المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : شرح الفروق من كتاب الروح لابن القيم


سارة بنت محمد
10-05-09, 01:18 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


فيما يلي شرح مبسط لمسألة هامة من مسائل أعمال القلوب

وقد تناولها الإمام العلامة ابن القيم في أكثر من موضع في كتبه

ثم جمع قطوفا منها في أخر كتابه المسمى (كتاب الروح)

ورغم ما اشتمل عليه هذا الكتاب من مسائل انتقدها العلماء ...غير أن أخر سؤال في الكتاب وهو الذي سنتاوله في هذه الصفحة من أمتع مما كتب ابن القيم

تابعوا معنا

مروة عاشور
11-05-09, 07:52 AM
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


جزاكِ الله خيرا أختى الحبيبة متابعة لكِ جزاكِ الله خيراً .

ورغم ما اشتمل عليه هذا الكتاب من مسائل انتقدها العلماء


.

الشيخ ابن باز ، سئل عنه ، فقال : كتاب عظيم الفائدة ، ولكن وقع في بعض التساهل في المرائي المنامية وبعض الأحكام كإهداء قراءة القرآن للموتى ، وهو من أوائل كتبه رحمه الله ، فيه بعض الملاحظات عليه ، ولكن الواجب أن توزن بالأدلة الشرعية ، والمرائي المنامية لا يُعتمد عليها إلى آخره ..


على كل حال المسلم وطالب العلم يقرأ بروية وانتقاء وتدبر للدليل والمدلول،
ويسأل أهل العلم حوله عما يجده ويشكل عليه


وفقكِ الله ويسر أمرك فى إنتظارك ومتابعة لكِ :)

yasma
11-05-09, 10:51 AM
مرحبا بك اختنا العزيزة وحياكم الله
متابعةوالله يعطيكي الف عافيه .

سارة بنت محمد
11-05-09, 07:49 PM
أختنا الفاضلة زهرة بارك الله فيك على إيرادك تفصيل ما أردت بالمآخذ على الكتاب

أختنا الفاضلة Yasma حفظك الله ورعاك

هذه الصفحة هامة جدا جدا وفيها شفاء للعديد من الوساوس بإذن الرحمن ، كما فيها الشفاء من أغلوطات الشيطان وتلبيسه أعاننا الله على التعاون على البر والتقوى ورحم الله صاحب الكتاب وجعل علمه في ميزان حسناته

سارة بنت محمد
11-05-09, 08:45 PM
نقلا عن الاخت ميمونة حفظها الله :




هل كتاب الروح لابن القيم منسوب إليه






السؤال 91:



يقال إن "كتاب الروح" لابن القيم منسوب إليه، وليس له هل هذا صحيح ؟

الجواب :

ويقال أيضاً أنه ألفه في أول تحصيله العلمي ، ويقال أنه ألف هذا الكتاب قبل أن يلتقي شيخ الإسلام ابن تيمية ويتتلمذ عليه .

لكن من يقرأ الكتاب قراءة تدبر وفحص وتمحيص يجد أن هذه الدعاوي سبيلها النقض، ونهايتها الرفض المحض، على الرغم من اشتهارها، فعند التحقيق لا تكون إلا طنين ذباب أو صرير باب.

ولقد قرأت الكتاب وعندي فيه نسخ خطية ونسبته ثابتة لابن القيم نسبة لا يجوز لأحد أن يتشكك فيها .

فقد ذكر ابن القيم كتابه "الروح" في كتابه "التبيان في أقسام القرآن" ونسبه إليه جمع من أهل العلم ، كابن حجر والسيوطي والشوكاني وغيرهم، واختصره الحافظ البقاعي ، تلميذ ابن حجر قديماً في كتاب سماه "سر الروح" وهو مطبوع والبقاعي نسب الكتب لابن القيم .

وأما القول بأن ابن القيم قد كتبه قبل أن يلتقي بان تيمية فهذا خطأ أيضاً فقد ذكر ابن القيم ابن تيمية في "الروح" عشر مرات.


والناظر في مسائل الكتاب وهي إحدى وعشرين مسألة يلمح فيها نفس ابن القيم وأسلوبه في النقاش والجدال والتقرير ومعارضة الخصم ، فكتاب الروح أصيل وليس دخيل على ابن القيم ومن شكك فيه فهو واهم .

الشيخ : مشهور حسن

سارة بنت محمد
11-05-09, 08:45 PM
في هذه الصفحة نتناول هذا السؤال بشئ من التفصيل

فالدين كله فروق

وبين الحق والباطل شعرة ...قد لا ندركها بالعين المجردة

وعلم القلوب من أشد العلوم وأصعبها ...علي عكس ما يظن البعض

فالخطأ فيه قاتل- إي والله قاتل!!

فمع أستاذ علم القلوب نبدأ ..والله المستعان وعليه التكلان

وإليك أختنا الفاضلة رابط لجميع كتب ابن القيم يمكن تصفحها على النت أو تحميلها

http://www.islamport.com/isp_eBooks/qym/

بارك الله فيكم

سارة بنت محمد
11-05-09, 08:49 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رب يسر يا كريم
يقول ابن القيم رحمه الله تعالي:

المسألة الحادية والعشرون
وهي هل النفس واحدة ام ثلاثة ؟؟


فذكر الامام خلاف المتكلمين في كون النفس واحدة أم ثلاثة ورجح ان النفس واحدة وتسمي بحسب أحوالها إما مطمئنة وإما لوامة وإما أمارة بالسوء

ثم انتصر لمذهب السنة والجماعة في أن النفس المطمئنة هي التي اطمأنت لأسماء الله تعالي وصفاته ....وأسهب في الشرح وتفصيل متي تكون النفس مطمئنة ومتي تكون لوامة ومتي تكون أمارة بالسوء..وهو شرح رائع ومفصل ومتعلق بحديث النفس أيما تعلق ومن شاء فليراجعه ففيه شفاء العي وإن شاء الله تعالي قد يكون لنا مع هذا التفصيل وقفة أخري

ثم يقول :

"وقد انتصبت الأمارة في مقابل المطمئنة ، فكلما جاءت به تلك من خير ضاهتها هذه وجاءت من الشر بما يقابله حتي تفسدها عليها .......ومن أعجب أمرها أنها تسحر العقل (يعني الأمارة) والقلب فتأتي الي أرف الأشياء وأفضلها وأجلها فتخرجه في صورة مذمومة...........وتريه الإخلاص في صورة ينفر منها ...."

ثم قال توطئة لذكر مبحث هذه الصفحة :

"وأعجب من هذا أنها تضاهي ما يحبه الله ورسوله من الصفات والأخلاق والأفعال بما يبغضه وتلبس علي العبد أحد الأمرين بالأخر ، ولا يخلص من هذا إلا أرباب البصائر فإن الأفعال تصدر عن الإرادات وتظهر علي الأركان من النفسين الأمارة والمطمئنة فيتباين الفعلان في الباطن ويشتبهان في الظاهرولذلك أمثلة كثيرة منها المداراة والمداهنة فالأول من المطمئنة والثاني من الأمارة......

فالشئ الواحد تكون صورته واحدة وهو منقسم الي محمود ومذموم.....وفي الحديث أن من الغيرة ما يحبها الله وما يكرهه" حسن رواه أبو داود كتاب الجهاد (التحقيق للشيخ تامر محمد تامر)......"

ثم يشرع الامام العلامة أستاذ علم القلوب في بيان الفروق بين فعلين كلاهما في الظاهر واحد وفي الباطن شتان بينهما كأنه السماء والأرض..

اذا في هذا الباب يتناول ابن القيم النفوس ثم يعقب هذا بباب من أدق الأبواب في علم القلوب ..وهو باب من أتقنه ملك زمام نفسه باذن الله تعالي وفهم مداخل الشيطان وتلبيسه وتمكن من تلمس طريقه في ظلمة النفس الحالكة فيستضئ بنور القرءان والسنة حتي يصير صدره كالكتاب المفتوح ذو الخط الكبير معروض أمامه في صباح باكر ساطع الشمس مشرقها

فكم مر علي من التزم شرع الله من الليالي يدور حول نفسه من الهم ولا يدري ما يفعل ؟؟
وكم من الملتزمين انتكس وارتد علي عقبه بسبب هذا الوسواس الشديد الذي يهز أركانه هزاً ...


وكان حري بنا شرح أركان حديث النفس وما يأثم به المرء وما لا يأثم به قبل الشروع في هذا الباب الدقيق ...إلا أن من الفروق ما يوضح هذا الباب فآثرنا الشروع علي ترتيب الامام العلامة ...

والله أسأل أن يسدد خطانا ويعين علي تناول هذا الباب الدقيق بما يكشف الغمة

وصلي اللهم علي محمد وعلي آله وصحبه وسلم

سارة بنت محمد
12-05-09, 06:42 PM
http://www.ahl-alsonah.com/akhawat/images/smilies/basmala2.gif

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


رب يسر يا كريم


يقول الإمام ابن القيم :





والفرق بين خشوع الإيمان وخشوع النفاق أن خشوع الايمان هو خشوع القلب لله بالتعظيم والاجلال والوقار والمحبة والحياء فينكسر القلب لله كسرة ملتئمة من الوجل والحب والحياء وشهود نعم الله وجناياته هو (أي العبد ) فيخشع القلب لا محاله فيتبعه خشوع الجوارح





ها قد بدأ الشيخ الجليل ،الامام العلامة الأثير صولته وجولته في صحراء النفس

خشوع الايمان عرفه الامام بأنه شجرة باسقة في الباطن أتت ثمارها في الظاهر ...فكان القلب خاشعا والقلب ملك مسيطر...فان كان الملك هذه حالته فالجوارح تبع له لا محالة

وذكر الامام الورع كيف يكون القلب خاشعا ؟؟
أول الأمر الوجل ..وهو خشية الله تعالي ومحبته فيرتجف القلب مهابة لذكره...ثم الخجل والحب والحياء

وكل هذا من شهود العبد نعم الله ....وتقصيره أي العبد في حقوق الله

ما رأيكم في جلسة مع النفس يتذكر فيها العبد الأتي:

1- إن الله تعالي خلقه من لا شئ ...ولو شاء لعذبه ولا يبالي ولن يكون ظالما له بعذابه اياه سبحانه ...فنحن لله وإليه راجعون
2- هذا النفس الذي تأخذه شهيقا وزفيرا نعمة من الله عليك ..
وشربة الماء الذي ترتوي منه من نعم الله من وجوه عدة ..
وغرفة الطعام الذي تتبطر علي أمك وزوجتك وتقول هذا لا اكله وهذا لا يعجبني من نعم الله عليك ..
بل هذا الخلاء ..من نعم الله عليك...

وأسرة المرضى تشهد بأن كل هذا من نعم الله عليك

هذه النعم الاعتيادية التي لا نشعربها ولا نشكرها ولا تخطر لنا ببال ...لم يطلب منك الله عليها عوض !! فهذا مشهد النعم

مشهد التقصير:

لن نتحدث عن الصلاة المكتوبة ...ولا عن الفرائض..باعتبار أن هذا لا نقاش فيه

أحدثكم عن النوافل ..

هل صليت القيام؟؟ هل قرأت ورد معتبر من القرءان ؟؟ هل حسنت أخلاقك ؟؟

طيب سأفترض أن الاجابة بنعم ..

كم ركعة من القيام صليتها وأنت تعي وتبكي ...

هل بكيت سأفترض أن الاجابة نعم

عندما بكيت هل شعرت بالسعادة من نفسك أنك الشيخ المغوار الذي يبكي في ظلام الليل ؟؟ أم علمت أن دمعك من قبيل نعم الله عليك التي إن شاء لم تنل منها دمعة ؟؟
هل شهدت نعمة الله عليك في القيام وكان من الممكن أن تكون مع الغافلين؟؟

إن تأملنا صلاتنا علمنا أننا مقصرون لا شك ...فهذا شهود جناياتك ..وقد تجاوزت في حديثي عن شهود جنايات الذنوب والتقصير في الواجبات رحمة بنفسي أنفسكم فكلنا يعلم خبيئته....فهذه عيون خلقها الله ونحن نطلقها في الحرام ...وهذه أياد أبدع الله صنعها فنحن نبطش بها الأنام سبحانك يا من اطلعت علينا فسترتنا بسترك الجميل وأنت الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور.....

ومن هنا يبدأ الخجل والوجل ثم الحب والحياء ...ثم التضرع والخشوع ومعرفة من أنت ومن هو ...سبحانه


يتبع إن شاء الله ...لنعرف الفرق بين ما سبق وبين خشوع النفاق


http://www.ahl-alsonah.com/akhawat/images/smilies/books3.gif

سارة بنت محمد
13-05-09, 03:30 PM
http://www.ahl-alsonah.com/akhawat/images/smilies/811.gif




السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

رب يسر يا كريم

يقول العلامة ابن القيم :

"وأما خشوع النفاق فيبدو علي الجوارح تصنعا وتكلفا والقلب غير خاشع وكان بعض الصحابة يقول أعوذ بالله من خشوع النفاق قيل له وما خشوع النفاق؟ قال : أن يري الجسد خاشعا والقلب غير خاشع ،"

إذا أول الفروق بين الخشوع الحقيقي وخشوع النفاق أن يكون الظاهر خلاف الباطن ...خشوع الجوارح كما ذكر الإمام لابد أن يكون تابع لخشوع الباطن أي القلب أولا ثم ينضح على الجوارح بما فيه ..

فإن خالف هذا ذاك فنحن أمام حالة من ثلاث:
1- النفاق وهو أن يكون القلب غير خاشع ولجوارح تتظاهر بالخشوع
2- الجحود وهو أن يعلم القلب الحق ويستكبر اللسان عن النطق به قال تعالى :وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ " سورة النمل - 14
3- الاستكبار وهو أن يقر القلب واللسان ثم يستكبر الانسان عن الانقياد بجوارحه لله وذلك مصلما فعل ابليس عليه لعنة الله لما استكبر عن السجود لآدم وقد علم أن الله هو الرب والإله وشهد بذلك ثم لما أمره الله بالنقياد استكبر قال تعالى :"إِلا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ - سورة ص~ - 74

وكل حالة من الثلاث كفر بالله ولكن يجب التنبيه هاهنا على كون قولنا أن هذا كفر لا يبيح لطالب العلم اسقاطها على كل معين يظن أنه تلبس بها لأن تكفير المعين له شروط ويجب أن تنتفي فيه موانع وهذا لا يتأتى إلا للراسخين في العلم من العلماء ولعلنا نتناول في وقت لاحق هذه الشروط والموانع لندرك جميعا صعوبة هذا الاسقاط وأنه لا يجوز إلا للعلماء.

نعود للموضوع الأصلي ونعتذر عن الاستدارك

فنحن نتناول هنا الحالة الأولى وهي النفاق
فان تظاهر -ونلاحظ لفظة التظاهر هاهنا - بالخشوع وقلبه يلهو مع من يلهو فليس هذا بخشوع بل هو من قبيل خشوع النفاق..
فتجده يتحرى مواضع الظهور فيأتي بما يعلم أن فاعله ممدوح عند الناس ....ليقال خاشع
هذا قلبه غير مطابق لظواهره ...يرغب في أن يقال عنه ويمدح ..فقد قيل


ثم يفصل الإمام ويسهب:

"فالخاشع لله عبد خمدت نيران شهوته ، وسكن دخانها عن صدره ، فانجلي الصدر وأشرق فيه نور العظمة، فماتت شهوات النفس للخوف والوقار الذي حشي به وخمدت الجوارح وتوقر القلب واطمأن الي الله بالسكينة التي نزلت عليه من ربه فصارمخبتا له "

عندما تخمد نيران شهوات النفس ثم يذهب أيضا أثرها منه وهو الدخان فذاك قلب سليم ...وهو أعلى القلوب

قال تعالي: "إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ " الشعراء 89

فطريق الخشوع هو كما سبق وذكر ابن القيم أن يري العبد جناياته ونعم الله عليه فيستحي
ثم تأتي المرحلة التالية وهي أن يأتي علي شهواته فيقطع عنقها وأثرها من قلبه فيستأصلها من جذورها ...فتصير في يده يستعملها في مرضاة الله ولا تستعبده حلاوتها وزينتها ..
فإذا أقبلت أو أدبرت لا تثير في نفسه الحسرة ...

وكل هذا من كمال شعوره بالعبودية والخضوع ...فذاك علي الطريق يسعي حثيثا ...


يقول العلامة ابن القيم :
"والمخبت المطمئن فان الخبت من الأرض ما اطمأن فاستنقع فيه الماء فكذلك القلب المخبت قد خشع واطمأن كالبقعة المطمئنة من الأرض التي يجري اليها الماء فيستقر فيها "
القلب السليم الذي بلغ نهاية كمال القلوب هو المخبت

فباستقرار القلب علي التوحيد وطمأنينته بهذا ...فلا تهزه شهوة ولا تثير الشك في قلبه شبهة ...يصير قلبه ذلولا، فيجتمع فيه الإيمان اجتماعا كما يجري الماء إلى الارض المنخفضة المخبتة

ونلاحظ أن الخشوع يحمل معني التواضع ...فالخاشع كالأرض المنخفضة الذلول...عابد لله ذليل له مع كمال المحبة التي لا تترك مكانا لما سواه
وكذلك فالخاشع ذليل للمؤمنين ..يتودد لهم ويبش ويهش في وجوههم ..يتنزل معهم ...لا يسخر من أحد ولا يلعن أحد ...هين لين من غير ضعف..

والخاشع المتذلل للمؤمنين لا يمنعه خشوعه أن يكون غليظا علي الكافرين ...بل ذاك من تمام خشوعه لله ...فمن خضع لله يشعر في قلبه بفرق بين أخ له ولدته أمه كافر وأخر لم تلده أمه مؤمن ...فلم تمنعه صلة القربى وحب الطبع من الامتثال لأمر الله ...فذاك هو الخاشع..
قال تعالى:قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ " التوبة 24

والخاشع لله لا يفتأ يمتثل لأمر الله قال تعالى:"آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْـزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ " سورة البقرة- 285

والخاشع لله يحاسب نفسه ويزجرها وإن أخطأ يعود غير مستكبرا بل يتوب ذليلا باكيا عالما بأن الله هو ربه وإلاهه الواحد الأحد ، قال تعالى : إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ "الأعراف 201

فذاك هو الخاشع لله الذي يظهر ما يبطن ويبطن مثل ما يظهر من الإيمان والتقوى

يقول العلامة ابن القيم :
"وعلامته أن يسجد بين يدي ربه إجلالا وذلا وانكسارا بين يديه سجدة لا يرفع رأسه عنها حتي يلقاه"

وهي سجدة قلب علم مولاه وعلم ذنبه وجناياته ....فرفع كف الضراعة راجيا أن يتجاوز الله عنه ...فذاك خشوع القلب ومن ثم سجود الجوارح سجدة ذليل عرف أنه عبد وأن له رب له ينحني ويسجد ....فمن كان لله عبد لم يكن لغيره عبد أبدا....فالله مولي لا يقبل الشركاء

يقول ابن القيم :
"وأما القلب المتكبر فإنه قد اهتز بتكبره وربا فهو كبقعة رابية من الأرض لا يستقر عليها الماء."

وهاهنا فرق أخر بين القلبين...القلب المتكبر ...وكلنا قد نقع في هذا فتنبه لكي تحظى بسلامة القلب ...

تجده عال منتفش ...يستكبر علي عباد الله ولا يقبل منهم رأي ...ولا يرحم لهم ضعف ...
فهو يرى أنه فقط العارف الفاهم ...ويرى أنه هو فقط الذي بلغ الكمال....هذا شعوره ..لايري لأحد عليه فضل ويغفل عن نعم الله ...ولا يري لنفسه عيب ....غفل عن جناياته وتقصيره
قلب نافر ...قد عمي عن حقيقة نفسه وحقيقة مولاه...فهو الميت لا غيره

وثمة قلب بينهما ..وهو المريض..تمده مادتان- كما يقول الامام في كتاب أخر- حتي يصير الغلبة لأحدهما إما السلامة أو الموت ..

وهذا القلب المريض ...قد يخشع علي الحقيقة ..ثم لا يلبث يعود فهو لم يستقر بعد ..

ثم يكمل العلامة :
"فهذا خشوع الايمان، وأما التماوت وخشوع النفاق فهو حال عند تكلف اسكان الجوارح تصنعا ومراءاة، ونفسه في الباطن شابة طرية ذات شهوات وإرادات فهو يخشع في الظاهر وحية الوادي وأسد الغابة رابض بين جنبيه ينتظر الفريسة."

هذا الكلام يعني به الإمام من تظاهر بالخشوع ...تماوت في الظاهر ونفسه علي غير باطنه..
تجده يتخشع في الصلاة أمام الناس...فان انفرد فلا وألف لا ...بل قد يصل لمرحلة أنه لا يصلي

وهاهنا فرق بين التماوت وبين من يريد أن يتخشع لله فيخشع ...فالعلم بالتعلم والحلم بالتحلم

فالاول المتماوت يتحري مواطن الظهور
والثاني يتحري مواطن الاسرار..
فتجده مثلا يختلي بنفسه ويجاهد ليبكي من خشية الله لعله يفوز برضاه ..
تجده يصلي في ظلمة الليل وحده يقلد السلف الذين سمع عن فعلهم ...
فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم ......‘م التشبه بالكرام فلاح

فليس ذلك داخل في الباب

بل هو مجاهد نرجو له الخير..قال تعالي: والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا "

وهاهنا فرق أخر بين من ينشط في الصحبة الصالحة ..وبين من يتظاهر أمام أهل الصلاح
فالاول يستحي من عباد الله حياء حشمة ومروءة ...وهذه المروءة نرجو له منها أن تدفعه في السر عن المعاصي وتترقى به إلى الطاعات.
كما أنه قد يأنس بهم لما للقدوة الصالحة من أثر طيب ...لهذا نصح العالم قاتل المئة بالذهاب إلي أرض الصلاح في الحديث المشهور (انظر تخريجه في رياض الصالحين)

وقد قيل الصاحب ساحب..
ومثل هذا مثل حديث حنظلة المشهورفي صحيح مسلم حيث ظن الصحابي أنه نافق ...فقال له النبي صلي الله عليه وسلم بل ساعة وساعة ..
المهم أن يتفقد قلبه وينظر....هل ينشط القلب كما ينشط الظاهر أم ينشط الظاهر فقط؟؟

ونلاحظ أن تفقده لباطنه يدل علي حرصه علي الباطن ....فهذا علامة من علامات خيريته إن شاء الله تعالى

يتبع إن شاء الله تعالى


http://www.ahl-alsonah.com/akhawat/images/smilies/books3.gif

yasma
17-05-09, 08:52 AM
ra23
gazaky allah al gana


mofeed gdan

الطالبة
17-05-09, 09:28 AM
نحن في امس الحاجة لاصلاح القلوب نحتاج لمستشار في هذا الباب
بارك الله فيكِ اختي سارة بنت محمد

سارة بنت محمد
18-05-09, 07:45 AM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخت الفاضلة ياسما بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

الأخت الفاضلة الطالبة بارك الله فيك وجزاك الله خيرا

وبالفعل نحن نحتاج لشرح موسع جدا لأعمال القلوب لكي نفهم ما يمر في صدورنا ونتفاعل معه بطريقة صحيحة

نسأل الله العون والثبات لا سيما أن هذا الباب من أصعب الأبواب على خلاف ما يبدو للبعض

سارة بنت محمد
29-05-09, 05:27 PM
السلام عليكم

بارك الله فيك أختي يسعدني استفادتك

تابع الموضوع :

بسم الله والصلاة والسلام علي رسول الله

نتابع كلام ابن القيم رحمه الله تعالي:

:"": وأما شرف النفس ، فهو صيانتها عن الدنايا والرذائل والمطامع التي تقطع أعناق الرجال، فيربأ بنفسه عن أن يلقيها في ذلك ، بخلاف التيه فإنه خلق متولد من أمرين : إعجابه بنفسه وازدرائه بغيره ، فيتولد من بين هذين التيه .
والأول يتولد من بين خلقين كريمين إعزاز النفي وإكرامها وعظيم مالكها وسيدها أن يكون عبده دنيا وضيعا خسيسا ، فيتولد من بين هذين الخلقين شرف النفس وصيانتها
وأصل هذا كله استعدادها وتهيؤها وإمداد وليها ومولاها لها
فإذا فقد الاستعداد والامداد ..فقد الخير كله :"":

هذا الكلام يحتاج الي ألف مجلد لشرحه ...لكن جهدنا جهد المقل ..وكل علي قدره ...بلغوا عني ولو آية

نبدأ باسم الله مستعينين به

ها هنا يفرق ابن القيم بين عملين من أعمال القلوب: شرف النفس والتيه
والأول عمل يرفع صاحبه ...والثاني عمل يضعه ويضيعه !

وقد يكون تصرف المتخلق بأحدهما كتصرف الأخر في الظاهر

أقول قد

فمثلا رجلان وجه لهما شخص دعوة فرفضا

الفعل واحد : الرفض ....وفرق بين الفاعلين كما بين السماء والأرض!!

الأول رفض الدعوة لأنها دعوة آثمة...إلي حفل فيه مخالفات شرعية
والثاني رفض لأن الداع أقل وأحقر - في اعتقاده- من أن يلبي دعوته

فالأول رفض لشرف نفسه ...والثاني لتيهه وطغيانه

فحين تُرمى أيها الملتزم بالكبر لأنك رفضت دعوة ....أو زيارة ...أو هدية ...

فتفقد نفسك أولا ...هل الرفض لشرف النفس وصيانتها عن الدنايا ؟؟ أم الرفض للتيه والكبر والتطاول علي الخلق؟

وعندها تعرف أن التهمة جائرة ....أو في موضعها!!

وقبل أن نشرع في تناول كلام ابن القيم الثمين بالتفصيل ...لدي تنبيه هام جدا

لا تستغل شرع الله لتبرر أهدافك الدنيوية

إياك ثم إياك ...باب يفزعني ويقض مضجعي

أن أسلك طريقا لحظ النفس ...ثم أدعي أنه لله ...وأستغل علمي بالفروق!!

فلنـــعلم جميـــعا ..

"لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب"آل عمران

فكما سيبين ابن القيم في فرق قريب ..أن ما كان لله يجب أن يكون كما أمر الله تعالى..فتنبه

ما كان لله لابد أن يكون وفق شرع الله

فلا يمكن أن تكره زيد فتسبه وتلعنه في غيابه وتدعي أنك تحذر منه لله.....
ولا يمكن أن تكره عمرو فتضربه وتدعي أنك تنهاه عن المنكر....!!!

فإن ما كان لله... يحاسب فيه الانسان نفسه ألف ألف مرة

ويحرص على أن يزينه لله ...

وللكلام تفصيل دقيق إن شاء الله تعالي يوضح المقصود ...