُكاء قبل أنْ يَحْضُرُوا إلى المسجد، تَجِدُهُم قبلَ الشُّرُوع في الصَّلاة متأهبين ! ولاشكَّ أنَّ هذا خلل؛ ينبغي أنْ يُذكَّر الإنسان بالقرآن، والحسن البصري يقول: تَفَقَّدْ قلبكَ في ثلاثة مواطن: في الصَّلاة، وفي قراءة القرآن، وفي الذِّكر، يقول: إنْ وَجَدْتَهُ و إلاَّ فاعْلَمْ أنَّ الباب مُغلق! يعني ما يتأثَّر، يُقرأ القرآن والإنسان عله يتذكر قصَّة أو حادثة وهو يُصلِّي ما يتأثَّر بالقرآن الذِّي يُتْلَى، فَلَعَلَّهُ يبكي أو يَتَباكى؛ لكنْ هذا كله لا يَنْفَع؛ لأنَّهُ إنَّما بكى من غير خَشْيَة الله، والفُقهاء يَنُصُّون على إنَّهُ إنْ بَكى في القرآن، أو انتحب من غير حشية الله، الصَّلاة باطلة؛ لكنْ أحياناً يكون البُكاء مِمَّا ينبغي البُكاء منهُ؛ لكنَّهُ في القرآن، يعني ذكرنا مثال -وهذا واقع- يعني شخص يُصلِّي في الدُّور الثَّاني من المسجد الحرام، وهو مُطِلّ على المَطَاف، والإمام يقرأ آيات مُؤثِّرة بالفِعل، وبعض النَّاس يبكي منها، وهذا الشَّخص الذِّي يُطِلّ على المَطَاف يَتَذَكَّر الحشر، والنَّاس يَمُوجُ بعضُهُم في بعض، النَّاس يَطُوفُون وهذا داخل وهذا طَالِع، والصَّحن مليانْ، مُزْدَحِم، فَيَبْكِي من هذا المنظر وهذا المَشْهد، يُؤجر على هذا و لاَّ ما يُؤجر؟؟! هذا تشريك في العبادة؛ لكن هل هذا التَّشريك مِمَّا يُغْتَفر ويُحْمد؟! أو هو مِمَّا يُذمّ يعني أقرب ما يكون إلى فِعل عمر إنَّهُ كان يُجهِّز الجُيُوش وهو في الصَّلاة، يعني يُفكِّر في الجُيُوش عمل طاعة، عمل خير، يعني تشريك عبادة بعبادة؛ لكنْ الأولى أنْ يلْتَفِت إلى ما هو بِصَدَدِهِ، وإنْ كان الأصل فيهِ مشرُوع ، فيُذكَّر الإنسان بالقرآن، ولا يَلتفِت إلى هذه القصص إلاَّ للاعتضاد لا للاعتماد؛ ولذلك ذكر شيخ الإسلام -رحمه الله- عن أُناس في القرن السَّابع، والسَّادس، والخامس أنَّهُم فِرقة من الفِرَقْ يُتوِّبُون العُصاة بأناشيد! والعُصاة إنَّما يُتَوَّبُون ويُخَوَّفُونْ بالنُّصُوص بقال الله وقال رسُوله، فلاشكَّ أنَّ مِثل هذا مُخالف لهدي النَّبي -عليه الصلاة والسلام- ، والله المُستعان.


http://www.khudheir.com/ref/2699

أم حمزة الجزائرية
15-03-09, 04:46 PM
جزاك الله خيرا

نسأل الله الهداية والثبات على الحق

أم إسماعيل و يوسف
16-03-09, 03:33 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :

جزاك الله عز وجل الفردوس الأعلى , حقا كفى بكتاب الله واعظا لمن كان له قلب حي .

وبوركت أخيتي الغالية على هذه الإفادة .

أم أســامة
16-03-09, 11:57 AM
نقلٌ رائــع ..
جزاكِ الله خيرًا أختي الحياة الطيبة ..
وأحسن الله إليك ..

وقد تطرق أيضًا لهذا الأمر المهم الشيخ خالد اللاحم في كتابه مفاتح تدبر القرآن فقال :


فلم لا يكون حوارنا ، وتكون خطبنا ، ومواعظنا تنطلق وتدور في فلك آيات القرآن الكريم ، نبدأ بالاستشهاد بها في كل ما نريد إيصاله إلى المدعوين من تربية وتعليم .

إن البعض قد يعتذر قائلا : إن ما تدعو إليه صعب ، ونحن نشاهد الناس يتأثرون بالقصص والأمثلة والنماذج الحية أكثر من تأثرهم بالقرآن .

فأقول : إن هذا هو أساس المشكلة التي نحاول علاجها في هذا البحث ، وهو لماذا نتأثر بالقصص والحكايات ، ولا نتأثر بالآيات ؟

إن بعض الدعاة ممن يكثر القصص يتعلل بقوله : إن الناس لا يطيقون أو لا يفهمون ذلك ، فنحن نقرب لهم الأمر بالقصص والحكايات والأدبيات التي تؤثر في نفوسهم ، وهذا غير صحيح ، فالعيب في الداعية نفسه وليس في الطريقة أو المنهج ، وليس العيب في الناس ، بل إنه متى استشعر الداعية عظمة القرآن وكان معايشا له متعمقا فيه فإن أثر قراءته لبضع آيات لا يقارن بأثر قصة أو طرفة أو مشهد من هنا وهناك وجرب تجد.

إنها كلمة أوجهها إلى المصلحين ، والمربين ، والقائمين على مكاتب الدعوة ، وأقسام القوة المعنوية في القطاعات العسكرية والأمنية ، وحلقات تحفيظ القرآن بأن يركزوا جهودهم على هذا الأمر بألوان وأساليب متنوعة فيه تقريب وتدريب وتعليم فردي يوصل المتلقي إلى هدف إتقان هذه المفاتيح العشرة حسب الاستطاعة ، ففي هذا اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وتوفير للأوقات والجهود والأموال التي تصرف على الدعوة والإصلاح ، وفي هذا علاج قوي وسريع المفعول وطويل الأمد

إن أي وسيلة دعوية يجب أن تربط مباشرة بالقرآن فإن كانت تحقق فهم القرآن والتأثر به حسن فعلها وإلا فتركها أولى وأحرى .

مفكرة إسلامية
18-03-09, 09:20 PM
جزاك الله خيرًا أختي الحياة الطيبة

بالفعل انتشرت هذا الظاهرة انتشارًا فظيعًا ... نسأل الله السلامة


وقد جاء مقال شيخنا الخضير -جزاه الله عنا كل خير- في وقته

كذلك ممن تطرق لذلك الشيخ صالح الحصين في أحد إجاباته هنا :

http://www.t-elm.net/moltaqa/showthread.php?p=159807#post159807

لكن ينبغي التنبه إلى أن إيراد القصص بكثرة في المواعظ ليس من منهج السلف وقد انكروا على القصاص في عصرهم، فالمطلوب هو وعظ الناس بالنصوص أي بالكتاب والسنة ففيهما الموعظة البليغة والنور التام، فمن لم يتعظ بهما فما لجرح ميت بايلام. والله الموفق.