المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : منها تعلمت الحب


زينب من المغرب
30-01-10, 07:34 PM
جلسنا أنا و هي تحت الشجرة وقد افترشنا الحصى وبدأت تحدثني.
كانت تنظر تارة إلى السماء و الأخرى تطأطأ رأسها إلى الأرض في تباث عهدته فيها.
هذه السيدة التي جاوزت الستين من عمرها بعد أن رزقت ب 7 أبناء و 18 حفيد و5 أبناء حفدة. بالنسبة إلي هي منجد لطالما طرقته إن إحتجت إلى نسمات الماضي الجميل والصافي الذي يقل فيه الخداع ويطغى عليه الصدق.
سألتها كيف كانت رحلتك إلى العمرة والحج. فقالت لي أتمنى أن لا يحرم مسلم من ذلك المقام. جواب يحمل طيبة الأجداد، هكذا هي لا يخلو دعاءها من التعميم وقلما تجدها تخصص. وتذكرت حين إتصلت بها هاتفيا وهي في عمرتها لأذكرها أن لا تنساني من دعواتها وهي في الكعبة الشريفة قالت لي والله يا بنيتي إني لا أنسى المسلمين من دعواتي، قلت لها أريدك أن تدعي لي فقالت لي أسأل الله أن يصلح أحوال المسلمين.
هذه الفلاحة التي تشم فيها رائحة التربة فتحس أنك تعانق الأرض كلما جلست إليها عانقت حقولا بخيالي وأنا أراها وأسمعها. وكأنك تقرأ كتابا شيقا.
دعني أقول لك كيف كتبت هذه السيدة عن حجها بكلام المحبين الصادقين وهي تروي لي عن ذلك المقام.
بدأت تشرح عن تفاصيل العمرة والحج وكلما وصلت لمرحلة أراها تتنهد وكأنها تتذكر حبيبا على قلبها. وأخذت الحصى من الأرض وبدأت ترمي به و هي تقول و هكذا رجمنا الشيطان اللعين ونمنا ليلتنا في منى و مشينا وكنت كلما وصلت محطة وكأنها تحطني معها.
وجدت صوتا في داخلي يردد ماشاء الله على قوة الذاكرة، تذكرهما بالتفصيل الممل ولا تنسى لدرجة أنها كانت تقول لي وبعدها عدنا للبيت وطبخنا الدجاج أو غيره حتى نوع الطعام تذكره .
أحسست أنني أحج معها وأنني أطوف. وتقول لي وكنا نطوف مع المرشد وهو يقول لنا لا تنجرفوا في هذه الدائرة حتى لا توغلوا في الزحام واصدقني القول أنني كنت أحس أنني أقاوم دوامة الطواف من دقة وصفها.
نزلت دمعة على خدها فانتفضت لأراها. ربما تستغرب لإنتفاضي ولكن هذه السيدة لا تبكي ولم أرها بكت أمامي قبلا ، لا يا سيدي إنها فلاحة لا تنتهج فن الدموع كما يتقنه النساء اليوم وإن بكت فاعلم أن هناك ما يهز مشاعر الرجال الغلاظ. إنها إبنة الأرض هكذا أحب أن أسميها
وانسابت في الحديث وأنا معها أعيش المراحل بكل تفاصيلها وبكل براءتها، ثم وقفت وقالت لي آسفة علي أن أتفقد نعجاتي وتركتها، ودعني هنا أقول لك أمرا لا أجده إلا عند مثيلاتها من الفلاحات، حين أحدث أبناء جيلي و حتى جيل أمي كلما همت إحدانا بالإنصراف قلنا لها تمهلي وهكذا تأخذنا ثرثرة النساء المعتادة إلى إرجاء كل واحدة همت بالإنصراف حتى يضطرها قاهر. بينما هذه السيدة لا مجال عندها لتمهلي قليلا. وهكذا في كل حياتها فلطالما نكون جالسين وبمجرد سماع الأذان تنتفض من مكانها وكأن أحدهم يدفعها يهزها هزا . فكل شيء في قاموس هذه مضبوط. ورحلت لتجمع نعجاتها وتركتني تحت الشجرة وانجرف بي التفكير في مقارنة بينها و بين أبناء جيلي.
ودعني أخبرك عن الحب الذي علمتني إياه هذه السيدة.
هل ترى أبيات الشعراء ومقالات الأدباء هل سبق وقرأت عن بنات مسلمات أحببن رجالا وهن يدركن أن هذا خطأ لكن الحب لديهن فوق كل شيء وهن في حيرة ومثل هذه الحركات المألوفة في جيلي، هل رأيت جرأتهن على السؤال في الفضائيات عن حيرتهن لأنهن يحببن رجلا سرابا عن طريق النت لا وتجد إحداهن تسأل شيخا علما وتنتظر منه جوابا يساعدها في منكرها.
هل رأيت كيف يرى الحب أبناء جيلي.
حقا أنا أعذر اليهودي الذي حين سألته عن معنى الحب عند اليهود فقال لي. إننا لا نحتاجه لأن لدينا مهمة حماية وطن إسرائيل وهذا نتركه للأمهات ولكم المسلمين فأنتم لديكم من الشعر الكثير في هذا المجال وعندكم ثلاث مرتبطة الخمر والحب والشعر أنتم بارعون فيها.
هذا يهودي لا أنتظر منه غير هذا الغباء ولكني وجدت في إخوتي حقيقة هذا التعريف.
وددت فعلا لو أسأل المسلمين الذين (لا أدري ولكن دع مصطلح مسلمين هنا بين قوسين فهناك من الخير الكثير في أمة محمد صلى الله عليه و سلم) وددت لو أسألهم هل هذا هو الحب؟؟؟؟
لا أنا لم أتعلم هذا الحب أبدا وحتى لو وضعتم عليه قليلا من الماكياج وسميتموه إعجاب فأنا لا وجود لهذا المصطلح عندي ولا عند هذه الفلاحة التي استطاعت أن تلد للدنيا أبناء.
آسفة ولكن منطقيا هذه الفلاحة لا و جود للإعجاب في قاموسها ولا للحب (بتعريفاتكم ) في حياتها رغم ذلك تحدتث عن حب الله وحب رسول الله صلى الله عليه و سلم بشوق الولهان لا بل دعني أخبرك أنها باعت جزءا من أرضها العزيزة على قلبها لتزور ذلك المقام. ألم يكن الحب ما دفعها لهذا؟؟؟ إذن أين شطحات بنات جيلي أمام حب هذه.
أقولها بصدق من بين الناس الذين تعلمت منهم الحب هؤلاء ولم أجده عندهم مقرونا لا برذلية ولا بمعصية. لا بل تجده طاهرا نقيا صافيا.
فكرة أنها ستتزوج رجلا لم تجل معه الشوارع ولم تدردش معه على النت ولم تحدثه هاتفيا ساعتين من الزمن كل ليلة. لا بل ستتزوج من لا تعرفه إلا ليلة زفافها لم يمنعها من أن تكون أما في قمة الروعة والحنان ولم يمنعها أن تحب كل ما يحيط بها.
الحب عند هذه هو أن تذري الخير حيث ما مشت قدماك.
فهي تحب نعجاتها وحقلها وزوجها وأولادها وأحفادها دون حاجة منها لكل التكنولوجيا التي طمست كل هذا فينا لتحمل الهم أكثر لمن تجاوزوا القيم بحثا عن هوى الشيطان
لو كان الحب عندكم هو معصية وحيرة وأرق وتفكير.
في دفتر هذه الحب هو بناء وإحترام لحدود الله ولا وجود للرفض والثورة على القيم.بل الحب عندها مصون بشرع من خلق الحب فينا سبحانه و تعالى له الحمد والشكر
والسلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
أختكم زينب

فتاة لديها هدف
03-02-10, 09:44 AM
الحب عند هذه هو أن تذري الخير حيث ما مشت قدماك.


ماأروعها من جملة

آه ياأختي زينب ماذا نقول عن حالنا!
إذ تلخبطت المفاهيم وكأأننا في بحر هائج .
وماأجمل هذا النوع من الحب =)
نقي صافي (حب الله ورسوله صلى الله عليه وسلم)

ـ
وقفة:
كلمات انسجها هنا
لتعبر لكِ عن أعجابي
الشديد بكتاباتك فلآتحرمينا
قلمكِ النابض بالخير http://www.chicaloca.org/vb/images/bacsolat/1%20(89).gif
أحسبكِ والله حسيبك
ولآازكي على الله احد.
ـــــــ
ولروحـــــــــكِ... http://r-mbd3.com/vb/images/smilies/flower002.gif

زينب من المغرب
03-02-10, 10:48 AM
السلام عليكم و رحمة الله تعالى وبركاته
بارك الله فيك حبيبتي وتواجدك أعطى الموضوع بهاء وروعة
ممتنة جدا لكلماتك و دعواتك
أسأل الله لك الخيرية والتوفيق

الوسام
07-02-10, 09:59 PM
نكون جالسين وبمجرد سماع الأذان تنتفض من مكانها وكأن أحدهم يدفعها يهزها هزا . فكل شيء في قاموس هذه مضبوط.

فعلاً الله يرحم حالنا..
عشتها معك حقيقة.. بارك الله فيك، وزادك علماً.

زينب من المغرب
07-02-10, 11:29 PM
بارك الله فيك عزيزتي

ام جويرية القصيبة
08-02-10, 01:47 AM
بارك الله فيك أختي زينب
ماشاء الله تبارك الرحمان
كتاباتك غاية في الروعة
فلا تحرمين منها

زينب من المغرب
08-02-10, 01:54 AM
وفيك بارك الرحمان عزيزتي
أفرحتني الروعة في عينيك وشكرا لحضورك في الموضوع